حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

بشرى:

التحرّش بالمحجّبات موضوع 789

القاهرة - رولا عسران 

تغيّرت بشرى، هذا ما يؤكّده البعض، إذ أثقلتها التجربة فباتت أكثر توهّجاً ولمعاناً، حتى على مستوى تجربتها كمنتجة أثبتت أنها مختلفة ومتميزة أيضاً.

عن أحدث تجاربها السينمائية «789» الذي تنتظر عرضه في عيد الأضحى المقبل وتتعاون فيه مع محمد دياب مؤلفاً ومخرجاً للمرة الأولى، التقيناها.

·         ألا تخشين التعاون مع مخرج يخوض أولى تجاربه الإخراجية؟

لا أخشى التعاون مع أيّ مخرج يملك رؤية فنية مختلفة ولمسة مميزة. ومحمد دياب مخرج يملك أدواته، لذا لم أتردد عندما عرض عليّ سيناريو فيلم «789».

·         هل صحيح أنه عرضه عليك كفيلم روائي قصير؟

نعم، لكن عندما قرأته تحمّست له جداّ فاقترحت عليه أن يحوّله الى فيلم روائي طويل من فرط إعجابي بالفكرة والسيناريو.

·         وما الذي أعجبك في سيناريو الفيلم؟

تناوله قضية شائكة بمنظور جذاب، وهي التحرّش الجنسي الذي تعاني منه الفتيات بشدّة. كذلك، من واجبنا تناول هذه الظاهرة في فيلم سينمائي لندقّ من خلاله ناقوس الخطر. إضافة الى أن الفيلم يتناول الظاهرة من منظور مختلف تماماً، إذ يعرض الحالة النفسية المدمرة التي تصيب هؤلاء الفتيات بسبب هذه الممارسات البشعة.

·         ماذا عن دورك في الفيلم؟

أجسّد شخصية فايزة، فتاة محجبة تستقلّ الأتوبيس 789 يومياً وتتعرّض لهذه الممارسات. يعرض الفيلم أثر التحرّش في نفسيّتها وأدائها في الحياة عموماً.

·         تقدّمين دور الفتاة المحجبة للمرة الثانية بعد فيلم «أنا مش معاهم»، فهل هي مجاراة للمدّ الديني المحافظ المنتشر في المجتمع؟

أصبحت المحجّبات يمثّلن شريحة كبيرة في المجتمع، بالتالي لا يجب علينا تجاهلها بل تجسيدها على شاشة السينما وعرض اهتماماتها كما اهتمامات باقي شرائح المجتمع.

·         لماذا تم تغيير اسم الفيلم من «456» إلى «789»؟

يتعلّق الإسم بأرقام أتوبيسات موجودة فعلاً وتابعة لهيئة النقل العام في مصر. في البداية اخترنا رقم 456 ثم استبدلناه بـ 789 على اعتبار أن وقعه كاسم لفيلم سينمائي أشدّ.

·         ما الذي شجّعك على دخول مجال الإنتاج السينمائي؟

الإنتاج مستقبل الفنان الذي عليه أن يشعر بحجم الصناعة من حوله وألا يعتمد فحسب على أجره الذي يتقاضاه من المنتج، لذا دخلت مجال الإنتاج السينمائي وأحدث أفلامي فيه «عائلة ميكي» الذي لم أشارك في بطولته لأن هدفي المساعدة في تحريك عجلة صناعة السينما التي بدأت تتوقف بسبب الأزمة المالية وعلى كل فنان أن يؤدي دوراً في هذا الإطار.

·         دخل أحمد مكي وأحمد حلمي من جهتهما مجال الإنتاج أيضاً، كيف ترين تأثير هذه الخطوة على صناعة السينما؟

بالتأكيد هي خطوة مهمة ومؤثرة ولها أثر إيجابي على صناعة السينما، فكل منهما نجم كوميدي وأحد أعمدة صناعة السينما في مصر والوطن العربي وستشجّع خطوتهما كثراً لتكرارها.

·         لديك عدد كبير من المشاريع الفنية المؤجلة مثل «جدو حبيبي» و{عروسة حلاوة»، فما مصيرها؟

لا يُخفى على أحد أن السينما المصرية تمرّ بأزمة اقتصادية كبيرة تسبّبت في تعطيل عدد كبير من المشاريع السينمائية، منها هذان الفيلمان اللذان تحمّست لهما بشدة لكني أنتظر تصويرهما وتصوير كلّ أعمال زملائي المؤجلة للأسباب نفسها، فأنا متأكدة من أن كل فنان لديه قائمة طويلة بأسماء أعمال يتمنى تقديمها.

·         ما حقيقة خلافك مع دنيا سمير غانم حول دور شادية في المسلسل الذي يتناول سيرتها الذاتية؟

لا خلاف بيننا حول هذا الدور، كل ما هناك أنني أعربت سابقاً عن رغبتي في تقديم حياة شادية في مسلسل تلفزيوني قبيل ارتداء الحجاب وبعده، فسمعت بعدها أن ثمة أكثر من فنانة ترغب في تقديم الدور نفسه ولا أعرف من منهنّ اتفقت فعلاً مع شركة إنتاج على تقديمه. إضافة الى أنني لا أعرف شيئاً عن اتفاق دنيا سمير غانم على تقديم الدور. من جهتي، أجّلت العمل على رغم أنني حصلت على موافقة مبدئية من الفنانة الكبيرة شادية على تقديم المسلسل، بسبب خوفي من مسلسلات السيرة الذاتية، فهي إما تحقق نجاحاً كبيراً أو تفشل فشلاً ذريعاً، بالإضافة الى تردّدي في خوض تجربة البطولة التلفزيونية راهناً.

·         تقولين إنك حصلت على موافقة شادية على رغم رفضها الدائم تقديم أي عمل عن حياتها.

هي ليست موافقة مكتوبة إنما اقتراح قديم. وأتصوّر أنني بحاجة الى الرجوع لشادية قبل اتخاذ خطوات جادة كي أتأكد من موافقتها فعلاً على تقديم سيرتها الذاتية في مسلسل وفي حال رفضها لن أقدّمها.

·         يرى البعض أن ثمة تغيراً في طريقة تفكيرك ورؤيتك الفنية في الفترة الأخيرة، ما ردّك؟

إنه النضج الفني الذي كنت أتمناه وتلك الرؤية الفنية التي اختلفت في داخلي. أتمنى أن ينعكس هذا النضج على أدائي.

·         وهل انعكس ذلك على تطوير أدائك كممثلة؟

برأيي، المشاهدات والمتابعات أهم ما في الأمر، فعلى الممثّل أن يتابع كل ما هو جديد من حوله سواء في السينما العربية أو العالمية لأن هذا يساعده على تكوين خبرات جديدة هو بحاجة إليها بغض النظر عن مستواه الفني.

الجريدة الكويتية في

05/11/2010

 

 

نادية لطفي...

جزء أصيل من حالة فنيّة ووطنيّة

محمد بدر الدين 

مشوار العطاء الفني للفنانة نادية لطفي ـ منّ الله تعالى عليها بالشفاء الكامل ـ جدير بالتأمل والتناول، فهي جزء من حالة فنية ثقافية وتعبير المرأة الفنانة عن المرأة الإنسانة في عصر تميّز بالنهوض وبشَّر بمكانة للمرأة جديدة ومرموقة.

ساهمت نادية لطفي، التي انطلقت عام 1958 في فيلم «سلطان» مع فريد شوقي والمخرج نيازي مصطفى، مع فنانات أخريات مثل سعاد حسني ولبنى عبد العزيز وغيرهما، في التعبير عن فتاة العصر الجديد، لذلك لا غرابة في أن نراها مع سعاد حسني في «للرجال فقط» (1964) تجسدان شخصيتي مهندستين تطمحان إلى العمل في اكتشاف البترول في الصحراء على غرار المهندس الرجل ولا تأبهان بأي مشقة، بهدف إثبات قدرة المرأة على المساواة مع الرجل حتى في الأعمال الشاقة والمساهمة في بناء المجتمع الجديد، كيف لا والمرأة نصف المجتمع؟ ويؤكد ميثاق العهد الجديد أنها لا بد من أن تتساوى بالرجل وتسقط عنها بقايا الأغلال.

كانت السينما المصرية، في الستينيات من القرن العشرين، تعبّر عن الواقع الجديد سواء في أفلامها البسيطة الجماهيرية أو في أفلام ضخمة مثل «الناصر صلاح الدين»، من إخراج يوسف شاهين، وقد جسدت فيه نادية شخصية لويزا، التي وعت خطورة دور القوى الأجنبية المحتلة، ووضعت يدها في يد عيسى العوام (صلاح ذو الفقار)، مقاتل عربي مسيحي، ذلك في دور لافت مبكر لنادية يتّسم بالرقّة والطهر.

كذلك رأيناها، في بطولة مبكرة في فيلم «الخطايا» إخراج حسن الإمام، تجسد شخصية فتاة رقيقة وبريئة تعيش قصة حبّ مع نجم ذلك العصر عبد الحليم حافظ.

لكن لم تلبث أن أثبتت مقدرتها على تقمّص أدوار صعبة بل مركبة، مثل دورها في «النظارة السوداء» (من عمق أدب إحسان عبد القدوس) إخراج حسام الدين مصطفى، المتمحور حول فتاة تعبّر بصور متعددة ولافتة عن المرأة في ذلك العصر، التي تمرّ بفترات تقلّب أو تحوّل... من المرأة التي تفهم الحرية فهماً خاطئاً أقرب إلى معنى الاستهتار وصولاً إلى المرأة الرصينة التي تفهم الحرية بنضج وتقرنها بدور مثمر تسهم به في المجتمع.

كما تتفوّق نادية لطفي في هذه الأدوار، تتألق في دور إحدى نساء أو «عوالم» الثلاثية لنجيب محفوظ في «قصر الشوق»، وتقدمها برهافة ودقّة كما تقدم شخصية «ريري»، فتاة الليل، في «السمان والخريف» لمحفوظ أيضاً، ومن دون أي تدنٍّ في مستوى الأداء. فطبيعة نادية، كفنانة، ممتدة مرنة تتسع لأدوار متباينة وتكون مقنعة في كل مرة وكل دور.

كذلك، تتسم نادية بالشجاعة في قبول أدوار مع مخرجين يقدمون تجاربهم السينمائية للمرة الأولى، مثل حسين كمال في «المستحيل» عن قصة مصطفى محمود، ومحمد راضي في «الحاجز».

هذان الفيلمان ليسا العملين الأولين للمخرجين فحسب، بل هما من طراز التجديد في السينما ويمكن أن نطلق عليهما «السينما التجريبية» بمعنى الكلمة، لذلك لم يحقق «المستحيل» و{الحاجز» إيرادات مهمة، بقدر ما أثارا اهتماماً بهما ونقاشات جادة حولهما، وكان هذا كافياً وأساسياً بالنسبة إلى نادية، فهي لا تسعى إلى السينما التجارية إنما اقترن لديها الفن بالفكر والتجديد.

يكفي، كمثال، ظهورها في دور قصير للغاية في فيلم «المومياء» للمخرج الكبير شادي عبد السلام، وقد لفتت الأنظار بقوة، أينما عرض هذا الفيلم في العالم، بالتعبير بنظرة العين والإيماءة من دون نبرة، إذ لا كلام في هذا الدور القصير.

هذه هي نادية لطفي... فنانة شجاعة وابنة أصيلة لعصرها. الفن بالنسبة إليها قيمة جادة كبيرة، ودور ينبغي أن يؤديه الفنان بإتقان وعناية، للإسهام في تقدّم الوطن ومخاطبة وعي الإنسان وذوقه وإرادته وضميره.

الجريدة الكويتية في

05/11/2010

 

آثار الحكيم: أتعامل مع الفن كهواية..ولا يعنيني الاستمرار علي الساحة

أعود للشاشة الصغيرة بمسلسلين كوميديين

كتبت - مروة جمال: 

أكدت الفنانة آثار الحكيم أنها مشغولة حاليا بقراءة نصين لمسلسلين ستختار من بينهما ما ستعود به لجمهورها وقالت: متحمسة جدا لكلا العملين لأنهما من نوعية الدراما الكوميدية التي قدمتها من قبل في مسلسل "ترويض الشرسة" لكنني لم أوافق علي أحدهما بشكل نهائي لأنني لم أتسلم بعد سوي الحلقات العشر الأولي منهما ولن أعلن عن موافقتي النهائية إلا بعد قراءة النص بالكامل لأنني في السنوات الأخيرة عرضت عليّ أعمال تكون الحلقات الأولي منها في منتهي القوة والإثارة لكن بعد مرور أول "15" حلقة أجد الأحداث مترهلة لرغبة المنتج في تقديم مسلسل من "30" حلقة وفرضه لهذا الأمر علي المؤلف وحاليا ظهرت نوعية درامية جديدة هي تقديم مسلسلين في واحد وسيلهث خلفها الكل إلي أن يتشبع منها الجمهور فتظهر موضة درامية جديدة وهكذا.

عن سبب ابتعادها عن الساحة الفنية لمدة طويلة تقول: منذ سنوات سألت نفسي ما الذي تريدينه من الفن المال أم الشهرة أم التواجد أم تقديم رسالة للناس وكانت الإجابة هي أنني أتعامل مع الفن كهواية ولا يعنيني أن أتواجد علي الساحة باستمرار كما لا يعنيني أن أكون من نجمات الصف الأول وأن أحصل علي أعلي أجر لكن ما يعنيني حقا هو أنني حينما أقف أمام الكاميرا أستمتع بما أفعله وأقدم ما يحترمه الجمهور.

أضافت: بالرغم من الصداقة الوطيدة التي جمعتني بالراحل الكبير أسامة أنور عكاشة إلا أنه غضب مني بشدة حينما رفضت المشاركة في بطولة مسلسل "أرابيسك" لأن الدور الذي عرض عليّ لم يكن يضيف لي علي الإطلاق لأنني قدمته من قبل فاعتذرت عنه رغم أنه كان جيدا جدا وتم إسناده إلي الفنانة لوسي.

بالرغم من ابتعادي هذا إلا أنني مازلت أحتفظ باسمي في الوسط الفني كاسم قادر علي التوزيع ومازلت أمارس هوايتي في التمثيل ولو علي فترات متباعدة.

أشارت آثار الحكيم إلي أنها معنية كثيرا بسمعة الفن المصري وتهتم بها في كل العالم لا في الوطن العربي فقط ومع ذلك لا تري أي ضرر في تقديم دراما تحكي عن العشوائيات وقالت: ليس مطلوبا منا أن ندفن رءوسنا في الرمل بدعوي عدم تشويه صورتنا أمام الآخر فهذا التنوع الدرامي مطلوب ففي العام الواحد يقدم ما لا يقل عن "150" مسلسلا منها "3 أو 4" مسلسلات فقط تحكي عن العشوائيات فالمسألة هنا تخضع للنسبة والتناسب كما أن شجاعة القائمين علي هذه الأعمال تحسب لهم لا عليهم.

أشارت إلي أنها ترفض تماما المقارنات التي يعقدها البعض بين مستوي الدراما المصرية ونظيرتها السورية وقالت: لا أهتم سوي بمشاهدة عمل فني قيم بغض النظر عن جنسيته والشاطر هو الذي ينجح في تقديم هذه الجودة لا الذي يركز كل اهتماماته علي أن يكون دائما تحت الأضواء فقط لكن هذا لا يمنع أن مصر صاحبة الريادة في هذا المجال لأن الله - سبحانه وتعالي - منحها ثروة بشرية هائلة فكان من الطبيعي أن يخرج منها كم أكبر من المبدعين لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل نحن جديرون بهذه النعمة؟

دافعت آثار عن الفنانين ضد الاتهام الموجه لهم بعدم التحمس لتقديم الأعمال التاريخية والوطنية وقالت: دائما ما يحمل البعض الفن وأهله أكثر مما يحتمل فما لا يعرفه الجميع أننا نواجه صعوبات كبيرة إذا ما فكرنا في تقديم مسلسل يحكي عن التاريخ الفرعوني لأن الفن سلعة تروج في الفضائيات التي ترفض بدورها شراء هذه النوعية من الدراما وبالتالي لا يتحمس المنتجون لها كما أن المنتج يدفع مبالغ طائلة كي يتمكن من التصوير في المناطق الأثرية الحقيقية بالرغم من أن أمرا كهذا لابد أن يقدم لنا بالمجان لأننا نريد توصيل الحضارة الفرعونية إلي كل منزل.

أضافت: أحلم بتقديم الكثير لكن الظروف المحيطة بي لا تساعدني علي الإطلاق والفنان عزت العلايلي خير مثال علي هذا فلقد قدم منذ سنوات مسلسلا فرعونيا لم يعرضه التليفزيون المصري سوي مرة واحدة فقط حتي لا يتهم بإهدار المال العام بعد إنتاجه وبعد ذلك لم يعرض هذا المسلسل علي الإطلاق وأنا أيضا لي تجربة مشابهة فمنذ سنوات عرض عليّ تقديم السيرة الذاتية لمسلسل كان يحمل عنوان "الخرز الملون" وكان يحكي السيرة الذاتية لامرأة فلسطينية عاشت في "يافا" وجاءت إلي مصر لتصبح صحفية كبيرة وتفرغت لهذا المسلسل لمدة 3 أعوام رفضت خلالها القيام بأي عمل آخر وبعد بدء البروفات وتجهيز الملابس توقف العمل لأسباب غير معروفة.

المساء المصرية في

05/11/2010

 

 

"يا نوسك" باكورة إيلي خليفة الروائية في الصالات اللبنانية

شخصيات مشغولة بحب في حكاية تفتقد مزيداً من التماسك والسخرية

ريما المسمار 

منذ العنوان، ولاحقاً الملصق، ينبئنا إيلي خليفة بما يريده من باكورته الروائية: كوميديا رومنسية جماهيرية ممتعة ومسلية. ولأننا غير معتادين هذا التوجّه الواضح والصريح في الأفلام اللبنانية، نعاند لبعض الوقت ونصرّ على أن الشاب "الجغل" في الملصق إنما هو ماثيو ماكنهي في كوميديا رومنسية هوليوودية جديدة. ولكن الشابة التي تحتل الصورة معه هي زينة دكّاش ولا سبيل إلى الاعتقاد بغير ذلك. كما أن عنوان الفيلم "يا نوسك" لبناني تماماً وكثيراً. تزدحم هذه الأفكار في الرأس خلال هبوط السلالم المؤدية إلى بهو سينما بلانيت أبراج. تختلط معها صور من أفلام إيلي خليفة السابقة القصيرة: "تاكسي سرفيس" (1996) و"مرسي ناتكس" (1998) بشكل خاص. نحاول أن نركّب صورة الفيلم الجديد من وحي هذه التفاصيل لأن التوقّعات التي تسبق الأفلام اللبنانية أو تصاحب إبصارها النور تعتمد على الكثير من معرفتنا السابقة بالمخرجين وأفلامهم، في وسط سينمائي صغير وضيّق ومحسوب الإنتاجات. لا تغيب عن "صراع" الأفكار والتصوّرات هذا حقيقة أخرى هي علاقة المشاهد نفسه، أياً يكن، بالواقع المتشعّب الذي يحكي الفيلم عن أحد تفرّعاته وينتمي المشاهد إلى الشريحة عينها أو غيرها منه. فالأفلام اللبنانية التي تناولت الحرب بماضيها أو بتجلياتها الحاضرة أقصت المشاهد بشكل أو بآخر عن المواجهة الملحّة مع صورته أو صورة محيطه على الشاشة، بحجة أنها الماضي أو الحاضر من منظور شديد الخصوصية. فكان دائماً على هامش تلك الصورة، أو ربما هي كانت على هامش واقعه اليومي، متغلغلة أكثر في ذوات صنّاعها وفي رؤاهم المركّبة لعيشهم. مرّات قليلة شعر المشاهد العادي خلال العقد الماضي بانتمائه إلى فيلم سينمائي لبناني بالمعنى المباشر والبسيط للكلمة. فالمعضلة كامنة في أن المخرج اللبناني الذي يرغب في تقديم فيلم جماهيري ينطلق من حكايات محيطه وجماعته، بما تقوم عليه الأخيرة من تقسيم وتوزيع جغرافي وسياسي وطائفي. أما السينمائي المعني بتقديم رؤية من موقعه خارج هذه التقسيمات، فينتهي إلى ما يشبه "المناجاة الذاتية" التي لا تجذب المشاهد العادي. بين هذه وتلك، استطاعت أفلام قليلة أن تحقّق جماهيرية بالالتفاف على مقوّمات المجتمع الذي انطلقت منه. فمرة كان "ويست بيروت" لزياد الدويري الذي التقط خواتيم مرحلة اتّسمت إلى حد ما بوجود "شعب" في مواجهة أتون حرب لا ترحم. ومرة كان "سكر بنات" لندين لبكي صورة جامعة لنماذج جماهيرية على حساب عمق المعالجة وتسمية الأشياء بأسمائها. بينهما جاء "لما حكيت مريم" لأسد فولادكار بحكاية مأسوية، تماهى الجمهور مع آلامها. ولا ننسى "فلافل" ميشال كمون الذي اشتغل أكثر على تظهير تجربة جيلين: الأول شارك في الحرب وما زال مسكوناً بها والثاني جيل المراهقين بهمومه المختلفة. مع كمون، وإلى حد ما هاني طمبا، يتشارك إيلي خليفة بعض الملامح منها السخرية.

الفرجة هي مدخل خليفة إلى أفلامه القصيرة السابقة كما إلى عمله الحالي "يا نوسك" (يخرجه بمشاركة السويسري ألكسندر مونييه). تفصيل يومي أو حياتي، يحمل التناقضات والفكاهة ويحتمل السخرية، يأخذه إلى تظهير صورة مكبّرة تصير فيلماً. هكذا فعل في "تاكسي سرفيس" و"مرسي ناتكس" وهكذا اشتغل في "يا نوسك"، خلا أن رقعة التركيز في الأخير أكبر مهما حاول أن يعزلها عن محيطها العام. يختار شخصية شاب سويسري يدعى "رودي" (سيغفريد تربورتن) نافذة على المجتمع اللبناني المعاصر. شخصية الأجنبي ليست دخيلة هنا بل صميمة لأن أمثالها يعج الشارع بها، ولكنّها في الوقت عينه "حجة" أو "كاتاليست" يسرّع عملية كشف التناقضات ويزيد من جرعة الكوميديا. و"الأجنبي" هو في الواقع "أنا" المخرج و"أنا" الكثير من اللبنانيين الذين يشعرون باغتراب عن شيزوفرينيا المجتمع وتناقضاته. من وجهة نظر "رودي"، تتكشّف شخصيات الفيلم ومواقفه، ومن خلال علاقته بتلك الشخصيات يرسم الفيلم صورة لنماذج حقيقية في مقدمها المرأة اللبنانية العالقة بين ثالوث العائلة والتقاليد ورغبتها بالتحرر. لا يخفى على المشاهد الحب الذي يغلّف خليفة به شخصيات فيلمه فيجعلها قبلة للتعاطف مهما بلغت تصرفاتها عدائية أو نذالة. من الفتاة المخطوبة التي تحتاج إلى رفقة "رودي" لا أكثر إلى السيدة المتزوجة (نيكول كاماتو) التي ترغب بإقامة علاقة معه مروراً بسائق التاكسي الذي يحاول التحرّش بفتاة والشرطي الذي يفصل بين مصادقة "رودي" وسجنه ظلماً، يقدّم خليفة شخصيات واقعية تماماً إنما بمسحة كاريكاتورية أحياناً وفانتازية حيناً آخر. وبخلاف ما أقدم عليه في فيلميه القصيرين حيث اختار تفصيلاً في سياق واقعي، يسلب في "يا نوسك" الواقع من واقعيته بإضافة شخصيات وعناصر ومواقف تفصل المشهد عن سياقه العام.

ينجح الفيلم في إشاعة الضحك ولكنّه يعاني من تفكّك جزئه الأول الذي يبدو أقرب إلى لوحات منفصلة منجزة بروحية فيلم قصير. لا يراكم الشريط أحداثاً أو رؤية بل يظل سلسلة مشاهدات مستلّة من واقع يومي، تفتقر إلى حس خليفة الساخر وحدة ملاحظته. مرتان ينجح بتسجيل نقاطه: الأولى في مرمى الكوميديا المتقنة في مشهد بين "رودي" والشرطي (عوني قواص) والثانية في مرمى النقد اللاذع عندما يقدّم المغنية "دانا" بشخصيتها الحقيقية لتكتسب في سياق الفيلم بعداً آخر غير واقعي ينسجم مع الطرح العام. تبقى شخصية "منى" (زينة دكاش) الأكثر اكتمالاً لجهة بنائها. إنها الفتاة الثلاثينية التي تبحث عن الحب ولكن الأحداث لا تتيح لها فرصة التلاقي مع شخصيات الفيلم الأخرى ليخرج من هذا التلاقي ما هو أعمق من مجرد الفرجة على نماذج إنسانية مختلفة.

"يا نوسك" فيلم خفيف الظل، يستفيد من أداء ممثليه لا سيما زينة دكاش ونيكول كاماتو ولكنّه يبقى ناقصاً على صعيد تماسك السرد وعمق الحكاية ويفتقر إلى حس خليفة الساخر الذي يبدو هنا مدجّناً ومكبوتاً.

المستقبل اللبنانية في

05/11/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)