حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

المخرج أحمد ماهر بع مشاركته فى ثورة 25 يناير :

النظام السابق منع «المسافر» لتأييدي للبرادعي ودعوتي للتغيير

كتب غادة طلعت

رغم أن أحمد ماهر الذي أخرج فيلم المسافر للنجم عمر الشريف واجه اتهامات بأنه «خواجة» إلا أنه توجد في ميدان التحرير ليكون من أوائل الفنانين الذين شاركوا في ثورة 25 يناير وأعلنوا موقفهم المعارض للنظام المصري منذ اللحظة الأولي.

ماهر فجر مفاجأة أخري وهي أنه لا يستبعد إن النظام السابق وراء تأخير عرض فيلمه «المسافر» بسبب تأييده للبرادعي ودعوته للتغيير.

·         < تستعد للسفر للقيام بطباعة نسخ فيلمك المسافر لماذا تأخر ميعاد السفر لهذه الدرجة؟

- بالفعل صرحت أنني استعد للسفر بداية الأسبوع الذي حدثت فيه الثورة وقبل السفر بيومين قرأت عن موعد لوقفة في ميدان التحرير فقررت تأجيل سفري لأشارك فيها.

·         < وهل توقعت أن الوقفة سوف تتحول إلي ثورة لذلك قمت بتأجيل سفرك وتعطيل الفيلم؟

- لا أنكر أنني لم أتوقع أن تحدث هذه الثورة ولكن منذ أن شاهدت ثورة تونس وشعرت باستياء منا كمصريين وكنت أريد أن نتحرك وأصبحت ناقماً لأننا تكاسلنا لمدة 15 يوماً بعد ثورة تونس ولذلك تفاءلت بالناس التي قامت بحرق نفسها في مصر وكنت أدخل في صراعات مع من يكفرهم لأني وجدت أن هذه هي الشرارة الأولي للثورة المصرية وعرفت أنها عدوي الإرادة والحرية ولذلك فكرت في مصلحة بلدي ولم أنظر لفيلمي تماما لأن الثورات تقوم علي المصلحة العامة.

·         < وهل تري أن موقفك المعارض هو السبب الأول لحبس فيلمك في الأدراج لأكثر من عام ونصف العام؟

- أتصور ذلك وبدأت أعود للتفكير فيه بعد أن قالت لي مني الشاذلي هذا الكلام أثناء دفاعي عن البرادعي وأطالب بتغيير النظام فقالت لي أشك أن فيلمك سيري النور خاصة إنه من إنتاج وزارة الثقافة المصرية، وهذا ليس غريبا علي النظام المصري فهو يفكر بهذه الطريقة لعقاب كل من يعارضه.

·         < ألم تر أن هناك تناقضاً في موقفك عندما ترفض النظام وتتعاون مع وزارة الثقافة المصرية؟

- وزارة الثقافة لم تجاملني أنا مخرج لي اسم ووعدتهم أن أعطي فيلمهم فرصة المشاركة في مهرجانات عالمية وهذا حدث بالفعل وشارك الفيلم في مهرجان فينسيا وأعاد اسم مصر في المهرجانات الدولية وهذه وزارة الثقافة المصرية ليست ملكا لمبارك وعائلته لامتنع عن التعامل معها.

·         < وهل تجهز لفيلم عن الثورة؟

- نعم.. لقد طلبت مني إحدي الجهات الأوروبية أن أقوم بعمل فيلم عن الثورة ولكني طلبت منهم فترة من الوقت أحاول التخلص فيها من الذكريات السيئة التي أحملها بداخلي من العنف ومشاهد الموتي لأني لا أريد أن أتسرع وأكتب وبداخلي كل هذا الغضب الذي يتحول لفوران ولكن خلال الفترة المقبلة سوف أقدم فيلما عن الثورة المصرية التي علمت العالم كله.

·         < وما رأيك في سيل الأعمال التي يتم تجهيزها حاليا عن ثورة 25 يناير؟

- بالتأكيد هناك صناع سينما شاركوا في هذه الثورة ولديهم مخزون من المشاهد والأفكار والخبرة التي تؤهله أن يقدم عملا عن الثورة ولا أري أن هذه الأعمال مضرة لأن كل شخص له الحرية في رؤيته لكن الخوف كله أن تتحول لموجة للتربح فتقلل من شأن الثورة لأني أري أنه لابد أن نتحرك وراء هذه الثورة لا التنفع من ورائها.

·         < وما رأيك في اتجاه الفنانين مؤخرا لعمل أحزاب من بينهم عمرو واكد وخالد يوسف وخالد الصاوي؟

- فيما يخص الفنان عمرو واكد فهو يعمل في جبهة للضغط والدفاع عن الديمقراطية ومكتسبات الثورة وله شقيق ناشط سياسي معروف، أما الصاوي فهو ضمن حزب يساري وطوال عمره له أفكار يسارية وأفكر أيضا في الانضمام لحزب يساري لأني استطيع أن اصنف نفسي يساريا ولكن كنت أرفض الانضمام لحزب لأني أري أن اليسار منقسم لأكثر من حزب أما المخرج خالد يوسف فلا أعلم شيئاً عن الحزب الذي يفكر في الانضمام له، ولا أري أن هناك مشكلة في انخراط الفنان في العمل السياسي فالفن هو المهنة الوحيدة التي لا يمكن أن نضعها في معزل عن جوانب الحياة الأخري.

·         < وماذا عن فيلمك «بأي ارض تموت»؟

- انتهيت من كتابة السيناريو واستعد للسفر لروما لنختار أبطال العمل بشكل نهائي بعد أن وقع الاختيار علي الفنان المصري عمرو واكد ويشارك عدد من الفنانين الفرنسيين والأوروبيين ومازلت أبحث عن ممثلة عربية أو مصرية.

·         < وهل تخليت عن فيلم المسيح والآخر؟

- لن أتخلي فهو مشروع مهم ولكن السيناريو كان محاطاً بكثير من المشاكل من الكنيسة وأتوقع أن تختفي هذه المشاكل مع سقوط النظام.

·         < وما رأيك في القوائم السوداء؟

- أطالب أن تكون هناك محاكمات لهؤلاء الفنانين الذين قاموا بالتشكيك في وطنيتنا واتهمونا بالعمالة وقاموا أيضا بالتحريض علينا ففي هذه الحالة لا يمكن أن اعتبرها حرية رأي أو التمس لهم الأعذار لأنهم لم يستطيعوا تقييم الوضع ويكفي أن الناس عندما استمعوا لتحريض غادة عبدالرازق وحسن شحاتة وحسام وإبراهيم حسن وزينة ومطالبتهم بضرورة تطهير الميدان تحرك الناس ضدنا وحدثت بعدها جرائم القتل ضد الثوار لدرجة أنني خرجت من الميدان لأشتري زجاجة ماء وفوجئت بالناس يعتدون علي ويحاولون قتلي وتعرضت لإصابات بالغة بعد هذه التحريضات فكيف يطالبون أن نسامحهم علي العكس أطالب بمحاكمة هؤلاء الفنانين والإعلاميين.

·         < ولكن ما الذي دفعك للمشاركة في هذه الثورة بالرغم أنك بعيد عن السياسة؟

- هذا حقيقي هذه هي المرة الأولي التي أنزل فيها للشارع في أي مظاهرة ولكن أنا منذ البداية كنت معارضا لما يحدث في بلدي وكنت معارضاً للنظام والدليل إنني خرجت لاستقبال البرادعي في المطار في نفس الفترة التي كان يحكم فيها مبارك مصر وتحدثت في برنامج العاشرة مساء عن ضرورة التغيير وأعلنت تأييدي المباشر للدكتور البرادعي ولكني مؤخراً أدركت ضرورة أن أكون أكثر فاعلية وتحركا من أجل التغيير الحقيقي.

·         < وما رأيك في الأسماء المرشحة للرئاسة أم انتهت مشاركتك السياسية بمجرد نجاح الثورة؟

- لا طبعا أتابع بشكل جيد كل ما يحدث وأحرص علي المشاركة في كل شيء في مصر ومازلت عند موقفي وأعلن تأييدي للبرادعي وارفض من يقول إنه لا يعرف مصر ولم يعش فيها لأنه مصري وتخرج في جامعة مصرية وهو صاحب دور سياسي علي مستوي العالم ولا أري أن هناك مشكلة أنه درس في الخارج فالرئيس السابق مبارك نفسه درس في فرنسا وروسيا وجمال مبارك الذي كان مرشحا للرئاسة درس بالخارج.

روز اليوسف اليومية في

11/04/2011

 

أبو ظبى تستضيف مهرجان "فست أرابيا"

كتبت علا الشافعى 

أعلنت مؤسسة "تروب فست"، عن إطلاق أكبر مهرجان عالمى للأفلام القصيرة، فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بأبو ظبى خلال نوفمبر 2011 تحت عنوان "فست أرابيا".

تتضمن الجوائز المقدمة للفائزين بمسابقة "تروب فست أرابيا" عدداً كبيراً من الجوائز، منها جوائز نقدية بقيمة 15 ألف دولار أمريكى و10 آلاف دولار، و5 آلاف دولار، ورحلة إلى لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية للقاء محترفى هذا القطاع لمدة أسبوع، ورحلة إلى "تروب فست" 2012 بأستراليا، وإمكانية العمل مع منتجين ومخرجين إقليميين معروفين، وأماكن مجانية فى ورش عمل أكاديمية twofour54 تدريب بمستوياتها العالمية، وفرص استخدام تسهيلات ومنشآت twofour54 إنتاج التى توفر خدمات الإنتاج وما بعد الإنتاج.

يهدف "تروب فست أرابيا" إلى أن يصبح واحداً من أبرز مهرجانات الأفلام القصيرة بالمنطقة، ومن أولوياته احتضان بيئة صناعة الأفلام القصيرة بالمنطقة والتى تشهد نمواً ملحوظاً، عن طريق تأمين الدعم للمواهب الإقليمية والتى لم تنل فرصتها بالظهور لغاية الآن.

من المعروف أن صناعة الأفلام القصيرة فى مصر عاصمة السينما فى العالم العربى شهدت طفرة كبيرة فى السنوات الأخيرة، حيث ينتج سنويا عشرات الأفلام القصيرة التى تطوف العالم ومصنوعة من قبل مواهب مصرية شابة، وهو ما أصبح ملاحظا أيضا فى كثير من الدول العربية.

ويعتبر "تروب فست" واحداً من أبرز النشاطات الثقافية والفنية بأستراليا ونيويورك، وأسسه المخرج والممثل جون بولسون، الحائز على عدة جوائز عالمية، حيث كانت بداية المهرجان عبارة عن عرض للأفلام القصيرة، موجه للأصدقاء والعائلة، فى مقهى تروبيكانا بسيدنى.

وبعد مرور 20 عاماً أضحى تروب فست واحداً من أبرز وأكبر مهرجانات الأفلام القصيرة عالمياً، ويتم تقديره فى هذا الوسط نظراً لدعمه الكبير للمواهب الصاعدة مع تقديمه للعديد من المبادرات فى هذا المجال. وستنطلق الدورة الحالية من مهرجان تروب فست 2011 بأستراليا بتاريخ 20 فبراير.

وتعليقاً على إطلاق تروب فست أرابيا فى المنطقة، قال جون بولسون، مؤسس المهرجان: "شهدت صناعة الأفلام القصيرة نمواً ملحوظاً فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال السنوات القليلة الماضية، ومع استمرار تطور هذه الصناعة جاءت الحاجة إلى توفير منفذ مناسب لعرض هذه الأعمال المبتكرة، ونأمل أن نؤمن من خلال تروب "فست أرابيا" هذا المنفذ للمواهب المحلية وبأن يكون داعماً لها".

وتتطلب مشاركة الأفلام فى مهرجان "تروب فست أرابيا" توفر بعض الشروط، منها أن يكون الفيلم منتجا خصيصاً للمهرجان، وأن يعرض للمرة الأولى فيه، وألا تتجاوز مدة الفيلم المشارك 7 دقائق، كما يجب أن تتمحور هذه الأفلام حول موضوع معين تحدده تروب فست ويتغير كل سنة.

ويمكن للمشاركين أن يتأثروا ويتناولوا رمز الموضوع بشكل مباشر وعميق بالفيلم، أو بشكل غير مباشر ومخفى. وتحديد الموضوع من شأنه أن يحفز إبداع المشاركين من المحترفين والهواة وسيشكل تحديا لإظهار قدراتهم الإنتاجية وإبداعهم. وسيحمل موضوع أول مهرجانات "تروب فست أرابيا 2011" عنوان "نجم".

ويستطيع المخرجون وصنّاع الأفلام أن يقدموا أعمالهم للمشاركة فى "تروب فست أرابيا" حتى تاريخ 22 سبتمبر 2011. بينما يبدأ عمل لجنة التحكيم فى 1 أكتوبر2011، حيث سيختارون 12 فيلماً لتشترك فى عروض المهرجان النهائية بتاريخ 16 أكتوبر 2011. وسيتم عرض الأفلام المختارة وتشاهدها لجنة تحكيم مؤلفة من المشاهير خلال أيام المهرجان للمرة الأولى، ليتم اختيار الأفلام الرابحة من بينها.

ولكى تتأهل الأفلام المقدمة للمشاركة فى المهرجان يجب أن يكون أصحابها من مواطنى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهى مصر، والمغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا، وجيبوتى، وفلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة)، والأردن، وسوريا، ولبنان، والعراق، وإيران والكويت، والسعودية، والبحرين، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان، واليمن. ويجب أن تتوافق الأفلام المقدمة مع حساسية منطقتنا العربية لناحية الدين والثقافة والسياسة، كما يجب أن تتلاءم مع عرضها للجمهور فى أبوظبى.

اليوم السابع المصرية في

11/04/2011

 

رامي الاعتصامي:

الولادة العسيرة لـ'ثوار' الفيسبوك...

أوشن طارق

في إطار ندوة صحافية كان نظمها جمال مبارك، الأمين العام المساعد للحزب الوطني الديمقراطي المصري وأمين السياسات فيه، على هامش أشغال مؤتمر الحزب لسنة 2009، رد ساخرا مستهزئا على سؤال لأحد الصحافيين حول إمكانية الحوار مع شباب الفيسبوك ممثلين في حركة 6 أبريل وقتها.

في الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني/ يناير 2011، خرج الآلاف من المصريين إلى شوارع الجمهورية استجابة لنداء ناشطين على الفيسبوك، بشكل أدهش السلطة والداعين للتظاهر على السواء. وعلى مدار ما يقرب من الثلاثة أسابيع تحول 'زعماء' ثورة بدأت افتراضية إلى محركين حقيقيين للشارع المصري، في مواجهة آليات السلطة القائمة، وهو ما انتهى إلى إسقاط كثير من الأصنام وفي مقدمتها رأس النظام وابنه جمال مبارك الوريث المنتظر وقتها لعرش مصر.

احتل وائل غنيم، أسماء محفوظ، نوارة نجم وآخرون مقدمة المشهد، في حين توارى فيه ديناصورات العهد القديم إلى الوراء في انتظار أن يزفوا إلى مزبلة التاريخ. ومع هذه الوجوه الجديدة ارتفع سهم الفيسبوك والتويتر عاليا حتى ولى الحاضن الرسمي لما أطلق عليه 'الربيع العربي'. وعلى الرغم من أن هذا الحكم المطلق يحتاج إلى نقاش أعمق فلا بأس من تبنيه باعتباره شعارا من شعارات المرحلة. فنجاح 'الثورة' في مصر أو تونس وما سيليهما نتاج تراكمات نضال فعلي اختمر مع الزمن، وتهيأت له السبل لقطف الثمار أخيرا. أما غرف الدردشة الافتراضية على الفيسبوك وغيره فما هي إلا توابل وبهارات وجدها البعض مناسبة لوسم ما يقع برداء العصرنة وتكنولوجيا المعلوميات.

بتبني هذا الشعار إذن يمكننا البدء في عرض موضوع المقال المتعلق بالصورة التي حاول الإعلام العربي والسينما المصرية أساسا ترويجها عن شباب الفيسبوك قبل انطلاق شرارة 'تسونامي' التغيير، التي هبت على أنظمة عربية عتيقة شاخت أعمدتها بعد أن امتنعت عن تغيير جلدها عقودا طويلة. ومع أولى النقرات الجدية على الفيسبوك بدأت في التهاوي وتقديم التنازلات الواحد تلو الاخر. ولمناقشة الموضوع اخترنا نموذجا شريط 'رامي الاعتصامي' الذي يعد ربما الشريط الوحيد الذي اتخذ من الفيسبوك محورا رئيسيا لأحداثه، بما ينم عن تخاذل المبدعين في هذه الرقعة الجغرافية المسماة 'وطنا عربيا' عن مسايرة التحولات الفكرية والحياتية لمجتمعاتهم.

اعتاد رامي، بطل الشريط، السهر حتى أوقات متأخرة من الليل صحبة أصدقائه من أبناء الذوات الذين لا شغل لهم غير تدخين الحشيش 'المغربي' ومعاقرة الخمر والدخول في مغامرات جنسية عابرة. وطوال سهراتهم الماجنة تلك يكونون منشغلين مع حواسيبهم المحمولة في إنشاء مجموعات خاصة على الفيسبوك. هكذا تتنوع العناوين من مجموعة (لا للحشيش) مرورا بمجموعات (لا للبنات) و(لا للريجيم) و(لا للرياضة) ثم مجموعة (لازم نرجع للحشيش) عناوين تتنوع حسب درجة الهلوسة الناتجة عن أصناف المخدرات والمسكرات التي يتم استهلاكها بشره.

وفي إحدى تلك الجلسات، وبينما كان رامي وبقية الشلة يشاهدون لقاء كرويا لمنتخب مصر، حاول رامي جاهدا مسايرة لحن النشيد الوطني باستعمال آلة الغيتار لديه لكنه يفشل كل مرة. هنا يقرر من دون سابق تفكير إنشاء صفحة على الفيسبوك يدعو من خلالها إلى تغيير النشيد الوطني ليتلاءم وقدرات العزف الهابطة لديه. لقد ولدت صفحة (هنغير النشيد الوطني) في جلسة حشيش، لكنها استطاعت في ظرف قياسي تجميع أكثر من 200 ألف متعاطف مع الفكرة، وهو ما استأثر باهتمام واحد من أشهر البرامج التلفزيونية المصرية (مصر النهارده).

أصبحت الفرصة مواتية لرامي لتحقيق حلمه في الشهرة سبيله الوحيد لتملك قلب يارا التي كثيرا ما لفظته لتفاهته وعدم استجابته لمعايير فتى الأحلام لديها. لكن القدر كان يخبئ له مسارا آخر، حيث صادف وجوده باستوديو البرنامج فقرة أخرى استضاف خلالها المذيع أحد النقابيين الذي انتهى به الحوار مطالبا بالاعتصام أمام الشركة حيث يعمل. ولأن رامي تافه فعلا ولا يملك أية رؤية تمكنه من مجاراة حواره والدفاع عن فكرته 'المجنونة' في ضرورة تغيير النشيد الوطني، لم يجد غير التحول إلى ببغاء يكرر كلام النقابي، خصوصا بعد اتصال رئيس الوزراء بالبرنامج ناهرا ومطالبا بالجدية في التعامل مع مثل دعوات الشاب الفيسبوكي. أصبح التصعيد سيد الموقف فولد الاعتصام من رحم غرف الدردشة ليصبح مشروعا حقيقيا على أرض الواقع.

لقد تحول 'الصراع' من الفضاء الافتراضي إلى أمام مقر رئاسة الوزراء، حيث تجمع عدد من المنتمين للصفحة صباحا كأنهم القطيع يساق إلى حيث لا يدري ولا سبيل إلى معرفة الخطوة الموالية غير الاتصال برامي النائم غير عابئ بما دعا إليه وما آلت إليه دعوته. يصل رامي مسرعا إلى مكان الاعتصام فيحمل عاليا فوق الأعناق. البحث عن أبطال ولو من ورق أو من رحم نقرات الحاسوب أصبح مطلبا شعبيا في ظل العقم والعنوسة الضاربتين في الطبقة السياسية المصرية. لقد ولد البطل رامي ونصب زعيما للثورة الفيسبوكية، دونما رغبة واعية منه.

وبناء على الولادات الثلاث السابقة تتطور الأحداث سراعا، خصوصا أن المطالب لم تكن بمستوى الوضوح بدءا قبل أن تتشكل مع مرور الوقت وتتصاعد. لكن قبل ذلك كان لزاما أن يتم الحفاظ على لحمة الاعتصام من ليلته الأولى حتى لا ينفض المولد. ألم يكن جواب رئيس الوزراء لرئيس مكتبه معلقا على الوضع: (دول حبة عيال فرافير مش هيستحملوا الوقفة)؟ ما أصعب المهمة إذا كان المعتصمون لا يفرقون بين اعتصام سياسي ومشاركة في حفل راقص. لقد بدأت المساومات وتنوعت المطالب ما بين توفير الحشيش والخمر والمغامرات العاطفية فكانت الاستجابة صمام الأمان الوحيد في سبيل تحقيق الهدف المعلن: استقطاب يارا للانضمام إلى الاعتصام ومن خلاله إلى رامي المحب الولهان وهو ما كان.

تحول مكان الاعتصام إلى نوع من المحج يستضيف فسيفساء من مكونات الشعب المصري في اعتصامات ثلاثة متنافرة ومتضادة: شباب الفيسبوك في اعتصام خمس نجوم وباشتراك مالي، اعتصام شعبي لأبناء المناطق العشوائية واعتصام ثالث لجماعة (واعتصموا بحبل الله) الممثلة للتيار الإسلامي. هذا التنافر خلق نوعا من الوقيعة بين أطياف المجتمع حاولت الحكومة ممثلة في رئيس الوزراء وحاشيته استغلاله للنيل من استماتة المعتصمين. ولأن المنطق التآمري لابد أن يسجل حضوره فقد أصبحت السفارة الأمريكية طرفا محركا للأحداث في غيبة من المعتصمين الذين انساقوا وراء نزوات أفراد لا يجمعهم جامع. فمن مطالب بجعل لون العلم ورديا تتوسطه باربي ونشيد بلحن شبابي مستوحى من موسيقى الراب، إلى طامح في علم أحمر اللون تتوسطه سكينان ونشيد راقص من الألحان الشعبية، إلى راغب في علم بلون أسود من دون رسومات يحرمها الشرع ونشيد على ايقاع الدفوف.

وفي الوقت الذي التزمت فيه الدولة بضبط النفس وبحس ديمقراطي يجعل من الاستماع إلى الآراء المتناقضة شعارا له، انفجرت الأوضاع في المخيمات الثلاثة بين مكونات الشعب المتصارعة على فتات السلطة وأوهام التغيير، بعد أن أشعلت القوى الإسلامية الفتنة لتقع الضحية الوحيدة في صفوف الأمن المركزي الساهر على استقرار البلد ووحدته. أصبحت السلطة القائمة إذن خارج دائرة الاتهام متخلصة من عبء قمع الشعب وترهيبه، وأصبح الاتهام موجها الى هذا الشعب الذي لا يحسن تدبير اختلافاته ولا ترتيب أولوياته، باعتبار أفراده مجرد قطيع لم يرق بعد إلى مستوى المواطنة الكفيلة وحدها بمنحه حق المشاركة في تدبير أمور الحكم.

إن استعراض أحداث الشريط، الذي لم يلق نجاحا تجاريا كبيرا رغم انتمائه للنوع الكوميدي الخفيف المطعم ببعض التوابل الجنسية، يحيل الى حقيقة كونه تنبأ فعليا بأحداث الخامس والعشرين من شهر يناير الماضي عكس كثير من الأفلام الجادة التي كانت تدعي فهما أوضح للشارع المصري. فأفلام خالد يوسف وقبله يوسف شاهين مثلا، كانت تؤكد على الدوام أن الثورة أو أي تحرك شعبي لن ينطلق إلا من العشوائيات المحيطة بالمدن. كما أسرفوا في التأكيد على أن الثورة تلك ستكون مخربة تأتي على الأخضر واليابس تنفيسا لغل وحقد دفينين لدى تلك الطبقات على المستفيدين من الأوضاع الاقتصادية بمصر والمنتفعين المتغولين في السوق. لم يكن الأمر كما صوره هؤلاء حيث كان التحرك حضاريا في جوهره منطلقا من فئات متعلمة فرضت على التشكيلات السياسية وتنظيم الإخوان المسلمين وكثيرين آخرين، كان المخرج خالد يوسف واحدا منهم، الانضمام إليها أو حتى محاولة الركوب على حركتهم تحقيقا لأهداف خاصة لم تمنع من تحقيق الهدف الأسمي.

كما أن ذاك الاستعراض يحيل إلى أن الشريط استطاع إلى حد ما التنبؤ أيضا بسيل من الإشاعات التي ستواجه أي تحرك من هذا النوع من قبيل التخوين وتنفيذ الأجندة الخارجية (تدخل السفارة الأمريكية)، أو الاتهامات الرخيصة من نوعية ما حفل به المشهد المصري طوال أيام اعتصام ميدان التحرير. فخلال تلك الأيام اتهم كثير من أتباع النظام المصري الميدان بتحوله إلى بؤرة فساد تروج داخله أصناف المخدرات وتنتهك فيه الحرمات ويمارس فيه الجنس كاملا على الملأ (الممثل طلعت زكريا). كما اتهم المعتصمون بتلقي الأموال ووجبات الكنتاكي (الممثل حسن يوسف) وبأنهم أساءوا إلى صورة البلد وأصابوا عجلة الإنتاج بالشلل (عفاف شعيب)...الخ.

وعلى الرغم من انحياز الشريط التام إلى جانب السلطة من خلال تقديمها مستمعة إلى نبض الشارع ساعية إلى تحقيق مطالبه، فقد أظهر من حيث لا يدري، ربما، الشخصيات السياسية التي تدير البلد بمظهر كاريكاتوري فاقد للمصداقية والنضج السياسي في تعامله مع تسارع الأحداث. وتلك حقيقة بدت واضحة خلال أيام الثورة المصرية حين لجأت السلطة إلى وسائل عفا عليها الزمن في مواجهة مد التغيير ولم تستطع في أية لحظة كانت من استشراف طبيعة الحركة الاحتجاجية التي كانت مختلفة عن سابقاتها، داعية إلى تغيير كامل للنظام لا إلى ترقيعه وتجميل واجهته.

لكن القائمين على الشريط نحوا أيضا منحى ما فتئ النظام يحاول تكريسه في تعامله مع تصنيفات المجتمع المصري بين الفرافير والعشوائيات والإسلاميين. هكذا أقصى الفيلم من ذاكرته ملايين الأقباط وكذا الملايين الصامتة من الشعب التي كانت فعلا صمام الأمان بالنسبة للمعتصمين في مواجهة كل تسويف أو استثمار للوقت يؤثر على الزخم الشعبي الكمي للاعتصام. ولعلها كانت واحدة من المفاجآت الكبرى لثورة الخامس والعشرين من يناير. كما أن تقديم رجال الأمن في هيئة الملائكة كان سقطة حقيقية فندها التعامل الوحشي للبوليس مع المحتجين وأيضا انسحابه الجبان من كامل التراب المصري مع الدفع بذوي السوابق إلى الواجهة لزرع الرعب والفتنة بين الناس، وهو ما تحقق له فعلا كإنجاز يتيم تأتى على حساب انحسار هيبة رجل الأمن التي لا تزال تداعياتها مخيمة بظلالها على أرض الكنانة إلى اليوم وربما لفترة قادمة تبدو أطول مما يمكن تصوره.

في ميدان التحرير وبمختلف ميادين مصر نادى المعتصمون والمحتجون رافعين شعارا وحيدا: الشعب يريد إسقاط النظام. وفي الشريط رفعوا شعار تغيير النشيد والعلم وهما رمزان أساسيان للنظام والدولة ككل. وبين الواقعي والتخييلي سقط حسني مبارك وعدد من أعمدة حكمه، لكن النظام لا يزال متشبتا بالحياة مقاوما بكل جهد متأت له رياح التغيير. وربما لن ينفع المصريين غير المطالبة بإسقاط أسس الدولة باعتبارها بنيت على باطل كان مهندسه نظام سابق فاسد استشرى كالسرطان في كل مناحي الحياة.

يعود رامي للظهور على شاشة تلفزيون المحور لكن هذه المرة باسمه الحقيقي. يتصل الممثل أحمد عيد، يوما أو يومين بعد إعلان تنحي مبارك عن الحكم، ببرنامج 48 ساعة فيستقبله مقدما البرنامج بحفاوة. بدأ أحمد عيد كلامه عاديا قبل أن يفجر قنبلته في وجه المقدمين هناء السمري وسيد علي طالبا منهما الكف عن انتهاج سياسة النفاق الإعلامي ومتهما إياهما بالوقوف ضد الثورة طوال أيام اندلاعها قبل محاولة التحول إلى مساندين لها بعد النجاح في إسقاط رأس النظام.

كان ذلك حماما باردا نزل على كل المتحولين الصحافيين والفنانين وغيرهم ممن كانوا أبواقا لسلطة ظنوها دائمة على رقاب الشعب. بعدها بدقائق تناقلت صفحات الفيسبوك تلك المداخلة وعممتها على أرجاء العالم قبل أن تعمم قائمة العار لمن تحاملوا على 'شبابها' معلنة أن من أطلق عليهم لقب 'ثوار الفيسبوك' لا يزالون هنا وسيستمرون في الفضح والتذكير بمطالب الثورة وبحقائق يومياتها وربما شحذ الشارع لـ'المواجهة' حتى حين...

أخيرا لابد من القول ان الفيسبوك لم ولن يكون الملاذ الوحيد للطامحين في التغيير. وما فشل الكثيرين في بلدان أخرى في استنساخهم التجربة المصرية، باعتبارها كانت الأوضح في استخدام هذا الوسيط مقارنة مع تونس إلا دليل على ذلك. قد يكون الفيسبوك وسيلة هذا العصر في التواصل الاجتماعي مع أكبر عدد ممكن من المستخدمين، لكن غرف الدردشة به لن تكون في أي وقت من الأوقات بديلا عن النضال العملي على الساحة الاجتماعية كميدان للتواصل الحميمي مع الشعب بعيدا عن كل افتراضية مجهولة أسباب نزولها. فلا 3 فبراير باليمن أو 17 فبراير بليبيا أو 20 فبراير أو 20 مارس أو 10 أبريل بالمغرب، يمكنها أن تدعي الرغبة في تمثيل مطامح الشعوب إلا باستمداد الشرعية الشعبية من أرض الواقع بدل اللجوء لصالونات العالم الافتراضي المتحررة من كل محاسبة شعبية ممكنة. فما أهون استيلاد حركة احتجاجية من رحم الفيسبوك والانترنت عموما. لكن تحويلها إلى جزء فاعل من المشهد السياسي برؤية واضحة ومشروع مهيكل قائم على قوة اقتراحية خلاقة تتجاوز الجانب المطلبي 'الببغائي' يبقى التحدي الحقيقي لكل مشروع ' ثائر' فيسبوكي.

القدس العربي في

11/04/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)