حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

متابعات

عبد السلام شحادة: أريد البوح أكثر.. فعدوي لا يخجل

رسالته في فيلم "إلى أبي" العودة للصور

حوار: سعيد أبو معلا

خلف قصة كل فيلم جيد فيلم أخر، يتجاوز الموضوع ويثريه بمقدار ما يقوم بإنجاز عملية تفكيك محبب للفيلم ذاته. لا نتحدث هنا من منطلق ضيق بل نتقصد ذلك لايماننا بحقيقة أن الحكايا لا تكتمل، فدوما هناك ما يستحق الحديث عنه بعد الانتهاء من أي فيلم معبأ بالصور والأفكار والرؤى، فكيف والحال عندما تكون الصورة هي الموضوع، والقضية معا.

نتقصد هنا تجربة المخرج الفلسطيني عبد السلام شحادة سواء في تجربته السينمائية التي تمتد على أزيد من 20 عاما أو في تجربته الأخيرة في فيلم "إلى أبي" 2008 التي نال عليها الكثير مما يستحق من إطراء وإشادة.

وفي هذا الحوار مع عبد السلام نتحدث ليس عن قصة فيلم "إلى أبي" فقط بل خلف مشروعه السينمائي كله، الذي هو بالضرورة فيلما جميلا ومثيرا للاهتمام، وفيما يلي نص الحوار:

·         من يدقق في تجربتك السينمائية يجدها متمايزة، وتحفر لنفسها عميقا، أخيرا فيلم "إلى أبي" ولا يكفي أن نقول أنه مدهش فنيا وطرحا فكريا، كيف تحقق ذلك؟

حاولت بأفلامي أن أذهب لنموذج مختلف، أخلق فيها حالة من التميز، منبع ذلك من علاقتي بالتصوير والصورة، فمنذ كنت صغيرا خلقت وشكلت لقطات في رأسي، دوما كان هناك تصوير بالذاكرة التي تراكم كل شيء، وهذا أثمر علاقة خاصة بالصورة التي تراكمت لتشكل مجموعة كبيرة من المشاهد.

أحيانا لا أرى نفسي من أقوم بتركيب الفيلم أو من أصنعه، فالفيلم فعليا موجود على شكل صور في رأسي، فينحصر دوري في ترتيب هذه الصور حسب التجربة التي أمر بها.

كل ذلك يسير ضمن وجعي وإحساسي ومشاعري ومسؤوليتي تجاه المجتمع كسينمائي. مثلا كان لدي قلق على المجتمع الفلسطيني منذ سنوات لما يحدث به حاليا من تشظي وضياع وخلاف، ولذلك كانت إسرائيل بالخلفية في جميع أفلامي ومنها "الظل"، و"الأيدي الصغيرة" و"قرب الموت"..الخ، كانت هناك مؤشرات وهو ما حصل بعد سنوات، وأصبح اليوم موجود حيث الاقتتال وحالة الانقسام. مثال أخر العنف الاجتماعي الذي هو موجود داخلنا، ويتمثل في عنف ضد الولد والأخ، ضد الأسرة وأفرادها المقهورين، نراه في أم مقهورة، من زوج عابث ولديه ضغوطه، الاعتقال وأثره، دوما كان هناك هاجس في أفلامي.

ثم صار لدي شعور أن الفيلم وطني كما في "إلى أبي"، طالما أصبح الوطن متصارع عليه، الفيلم صار وطني الذي لا يمكن لاحد أن يتلاعب فيه، وبالتالي وضعت روحي وأشيائي الصغيرة فيه، اشيائي الشخصية والبوم صوري، وهو ألبوم يشبه ألبوم أي فلسطيني، فيما يكون دوري أنا متمثلا بالكشف عنه وجعل الناس تراه، وخاصة أمام حالة الخوف والتمزق الذي وصلنا.

·         تقول في الفيلم أن صور الماضي حملتك بعد أن فقدت التوازن بفعل التأرجح المستمر أو فقدانك للثقة بالأشياء، هنا تعاملك أو علاقتك مع الصورة ليست ميكانية بل نراها روحية متجاوزة؟

هي علاقة روحية، مثلا وأنا بغزة وعندما شاهدت حالة الكراهية التي نبتت واشتدت بقسوتها أخذت بالبحث عن بطل لفيلمي الجديد، فذهبت لعبد السلام شحادة الطفل، بسذاجته وعفويته.

ذهبت للبطل الذي لديه ذكريات حلوة وجميلة، أردت الابتعاد أولا، وحاولت ثانيا أن أجعل الناس ترى التغيير الكبير الذي حصل بالمجتمع عبر الصور وعلاقتي بالصورة والكاميرا والتغيرات التي طرأت عليها، وكأن التغير ما بين الكاميرا الثابتة وصورتها الفوتوغرفية القديمة والكاميرا وصورتها الملونة اليوم هو تغيير في واقعنا الفلسطيني الداخلي، تغييرا جلب الألم والحزن.

·         زمان كان البحث عن الصورة الملونة بصفتها تحمل زهوا وجمالا مضاعفا لكن التغييرات التي رافقت هذا التطور في علاقتنا ببعض وانعكست على الصورة أصبحت عاملا سلبيا؟

الأمر أكبر من ذلك، مثلا أنا كمصور فقدت أدواتي، أصبحت عاجزا عن أن أكون مصورا، فالصور تفرض علي، فجأة ترى انفجارات، أحياء يتم تدميرها، شهداء تحت التراب، أنها صورة العدو، يصنعها بوحشيته، وتفرض علي كمصور، في حين أن فهمي لدوري كمصور يتمثل في أنني من أقوم باللعب بالصورة، فالصورة تكوين وأنا أشتغل عليها، لكن صوري في غزة  هي صور الاخر هو الذي انتجها وفرضها علي كمصور ومن ثم على المشاهدين.

·         إذا بين أن تكشف الصور الدمار هناك مقصد أقوى لدى مسببه يتمثل في تدمير كل من يراها أو اخافته.. هنا الوثائقي عندما يحاور هذا الدمار والقتل الوحشي الدموي الهائل كيف يفترض به أن يفعل، وكيف ترى مشوار توثيقنا كفلسطينيين؟

بشكل عام وبالعودة لمسألة التوثيف نرى أن فترة الأربعينات والخمسينات وحتى الستينات كانت فترة ضائعة فلسطينيا حيث لم يتم توثيقها، هنا علينا التأكيد أن الإسرائيلي يخاف التصوير والتوثيق. ورغم ذلك فإن الصورة هي الوحيدة التي انتصرت للشعب الفلسطيني ودافعت عنه، لكونها نقلت الوجع وحالة الاستفراد فينا، كان الهدف أن لا يسمع فينا أحد أو أن لا يدري أحد ما يجري في هذا المكان من العالم.

وبالعودة للانتفاضة الأولى نلحظ ظهور بعض المخرجين الذي تصدوا للهم التوثيقي، هنا أجد أن الحالة الفلسطينية هي التي أوجدت هؤلاء، الانتفاضة مثلا أعطتني الزخم والدور والفرصة لأقوم بدوري، وعندما أطرح سؤال: لماذا أوثق وأقوم بالتصوير؟ أجد الجواب سريعا "كي يرى العالم". وهنا لا أخفي عليك فقد كنت أشعر أحيانا بأني كمن يحكي مع ذاتة، لكني كنت أقول لا، هناك إنسانية موجودة، ولغة سينمائية يفهمها العالم. مثلا "قوس قزح" عندما عرض باليابان فاز بالجائزة الأولى، الياباني عاش جزء من تجربتنا.

·         ماذا عن الأفلام التي تعجر عن التعامل بمثل حسك الفني بمضمون الصورة التي تتضمن الدمار والقتل ومسببات الحزن والألم؟ الا يقود ذلك لنتائج عكسية؟

لا أرى الأمر هكذا، بمقدار ما كان هناك انكسار داخلي هناك أمل، هنا لا أريد ان ازاود على المخرجين الفلسطينيين وأحاكمهم، لكنهم عملوا وأنجزوا. عبر أفلامي أحاول خطف المشاهد والإمساك بقلبه، أو أن أوجعه، كما لا أبخل عليه بمنحه لحظات يعيش فيها مع خياله وأخرى أحقق له فرح ما، وبشكل عام أرى أن السينما عليها أن تغيرنا.

·         الحالة الفلسطينية في مأزق حقيقي، كيف حاولت أن ترمز له في "إلى أبي"؟

بداية عندما تنظر إلى محيطك تجد فيه الفنتازيا، والأفلام الوثائقية الذي يفترض بها أن تكون واقعية أصبحت غير واقعية وغير منطقية، فهناك عدو مجرم حول الواقعي إلى فنتازي وخيالي وغير معقول وهذا أولا.

ثانيا هناك سؤال مصيري في فيلم "إلى أبي" رمزت فيه إلى كم نحن تنازلنا، كم أصابنا الضياع، مثلا في الانتفاضة الأولى كانت الأمهات تهجم على الجندي الإسرائيلي لتخلص ابنها منه، سؤالي كان: لماذا لم تقم هذه الأمهات عندما كانت ترى ابنها (من فتح أو حماس) عندما يرتدي البدلة العسكرية ويريد دخول المواجهة ضد رفيقه في الكفاح بسحبه من هذا الجحيم؟ لماذا لم يكن هناك خوف اجتماعي؟ هنا صار عندي جدلية، جدلية أن أحلامنا ضاعت، تبعثرت، صورنا الجميلة التي كانت كلها بالأبيض والأسود مع بعضنا البعض، والتي كانت تحمل ابتسامات وود للكاميرا، كان فيها حضور للحضن الدافيء، أصبحت كلها مليئة بالأسلحة والقتال بالشوارع، هذه الأشياء هي التي دفعتني لفقدان التوازن، لكن العودة لصور الماضي أنقذتني.

·         لماذا وصلنا إلى هنا، هل هناك إدانة ما للصورة بفعل ما نتعرض له من قتل وحشي ودموي ينقل لنا عبر الصور في نشرات الأخبار لدرجة أعتدنا هذه الصورة وما تتضمنه وتحتويه؟

إسرائيل تعمل على الذاكرة، حيث تحاول تهشيمها، على الصعيد الجغرافي أو على صعيد الإنسان، إسرائيل غيرتنا من الداخل وهشمت عقلنا، شخصيا وبمعنى ايجابي وإنساني يجب أن تحاسب إسرائيل على الهواء الذي تنفسناه كفلسطينيين بوجودها كمحتل، هذا المشهد الفنتازي في كل مكان غير معقول، تجد الحاجز في كل منطقة، والمستوطنة كذلك، وكأن المحتل هنا يجعل ذاته جزءا من حياتي، يزرع نفسه في ذاكرتي.

المصيبة هنا أننا نعاني من ضعف في مجال التوثيق، في فيلم "إلى أبي" حملتني الصورة القديمة في لحظة ضياع، أنا جزء من هذا المجتمع حيث أرى الصراع الداخلي بالتحول العظيم والنتيجة الخطيرة التي وصلنا إليها.

أحاول أن أترجم ذات المعنى من التناقض والتغيير أكثر في فيلم "البقجة" الروائي الذي أعمل عليه حاليا، حيث عندما جاءت أوسلوا تغيرنا ووضعنا نظارات ولبسنا بدل وركبنا سيارات، واعتقل هذا الشاب رفيقه في النضال، إنها حالة من الفزع أو الخوف التي نعيشها، وبدل البحث عن وطن أعيش فيه بسلام اجتماعي فلسطيني، أصبحت خائف من الفلسطيني وليس الإسرائيلي.

هنا أجد أننا وضعنا شعارات لم نصل إلى ربعها في التطبيق، وذلك يدفعنا للعودة للصورة القديمة التي تحمل الأحلام، كي أقول للناس لنهتم بصورنا أكثر. تخيل معي أنه يمكن ان نجعل غدا أحلى وأجمل بالصور، وكأني هنا لا أريد ان أصدق الواقع، وبالتالي أريد دفع الناس إلى ذاكرتها.

·         في فيلم "قوس قزح" تبدو محتضنا الكاميرا بشكل حميمي وكأن السر فيها؟

"قوس قزح" هو اسم العملية الإسرائيلية على قطاع غزة، هنا نرى كيف حول الإسرائيلي الجمال وأشكاله وألوانه إلى جزء من وسيلة تهشيم المشهد الجمالي. حاولت فيه أن أجعل الناس ترى كسينما ما تتعرض له، وكذلك أشركت إبراهيم الفنان، كي أمنحه الفرصة ليعرض رؤيته الفنية للدمار من خلال الفيلم: فكيف يرى الحالة الدموية التي نعيشها، فنحن من بيئة واحدة وقلقنا واحد، نعبر معا، بشكل جماعي، لا يجب ان نكون فردانيين او أنانيين في طرح القضية، عندما تشرك شخص أنت تورطه لكنه ليس بالأمر السيء بل تورطه بالجانب الإنساني، انها ورطه جميلة وتجعله يعبر معك عن الحالة المجنونة.

وتفاصيلنا كثيرة، وتفاصيل عبد السلام تشبه تفاصيل أي واحد لكن ربنا خلق خصوصيات لكل واحد، ولذلك اقول لاي شخص ان يكتب تجربته وعلاقته بما حوله، أنا شوي بخجل لكن أحيانا أقول لنفسي يجب ان أبوح أكثر، يجب ان يكون الصوت أعلي، لان الأخر/ العدو لا يخجل.

الجزيرة الوثائقية في

08/12/2010

 

متابعات

دمشق السينمائي : ملاحظات نقدية، وأخرى إحتفائية

صلاح سرميني ـ دمشق 

رُبما يكون مهرجان دمشق السينمائي الدولي الوحيد من بين المهرجانات العربية الذي حالما تستقرُّ عجلات الطائرة فوق أرض مطار دمشق، يخرج الضيف من بابها، ويعبر الممر، وقبل وصوله إلى حواجز الهجرة، والجوازات، يتلقفه أحد موظفي الاستقبال، وينحرف به إلى قاعة الشرف الثانية، هناك، سوف يجد معظم فريق العمل في استقبال الضيوف القادمين من كلّ أنحاء العالم.

في تلك القاعة الصغيرة، وخلال لحظات الانتظار التي تقصر، أو تطول حسب الأعداد القادمة، تشعر بأنك ضيفاً على مهرجانٍ "سينمائيّ عائليّ"، وإذا جاء البعض من بلدٍ عربيّ واحد، مصر، تونس، أو المغرب، .. أتخيل بأنهم كانوا في جوف الطائرة يغنون، يصفقون، ويهرجون كما كان الحال في رحلاتهم المدرسية، أو الجامعية فيما مضى من الزمان القريب، أو البعيد.

ومثل والديّ العروس (أو العريس)، سوف تجد "رأفت شركس" الأمين العام للمهرجان، و"دينا باكير" مسئولة العلاقات العامة، وبهدوءٍ منقطع النظير، وحفاوةٍ بالغة، يستقبلان الضيوف أفراداً، وأفواجاً.

هذه أولى المظاهر الاحتفالية الحميمة التي يتميز بها مهرجان دمشق، وأعتقد بأنني لم ألقاها في مهرجان آخر، وعلى الرغم من التنظيم المُسبق، تشوب تلك الإجراءات بعض الارتباك الحتميّة، ولكن، يبدو جلياً بأنّ الضيوف يدركون الأسباب، ولأنّ الواحد منهم يعرف الآخر، سوف تكون فرصة لأحاديث جانبية، رُبما لن تتحقق فيما بعد عندما ينشغل هؤلاء بالأفلام، اللقاءات، الزيارات، الحفلات، وطقوس التسوّق، ...لا يشعر الضيف بالتأفف، التذمر، الملل، ولا حتى إرهاق السفر، تختفي كلّ هذه المشاعر التي تصادفنا عادةً عند الوصول إلى المطارات.

تزداد الأحاسيس النرجسية عندما ينشطُ المُصوّر الخاصّ بالمهرجان في التقاط تلك اللحظات الاستثنائية، بينما تبدأ كاميرا إحدى القنوات العربية بتسجيل وصول الضيوف، وخاصةً النجوم منهم، وأمام الكاميرا يتقصعُ مقدم البرنامج مُحركاً خصره يميناً، وشمالاً مثل راقصةٍ شرقية، وبلهجته اللبنانية، وصوته الناعم يسأل أحدهم/إو إحداهنّ :

ـ شو إحساسك، وانت هلق بالشام ؟

وكالعادة، سوف تكون الأجوبة مُتشابهة، وبلهجاتٍ مختلفة.

لقد نسيّ الجميع تأخير موعد إقلاع الطائرات من عواصم البلدان التي جاؤوا منها، واقتنعوا تماماً بحجة سوء الأحوال الجوية، المهم بأنهم وصلوا بأمانٍ، حتى وإن كان الوصول إلى فندق الشام في الثالثة صباحاً، ولا يوجد غير موظف، أو موظفة واحدة في مكتب الاستقبال لتوزيع الغرف على الضيوف، ولكنها سوف تكون دائماً فرصة إضافية لأحاديث اللقاءات الأولى كي يمضي الوقت سريعاً.

وعلى الرغم من الوقت المُتأخر، لا يتوانَ البعض عن الجلوس في بهوّ الفندق الدمشقيّ الطراز يكملون أحاديثهم، وكأنهم لن يلتقوا مرةً أخرى في الأيام التالية .

في الصباح، سوف تتوّجه خطوات الضيوف العارفين نحو الطابق (ES) للفندق، ويكفي بعض الدقائق فقط للحصول على كلّ المُستلزمات الخاصة التي يحتاجها الضيف : بطاقات الطعام، والمشروبات (وهي خاصيةٌ دمشقيةٌ بامتيازٍ تُوفر علينا الأسعار النارية في مقهى الفندق)، محفظة تحتوي على الدليل الرسمي العملاق، برنامج العروض، دعوات الافتتاح، والختام، قائمة بعناوين الكتب التي صدرت عن المُؤسسة العامة للسينما (ثقافةٌ سينمائيةٌ بالجملة لمن يرغب لن نجدها في أجدع مهرجانٍ عربيّ، أو دوليّ)، دفترٌ، وقلمٌ لم يريد أن يعمل، وخرائط سياحية لمن ينويّ زيارةً حرةً لمدينة دمشق(إحدى الأهداف الأساسية المشروعة للمهرجان، وأيّ مهرجان).

ومنذ تلك اللحظات، سوف يبدأ اليوم الأول، وعادةً، كما حال كلّ المهرجانات العربية، هو يومٌ مفتوح حتى السابعة مساءً موعد حفل الافتتاح الذي يُوليه مهرجان دمشق عنايةً كبيرةً، ويُعتبر إحدى العلامات المهمّة لهذا المهرجان، ولن تجد ضيفاً واحداً لا يُشيد به.

فنجان قهوة مُركزة في شرفة مقهى الفندق المُطلة على الشارع، متعةٌ فائقةٌ لمُغتربٍ مثلي سوف تتحول في الأيام التالية إلى عذابٍ عندما تصبح روتينية، ومزعجة بسبب عدم الانصياع لقرار جمهوريّ يمنع التدخين في الأماكن العامة (هل يتوّجب على السلطة التنفيذية بأن تضع شرطياً خلف كلّ مُدخن؟).

الدليل الرسميّ للمهرجان

عادةً، لا أتصفحُ الدليل الرسميّ خلال متابعتي لأيّ مهرجانٍ سينمائيّ عربيّ، وأفضلُ اكتشاف فعالياته يوماً بعد آخر، وأقضي أيامي أشاهد الأفلام انطلاقاً من برنامج العروض فقط، وأتخيّر دائماً الابتعاد عن أفلام المُسابقة، والنبش في التظاهرات المُصاحبة التي تجعلني أكتشف، أو أعيد اكتشاف أفلاماً لم أشاهدها حتى اليوم، وتُمثل الأفلام القصيرة أولى اهتماماتي بفضل تواصلي الدائم معها، ومعرفتي المُعمّقة لها، واقتناعي الدائم بأنها الأكثر خصوبةً إبداعيةً من الأفلام الروائية الطويلة التي تخضع عادةً لآليّات دورات التوزيع التجارية.

يحافظُ الدليل الرسميّ للمهرجان على أناقته، ولكنه ما يزال ثقيلاً، يحتاج إلى "هرقل" لحمله، ومراجعةٍ شاملة تُقلص من صفحاته، وتجعل محتواه أكثر جذباً للقراءة (أتمنى من إدارة المهرجان الإطلاع على الدليل الرسميّ للدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية).

اللافت للانتباه، بأنّ المهرجان قد تخلى عن شعاراته السابقة(سينما، ومكان، وتحيا السينما)، ....ونقل العدوى إلى زميله مهرجان القاهرة (مصر في عيون العالم)، وتخيّر هذه المرة تصميماً بسيطاً يقترب من السينما أكثر من الحارة، والسيف الدمشقيّ،....صورة "شارلي شابلن" تتكوّن من كولاج كلمات عنوان المهرجان بالعربية، والإنكليزية ماعدا رأسه، وعصاه، وعلى اليمين جزءٌ من النصب التذكاري الذي يُميّز مدينة دمشق، وهكذا جمع المُلصق بآنٍ واحدٍ بين أحد الرموز السينمائية، والمدينة.

يسعى المهرجان في المقام الأول إلى تحسين صورتنا أمام أنفسنا، والآخرين، وبالآن ذاته، تحقيق رغبة سياسية/سينمائية، ومُسبقاً، أتوقع اتهامي بالمُحاباة، ولكن، ماذا يريد المُعترضون أفضل من ناقدٍ سينمائي"محمد الأحمد" كي يتولى إدارة المُؤسّسة العامة للسينما، ومهرجان دمشق الذي جعله سنوياً، وهذا يعني ـ على الأقلّ ـ مضاعفة الإنتاج السينمائي كي تُشارك الأفلام في المُسابقة، وخارجها.

ابتعادي عن المكان عذرٌ يكفيني، ويعفيني من البحث عن نقائص المهرجان في كلّ عرضٍ، فيلم، صالة، وخطوة من خطوات "محمد الأحمد"، وهل يتوّجب عليّ الكتابة "الشرسة" عن المهرجان كي يرضى عني الآخرون، وبعض نماذجها "الساطعة" توجهت بعنفٍ نحو مهرجاناتٍ سينمائية حضرتها، وكتبتُ عنها بدون خوفٍ من إقصائي في الدورات اللاحقة (الدورة الأولى لمهرجان دبي السينمائي2004، الدورة الأولى لمهرجان الفيلم العربي في وهران 2007، الدورة الثانية لمهرجان الشرق الأوسط في أبو ظبي 2008)، وإذا كانت مسيرتي النقدية قد بدأت يوماً في صحيفة "الجماهير" الحلبية، ومن ثم "الثورة" السورية، وتابعت مسيرة مجلة "الحياة السينمائية" منذ بداياتها، فلماذا أعبر عن موقفٍ سلبيّ تجاه مهرجان دمشق السينمائي الدولي، وشخصياتٍ في قلب الثقافة السينمائية، والمسرحية مثل وزير الثقافة السابق "د.رياض نعسان آغا"، والحالي "د.رياض عصمت"، ومدير المؤسّسة العامة للسينما، والمهرجان الناقد السينمائي "محمد الأحمد"، ألا تستحق السيرة المهنية لهؤلاء، بغضّ النظر عن مسئولياتهم الحكومية، الكثير من الاستحسان، والتقدير ؟.

الجزيرة الوثائقية في

08/12/2010

 

متابعات

الفيلم التركي "خمس منارات في نيويورك".. والخوف من الإسلام هو المنارة الأولى

عاصم الجرادات – تركيا 

عندما تدخل صالة سينما لتشاهد فيلماً سياسياً دينياً لايخطر في بالك أن الجمهور سيكون ضمنه شبان صغار وفي ذات الوقت هناك الكبار في السن، وبالإضافة إلى ذلك ستلحظ عند خروجك من الصالة أن الدموع تنهمر من عيونهم، هذا ما حصل عند متابعة الفيلم التركي "خمس منارات في نيويورك" للمخرج التركي "محصون قورموزي غول"، والمقتبس في عنوانه من الأغنية الشعبية التركية المشهورة "خمس منارات في بيتليس"،  يروي الفيلم قصة ضابطين أرسلتهم هيئة مكافحة الارهاب من اسطنبول  لإحضار زعيم حركة دينية تركية اعتقل في نيويورك من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي الامريكي ، لكن سرعان ما تتغير الأمور، وينقلب الموضوع ويصبح الرجلين في قبضة جماعة "هاجي" وفي هذا الوقت يكتشف الرجلين حقيقة هاجي البعيدة عن التطرف الديني حيث أنه متزوج من مسيحية والأفكار التي يناقش بها تُمثل الحالة الوسطية الإسلامية، وبعد ذلك تعود المخابرات الأمريكية لاعتقال "هاجي" وإرساله إلى تركيا بصحبة الضابطين (فرحات أجار) وهناك يتم حبسه، وثم الافراج عنه وبعدها يقرر الذهاب إلى قريته "بيتليس لزيارة أمه  التي فقدت بصرها لتصرخ معلنة فرحها الذي لم يستمر سوى ثواني قليلة حيث يغادر ابنها الحياة بفعل رصاص الثأر من قبل جد فرحات أحد رجال المخابرات ليفاجئ الجمهور أن هاجي هو متهم بقتل والد فرحات ليبين الشريط الاستعادي لتلك الحالة أنه بريء.

بعد استعراض القصة نجد أن الفيلم يلخص قصة الأغنية الشعبية "خمس منارات في بيتليس"  العائدة إلى الحرب بين الامبروطورية الروسية والدولة العثمانية في تلك المدينة التي انتهت ببقاء خمس منارات فقط بعد كل الدمار الذي حل بها، وفي البحث عن المنارات الخمس المتبقية في الفيلم بعد نهايته،  فنجد المنارة الأولى  هي أن الفكر الإسلامي يُحارب بطريقة جنونية ولا يتم التفريق بين المتطرف والمعتدل، فبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية هما سواء وهذه المنارة تم إيضاحها في مشهدين المشهد الأول لحظة الاعتقال الأولى لهاجي عندما دخلت عليه عناصر من مكتب التحقيقات الفدرالي الامريكي أثناء صلاته وقطعتها بطريقة مثيرة للاشمئزاز، والثاني في مشهد اعتقاله الآخر في الفندق عندما دخلت القوات الامريكية بطريقة توحي ان غريمها جيش بأكمله ، أما المنارة الثانية فهي حب الوطن والإخلاص لترابه من خلال عودة هاجي لبلدته وزيارة امه، و المنارة الثالثة هي الوسطية الدينية، أما الرابعة أن الحق يقف معه الجميع حتى في لحظة موته هو المبين من قبل المخرج في المشهد الأخير أن فرحات ترك جده الصريع في دمائه وتوجه نحو هاجي، أما الخامسة هي الفكر الثأري حيث يقدم المخرج في مشهده الأخير كيفة قتل الأب من اعتقد أنه قتل ابنه رغم السنوات الطوال التي مرت على مقتل ابنه.

وهناك بعض نقاط أو علامات الاستفهام في المضمون فإن النهاية كانت بعيدة جداً عن جوهر الفيلم لتصب ضمن صنع صدمة تظل عالقة في ذهن الجمهور وتلعب دور في ردة فعل ستجدي رفع أسهم الفيلم من حيث المتابعة الجماهيرية، وهناك أيضاً استغراب من بعض الأفكار فنستطيع استيعاب أن رجل ديني يتزوج مسيحية لأن الدين الإسلامي يسمح بذلك لكن أن ابنته تتزوج من مسيحي فإن ذلك يصب في خانة المبالغة في الوسطية، وهناك أيضاً مشهد مثير للجدل فربما نتقبل أن زوجة هاجي وهو زعيم تلك الجماعة الاسلامية غير محجبة لأنها محافظة على دينها المسيحي لكن أن تودع صديق زوجها بقبلات ويكون هذا الصديق إمام مسجد فهذا لا يستطيع الجمهور وضعه في السياق الطبيعي للفيلم.

وقدم الفيلم مناظرة قصيرة بين ممثل عن الوسطية الدينية وهو "هاجي" وزعيم ديني متطرف عمل على قتل أرواح بشرية بريئة وتتم هذه المناظرة في السجن بطريقة إخراجية مميزة لكن قصر مدتها كان السلبية الوحيدة فيها.

ومن الناحية الفنية فإن المخرج بالغ في المشاهد الأولى من خلال عمليات الاقتحام لبعض مراكز الجماعات الإرهابية بطريقة غير مبررة ولا تقدم سوى عملية استعراض لبعض الإمكانية الفنية، ومن المحتمل أن المشاهد الأولى رفعت تكلفة الفيلم إلى 20 مليون دولار.

ويذكر موقع studentfilmmakers المتخصص أن المصور السينمائي للفيلم "جيم غيسسيرادو" قدم الفيلم بصورة مشوهة باستخدامه لتقنيات لعبت دور في صناعة خلل في الصورة. وعلى كل الاحوال هذا التشويه لم يؤثر على المسار الطبيعي للفيلم.

بطاقة الفيلم:

قصة وإخراج : محصون قورمزي غول

بطولة: محصون قورمزي غول، مصطفى صندل، داني غلوفر، جينا غيرشون، روبرت باتريك

مدة الفيلم 118 دقيقة.

الجزيرة الوثائقية في

08/12/2010

 

سينمات

جوائز لأفلام لبنانية في مهرجان السينما الأوروبية

نقولا طعمة – بيروت 

في ختام "مهرجان السينما الأوروبية" السابع عشر، حاز فيلمان قصيران على جوائز خص المهرجان بها هذا الصنف من الأفلام، فحصلت المخرجة جيسي مسلم -خريجة الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ألبا)- بالجائزة الأولى على فيلمها "الإبر"، ودعيت إلى حضور مهرجان كليرمون - فيران الدولي للأفلام القصيرة في فرنسا سنة 2011.

وفاز كريم غريب -خريج معهد السينما في جامعة القديس يوسف-  عن فيلمه "طوم"، ودعي غريب إلى حضور مهرجان أوبرهاوزن الدولي للأفلام القصيرة في المانيا في 2011.

وسلم رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان السفير باتريك لوران الجوائز لأصحابها ليل الانتهاء من المهرجان الأحد الفائت.

وكان قد تم عرض 21 فيلما قصيرا في المهرجان، تقدمت بها 7 معاهد سينما لبنانية (الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ألبا)، الجامعة اللبنانية الأميركية، جامعة اللويزه، الجامعة اللبنانية، جامعة الكفاءات، جامعة الروح القدس في الكسليك، وجامعة القديس يوسف).

وتألفت لجنة التحكيم من: مدير معهد غوته فريد ماجاري، مسؤولة قسم السينما في البعثة الثقافية الفرنسية كاميل فولوفيتش، مسؤولة البرامج في المركز الثقافي البريطاني فاطمة مصري، سناء خوري من جريدة "الأخبار" وروي ديب من مؤسسة متروبوليس.

كما سلم السفير لوران جائزة أفضل سيناريو ضمن ورشة عمل على الأفلام القصيرة "Beyrouth tout court" الذي نظمته مؤسسة متروبوليس في إطار مهرجان السينما الأوروبية إلى أوديت مخلوف عن سيناريو فيلمها القصير: "الجدار"، ودعيت مخلوف إلى حضور مهرجان كليرمون-فيران الدولي للأفلام القصيرة في فرنسا في 2011. كما منحتها أيضا الوكالة الفرنسية للأفلام القصيرة إمكانية إدراج فيلمها القصير بعد إنجازه في قائمة الأفلام التي توزعها الوكالة. وحصل جمال ملاعب على تنويه خاص من لجنة التحكيم عن سيناريو فيلمه القصير "نيسان فانيت". ومنحت شركة "في تي آر بيروت" جائزة إلى فادي باقي عن سيناريو فيلمه القصير "ماء" في مرحلة ما بعد الإنتاج.

المهرجان والبرنامج

افتتح المهرجان في 5 كانون الأول 2010 في صالتي سينما متروبوليس أمبير صوفيل - الأشرفية، بالفيلم البلجيكي Loft للمخرج أريك فان لوي.

و جرى عرض 32 فيلما روائيا حديثا من دول الاتحاد الأوروبي، واختتم  بفيلم Farsan للمخرج اللبناني - السويدي جوزيف فارس (جائزة أفضل مخرج في مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي 2010).

وتضمن المهرجان فيلما روائيا سويسريا، وسلسلة أفلام قصيرة لعدد من أكبر مخرجي أفلام التحريك للجمهور الفتي ابتداء من 4 سنوات.

ومن الأفلام التي عرضت:

? “كلماتي، أكاذيبي، حبي" من ألمانيا، 2009، 107 دقائق.

? "لحظات لا تنتهي" من السويد، 2008، 131 دقيقة.

? "بوتيش" (POTICHE) من فرنسا، 2010، 103 دقيقة.

? "الحدود 1918"، من فنلندا، 2007، 115 دقيقة.

? "هي، صينية"، من انكلترا، 2008، 97 دقيقة.

? "بالمقلوب"، من بولندا، 2009، 101 دقيقة.

? "مجموعة حديقة الحيوان في أميركا الجنوبية" من هولندا، 2007، 90 دقيقة.

? "بطل من روما" من اليونان، 2006، 95 دقيقة.

? "شاطيء باسليكاتا" من إيطاليا، 2010، 105 دقيقة.

? "أكاماس" من قبرص، 2006، 120 دقيقة.

? "طريق إيرلندا" من انكلترا، 2010، 109 دقيقة.

? "سعداء جدا" من الدانمارك، 2008، 95 دقيقة.

? "جريمة حب" من فرنسا، 2009، 106 دقيقة.

? "تبادل" من رومانيا 2008، 100 دقيقة.

? "الدورادو" من بلجيكا، 2008، 85 دقيقة.

? "موسكو الصغيرة" من بولندا، 2008، 114 دقيقة.

? "الشريط الأبيض" مشترك من المانيا والنمسا، 2009، 144 دقيقة.

? "خلية 211" من اسبانيا، 2009، 117 دقيقة.

إلى أفلام من هنغاريا، وبلغاريا، وتشيكيا.

رأي

وتناولت بشرى شاهين- الملحقة الإعلامية والثقافية ببعثة الاتحاد الاوروبي بلبنان- الحدث بقولها ل”الجزيرة دوك”: "نحن الاتحاد الاوروبي نمثل 27 دولة من الاتحاد، وننظم سنويا المهرجان السينمائي الأوروبي، وهذه هي النسخة 17 حيث بدأنا سنة 1993، ونعرض أفلاما لدول الاتحاد بلغاتها الأصلية. كما أن هذه السنة، كان عندنا 38 فيلم لدول الاتحاد، وفيلم فرنسي للاطفال، وفيلم سويسري كضيف للمهرجان، لأن سويسرا ليست في الاتحاد الأوروبي، و21 فيلم قصير لطلاب من سبع معاهد بلبنان، إضافة إلى مسابقة للأفلام القصيرة للطلاب اللبنانيين".

وقالت: "استغرق المعرض 11 يوم كالعادة منذ 6-7 سنوات، وأحيانا تزيد الأفلام أو تنقص، وأفلام السنة جيدة، وتشعر بها أقوى من افلام السنة الماضية، وأقيمت في إطار المهرجان ورشة عمل لكتاب السيناريو، وركزنا هذا العام على مخرجي الأفلام القصيرة لنشجعهم على أساس أن هناك تشجيع كثير للأفلام الطويلة.  وهناك مخرجون لبنانيون ساعدوا على تطوير السيناريوهات، عرضت على لجنة تحكيم دولية من ألمان وفرنسيين ولبنانيين، ساعدتهم في مرحلة الإخراج”.

الجزيرة الوثائقية في

08/12/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)