حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

القليل الجميل في موسم 2010 السينمائي

تجـارب تكسـر النمط الترفيهي المعتاد تفتح كوة في جدران العتمة وخمول الخيال وتشتبك مع ظواهر الواقع وأوجاعه المزمنة

تقدمها : خيرية البشلاوي

عام 2010 حصاده قليل "29 فيلما" مقارنة بمواسم سينمائية عرفت الوفرة وغزارة الانتاج.. هذا القليل يمدنا ببعض أسباب التفاؤل ويفتح شقا في جدران العتمة والبلادة الفكرية.

رحل العام بما فيه من أثقال وأوجاع ومرارة طالت كل مظاهر الحياة بل لعله العام الذي تميز أكثر من سابقيه برائحته النفاذة التي تصيب الحواس! ومع ذلك تبقي المحاولات الشابة التي تكسر النمط المعتاد في مجال الترفيه والانتاج السينمائي وتلقي بحجر في خضم هذا الوخم الذهني والانحطاط الذوقي والحضاري والثقافي.

تجارب تمد الجسور بين الشاشة الكبيرة الشاشة الصغيرة بين شرائط اللهو الخالي من أي هم اجتماعي أو فكري أو بين الشرائط الإخبارية المصورة التي تعكس أحداث وحوادث الواقع الفعلي المتسارعة والمزلزلة.

في ذهني الآن تجربة داود عبدالسيد المخرج العجوز الشاب "رسائل البحر" بأبعادها الجمالية والفكرية وهدوئها العاصف المحرك للانفعالات العقلية والروحية لتلال من الشجن والحنين.

وتجربة محمد أمين "بنتين من مصر" بنماذجها المختارة من بين بنات المدينة ومن أسرها البسيطة التي دفعت فواتير الفساد النافذ حتي النخاع ومن دون أن تسهم فيه أو يكون لأبنائها الذين اغتربوا ثم حين قرروا العودة نهشت أسماك القرش أجسادهم قبل أن يرسوا علي ضفاف الوطن.. بالاغتراب في الوطن أقسي أنواع الغربة وقد عانت بنات مصر وأبناؤها من تحرش الوطن ذلك لأن التحرش أنواع وليس أخطرها التحرش الجنسي لكن كلها أوجاع وما أشد قسوتها.

أيضا تجربة "هليوبوليس" للمخرج أحمد عبدالله التي تنعي حيا كان ذات يوم راقيا قبل أن يتحول جزء كبير منه الي قطعة أخري عشوائية تحمل شواهد قائمة مازالت علي عصور كانت أكثر انسانية وتحضرا تجربة هليوبوليس تنبض بالتحدي وبالقدرة التعبيرية غير المعتادة علي صنع عمل مختلف بأسلوب مختلف لكنه ليس مختلفا في نوع الهموم ولا هي غريبة تلك النماذج البشرية التي سكنت العمارات العتيقة البديعة ولا تلك التي قررت الهجرة حين ضاقت فرص الحياة.

هليوبوليس يمنح العشوائية بعدا آخر ذلك لأن العشوائية ايضا أنواع ورتب.

في الموسم السينمائي 2010 بدأت ملامح ما يسمي بالسينما المستقلة تتبلور وتبدو كنهير صغير يتم حفره عبر طرق لا تؤدي الي المحتكرين الكبار لصناعة السينما في مصر وانما عبر اجتهادات من يبحث عن نقطة ضوء تبدد اليأس وأساليب تعتمد في الأساس علي الثقة بالنفس والإرادة فخرجت تجارب مثل الحاوي ابراهيم البطوط الذي تقدم الركب الجديد بفيلمين ايتاكي وعين شمس وميكروفون احمد عبدالله وهي التجربة الثانية بعد هليوبوليس وبصرة احمد رشوان الي جانب تجارب سينمائية مختلفة علي هامش التيار الرئيسي مثل تلك الأيام احمد غانم والكبار وولد وبنت كريم العدل.

***

مخرج يصارع الهوس الجنسي والديني والكروي

فيلم محمد دياب 876 الذي جاء في نهاية موسم 2010 وبداية 2011 أشبه بجبال النور التعاليق الملونة التي تعلن وجود فرح علي مسرح السينما الشابة.

المخرج الشاب يقدم فيلمه الأول علي مستوي الاخراج والخامس علي مستوي التأليف وكتابة السيناريو وبإرادة ووعي كاملين يشحذ الكاميرا ويصوبها ضد ظواهر المجتمع ويعريها ويوجه اليها سهاماً توقظ الوعي الجمعي وتحرك الهمة النائمة من أجل التصدي لظاهرة التحرش الجنسي التي كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة.

محمد دياب وهو في مقتبل العمر يقرر النزول بفيلمه الي المجتمع بدم حام ليقدم عملا فنيا تحريضيا عن ثلاث نساء يتعرضن للتحرش.

في بداية الفيلم وقبل أن يقدم بطلاته يسمعنا أولا صوت الرجل عبر أغنية شعبية داخل اتوبيس تجسد المفهوم الاجتماعي المتخلف والشائع عن الحريم والتفسير الخاطيء للدين عن ماهية المرأة.

الأغنية تقول خد بالك من صنف الحريم فيهم ربع ضارب.. الخ الأغنية التي تكرس صورة ناقصات عقل ودين.

وعند تقديم بطلته الرئيسية فايزة بشري لأول مرة جعلنا نراها داخل ادارة في الشهر العقاري مشحونة بالموظفات وفيهن عوانس يعملن أمام زحمة من عامة الشعب تسعي الي تخليص مصالحها في ظروف محرومة من النظام والنظافة والمكان المناسب.

زميلة فايزة تترك عملها بدري علشان تلحق تدور علي عريس في إشار ساخرة الي ظاهرة أخري تعيسة وأعني ظاهرة العنوسة التي شغلت بدورها مساحات اعلامية للثرثرة حولها.

انها هي نفس الزميلة التي نراها لاحقا في سياق الفيلم محشورة داخل اتوبيس تتعرض للتحرش دون غضب أو رد فعل.

وفي موقع آخر من الفيلم يصور المخرج بحساسية ووعي اجتماعي حاضر طابور الموظفين أثناء قبض مرتباتهم وحين يأتي الدور علي فايزة تعد ما تبقي لها من الراتب بعد الخصومات فنلمح حجم المعاناة وقسوة الحصار المادي ونحن نعرف ان أولادها مهددون بالطرد من المدرسة لتأخرهم في دفع المصروفات.

وفي الحوار المتوتر بين فايزة وموظف الحسابات نكتشف حساسية المخرج في انتقائه كلمات الحوار وفي إدارة المشهد وبناء مشاعر الانفعالات كما تعكسها طبقات الصوت صوت فايزة والتباين بين كم الحنق واليأس في تعبيراتها المقتصدة وبلادة الموظف البيروقراطي الذي يرد عليها بخشونة وغلظة في هذا المشهد ننتبه مثلما انتبهنا في مواقع أخري في نفس الفيلم الي حساسية الممثلة بشري واتقانها اللافت في التعبير عن الموقف وعن الحزن الممزوج باليأس لامرأة بسيطة الحالة تعول طفلين مع زوج بامكانيات شحيحة وفي أحد أهم المواقف تكشف فايزة عن أفكارها المشوشة ومفاهيمها المضللة عن الحرام والحلال عندما تحتد علي المرأة الأخري التي تعيش نفس محنتها نيللي كريم وتقف الي جانبها وذلك لأنها امرأة وفنانة مودرن لا تضع الحجاب ومن ثم تعتبر في نظرها محركا لغرائز الشباب.

اختزال خاطيء

من الخطأ إذن اختزال "876" في كونه فيلما عن التحرش وان كان التحرش موضوعه الرئيسي هو فيلم ايضا عن وضعية المرأة في التفكير الجمعي لمجتمع يعاني من التشوش واختذلت مفاهيمه عن الحرام والحلال وكذلك قيمه ازاء المرأة القيم الشكلية التي تحدد طهارتها ورغم ان البطلة محجبة وحادة جدا وأم مكافحة وموظفة تعاني من بعد المسافة ومن تحرش سائقي التاكسي إلا انها لن تنجو من الانتهاك والايذاء البدني والنفسي حتي صارت حياتها الطبيعية مع زوجها شبه مستحيلة.

فايزة لم يرحمها الذكر ذلك لأنه أيضا مفعول به ويعيش حالة مركبة من التحرش فهو محاصر ومهان في كبريائه ورزقه وعيشه ومعرض للانتهاكات بشكل أو بآخر فهو رغم ذكورته التي تجعله قواما علي النساء فقد الجدعنة والرجولة بمعناها القيمي وفقد أسباب الحياة الكريمة وقد حرص المخرج في معالجته للفيلم أن يستعرض سريعا الحالة المعيشية لأحد المتحرشين الذي تكشف انه ابن اسرة مصرية بسيطة تعاني من شظف الحياة وأمه سيدة مصرية قحُ في عرض من يمن عليها بجائزة من جوائز التليفزيون الخيرية!

وفي ظل هذه الظروف نجد اننا في حاجة أيضا إلي فيلم يعالج ظاهرة أكثر خطورة وهي التحرش ضد الصبيان "التوربيني وعصابته مثال".

البداية الدالة.. وعلم مصر

في بداية الفيلم يركز المخرج علي يدين لامرأة تغزل ــ فتاة وفتي من السلك ونري الاثنين في حركة راقصة فاليد التي كانت تصنع هذه الشخوص من السلك لفنانة صبا نيللي وناشطة في مجال حقوق المرأة وأساليب الدفاع عن النفس وتقدم محاضرات في هذا المجال يحضرها نساء عاجزات عن القيام بأي ردود فعل لنظرة المجتمع الذي يري في الافشاء عن حالات التحرش فضيحة وإساءة للمرأة رغم انها ضحية.

هذه المرأة نفسها كانت تعرضت للاغتصاب مما جعل زوجها طبيب النساء يتخلي عنها مؤقتا وكانت تعيش حياة ميسورة وحلوة فقدت حلاوتها واستوائها بسبب ما جري لعلاقتها الزوجية فتوقفت عن صنع العرائس وكرست جانبا من حياتها لتحريض المرأة علي الانتقام لنفسها ممن يتحرش بها.

أريد أن أتوقف

هنا أمام معني آخر مهم ساقه المخرج محمد دياب ضمن السياق.. فقد تعرضت صبا للتحرش بعد مباراة لكرة الششقدم حضرتها مع زوجها وسط آلاف المشجعين ومثل كل الفتيات رسمت علم مصر علي وجهها وكان زوجها أثناء المباراة يدفعها دفعا لمزيد من التشجيع وبصوت أعلي "مصر.. مصر" ووسط اندفاع الجماهير واجهت ما واجهته ممن تحرشوا بها أمام زوجها وحين وصلت الي منزلها نراها علي السرير وقد تشوه وجهها بألوان العلم الذي لم يعد علما وانما مجرد ألوان ساحت بفعل الدموع والمقاومة فحولت الوجه الجميل الي ما يشبه البلياتشو هذا المشهد الذي بدأ بحماس غامر وتشجيع من القلب لمصر وفريقها القومي تحول بسبب الجموح والتطرف والفوضي وسوء الأخلاق والانحرافات النفسية الي حنق وغضب ورغبة في الانتقام والحياة الزوجية التي كانت سعيدة انتهت الي انفصال وعجز عن التسامح أو النسيان.

مشهد الزحام والتحرش نفذه المخرج والمصور والمونتير.

البطلة الثالثة واسمها نيللي التي لعبتها الممثلة الشابة ناهد السباعي بمهارة لافتة وأداء جميل ومقنع تعمل موظفة في شركة اتصالات تتعرض في البداية لتحرش لفظي من زبون يعاكسها في التليفون وحين ترد عليه بعصبية يعنفها رئيسها كريم كوجاك لأن الزبون حتي وان كان سخيفا ومتحرشاً فهو علي حق "!!" ولكنها فتاة ايجابية جدا وفعالة وفنانة رغم الوظيفة وكذلك خطيبها عمر "عمر السعيد" الذي يقدم نمرا فكاهية ارتجالية علي مسرح ساقية الصاوي ولكنه مضطر أن يتحمل وظيفته في البنك حتي يكتمل مشروع زواجه.

نيللي تتعرض لصورة أخري من التحرش العملي وأمام منزلها ولكنها تصر أن تطارد من تحرش بها رغم الصعوبة البالغة في تحقيق ذلك فهو سائق سيارة نقل وقد تعرض لإيذائها بدنيا ولكنها تواجه الأسرة والخطيب وتعنت الصول داخل نقطة البوليس الذي لا يريد أن يصف العدوان علي انه تحرش ولكنها في النهاية تكسب القضية بفضل إرادتها وأيضا دعم خطيبها عمر ورجل البوليس ماجد الكدواني بطلات فيلمه ان يقدم نماذج مقابلة من الرجال.

قدم باسم السمرة في دور زوج فايزة أم موظف الأمن البسيط الذي يجاهد من أجل إعالة أطفاله وزوجته ولكنه يعاني من رفض الزوجة التي أصابتها حالة قرف ورفض من الرجال حتي قررت أن تنتقم منهم.. وزوج صبا الذي لعب دوره احمد الفيشاوي وكان مقنعا جدا سواء في مظهره وفي ادائه لملامح الطبيب ابن الناس العاجز عن تقبل ما جري لزوجته بفعل مفاهيم المجتمع المتجذرة عن طهارة المرأة.

والنموذج الأكثر إثارة للاعجاب ماجد الكدواني الذي قدم صورة مركبة جدا ومقنعة لرجل بوليس من طراز مختلف وبأداء متوازن وطبقة صوت لا علاقة لها بالصورة النمطية لضابط البوليس وبفهم متأمل لظاهرة مجتمعية يتعاطف هو مع ضحاياها ولكنه منحاز بحكم طبيعة عمله الي القانون فالبطلات من الاناث لجأن الي العنف انتقاما من المتحرشين بهن ومع ذلك لا يستخدم سلطاتة ضد المرأة رغم علمه واعترافها بالجريمة.

اعتقد ان هذا الدور يمثل خطا فاصلا في مسيرة الكدواني.

ان الصورة التي قدمها محمد دياب لرجل البوليس تدخل ضمن صور موضوعية نادرة لهذه الشخصية التي ظهرت مئات المرات في الأفلام فهو في النهاية ابن هذا المجتمع "بعبله" ويزداد فهمنا لطبيعة هذه الشخصية في سياق فيلم يعالج أزمة اناث في مجتمع مريض حين يكتشف انه نفسه اصبح أبا لطفلة أنثي وضعتها أمها ثم رحلت.. اذن هو بدوره أصبح ضالعا في هذه القضية.

من مزايا الفيلم انه اضفي جوا انسانيا واقعيا علي الحالات الاجتماعية المختلفة لكل ابطاله وبطلاته ونسج حبكة مقنعة الي حد كبير لجمع هذه الحالات المتباينة من حيث السلوك والطبقة الاجتماعية والمستوي المادي في إطار فني ممتع ومسل وآسر سواء بالنسبة لأداء البطلات وقد أبدعن الثلاثة وبشري علي الأخص بالتزامها المخلص للدور بدت مدهشة تستحق منتهي الاحترام والاعجاب.

محمد دياب وفريقه من الفنانين والفنيين قدموا عملا ممتازا وفريدا لأنه حول الفيلم الي رسالة وسلاح ودور فعال في هز المجتمع وتنبيهه الي سلبياته وإعادة النظر في مفاهيمه.

المساء المصرية في

02/01/2011

 

سينوغرافيا الماكياج وسيكولوجية الوجه ..التأثير الدرامي المباشر

علاء مشذوب عبود 

تعد الصورة السينمائية من أكثر الفنون امتلاكا لوسائل التعبير، وإذا كان الماكياج مفهوما جزئيا، فأن السينوغرافيا مفهوما عاما يحوي كل المكونات البصرية التي تعرض من خلال تلك الصورة، ويكشف لنا المكون السينوغرافي كعنصر من عناصر اللغة الصورية العلاقة بين الرؤيا الإخراجية والسينوغرافيا، كما ويعكس علاقته بالمكونات السينوغرافية الأخرى، ويعد الماكياج أحد وسائل التعبير الدرامية والجمالية المهمة، فما هو الماكياج؟

الماكياج: هو”فن يستند الى علم الجمال كوسيلة لتطوير التعبير السينمائي بصفته أحد عناصر الإنتاج التي أضافت الى اللغة السينمائية وما زالت تستشرف المفردات لإثراء المعنى”(1)، والماكياج ليس فعلاً زائدا يستعمل من أجل الحفاظ على وجوه الممثلين أو وقايته من الإضاءة، بل هو تقنية وظيفية تساهم في أغناء العمل الدرامي وإثرائه وظيفيا ومن ثم يعكس طبيعة الشخصية وقناعها الدرامي ووظيفتها داخل العمل، وقد يكون الماكياج جزئيا أو كليا، طبيعيا أو اصطناعيا، وقد يكون لغويا أو بصريا”وإذا كان أحد المفهومات الرئيسة للسينما هو أنها فن الصورة المتحركة وهي القيمة الجمالية الأساسية للصورة على الشاشة”(2)، بمعنى أن أساس الجمال هو الصورة المتحركة ولما كانت الحركة في السينما حركتين أي حركة الأشياء وحركة الكاميرا، فأننا لا نناقش حركة الأشياء كونها فعلاً بايلوجياً بل نناقش حركة الكاميرا وجمالها الذي يضفي على تلك الحركة من خلال إضفاء معنى عليها كوننا نبحث في (السينماتوغراف) أي الصورة الفوتوغرافية المتحركة.

إن أول من أكتشف اللقطة القريبة هي مدرسة برايتون وأحد روادها(أ.جي.سميث) عام 1900، ولكن يعود الفضل في أخذ الماكياج لدوره في السينما الى جريفيث الذي “يعد الأول في استخدامه اللقطات القريبة لأسباب سيكولوجية وليس فيزيائية بحته. أستطاع الجمهور الآن أن يشاهد أدق التعبيرات وأصغرها في ملامح وجه الممثل، أمكن لأدنى تقوس في الحاجب أن يعبر عن زخم كبير من الانفعالات”(3)، وعلى الرغم من إثارة زوبعة على جريفيث لاستخدامه هذه الطريقة ،إلا أنها أصبحت طبيعية وأصبح الكثير من المخرجين يعتمدون عليها في إيصال ما يريدونه وخاصة في أفلام الجريمة والاستكشاف والخوف من المجهول.

ويرتبط الماكياج بالممثل ارتباطا جوهريا، إذ أنه لا يشتغل إلا على جسد الممثل بالعموم في مراحل حياته المختلفة” شاب ـ كهل ـ شيخ “ومن ثم  يساعد في عملية الإخراج “لأنه يمتلك الإمكانات الضخمة التي يسهم في كمال الإخراج”(4) فهو يقوم برسم ملامح الشخصية على وجه الفنان من خلال الدور الذي يجسده، وبما أن الدراما السمعبصرية تعتمد الإضاءة ومن ثم الكاميرا فأن لها متطلبات خاصة، لأن الوجه يتعرض للإضاءة الشديدة فتضيع معها ملامحه، لذا يجب على مصمم الماكياج الاعتماد على ألوان تمتصها تلك الكاميرا، لذلك لابد من أن يوظف الماكياج في مصلحة الدراما، فهو يسهم في تشكيل الشخصية، مما يتطلب من مصمم الماكياج أن يكون ملما بالثقافة الفنية والحس العالي للجوانب الفنية والدرامية للنص قبل البدء في التصوير، يجب قراءة النص والتعرف على الشخصية ومن ثم البدء في البحث والتقصي لرسم ملامح الشخصية المتخيلة بالإضافة الى العلاقات المشتركة بين الديكور والأزياء والإضاءة والتي تؤدي تلك العناصر مجتمعةً التعبير المطلوب منها جميعا حيث تكمن قوتها في “تحريك جميع المشاعر الممكنة فينا، تسريب جميع المضامين الحية الى باطن أنفسنا، وإثارة جميع هذه الخلجات الداخلية بوساطة واقع خارجي ليس له سوى ظاهر الواقع”(5)، وتتم كل تلك العملية عن طريق الفنان والذي يجتهد أسوةً بكل تلك العناصر من أجل إيصال ما مناط بالشخصية “لأن محاولة الفنان إيصال الحقيقة تستدعي كل مصادر الإرادة الإنسانية والخيال وأن صعوبة صياغتها في كلمات يوضح عظم المهمة الإبداعية”(6) ولذلك يقع على عاتق عناصر اللغة الصورية بما فيها الماكياج القيام بهذه المهمة الإبداعية مثل ما يقع على الممثل”لكن الماكياج لا يخلق الشخصية، ولكنه يساعد على أبرازها، ولن يصل ماكياج الى حد الكمال بغير وجود الممثل الكفء”(7)ما يعني أن يكون في حدود الشخصية التي يراد تجسيدها من خلال الممثل، لأن الماكياج الزائد عن حدوده قد يدمر الشخصية ومثله القليل قد لا يؤدي الغرض المطلوب منه لذلك يعد هذا العنصر من أسباب نجاح العمل الدرامي أو فشله ويطلق عليه في كثير من الأحيان بـ(فن الرسم على الوجه)، وهو يختلف من المسرح الى السينما والتلفزيون ومن ثم تحدد العلاقة على أثره “حيث يكون في السينما أكثر منه دقة في المسرح، الممثل المسرحي يميل الى استخدام الماكياج بالدرجة الأولى لتكبير ملامحه حتى ترى من مسافات بعيدة على الشاشة”(8)، أما في التلفزيون والذي يعتمد في أغلب مشاهده على اللقطات المتوسطة والقريبة وفي بعض الأحيان البعيدة، مما يعني إظهار ملامح وسمات كل تعابير وجه الإنسان على حساب المكان والديكور و...لذلك “يتلاشى الديكور في الفضاء ويحل محله على الشاشة الديكور البشري، أذ تبدو صورة وجه الممثل في حجم أكبر من الحجم الطبيعي بكثير وتوضح ما في وجهه من ملامح وما يبدو عليه من التأثيرات”(9)، وبذلك فأن الماكياج يقوم مع الأزياء في تجانس وظيفي بإرسال معلومات عن الشخصية الممثلة ويخلقان مع بقية العناصر الصورية في الجو العام ويتأثران في بقية العناصر، ومن أجل وضع الماكياج لأي شخصية يراد للممثل القيام بها عليه أن يعرف مزاج الشخصية هل هو (ثرثار، عصبي، سريع الإساءة....أو هي خجولة، معتوهة، غدارة، مرهفة الإحساس....) لأن الماكياج يستخدم لتحقيق أغراض محددة “هي:

1 - تجميل الوجوه والملامح وجعلها جذابة ومريحة إلا إذا كان العكس هو المطلوب.

2 - معالجة الآثار الناجمة عن استخدام الأجهزة الالكترونية أثناء التصوير .

3 - صياغة الشخصية، بحيث تعكس ملامحها صورة مقنعة للدور الذي تؤديه،  فتبدو في عمر معين أو في شكل يترجم حالة صحية أو نفسية خاصة،أو يشير الى طبيعة مهنة أو حرفة “(10).كما وعليه أن يعرف البيئة التي سوف تعيش فيها الشخصية ،وكثيرا ما تحمل النصوص شخصيات مزدوجة، فمرة تمثل هذا الدور امرأة تكون اجتماعية ومرموقة وفي الليل تسرق من المحلات، أو تمثل دور الرجل والمرأة، ومثلها الرجل يمثل دور الرجل والمرأة ولكل شخصية هنا ماكياجها الخاص، إلا إن أصعب الأدوار هي الأدوار المركبة “فبوسع ممثلة واحدة في أوقات مختلفة أن تقوم بدورين فأن فعلت هذا، كان عليها بغير شك أن تعتمد جزئيا على الماكياج كي تعبر تماما عن فردية كل من الشخصيتين، ولابد أن تبني اختيارها في تصميم كل من الماكياجين على تحليل واف للشخصية”(11)، ودورها في المساعدة على خلق الفضاء السينوغرافي الذي يساعد على  إضفاء طابع درامي وجمالي على الصورة، أو فنان واحد لشخصيتين.

المصادر

 (1) ـ آرثر نايت، قصة السينما في العالم، مصدر سابق، ص104

(2) ـ طه الهاشمي، تجنيس السيناريو،(بغداد:كلية الفنون الجميلة،1996)رسالة دكتوراه غير منشورة، ص131

(3) ـ لوي دي جانيتي،فهم السينما،مصدر سابق،ص190

(4)ـ ريتشار كورسون، فن الماكياج في السينما والمسرح والتلفزيون ،تر، أمين سلامة، (القاهرة: المركز العربي للثقافة  والعلوم،1982)، ص و

(5) ـ هيغل ،المدخل الى علم الجمال، تر، جورج طرابيشي، (بيروت: دار الطليعة، 1988)، ط3، ص 28

(6) ـ جون هوارد لوسون،السينما عملية أبداعية ،مصدر سابق،ط1، ص343

(7) ـ ريتشار كورسون، فن الماكياج في السينما والمسرح والتلفزيون ، مصدر سابق، ص1

(8) ـ لوي دي جانيتي، فهم السينما، مصدر سابق، ص404

(9) ـ ماريو فردوني، الموضات والأزياء في الأفلام، مصدر سابق، ص35

(10) ـ كرم شلبي، الأنتاج التلفزيوني وفنون الإخراج، مصدر سابق، ص193

(11)-  ريتشار كورسون، فن الماكياج في السينما والمسرح والتلفزيون، مصدر سابق، ص8

الإتحاد العراقية في

02/01/2011

 

المهرجان العالمي لأفلام الجبال والمغامرات في النمسا 2010

بدل رفو/ النمسا 

أقيم خلال الاسابيع الماضية في مدينة غراتس النمساوية المهرجان العالمي لأفلام الجبال والمغامرات في دورته  الثانية والعشرين. رآس هذا المهرجان النمساوي روبرت شاور الذي قال بأن 29 دولة اشتركت بأفلامها في هذا العام.  وكذلك تحدث عن الفلم العالمي (قمة جبل اليأس) الذي انطلق من هذا المهرجان وعرض بعدها في صالات العالم. تدير المهرجان بربارا تاوشر.إنه بانوراما عالمية لتسلق جبال بكل أنواعه. لقد تم اختيار 113 فلما من مجموع 247. عرضت هذه الأفلام في عدة صالات سينما ومنها كاتدرائية الجبل وصالة شوبارت وصالة شتيفاني وصالة الموسيقى. ابتدأ المهرجان قبل الموعد المحدد بيوم وذلك لكثرة الأفلام المشاركة.

قسمت أفلام المهرجان إلى 5 أقسام :

1 ـ أفلام وثائقية حول جبال الألب.. وهي أفلام حول الاستكشافات  وتسلق الجبال  مع شهادات حول جبال الألب .

2 ـ التسلق على الصخور والجليد.. أفلام حول رياضة تسلق الجليد والصخور التي تعد  رياضة نشيطة في عالم الجبال والحركة السريعة للمتسلقين.

3ــ أفلام المغامرات.. أفلام مغامرات لأولئك الأشخاص الذين يمتلكون مهارات خارقة  في توثيق البيئة والطبيعة.

4 ــ الطبيعة والبيئة.. مواضيع هذه الأفلام تتناول المحافظة على البيئة في كل أنحاء العالم.

5 ــ أفلام الألب.. أفلام ووثائق حول الحضارات الغربية وكذلك في جبال الألب.

في اليوم الافتتاحي للمهرجان العالمي  التقيت بالسياسية النمساوية  التي كانت مسؤولة القسم الثقافي في حكومة الإقليم السابقة واليوم تعمل في حكومة الإقليم كعنصر فعال وهي (د. بتينا فولات). ودار حديث بيننا حول الثقافة والاندماج بالحضارات والترجمة وأفلام الجبال. وفرحت جدا بذلك الجسر الثقافي  في مجال الثقافة  بين النمسا وكوردستان وقالت:”  كم كنت أتمنى أن أتعلم العربية”.. لأن والدها كان يعمل ضمن السلك الدبلوماسي.  وهنأتني على كتابي الأخير المترجم من النمساوية إلى اللغة الكوردية. وسألت إن كان الكرد لهم اهتمامات بالثقافة النمساوية والأدب النمساوي. د. فولات لها بصمات واضحة في القسم الثقافي في حكومة إقليم شتيامارك وحديث شيق أيضا حول الجبال.

وللسياسيين  أيضا أحاديث حول السينما وأفلام الجبال ومنهم:فرانس فوفيس..رئيس إقليم شتايامارك النمساوي قال:” إن مهرجان الأفلام العالمي للجبال والمغامرات في دورته الثانية والعشرون يحمل بين ثناياه الخيال الواسع  واحتمالاته مع الطبيعة”.

الإتحاد العراقية في

02/01/2011

 

دبلجة الأفلام السينمائية

كاظم مرشد السلوم 

دأبت بعض الفضائيات العربية التي تختص بعرض الافلام السينمائية على مدار الساعة الى دبلجة العديد من هذه الافلام وبالعديد من اللهجات العربية كالسورية واللبنانية وكذلك الخليجية، كبديل عن الترجمة، ويرى البعض ان الدبلجة في بدايات أستخداماتها جاءت للدول التي تعاني من أرتفاع نسبة الامية فيها، وبالتالي فأن الدبلجة تاتي لمساعدة المشاهد على التعرف وفهم مايجري من أحداث خصوصا وأن الدبلجة تأتي بنفس لهجة المشاهد وكان لدول مثل أيران وتركيا السبق في هذا المجال، ولا أدري السبب الذي يدفع العديد من الفضائيات العربية الى ذلك الان، ففي حين تعمل العديد من الشركات السينمائية التي تنتج افلام الرسوم المتحركة على ان يكون صوت شخصيات هذه الافلام لممثلين كبار وتدفع لهم  أجورا عالية  حتى تجتذب اكبر عدد ممكن من المشاهدين.

نرى أن الفضائيات العربية تعمد ومن خلال الدبلجة الى الغاء اصوات الممثلين،غير أبهة بالاثر الذي يتركه صوت كل ممثل على المشاهد لما يتميز به صوت هذا الممثل او ذاك،  فهل يطاق ان نرى مثلا فيلم العراب بدون صوت مارلون براندو أو أل باتشينو، أو ان نشاهد احد افلام الممثلة الكبيرة ميريل ستريب بصوت بديل لصوتها، شاهدت قبل ايام واحدا من الافلام المهمة وهو (تروي) للمثل براد بيت ولم أستطع تكملته بسبب الدبلجة الرديئة، خصوصا وأني سبق وأن شاهدته سباقا بدون دبلجة، الامر الذي يدفع الى المقارنة بين المشاهدتين وبذلك يكون الانحياز الى المشاهدة الاولى كونها اكثر واقعية من حيث الصوت الذي تم تزييفه في المشاهدة الثانية، من الممكن أن نشاهد مسلسلات مدبلجة كالمسلسلات التركية باعتبار عدم معرفتنا المسبقة بأبطال هذه المسلسلات، كذلك فاننا سبق وان شاهدنا ومنذ منتصف التسعينات مسلسلات مكسيكية مدبلجة ربما اجتذبت عدد كبير من المشاهدين ولكنها جاءت هكذا منذ البداية، كذلك فأن الفارق في تلقي لهجة دون غيرها من اللهجات التي تستخدم في الدبلجة ، له اثره في تقبل هذه الافلام، وأنا أتسأل هنا كيف يمكن للدبلجة ان تغني عن الحوار في مشهد مثل المشهد المؤثر في فيلم (الحرارة) لربيرتو دي نيرو وأل باتشينو في المقهى، والاثر الذي يتركه صوت الممثلين الكبيرين على المشاهد حيث بني على ضوء ذلك الحوار حرارة العلاقة بين الأثنين طيلة وقت الفيلم....

الإتحاد العراقية في

02/01/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)