حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

كشف المستور الثورة تعيد فتح الملفات الفنية في المحاكم

تحقيق: مايسة أحمد دعاء حسن

توابع الثورة لا تتوقف، كما انها لا تعترف بالحدود التقليدية، لذلك لم تتوقف عند ملفات الفساد السياسي والاقتصادي، بل امتدت الي الساحة الفنية. تلك الساحة التي شهدت خلال السنوات الأخيرة حوادث نجحت في الاحتفاظ بغموضها رغم اغلاق ملفاتها. وكان من أشهر بطلاتها شيريهان، ذكري، سوزان تميم، اضافة الي ليلي غفران التي فوجئت صباح ذات يوم بمصرع ابنتها هبة في ظروف غامضة! !

قبل سنوات تعرضت الفنانة شيريهان لحادث غامض علي الطريق الصحراوي، الحادث كان عنيفا لدرجة أنها ظلت تتلقي علاجا من آثاره لفترة طويلة. وترددت شائعات عديدة كان محورها علاء مبارك ابن الرئيس السابق، ومع مرور السنوات ظل اسم علاء يتردد لكن البعض نسي تفاصيل الحادث، فهناك من اعتقد أن الحادث نتج عن سقوطها من الطابق السابع، لذلك رأت شيريهان انه يجب عليها أن تذكر جمهورها بأن الحادث وقع علي الطريق الصحراوي.

لجأت شيريهان لذلك بعد أن أعادت بعض الصحف والمواقع الالكترونية فتح ملف القضية باعتباره أحد الملفات التي ينبغي أن تفتح من جديد كدليل علي امتداد فساد النظام السابق في كل الاتجاهات. أكدت شيريهان في بيان خرج من مكتبها أن ترويج شائعة ارتباطها بعلاء مبارك في تلك الفترة كذب وافتراء وأضافت أن: »إصلاح مصر الآن أهم بكثير من الحديث في هذه الأشياء«.

ورفض جمال أنور مدير مكتب شريهان كافة عمليات الاستفزاز التي تتعرضه لها شريهان من قبل بعض الصحف والمواقع التي تروج لأكاذيب بعيدة تماما عن الصحة، مؤكدا أن الحادث الذي تعرضت له شريهان لم يكن حادث سقوط من الطابق السابع، ولم يكن له أية علاقة بأسرة الرئيس السابق كما يدعي البعض، وإنما كان حادث سيارة في طريق مصر اسكندرية الصحراوي وهو ما أصابها بإصابات بالغة في عمودها الفقري.

وأرجع جمال أنور عودة تلك الشائعة للظهور الي نزولها الي ميدان التحرير، ووقوفها مع الثوار واعلانها مساندتها إياهم.

وأوضح أن شريهان قامت بذلك نظرا لاحساسها بصفتها مواطنة ببلدها وبمستقبل بناتها في مصر كان هو الهدف الذي نزلت من أجله الي ميدان التحرير، وليس للانتقام من الرئيس السابق و عائلته.

وأوضحت  ليلي غفران » لآخبار النجوم «انها سوف تعيد التحقيق في قضية ابنتها هبة العقاد وانها لن تتهاون هذه المرة في الكشف علي الجاني الحقيقي.

وأضافت أن هناك شكوك تساورها حول مسئولية أحد المسئولين الكبار عن مقتل ابنتها هبة العقاد حيث قالت أن محمود العيساوي هو الذي ارتكب الجريمة بالفعل ولكن بتحريض من أحد المسئولين ورفضت ذكر اسم هذا المسئول الكبير وأضافت: انها كانت تنوي اعادة التحقيق في القضية قبل الثورة ولكن بعد ٥٢ يناير وبعد سقوط العديد من العناصر الفاسدة أصبح من الممكن التوصل للجاني الحقيقي.

وأكدت ان لديها العديد من الخيوط التي يمكن أن تكشف حقيقة الجاني الحقيقي وهناك العديد من التساؤلات التي تحتاج لاجابة عليها.

كما طالبت كل من لديه أي مستندات يمكن أن تساعد في قضية ابنتها ان يقدمها فورا كما أكدت انها سوف تتوصل للجاني الحقيقي مهما كان الثمن.

مجرد شائعات

وفي الوقت الذي ترددت فيه شائعة اعادة فتح ملف القضية من جديد وهو نفس الشيء الذي اكدته ليلي غفران والدة القتيلة استنادا علي ظهور دلائل جديدة قد تكشف الستار عن بعض المفاجأت نجد أن حسن أبوالعينين محامي ليلي غفران يؤكد أنه ليس لديه من التفاؤل مايدفعه لبدء اتخاذ أي اجراءات قانونية جديدة حيث أكد علي أن ما يتردد مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة وأنه قرأ هذه الاخبار من الصحف ولكن لا يعرف مصدرها.

علقت علي حديثه قائلة: ربما يكون سبب اطلاق هذه الاخبار هو انتشار أقاويل حول تورط ابن مسئول كبير في النظام السابق في مقتل هبة ونادين وأن الامر أصبح أسهل الآن بعد ثورة ٥٢ يناير من حيث التحقيق فيه خاصة بعد اقصاء رموز النظام السابق وخروجهم من السلطة.. رد أبوالعينين قائلا: هذا الكلام اثير منذ أكثر من عام عندما نشره أحد الصحفيين وبالفعل وقتها تقدمنا ببلاغ للنيابة ولكن بعد انتهاء التحقيقات ثبت عدم وجود أي دليل مادي علي هذا الكلام.. وبالتالي تم تجاهل الأمر وكذلك الحال الآن فلا يوجد دليل حقيقي بين أيدينا نستند إليه لاعادة فتح القضية من جديد.

دراما مشوقة

أما قضية مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم فمازالت تستحوذ علي الجانب الآخر الأكبر من اهتمام الرأي العام سواء في مصر أو في باقي انحاء الوطن العربي.. ليس فقط للنهاية المأساوية التي أودت بحياتها ذبحا في شقتها التي تملكها في أحد أكبر الابراج السكنية بدبي.. ولكن أيضا لما بها من تفاصيل درامية مشوقة مازالت تحمل في طياتها الكثير من علامات الاستفهام رغم مرور ما يقرب من عامين أو أكثر..بعد أن تمت إدانة محسن السكري ورجل الاعمال الشهير هشام طلعت مصطفي بالقتل والتحريض علي قتلها.

وأثناء نظر القضية حاول هشام طلعت أن يوحي بأنه يتعرض لتصفية حسابات علي خلفية خلافات اقتصادية وسياسية مع رجال أعمال آخرين، ولأن رموز النظام من رجال الأعمال قد سقطوا بعد الثورة فقد طرح السؤال نفسه في هل يلجأ الدفاع الي دعم هذه المقولات؟ سؤال رد عليه الدكتور بهاء الدين أبوشقة محامي هشام طلعت مندهشا: هذه أول مرة اسمع فيها هذا الكلام لانه اذا كان أي شخص لديه مستندات أو دلائل ملموسة علي وقائع معينة فلماذا لم يتقدم بالابلاغ عنها؟ وبالتأكيد نحن كهيئة دفاع تهمنا أدق التفاصيل لكن حينما تكون مبنية علي أسس واقعية وحقيقية وموثقة بالدليل.. ولكن غير ذلك اعتقد أنه مجرد كلام مرسل.

هل فعلا هناك دلائل علي توريط رجال أعمال بارزين لهشام في هذه القضية كنوع من تصفية الحسابات؟ سؤال أجاب عنه أبوشقة باقتضاب: لا أعلم شيئا عن هذه المعلومة.. ولكن بشكل عام القضية الآن منظورة أمام محكمة الجنايات بعد قبول الطعن في حكم الاعدام الذي قدمناه.

في رأيك هل الفترة القادمة سيكون هناك مفاجأت؟ أجاب أبوشقة بحماس: سيكون هناك الكثير من المفاجآت سواء في قضية هشام طلعت أو في أي قضايا أخري.

مفاجأت لها علاقة بالقضية أم انها لصالح موقف هشام طلعت.. سؤال آخر رد عليه قائلا: ما نشهده الآن من اتهامات ومستندات تكشف الكثيرين من رجال السياسة والاعمال وتقدمهم للمحاكمات بالتأكيد ستفجر أسرارا جديدة غير متوقعة علي الاطلاق.

وما توقعاتك؟ سؤال أجاب عنه أبوشقة سريعا: لا استطيع أن اتوقع شيئا محددا.. لانه لابد أولا أن يكون هناك معطيات واقعية تترتب عليها النتائج بعدذلك.. وهو شيء غير متاح أمامي حاليا.. خاصة انه لم يتحدد موعد بعد لأي جلسات جديدة للمحاكمة.

أما بالنسبة للطرف الثاني في القضية وهو محسن السكري ممثلا فاكتفي محاميه عاطف المناوي بقوله: تقدمنا بطعن في الحكم الصادر بالاعدام ولكن حتي هذه اللحظة لم يتم البت فيه وبالتالي لا استطيع الخوض في أية تفاصيل.. فكل ما يهم الآن هو قبول الطعن لتبدأ اعادة المحاكمة ووقتها استطيع التحدث والتعليق علي جميع النقاط المطروحة للنقاش.

ذكري للأبد

رغم مرور تسع سنوات علي قضية مقتل الفنانة التونسية ذكري وحفظها نظرا لانتحار زوجها رجل الاعمال أيمن السويدي الذي قام أولا بقتلها هي ومدير أعمالها بطلقات نارية ثم اطلق رصاصة في فمه وضعت كلمة النهاية علي تلك الجريمة المروعة.

اعادة فتح القضية هذه المرة لم تكن رغبة لأسرة أحد من الضحايا أو حتي مرتكب الجريمة وانما جاءت كدعوة عبر الصفحة الخاصة بالفنانه الراحلة علي الفيس بوك والتي انشأها محبوها ومعجبوها لتظل خالدة في قلوبهم.. فمع سقوط النظام الحاكم عبر العديد منهم عن رغبتهم في فتح القضية من جديد.. فبالنسبة لهم كانت أقوال الشهود وهما الخادمتان تحمل في طياتها علامات استفهام نظرا لتأكيدهم أن رجل الاعمال عاد يوم الحادث مخمورا.. رغم أن الطبيب الشرعي اثبت انه مصاب بقرحة في المعدة مما يستحيل معه تناوله لأي خمور.. ولكن الامر لم يتعد كونه تعبير عن الآراء وتخمينات لا تحمل أي دليل حتي انها لم تثر فضول أقارب أي من الضحايا.. ولذلك انتهي الامر لكونه كلام مرسل تعبيرا عن افتقاد المعجبين لنجمتهم الراحلة ورغبتهم في البحث عن أي جديد يعيد اليها حقها الذي قد ضاع.

أخبار النجوم المصرية في

10/03/2011

 

ملوك الشوارع ! مصربين فتوات نجيب محفوظ وبلطجية ٢٠١١

مصطفي بيومي 

لكل ثورة آثارها الجانبية، فالتغيير الجذري الذي يطول المجتمع لا يمكن أن يمر بسلام كامل. لا يخلو الأمر من ضيق اقتصادي، وقدر من الاسراف والتطرف في تعميم الأحكام، ولا تنجو الحالة الأمنية من اضطراب وخلل.

تتخذ مصر بعد الخامس والعشرين من يناير ١١٠٢ مسارا جديدا، فيه من الايجابيات ما يبعث الأمل في ميلاد مستقبل أجمل وأفضل، تسود فيه قيم الديمقراطية ودولة المؤسسات المدنية والمساواة والعدالة الاجتماعية وحرية الفكر والتعبير. مرحلة الانتقال التي نعيشها الآن ليست بالاستثناء غير المسبوق، ولعل الظاهرة الأبرز فيها هو ذلك الانفلات الأمني الذي ينعكس سلبا علي ايقاع الحياة اليومية التي نعيشها، تزدهر تجارة المخدرات، وتتحول الأسلحة الي سلعة تباع بشكل علني، وتزداد عمليات السلب والنهب والتحرش،  وتتراجع سلطة وسطوة القانون، وينفتح المجال واسعا أمام عودة بعض الظواهر التي كنا نقرأ عنها في كتب التاريخ، وكان اليقين  أنها قد انتهت، فإذا بها تطل من جديد.

صحيح أن المجتمع المصري قد عاني من أعمال البلطجة والعنف في العقود السابقة، لكن مثل هذا السلوك العدواني يقترن بأماكن معينة، ولا يصل الي مرحلة الهيمنة والانتشار الآن، ومع غياب الشرطة في الشارع، يتراجع الأمن، ويفتقد الناس شعور الأمان، نقرأ كل ساعة عن عملية سطو هنا، وابتزاز مسلح هناك. سيارات يجبر قادتها علي دفع الاتاوات، ومدارس تتعرض لغزو البلطجية الذين يسلبون التلميذات حليهن الذهبية!

العملاق نجيب محفوظ، الذي تحتفل مصر بمئوية ميلاده، ليس غائبا عن المشهد ولا يمكن أن يغيب، ففي أدبه الفريد سجل حافل بكل ما يمكن أن تنتجه الحياة المصرية، وليس مثل رواياته وقصصه في تجسيد ظاهرة البلطجة التي نعانيها.

الأصل في الفتوة أن يكون حاميا لبسطاء الناس ومدافعا عن مصالحهم، لكن الانحراف يطول المفهوم الايجابي، الذي نجده في نموذجي عاشور الناجي وابنه شمس الدين في ملحمة »الحرافيش«، ويسود البلطجي الذي يمارس الارهاب والقهر والقمع والترويع.

تحظي ظاهرة الفتونة باهتمام كبير في عالم نجيب محفوظ، وللفتوات دورهم الخطير المؤثر في روايات »أولاد حارتنا« و»حكايات حارتنا« و»الحرافيش«، فضلا عن عديد من القصص القصيرة في مجموعات قصصية مختلفة. للظاهرة أبعادها المتشعبة المتشابكة، اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا ورمزيا، وما ننشغل به هنا هو طبيعة العلاقة مع الشرطة، ذلك أن هذه العلاقة تفسر الكثير مما يحدث في مصر الآن!

الشرطة والسلطة

الشرطة مؤسسة وطنية، مهمتها الأسمي أن تحمي الشعب وتدافع عن أمانه واستقراره، لكن التشويه الذي طال ظاهرة الفتونة لم تنج منه الشرطة، فقد ضربها الانحراف والفساد، وتحولت بدورها الي جهاز يقوم بدور سلبي ضد العاديين والعزل من أبناء الشعب، ثم يختفي عند الاحتياج اليه، ويترك الساحة للبلطجية وقطاع الطرق. الشرفاء الملتزمون هم الأغلبية في جهاز الأمن، لكن الأقلية الفاسدة هي الأكثر خطورة وتأثيرا. الإدانة المطلقة لرجال الشرطة ليست فعلا عاقلا رشيدا، والمهم أن نتعلم من الأخطاء ولا نكررها.

أحمد قدري من أهم ضباط الشرطة في أدب نجيب محفوظ، وشخصية بارزة في »المرايا«. ذاع صيته في سنوات الحرب العالمية الثانية وما بعدها، ويقترن ذلك بالانضمام الي جهاز البوليس السياسي، حيث تتناثر الحكايات عن الفظائع التي يرتكبها: »يمثل بالشبان من ذوي العقائد الحرة فيجلدهم ويطفيء السجائر المشتعلة في جفونهم ويخلع بآلات العذاب أظافرهم!«.

قد لا تخلو الاتهامات والأقاويل من مبالغة وتطرف، لكن السمعة السيئة تعرض الضابط الكريه الي محاولة اغتيال يفلت منها بأعجوبة، ولا تأتي النهاية المهنية المهينة مع ثورة ٣٢ يوليو: »قدم الي التحقيق فا كتفي بإحالته الي المعاش«.

علي الرغم من صلة القرابة والصداقة القديمة، فإن العلاقة بين الراوي وأحمد قدري لا تتجدد إلا بعد هزيمة ٧٦٩١، فالأزمة الصحية التي تصيب الضابط المتقاعد وينتقل بسببها الي المستشفي، تبعث ببعض الحيوية، وتنتج حوارا مهما يكشف عن فلسفة كامنة، تعبر عن رؤية أحمد قدري لطبيعة العمل الذي يقوم به.

يقول أحمد، كأنه يقرر حقيقة راسخة لا تحتمل المناقشة ولا تستدعي الخلاف والجدل: »يحدث أحيانا أن تصطدم سيارة أحد المارة فتردية قتيلا«، ويواصل: »من الخطأ أن نحمل السيارة تبعة ما حدث، التبعة تقع علي السائق أو الطريق أو المصنع أو الضحية نفسها، أما السيارة فلا ذنب لها«.

ما يهدف اليه أحمد قدري هو التأكيد علي أن ضابط  الشرطة ليس إلا أداة في يد السلطة الحاكمة، وتبعة الأخطاء تقع علي عاتق من يرسمون السياسة ويصنعون القرار ويصدرون الأوامر!.

هل تلام السيارة عند وقوع حادث التصادم؟!. انها آلة صماء بلا إرادة، وكذلك الحال بالنسبة لضابط البوليس السياسي.

وفي سبيل البرهنة علي مصداقية وموضوعية رؤيته، فإنه يستشهد بالحكم الوفدي الشعبي ذي التوجه الديمقراطي: »لم لم نعذب أحدا في عهود الوفد؟. المسألة أنه يوجد نوعان من الحكومة، حكومة يجيء بها الشعب فهي تعطي الفرد حقه من الاحترام الانساني ولو علي حساب الدولة، وحكومة تجيء بها الدولة فهي تعطي الدولة حقها من التقديس ولو علي حساب الفرد«.

الأمر مردود الي طبيعة السلطة، وضابط البوليس السياسي ينفذ السياسة الموضوعة ولا يخترعها.

الفكرة المهمة التي يشير اليها نجيب محفوظ لا تقتصر علي مرحلة معينة، فالمبدأ راسخ لا يتغير أو يتبدل. النظام السياسي هو الذي يصنع شخصية وسلوك الجهاز الأمني، وكل اصلاح جوهري ينعكس بالضرورة علي العلاقة بين الشعب والشرطة.

الأمل قائم إذن في صياغة علاقة جديدة صحية وصحيحة، تتحول فيها الشرطة الي خدمة الشعب، وتقوم برسالتها المهنية علي أكمل وجه. تحظي بالاحترام والتقدير، ويتعرض كل فاسد منحرف من أعضائها الي الحساب والعقاب.

ينبغي أن تكون الشرطة أداة فعالة لمقاومة البلطجة والاجرام والاعتداء علي القانون، لكن الخلل العام يجعل من العلاقة بين الضدين، رجل الأمن والمجرمين، أقرب الي التكامل والتعاون والتنسيق!.

ما القانون الذي يحكم العلاقة بين رجال الشرطة غير الأسوياء والفتوات الطغاة كما يراه نجيب محفوظ؟!.

قانون خاص

من الملامح المميزة لعالم الفتونة، ومن تقاليد الفتوات الراسخة المتوارثة، أنهم يتجنبون التعامل الرسمي مع الجهاز الأمني، وينفرون من فكرة الاستعانة به في صراعاتهم الداخلية.

الخوف ليس واردا،  لكنه الحرص علي تحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقلالية، والتشبث بفرض قوانينهم وأعرافهم الخاصة. وفي قصة »العالم الآخر«، مجموعة »شهر العسل«، رفض صارم لمواجهة الفتوة الشرس باللجوء الي الشرطة، والقائم بالرفض محسوب علي عالم الفتونة، ومدرك للقوانين الداخلية الحاكمة:

- يمكن أن تتسلل بطريقة ما الي الشرطة!

- أفقد كرامتي مرتين!

- لا أفهمك.

- هي تقاليد عملي.

استعانة الفتوة الصغير الناشيء بالشرطة خرق صريح لأهم الأعراف السائدة، ودليل علي تهافته وضعفه، وإيذان باحتقاره وخروجه من دائرة الجديرين بالاحترام. المسألة ليست في الخوف من الشرطة، ذلك أن الفتوات قادرون علي ارهاب رجال الشرطة أنفسهم، والفتوة العجوز المتقاعد عشماوي، في »الحب تحت المطر«، يستعيد في ثورة غضب بعض ذكريات المجد القديم:

- »أنا عشماوي الخشن، صاحب القبضة الحديدية والنبوت المخضب بالدماء، أنا من يرتجف عند ذكر اسمي الرجال وتتواري النساء ويستعيذ بالله منه رجال الشرطة«.

أما هاشم زايد، في الحكاية رقم »٢٢« من »حكايات حارتنا«، فيمتلك مقومات الفتونة بعد أن ولي زمانها، والعلاقة مع الشرطة من أهم هذه المقومات: »وهو يزعج القسم كما يزعج الحارة«.

الفتوة، في مرحلة ازدهار الظاهرة وهيمنتها، كان بمثابة الحاكم الحقيقي في الأحياء الشعبية، ولم تكن الشرطة قادرة علي تجاوز حدود معينة في التعامل معه. وفي »شهد الملكة«، الحكاية السادسة من حكايات ملحمة »الحرافيش«، ما ينم عن طبيعة العلاقة المعقدة.

لا يتورع الفتوة نوح الغراب عن مطالبة التاجر الثري محمد أنور بتطليق زوجته، ويأتي رد محمد عاصفا وخارقا للسائد المألوف من التقاليد: »جن محمد أنور تماما، أقدم علي ما لم يقدم عليه أحد من قبل في الحارة«.

الفعل المجنون اليائس هو ابلاغ الشرطة وطلب حمايتها. الحوار بين شيخ الحارة والفتوة يقدم شهادة مهمة عن طبيعة العلاقة المتكافئة:

- »حضرة فؤاد عبدالتواب مأمور القسم يطلب مقابلتك.

 عجب الفتوة وتساءل مقطبا:

- لماذا؟

- لا علم لي يا معلم وما علي الرسول الا البلاغ.

- فتساءل بتحد:

- واذا رفضت؟

- فقال شيخ الحارة بملاينه:

- لعله يريدك لتقديم خدمة للأمن العام يا معلم ولا موجب للتحدي بلا ضرورة فهز الفتوة منكبيه استهانة وصمت«.

المأمور يطلب المقابلة من خلال وسيط!، والفتوة يتحدي ويستهين، وشيخ الحارة يشير الي ما يؤديه الفتوات من خدمات للأمن، ويسعي بالملاينة الي تجنب الصدام والصراع!.

كيف يكتسب الخارجون علي القانون كل هذه القوة والغطرسة، بحيث يتحولون الي أنداد لرجال الشرطة؟!. اللوحة التي يقدمها نجيب محفوظ ليست مفرطة في الخيال، وما شهدته مصر خلال أحداث الثورة يبرهن علي أن »القانون الخاص« الذي يقدمه  الكاتب الكبير قد تمت الاستعانة به، فالذي حدث في واقعة الجمل بميدان التحرير تعبير عن تحالف مريب مشين بين حاميها وحراميها!.

تحول اللصوص والبلطجية وأصحاب السجل الاجرامي الي ذراع أمنية غير تقليدية، فها هم يقتحمون صفوف المتظاهرين المسالمين، ويخوضون معركة  همجية ظن المحرضون عليها أنها ستفلح في اسدال الستار وانهاء الاحتجاج.

المأمور الذي يقدمه نجيب محفوظ يتودد الي الفتوة نوح الغراب، وها هو الأمر يتكرر من جديد، وفي  اطار يفوق الخيال. ولعل الذين تابعوا ما حدث في المقطم، عندما تقاتل ناهبو المحلات التجارية حول اقتسام الغنائم، يدركون بجلاء أن غياب الأمن يعني سيادة قانون الغاب، ويوقنون  - في الوقت نفسه - أن جوهر الأمن لا يمكن أن يكون شكليا، فالطموح الي أمن رادع يعي رسالته، ويعرف أين يقف ومع من وضد من.

لقد نشرت الصحف أخبارا محزنة عن اقتحام المدارس وفرض الاتاوات بشكل علني، فهل يخلو عالم نجيب محفوظ من مشاهد مشابهة؟!.

الاجابة بالنفي، فالكاتب الفذ يقدم صورة مماثلة عن غياب الأمن في المدارس، وعن فرض الاتاوات عبر احياء الأفراح بالقوة للحصول علي أجر غير مستحق!.

الاعتراف بالعجز

لم تكن الشرطة وحدها قادرة علي بث الطمأنينة وتحقيق الأمان والوصول الي التوازن الاجتماعي المنشود، وقرب نهاية العقد الثاني من القرن العشرين، كان السيد أحمد عبدالجواد، في »بين القصرين«، حريصا علي الالتزام بالأعراف السائدة، ومدركا لضرورة تجنب الشرطة وإبعادها عن الصراع المحتمل مع الفتوات. لم يكن كمال عبدالجواد طفلا كثير العراك مع أقرانه: »لكن سوء الحظ وحده هو الذي قضي بأن يكون أحد غريميه في المعركتين الوحيدتين اللتين خاضهما من أسرة فتوات معروفة بالدراسة«.

ضابط المدرسة لا يملك حماية الطفل من تحرش الفتوات، والشرطي الذي يستعين به يحقق أمانا مؤقتا، ولا سبيل أمام أحمد عبدالجواد إلاأن يعالج الأمر بالحكمة والكياسة: »ولجأ السيد الي بعض معارفه من تجار الدراسة فمضوا به الي بيت الفتوات مستشفعين له، وهنالك استعان السيد بما عرف عنه من سماحة نفس ورقة شمائل حتي آلان عريكتهم فأصدروا عن الغلام عفوهم بل وتعهدوا بحمايته كأحد أبنائهم، ولم ينته اليوم حتي بعث السيد بمن يحمل اليهم نفحة من هداياه«.

ما الذي يدفع السيد أحمد عبدالجواد الي مثل هذا التصرف الحكيم؟ كان في مستطاعه أن يلجأ الي الشرطة، لكنه يعرف أن الأمن الحقيقي لابنه لن يتحقق بمعزل عن الفتوات أنفسهم. الحصول علي ثقتهم ونيل عفوهم هو الضمان الحقيقي لحماية كمال من الاعتداء والتحرش، أما رجال الشرطة فلا يملكون إلا اتخاذ اجراءات شكلية غير مجدية!. أحمد عبدالجواد ليس غرا، ويعرف أن الأمان الذي تمنحه الشرطة لن يفيد، والعلاج العملي هو تسوية الأمور من خلال الفتوات أنفسهم. ولعل حسن كامل، في »بداية ونهاية«، هو من يقدم شرحا وافيا مستفيضا لحكمة التصرف الذي قام به السيد أحمد، ففي تهديده الضمني للبقال جابر سليمان، مايؤكد عجز الشرطة عن مواجهة عنف الفتوات، يريد حسن أن يفرض نفسه مطربا بالقوة، وللغناء فوائد شتي: »وأهم هذه الفوائد في نظري أن شخصا مهما
بلغ
من القوة والشر لن تحدثه نفسه بالاعتداء علي الحفلة كما يحدث كثيرا«.

التهديد صريح مباشر، ويأبي حسن إلا أن يزيد الصورة وضوحا: »يوجد كثيرون لاهم لهم إلا الشر والاعتداء، وهم يتصيدون الأفراح عادة للنهب والاعتداء«.

وإذ يرد البقال العجوز كأنه يبحث عن طوق للنجاة من الحصار الخانق: »كان هذا في الزمن الغابر، أما الآن فلعلهم يخافون الشرطة«، يبادر حسن بالاجابة التي تحمل مزيدا من الوعيد: »إنهم لايحسبون للشرطة حسابا، وينتهون من عدوانهم عادة قبل حضور الشرطة، وما أيسر عملهم الذي يتوجه باديء الأمر إلي تحطيم المصابيح، فإذا انقلب الفرح ظلاما وركب الخوف النفوس أتم المدعوون عملهم وهم يتخبطون في الظلام لايدرون أين تقع أرجلهم، فتنهار الزينات وتنقلب المقاعد ويندلق الطعام وتسرق الملابس ويصاب أهل العروسين بجروح خطيرة، وإذا انجابت موجة الشر يجد القوم أنفسهم أشد حاجة إلي رجال الإسعاف منهم إلي رجال الشرطة، وأين الفاعل؟ مجهول، واذا أرشد إليه أحد عرض نفسه لخطر أكبر يحول القضية من محكمة الجنح إلي محكمة الجنايات، واعطني عقلك، ما جدوي العقاب علي فرض نزوله بالجاني بعد ضياع الأنفس والأموال«

ما يقوله حسن بمثابة الصورة النمطية الكلاسيكية لسطوة الفتوات وجبروتهم في مواجهة عجز الشرطة وقصور أدائها الذي يتسم بالبطء والخضوع لقيود الروتين، من الناحية النظرية، فإن الشرطة قادرة علي النجدة والحضور إلي مسرح الأحداث والتدخل لحماية المواطنين، ومن الناحية العملية، فإنها لاتأتي أبدا في الوقت المناسب، ومجيئها المتأخر يعني حلول الكارثة. أي جدوي إذن من الاستعانة بها؟!. ما الذي يفيد المعتدي عليهم إذا عوقب المعتدون بعد أن يلحق بهم الكثير من الأذي؟. وما الذي يضمن ألا يتكرر الاعتداء وتتصاعد خطورته؟!

يرضخ البقال جابر سليمان للتفكير العاقل ويتعاقد مع المطرب - الفتوة لإحياء الفرح وحمايته، ومن قبله كان السيد أحمد عبدالجواد واعيا بخطورة ما قد يتعرض له كمال الصغير من أذي الفتوات، فلم يفكر في اللجوء إلي الشرطة وطلب حمايتها.

قد لايكون حسن كامل فتوة تقليديا، ففي الثلاثينات من القرن العشرين متغيرات عديدة تحول دون ذلك، لكنه يقدم بتهديده المقنع المنظم نموذجا يحتذي لأفكار الفتوات ومبادئهم، ولايتورع عن العمل حاميا في القهوة التي يفتحها أستاذه علي صبري.

العرض المقدم يتضمن اختبارا علي المباديء التي يؤمن بها حسن أو لا يؤمن: »أكره الناس إلي ما يقول: أخلاقي لاتسمح لي بكيت وكيت، أو من يقول: اتق الله، أو من يتساءل في خوف: والبوليس؟!، فهل أنت أحد هؤلاء؟

ولاشك أن حسن يقدم اجابة نموذجية تضمن له النجاح: »إني أعيش في هذه الدنيا علي افتراض أنه لايوجد بها أخلاق ولارب ولا بوليس«!

هكذا يكون الفتوات، وبهذا النمط من التفكير يفرضون نفوذهم وهيمنتهم، ولايبالون بالشرطة والقانون الذي تسعي إلي تنفيذه وفرضه: لا أخلاق ولارب ولابوليس«.

الصدام والصراع

الاحتكام إلي القانون لايكفي، فقد سكن الخوف في أعماق القلوب جميعا، وأعمي الناس عن حقوقهم وواجباتهم، لن يشهد أحد ضد الفتوة الجبار، والسياسة البديلة هي »فتونة السلطة« لقهر الفتونة الشعبية التلقيدية، إهدار للآدمية، واعتداء وحشي، وإذلال متعمد لتحطيم الصورة الشامخة، والنتيجة الإيجابية هي تحفيز العاديين من الناس للتحرر من الأغلال واكتساب القدرة علي الشكوي، قد يكون الإطار الشكلي لفعل الشرطة بعيدا عن القانون، لكن الممارسة العنيفة هي البديل الوحيد المتاح: الانتصار للقانون والشرعية بمخالفة القانون والشرعية.

إرهاب الدولة رد فعل لإرهاب الفتوات، والمأزق الخطير أنه ارهاب قد يقود إلي الخير وقد يفضي إلي الشر، أي ضمان بأن يكون الارهاب مؤقتا؟ وما الذي يمنع أن يمتد القهر من الفتوات وأعوانهم إلي العاديين من أبناء الشعب؟!

الصراع الذي تقدمه قصة »فتوة العطوف«، في ايجاز مكثف، هو الموضوع الرئيسي لقصة »الخوف«، مجموعة »دنيا الله«، التي تدور أحداثها في اوائل القرن العشرين، حيث هيمنة الفتوات وصراعاتهم التي لاتتوقف ولاتنتهي، تقع عطفة »فرغانة« بين حارتي »دعبس« و»الحلوجي«، ويدفع سكانها ثمنا باهظا لحروب الحارتين، السلام المؤقت يسود العطفة بعد الوصول إلي اتفاق يجنبها ويلات المعارك، لكن نعيمة الجميلة، ابنة الليثي بياع الكبدة، تضع نهاية للسلام الهش.

يخطبها الحملي بياع البطاطة، وتفسخ الخطوبة لحساب الأعور فتوة دعبس، قبل ان يطلبها جعران فتوة الحلوجي!

يضطر الأب إلي قراءة الفاتحة مع الفتوتين، ويترقب الجميع معركة دامية طاحنة، ومع ترقبهم المتوتر تولد في العطفة »نقطة الفرغانة«، إحدي المحاولات التي تبذلها الحكومة لتحقيق الأمن والسيطرة علي حكم الفتوات وتحكمهم.

هل تنجح الشرطة في القضاء علي شرور الفتونة والفتوات؟ التاريخ القريب لايوحي بالأمل، والأهالي يؤمنون أن الفتونة أقوي من الحكومة وجهازها الأمني: »ولم ينس أحد كيف أن مأمور قسم الظاهر استعان يوما بجعران فتوة الحلوجي علي تاجر مخدرات يوناني متمتع بالحماية الفرنسية عندما علم المأمور بأن اليوناني يهدده بالقتل، كيف يتأتي بعد ذلك لهذه النقطة البوليسية الصغيرة أن تقضي علي الفتونة؟!

البطولة تنعقد لضابط شاب في الخامسة والعشرين، رشيق القوام غليظ القسمات، يقدم نفسه في بساطة تنم عن طبيعته العملية الشعبية البعيدة عن طقوس السلطة:

- محسوبكم عثمان الجلاني.. لاتخافوا.. الحكومة معكم..

فتوددوا إليه بابتسامة بلهاء ولم ينبس أحد بكلمة فعاد يقول وهو يتناول خرطوم النارجلية:

- عيب أن يعيش الرجال كالنسوان.. لاتمكنوا أحدا منكم..

ولما لم يجد بادرة تشجيع واحدة قال بشيء من الحدة دل علي نفاذ صبره:

- ومن يتستر علي مجرم سأعامله كمجرم«.

ضابط شاب متحمس، وجمهور خائف متمرد لايثق في الحكومة ولا يؤمن بقدرتها علي مواجهة بطش الفتوات. جولة عثمان الاستعراضية ترمي إلي إظهار الهيبة، ويأتي الرد عمليا حاسما من الأعور وجعران في صورة عراك عنيف بينهما، تصل الرسالة إلي الضابط فيستوعبها، ويقدم ردا غرائبيا غير مألوف: »وفي صباح اليوم التالي ظهر الضابط في الحارة مرتديا جلبابا كسائر أهل العطفة!، لم يصدق الناس أعينهم أول الأمر ولكن هويته تأكدت بصوته المعروف حين ارتفع قائلا: »من كان يخشي البدلة فقد خلعتها والآن فليأت إلي الفتوات ان كانوا حقا رجالا!

بهذه المقولة النظرية، وما يترتب عليها من سلوك عملي، ينتقل عثمان الجلالي من الإطار المؤسسي الشرعي إلي ساحةالعمل الفردي، فهو لايمثل حكومة، ولاينتسب إلي سلطة، بقدر ما يجسد حالة اجتهادية قد تفيد الحكومة والسلطة والشعب، لكنها تعبر عن مزاج ديكتاتوري متسلط زي دوافع ذاتية.

هل يمكن القضاء علي الفتوات بظهور فتوة أكبر، يحسب نفسه علي السلطة ولايلتزم بقوانينها؟!. هل يشعر المواطن العادي بالأمان والاستقرار اذا جلس ضابط علي عرض الفتونة؟!

يخوض عثمان معركة حاسمة ضد جعران، ويحقق انتصارا حاسما وتتوالي حروبه الشرسة مع كبار الفتوات وصغارهم: »ولم تمض أشهر قلائل حتي رحل التفوات عن دعبس والحلوجي فلم يبق إلا الشيوخ والنساء والصغار أو من غض الطرف وتبرأ من الفتونة. وشعر الضعفاء بأنهم يولدون من جديد، ورمقوا الضابط بعين الإكبار والمحبة.

هل يتحقق حلم الميلاد الجديد؟!

هل يمثل انتصار عثمان الفردي نهاية مرحلة كابوسية أم أنه بداية لمرحلة أكثر قسوة؟!

تحلو نعيمة الجميلة في عينيه، ويتهامس الناس بما بينهما، ويقول أحد الشباب ما يعبر به عن المناخ الجديد: »هو أقوي من جعران والأعور معا وياويل من يقول بم!

لا أحد يقوي علي المعارضة، و»شرف« الحارة كلها مهدد، بل إن جمال نعيمة ينذوي ويتبخر مثلما يتلاشي حماس عثمان وتبوخ ثورته.

الحل الفردي لايصلح، والضابط الكفء جزء من مؤسسة، ولاينبغي له أن يكون مؤسسة مستقلة، تأتي النهاية لتكشف عن فشل الإصلاح الذي يعتمد منهج الانقلاب بالقوة والعنف: »وفي لحظات الصمت ترتفع قرقرة النارجلية في العطفة الخابية الضوء كسلسلة من الضحكات الساخرة«.

المسألة ليست في الفتوة - الفرد، لكنها في الفتونة - الظاهرة، والعاديون من الناس لن يفيدو اشيئا، إذا استبدلوا ديكتاتورا شريرا بديكتاتور شرير، فالقمع هو المشترك مع تغير الأسماء والصفات. هل يشعر الناس بالأمان إذا تحولت الشرطة نفسها للقيام بوظائف ومهام الفتوة التقليدي البائد؟!

الفتوة الحقيقي يحمي الناس، وكذلك الأمر بالنسبة لضابط الشرطة، لكن »البلطجة« هي السلوك الذي يمارسه الفتوات والضباط عندما ينسون مهامهم الحقيقية، وتعلو مصالحهم الشخصية ويسود القهر والتسلط.

دولة المؤسسات لاتتسع للفتونة، والبطولة فيها لجهاز أمن محترف محترم ملتزم، يقوم بواجباته تحت مظلة القانون وحقوق الانسان. ينشر الأمن، ويحافظ علي الاستقرار، ويقدم الخدمات التي تدخل في نطاق تخصصه.

لقد استطاعت ثورة الشباب في ٥٢ يناير أن تهييء لصناعة مناخ جديد، لكن الآثار الجانبية تتمثل في شيوع الفوضي المدمرة، الاحتياج عظيم لاستعادة إيقاع الحياة المألوفة، وفق أسس مغايرة لما كان سائدا، بحيث تدور عجلة العمل والانتاج، وتبدأ مصر في مراودة المستقبل الذي يحلم به المصريون.

يطل علينا نجيب محفوظ من عليائه، راضيا سعيدا، لايخفي قلقه وتفاؤله معا.

أخبار النجوم المصرية في

10/03/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)