حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أي دين لا يمكنه العيش في صراع مع المجتمع

كوثر بن هنيّة: لم يفتحوا قلوبهم لي لذا اشتغلت على صمتهم

نديم جرجورة

في إطار الدورة السابعة للتظاهرة السينمائية «شاشات الواقع»، التي نظّمتها «البعثة الثقافية الفرنسية في لبنان» و«جمعية متروبوليس» بين الواحد والعشرين والسابع والعشرين من آذار 2011 في صالة سينما «متروبوليس» في الأشرفية، عُرض الفيلم الوثائقي الطويل الأول للمخرجة التونسية الشابّة كوثر بن هنيّة «الأئمة يذهبون إلى المدرسة» (2010، 75 دقيقة). الشابّة التي درست علم التجارة وانتسبت إلى «الجامعة التونسية لهواة السينما»، وجدت نفسها أمام معضلة ثقافية وأخلاقية واجتماعية، منبثقة من صدام تربيتين دينيتين مستلّتين من المسيحة والإسلام، في مواجهة العلمانية، التي باتت نظاماً متحكّماً بأنماط العيش في فرنسا.

هنا نصّ الحوار الذي أجريتُه مع كوثر بن هنيّة أثناء زيارتها بيروت، ومشاركتها في التظاهرة المذكورة أعلاه.

الفيلم سجاليّ: إنه محاولة لفهم العلاقة الصدامية بين مسلمين مهاجرين إلى بلد كاثوليكي تحوّل إلى العلمانية. الأئمة الذين يتابعون دروساً دينية إسلامية، مُطالَبون بمتابعة سلسلة محاضرات خاصّة بالعلمانية في «المعهد الكاثوليكي» في باريس. هذا ما اشتغلت عليه كوثر بن هنيّة، المنتسبة إلى «مدرسة الفنون والسينما» في تونس (تابعت، لاحقاً، الفصل الصيفي في «فيميس» في باريس في العام 2004)، وصاحبة الفيلم الروائي القصير «أنا وأختي والشيء» (2006) الذي لا علاقة له بهذه السجالية، لأنه روى حكاية صبي يسعى جاهداً إلى منع زواج شقيقته، بعد معرفته بأن «شيئاً» ما سيحدث بينها وبين زوجها «ليلة الدخلة». اشتغلت بن هنيّة لحساب «الجزيرة الوثائقية» في الدوحة، قبل أن تعود في ما بعد إلى باريس: «عندما اشتغلتُ في «الجزيرة الوثائقية»، اكتشفتُ الفيلم الوثائقي. كنتُ أشاهد الأفلام الوثائقية بهدف شراء بعضها لحساب المحطّة. عملتُ أيضاً مديرة فنية لـ«مهرجان الفيلم الوثائقي في تونس». هذا كلّه دفعني إلى اتّخاذ قرار العمل في هذا المجال»، كما قالت بن هنيّة، مضيفةً أنه «في تلك المرحلة، امتلأت تونس بـ«خطوط حمراء» كثيرة حالت دون أن نعمل جميعنا بحرية. هناك أمور عدّة لم يكن ممكناً الاشتغال عليها أو تصويرها. لاحقاً، في باريس، عثرتُ على موضوع يهمّني: الأئمة يذهبون إلى المدرسة. هكذا أنجزتُ هذا الفيلم الذي حمل العنوان نفسه».

حساسية

عن سبب اختيارها هذا الموضوع تحديداً، قالت إنه عائدٌ إلى كونه موضوعاً حسّاساً ودقيقاً ومهمّاً: «السؤال يطرح نفسه: العلمانية والإسلام. هل يُمكن أن يتفاهما مع بعضهما البعض، أم لا؟ هل يُمكن للإسلام أن يكون علمانياً؟ هؤلاء الناس الذين ظهروا في الفيلم وأشباههم يهمّني أمرهم شخصياً. الحكاية بحدّ ذاتها امتلكت المكوّنات الأساسية لصناعة فيلم. التناقضات في السينما تهمّني. التناقضات في الفيلم ظهرت في هذه الثنائية: المعهد الكاثوليكي يُقدّم دروساً في العلمانية. العلمانية في فرنسا حدّت من نفوذ الكنيسة الكاثوليكية. الصراع كبير بين هذه الأخيرة والقانون العلماني. أرى في طيّات الحكاية درساً أساسياً عن كيفية فشل الكنيسة، ما أدّى إلى تنازلها عن نفوذها، خصوصاً في مجالات التعليم والجامعات والمستشفيات. أحد أبرز مدرّسي المعهد قال في نهاية الأمر ما أعتبره خلاصة الموضوع: أي دين يصل إلى قطيعة مع المجتمع، يُقدِّم تنازلات. لا يُمكنه العيش في صراع مع المجتمع الذي هو فيه».

بالنسبة إلى العمل الميداني السابق للبدء بتنفيذ المشروع، وبالتالي البدء بتصويره، قالت كوثر بن هنيّة إن «مشاكل عدّة» واجهتها، بدءاً من الحصول على «إجازة تصوير» في المسجد الكبير في باريس و«المعهد الكاثوليكي» على حدّ سواء: «في البداية، رفض المعهد رفضاً قاطعاً. العلاقة بالمسجد كانت أخفّ وطأة. منذ انطلاق العمل على تنفيذ المشروع، كنتُ متأكّدة من أن الأمر كلّه لن يكون سهلاً. الخطوة الأولى: لا كاميرا. احتجتُ إلى بعض الوقت للتعرّف على شخصيات الفيلم. ذهبتُ إلى المسجد، والتقيتُ المسؤول عن دروس تكوين الأئمة. طلبتُ منه السماح لي بالمشاركة في المحاضرات، على أن أشارك من دون كاميرا. لاحقاً، سُمِح لي بالتصوير. أمضيتُ معهم ستة أشهر. عرفتُ أن هؤلاء سيذهبون، بعد ستة أشهر، إلى المعهد. ذهبتُ إلى هناك أيضاً، وتعرّفت اليهم أكثر. كما أنهم تعرّفوا اليّ ومنحوني ثقتهم. لاحقاً، ذهبتُ إلى المعهد للحصول على إذن بحضور الدروس وبالتصوير. الأستاذ «الكاثوليكي» رفض رفضاً قاطعاً. بالنسبة إليه، هذه تجربة فريدة من نوعها في فرنسا. كان قلِقاً من الحساسيات التي يُمكن أن تُحرِج الجميع. أسبوعان وأنا أحاول إقناعه. كان خائفاً من الصحافيين. يومها، أثيرت المسألة إعلامياً. أقنعته أني لستُ بصدد إنجاز ريبورتاج تلفزيوني، لأني لستُ صحافية. الطلبة وافقوا. سمح لي أن أصوِّر في بهو المعهد. في اليوم الأول للتدريس، صوّرت من خارج القاعة، لا من داخلها. لاحقاً، سُمِح لي بدخول القاعة».

يُذكر هنا أن بن هنيّة أمضت مع الطلبة سنة دراسية كاملة (تشرين الأول 2008 ـ حزيران 2009). لم يتمّ التصوير بشكل متتال: «تألّف فريق العمل من ثلاثة أشخاص فقط: المصوِّر ومهندس الصوت وأنا. كان يُمكن لوجودي أن يُسبِّب إحراجاً للطلبة والأساتذة معاً. لم أكن أرغب في إزعاج أحد منهم. أردتُ أن أكون موجودة بخفّة وسلاسة. لم تكن هناك إضاءة زائدة».

حرية المعتقد

لكن، ماذا عن ردود الفعل؟ طلب المدير الفرنسي من المخرجة الشابّة مُشاهدة اللقطات المصوَّرة كلّها، كشرط مسبق على موافقته بالتصوير: «لم يفتح أحدٌ قلبه أمامي. لم يقل أحدٌ لي ما الذي يُفكّر به. الثقة التي منحوني إياها سابقاً لم تكن كاملة. في ما بعد، ركّبت الفيلم في غرفة المونتاج. لديّ ستين ساعة تصوير. في المونتاج، حاولت إعطاء معنى لكل مشهد. خلال التصوير، تحدّثنا كثيراً عن الفيلم. مع هذا، أثناء التصوير، أدركتُ أنهم لن يتكلّموا، ولن يفتحوا قلوبهم لي. لهذا، حاولتُ الاشتغال على صمتهم. صمتهم هذا معبّرٌ للغاية. لهذا السبب ربما، هناك لقطات قريبة (كلوز أب) على وجوههم، لأني حاولت أن أعطي معنى للصمت».

غير أن المهمّ أيضاً في المسألة كلّها، أن غالبية المسلمين في فرنسا أدركت أن النظام العلماني «هو في صالحهم أساساً، لأنه نظام يُساوي بين الأديان كلّها. لا أتحدّث عن المتــطرّفين المنتمين إلى الأديان كلّها أيضاً. هذا موضوع آخر. المهمّ، أن هناك مسلمين عديدين باتوا متأكّدين من أن العلمانية لمصلحتهم، لأنها سمحت لهم بممارسة شعائرهم الدينية بحرية كاملة في كنف القانون العلماني، الذي يحمي الحريات العامة، ومنها حرية الاعتقاد». أضافت أن للفيلم صدى كبيراً في العالم العربي: «لاحظتُ أن هناك مظاهرات في لبنان تُطالب بإلغاء النظام الطائفي، وبإيجاد نظام علماني. في تونس هناك نقاش كبير حول العلمانية والأحزاب الإسلامية وكيفية استخدام الدين في السياسة. مع هذا، لن أصوّر الموضوع نفسه في تونس. ما يحدث في تونس الآن يهمّني جداً، فأنا مواطنة قبل أن أكون مخرجة سينمائية. أنا بحاجة إلى موضوع. العلمانية موضوع عام. من أجل الفيلم، عثرت على مادة مهمّة: هناك أئمة يدرسون العلمانية في معهد كاثوليكي. هذا صراع. هذا تناقض. في تونس، الأمر مختلف. بعد الثورة، عاد الشارع إلى الشعب، بعد أن ظلّ طويلاً ممسوكاً من قِبل رجال البوليس والحكم. عندما خرج الناس إلى الشارع، استعادوه من أجلهم واجلنا جميعنا، أي من أجل الناس والسينمائيين والجميع. ما لم أكن أستطيع تصويـره في تونس سابقاً، صرتُ أستطيع تصويره الآن. المواضيع في تونس الآن كثيرة جداً، يُمكن الاشتغال عليها. الآن، رغبتي كامنة في أن آخذ وقتي كلّه، لأني لا أعمل بالطريقة الصحافية، المرتبطة أساساً بالراهن. شغلي يأتي لاحقاً. يحتاج الفيلم، أي فيلم، إلى وقت. فالوقت يعني أن تفكِّر أكثر وأن تشتغل بهدوء كي ينضج العمل ويتبلور مساره السينمائي».  

كلاكيت

اغتيال جوليانو

نديم جرجورة

سواء قتله إسلاميون متزمّتون، أم اغتاله متطرّفون صهاينة، فإن التصفية الجسدية التي قضت على جوليانو مير خميس عكست براعة الجريمة في رسم ملامح الراهن. سواء أطلق مجانين الله على الأرض رصاصهم على صدره وجسده، أم جاءه الموت مرتدياً زيّ قتلة التطرّف الديني الأعمى، فإن تغييب الرجل بهذه الطريقة التقليدية القذرة شكّل منعطفاً جديداً أمام الإبداع الفلسطيني في بحثه المستمرّ عن كيفية مواجهة الظلامية وأدواتها.

لم أعد أتذكّر مشاركاته التمثيلية السينمائية. قصّة حياته بدت لي، إثر شيوع نبأ اغتياله تحديداً، أقوى من أي لغة درامية. الإبداع، هنا، متمثّل بسعي حثيث إلى إيجاد المعادل الثقافي للمواجهة. إلى إيجاد اللغة المُكمِّلة للمواجهة. من بين أمور عدّة قرأتُها عنه أو له في اليومين الأخيرين، بدت لي قوله إن «البندقية التي لا ثقافة وراءها، تقتل ولا تُحرِّر» أصدق تعبير عن حضوره الفذّ في المشهد الفلسطيني، كما في الوجدان والانفعال والعقل المنفتح والواعي. أصدق تعبير عن مصيره أيضاً. بدا لي قوله هذا خلاصة المقاوَمات الذاهبة بناسها إلى أقصى التحدّيات، للخروج من الموت إلى فعل الحياة والانتصار للحقّ والحرية. بدا لي قوله هذا أجمل شهادة في زمن العنفين المعنوي والمسلّح، الساعِيَين إلى تقويض إرادات الشعوب، ونحر أحلامها المترجَمة الآن غضباً ميدانياً أسقط أنظمة جبّارة، ويعمل على إسقاط مثيلاتها هنا وهناك.

قصّة حياة جوليانو مير خميس واشتغالاته الفنية ظلّت، بالنسبة إليّ، أرسخ في الوعي الذاتيّ من أي مشاركة تمثيلية له. مسرحياً، لم يتسنَّ لي يوماً مشاهدته على الخشبة، أو مشاهدة نتائج تفكيره ومخيّلته. لكن بقاءه في «مسرح الحرية» داخل مخيم جنين ظهر لي نمطاً ثقافياً من أنماط السلوك الفرديّ الهادف، من بين أمور عدّة، إلى كشف المستور في فوضى العيش العربي على التخوم القاسية للغياب والاحتلال. فالسلوك الفرديّ هذا ساهم، إلى جانب اشتغالات آخرين، في جعل الحياة أجمل، وفي تحويل المُقاوَمة إلى لغة حياة تنبض عطاءً من أجل أرض مسلوبة، وحرية مقتولة، وكرامة منقوصة. فإذا بالسلوك الفرديّ هذا يُغذّي بعض الانفعال البهيّ الراغب في استعادة الأرض بجغرافيتها وتاريخها وثقافتها وفضاءاتها، وفي إحياء الفرح في شرايين الحرية، وفي منح المواطن زخماً يتيح له إدراك قدرته الذاتية على إنقاذ كرامته وحمايتها من طغيان القتل والتزوير.

ليس مهمّاً معرفة جنسية القاتل. مجانين الله على الأرض متشابهون تماماً في الأمكنة كلّها، وفي الإيديولوجيات القاتلة كلّها. الأشياء الجميلة منافية لحضورهم وعملهم الدؤوب من أجل إطالة عمر العتمة في البلاد المفتوحة على الجمال. جوليانو مير خميس قُتل لسبب واحد على الأرجح: أراد أن يكون كما هو، فناناً قادراً على تحطيم قيود دين وطائفة ضيّقة، كي يُصبح إنساناً أكبر من المساحات الضيّقة لهذين الدين والطائفة.

أو ربما هكذا أرى صورته الآن.

السفير اللبنانية في

07/04/2011

 

«اللقاءات المتوسطية حول السينما وحقوق الإنسان 2» في الرباط

نحـو سينمـا معرفيـة

علي البزاز (الرباط)

أمس الأربعاء، بدأت في المدينة المغربيّة الرباط الدورة الثانية لـ«اللقاءات المتوسطية حول السينما وحقوق الإنسان»، التي تنتهي في التاسع من نيسان الجاري، من تنظيم «المجلس الوطني لحقوق الإنسان». الحداثة الفكرية تحتّم تجاوز النظرة التقليدية للسينما من واقع بصري وتقني، يُحدِّد ما تحاول الصورة النطق به، إلى الأبعاد الفكرية لخلق صورة سينمائية جمالية ومعرفية. لم تعد التقنية كافية. الأفكار تغزو عالمنا، وتطيح القديم، مُفكِّكة تصوّراته من أجل جديد الجمال والفكر وحقّ الإنسان في حياته، من دون تسلّط قمعي أو فرض جمالي عليه. موضوع حقوق الإنسان في السينما واسع ومتشعب، يتجاوز السياسة، ويضع الإنسان في أسلوب حياتي جديد، عاطفي وجمالي وبصري. إذاً، الفكر يقود هذا التصوّر الجديد، وينجّي السينما من المأزق التقليدي القائم على فكرة أن حقوق الإنسان سياسية بالدرجة الأولى، معلناً الجمال حقّاً للعيش.

أفلام الدورة الثانية هذه روائية ووثائقية، تتشارك عالم القهر والاستبداد. لا سبات فكرياً أو بصرياً بعد الثورات التي يشهدها العالم العربي. فالفن قضية فكرية تعتنق أساليب الإبداع. يحضر لبنان في فيلم «درس في التاريخ» لهادي زكاك، الذي يتابع دروس التاريخ التي يتمّ تلقينها في خمس مدارس لبنانية لتلاميذ يُحضّرون الامتحانات النهائية للمرحلة الإعدادية: «في بعض البلدان يبدأ التاريخ مع استقلال البلاد. في لبنان، تنتهي دروس التاريخ مع استقلال البلاد». تستعمل المخرجة الإيرانية هانا مخملباف رمز تماثيل بوذا التي فجّرتها حركة طالبان، لتطارد الحرب وتبعاتها في المجتمع الافغاني: «في هذا الفيلم، انطلقتُ من جملة شهيرة لأبي يقول فيها إن «تماثيل بوذا لم تدمّر، بل تهاوت من فرط الخجل». استندتُ الى هذه الجملة لأبيّن كيف يمكن حتى لتمثال أن يتهاوى ويسقط خجلاً أمام هذا الكَمّ من العنف». السينما في صلب واقع العذاب والتمزّق، في أفلام «صداع» و«العبودية الجديدة» و«رجل يصرخ» و«عبد الكريم الخطابي وحرب الريف» و«دروب الذاكرة». بالإضافة إلى تكريم المخرج المغربي الراحل أحمد بو عناني، وعرض فيلمه «السراب».

يحفل المهرجان أيضاً بنداوت فكرية، تهدف إلى تقليل الضرر والمأساة في الواقع الإنساني الحافل بصنوف العذاب كلّها: «السينما والتاريخ» و«تعليم الفتيات بالعالم القروي» و«حول الاختفاء القسري بالمنطقة المتوسطية» و«الديموقراطية وحقوق الإنسان».

السفير اللبنانية في

07/04/2011

 

سعيد الماروق عاد بخفّي حنين

«365 يوم سعادة» أو اسكتشات كوميديّة

باسم الحكيم  

المخرج الآتي من عالم الكليبات، واجه فيلمه الأول عثرات كثيرة في مصر، لعلّ أولها «ثورة 25 يناير»... فكيف سيكون حظّه مع طرحه في الصالات اللبنانية؟

«ارتضيت سقوط فيلمي شهيداً في سبيل الحريّة والعدالة»، هذه العبارة كرّرها المخرج سعيد الماروق مراراً في لقاءاته الأخيرة، في إشارة إلى باكورته الروائية الطويلة «365 يوم سعادة» للكاتب يوسف معاطي وإنتاج شركة «أرابيكا» (محمد ياسين)، وتوزيع «الشركة العربية». الشريط الذي وصفه بعضهم بـ«وجه الشؤم» بسبب تزامن طرحه في الصالات المصرية مع اندلاع «ثورة 25 يناير»، صار وجه السعد على أبناء المحروسة مع انتصار الثورة وإسقاط النظام.

وها هي العروض الجماهيريّة للفيلم تنطلق الليلة في الصالات اللبنانيّة، علماً بأنه لم يأخذ حقّه في مصر بسبب الأوضاع الأمنيّة، ويتوقع أن يجد إقبالاً أفضل في الأيام المقبلة، وخصوصاً أنّ الجمهور يحتاج إلى عمل كوميدي خفيف. لكنّ أول فيلم للماروق ـــــ الآتي من عالم الفيديو كليب ـــــ شابته بعض نقاط الضعف لجهة القصّة المقتبسة والبناء الدرامي الضعيف، بخلاف الكتابات الكوميديّة ليوسف معاطي، صاحب الأفلام الأخيرة لعادل إمام، منها «عريس من جهة أمنية»، و«السفارة في العمارة» و«حسن ومرقص»، إضافة إلى تولّيه كتابة نص «فرقة ناجي عطا الله»، الذي يفترض أن يعيد «الزعيم» إلى الشاشة الصغيرة. يؤكد الماروق أنّ «قراري تنفيذ الفيلم كان مفاجأة لكثيرين لأنّه معروف عنّي اختياري لنصوص تحوي بعض الغموض في الكليب». ولا شك في أنّ اختيار الجهة المنتجة للفيلم كان موفقاً، لأنّ السينما المصريّة تحتاج إلى دم جديد وأفكار مختلفة، بينما يحتاج مخرج الكليبات الشهير إلى فرصة لتقديم لمسته في ما هو أعمق من الأغاني المصوّرة.

تدور أحداث الفيلم حول زير النساء هادي أبو العزّ (أحمد عز) الذي يدخل في علاقات عاطفيّة متعددة ويتزوّج بفتيات عرفيّاً، حتى تستدرجه نسمة (دنيا سمير غانم) إلى الوقوع في حبّها والزواج بها شرعيّاً. ويشارك في البطولة شادي خلف، ومي كسّاب، بمشاركة صلاح عبد الله، ولطفي لبيب، ويوسف داود، ومن لبنان لاميتا فرنجيّة وأندريه أبو زيد، وظهور خاص للفنان وائل جسّار، علماً بأنّ الصحافة المصريّة ربطت بين فيلم الماروق وفيلم «الزوجة 13» للمخرج فطين عبد الوهّاب وبطولة شادية ورشدي أباظة.

يدافع الماروق عن باكورته عند سؤاله عن ضعف الحبكة الدراميّة إلى حد تبدو بعض المشاهد اسكتشات كوميديّة منفصلة عن السياق الدرامي. ويقول إنّ «هذا ما تقتضيه الكوميديا أحياناً، وخصوصاً أنّ القصة تلاحق قصة هادي أبو العز». وعمّا إذا كان هو من فرض الممثلين اللبنانيين، علماً بأن الاستعانة بمصريين في دوري لاميتا فرنجية وأندريه أبو زيد، تبدو منطقيّة أكثر، يجيب بأن «دور الفتاة اللبنانيّة نادين التي تعمل في قناة فضائيّة موجود من الأساس، ولم أفرضه. ويبدو واضحاً من خلال السياق الدرامي أن شقيقها لا يعيش معها في مصر، بل أتى لزيارتها فقط». ويشير إلى أنّ «كثيرين خالوا أنّني سأسند دور إغراء للاميتا فرنجية، لكنني أصررت على عدم تقديم هذه الصورة عن الفتاة اللبنانيّة، لأن نادين متزوجة عرفيّاً بالبطل، حالها حال الفتيات المصريّات اللواتي ارتبطن به».

ويأمل الماروق أن يفتح عمله الأول في السينما المصريّة الباب لتنفيذ مزيد من الأفلام مستقبلاً، «ولعلّني أجد إنتاجاً جيداً لفيلمي «سينما ريفولي» و«الجمعة 7 ونص»، وهما نصّان جيّدان، مع حبكة دراميّة مشوّقة». لكنه يتهم «رأس المال الجبان بعدم الثقة بالفيلم اللبناني». وإذ يعرب عن سعادته بأن الفيلم اللبناني يفوز بالجوائز في المهرجانات العربيّة والعالميّة، يرى أنّ «علينا إيجاد صيغة لتشجيع الجمهور على ارتياد صالات السينما. علينا أن نجد أسلوباً لرمي الطعم لإقناع المنتج بصرف أمواله على الإنتاج اللبناني». ويضيف: «لست ضد الأفلام النخبويّة، لكن علينا دراسة توقيت هذه الأفلام»، موضحاً أنه أخذ في الاعتبار الجمع بين النخبوية والجماهيريّة في فيلميه اللبنانيين. وقبل مدة، كان الماروق يبحث عن أبطال لفيلم «سينما ريفولي»، لأنه كان موعوداً بإنتاج يوفّره المنتج محمد ياسين، لكن الأخير تراجع بسبب الأوضاع الحالية في البلدان العربية، كما تأجل إنتاج فيلم «إشاعة واحدة لا تكفي» من بطولة عمر الشريف، «وأظن أننا بحاجة إلى فترة تأمل، والثورة ستؤثر إيجاباً على الفن المصري».

يبقى أن الماروق ينوي دخول الدراما التلفزيونيّة في إنتاج لبناني. ويدرس خطّة لتقديم سلسلة من الأعمال «رشّحت لكتابتها علي مطر وسامر حجازي اللذين اتفقت معهما مبدئيّاً، وكلوديا مرشليان التي سأتواصل معها قريباً».

الأخبار اللبنانية في

07/04/2011

لا بلد للجميلات

محمد عبد الرحمن

دخل فيلم «365 يوم سعادة» تاريخ السينما المصرية ولن يخرج منها، لا لأنّ الشريط يتمتع بمستوى فني راق، أو لأي سبب آخر متعلق بالتكنيك السينمائي الذي استخدمه سعيد الماروق أو حتى بأداء أبطاله أحمد عز ودنيا سمير غانم. بل لأنّه الفيلم الذي تزامن عرضه الأول مع ثاني أيام ثورة المصريين، وهو العرض الذي ألغي في الساعات الأخيرة بعدما تأكد للشركة المنتجة «أرابيكا موفيز» أنّ ما يحدث في الشارع أكبر من تجاهله. ورغم عودة الحياة تدريجاً إلى دور العرض المصرية خلال شهر آذار (مارس) الماضي، إلا أنّ الفيلم لم يعوّض الجمهور الذي غاب بسبب الثورة، بينما كانت التوقعات التي تزامنت مع خطة الدعاية تروّج بأنّه سيكون فيلم عيد الحبّ هذا العام. لكن المصريين انشغلوا عن «الفالنتاين» بالاحتفال بتنحّي حسني مبارك (خرج من السلطة 11 شباط/ فبراير). وبالتالي، لم يعد هناك متسع من الوقت لقصص أحمد عز مع الجميلات والزواج العرفي.

وما أسهم في ذلك أنّ عز لم يشارك بقوة في الثورة. صحيح أنّه لم يدخل القائمة السوداء للفنانين، إلا أنّ حياده إزاء الثورة لم ينفع على ما يبدو في إقناع الجمهور بالاهتمام بالفيلم، رغم الإمكانات الفنية التي استعان بها الماروق في أول أفلامه داخل مصر. وعلى رغم الحملة الدعائية التي استمرت لفترة طويلة قبل الثورة وعادت بعد هدوء الأوضاع، سيظل حكم المصريين على الفيلم مؤجلاً حتى عرض الشريط تلفزيونياً.

من جهة أخرى، يعود الماروق في الأسابيع المقبلة إلى إخراج ثلاثة كليبات مع الفنانين: وائل كفوري، صابر الرباعي ورامي عيّاش. هكذا، لن يستغني عن المدرسة التي انطلق منها. غير أنه يستاء من الرأي القائل بأنّه نقل روح الأغاني المصوّرة إلى السينما، ومن وصف فيلمه «365 يوم سعادة» بالكليب الطويل. ويرى أن «أصحاب هذا الرأي هم الذين يقلّلون من أهمية الفيديو كليب».

الأخبار اللبنانية في

07/04/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)