حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

الذاكرة الخصبة:

أول فيلم لميشيل خليفي يذكر بأوضاع المرأة الفلسطينية التي لا تتقدم رغم انقضاء ثلاثين عاماً

لندن ـ من هيام حسان

في الوقت الذي يستعد السينمائي الفلسطيني ميشيل خليفي لعرض فيلمه الأخير 'زنديق' للمرة الأولى في بريطانيا، من خلال مهرجان الأفلام الفلسطينية المقرر أن يبدأ في غضون أسابيع قليلة، لم تجد جامعة الدراسات الشرقية والافريقية (سواس) مؤخراً ما يمنع من عرض فيلمه الأول الذي أخرجه في العام 1980، في أكبر قاعاتها حيث أتيحت الفرصة لجمهور عربي وغير عربي للتعرف على باكورة خليفي السينمائية من جديد.

وصادف عرض فيلم 'الذاكرة الخصبة' الذي يعرض لحياة امرأتين فلسطينيتين، احتفالات عامة بيوم المرأة العالمي في الثامن من آذار/ مارس، وأسهم بذلك في تسليط الضوء على تجربة المرأة الفلسطينية وأوضاعها التي لم تتحسن، حسب شهادة المخرج نفسه، وذلك رغم انقضاء ثلاثة عقود على الفيلم الذي يرصده النقاد أيضاً كأول فيلم سينمائي فلسطيني يخرج للنور من أراضي الـ48.

وشاهد الجمهور بل أعاد بعضهم مشاهدة وقائع الفيلم الذي لا يمكن وصفه بالوثائقي ولا بالروائي على مدار 99 دقيقة هي مدة الفيلم الذي عرض لحياة الأديبة الفلسطينية سحر خليفة (من نابلس) وسيدة فلسطينية أخرى من يافا اسمها رومية فرح، كشف خليفي خلال وقت المناقشة أنها خالته التي توفيت قبل سنوات وجسدت نموذجاً للمرأة الفلسطينية في كفاحها من أجل حياة كريمة في ظل الاحتلال الاسرائيلي الذي سلبها أرضها وسبل العيش الكريم.

وفيما قدم المخرج المرحومة رومية كنموذج للمرأة الفلسطينية التي يمكن أن تتكرر معاناتها في صور وصيغ مشابهة لنساء أخريات من جيلها والأجيال الأخرى، جسدت شخصية الروائية سحر خليفة نموذجاً أكثر خصوصية، يسلط الضوء على الجانب الاجتماعي لمعاناة المرأة الفلسطينية لاسيما اذا كانت مثلها مطلقة ومتحررة واستقلالية.

وبدت سحر خليفة في ظهورها السينمائي في غاية الكرم والانفتاح في حديثها عن معاناتها وخصوصية وضعها في المجتمع الفلسطيني المحافظ، الذي يتعامل مع ظروفها الاجتماعية كسيدة مطلقة وغير مقيمة مع أسرتها الممتدة. ومع ذلك، فقد لفت خليفي الى بعض الموضوعات التي لم تكن محل ترحيب من طرفها للحديث عنها في الفيلم، وعزا ذلك الى جانب تقليدي محافظ في المرأة الشرقية، لا يمكنها التخلص منه مهما بلغت درجة تمردها.

أما رومية فرح فقد تم ترتيب مواقف وجلسات شبه ارتجالية لحثها على التحدث والكشف عن مواقفها وظروفها ومعاناتها، خاصةً في قضية مصيرية تتعلق بأرضها الموروثة عن عائلتها، التي كانت ترفض التفريط فيها بالبيع أو الاستبدال ضمن عروض الحكومة الاسرائيلية عليها وعلى الآخرين لتسوية النزاع على ما يسمى بأموال الغائبين زوراً وبهتاناً.

كما برزت من خلال الفيلم أيضاً شخصيات نسائية أخرى تعيش أوضاعها ومعاناتها الخاصة التي تظهر لماماً في الفيلم. ويمزج الفيلم بحق بين النهج التوثيقي متجلياً بشخوصه ووقائعه الحقيقية، والنهج الروائي متجسداً بتدبير المواقف واللقطات لتحقيق رسالة الفيلم واسباغ مسحة سينمائية عليه، ولكن من الصعب وصفه بأي من النهجين دون الآخر.

وفي نهاية العرض، أجاب خليفي على أسئلة الحضور وتعليقاتهم وكشف عن رغبته في العودة الى مواقع وشخوص الفيلم في وقتٍ قريب، من أجل رصد التغييرات التي طرأت على حياته، رغم أن بعضها معروف وبات واقعاً معاشاً ومكشوفاً بسبب التقدم في وسائل الاتصال والانفتاح على تفاصيل القضية الفلسطينية، مشيراً الى أن الواقع لم يكن هكذا في وقت صناعة الفيلم، حيث كان الاهتمام منصرفاً الى العديد من المسؤوليات والأهداف، ومنها مثلاً توثيق لقطات من التراث والفلكلور من خلال الأعمال الابداعية التي عرضتها سحر خليفة في الفيلم وأداء الفرقة الجامعية له.

كما لفت خليفة الى صعوبات وتحديات فرضها اللون الخاص بالفيلم، الذي جمع بين 'الوثائقي' و'الروائي'، مع حرص على ألا يفسد أحدهما الآخر، وألا يقلل من أهميته. وأشار الى صراع أزلي تجلى في الفيلم بين السياسة والشعور بالمسؤولية عن رصد الرسالة السياسية من وجهة النظر الفلسطينية، وبين الفن والابداع، في الوقت نفسه الذي كان يسود انطباع قوي في العالم عن الفلسطيني الارهابي، مستذكراً محاولاته للتركيز على الجانب الانساني في حياة شخصيات الفيلم على حساب الخطاب السياسي، الأمر الذي أثار امتعاض الاسرائيليين وقتها لادراكهم أهمية مثل هذا الخط الابداعي في اعادة انتاج الصورة الفلسطينية.

وفي تفاصيل اخراج الفيلم وصناعته في وقت لم يكن فيه أي نماذج سابقة من أراضي فلسطين الداخل، استذكر خليفي أن الفكرة استندت الى أربع شخصيات، ولكنها انتهت باثنتين فقط لأنه توافرت بهما ما يكفي من مقومات الزخم الفني والفرصة للايغال في أعماق النموذجين اللذين تقدمهما، وهو أمر أفضل من توزع وقت الفيلم على أربع شخصيات من دون التعمق فيهما الى حد كاف. كما ذكر بأن فكرة الفيلم المبدئية كانت محاولته العثور على اجابة حول ما اذا كان هناك بالفعل عنف شرعي؟ وما اذا كان بالامكان شرح أسباب العنف الصادر عن الجانب الفلسطيني، وهو ما يصفه خليفي بأنه عنف طارئ على كل حال وليس أصيلاً ومرصوداً بكثافة كما في السينما الأمريكية.

ويشير خليفي الى أن العمل السينمائي على كل صعوباته وتحدياته في ثمانينيات القرن الماضي ما يزال أسهل من واقع ومتطلبات العمل في هذه الأيام. وقال انه شخصياً يواجه هذا التحدي كل يوم من خلال عمله أستاذا جامعيا في معهد السينما والمسرح. وقال: في ظل الانترنت والتقنيات الحديثة والكاميرات والأجهزة المتقدمة أجد أنه بات تحدياً كبيراً بالنسبة لي لأن أقدم شيئاً جديداً لتلاميذي في هذا المجال. وتابع: التحدي الأكبر أن الواقع بات يتفوق على السينما في طرح الأسئلة والبحث عن الحقيقة.

القدس العربي في

09/03/2011

 

فيلم وثائقي يروي قصة اختفاء الامام موسى الصدر: 'حقيقة الساعات الاخيرة':

 شبح المخطوفين يطل مجددا ليؤرق الخاطفين!

اوشن طارق  

اختفى منصور الكيخيا في العاشر من شهر كانون الاول/ديسمبر من عام 1993 عندما كان في زيارة لمصر بغرض حضور اجتماع للمنظمة العربية لحقوق الإنسان.

اختفى وتعالت الأصوات، يومها، في كل أرجاء الدنيا متعاطفة ومستنكرة وموجهة أصابع الاتهام على الفور صوب نظام القذافي، باعتباره صاحب مصلحة حقيقية في إخفاء الكيخيا عن الساحة، قبل أن تخفت جميع المطالبات، حتى خيل أن الموضوع نسي رسميا وشعبيا لدرجة أن أمريكا التي يحمل الكيخيا جنسيتها تعاملت مع قضيته بلا مبالاة.

القذافي قال ان (... منصور الكيخيا مواطن ليبي ونحن مشغولون عليه وليس صحيحا أنه كان معارضا لنا. لقد كان موظفا بسيطا وقد عرفته حين قمت بالثورة وعمل معي حتى صار وزيرا للخارجية.. ثم صار ممثلا لليبيا لدى جهات حقوق الإنسان.. وأخيرا أرسل لي مع صديق مشترك هو عاشور قرقوم وقال انه سيزور ليبيا فقلت له: أهلا فقد طالت الغيبة، وكان سيأتي إلى ليبيا بعد زيارته للقاهرة ولكن لا أستبعد أن أمريكا استشعرت ذلك فاختطفته).

اختفى الإمام موسى الصدر بتاريخ 31 آب/اغسطس 1978 حين كان في زيارة لليبيا بغية لقاء العقيد القذافي، بإيعاز من الرئيس الجزائري بومدين، في إطار جولة عربية قادته إلى عدد من الدول المؤثرة في الشأن اللبناني. وكان هدف الإمام الصدر وقتها إخراج لبنان من دائرة الحرب الأهلية التي كانت تعصف بالبلاد. اختفى وتعالت الأصوات، يومها، في كل أرجاء الدنيا متعاطفة ومستنكرة وموجهة أصابع الاتهام على الفور صوب نظام القذافي باعتباره صاحب مصلحة حقيقية في إخفاء الصدر عن الساحة قبل أن تخفت جميع المطالبات حتى خيل أن الموضوع نسي رسميا وشعبيا لدرجة أن لبنان والثورة الإيرانية اللتين انتمى إليهما الصدر تعاملتا مع قضيته بلا مبالاة.

القذافي قال سنة 2002 ان: (... الصدر من الناس الذين نؤيدهم فكيف يمكن أن يختفي في ليبيا؟...).
هما مشهدان متشابهان فصلت بينهما خمس عشرة سنة قد يكون المختفون فيها من الليبيين وغير الليبيين بأمر الزعيم بالعشرات أو المئات من دون عقاب. أما لوكربي والطائرة الفرنسية والملهى الليلي بألمانيا وقضايا أخرى فقصصها رويت بإسهاب عبر وسائل الإعلام الدولية. والبطل هو نفسه: العقيد معمر القذافي قائد الثورة الليبية.

ولأن للإمام الصدر جماعة بقيت صامدة في الدفاع عن حقيقة 'اختفائه' المريب بدءا بطائفته الدينية ومرورا ببقية الطوائف وصولا إلى الدولة اللبنانية، فقد عاد موضوعه للظهور مجددا بقوة في الأجندة السياسية والقانونية لكل هؤلاء. وكان لابد للعمل الإعلامي التوثيقي أن يكون واحدة من الواجهات المستَثمرة في هذا المجال فولد الشريط الوثائقي (حقيقة الساعات الأخيرة) للمخرج حمزة نعمة زلزلي، الذي جمع فيه بين الوثائقي والتخييلي لتقديم خلاصة تحقيقات رسمية لبنانية وايطالية ودولية، وكذا أحكام قضائية أصدرها القضاء اللبناني في هذه النازلة التي طال أمد حل لغزها إلى اليوم.

يبدأ الشريط بمقدمة جاء فيها ( في 31 آب/اغسطس 1978، اختفى الإمام الصدر ورفيقاه في ظروف غامضة خلال زيارتهم إلى ليبيا. تضاربت الأقاويل حول حقيقة الأمر. لكن بعد تحقيقات واسعة دولية ومحلية أتت الرواية الحقيقية لتثبت ماذا حصل في الساعات الأخيرة قبل اختفاء الإمام الصدر ورفيقيه). ولأجل ذلك اعتمد الشريط على شهادات عدد من الشخصيات التي قابلت الإمام في أيامه الأخيرة هناك بطرابلس كالصحافيين بشارة مرهج، محمد قباني، محمد شعيتو بالإضافة إلى شخصيات أخرى اشتغلت على الموضوع في بداياته كعمر مسكية أمين مجلس الوزراء اللبناني وقتها ورئيس البعثة اللبنانية إلى ليبيا لإجلاء الحقيقة عن الاختفاء، ثم أفرد جانبا مهما لمحامي العائلة لشرح المعطيات القانونية محليا ودوليا في أفق محاكمة مفترضة للعقيد.

ولد الإمام موسى الصدر في الخامس عشر من نيسان/أبريل 1928 في مدينة قم الإيرانية، حيث تلقى تعليمه. وكانت 'عمته' أول عمامة تدخل جامعة طهران. وفي أواخر سنة 1959 قدم إلى لبنان ليستقر بمدينة صور. تميز عمله الدعوي بلبنان بتجاوز الوعظ الديني الى الاهتمام بشؤون المجتمع ميدانيا بشراكة مع مختلف الطوائف الأخرى، إسلامية كانت أو مسيحية. كان أول من نادى بتنظيم شؤون الطائفة الشيعية رسميا اسوة بالطوائف الأخرى، حيث انتهى به المطاف إلى إنشاء ورئاسة (المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى). وفي سنة 1975 دعا إلى تشكيل مقاومة لبنانية تتصدى للاعتداءات الإسرائيلية قبل أن يعلن عن ولادة حركة أمل. وكان موقفه من الحرب الأهلية اللبنانية، حسب محبيه، موقفا داعيا إلى التهدئة ونبذ الفرقة والعنف، حيث نادى لإقامة حوار وطني مهده بمؤتمر قمة للرؤساء الدينيين لمختلف الطوائف. كما بذل جهودا لإزالة سوء التفاهم بين القيادتين السورية والفلسطينية وتأمين انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية الجديد سنة 1976.

أدرك الإمام الصدر أن إنهاء الحرب في لبنان يتطلب قرارا عربيا مشتركا فانتقل بين مختلف العواصم العربية مما أثمر عن عقد قمتي الرياض والقاهرة سنة 1976 وفيهما تقرر إنهاء الحرب اللبنانية عن طريق قوات الردع العربية. وسعيا منه لإنقاذ جنوب لبنان حيث تمركزت القوات الإسرائيلية زار عددا من البلدان كسورية والأردن والسعودية والجزائر قبل أن ينتقل إلى ليبيا بإيعاز من الرئيس الجزائري بومدين، بهدف لقاء العقيد معمر القذافي المنتشي بتحويل ليبيا من النظام الجمهوري إلى الجماهيرية، وصاحب النفوذ القوي على كثير من أطراف الحرب الأهلية بلبنان. وصل الإمام إلى ليبيا في الخامس والعشرين من شهر آب/اغسطس 1978 وانتهى به المطاف في الواحد والثلاثين من نفس الشهر مختفيا إلى اليوم.
بعد هذا التقديم الضروري لشخصية موسى الصدر، انتقل بنا الشريط عبر حكي سينمائي مدعوم بعدد من شهادات الشهود ومقاطع التحقيقات الايطالية واللبنانية إلى تقديم حبكة درامية تلخص أهم ما ميز مقامه ورفيقيه بليبيا التي كانت تستعد وقتها لاحتفالات الفاتح من سبتمبر 'العظيم'.

يدعي المتدخلون أو يوضحون كيف أن زيارة موسى الصدر إلى الجماهيرية الوليدة ترافقت بكثير من علامات وبوادر السوء، لعل أهمها كان التعتيم الإعلامي الرسمي لوسائل الإعلام الليبية على الزيارة، لدرجة أن مسؤولي السفارة اللبنانية هناك لم يعلموا بالموضوع إلا صدفة. كما أن الاتصالات الدولية قطعت على الإمام طوال مقامه بطرابلس وهو الذي كان معتادا، حسبهم، على الاتصال الدائم بعائلته وبالمجلس الأعلى الشيعي للتواصل حول مستجدات الأمور. كما أن سابقة زيارة عبد السلام جلود، أحد أركان النظام الليبي، للبنان قبل ذلك بسنتين حيث قضى خمسا وأربعين يوما اجتمع خلالها بمختلف الفرقاء اللبنانيين دونا عن الإمام الصدر قبل أن يصبح هذا الأخير هدفا للحملات الإعلامية انطلاقا من الصحف اللبنانية الموالية لليبيا. هذه المعطيات تثير الشكوك حول نوايا العقيد القذافي اتجاه ضيفه ومدى وجود نوع من الترصد له منذ وصوله إلى مقامه الليبي.

كما أن ما حدث بعد الاختفاء كرس لدى اللبنانيين وغيرهم قناعة مفادها أن موسى الصدر انتهى به المطاف أسيرا أو قتيلا لدى العقيد. فبعد أن رفض الأخير تلقي أي اتصالات هاتفية من الرئيس اللبناني وقتها، تم إعداد سيناريو لتأكيد مغادرة الضيوف الثلاثة لليبيا إلى ايطاليا من خلال إرسال شخصين (الأول بلباس ديني والثاني بلباس مدني) إلى فندق بالعاصمة الايطالية بجوازي سفر الإمام الصدر ورفيقه محمد يعقوب. دخل الاثنان الفندق لدقائق قبل أن يغادرا إلى غير رجعة تاركين عباءة الإمام وحقائبهما وجوازي السفر. الإخراج لم يكن بالدقة المطلوبة حيث تضمنت وثيقتا كراء غرفتي الفندق توقيع موسى الصدر باللاتينية في حين أن توقيعه معروف ومميز باللغة العربية. كما أن جوازي السفر تضمنا تأشيرتي دخول إلى ايطاليا وفرنسا صادرتين عن سفارتي البلدين بطرابلس في الواحد والثلاثين من اب 1978 في حين أن الجوازين يحملان أصلا تأشيرتين صالحتين لدخول البلدين فلماذا الحاجة إلى اثنتين جديدتين؟

ولتكتمل الحكاية صدر اتهام ليبي رسمي لأجهزة مخابرات مختلفة إيرانية وأمريكية وإسرائيلية (كان الصدر ينشط أيضا على واجهة الثورة الإيرانية في مواجهة الشاه) وكذلك الكتائب الحمر والمنظمات الألمانية المتطرفة بالوقوف وراء اختفاء الصدر. وهو الاتهام الذي تلته رسالة مجهولة بعثت إلى الصحف الايطالية تدعي أن منظمة لبنانية علمانية اختطفت الصدر ورفيقه وذلك بفضل مساعدة الصحافي عباس بدر الدين المنتمي لنفس التنظيم، وكان ثالثهما في الرحلة الأولى إلى ليبيا. (ألا يتطابق هذا السيناريو مع ما تلا اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري ثمانية وعشرين سنة بعد ذلك).

يدقق الشريط الوثائقي في مجمل هذه الوقائع ليكذبها جملة وتفصيلا بناء على قرائن مستقاة من التحقيقات الرسمية الايطالية واللبنانية ومن شهادات بدأت تتكشف بعد انشقاقات بعض من رموز النظام الليبي الذين كانوا شهودا على تلك المرحلة وما ميزها من دسائس، وأيضا اعتمادا على تسريبات زعماء عرب وأجانب في لقاءات مختلفة غير رسمية في أغلبها لأن القذافي ظل دوما مخيفا بشكل غريب لكثير من 'الزعماء' شرقا وغربا ويا للمفارقة!

الخلاصة النهائية أن القذافي وبعد صدور القرار الاتهامي الذي أصدره قاضي تمييز لبناني في الثاني عشر من اب 2008 أصبح هو وسبعة عشر من المسؤولين اللبنانيين فارين من وجه العدالة اللبنانية، بتهم التحريض والاشتراك في خطف الإمام ورفيقيه، في انتظار رفع السقف إلى محكمة الجنايات الدولية وما قد يستتبع ذلك من قرارات ربما لن تمهل ثورة السابع عشر من فبراير الساعين إليها وقتا لتطبيقها.

الاختطاف السياسي كان دوما سلاحا تشهره الأنظمة في وجه المعارضين. لكنه لم يمكن أبدا بمسح هؤلاء المختطفين من ذاكرة الشعوب. وكم استمر الحديث عن الساعات الأخيرة لمختطفين من طينة المهدي بن بركة والإمام موسى الصدر مؤرقا لخاطفيهم ومستمرا في الزمان لا ينمحي بمرور السنوات. ولأن للقدر سخريته التاريخية فالساعات الأخيرة التي تكتب هذه الأيام هي تلك المتبقية من حكم دام اثنين وأربعين سنة لملك ملوك أفريقيا وقائد ثورة الفاتح من سبتمبر وهلم جرا من الألقاب والتوصيفات التي لن تقوى على مقاومة المد الجماهيري في أرض الجماهيرية الموعودة. وكلما اقتربت ساعة الحسم أطل شبح موسى الصدر، 'المغيب' وفق نظرتي عائلته وطائفته، جاثما على ماضي ومستقبل العقيد المثقل أصلا بالأسرار والمؤامرات، فالقذافي في هذه القضية إما خاطف أو قاتل أو هما معا وهو في كل الحالات تلك مدان.

القدس العربي في

09/03/2011

 

ثقافات / سينما

السينما الوثائقية للدفاع عن حقوق الإنسان

الياس توما من براغ

يختلف المهرجان السينمائي الدولي للأفلام الوثائقية " عالم واحد " الذي انطلقت فعالياته في براغ مساء الثلاثاء عن غيره من المهرجانات في العالم بأنه الأكبر في مجال الأفلام الوثائقية الخاصة بحقوق الإنسان من جهة وفي انه الأكثر تحريضا للمشاهدين بمواضيعه الجدية على الانتقال من دائرة المعرفة إلى ساحة الفعل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم ومساعدة الضعفاء إنسانيا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا من جهة أخرى.

مهرجان هذا العام تشارك فيه 104 أفلام من 40 دوله تم اختيار هذه الأفلام من بين 1600 وصلت إلى إدارة المهرجان الأمر الذي يعكس مدة الاهتمام بهذا المهرجان ومدى سخونة وكثرة المشاكل الموجودة في العالم التي قام الفنانون بإنجاز أفلامهم الوثائقية عنها للتنبيه إليها.

مهرجان هذا العام هو الثالث عشر على التوالي ويتضمن مسابقة رئيسية ومسابقة أخرى تحمل عنوان " لكم الحق بالإطلاع " كما أدرجت مسابقة جديدة لم تكن في المهرجانات السابقة تحمل عنوان " وسائل الاتصال الجديدة تغير المجتمعات" أما المواضيع التي توزعت عليها أفلام هذه العام فهي كثيرة كما في الأعوام الماضية حيث تتضمن المواضيع التالية : وجه الفساد، رغم العمر، الطرق نحو الحرية، التحديات البيئية، الصوت النسائي، بانوراما، لا تعليق..

القائمون على المهرجان يؤكدون أن هدف المهرجان ليس عرض المشاكل القائمة في العالم فقط وإنما أيضا تحريض قطاع واسع من الناس على بدء التفكير في كيفية انتقالهم من مجال التلقي السلبي إلى دائرة الفعل الايجابي من خلال المساعدة بمختلف الطرق للناس الآخرين في أي مكان من العالم عبر الدعم المعنوي أو المالي أو المساعدات الإنسانية أو تنظيم المبادرات ولهذا يعقب عرض الأفلام نقاشات صريحة مع منفذي هذه الأعمال حول طبيعة المشاكل التي عرضوها في أفلامهم.

بعض الأفلام المعروضة هذا العام حملت مواضيع تنبه إلى مشاكل الفقر والجوع وقلة التسامح في العالم وتنامي الهجرة غير المشروعة والجفاف ووضع المسنين والتمييز الذي يلحق بهم وبالأطفال وبالظلم الاجتماعي الذي يقع على العاملين في قطاعات مختلفة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية و حتى معتقل غوانتمامو وجد له انعكاسا في احد الأفلام الوثائقية.

وفي دليل على أن المهرجان يتجاوز إطار المهرجانات السينمائية التقليدية فان عروض المهرجان ستستمر في براغ حتى السابع عشر من هذا الشهر تنتقل بعدها إلى 33 مدينة تشيكية لعرضها على طلاب المدارس والشباب في المدارس والمراكز الثقافية ثم تنقل إلى بروكسل لعرضها في البرلمان الأوربي كي تصل المشاكل المعروضة في هذه الأفلام إلى أسماع وأذان أصحاب التأثير السياسي.

المهرجان يشاهده في تشيكيا سنويا أكثر من 100 ألف مشاهد الأمر الذي لا يعتبر رقما قليلا، وبالنظر لكون الأطفال والشباب إضافة إلى المشاهدين العاديين هم الذين يتابعون عروضه المكثفة فانه رسالته تصل إلى شريحة واسعة من الناس حيث يغرس فيهم القناعة بان مشاكل العالم المختلفة تمس الجميع بغض النظر عن المسافات الجغرافية وان الدفاع عن حقوق الإنسان مسالة كونية بكل ما في هذه الكلمة من معنى كونها تمس الإنسان وحقوقه الأساسية.

إيلاف في

09/03/2011

 

الحالة ذاتها تكررت قبل انتفاضة 23 يوليو

الأفلام النفسية تعكس حالة الإحباط في مصر قبل ثورة 25 يناير

القاهرة - دار الإعلام العربية 

شهدت السينما المصرية قبل ثورة 25 يناير، حضورا لأفلام الدراما النفسية، إذ عرضت أفلام «فاصل ونواصل» لكريم عبدالعزيز و«الوتر» لغادة عادل وفيلم «زهايمر» لعادل إمام، التي عكست الأجواء السياسية والاجتماعية المتوترة التي عاشتها مصر، فيما قال نقاد ومخرجون معنيون بالسينما ان هذه الأفلام عكست حالة الإحباط الاجتماعي لدى قطاعات عريضة في المجتمع، ما مهد لأحداث كبرى تمثلت في الانتفاضة الشعبية التي شهدتها مصر..

وأكد النقاد أن الحالة ذاتها تكررت في مصر قبل ثورة 23 يوليو عام 1952، حيث عبرت أفلام «المنزل رقم 13» للمخرج كمال الشيخ، و«قطار الليل»، و«سيدة القطار»، عن الحالة الاجتماعية السائدة في تلك الفترة، كما ظهر في السبعينيات فيلم «أين عقلي» الذي حقق جماهيرية كبيرة، وكذلك فيلم «بئر الحرمان» اللذان عكسا حالات حادة من الإحباط، كما ظهرت هذه الموجة من الأفلام في ألمانيا النازية، وكان أول فيلم يعبر عن الدراما النفسية مأخوذا عن قصة «عيادة الدكتور جانجاركي» في القرن الـ19 بألمانيا.

أفلام تفريغ الفزع

ويعتبر المخرج محمد كامل القليوبي، أن أفلام الدراما النفسية التي ترتدي ثوباً بوليسياً والتي عرضت في الأسابيع السابقة على ثورة 25 يناير كانت بمثابة تفريغ لحالة الفزع لدى المشاهد وهي نوعية من الأفلام تظهر في لحظات الحرج الشديدة التي يمر بها أي بلد، لافتا أنه في البلاد المتقدمة يعتبرون إقبال الجماهير على هذه النوعية من الأفلام في بعض الفترات مقياسا للرأي العام.

وأوضح أن ظهور تلك الموجة من الأفلام بكثافة يوضح حالة الكبت والاكتئاب التي كان يعاني منها الشعب المصري، وبالتالي وصل إلى الموزعين وصناع الدراما والسينما أهمية التكثيف من هذه الأفلام، وهو ما يعد نوعا من الإحساس العام بالأحداث لصناع تلك الأفلام. وأضاف: غالباً يتبع هذه الموجة من الأفلام موجة أخرى من أفلام الرومانسية الساذجة في حالة حدوث حالة من الهدوء الاجتماعي.

دراما نفسية مباشرة

ويقول الناقد الفني د.رفيق الصبان: رغم أن إدخال علم النفس في الدراما قضية قديمة في السينما العالمية منذ أفلام «هتشكوك»، فإن السينما المصرية لم تتطرق لهذا النوع في الدراما المعروضة الآن بشكل جيد، فالدراما النفسية- للأسف- تُقدّم ولكنها مباشرة فجة مما يفسدها، فالمعالجة تكون ظاهرية فقط دون الرجوع للمتخصصين في علم النفس؛ لتقديم الدراما النفسية على أكمل وجه. وضرب الصبان مثلاً لذلك بفيلم «الوتر» الذي كتبه محمد فايز وأخرجه مجدي الهواري، حيث يرى أن الفيلم لم يتم فيه ضبط رسم الشخصيات بملامحها النفسية والاجتماعية وضبط السلوكيات، وكذلك افتقد الخط النفسي البوليسي، ولم يستطع الممثلون التعبير عن انفعالات الشخصيات واضطرابها وتعقيداتها، وأشار إلى أنه في الفترة السابقة قدمت نماذج لأفلام الدراما النفسية جيدة الصنع مثل فيلم «هي فوضى» ليوسف شاهين، الذي نجح في استعراض الأسباب الخلفية وراء انحراف الشرطي دون مباشرة في الأداء والتقديم، وكذلك أفلام «ملاكي إسكندرية» و«تيتو» و«45 يوم».

تخمة فنية

وتابع الصبان قائلاً: إن عرض كل هذه الأفلام من نوعية واحدة في موسم واحد يعد «تخمة فنية» وحصارا لأذواق الجمهور المتنوعة، فجمال السينما في القدرة على التنوع ما بين الدراما النفسية والاجتماعية والكوميدية والاستعراضية، لا على تقديم نوع واحد من الدراما والتركيز عليه.

معالجة ساذجة

بينما يرى د.يسري عبدالمحسن، أستاذ الطب النفسي، أن هذه النوعية من الأفلام تكون سطحية، ولا يوجد بها أي عمق في التناول لشخصية المريض النفسي، خاصة أن أغلبها يتم في إطار كوميدي وتهكم على المرضى النفسيين، والأخرى تتم في إطار «السيكو دراما» حيث يكون التناول بها ساذجا وغير متخصص ولا يعبر عن واقع المرضى النفسيين، كما أنه يعطي صورة سلبية ومعلومات خاطئة في طريق التعامل مع هذه الشريحة من المجتمع.

وأضاف أن القائمين على صناعة تلك الأفلام اعتادوا ألا يراجعوا متخصصين في مجال الطب النفسي، ولذا تخرج أفلامهم مشوهة وساذجة.. مؤكدا أن نتائج العلاج السطحي الذي تقدمه الدراما النفسية سلبية، حيث إن المشاهد يتوهم أكثر ويبالغ في مشاعره السيئة تجاه الآخرين؛ مما يدعم فكرة العنف الاجتماعي، خاصة في ظل حالة الاحتقان السياسي.

ويتحدث عبدالمحسن عن أفلام يرى أنها قدمت نماذج إيجابية مثل الأفلام التي تعطي الأمل لبعض المرضى النفسيين، منها فيلم «زهايمر» فهو يناقش أمراض المسنين، فضلا عن أنه يواكب الاهتمام العالمي بذلك المرض الخطير، وهو ما وصل بعمق إلى ذهن كاتب العمل، فأخرج عملاً يتناسب مع معطيات هذا المرض النفسي.

هذا ويدور فيلم «زهايمر» بطولة عادل إمام وفتحي عبدالوهاب ونيللي كريم وأحمد رزق وإخراج عمرو عرفة، في إطار كوميدي اجتماعي حول رجل ثري يدعى «محمود شعيب» يصاب فجأة بالنسيان، ويكتشف الأطباء إصابته بـ «الزهايمر»، ويطالبه أبناؤه بالإقامة في منزله وعدم الخروج منه حتى لا تسوء حالته، ما يتسبب في نشوب خلافات ذات طابع كوميدي بينهم.. وكذلك فيلم «فاصل ونواصل» لكريم عبدالعزيز الذي يتحدث عن سائق تاكسي من منطقة شعبية يتزوج من ابنة رجل أعمال دون موافقة والدها على تلك الزيجة، وبمرور الأحداث يصاب «كريم» في حادث سيارة، وتتوفى زوجته ولا يبقى له سوى صديقه وابنه الذي يحاول جده الحصول على حق حضانته بعد وفاة الأم، إلا أن «كريم» يرفض ويحصل بالفعل على حكم بالحضانة، لكن الولد يتم اختطافه، ويتم الاعتداء على البطل «كريم»، مما يفقده الذاكرة، لكنه يبدأ رحلة البحث في استعادة ذاكرته وابنه من خلال مجموعة من المواقف الكوميدية والإنسانية، والمرض المصاب به هو فقدان ذاكرة لحظي، وهو يحدث للأشخاص الذين يتعرضون لصدمات نفسية عميقة.

البيان الإماراتية في

09/03/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)