حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

محذرا من الوقوع في فخ الطائفية واصفا إياها بمخرج الحكومات

خالد الصاوي : أدهشني ثبات شباب البحرين وابداعاتهم في دوار اللؤلؤة

الوسط – منصورة عبدالأمير

«إلى كل فناني مصر،

إلى كل فنان مش عاجبه حال البلد،

لكل فنان متضامن مع مطالب الشعب للتغيير،

لكل فنان بيطالب للإفراج عن المعتقلين

انضموا في الوقفة السلمية أمام نادي نقابة المهن التمثيلية في البحر الأعظم الساعة الثامنة مساء، اليوم الخميس السابع والعشرين من يناير/كانون الثاني».

كان ذلك هو «البوست» الأول الذي وضعه الفنان خالد الصاوي على صفحته على موقع الفيسبوك، ولعله الأخير «على صفحته» حتى هذا اليوم، لكنه بكل تأكيد ليس آخر موقف نبيل يقفه الصاوي من أي قضية عادلة. بطريقة أو بأخرى لا يزال الصاوي في وسط الميدان، يهتف من أجل العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة، منذ 27 يناير حتى اليوم.

وبعدها

«جميع داعمي الثورة المصرية يتضامنون معكم ويدعمون قضيتكم، إنكم تقدمون صورة مختلفة لمنطقة الخليج. اصمدوا وقاتلوا من أجل نيل الديمقراطية، حاربوا الطائفية، وليوفقكم الله» خالد الصاوي.

تلك كانت الرسالة النصية التي بعث بها خالد الصاوي لأهل البحرين، أنقلها إلى العربية فقط!

منذ اللقاء الأول سوف تجد الصاوي مختلفاً، سوف يقدم لك منذ أول عبارة ينطقها صورة مشرفة متميزة للفنان المصري. يرجع هو الأسباب لخلفيته المسرحية، لكن أحداث بلاده والثورة التي انطلقت نهايات يناير/ كانون الثاني الماضي أثبتت بما لا مجال للشك فيه أن سر اختلافه يعود لكم الإنسانية التي يحمل، للروح الوثابة اللامهادنة التي تسكنه والتي جعلته ينطلق صارخا بأعلى صوته وسط جموع الشباب من أبناء بلاده محمولا على الأكتاف رافعا شعارات الثورة. شاهدنا صوره جميعا في وسط ميدان التحرير، قاد تظاهرات الفنانين، بعد أن دعا إليها عبر موقعه ومن خلال السطور أعلاه. مواقفه المشرفة من ثورة مصر جعلته على رأس قائمة فناني مصر الشرفاء.

الآن يكاد الصاوي أن ينتهي من تصوير آخر أفلامه «الفاجومي» الذي صور معظم مشاهده قبل ثورة 25 يناير ثم جاءت الثورة وأوقفت تصويره. الطريف في الأمر أن الصاوي يقدم في الفيلم شخصية الشاعر أحمد فؤاد نجم ذي المواقف الوطنية النبيلة التي تشبه إلى حد كبير مواقف الصاوي من ثورة بلاده. يشير خالد إلى أنه قد يعرض في شهر مايو/ آيار المقبل.

فضاءات «الوسط»، حاورت الصاوي حول دوره في الثورة... موقفه من التغيير وتصوره لشكل الفن القادم.

·         كنت في الميدان منذ البدايات، انضممت لصفوف الشعب وأبيت إلا أن تكون في وسطهم، شاهدناك وأنت تقود تظاهرات الفنانين بعد أن دعوتهم للانضمام إليك، وتابعنا جميعنا مواقفك المشرفة تجاه قضايا أبناء بلادك العادلة. حدثنا أكثر عما حدث في مصر حينها؟

- بدأ الموضوع يوم 25 يناير لكن قبل ذلك كانت هناك دعوة على الانترنت حددت هذا اليوم كيوم غضب وفي نفس الوقت كانت هناك دعوات أخرى أيضا عبر الفيسبوك لقيام ثورة في مصر في هذا اليوم. كثيرون لم يأخذوا الأمر بجدية، واعتقدوا أنها ستكون احتجاجات فقط، ووجدوا كلمة ثورة صعبة التحقيق. كنت أنا من بين أولئك الذين وجدوا كلمة ثورة كبيرة على الموقف، في رأيي الشباب دعوا إلى احتجاجات لكني لم أتصور أنها ستكون بهذا الحجم. في اليوم الأول لم أكن موجوداً، لكني كنت مؤيدا للاحتجاجات بشكل رمزي، ومسانداً لما قد يحصل من احتجاجات وللتنوع فيها كأن يكون هناك إضراب عن العمل أو ما شابه.

لكن بعد انفجار الأحداث في اليوم الثاني حين حدث إطلاق النار وسقط الضحايا، بدأت في جمع الفنانين لكي نأخذ موقفاً مما يحصل ونحسم موقفنا تجاه الأمر فبعثت رسالة لجميع الفنانين ورد فيها أن هناك أحداثاً كبيرة تحصل في مصر وهناك إطلاق رصاص وأشخاص يموتون دفاعا عن مطالب عادلة وسلمية. ونحن كفنانين شاهدنا الناس على الشاشة في مواقف قومية ووطنية فيجب أن يكون لنا مواقف مما يحدث. بالفعل استجاب مجموعة كبيرة من الفنانين من عدة مهن وقمنا بتنظيم وقفة احتجاجية يوم 27 يناير/ كانون الثاني في النقابة ثم أصدرنا بياناً يفيد بأن الفنانين يقفون مع الشعب. في اليوم التالي كانت جمعة الغضب فنزلنا إلى الشوارع مع الناس. في الحقيقة أنا لم أنزل إلى الشارع في يوم 25، نزلت في يومي 27 و 28 ولكن بعض زملائي الفنانين كانوا موجودين من يوم 25. واتضح حينها من يقف مع الشعب من الفنانين ومن يقف مع السلطة ومن يقف مع نفسه، وهم في ذلك مثلهم مثل كل المواطنين.

·         هل صحيح أن رفض لجنة دعم الأفلام لدعم 76 مشروعاً سينمائياً تقدمت للحصول على الدعم كان شرارة البداية والسبب وراء حماس بعض الفنانين للانضمام لحركة الشعب؟

- لا ليس هذا ما أثار الفنانين إطلاقا، قد تكون هناك مطالب فئوية وهي مطالب عادلة أيضا ولكن يمكن اعتبارها مطالب فرعية من المطالب الأساسية التي كانت مرفوعة من قبل الانتفاضة الشبابية التي تحولت إلى ثورة شعبية كبيرة. المطالب الفئوية بدأت تظهر في الأيام الأخيرة قبل تنحي مبارك بيومين أو ثلاثة، إذ إنه في هذا السياق بدأت كل نقابة وكل مهنة تعبر عما بداخلها من المطالب الفئوية، وفي هذا الإطار رفع السينمائيون وشباب السينما والفنانون بعض مطالبهم بشكل متزامن مع رفعهم للمطالب السياسية.

·         ما هو الدور المأمول من الفنان في مثل هذه الأوقات، وهل ترى أن دوره سيكون مثل دور أي مواطن عادي أم ان الدور المناط به يجب أن يكون مختلفاً؟

- في مقابل أن ينعم الفنان بحب الناس، يفترض أن يجده الناس حين يحتاجوه في أي أزمة، هذه علاقة منطقية. النجومية تعطي الفنان حب الجمهور وترحيبهم بالفنان ومعرفتهم له بالاسم وما يوفره ذلك من تسهيلات كثيرة في حياة الفنان. في مقابل ذلك على الأقل يجب أن يقف الفنان مع جمهوره في المواقف الصعبة. ربما لا يكون الفنان قادرا على نزول التظاهرات أو أن يقدم شيئا عمليا لكن لا يمكن أن يمر الموقف ولا يعبر الفنان عن القضية العادلة التي يدافع عنها الناس، لو كانت قضية خاطئة فالفنان حر، لكن حين يدافع الناس عن قضايا عادلة، على الفنان أن يظهر ويعلن موقفه، والمفترض أن يتبنى قضاياهم طالما هي عادلة.

الشباب الذين تظاهروا بشكل سلمي ومتحضر وطالبوا بالتغيير والحرية والعدالة الاجتماعية وكرامة الوطن والمواطن طالبوا بأمور عادلة ونحن نعرف بأنها مطالب ملحة يجب أن تتحقق، ثم يتم مواجهتهم بالعنف والضرب والقتل والاعتقال والإصابة. فكيف يمكن للفنان السكوت، هل هو خارج التاريخ مثلا، أنت إما مع السلطة في هذه اللحظة أو مع الشعب، ويجب أن يكون لك موقف، لا يمكن أبداً أن تقف صامتاً دون اتخاذ موقف.

·         باعتبارك أحد قادة الثورة على الأقل لأنك تزعمت مسيرة الفنانين في يوم الغضب، وبالأخذ بعين الاعتبار كون الثورة البحرينية تشبه الثورة المصرية في كثير من معطياتها وتفاصيلها بل وحتى تطوراتها، بل وإنها استلهمت الكثير من ثورة مصر. ما الذي يمكن أن تقدمه من نصيحة لأهل البحرين؟

- دعيني أخبرك شيئا، أولا نحن تعلمنا من بعضنا الآخر فما حصل في تونس أمر مهم جدا وهو الذي جعل الشباب المصري يفعل ما فعله التونسيون ويحاول أن يبتكر ويضيف عليه بأسلوبه الخاص في محاولة للبحث عن حل، فنحن نعيش في دولة قمعية. الشباب توصلوا أخيرا إلى موضوع الدعوة على الفيسبوك وبعد هذا حين التقيت بهم في الشوارع وجدت أنهم بالفعل أخذوا الكثير من الدروس من تونس في كل شيء حتى في تلوين زجاج سيارات الشرطة.

بعد ذلك بدأنا في مصر في إدخال بعض الأمور التي اكتشفنا ضرورتها مع الوقت ومع الممارسة مثل محاصرة المواقع الحساسة، المحاصرة وليس الاقتحام لكي نحافظ على الطابع الجماهيري والسلمي. في الوقت ذاته كانت هناك متغيرات عديدة ففي بعض الأحيان كان الناس يضطرون إلى مواجهة العنف بالعنف. ما أقصده هو أن التجربة المصرية بنيت على تجربة تونس، ثم جاءت اليمن وجربت بعض الأمور التي حصلت في تونس، هذه الأمور سوف تنتقل وتنتشر في المنطقة العربية بأكملها. وهذا هو المعنى الحقيقي لكوننا عائلة عربية يشكل كل بلد فيها أسرة صغيرة، تتجمع داخل الأسرة الأكبر، فمن الطبيعي أن ننقل خبراتنا لبعضنا الآخر. كذلك فإنه من الطبيعي أن يكون لمصر دور مركزي، هذا ما يفترض أن يحدث، فمصر حين شلت عن لعب هذا الدور، لا يعني أنها فقدته إلى الأبد لكن في مرحلة فقط ويفترض أن تسترده الآن، وحين يحدث هذا فسوف يشكل فائدة كبيرة لكثير من الشعوب. مصر بقدراتها وإمكاناتها يمكن لها أن تشع إلهاما وهذا بالطبع لا يجعلها الوحيدة الملهمة فهي أساسا استلهمت من تونس في لحظة ما ثم قامت مصر بإلهام الآخرين فانتقلت الشرارة للعالم العربي كله. العالم العربي بحاجة لتغيير جذري ولكن حين تصل الشرارة إلى البحرين يصبح للأمر أهمية خاصة لوقوعها في منطقة الخليج العربي، كما أن هناك فكرة معينة في أن تظهر الشرارة من البحرين، وهناك معنى مهم، وإشارة إلى أن هناك درجة من الرقي وهناك تراث ثقافي ونسيج معين في البحرين يسمح بظهور الشرارة منها ثم انتقالها بسرعة إلى باقي الخليج. لقد تابعت الوضع في البحرين والكل هنا يتابع ما يحدث لديكم ورأيت اليوم الذي تم خلاله إطلاق الرصاص على المتظاهرين والذي شكل يوماً فارقاً. لقد كان أمراً مزعجاً تضايقنا منه جميعا، لكن بعد ذلك كان إصرار البحرانيين وصلابتهم في الأيام التالية أمرا رائعاً وخطوة خطيرة. كما أن اعتصامهم في دوار اللؤلؤ على غرار ما فعلناه هنا حين أخذنا نتنقل من ميدان التحرير لمواقع أخرى، أي أن نثبت في الميدان مع مصاحبة كل ذلك بمسيرات وهو ما ألاحظهم عندكم هو أمر رائع. الأمر الوحيد الذي أخشاه وهو ما تفعله عادة الطبقات الحاكمة في العالم العربي ويساندها الاستعمار العالمي وتغذيها بالطبع الصهيونية، يحاولوا دائما أن يجدوا مخرجاً لأزماتهم على حسابنا ومن خلال دفع الاتجاه نحو الاصطفاف الطائفي. هذا اخطر ما يواجهنا في الوطن العربي ويجب علينا جميعا أن نضع النموذج العراقي أمامنا من ناحية والنموذج اللبناني من ناحية أخرى، فهذان النموذجان يشكلان مأزقين كبيرين. اليوم نرى العراق بعد سنوات من الطائفية التي فرضت عليها تبدأ فيها حركة احتجاج أخيرة تظهر على أرضية مختلفة فيها تسمى بالعراق الجديد وهذا يجعلنا نتعلم درسا جيدا مفاده بأن الطريق الطائفي طريق مغلق ولا يمكن أن يؤدي إلى شيء. أنا أحمل حماسا كبيرا للمسار الديمقراطي الجامع الذي يجمع كل أهل البحرين سنة وشيعة من ديمقراطيين يريدون مجتمعاً بلا تمييز.

معركتنا القادمة الآن في مصر هي أننا لا نريد تمييزاً بين مسلمين وأقباط، ألا يكون هناك تمييز بين المواطنين بغض النظر عن النسب، النسب لا يهم كلنا مواطنون. نحن في مصر لا نريد حركة إسلامية تستبعد الأقباط ولا نريد حركة قبطية تعزل نفسها عن الجسم الكبير وأظن أن الأمر نفسه في البحرين ولكن بشكل مختلف. أنا واثق بأن الانتصار قادم بإذن الله وما يجب أن نعمل من أجله هو للمشروع الديمقراطي الذي لا يميز بين طائفة وأخرى ولا بين رجل وأمراه ولا بين غني وفقير وألا لا نتمكن من صناعة مجتمعات أفضل في العالم العربي.

يجب أن نكون واعين لكي لا نقع في فخ الطائفية فهي دائما مخرج الطبقات الحاكمة بالتعاون مع الاستعمار العالمي والصهيونية.

·         كيف سيكون شكل الإنتاج الفني والسينمائي الآن بعد سقوط النظام في مصر، هل سيكون هناك رقابة مختلفة مثلا، هل سينطلق الإبداع في كل صوره، هل سيؤدي الفن دوره المأمول والمفترض؟

- لم يسقط النظام في مصر، ما سقط هو رأس النظام وبعض رموزه لكن إسقاط النظام يعني تغييره تغييراً واضحاً وملموساً، ولعمل ذلك يجب أن تكون هناك تغييرات في الدستور وفي حالة الطوارئ والأسس التي يتم عليها انتخاب البرلمان الجديد والانتخابات الرئاسية. كما أنه يجب محاكمة كل من تورط في قمع واهانة وإذلال الناس يجب شل الحزب الحاكم لأن تاريخه سيئ يجب مصادرة الممتلكات التي نهبت من الشعب. هذه التغيرات الثورية التي يجب أن تحدث ليمكننا القول بعدها بأن الثورة حققت أهدافها وأسقطت النظام وأحلت نظاماً مختلفاً. وحين يأتي هذه النظام المختلف وحين ننجح في هذه المهمة سوف يخرج الفن بشكل مختلف. لو لم ننجح وتوقفنا عند مرحلة التغييرات في رأس النظام وبعض رموزه فقط فسوف تكون تغييرات سطحية وبعد هذا لن يكون الفن الذي يأتي متغيراً إلا بشكل سطحي.

نحن لم ننجز الثورة بعد، وهذه نقطة مهمة، يجب أن تحقق الثورة نتائج حقيقية وملموسة، وهي الآن لا تزال تخطو أولى خطواتها وهذا أمر جيد فهناك خطوة كل يوم. كيف يمكننا تقديم فن جيد لو تبقى لدينا رقابة على المصنفات الفنية. التغيير يجب أن يكون من الجذور لكي نجني ثمارا مختلفة.

·         ماذا عن الفنانين الذين وضعوا على قائمة العار، ماذا سيحدث لهم وكيف سيكون مصيرهم، هل سيصبحون منبوذين غير قادرين على المشاركة في أي أعمال فنية مثلا؟

- لا انأ اعتقد إنه في هذه المرحلة حصل هؤلاء على قدر كبير من احتقار الناس وأظن أن احترام الناس وحبهم هما زاد الفنان. صحيح أن هناك بعض الفنانين ممن يغلب حب الناس لهم على احترامهم لهم فهم يحبونه أكثر مما يحترموه والعكس صحيح لفنانين آخرين، لكن هناك حالة توازن بين الحب والاحترام. إذا فقد الفنان الاثنين فأعتقد أن عليه أن يفتتح سوبر ماركت، فالناس لن تحب أن تتفرج على أعماله ولا تريد أن تقابله في الشارع. يكفي كراهية واحتقار الناس وهذا الأمر لا ينطبق على الفنانين فقط لكن أي إنسان لا يستطيع أن يعيش في مجتمع يكرهه فيه الغالبية العظمى ويحتقرونه.

·         هل أنت مع أم ضد هذه القوائم على اعتبار أن كل فرد حر في تبنى وجهة النظر أو الموقف الذي يريد وأن وضع هذا النوع من القوائم هو بمثابة مصادرة حرية الآخرين وممارسة نوع من القمع تجاههم، القمع ذاته الذي ثار ضده الشعب المصري؟

- هناك فارق كبير بين الرأي والفعل، التعبير عن الرأي حرية يجب أن ندافع عنها دائما. لكن حين يشفع هذا الرأي لأكاذيب متعمدة وتظليل للرأي العام وقلب للحقائق ثم يتطور إلى تحريض على المتظاهرين ودعوة لاستخدام العنف ضدهم ويتم هذا بالفعل فنحن هنا ننتقل من مرحلة الرأي إلى مرحلة الفعل الجنائي المؤثّم. أنت هنا شاركت في جريمة. حين تقول أحرقوا الناس فيأتي من يحرقهم فعلا فأنت هنا لا تعطي رأيك، بل تشارك في فعل. هذا ما حصل وما جعل الناس يضعون قوائم العار هذه لأنه في خضم العملية الثورية يجب أن تشير إلى المنافق وإلى المحرض. أنت تقول أنا أريد أن اسقط مبارك وحين يقول آخر أنا أريد مبارك، فعليه أولا أن يعطي رأيه في قتل الناس التي تظاهرت بشكل سلمي وقالت لا نريد مبارك. أنت هنا تغطي على جرائمه. لا نريد أن تكون ذريعة حرية الرأي تغطية وتعمية على أفعال أسوأ بكثير، لأنه ليس من حرية الرأي أن اسب وأقذف هذه ليست حرية رأي.

·         ماذا عن دورك الآن في مرحلة ما بعد الثورة، وهل صحيح أنك رفضت الانضمام للجنة الحكماء ؟

- عرض علي هذا الأمر في أكثر من مناسبة، لكن مع احترامي لكل الناس الذين شكلوا هذه اللجان، ففكرتي هي أنه من الأفضل أن أكون في وسط القاعدة في هذه الفترة، فربما يكون دوري أهم من وجودي في القمة. وبدلا من أن أتكلم نيابة عن الناس أريد أن أكون معهم وفي وسطهم.

·         هل صحيح أن الرقابة منعت أحد أفلامك وهو فيلم «ورطة السبع» الذي يشير إلى فساد الحزب الحاكم ؟

- نعم الفيلم يشير إلى فساد داخل الحزب الحاكم ويتحدث عن الجرائم التي تتم داخل المطبخ السياسي. والرقابة وضعت عراقيل في طريق عرض الفيلم دون أن تكون صريحة في منعه لكن هذه واحدة من الطرق الملتوية لجهاز الرقابة الذي أطالب بإلغائه واستبداله بالرقابة العمرية فقط

الوسط البحرينية في

10/03/2011

 

 

'صرخة نملة' ينتهي بمشهد تنحي مبارك

عمرو عبدالجليل يؤكد ان السينما في مصر ستتغير بعد الثورة

القاهرة ـ من محمد عاطف

ضم المخرج سامح عبدالعزيز أول مشاهد من ثورة 25 يناير الى فيلم 'صرخة نملة' بطولة عمرو عبدالجليل، وجعل المخرج نهاية أحداث الفيلم بجزء من تنحي الرئيس السابق حسني مبارك والفرحة التي عمت بين الشباب في ميدان التحرير، والمشاهد التي أضافها المخرج عشر دقائق كاملة من الميدان تجمع مختلف الشباب وردود أفعالهم المتنوعة عقب تحقيق أولى مطالبهم بتنحي الرئيس ومحاسبة رؤوس الفساد.

الفيلم واجه اعتراضا من الرقابة على حوالي 20 مشهدا قبل ثورة يناير، وينوي المخرج سامح عبدالعزيز والمؤلف طارق عبدالجليل التوجه مرة أخرى للرقابة لعمل مناقشة مع أعضائها حول هذه المشاهد، بعد تغير الأوضاع والأحوال في مصر منذ قيام ثورة 25 يناير، ويأمل المؤلف والمخرج في الموافقة الرقابية على تلك المشاهد العشرين.

تدور أحداث الفيلم حول شاب يعود من العراق بعد قضائه عدة سنوات هناك ويظن المسؤولون في مصر انه إرهابي ويعاملونه بكل قسوة، ويحاول ان يوصل صوته الى العالم لأنه بريء.

نجم الفيلم عمرو عبدالجليل شارك شباب التحرير تظاهراتهم واستمع الى آرائهم جيدا، ووجه بضرورة أن يهتم بما استمع له في أفلامه، ولذا طالب بتغيير أجزاء من سيناريو الفيلم وإضافة مشاهد تعبر عن آراء الشباب.
في نفس الوقت يفكر عمرو عبدالجليل في فيلم آخر يتناول أحداث ثورة الشباب في مصر بشكل اجتماعي سياسي، يوضح كيف تجمع شباب 25 يناير وأفكارهم المختلفة التي اجتمعت على قلب رجل واحد، وهل طموحاتهم تتواصل بعد الثورة، أم تتوقف امام الثورة المضادة التي تحاك لها؟

عمرو عبدالجليل متحمس جدا ويرى أن السينما سوف تتقدم كثيرا خلال الفترة المقبلة لتغيير موضوعاتها، وليس شرطا ان تتناول كل الأفلام ثورة 25 يناير، بل هناك أعمال جادة ستظهر وتستعرض حياة المصريين الجديدة.

الإمارات اليوم في

10/03/2011

 

لا توجد سوى حقيقة الفيلم

السينما وراية الانتصـــار على الزمن

زياد عبدالله 

الحقيقة متخلى عنها، إنها رهن الفيلم. الزمن الذي تتأسس عليه الأحداث شيء والزمن الواقعي شيء آخر، الأول معركة يكتب النصر فيها للفن، في الثاني الخسارة ستكون العنوان الأكبر الذي يهيمن على البشر في صراعهم مع الزمن الذي لا يعرف إلا أن يمضي وينقضي، الإبداع أولاً وأخيراً صراع مع هذا الزمن، وفي كل الحالات تبقى هناك فجوة زمنية لا يمكن ملؤها بين ما جرى وبين وصفه، نقول «خرجت هدى من بيتها في تمام السابعة مساء، واستقلت سيارة تاكسي، ومضت لزيارة أختها المريضة...»، الفعل ماض، لقد خرجت وانتهى الأمر، ولحظة كتابتنا ذلك فإننا نتعقبها وهي تسبقنا، الكلمات تلهث ولن تستطيع اللحاق بها، الفعل سابق للكلمة على الدوام، وحين نمضي في تتبعها بكاميرا، فإن الماضي سيمسي حاضراً، لا بل إن السينما أيضاً تمتلك حركية جنونية تجعلها أيضاً قادرة على معالجة الماضي وحتى المستقبل، كما لو أنهما في الزمن الحاضر.

وحدها السينما تستطيع الانتصار على الزمن، هناك معارك كبرى اندلعت وانتصرت فيها السينما، سيرجي ايزنشتين فعلها في «الدارعة بودمكين»، استغرق سقوط عربة الطفل دقائق لتكتمل معركة حشود المنتفضين مع الجنود الذين يبدأون بإطلاق النار من بنادقهم.

في ساعتين ستنبني حياة كاملة، سيطفو على الشاشة ما يجعلنا وجهاً لوجه أمام ما نشاهده والعتمة تحيط بنا من كل جانب، سواء كان الفيلم يمضي في خط مستقيم وفق تتابع أحداث تقليدي، أو من دون تسلسل، كلاهما على شيء من الاشتباك مع ما يتوق ليقدم لنا زمناً واقعياً، والواقعية هنا لا تعني أبداً أن الزمن يسير في خط واحد مستقيم، هذا غير صحيح أبداً، أحب كثيراً أن استشهد بالروائي الفرنسي آلان روب غرييه، وقد خاض تجربة سينمائية وحيدة ربما، وهو يرفض التسلسل الزمني الواقعي والحبكة التي تسير بخط مستقيم، إذ إن «ذكرياتنا عن الأحداث لا تتطابق مع الحقيقة، وهناك تداخل معقد بين إدراكنا الزمن وسيره الفعلي، ففي الفيلم لا توجد حقيقة سوى حقيقة الفيلم نفسه، ولا زمن سوى زمنه، إذا سألني الناس كم استغرق صنع «مرينباد» (يقصد الفيلم الذي كتبه بعنوان «آخر سنة في مرينباد»): سنتان؟ شهران؟ ثلاثة أيام؟ فسأجيب ساعة و32 دقيقة، أي مدة عرض الفيلم، لأنه لا وجود لقصة مرينباد منفصلة عن الطريقة التي رويت بها».

اقتبس ما تقدم من كتاب «الوسيط السينمائي»للويس جاكوب، وأمضي خلف آلية السرد التي حملها فيلم «مرينباد» حيث السرد في صيغة المخاطب، وبالتالي فإن الشخصية تقول «أنت سألتني أن أفعل..»، كما لو أن الكاتب أو المخرج أو الراوي يخاطب الشخصيات التي يصنعها، وبما أننا نتعقب الزمن، فإن أفضل ما يتيح لنا ذلك هو القفز به عبر الحلم، حلم انغمار برغمان على سبيل المثال في «الفراولة البرية»، حيث الساعة دون عقارب، أو أن يكون زمن الفيلم حاصلاً في رأس الشخصية، كما فعلها ديفيد لينش في «مولهولاند دريف» ،2001 حيث سيمنحنا هذا الفيلم أيضاً مساحة للتعرف إلى درس سينمائي في السرد، إذ البناء الكامل سيكون آتيا من مخيلة ريتا، سنمضي، بل سنلهث خلف أحداث متتابعة، ومصائر تتغير في لحظة، وحيوات تنقلب رأساً على عقب بغمضة عين، وصولاً إلى أحداث لن نجد لها في النهاية ما يبررها أبداً، مثلما هي الحال مع الحلم أو الكابوس الذي يرويه أحد ما لن يعود للظهور مجدداً في الفيلم. أروي سريعاً بداية الفيلم، ريتا في سيارة ليموزين، تتوقف السيارة ينزل منها المرافق الجالس في المقعد الأمامي، يوجه مسدسه نحوها، وفي هذه اللحظة تصطدم سيارة بالليموزين، فلا يتمكن القاتل من قتل ريتا، فتهرب، وتمضي إلى أن تصل بيت تنام في حديقته، وفي الصباح، فإن صاحبة ذاك البيت تكون في طريقها للسفر، فتتسرب ريتا إلى البيت فتعيش فيه، ومن ثم تأتي بيتي قريبة صاحبة البيت فتسكن ذلك البيت، وتنشأ علاقة بينهما لدرجة الغرام، وعلى هذا الإيقاع تمضي أحداث وأحداث، وتدخل شخصيات كثيرة، إلى أن نصل النهاية التي تقدم، وبالعناصر نفسها، قصة أخرى تماماً، تكون ريتا قد روتها وغيرتها على طريقتها الخاصة. إنه اللعين لينش، ودائماً هناك ما يبقى في أفلامه من دون أي تفسير منطقي، الأمر الذي يبقى ملحاً وحاضراً بعد المشاهدة، كما هي الحال في فيلمه Lost Highwa «طريق سريعة ضائعة» ،1997 حيث تبديل الشخصية الرئيسة بأخرى، سيضعان أمام فيلمين في فيلم، وامرأة سرعان ما تصير امرأتين، وكل ما له أن يضعنا أمام انزياحات سردية حادة، لها أن تفرض زمنها ومنطقها، المنطق الساحر الذي يجعل من شاهده يعود ويشاهده من جديد وباللذة السردية نفسها، فكما بدأنا، الحقيقة متخلى عنها، إنها حقيقة الفيلم فقط.

«يأسـنا العظيـم».. مـن كثرة الأمل

لن يكون يأساً كاملاً، بل له أن يكون معبراً إلى إشراقات كثيرة متأتية من اليأس نفسه، وعلى مبدأ اليأس من كثرة التطلع إلى المضيء والجميل على الدوام. هذا حقيقي تماماً، لكن مع الفيلم التركي المعنون Our Grand Despair «يأسنا العظيم» للمخرج سيفي تومان في ثاني تجاربه الروائية الطويلة سيكون علينا إجراء بعض التعديلات، إن تعلق الأمر باليأس، بل إن العنوان ونحن نتابع أحداث الفيلم الذي حملته الدورة الاخيرة من «مهرجان برلين السينمائي»، سيكون خاطئاً بالتأكيد، ما سنكون حياله هو جرعات أمل كبيرة إن تعلق الأمر بالصداقة التي تشكل رهان الفيلم الأول والأخير، حيث اندر وسيتين شخصيتا الفيلم الرئيسة على التصاق كامل ببعضهما بعضاً، ولتأتي امرأة وتحدث انعطافة طفيفة في حياتهما، وعلى قدر لا يدمر صداقتهما، كما هو مصادق عليه وفق وصفات جاهزة في هذا الخصوص، لكن على العكس تماماً بما يزيدهما التصاقاً أيضاً.

فيلم «يأسنا العظيم» غير معني بالتحرك إلا في اطار العلاقة الاستثنائية التي تربط اندر «الكر اكسوم» مع سيتين «فاتح أل»، وبالاتكاء تماماً على أنهما يعيشان معاً في تناغم حقيقي لا يخلو من اختلافات تجعل صداقتهما أكثر واقعية بدءاً من الشكل وبينة جسد كل واحد منهما، وصولاً إلا الخلافات البسيطة التي لابد منها، وما عدا ذلك فإنهما يكملان بعضهما بعضاً، وهما صديقان منذ المدرسة الثانوية ويقتربان الآن من الـ.40 الحدث الذي سيضيء لنا كل ما تقدم سيكون متمثلاً بصديقهما فكرت الذي يعيش في ألمانيا، والذي يتعرض لدى زيارته تركيا لحادث سيارة يودي بحياة والديه، وليسألهما فكرت السماح لأخته نهال بأن تعيش معهما لتتخلص من آثار حزنها وربما يأسها.

بداية مقاربة اندر وسيتين لوجود كائن غريب في حياتهما ستكون منهكة، سيكون عليهما احتمال حالتها النفسية المذرية، وسيعملان على إخراجها من تلك الحالة، التي ما أن تخرج منها حتى تجد نفسها حيال شخصين استثنائيين بكل المعايير، فلكل منهما خصال خاصة، وماض حافل بالتجارب، فأندر كاتب روائي، بينما يتحلى سيتين بكل الطرافة والخفة التي تجعله ملاك اندر الحارس، وبالتالي سيخضعان لمعاينة امرأة مراهقة على مشارف الـ18 من عمرها، لها أن تجد فيهما كل ما على الرجل أو فارس الأحلام التحلي به، وبناء عليه يمضي الفيلم وكل منهما في طريقه لأن يقع في غرام تلك الصبية المحاطة بالنسبة إليهما بعدد كبير من المحظورات، أولها صغر عمرها، ومن ثم كونها أخت صديقهما التي يعرفانها وهي طفلة، وما إلى هنالك من صراعات سيعيشانها، وكل لا يعرف عن الآخر أنه يفكر مثلما يفكر هو، إلى أن يصارحا بعضهما، وليجدا في كونهما يحبان المرأة نفسها أمراً يستدعي الاحتفاء، وليعيش كل منهما بعد ذلك صراعاته في منع نفسه من الانجراف نحو علاقة محظورة وكل على طريقته، وصولاً إلى انغماسهما في مشكلات نهال وعوالمها ولعبهما دور الأخ والصديق إلى أن تعود مع أخيها فكرت إلى ألمانيا.

يصلح توصيف الفيلم باللطيف، والبعيد في الوقت نفسه عن إنتاجات السينما التركية التي تمضي نحو اللقطات الطويلة والرهانات البيئية والمقترحات التجريبية، إنه فيلم محتشد بالمشاعر الإنسانية وجماليات تقديمها في سياق متدفق ومتتابع في مدينة أنقرة، ولنكون في النهاية أمام يأس ليس بالعظيم، إنه اليأس اللطيف!

الإمارات اليوم في

10/03/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)