حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

منى عراقي:

«طبق الديابة» دليل إدانة لممارسات خطرة

القاهرة – نيرمين سامي

ذات يوم رأت زبال العمارة التي تقطنها وقد أصاب يده جرح غائر، استفسرت عن السبب فكانت الإجابة «جرحتني حقنة أثناء نبشي فى النفايات الطبية». من هنا ولدت في رأس المخرجة منى عراقي فكرة فيلم «طبق الديابة» الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مسابقة الأفلام التسجيلية القصيرة بمهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة في دورته الـ 14.

يتناول الفيلم (35 دقيقة) قضية شائكة لم يسبق تناولها من قبل وهي خطورة التجارة في المخلفات والنفايات الطبية للمستشفيات، ومدى مساهمة تلك النفايات في نقل الأمراض والأوبئة المستعصية وعلى رأسها الإيدز وفيروسا «سي» و «بي». كما يلقي الفيلم الضوء على تقاعس أجهزة الدولة والمسؤولين عن القطاع الطبي في مصر في مواجهة هذا الخطر الداهم.

بدأت عراقي مشوارها الاحترافي مراسلةً للتلفزيون السوداني في القاهرة حيث واجهت عقبات عدة. ولكن لا تنفي عراقي أن العقبات أثقلت موهبتها وزادتها خبرة، وعن ذلك تقول: «إذا استطعت العمل للتلفزيون السودانى، فإنك تستطيع العمل في أي مكان آخر. التحقت من بعد ذلك بقناة «أو تي في»، حيث بدأت مشوار إنتاج الأفلام التسجيلية حين اختار الإعلامي يسري فوده بين أفضل 30 إعلامياً مصرياً لتدريبهم على الصحافة الاستقصائية برعاية من اتحاد الصحافة العالمي. احتل فيلم منى عراقي «طبق الديابة» المركز الأول على رغم اشتراك متسابقين من البي بي سي والأهرام وبرنامجي البيت بيتك والعاشرة مساء. كانت هذه أول جائزة حصل عليها الفيلم بعدها حصل على 4 جوائز أخرى هي أفضل فيلم من مهرجان أريج في عمان، وأفضل فيلم في مهرجان ساقية الصاوي، وأفضل فيلم في مسابقة جمعية السينمائيين التسجيليين، وأخيراً جائزة مهرجان الإسماعيلية.

عن هذا تقول المخرجة: «حاولت الاشتراك فى مهرجان الجزيرة للأفلام الوثائقية لكنْ كان هناك تجاهل كبير لا أعرف سببه. قدمت من قبل فيلماً تسجيلياً عن قراصنة الصومال بعنوان «الصومال أرض الأرواح الشريرة»، حيث اكتشفت خلال رحلتي أن هؤلاء القراصنة مظلومون وأنهم يدافعون عن أرضهم وحقوقهم ليس أكثر. لقد تعرضت أثناء تصوير الفيلم لاختطاف ولم تنقذني سوى سيدة صومالية».

وسط أفلام عدة لمخرجين يمتلك معظمهم موهبة لا يمكن إغفالها منها «النشوة في نوفمبر» للمخرجة عايدة الكاشف، و «يا مسافر وحدك» للمخرج شادي حسين أبوشادي، و «متّى المسكين» للمخرج إياد صالح، وفيلم «جيران» للمخرجة تهاني راشد. شارك «طبق الديابة» الذي تقول عنه عراقي: «الفيلم من نوعية التحقيقات الاستقصائية، حيث تم تصويره في قالب دوكو - دراما، إذ يرصد الفيلم بالصوت والصورة عملية سرقة المخلفات من المستشفيات ثم تحويلها إلى مواد جديدة غير مطابقة للمواصفات الطبية أو الاستخدام الآدمي. وفي الفيلم إلقاء الضوء على تصنيف تلك النفايات الطبية من قبل التجار إلى ثلاثة مستويات، يتم وضع كل نوع حسب مستوى الخطورة في كيس له لون خاص. وأخطرها الأحمر الذي توضع فيه في شكل رئيسي الإبر والخراطيم والفلاتر المستخدمة في غرف العمليات الجراحية وغرف العناية المركزة وغرف غسيل الكلى. بعدها اللون البرتقالي بدرجاته المتعددة التي تشير إلى نسبة الخطورة، يليه اللون الأسود والأبيض الأقل خطراً. وتعد منطقة «الديابة» في حي بولاق الدكرور الشعبي في محافظة الجيزة مركزاً لهذه التجارة». وللتمكن من الوصول إلى الأماكن التي تحوي النفايات والمستشفيات الحكومية والتجار ووسطاء هذه التجارة كان لا بد لعراقي أن تكون فرداً من هذه المنظومة، حيث أدت دور تاجر نفايات يمارس ما يفعله الآخرون ما مكّنها من تصوير ما يحدث بسهولة.

وأشارت عراقي إلى أنها استأجرت شقة في إحدى تجمعات الزبالين عاشت فيها لمده 3 أشهر لتتمكن من دخول هذا العالم حتى إنها طلبت من والدها الطبيب بالجامعة ارتداء جلباب وشبشب لإحكام التخفي حيث ساعدها في التصوير.

وعن انتقاد البعض اهتزاز الصورة أو ظهورها في شكل مقلوب، تقول: «إخفاء الكاميرا في ملابسي لعدم انكشاف أمري، أدى بالطبع ذلك إلى خفوت الإضاءة في بعض المشاهد واختفاء ملامح المتورطين أحياناً أو اهتزاز الصورة. كان من المستحيل تصوير مجرمين من دون كاميرا خفية. أعتقد أن الخروج بصورة حتى لو غير جيدة لأناس تجارتهم مشبوهة هو الإنجاز، واهتزاز الصورة دليل على صدقها». وأوضحت عراقي أن النقاد أثنوا علي الفيلم كونه جديداً وجريئاً وصادماً، فضلاً عن أنه أتى بدليل إدانة قاطع ضد تلك الممارسات غير الشرعية. وترى عراقي أن من الممكن أن يساعد الفيلم في تغيير ممارسات عدة أو وضع الكثيرين من الموظفين في السجن كونه دليل إدانة ضد عدد من المسؤولين في المستشفيات بل دليل إدانة ضد الحكومة أيضاً.

لكن، هل كان الفيلم مجرد نقل للواقع أم كان لك رؤية إخراجية، قالت: «رؤيتي الإخراجية اقتصرت على مساحه محدودة جداً في الفيلم لأنه نقل دقيق للواقع، إذ إن رؤيتي الإخراجية كانت تؤكد واقعية الفيلم». وعلى رغم الاعتقاد السائد أن الأفلام التسجيلية ليست مصدر ربح، أكدت عراقي أن قناة «او تي في» الجهة المنتجة للفيلم كانت متحمسة للغاية لفكرته ولم تتردد في أخذ تلك الخطوة، مشيرة إلى أن تلك النوعية من الأفلام مطلوبة للغاية ولها جمهورها حيث من السهل تسويقها وبيعها. وترى أن بعد معاشرتها العاملين في هذا المجال وجدت أنه من الصعب الحكم عليهم إن كانوا ضحية الفقر أم ضحية المجتمع، «منهم أناس ظالمون لكن أول من ظلمهم كان أهلهم وأولادهم وهم أول ناس دفعوا ثمن تجارتهم لأن معظمهم مرضى بفيروس سي وايدز».

وتؤكد عراقي أن التحقيقات الاستقصائية هي المستقبل، وتقول: «الناس ملت وشبعت كلاماً. يجب تخطي مرحلة البرامج الحوارية التي تعج بها الفضائيات حالياً، والتي لم تثمر عن نتيجة خصبة. المذيع الآن يقرأ ما تم إعداده من دون إلمام كامل بجوانب القضية التي يناقشها، ما قد يدفع الضيف إلى استغلال البرنامج لعمل دعاية مجانية له ولأفكاره. لكن عندما يكون المذيع واعياً جيداً لما يناقشه سيكون بحق الإعلام سلطة رابعة». وشددت عراقي على أن «طبق الديابة» لم يتعمد إلقاء الضوء على السلبيات فقط من دون تقديم حلول لكن تم اقتطاع الحل من أحداثه لتصغير مدته. وتحقق الآن عراقي في قضية أخرى إلا أنها فضلت عدم إعطاء أية تفاصيل عنها لحين الانتهاء منها. ولم تخفِ عراقي أن إخراج أفلام روائية طويلة هو حلم أي مخرج أو مبدع في هذا المجال.

الحياة اللندنية في

29/10/2010

 

عروض روائية ووثائقية واستعادة لسينما فاتح آكين

القاهرة - «الحياة» 

هو في النهاية، برنامج عروض قد يحلم به أي هاوٍ للسينما تابع، خلال العامين الماضيين، ما يحصل في السينما العالمية ولا سيما السينما الأوروبية. فإذا كان هذا الهاوي قد اطلع، من دون أن يغادر وطنه - مصر، هنا - على عروض ونجاحات كبيرة في مهرجانات مثل «كان» و «مراكش» و «البندقية» - واستبد به فضول لم يستطع ان يرويه لمشاهدة أفلام كثر الحديث عنها أو كثر فوزها بالجوائز، وللتعرف الى أفلام عدد من كبار المجددين في السينما الأوروبية، في زمننا هذا، حتى من دون أن يكونوا، حصراً، من أبناء القارة، فلا شك في أن «بانوراما الفيلم الأوروبي» التي تعقد في القاهرة بين الثالث والتاسع من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، سيكون فيها الترياق، وحتى أكثر مما كان في وسع هذا الهاوي أن يحلم. فخلال سبعة أيام تعرض هذه التظاهرة التي تقام بمبادرة من «أفلام مصر العالمية» (يوسف شاهين) ممثلة بالمخرجة والمنتجة ماريان خوري، وللمرة الثالثة خلال أعوام قليلة، وبالتعاون مع مجموعة من المؤسسات الإعلامية والديبلوماسية المصرية والأوروبية ثلاثة عشر فيلماً روائياً طويلاً وخمسة أفلام وثائقية، جنباً الى جنب مع تظاهرة خاصة لسينما فاتح آكين، الألماني من أصل تركي، الذي يعتبر من أهم الأسماء في السينما الألمانية والأوروبية المعاصرة، ناهيك بأن سينماه باتت تشكل جسراً حضارياً فنياً وإنسانياً بين الشرق والغرب (تركيا وأوروبا بخاصة). وإذا كانت أفلام آكين قد عرضت متفرقة في عدد من المدن العربية - ومن بينها بيروت - فهذه هي على حد علمنا، المرة الأولى التي تجتمع فيها، في مدينة عربية وضمن تظاهرة جامعة، أربعة أفلام أساسية من أفلام آكين، حققت في المانيا، أو بين المانيا وتركيا خلال السنوات الست الأخيرة: «ضد الجدار» (2004)، و «عبور الجسر: صوت اسطنبول» (2005)، «حافة السماء» (أو «على الجانب الآخر») (2007) والأحدث «مطبخ الروح» (2009)... ما يضع المتفرج القاهري، وبصورة استثنائية أمام متن سينمائي يقدم المعادلة الأمثل لسينما تمزج الأصالة بالمعاصرة، وروح الشرق بالموضوع والتقنيات الغربية. وفي يقيننا ان سينما فاتح آكين تقدم في هذا الإطار درساً لافتاً للباحثين عن سينما - ما - بعد الحداثة وما - بعد - العولمة.

غير أن آكين ليس وحده في الميدان هنا، إذ ان عروض الأفلام الروائية، تحمل أسماء باتت خلال السنوات الأخيرة، الأكثر بروزاً وربما بفضل المهرجانات أكثر مما بفضل العروض التجارية، اضافة الى أسماء مخرجين مخضرمين واسم عربي بات معروفاً على نطاق واسع. حيث لدينا هنا ميشيل خليفي، الفلسطيني المؤسس الذي يقيم في أوروبا (بلجيكا) منذ عقود، وحاز أحدث أفلامه «زنديق» إعجاباً حيث يعرض، ممثلاً - الى جانب سينما ايليا سليمان وآن ماري جاسر وشيرين دعيبس ونجوى نجار... وغيرهم - أفضل ما يحقق في السينما الفلسطينية. والى جانب خليفي هناك طبعاً اليخاندرو غونزاليس ايناريتو، الذي بات لا مفر من وجوده في أية تظاهرة سينمائية جادة، ولا سيما بعد روائعه مثل «بابل» و «21 غرام». هذه المرة، في القاهرة، يعرض ايناريتو رائعته الجديدة «بيوتيفيل» الفيلم الذي فاز بطله خافيير بارديم بجائزة أفضل تمثيل في الدورة الأخيرة لـ «كان». وهي الدورة نفسها التي أعطت ثاني أكبر جائزة فيها لفيلم الفرنسي كزافييه بوفوا اللافت «عن الرجل والآلهة» (حول اغتيال سبعة رهبان فرنسيين في الجزائر)... والى هذين الفيلمين المعروضين خلال هذا الأسبوع الأوروبي - المصري، هناك «صهريج سمك» للاسكوتلندية اندريا آرنولد، التي كانت سينماها الخاصة جداً اكتشفت في مهرجان «مراكش» قبل ثلاثة أعوام، وهناك كاثرين روسيني في «الرحيل» وأورسولا انطونياك (التي بدورها كانت اكتشفت في «مراكش») في فيلمها القاسي «لا شيء شخصياً»... وفيليب ليوري في «مرحبا» (الفيلم الفرنسي الذي يدنو من المسألة العنصرية في شكل مباشر). أما لحظتا الذروة الأخريان في التظاهرة فتتمثلان، طبعاً، بفيلم مكيائيل هاينيك الأجدّ «الشريط الأبيض» الذي حاز السعفة الذهبية في «كان» (2009) (وهو فيلم مميز عن الجذور الحقيقية لنشوء الفاشية/ النازية في المانيا، صفق له كثر على رغم تقشفه وبطء حركته) وفيلم المخضرم الإيطالي ماركو بيلوكيو «انتصار» (2009)، الذي لفت الأنظار واجتذب جوائز عدة منذ عرضه في «كان» متحدثاً عن حكاية عشيقة لموسوليني في ايطاليا العشرينات، أنجبت منه ولداً رفض الاعتراف به، بل أودعها المصح العقلي حين أصرت على ذلك...

إذاً، تنويعة سينمائية مميزة لتظاهرة تقدم نفسها، بكل تواضع كمجرد «بانوراما» وأيام سينمائية قاهرية، تأتي سينمائية وسط موسم «مهرجاني» عربي صاخب، يضيع المتفرج، إن وجد، في متاهات سجاده الأحمر وأضوائه المتلألئة والملايين المنفقة عليه. هنا في «البانوراما» القاهرية، لا شيء من هذا: فقط هناك السينما التي يمكن أن تعتبر شعبية وأنيقة، بل يمكن غلاة هواتها أن يجدوا نخبوية ما في تظاهرتها الأخيرة حول السينما الوثائقية حيث تتجاور أسماء المخضرمين آنييس فاردا (في رائعتها الذاتية «شواطئ آنييس») وفردريك وايزمان (في فيلمه اللافت حول دار أوبرا باريس وفرقة الباليه التابعة لها)، مع أسماء نيكولا فييلبير (نينيث) وفلور آلبير والإيراني الأصل كمال الجعفري...

ترى، بماذا يمكن أن يحلم هاري السينما الحقيقي إن لم يحلم ببرنامج كهذا؟

الحياة اللندنية في

29/10/2010

 

أفلام عن القضايا وأخرى عن أصحابها

رام الله – بديعة زيدان 

تواصلت فعاليات مهرجان القصبة السينمائي الدولي الخامس، طوال ما يزيد على 12 يوماً خلال هذا الشهر بعد الافتتاح بالفيلم العالمي «ميرال»، الذي يتناول حكاية أربع فلسطينيات يهرعن بقصصهن في دولاب الزمن منذ ما قبل النكبة، وحتى «أوسلو».

والفيلم الذي أخرجه الأميركي اليهودي العالمي جوليان شنايبل، مأخوذ عن رواية للكاتبة والصحافية الفلسطينية المقيمة في إيطاليا رولا جبريل، التي تتحدث عن ذكرياتها في «دار الطفل»، التي أسستها المناضلة الفلسطينية هند الحسيني في القدس عام 1948، لتحتضن فيها الأطفال الفارّين من مجزرة دير ياسين الرهيبة.

تقدم الفنانة الفلسطينية هيام عباس في الفيلم دور هند الحسيني، فيما تقدم الفنانة الفلسطينية الشابة ياسمين المصري، وكانت ضيفة حفل الافتتاح دور نادية والدة رولا جبريل أو «ميرال» كما رمز إليها، هي وزميلتها ربى بلال التي قدمت دور المناضلة الفلسطينية المقيمة في غزة حالياً، فاطمة برناوي، أما دور «ميرال» فكان من نصيب الهندية فريدا بينتو، التي اشتهرت بدورها في فيلم الأوسكار «المليونير المتشرد».

وشددت ياسمين المصري في مؤتمر صحافي حول الفيلم على خصوصية دورها في «ميرال»، على رغم اعتزازها بما قدمته مع المخرجة اللبنانية نادين لبكي، والجزائري إبراهيم تساكي، والفلسطينية نجوى النجار، لكن خصوصية «ميرال» تأتي «من كون المخرج شنايبل مخرج عالمي، كما أنه أميركي يهودي، وأن تأتي الحكاية الفلسطينية برؤية فلسطينية عبر مخرج يهودي عالمي فهو أمر بالغ الأهمية على صعيد المصداقية والانتشار في آن».

وكشفت المصري، وتقدم دور نادية، والدة رولا جبريل في الفيلم، عن أن جبريل وشنايبل يعدان لعرض الفيلم تجارياً في الولايات المتحدة الأميركية في الثالث والعشرين من آذار المقبل، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، وعلى رأسها الأمين العام للمنظمة الدولية، والهيئات الإنسانية والحقوقية في أميركا، بهدف تحقيق الانتشار الواسع للفيلم هناك، كونه باللغة الإنكليزية. وأن تأتي الحكاية الفلسطينية برؤية فلسطينية عبر مخرج. وكشفت ربى بلال أن صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية «سبق وحذرت من الفيلم، ووصفته بالمخيف»، واختصرت كل من المصري وبلال بأنه حكاية فلسطينية بلغة إنسانية.

وقال حمودة بقاعي، المنتج المنفذ لفيلم افتتاح المهرجان «ميرال»، في المؤتمر الصحافي نفسه، أن شنايبل أقام في فلسطين أربعة أشهر تجول فيها في المواقع التي وقعت فيها حكاية رولا جبريل، مشيراً إلى أن فريدا بينتو عاشت الحاضر الفلسطيني بكل صعوباته، فشاهدت جدار الفصل العنصري في بيت لحم، وتنقلت عبر الحواجز العسكرية لتعيش أجواء المعاناة الفلسطينية المتواصلة منذ حكاية رولا جبريل، ومعلمتها هند الحسيني عام 1948 إلى يومنا هذا.

مشهراوي

وكرم المهرجان في حفلة الافتتاح المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، على مجمل أعماله السينمائية التي تتواصل منذ قرابة ربع قرن. وقال مشهراوي حول التكريم: «حصلت ثلاث مرات على تكريم فلسطيني، أعتز بها جميعاً. المرة الأولى كانت من الرئيس ياسر عرفات عن فيلم «حيفا»، مع أن الفيلم كانت ينتقد «أوسلو»، وينتقد عرفات نفسه، والثانية جائزة فلسطين للسينما، وهذه هي المرة الثالثة. المختلف في هذا التكريم بالنسبة لي كسينمائي فلسطيني، أنه يأتي في مهرجان سينمائي فلسطيني في رام الله، وهذا جميل».

وعرض لرشيد مشهراوي في اليوم التالي ليوم الافتتاح فيلمه الأحدث «حوراء بغداد»، وهو فيلم وثائقي طويل، يرصد في تفاصيله اليومية عملية إعداد فيلم عن عمالة الأطفال في بغداد، في وقت تقرع الحرب طبولها على غزة، حيث ولد، وحيث لا يزال أهله يقيمون هناك.

ويقول مشهراوي عن الفيلم: «صدف أنه في فترة وجودي في العراق، حدوث الحرب على غزة، وأنا ابن غزة، وليس بإمكاني إلا متابعة الأخبار عبر شاشة تلفزيون، ومشاهدة الجرائم بحق أطفال غزة، بينما أصور فيلماً حول معاناة أطفال بغداد... كنت أعيش هذه الحالة الصعبة كفلسطيني من غزة موجود في بغداد على مدار اليوم والليلة... هذا الفيلم للكبار أتحدث فيه عن تجربتي الشخصية خلال الإعداد لفيلم حول عمالة الأطفال وموجه للأطفال.

وإضافة إلى فيلم مشهراوي تحضر السينما الفلسطينية عبر العديد من الأفلام، تضاف إلى قائمة أفلام عربية حديثة الإنتاج، وأخرى عالمية مثلها، حققت حضوراً مهماً في المهرجانات، وتعرض للمرة الأولى فلسطينياً، وبعضها على مستوى المنطقة العربية والشرق الأوسط.

بين الروائي والوثائقي

ومن بين هذه الأفلام «زنديق»، وهو الروائي الأحدث لميشيل خليفي، وعرض في اليومين الذين سبقا حفل الاختتام، فيما عرض عدة أفلام من بينها فيلم يدمج الحكاية التاريخية والحديثة عن عكا ويافا ولفتا القرية المهجرة قرب القدس، بالأغنية الشعبية الفلسطينية حول هذه المناطق، ويحمل اسم «هاي بلادي وهاي الدار»، وهو عن نص مشترك بين د. ناظم شريدي والمطرب الشعبي الفلسطيني رائد كبها، الذي قدم للفيلم وعلق عليه وغنى فيه، في حين قام شريدي بإخراجه أيضاً.

ويقول كبها: «هذا الفيلم الذي نجمع فيه بين الوثائقي والغنائي، هو تجربتي الأولى في هذا المجال... هو من أفكار وكتابة سيناريو واخراج الدكتور ناظم شريدي، ويسلط الضوء على ما تشهده مدينتي عكا ويافا من محاولات لطمس حضارتهما الفلسطينية والاستيلاء على ما تبقى من أبنية وأراض، كما يتحدث عن ماضيهما في أزمان مختلفة، ومعاناة أهلهما كما أهل لفتا القرية المهجرة قرب القدس، جراء الاحتلال الإسرائيلي في عام 1948».

كما عرض في المهرجان سلسلة أفلام فلسطينية روائية قصيرة من بينها «البحث عن زاك» لإيهاب جاد الله، وهو فيلم يدور في إطار من الهزل والرعب عن فلسطينيين يفقدون صديقهم، ويعتقدون إنه معتقل لدى فصائل فلسطينية أو جيش الاحتلال، ويعيشون ليلة رعب قبل اكتشاف أن كل ما في الأمر هو أن شحن الهاتف النقال لـ «زاك» أو زكريا، فرغ تماماً. كما عرض فيلم «رؤوس دجاج» لبسام الجرباوي، فيما يعرض في الأيام التالية، فيلم «الدرس الأول» لعرين عمري، و «ميناء الذاكرة» لكمال الجعفري.

وتدور حكاية فيلم عمري عن فتاة فلسطينية تختار أن تسافر إلى فرنسا، هناك، وبالتحديد في حصة اللغة الفرنسية الأولى، في باريس تشتبك مع طالب لغة إسرائيلي حول ما إذا كانت البقعة الجغرافية على الخريطة فلسطين أم إسرائيل، وما إذا كانت القدس عاصمة فلسطين أم إسرائيل، وسط انحياز أميركي لإسرائيل، وعربي لفلسطين، وموقف أوروبي وآسيوي متفرج.

أما فيلم كمال الجعفري فيتحدث بلغة سينمائية مختلفة، عن العنصرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين الصامدين في أرضهم منذ النكبة، وبالتحديد في حيفا، من خلال التهديد بهدم منزل العائلة، وما رافقه من حملات إسرائيلية راغبة بشراء المنزل، وأخرى عربية تطالبهم بالصمود.

وشدد خالد عليان، مدير المهرجان، على أنه يولي أهمية خاصة للأفلام الفلسطينية والعربية. ففي العامين الماضيين افتتح المهرجان بفيلمي «ملح هذا البحر» لآن ماري جاسر، و «أمريكا» لشيرين دعيبس، في حين يفتتح «ميرال» العالمي ذو الحكاية الفلسطينية مهرجان القصبة السينمائي الدولي الخامس، مؤكداً أن على رأس أولويات المهرجان دعم السينما والسينمائيين الفلسطينيين، وتوفير فرصة كسر الحصار بالسينما. ولهذا تتسع العروض لتشمل مدن غزة والقدس ورام الله وبيت لحم ونابلس وجنين، بواقع 60 فيلماً روائياً وتسجيلياً ووثائقياً، منها الطويل ومنها القصير، وبينها أفلام فلسطينية وعربية وعالمية، متحدثاً عن شراكة مع مهرجان برلين السينمائي هذا العام، جاءت تتويجاً لشراكات سابقة ومتواصلة مع مهرجان دوربان في جنوب أفريقيا، وجائزة أفلام آسيا.

الحياة اللندنية في

29/10/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)