حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

«حصان تورينو» للسينمائي المجري بيلا تار

البــؤس فــي الشــفقة

زياد الخزاعي

الكائن البشري محكوم بعاداته. هو عبد لها. مهمتها تشكيل طقوسه ويومياته وتاريخه وألوان محيطه. العادة تعني أن الحياة سائرة بميزانها، وما على المرء سوى تبديل أمزجته. من هنا يُفهم أن كائن العادات السيئة هو الإنسان الذي لم يقنّنها كي تصبح عامل تثوير في معاني كيانه السائر نحو الحتف. ما السرّ في ربط السيرة بالسريرة؟ لأنهما صنوان لشخصياتنا. مَنْ كان بسريرة نبيلة جاءت سيرته بهيّة، والعكس يضمنه سوء النيات وفساد التربية. صاحب «تناغمات فراكميستر» (1997 ـ 2000) المخرج المجري بيلا تار مهووس سينمائي من طراز فريد بشأن السرائر. حيوات أبطاله ليست أساسية في رؤيته الثورية، بل طبائع المحيط من حولهم، كونها تعكس موارات دواخلهم حيث يكون الكلام مبتسراً والعواطف مقموعة. يجد البيان السينمائي لتار مرجعيته في الفيلم القصير اليتيم (21 دقيقة) الذي أعدّه الكاتب المسرحي صموئيل بيكيت وأخرجه مريده ألان شنايدر بعنوان استعاري هو «فيلم» (1964)، وفيه أفلمة لأطروحة الفيلسوف الإيرلندي بيركلي (القرن الثامن عشر) القائلة بـ«أن يكون هو، أن يُنظر إليه»، أي أن كيان الشيء لا يكتمل كحقيقة إلا حين يقع البصر عليه. فهذا الأخير هو التوكيد العقلي للكينونات. التجسيد الصُوَري لهذه الفكرة جرى كالتالي: رجل عجوز (باستر كيتون) يحمل رمزاً هو 0 (الحرف 15 في الأبجدية الإنكليزية)، يتحاشى الكل كي لا يُبصروه، بما فيها ثقب عين الكاميرا المحمولة التي تُدعى «أي» (الحرف الخامس في الأبجدية المذكورة)، التي تُبقي مسيرها الأفقي خلفه حتى النهاية، إذعاناً لقدر بصري يحول من عبورها درجة 45 كي تلمح وجهه. يجول 0 في كل مكان كعادته اليومية عبر ثلاثة مقاطع، في كل منها تقع ضحية «أبصاره»، رجل وامرأة عجوز، قبل أن يكون هو نفسه ضحية عينه الوحيدة. تُرى، مَنْ هو الآخر المبصر ـ المدمر؟ ببساطة، إنه صنوه الذي يلبس القطعة السوداء على عينه اليسرى.

بيكيت

اعتبر الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز أن «فيلم» بيكيت يستعرض صورة بقيم ثلاث: الأثر والأداء والإدراك. ورأى أن الحركة الأفقية (المُتابعة) للبطل هي ضحية الممانعة التي يفرضها 0 عليها، قبل أن تتحايل عليه في الختام، وتدور تسعين درجة لتغافل بصره وهلعه في اكتمال حقيقة الصنو. لعل بيلا تار لم يطلع على هذا العمل. بيد أن نصه «تناغمات فيركميستر» (2000) يُطبق بناءً شبيهاً، ربما أكثر درامية بسبب الطول الزمني الذي يدفع المُشَاهدَ إلى أقصى درجات التمعّن . إنه التطبيق العملي إلى شهية الأبصار، أي أن خصوصية مريد تار تتطلّب منه الاعتزاز بشجاعته في الاعتياد على «مشاهدة» 145 دقيقة، يجب ألا يكون فيها للملل مكان في سجيته، قبل أن يحقّق تبصّره باشتغالات المخرج الموهوب في ما يتعلق بالأجواء (الأثر حسب دولوز)، التي تكرّر عناصر الحياة الأثيرة كالماء والريح والنار ضمن صُوَر بالأبيض والأسود، والحكاية (أي الأداء)، التي تعتمد على أقل عدد من المشهديات، مع إبقاء «ستاتيكية» عدسته على خط أفقي. وأخيراً، المغزى (أي الإدراك) القائم في الدرجة الأولى على جملة واحدة تختزل البيان السياسي لنصوص تار. في «تناغمات فيركميستر»، تطارد كاميراه البطلَ الشاب يانوش فالوسكا من الخلف على مدى ثلاثين مشهداً فقط. إنها رقيبته التي تمثّلنا كمشاهدين. نصحبه في مسيراته المضنية، قبل أن تدور تلك الكاميرا حوله، كي نحقّق كينونته، وندرك «مغزى» محيطه الذي يعجّ بغليان أهالي القرية الذين اخترقت تكافلهم شخصية «الأمير» السلوفاكي الغامض، الذي تحصّن خلف حوته العظيم الحجم والمحنّط ورجاله الفاسدين.

لا يراعي تار (مواليد العام 1955) متعة مشاهده، لأنه لا يخشاها. تأتي مطوّلاته السينمائية لتصعق الصابرين من روّادها وتكافئهم بنصوص يغلب عليها الطابع الحيوي والابتكارية، التي تجعل من هذا المخرج أحد الجهابذة المعاصرين. في «الخطيئة» (1987)، يلوب البطل حول أمكنة حبيبته المتزوّجة، وعندما يقطف جنّتها إثر ابتزازه بعلها بفرصة عمل، ينتهي البطل وهو يعوي في وجه كلب شارد. حيوانيته جاءت نتيجة عاداته كمتربّص (نراه دائماً من الخلف) وشمّام فرص للانقضاض على جيفة. هنا يحتفي تار بالمطر الهاطل بقسوة وعناد، قبل أن يرينا رجلاً يرقص في خارج مجدب وكئيب، إلى أن تنسحب الكاميرا ببطء إلى داخل مبنى ستاليني الطراز، لنرى حفلة رقص مطوّلة لسلسلة بشرية تستمر على مدى عشرين دقيقة. يضرب الراقصون أحذيتهم على أرضية موحلة، كأنهم غيلاناً تحتفي بسرائر عنفها المكتوم. تكمن حيوية المشهدين في أن السلطة الخفية تحيل الجميع إلى مخطئين، على أن اللعنة تحلّ بهم لاحقاً. تُحذّر المرأة العجوز الحكيمة البطل قبيل ختام الحفلة المتأخرة: «اذهب قبل فوات الأوان». وهو ما يتوافق مع تصريحها الصاعق حول الحبيبة ـ المغنية: «هذه المرأة عَلقَة». وكذلك مع استعارتها من العهد القديم التي تردّدها في مفتتح الفيلم بخشوع، كتمهيد لانهيار البطل وإقصاء عادات نزواته، والتي تختتمها بقولها إن «الأرض متخمة بالدم، والمدينة مليئة بالعنف».

سينوغرافيا وشخصيتان

في جديده «حصان تورينو» (جائزة «الدب الفضّي، الجائزة الكبرى للجنة التحكيم الرسمية الخاصّة بـ«برلينالة» العام 2011)، نستعيد الرقصات المطوّلة الشهيرة، لكن ضمن سينوغرافيا أخرى ظهرت سابقاً في «تانغو الشيطان» (1990 ـ 1994) ذي الساعات السبع كعرض، عمادها الجيلان الحرّ لكاميرا «ستديكام»، وعصف الريح، وقصّ الزائد الدرامي. إنه التحقيق الأمثل لواقعية اليومي اللاثرثار، حيث لا خشية من فيوض الزمن. هنا شخصيتان: رجل عجوز يُبْست يده اليمنى، وابنته الصبية، وثالثهما حصان هرم. الأول لا ينقصه العزم، كونه محكوما بقدرية عمله كحوذي. الثانية دؤوبة، كأن عملها مرسوم أزلي لا مجال للتأني في القيام بواجبه أو التأفّف منه. إنها حارسة المملكة المتقشّفة، والعامل الذي لا يكل القيام بمهمّاته القليلة العدد. العادة أساس يومهما، فلا المحيط عائق، ولا المودّة بين الاثنين غائبة. الحصان وسيلة القوت، بيد أن الفاقة تضرب أرجاء البيت المعزول. ما يحدث هو الإعادات المتكرّرة للزمن الواحد، والفعل المتشابه. الأيام الستة التي حوتها الدقائق الـ146 هي مشاهداتنا لسريرتيهما البهيّة، حيث لا مكان للرياء أو السخف. هما شخصيتان مستلّتان من مطهر غامض الأصول، حيث في الداخل هدوء وحزن وتقشف عيش عماده هرس البطاطا المغلية، فيما تصول في الخارج ريح صقيعية عاتية لا تتوقف أو تهدأ، تسير وسطها الصبية التي تُذكر بملمح باهت للجميلة فرانشيسكا في جحيم دانتي، وهي تقوم بوردياتها الأزلية نحو البئر الوحيد لجلب الماء.

ما لم يخبرنا به بيلا تار هو أن بطل فيلمه ليس على ما يرام. إنه مخلوق عليل وحرون. ولولا تمهيده الخاص برمي الفيلسوف الألماني نيتشه بنفسه على حصان ما وسط تورينو الإيطالية، مانعاً سوط الحوذي المجهول من الوصول إلى جسده الهزيل، لما تحوّل اهتمامنا إلى هاجس يسعى إلى معرفة ما حلّ به. إنه قابع في ظلمة الإسطبل. حالته التي توقف فيها نشاطه أحالت حياة الأُخريين إلى عادات مرسومة في انتظار فرجه الذي لن يحدث (كما هي حالة نيتشه، الذي خرس على وقع صرخته «أماه! كم أنا أتعذّب!» حتى ميتته). ينشف البئر من مائه، ويتحتّم على الثلاثة الهجرة. ترصدهم كاميرا القدير فرد كليمان وهم في مَهبّ الرياح الأربعة، واختفائهم في الأفق. لكن بيلا تار لا يسعى إلى إنهاء دورة الأشياء بعجالة. فالموت (أي المغزى) لم يحدث، والتغيير لن يتمّ (أي بحسب نيتشه «كل ما لا يقتلني، يجعلني أقوى»). فتار وشريكه الأثير الكاتب لاتزيلو كراتزيناهوركي يصدمان مُشَاهد «حصان تورينو» بعودة الثلاثيّ إلى البيت المعزول مرّة أخرى. ذلك أن الأداء (بحسب دولوز) يكمن في خلخلة الترقيم الكوني القائم على الأيام السبعة، فينهيان الحكاية باليوم السادس، لأن عقابنا الأرضي لم يكتمل، منتظرين تحقيق حكمة نيتشه: «أين أعظم مخاطرك؟ إنها في الشفقة».

)لندن(

السفير اللبنانية في

15/04/2011

 

الهمجيـة وشـهوة القتـل

جوليانو خميس يموت حراً

صقر ابو فخر 

كان يعتقد أن قوة المسرح لدى الشعوب الناهضة إلى الاستقلال والحرية تعادل قوة البندقية. وكان على يقين قوي بأن البندقية بلا ثقافة تصبح قاطعة طريق، لأنها، بكل بساطة، تقتل ولا تحرر. لقد صدق حدس جوليانو خميس فقتله قاطعو الطريق، الكارهون للثقافة الحرة، والذين لم يمتلكوا، من بين الثمانية والعشرين حرفاً، إلا حروف القتل الهمجي.

جوليانو خميس هو ابن المناضل الفلسطيني صليبا خميس، وابن المناضلة اليهودية المعادية للصهيونية إيرنا مير. وإيرنا مير (1931 ـ 1994) امرأة استثنائية بجميع المقاييس؛ فمن اعتناقها الصهيونية إبان فتوتها، إلى الانقلاب على الصهيونية وعلى عائلتها وتربيتها ومجتمعها وثقافتها الموروثة، ثم إلى تحولها نحو اليسار، وانخراطها في نضال واعٍ في سبيل حقوق متساوية للفلسطينيين في إسرائيل. ولم تكتفِ بذلك، بل صرفت سني عمرها في مكافحة الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة. وحين نالت جائزة نوبل البديلة للنساء تبرعت بقيمة الجائزة لتأسيس مسرح الحجر في سنة 1993. وهذا المسرح دمره الإسرائيليون في سنة 2002.

[ [ [

هو عربي مسيحي من الناصرة، وأمه يهودية. وهذا أمر معتاد في فلسطين؛ فكثير من المناضلين الفلسطينيين ولدوا لأمهات يهوديات (وليم نصار وكمال النمري مثلاً). لكن أن يعيش عربي، أمه يهودية في إسرائيل، فهو أمر شاق، لأن كثيرين من الصهيونيين سينظرون إليه كيهودي. ولأنه مكافح في سبيل حرية شعبه، فسيعتبره بعض الصهيونيين يهودياً كارهاً لنفسه. غيره تغلب على انشطار الهوية بالنضال الوطني. أما هو فتغلب على هذا الأمر بالفن، والانحياز التام إلى مستقبل شعبه، والى قضية الحرية. وكان اختياره مخيم جنين للإقامة فيه مع زوجته وابنه تعبيراً واعياً عن الرغبة في مطابقة فلسطينيته المثلومة على خياره السياسي، ولا سيما ان إسرائيل أرادت أن تسرق اسم هذا الفلسطيني المبدع وتجعله إسرائيلياً بعدما سرقت أرض آبائه وأجداده واسم بلاده أيضاً.

[ [ [

ولد جوليانو خميس في الناصرة سنة 1958، وانغمر، منذ يفاعته، بنداء الفن، فظهر في الفيلم الأميركي «الطبّالة الصغيرة» (1984)، وشارك في أحد أفلام المخرج الإسرائيلي التقدمي عاموس غيتاي، وظهر أيضاً في فيلم «الشهر التاسع» للمخرج الفلسطيني علي نصار، وفي فيلم «عرس الجليل» للمخرج الفلسطيني ميشيل خليفي.

غير ان أبرز إنجازاته وأكثرها دفئاً وحساسية كان فيلمه «أبناء إيرنا» الذي قوبل بترحاب كبير في الوسط الفني العربي والعالمي. وهذا الفيلم يروي حكايات عشرة فتيان من مخيم جنين كانوا يتدربون على التمثيل المسرحي في أوائل تسعينيات القرن العشرين، ثم انتقلوا إلى حمل السلاح لمقاومة الاحتلال. ويتتبع الفيلم مصائر هؤلاء الفتية، ويرصد التحولات التي طرأت على تفكيرهم وعلى سلوكهم السياسي، وأثر الاحتلال في صوغ عالمهم المثير والعنيف معاً. وقد رافقت كاميرا جوليانو هؤلاء الفتيان طوال عشر سنوات، أي مذ كانوا يافعين حتى صاروا مقاتلين. وكان من بين هؤلاء زكريا الزبيدي قائد كتائب شهداء الأقصى في مخيم جنين، ويوسف السويطي المسؤول عن عملية الخضيرة ضد مجموعة من الإسرائيليين. وفي هذا الفيلم تظهر والدته إيرنا صلعاء تغطي رأسها بالكوفية؛ فقد كانت تخضع لعلاج مكثف ضد السرطان، وظهر فيه بعض الشبان الصغار ممن استشهدوا لاحقاً.

بدأت فكرة الفيلم حين تلقى مكالمة هاتفية من يوسف السويطي الذي كان عضواً في فرقة مسرح الحجر التي أسستها ايرنا خميس. وخلال المكالمة اكتشف جوليانو ان عملية الخضيرة نفذها يوسف السويطي نفسه. وتلاعبت الأسئلة برأسه، وراح يتأمل في التحاق هؤلاء الشبان بالعمل العسكري. ولما لم يجد أجوبة عقلية شافية لتساؤلاته، حمل كاميرته، وحاول اكتشاف ما يجري خلف حدقات العيون... جاء بأطفال مخيم جنين الذين حلموا بتفجير أنفسهم ضد قوات الاحتلال، وجعلهم يكافحون هذا الاحتلال من دون التفريط بحياتهم، أي ان يكافحوا بالإبداع في سبيل الحرية. وفي مخيم جنين أقام مع زوجته وابنه منذ سنة 2000، وأدار فيه مسرح الحرية الذي كان استمراراً لفرقة الحجر التي أسستها والدته إيرنا في المكان نفسه.

[ [ [

تعرض مسرح الحرية للحرق مرتين، كانت الثانية في سنة 2009. وكان هذا الحادث غريباً عجيباً لأنه وجه إصبع الاتهام إلى جماعات تحتقر الفن والثقافة، ولا تمتلك إلا رؤوساً يابسة ونخاعات فحسب، فالعقل والعقلانية لديهما مجرد طريدة لبنادقهم وكواتم أصوات مسدساتهم. ومع ذلك استمر جوليانو خميس في ما كرس حياته في سبيله: النضال بالفن في سبيل الحرية. وتلقى تهديدات بالقتل من أكثر من جهة في المخيم بسبب تنظيمه دورات لتعليم الموسيقى والمسرح، وبسبب تنظيمه رحلات إلى فلسطين 1948 لتعريف أبناء الضفة الغربية إلى بلادهم المفقودة.

كان يعمل على إنجاز فيلم «أنتيغوني في جنين» الذي يحكي قصة فتاة ممثلة من المخيم تلقى حتفها لأنها رفضت أن تعيش وفقاً لمعايير المجتمع المحلي. وها هو جوليانو يلقى حتفه، تماماً مثل «أنتيغوني» الفلسطينية. وأنتيغوني هي الابنة التي حرضت أخويها على الانتقام لمصرع أبيها على يدي عشيق أمها كليتمنسترا.

في سنة 1994، فقدت ايرنا خميس الأمل في مقاومة السرطان الذي صرعها لاحقاً، فذهبت إلى جنين، وودعت أطفال المخيم ورحلت. أما جوليانو فلم يفقد الأمل بقدرة الثقافة على مواجهة الاحتلال. لكنه لم يكتشف ان الهمجيات والأفكار المغلقة قادرة على قطع الطريق على أحلامه الجميلة، فاغتالته في 4/4/2011، وفي المخيم الذي أحبه، إحدى المجموعات الضارية، ولم تتح له حتى فرصة وداع «أبناء إيرنا» في مخيم جنين، فضلاً عن زوجته وابنه.

[ [ [

إن اغتيال فنان من طراز جوليانو خميس يعيد إلى الأذهان الاغتيالات التي نفذتها حركة طالبان ضد المثقفين الأفغان، واغتيال الجماعات الهذيانية لكُتّاب من عيار فرج فودة وعز الدين القلق، ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ. ولعل جنازة جوليانو كانت رداً رمزياً على العنف المادي الذي أصابه؛ فقد شيع في جنازة حاشدة من مسرح الميدان في حيفا، نحو حاجز الجلمة عند مدخل جنين لوداع المخيم الذي أحبته والدته أيما حب، وعشق الإقامة فيه مع زوجته وابنه أيما عشق، ليدفن إلى جانب والدته في مقبرة علمانية غير تابعة لأي دين البتة.

السفير اللبنانية في

15/04/2011

 

جوليانو 'المبني للمعلوم' يعطي الأمة مسرحا ويرحل

رام الله (الضفة الغربية) – من علي صوافطة 

اختتام مهرجان 'أيام المنارة المسرحية' بعرض 'العذراء والموت' للمخرج الفلسطيني الراحل جوليانو مير خميس.

أُسدل الستار مساء الاربعاء على فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان "ايام المنارة المسرحية" في رام الله بعرض لمسرحية "العذراء والموت" للكاتب التشيلي أرييل دورفمان ومن اخراج الراحل جوليانو مير خميس الذي اغتيل برصاص مجهولين في مدينة جنين بعد يوم من انطلاقة المهرجان قبل عشرة ايام.

وتحول حفل الختام الى تظاهرة تنديد باغتيال جوليانو 52 عاما المولود لاب فلسطيني من الناصرة وام يهودية وامضى سنواته في مخيم جنين مؤسسا لمسرح "الحرية" ومطالبة السلطة الفلسطينية بالكشف عن قاتليه وتقديمهم للمحاكمة.

واتيحت للجمهور قبل الدخول الى قاعة العرض فرصة مشاهدة فيلم قصير من انتاج اصدقائه في مسرح الحرية اشتمل على بعض الاقتباسات لجوليانو عندما كان يعمل على انشاء المسرح الحرية "مشروع المسرح رسالة تحرر للانسان كفرد والمساواة بين امرأة والزلمة (الرجل) هو (المسرح) تحدي ليس ضد العادات والتقاليد انما لحرية التعبير وهي حرية قبل حرية الاحتلال الفرد يجب ان يكون عنده حرية التعبير".

وبدأ جوليانو الغائب الحاضر في عرض مسرحيته قبل اشهر على انتاجها من خلال مسرح "الميدان" في حيفا وشكل رحيله صدمة للكثيرين واختار جورج ابراهيم مقتطفات من اشعار شاعر فلسطين الراحل محمود درويش للاشارة الى اغتيال جوليانو خلال كلمته في حفل الختام. ثم قال "صديقي جوليانو لن نسمح لهم ان يقتلوا الروح والامل الذي زرعت سنواصل ما كنت بدات وداعا ايها الصديق ايها الفنان الجميل".

وكتب حسن البطل صاحب العمود الثابت في جريدة الايام (اطراف النهار) في نشرة وزعت بمناسبة اختتام المهرجان" جوليانو المبني للمعلوم ...بما يحلم المسرحي ان يموت على خشبة المسرح... بم يحلم المخرج المسرحي ان يؤسس مسرحا... قيل أعطني مسرحا أعطيك أمة... جوليانو خميس اعطى جنين فلسطين مسرحا يعد ويدرب مسرحيين شبانا... اعطى الامة مسرحا واعطى الامة حياته".

ودعا الممثل عامر حليحل الجمهور الذي غصت به قاعة مسرح وسينماتك القصبة لمتابعة مسرحية "العذراء والموت" الى التوقيع على عريضة حملت عنوان "فلتكن درب جوليانو خضراء نعم للكشف عن قتلة جوليانو مير خميس ...نعم للمضي قدما في مشروعه ورسالته" موجهة الى الى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس وزراءه سلام فياض وطالبهم بالمشاركة في الاعتصام الذي سيقام يوم السبت أمام مقر عباس في رام الله في الوقت الذي سيكون فيه وفدا من الفنانين يسلمونه هذه العريضة.

وقرأ حليحل العريضة ومما جاء فيها "نحن مؤسسات وفنانين مسرحيين وسينمائيين وأدباء نعلن عن تمسّكنا غير المشروط وغير المُهادن بموروث جوليانو مير-خميس بدربه ونضاله ومقاومته للاحتلال بالكلمة واللحن والاداء. نحن نرى في جوليانو قدوة تُقتدى كلنا جوليانو ومن قتل هذا المناضل الفنان عليه أن يعرف أنه يواجه الكثيرين من مُحبي الحياة والفنون وفلسطين".

ميدل إيست أنلاين في

15/04/2011

 

كاميرا سلمى بكار ترصد الأوضاع السيئة للمهاجرين التونسيين

ميدل ايست أونلاين/ تونس 

بكار تقول إنها فوجئت بـ'الوضعية المزرية' لمئات التونسيين في المدن الإيطالية والفرنسية وتدعو للتحرك السريع لـ'إنقاذ صورة تونس وثورتها التاريخية'.

قالت المخرجة التونسية سلمى بكار العائدة من ايطاليا وفرنسا حيث تابعت بالكاميرا أوضاع مئات المهاجرين غير الشرعيين في جزيرة لامبادوزا ومدن فانتميلي وجنوة الايطاليتين وباريس ونيس الفرنسيتين ان الأوضاع الانسانية لهؤلاء المهاجرين صعبة جدا ويعاني أغلبهم حالة من التشرد.

وبينت المخرجة التونسية التي زارت هذين البلدين الاوروبيين لغاية فنية وأخرى إنسانية أنها فوجئت بالوضعية المزرية التي يعاني منها مئات التونسيين في المدن المذكورة منذ ما يزيد عن الثلاثة أشهر مشيرة إلى أن وضعيات هؤلاء لم تشهد إلى حد مغادرتها أي تحسن حيث يعيش الكثيرون منهم في الشوارع في حين يقيم آخرون في ظروف صعبة في ما يسمى بـ"مراكز الإيواء" تحت إشراف الصليب الأحمر الدولي.

وتساءلت سلمى بكار التي سجلت بالكاميرا حوارات مع هؤلاء التونسيين (أغلبهم شباب بين 17 و25 عشرين عاما ومن بينهم نساء وعائلات بأكملها) عن مصير المساعدات الإنسانية التي اقرها الاتحاد الاوروبي في إطار التكتل لمواجهة هذه الأزمة التي تشهدها السواحل الايطالية من جهة جزيرة لامبادوزا التي وصل إليها إلى حد الآن 22 ألف مهاجر تونسي في إطار غير شرعي.

وأوضح بعض "الحارقين" في تسجيلات حملتها كاميرا المخرجة ان ما تم الاتفاق بشأنه حول تصاريح الإقامات المؤقتة التي أعلن عنها رئيس الوزراء الايطالي سلفيو برلسكوني لدى زيارته الفترة الماضية الى تونس لم يتم العمل بها بالنسبة لمعظمهم حيث يتطلب الحصول عليها التوجه إلى مراكز الشرطة وتقديم أربع صور وجواز سفر وهو ما لا يتوفر لأغلبهم.

أما الذين وصلوا إلى بعض المدن الفرنسية على غرار نيس وباريس فقد بين بعضهم امام كاميرا المخرجة انهم يعانون صعوبات من نوع آخر أولها رفض السلطات الفرنسية استقبالهم نتيجة عدم موافقتها على الاتفاق المبرم بين ايطاليا وتونس والخاص بتصاريح الاقامات المؤقتة التي لا تشمل دول منطقة "الشنغان".

وفي باريس تابعت المخرجة جلسات محاكمة لبعض التونسيين الذين وقعوا في قبضة الشرطة الفرنسية وأبدت استغرابها من طريقة المحاكمة حيث تقول انه لم يتم الاستماع إلى المتهمين بل تقرر الحكم فقط وفق محاضر الشرطة.

هذا ويشار الى ان جمعيات خيرية تونسية بفرنسا وايطاليا الى جانب عدد من مممثلي المجتمع المدني في البلدين يقدمون مساعدات مختلفة لهؤلاء المهاجرين من بينها دفع السلطات الايطالية إلى السماح فورا لبعض الأطفال الذين هاجروا مع عائلاتهم بالالتحاق بالمدارس.

وتقول سلمى بكار "رغم معارضتي لمسألة الهجرة غير الشرعية وقناعتي بأن هؤلاء 'الحارقين' قد ارتكبوا خطأ في حق أنفسهم وفي حق بلدهم إلا أنني ومن منطلق إنساني سعيت بالتعاون مع محامين وناشطين جمعياتيين تونسيين مقيمين بايطاليا وفرنسا إلى تقديم المساعدة لهم وعملت على إبلاغ صوتهم الى البعثات القنصلية التونسية بكل من جنوة ونيس"، داعية إلى "المسارعة بالتحرك لإنقاذهم وخاصة إنقاذ صورة تونس وثورتها التاريخية".(وات)

ميدل إيست أنلاين في

15/04/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)