حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

حينما يحصد الأبناء والأحفاد قرارات الآباء

«ليتل فوكرز».. الكوميديا على طريقة روبرت دونيرو!

عبدالستار ناجي

قبيل خمسة اعوام تقريبا، اجرت ستديوهات بارامونت استبياناً وبحثاً ميدانياً، في الاسواق الاميركية والاوروبية حول النجوم الاكثر شعبية واهمية، وشمل البحث شرائح متعددة من الجمهور والنقاد والموزعين واصحاب دور العرض، وكانت المفاجأة حصول النجم الاميركي روبرت دونيرو على نسبة 80 في المئة كأهم الممثلين لدى النقاد والموزعين واصحاب دور العرض، بينما حقق ما نسبته 27 في المئة عند الجمهور، مقابل عدد اخر من النجوم الشباب، من بينهم جوني ديب وبراد بيت وتوم كروز ونيكولاس كيج ودينزل واشنطن.

وهنا جاء التفكير في خلق توليفة من الاعمال السينمائية، تعمل على اعادة تقديم «روبرت دونيرو» بشكل سينمائي جديد، حيث يراه النقاد مؤثرا في الافلام والشخصيات الجادة، ويريده الجمهور بشخصيات جديدة بسيطة، فكان ان تم وضع تلك النتائج امامه مع وكيل اعماله، وتم اقتراح صيغ جديدة لتقديم وجه روبرت دونيرو وايضا آل باتشينو، ويبدو يومها ان دونيرو وافق على عملية التغيير، بينما ادار آل باتشينو ظهره للامر متجها صوب المسرح.

وتأتي النقلة في علاقة روبرت دونيرو والجمهور من خلال دور في فيلم «قابل الوالدين» ميت ذا بيرنتس امام النجم الكوميدي «بن ستيلر». ولعلها من المرات الاولى التي يظهر بها دونيرو بشكل كوميدي، وسرعان ما قفز الفيلم الى الصدارة محققا ارقاما قياسية فانها شهية دونيرو لاجزاء جديدة ولمزيد من الكوميديا ولكن في اطار من المضامين الاجتماعية العالية الجودة.

ومن ذلك الحصاد، يأتي الجزء الثالث لتلك السلسلة، والذي يحمل هذه المرة عنوان «ليتل فوكرز» والذي لا يزال يحصد الملايين، وايضا المزيد من الطرح الاجتماعي الرصين ذي المضامين المغلفة بكم من المواقف والنكات.. وايضا الاداء التمثيلي السهل لكل من روبرت دونيرو وبن ستيلر، بالاضافة لحشد من النجوم، يدفع بهم المخرج بول وتيز، وبعضهم يظهر كضيف شرف لمشهد او مشهدين بحد اكثر.

وحتى لا نقفز الى الجزء الثالث مباشرة، علينا ان نقوم باستعادة شيء من احداث الجزءين الاول والثاني، لاننا في الجزء الثالث، نأتي على سياق احداث وشخصيات عاشها وعرفها الجمهور في الجزءين السابقين.

ففي الجزء الأول «ميت ذا بيرنتس» نرصد كماً من المشاغبات والعقبات التي يضعها «جاك - روبرت دونيرو» والد احدى الفتيات، امام احد الشباب «منيب - بن ستيلر» جاء يخطب ابنته، ومن شاهد ذلك الفيلم يعرف أن دونيرو لعب دور والد الزوجة المشاغب والذي يذكرنا بمقالب الحماه في السينما العربية، والتي ابدعت «ماري منيب» في تقديمها في العديد من الافلام الكوميدية العربية، وفي ذلك الجزء، يتفتق ذهن السيناريست في ابداع كم من المشهديات التي يحاول الاب من خلالها تعطيل ذلك الزواج، رغم انه يعرف أن ابنته تحب ذلك الشاب وهو ايضا يبادلها ذات المشاعر، وعليه ان يتجاوز حماقات هذا الاب المشاغب، في اجواء من المشهديات الكوميدية، والتي تعتمد في جلها على المفارقة اللفظية. وفي الجزء الثاني والذي حمل عنوان «قابل آل فوكرز» او «عائلة فوكرز» تتواصل المغامرات والمفارقات والنكات، الا ان الاحداث تظل تسير دائما لصالح الشاب وصديقته في مواجهة الاب (الحريص والخبيث) ويتزوج جريح وبام ولكن يظل الاب (جاك) يترقب ويتحين الفرص من اجل مواجهة ذلك النسيب الذي يتقبل الامور بين الدهشة ورد الصاع صاعين.

ونصل الى محطة الجزء الثالث ليتل فوكرز ومن خلال العنوان نحن امام جيل جديد حيث ابناء بام وجريح، وهذا يعني أحفاد (جاك، روبرت دونيرو) وهما سامنتا وهنري حيث يجد الجد جاك المدخل من خلالها للاختراق والمواجهة الجديدة مع والدهما (جريج)، ويروي لنا الفيلم اكتشاف الجد انه مصاب بمشاكل في القلب تدعوه لان ينصب نسيبه (جريج) مسؤولا عن العائلة لكنه سرعان ما يتراجع بعدما تتسرب اليه معلومات غير دقيقة، عن وجود علاقة بين نسيبه وفتاة لعوب ذات أصول مكسيكية (تجسدها الجميلة جيسيكا ألبا)، وهنا يستغل الجد الامور من أجل ان يقنع ابنته بالطلاق والانفصال عن زوجها، والعودة الى حياتها السابقة بل الى خطيبها السابق (أولين ويلسن).

وفي المقابل تتكلل جميع جهود (جريج) بالفشل سواء على صعيد تأكيد مكانته في الاسرة او شراء منزل جديد او حتى ادخال أبنائه احدى المدارس المتميزة، حتى نصل الى يوم حاسم وهو يوم الاحتفال بعيد ميلاد الاحفاد، وكأن الاحداث تتجه جميعها الى ذلك المشهد الذي يصاب به الجد (جاك) بأزمة قلبية، وهنا يبادر النسيب (جريج) الى مساعدته وانقاذ حياته لكن حتى تكون تلك المشاهد المشبعة بالمحبة والعاطفة نهاية الازمة المتفجرة التي تواصلت على مدى ثلاثة اجزاء، او ان الشهية لاتزال مفتوحة على المزيد من المواجهات، وهذا ما نحسه في المشاهد الختامية التي تشير الى أننا أمام أجزاء جديدة يضمر بها الجد الكثير من المشاكل والمشاغبات، لذلك النسيب المسكين من نوع مختلف، النكتة بحساب والطرفة بحساب والمواقف بحساب، كل ذلك مع حضور البعد التربوي والاجتماعي الذي يخلص الى أمر أساسي ان قرارات الاهل يحصدها الابناء ولنا ان نعرف أن ذلك الحصاد قد يفسد في أحيان كثيرة في حياة أبنائنا وبناتنا وأحفادنا.

في الفيلم، كما في الجزأين الاول والثاني أداء روبرت دونيرو في الجانب الكوميدي عفوي ونزق.

وهكذا الامر مع بن ستيلر الذي يطور قدراته كممثل بعد ان كان نجماً كوميدياً لا يجارى، بات ممثلا يمزج مزاجه الكوميدي مع ردود أفعال درامية عالية الجودة.

في الفيلم كم من الاسماء حيث تزدحم الشاشة بحضور جيسيكا البا وهارفي كيتل وواوين ويلسون ولورا (برن، والطفلين الموهوبين ديزي تاهان (سامنتا) وكولين بايكوتش (هنري).

ويبقى أن نشير الى أن تقارير استديوهات أكزبيتور ريليشنز (الشركة المنتجة) تتوقع ان تتجاوز عوائد الفيلم في جزئه الثالث بما يرفع الحصاد النهائي لاكثر من مليار دولار، مشيرين الى أن الجزءين الاول والثاني تجاوزت عوائدهم 870 مليون دولار في الاسواق الداخلية والخارجية في الولايات المتحدة الاميركية. روبرت دونيرو.. الإبداع بألف وجه.

anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

21/01/2011

 

ترى في عملها في فيلمي 'أحياء وأموات' و'احنا الطلبة' نقلة فنية مهمة  

الفت عمر: أسعى إلى أفلام المهرجانات لأنها تطرح موضوعات جيدة

القاهرة - 'القدس العربي' بدأت الممثلة الشابة ألفت عمر حالة من النشاط الفني في أكثر من عمل، تصور حاليا الفيلم الجديد 'أحياء وأموات'، تأليف وإخراج أسامة عشم ويشاركها بطولته لطفي لبيب وأنعام الجريتلي وشهيرة فؤاد.

تقول ألفت عمر: أجسد دورا جديدا تماما في السينما المصرية وأحاول معايشته بالشكل الملائم، لأنه خطوة فنية مهمة جدا لي في مشواري الفني، فأقدم شخصية مروة الفتاة التي تعيش حياة غريبة، فالناس يتعاملون معها على انها تحيا رغم انها ميتة وبشكل لا يتوقعه أحد. أضافت: الفيلم نجهزه حاليا ليشارك في المهرجانات السينمائية لأن موضوعه جدير بالظهور والمنافسة.

عن الدراما قالت ألفت عمر: دوري هذا العام في الدراما أيضا مميز، من خلال مسلسل 'احنا الطلبة' سيناريو وحوار عمرو سلامة وإخراج محمد حمدي، ونطرح قضايا جادة لمشاكل الطلبة الحقيقية وننغمس فيها بقوة لتحليلها ومناقشتها، وتكون مثار اهتمام المسؤولين عن الطلاب الذين يمثلون شريحة مهمة في المجتمع ويجب أن تهتم بهم الدراما لتساهم في حل مشاكلهم، وأيضا لطرح موضوعات جديدة غير مكررة على الشاشة فتكسب المسلسلات شرائح أخرى من المجتمع لتتابعها باهتمام وبذلك تحقق عدة أهداف في وقت واحد.

حول الفرص التي تتيحها الدراما والسينما للمواهب قالت ألفت عمر: هناك فرص عديدة بالفعل نراها على الشاشتين الفضية والصغيرة، وتقدم أدوارا متميزة للمواهب، وهو ما أدى إلى زيادة اهتمام الجمهور بهذه الأعمال نتيجة وجود دماء جديدة، ولا تعتمد على الوجوه المكررة بمعظم الأعمال، وفي نفس الوقت مطلوب بالفعل ضخ المواهب في أعمالنا الفنية لتقديم نجوم جدد يحققون المكانة الفنية التي يستحقونها، وتطوير الأعمال المطروحة بأفكار وممثلين وعناصر فنية جديدة في كل مكوناتها، وهذا مطلوب جدا في السينما والدراما التلفزيونية لتطوير هذه الصناعة المهمة.

عن طموحات البطولة المطلقة قالت ألفت عمر: البطولة حلم أي فنان وفنانة، وأنا أسعى لها بهدوء وعدم تعجل حتى لا تأتي بشكل خاطئ، وأقدم امكانياتي الفنية في الأدوار التي أجسدها بأسلوب جيد يجعل المتفرج يتفاعل معي ويعيش الدور بما يدل على اقتناعه بأدائي، ولذا أركز في الشخصيات التي أرشح لها ولا أفكر في مسألة البطولة حتى تأتي في الوقت المناسب، المهم ان أرضى عن نفسي بكل الأدوار التي أجسدها على الشاشة، وطالما أنا مطلوبة سينمائيا وتلفزيونيا فهذا دليل قوي على اهتمام الوسط الفني بي، وبالتأكيد الفرص ستتوالى أمامي لأحقق كل طموحاتي الفنية.

بالنسبة للكوميديا التي تتجه إليها الممثلات حاليا هل تفكر فيها؟ تقول ألفت عمر: أحب كوميديا الموقف ولا أحب كوميديا 'الافيهات'، وإذا وجدت دور يتضمن اللون الذي افضله سأقدمه بشكل متميز، لكنني ضد تصنيف الممثل الى كوميدي وتراجيدي وبوليسي وهكذا، فالممثل الموهوب يجسد الدور الذي يقتنع به ليبذل فيه كل مجهوده كي يظهر بأفضل مستوى فني، وهذا أهم للأعمال الفنية كي نطورها ونستحدث أشكالا جديدة فيها تساهم في جذب المشاهد لها.

أما تصنيف الممثلين فهو 'تحجيم' لقدراتهم ويجعل المتفرج يتوقع مقدما ما سيراه لهم على الشاشة وبذلك نفتقد المصداقية.

القدس العربي في

21/01/2011

 

الواقعية الجديدة في أبهى حللها المكسيكية النبش في الروح البشرية

حسن بنشليخة  

ما أروع أن تسترخي في مقعدك في إحدى صالات مهرجان مراكش السينمائي وتستمتع بفيلم بميزانية ضعيفة، ولكن برسالة إنسانية عالمية ونفحة روحية خالدة، بعدما تفجرت طبلتا أذنيك وتمزق قلبك وانسلخ رأسك وتخشى على نفسك من أن تسقط مغشيا عليك خلال مشاهدة الفيلم المغربي 'أيام الوهم'، الذي لا يصلح لا داخل المسابقة الرسمية ولا خارجها، وتحاول أن تنساه بمجرد خروجك من قاعة العرض.

أما فيلم 'غيوم' المكسيكي فقد أنتج بعين على المهرجانات الدولية وهذا النوع من السينما التي تحمل مسحة إنسانية هو ما نحتاج إليه، إذ يذكرنا بروائع السينما الايطالية وتظن انك أمام عبقرية فلينية.

مائة عام من العزلة

يعتبر هذا الفيلم أول إنتاج مطول كتبه بنفسه المخرج المكسيكي الخنضرو غيربر بسيتشي Alejandro Gerber Bicecci. يصور الفيلم عبر أسلوب يجمع بين الواقعية والرمزية، ويمزج بين التسجيلية والروائية وبلغة شاعرية مليئة بالدلالات، تجارب ثلاثة من الشباب. إنها قصة أندرس، وخوسي وفيليبي، ثلاثة أصدقاء يمرون بأخطر مرحلة في حياتهم: المراهقة. ويحاول المخرج أن يرصد لنا التغيرات في مظاهر النمو المختلفة التي يتعرض فيها الإنسان في فترة معينة من حياته، والصراعات المتعددة التي يعانيها داخلية كانت أو خارجية، كالأنانية والصدمة واستحضار الماضي، الذي يوحد ويمنع الشمل في نفس الوقت. وعبر أسلوب الفلاش باك المتميز يحملنا المخرج إلى نقطة انطلاق هؤلاء الأصدقاء الثلاثة وبيئتهم وطفولتهم. واستطاع بسيتشي أن يستعرض أوضاع' قريتهم الفقيرة Iztapalapa ببعض من الجمال نفسه والصور السحرية التي تحويها قصة غابرييل غارسيا ماركيز 'مائة عام من العزلة' الحبلى بالاضطرابات الاجتماعية والنفسية والسياسية، التي يمكن أن تنطبق ليس فقط على المكسيك وحده ولكن على كل أمريكا اللاتينية، وفي نفس الوقت يقاوم الفيلم ويرفض أن يصنف في خانة السياسة، انه فيلم فريد يمنح كل المكسيك وربما أمريكا اللاتينية الإنسانية الكاملة التي حرمتها منها الانقلابات العسكرية والفوضى العارمة. حقق المخرج ذلك عن طريق الغوص عميقا في نفوس شخصيات الفيلم وعاش معهم لحظة بلحظة. ثلاث قصص من عالم تعبر عن وجه آخر، وتفتح زاوية للتفكير في المخاوف والآمال والألم والموت والحب وأصوات تشير إلى شعور من الخراب والضياع وإمكانية التجديد والتطلع لعالم أفضل لبشر مثل جميع البشر. فما ذنب أناس يعيشون في قرية فقيرة صممت بنيتها التحتية بطريقة متعمدة ليعاني سكانها من نقص المياه؟

استقطب المخرج المشاهد العالمي واستحوذ على مخيلته وطار به إلى الشوارع الضيقة للقرية، والتهميش الذي تعيشه والسيطرة التي تعاني منها، حيث الأسر المفككة، وإدمان الكحول، والعزلة واكتشاف الأجيال للجنس. واستطاع أن يستعرض أوضاع الناس ومعاناتهم في هذه القرية بدون الحاجة إلى أي مرافعات ايديولوجية ذات الطابع السياسي. إنها موضوعات ذات علامات سامية بروح حساسة عرف كيف يختارها ويتعامل معها بإبداعات التصوير والإخراج في أدق التفاصيل التي تحمل كل الجمال والمتعة والتألق الإنساني!

الإلهام السينمائي

وضع الخنضرو بسيتشي بصمته الخاصة في الإلهام السينمائي بتقنيات جديدة وطرق وأساليب ملهمة في الإخراج وبأقل قدر من الكلام يستحق الاحترام. لقد أمتعنا حقا بسلسلة غنية باللقطات المتتابعة الرائعة والصور الجميلة في عملية صناعة الفيلم المكسيكي. واعتمد في الإخراج على عناصر جديدة مغايرة للنهج التقليدي بالكامل كالفلاش باك والاستغناء عن الأستوديو والتصوير مباشرة في الفضاء الخارجي، والاستناد إلى أحداث حقيقية غالبا ما تحمل في طياتها الوعي الاجتماعي أو السياسي، والاستعانة بممثلين غير محترفين من بين أشياء أخرى. هذا النهج أصبح سائدا في معظم الأعمال السينمائية المكسيكية التي وظفت الكثير من هذه العناصر في بيئتها الحقيقية ومع ناسها الطبيعيين، وتم التصوير على أرضية الواقع، الواقع الحافل بالتفاصيل والهموم الاجتماعية والسياسية. هكذا جاءت سينما المكسيك، من بين سينمات أخرى، لتكمل مشوار السينما الواقعية الايطالية بنفحة سياسية جديدة وحداثة عن جدارة مختلفة وتنقل واقع مجتمعها وتقاليده بكل أمانة وصدق بلغة هادفة شفافة وتقنيات عالية. ويأتي مشهد المسيح خلال الأسبوع المقدس مشحونا بالكثير من المعاني والرموز والدلالات المرتبطة بالتقليد الديني للآلام ليثري سرد الفيلم ويضفي عليه صبغة ثقافية أكثر عالمية بلمسات إبداعية مختلفة ومتميزة.

وعلى الرغم من أن الفيلم يعاني في الجزء الأول من مشاهده إلا انه يتدارك أخطاءه ويعثر على إيقاعه واتزانه وتناغمه وتناسقه واستمراريته كلما تقدم إلى الأمام. ومن المشاهد التي تجعلك تتسامح مع أي ضعف نزل بالفيلم هو الفلاش باك الذي يعود بك إلى فترة رضاعة أبطال الفيلم. إنها لقطات تحفر في الذاكرة وفي أعماق الروح إلى الأبد، وتختطفك من مكانك أثناء مشاهدة هذه المقاطع وأداء الممثلين لأدوارهم ببراعة مذهلة وبكل عفوية وبراءة.

مخرج وناقد سينمائي من المغرب

القدس العربي في

21/01/2011

 

 

النقاد قالوا إن التركيز انصب على "الكم" دون "الكيف"

المغرب.. الأولى إفريقياً بـ 19 فيلماً روائياً و 100 فيلم قصير في 2010

الرباط - خديجة الفتحي 

تستعرض السينما المغربية حصادها السنوي، بتنظيم مهرجانها الوطني بمدينة طنجة في دورته الثانية عشرة في الفترة الممتدة ما بين 21 و 29 يناير 2011، كما ستعقد خلاله مسابقة للأفلام الطويلة والقصيرة.
تتميز هذه الدورة بعرض 19 فيلما طويلا كحصيلة لسنة 2010 جعلت المغرب يحتل المرتبة الأولى على الصعيد الإفريقي والعربي, في مجال الإنتاج السينمائي، في الوقت الذي كان ينتج خمسة إلى ستة أفلام في العقود القريبة، ثم انتقل قبل سنة إلى إنتاج 15 فيلما، أما الأفلام القصيرة فبلغ معدل إنتاجها 100 فيلم في السنة، فهل يعكس هذا التراكم الكمي جودة على المستوى الفني؟.

في هذا السياق اعتبر الناقد حمادي كيروم في حديثه لـ"العربية.نت" أن ما وصلت إليه السينما المغربية في الحقية الأخيرة هو تراكم لجهد إرادتين، تتمثل الأولى، في إرادة الغرف المهنية في مجال الحقل السمعي البصري والثانية، الإرادة السياسية للدولة، مضيفا بأن اجتماع هاتين الإرادتين، أعطى 19 فيلما، ليحقق بذلك المغرب سبقا على مستوى معدل الإنتاج على الصعيد الأفريقي و العربي باحتلاله المرتبة الأولى.

ظاهرة "المخرج التقني"

ودعا الناقد حمادي كيروم النقاد والمثقفين للتساؤل حول هذا الكم العددي من الإنتاج والذي ترتب عليه ظاهرة "المخرج التقني" بحسب تعبيره، والذي هو شبيه في نظره بالتكنوقراط في السياسة، لأن ما يهم هؤلاء هو العدد الإحصائي، دون أن يتم ربط هذا العدد الكمي بالوعي وبالتحولات السياسية والاقتصادية والثقافية التي يعيشها المغرب.

وقال الناقد إن الصحافة المغربية والدولية، كلها تردد بأن المغرب هو البلد الأول في المغرب العربي، على مستوى التحولات السياسية، والتحولات الفنية التي تمثلها السينما، باعتبار هذه الأخيرة هي أداة التعبير المهيمنة الآن في البلد، بعدما كانت الرواية في السابق هي من يحتل هذا الموقع.

وأعطى كيروم، مثالا على غياب الوعي بما يحدث، وعلى الخوف من السقوط في الآلة التجارية، بظاهرة أفلام "سنوات الرصاص"، مشيرا إلى أنه بالعودة إلى أعوام السبعينيات والثمانينيات التي وقعت فيها الواقعة، نجد حسبه أن وعي المثقفين والسياسيين الذين طحنتهم آلة الرعب في تلك المرحلة، هو وعي تراجيدي بالمعنى الشكسبيري للتراجيديا.

ويرى أن الأفلام التي حاولت أن تستنسخ المرحلة لا يوجد فيها أثر لهذا الوعي، وهذا ما جعل أغلب المخرجين في نظره، صيادي منح ( في إشارة لدعم الدولة للأفلام) وصيادي مواضيع، مشيرا إلى أن هناك استثناءات قليلة ممن ينغرس وعيهم داخل المجتمع، ويحتفظ بما هو أصيل ومحلي وحضاري، واستوعب بهذا الوعي الثلاثي تكنولوجيا الصورة، وقدم للجمهور أعمالا رائعة، ذاكرا منهم: فوزي بن سعيدي، حكيم بن العباس، إسماعيل فاروخي، ياسمين قصاري، مومن السميحي.

وتحدث كيروم، عن ظاهرة أخرى أنتجها ما اصطلح عليه بالخفة المصطنعة، والمتجلية في ما سماه بظاهرة الفيلم الصناعي، والتي تحاول أن تصور بشكل مباشر تعبيرات شبابية يزخر بها المجتمع المغربي في مجال موسيقى "الراب" وغيره. وهي ظاهرة قال إن أصحابها تنقصهم الثقافة السينمائية العميقة، ويحركهم الانبهار المظهري بالتقنية التي سهلتها وسائل الإنتاج السمعية البصرية الحديثة، معتبرا إياها خطرا على مستقبل السينما في المغرب، وشبهها بفقاعات الصابون، قد تثير ضجيجا كبيرا، وسرابا يتخيله العطشان ماءا.

تطور الوعي لدى المتفرج

من جهته يرى هشام عبقري الناشط السينمائي و مدير مركب ثقافي بالدارالبيضاء، في تصريحه لـ"لعربية نت"، "أن الحصيلة إيجابية، وأن السينما المغربية لازالت في بدايتها مقارنة مع السينما العالمية، مشيرا إلى أن الإنتاج السينمائي المغربي لم يعرف تطورا إلا في السنوات الأخيرة.

ورأى هشام عبقري أن هذا التطور واكبه تحول على مستوى الفرجة لدى الجمهور، والذي لم يعد في نظره يتوجه للقاعة السينمائية من باب الفضول ومجاملة للفيلم المغربي، بقدر ما صار ت تندرج في إطار المقارنة المحكومة بخلفية سينمائية، وعنصر الاختيار، مستدلا على ذلك بفيلم "الخطاف" الذي واجه حسبه انتقادات حادة من طرف الصحافة، حين اعتبرته فيلما رديئا، لكن رغم ذلك، حقق أعلى نسبة مشاهدة، بناءا على أرقام شباك التذاكر".

وأشار عبقري إلى أن الساحة الفنية بالمغرب، أصبح يتعايش فيها نمطان مختلفان من الأفلام، السينما الموجهة للجمهور العريض، وأخرى تندرج في إطار سينما المؤلف، والموجهة لعشاق السينما، كما هو الأمر لفيلم "البراق" لمحمد مفتكر، وهو تعايش لم يكن سائدا في فترة الثمانينيات والتسعينيات في نظره.

وقال "إن مسألة الكيف مقرونة بالتراكم الكمي على مستوى الإنتاج، مبرزا أن مقارنة السينما المغربية بالعالمية غير صحيحة، على اعتبار أن ما يصلنا من هذه الأفلام، يتحكم فيها عنصر الاختيار والانتقاء، وعرضها في مهرجانات عالمية، في حين لا تصلنا الأفلام الرديئة، فمن أصل مائة فيلم قد نجد فيلما أوفيلمين يتميزان بجودة فنية عالية".

وأكد عبقري على أن المغرب يعد البلد العربي الوحيد الذي ينظم على أرضه أكبر عدد من المهرجانات السينمائية، سواء كانت محلية أو عربية أو دولية، واستطاعت أن تنظم في مواعيدها رغم الأزمة المالية العالمية، وهو ما يعكس في نظره حيوية المشهد السينمائي المغربي.

وتوقف، عند المفارقة التي تطبع هذا المشهد، والمتمثلة في تراجع عدد القاعات السينمائية من قرابة 400 قاعة بعد الاستقلال إلى 47 قاعة مع مطلع السنة الحالية، بالرغم من أن المركز السينمائي المغربي قد أعلن منذ مدة عن خطط لإنقاذ القاعات وبناء أخرى، لكن هذه المخططات إلى حد الساعة لم تر النور.

العربية نت في

21/01/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)