حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

الفيلم - الرسالة بعيداً من العنف قريباً من السماء

ابراهيم العريس

حين يكون لديك موضوع شائك مأخوذ عن حادث وقع حقاً في تاريخ غير بعيد... وتعرف أن أي تناول لهذا الموضوع سيكون نوعاً من السير على حبل مشدود بين هاويتين. ونعرف أيضاً، الى هذا، أنّ لا أحد على الإطلاق يمكنه زعم امتلاك الحقيقة حول ما حدث، ناهيك بأن ثمة بعد شهور من انجازك العمل إمكانية كبيرة لكشف بعض الملابسات، لكنك، لم تعد قادراً على الانتظار، مرغمٌ على هذا الانجاز من دون أن تطلع على النتيجة التي كان ثمة وعد بأن تكون حاسمة. ماذا تفعل. هل تؤجل الموضوع وانجازه. هل تلغي الفكرة من أساسها؟ أم إنك ستجازف بابتكار نهاية قد تتناقض تماماً مع ما سينكشف؟

حين وجد المخرج الفرنسي كزافييه بوفوا نفسه أمام كل هذه الأسئلة وهو يسعى الى تحقيق فيلم جديد له، جعل منذ البداية، عنوانه «عن البشر والآلهة»، لم يحاول أن يجيب عن أي من هذه الأسئلة: أخذ موضوعه الحدثي التاريخي، وضرب صفحاً عن مجرى ونهاية الأحداث الحقيقية. أبقى التساؤلات على حالها داخل الفيلم وجعل النهاية مفتوحة وقد آل على نفسه أن يحول الموضوع كله الى فيلم ميتافيزيقي وانساني في الوقت نفسه. الى فيلم يطرح سؤالاً وجودياً كبيراً مجازفاً بأن يلومه كثر لاحقاً بصدد وقوفه عند جوهر موضوعه لا عن مدوناته التاريخية. ولكن حين عرض الفيلم، بعد إنجازه، في المسابقة الرسمية للدورة الأخيرة لمهرجان «كان»، لم يلم أحد بوفوا... بل نال فيلمه من التصفيق والإعجاب وما يشبه الإجماع قدراً كبيراً، جعل من فوزه في نهاية الأمر بجائزة لجنة التحكيم الكبرى، أمراً أكثر كثيراً من مستحق... هو الذي توقع له كثر، طوال أيام المهرجان أن تكون «السعفة الذهبية» من نصيبه. أما الأجمل من هذا فهو ان مناخاً من الصمت الروحي طغى على الصالة الكبرى طوال ساعتي العرض، بدا متناقضاً تماماً مع الحدث الذي يحاول الفيلم أن يرويه: قتل عدد من الرهبان الفرنسيين من فاعلي الخير، في منطقة جبلية نائية في الجزائر أواسط عقد التسعينات من القرن الفائت، على أيدي مسلحين قيل حيناً إنهم من الجماعات الإسلامية المتطرفة المسلحة، وقيل في أحيان أخرى إنهم من رجال الحكومة التي شاءت أن تلصق التهمة بتلك الجماعات. في شكله هذا، إذاً، من الواضح أن «عن الآلهة والبشر» فيلم عن الإرهاب والعنف. غير أن كزافييه بوفوا عرف كيف يجعله فيلماً عن الحب والخير وحوار الأديان والالتحام بالطبيعة، مع حبكة تقف طويلاً عند السؤال الوجودي - الشكسبيري أكاد أقول - المهم الذي يطرحه فرد أو جماعة، حين تحل ساعة الاختيار الحاسم.

استسلام روحي

مع العرض الأول للفيلم، لم يعد أحد يرى أن المشروع مجازفة... بل صار كالبديهة... الى درجة أن أحداً لم يهتم بالنهاية التي تعقب قتل الرهبان وقد سيقوا كالخراف وسط ثلج الجبال. ولم يعد أحد يهتم كثيراً بواقع أن الفيلم لم يذكر ولو للحظة، مكان وقوع الحدث، حتى وان كنا نعرف انه تلك المنطقة النائية من الجزائر... وذلك لأنه سرعان ما تبين ان كل هذه التفاصيل «التاريخية» لم تكن هم الفيلم الرئيس. وكذلك لم يكن همه تلك الأسئلة «التجارية» التي دارت حول امكانية أن يجتذب الجمهور. فيلم لا نرى فيه على الشاشة، طوال ثلاثة أرباع زمن العرض، سوى عدد من الرهبان يعيشون بهدوء ودعة، ثم بقلق، ثم باستسلام روحي للمصير، آخر أيام حياتهم في ديرهم النائي. المهم هنا صار تلك النفحة الروحية التي هيمنت على موضوع يحاول أن يقول بعض الكلام، في طريقه، حول الحوار بين الأديان، ومثالب السياسة، ومصائر الكذب المتبادل حول جريمة ارتكبت ولا يمكن نسيانها.

إذاً، وكما بات واضحاً هنا، يأخذ الفيلم الحكاية الحقيقية لاغتيال مجموعة من سبعة أو ثمانية رهبان، ليعود القهقرى، في لغة كلاسيكية هادئة، الى الأسابيع التي سبقت الحادثة، ليقدم لنا صورة تكاد تكون أنثروبولوجية - وثائقية عن حياة الرهبان بين اهتمامهم بالدير ودراساتهم ولا سيما حول اللغة العربية والدين الإسلامي، وبين رعايتهم الطبية والاجتماعية السكان الفقراء من حولهم. ونعرف فوراً أن هؤلاء الرهبان ينتمون أصلاً الى سلك ديني (ترابيزم) منفتح على الأديان الأخرى، أخذ على عاتقه الاهتمام بالضعفاء والفقراء الى أي دين انتموا. وهم هنا في هذا الدير (الموجود أصلاً في الحادث الحقيقي في الجزائر، لكن التصوير تم في المغرب قرب مكناس لأسباب أمنية)، يعيشون وسط هذه المهام منذ زمن بعيد، وقد ضبطوا حياتهم على ايقاع نشاطاتهم اليومية بين صلاة وزراعة وتدريس وتطبيب للريفيين، واجتماعات عند العشاء.

في تلك الآونة كانت قد اندلعت الصراعات المسلحة بين الجماعات الإسلامية المتطرفة، والسلطات العسكرية بخاصة. وفي البداية لم يجد الرهبان أنفسهم معنيين بما يحدث، خصوصاً أن الانسجام كان تاماً بينهم وبين السكان، وكان شبح الإرهاب لا يزال يبدو بعيداً. ولكن، وكما يقال لنا في أول الفيلم، يبدأ إرهاب المتطرفين وردود فعل السلطات العنيفة بالظهور في المكان مع هجوم ارهابي يشن على عدد من العاملين والمهندسين الأجانب، ثم يوجه الإرهابيون إنذاراً الى كل الأجانب الموجودين في المنطقة بضرورة مغادرتها. وبسرعة يضاف الى هذا اتصال السلطات العسكرية بالرهبان طالبة منهم التفكير بالرحيل بعيداً من المكان، لأن المكان أصبح خطراً وحمايتهم ليست بالأمر اليسير.

وهكذا، بالتدريج تنقلب الأمور رأساً على عقب في دينامية محيرة، محورها أربعة أطراف: الرهبان والسلطات والإرهابيون والسكان. بالنسبة الى الرهبان، ليس الرحيل أمراً ممكناً أو منطقياً، حتى وان كانت الظروف الجديدة تفرض عليهم التفكير فيه جدياً، وحتى لو كان الأهالي يطالبونهم بالبقاء، فيما لم يبد الإرهابيون، بلسان زعيمهم الذي يلتقي ذات عشية ميلاد بواحد من الرهبان ينطق باسمهم (كريستيان الذي قام بدوره، بجودة استثنائية الممثل لامبرت ويلسون، الذي رأى كثر انه كان يستحق جائزة التمثيل عن هذا الدور في «كان»). ويكون نوع من الصفاء في ذلك اللقاء، لا يشي بأن هؤلاء المتشددين قد يقدمون على قتل الرهبان. وفي هذا الإطار تعمّد كزافييه بوفوا ان يزرع فيلمه اشارات تشدد على تعنت السلطات العسكرية في تعاملها مع الرهبان، ما يمهد لاستنتاج يتركه الفيلم مفتوحاً عند نهايته ويكاد يقول ان العسكريين، لا الإرهابيين، هم الذين قتلوا الرهبان.

السؤال الوجودي

ولكي نبقى هنا، في مجرى الفيلم، داخل صف الرهبان، الذين يقدم الفيلم كله من وجهة نظرهم، يستمر السباق راسماً تفاصيل حياتهم اليومية وكأن شيئاً لم يكن... تقريباً. حيث ان نقاشاتهم وصلواتهم تبقى هي هي، فيما يشتد اوار الصراع في الخارج... ويبدأ القلق يستبد بالسكان أكثر فأكثر. ولكن، هنا، بالتدريج، يصبح جزء من حديث الرهبان في اجتماعاتهم، وقبل وبعد صلواتهم، سجالاً فيما بينهم حول الخطوات التالية التي يتعين عليهم اتخاذها. واللافت هنا هو عمق تلك الحوارات وبعدها الإنساني. انها حوارات تبدو طالعة، على شكسبيريتها الجوهرية، من نصوص وجودية لسارتر أو لألبير كامو. وهي حوارات يومية تصل أحياناً الى حد الاشتباك اللفظي: نبقى أو نذهب؟ في النهاية يقرر الرهبان، في معظمهم، البقاء حتى وان كانوا يعرفون أن مصيرهم لن يقل عنفاً عن مصير الأجانب الآخرين في المنطقة وعن مصائر الكثير من السكان الذين وقعوا ضحايا لسنوات العنف تلك. وهذا السياق كله، يكون هو من يفتح في نهاية الأمر على ذلك المشهد الرائع والذي يمكن النظر اليه على أنه مفتاح أساسي من مفاتيح الفيلم فكرياً وجمالياً: مشهد العشاء الأخير، حين يفتتح لقاء العشاء، الهادئ على رغم وصول الخارج الى أعلى درجات التوتر، بموسيقى من «بحيرة البجع» لتشايكوفسكي، تبثها محطة اذاعة على مذياع يشغله أحد الرهبان مبتسماً، فيما تبدو حركة الرهبان حول الطاولة ثم جلوساً اليها، وكأنها جزء من رقصة وداع درامية. وعلى ايقاع الموسيقى وقرقعة الكؤوس والسكاكين والشوك، تدور بين الإخوة الرهبان حوارات وجمل تبدو وكأنها مقصود منها ان تبعد قدر الإمكان عن الحدث الرئيس وامكانية مخزون العنف الذي يحمله: انها لحظة صفاء داخلي تحاول ان تقول التناقض مع العنف الخارجي، إذا كانت تشبه، في جوهرها، شيئاً فهي انما تشبه العشاء الأخير للسيد المسيح.

بعد ذلك العشاء، مباشرة تقريباً، تكون النهاية، إذ سرعان ما نجد الرهبان مقيدين متعبين حائرين، يسيرون في قافلة وراء بعضهم بعضاً يحفزهم عدد كبير من المسلحين الملتحين، غير مدركين الى أين تمضي بهم تلك الطريق الجبلية، على رغم احساس يخامرهم بأنها النهاية. وبالفعل تحل هنا نهايتهم، التي تعمد المخرج أن يعلمنا بها لفظياً لا بصرياً، وهو اختيار مميز من مخرج لم يرد أن يصور العنف في فيلمه (لو صور جثث الرهبان لكان حول الفيلم كله الى صورة لهذا العنف)، بقدر ما أراد أن يصور فيه تلك الهوة العميقة التي تفصل الخير عن الشر، انما من دون أن يحدد تماماً (وليس هذا دوره على أية حال) من هو الطرف الشرير... حتى وان كان واصل رمي الإشارات التي تفترض ان سلطات عسكرية ما، هي التي قتلت الرهبان لمجرد أن يعتقد العالم أن من قتلهم هم ارهابيون اسلاميون ما يؤلب الرأي العام العالمي ضد هؤلاء.

غير أن ما لا بد من تكراره هنا، هو ان هذه الفرضية الأخيرة، حتى وان كانت تبقى في البال بعد مشاهدة الفيلم، ليست بيت قصيده. بيت القصيد في الفيلم هو سياقه، هو ذلك التمجيد للعلاقة التي أقامها الرهبان مع السكان المحليين، وللتضافر بينهم جميعاً وبين الطبيعة، ولعلاقة التبادل بين الفكر الإسلامي والمسيحي ممثلة بدراسة الراهب كريستيان المعمقة للفلسفة والأدب والدين الإسلامي، ما يجعل العنف الآتي من الخارج (سواء أكان إرهابياً أم سلطوياً) عنصراً دخيلاً مهمته ان يفسد وينسف حتى، ذلك التناغم الخلاق بين ما خلقه الله (من بشر وطبيعة)، وما أرسله من مثل وكتابات وأفكار (عن طريقة أديانه التوحيدية). وفي يقيننا ان هذه هي الرسالة التي حملها هذا الفيلم، الذي أتى، في طريقه، ليعيد الى السينما الفرنسية رونقها وعمقها ولا سيما عبر كاميرا مخرج ذكي ومفعم بالإحساس بالجمال، عرفت كيف تجعل من كل لقطة ومشهد وجملة حوار، ميدان انسجام وتأمل ودينامية انسانية من دون حدود.

الحياة اللندنية في

06/08/2010

 

أليس إيف:

الأميركيون حوّلوني من سندريللا إلى شحَّاذة

باريس – نبيل مسعد 

اكتشفت هوليوود الممثلة البريطانية أليس ايفا التي عملت في المسرح اللندني وفي التلفزيون والسينما ومنحتها دوراً صغيراً في فيلم «الجنس والمدينة 2» ثم البطولة المطلقة في الفيلم الفكاهي «إنها خارج منالي» وأخيراً في «عبور» إلى جانب هاريسون فورد. وفي هذا العمل تمثل إيف شخصية عارضة أزياء «توب موديل» وممثلة أسترالية ترغب في الحصول على إقامة في الولايات المتحدة للعمل هناك مثل النجمتين نيكول كيدمان وناومي واتس الأستراليتين أيضاً والناجحتين في أميركا. ولكن الأمر ليس بهذه السهولة وتجد الشابة نفسها في موقف يتطلب بيع جسدها إلى موظف في مكتب الهجرة إذا أرادت الإقامة، وتفعل. وعلى رغم ذلك لا تصبح نجمة وترغمها السلطات على العودة الى بلدها. ويروي الفيلم حالات هجرة مأسوية خصوصاً بالنسبة الى المكسيكيين.

تتميز إيف بجمال أشقر من النوع الذي يذكر بنجمات هوليوود أيام الخمسينات والستينات لا سيما آن مارغريت التي شاركت ألفيس بريسلي بطولة أحد أهم أفلامه «فيفا لاس فيغاس» ثم جاك نيكولسون بطولة فيلم «معرفة جسمانية».

زارت إيف باريس للتروبج لفيلم «عبور» فالتقتها «الحياة» وحاورتها.

·     تؤدين شخصية ممثلة وعارضة أزياء «توب موديل» في فيلم «عبور»، ويجب الاعتراف بأن الدور يليق بك إلى أبعد حد بفضل قامتك وجمالك، فهل فكرت في احتراف مهنة عرض الأزياء في يوم ما؟

- لا أبداً. فلا يكفي أن تكون المرأة طويلة أو جميلة حتى ترغب في ممارسة مهنة تتعلق بالموضة. شخصياً أحببت الموسيقى والرقص الكلاسيكي «الباليه» منذ صغري وأعزف بمهارة كبيرة على البيانو، وحلمي كان أن أصبح عازفة موسيقية محترفة، أو راقصة كلاسيكية محترفة إلا أن فيروس المسرح دخل إلى عروقي بفضل كوني ابنة ممثل وممثلة من أهم نجوم المسرح البريطاني. وهكذا دخلت إلى الأكاديمية الملكية للفن الدرامي في لندن وصرت ممثلة محترفة. أما عرض الأزياء فلا علاقة لي به اطلاقاً.

·         أنتِ بطلة فيلمي «إنها خارج منالي» الفكاهي و «عبور» الجاد جداً، فهل تعتبرين نفسك ممثلة كوميدية أو درامية أساساً؟

- يبدو أنني أفلتُّ من قاعدة حبس الممثلات في لون محدد فلا تسألني مثل هذا السؤال واتركني حرة في التنويع في أدواري السينمائية. صحيح أن الدور الذي أطلقني هو من نوع الفكاهة في فيلم «إنها خارج منالي» حيث أديت شخصية امرأة شابة تقع في غرام طالب لا ينجح في كسب ثقة والديها ورضاهما، ولكنني اتجهت بسرعة نحو الدراما من خلال فيلم «عبور» القوي والجريء في مضمونه الاجتماعي، فهل سيراني الجمهور الآن فنانة مأسوية وحسب؟ هذا ما لا أعرفه بالمرة وأتمنى ألا يحدث.

·         أنت بريطانية فكيف وجدت نفسك في فيلم هوليوودي هو «إنها خارج منالي»؟

- لا أدري كيف صارت هذه الحكاية بالتحديد وما هو الدور الذي لعبته وكيلة أعمالي فيها، لكنني تلقيت مكالمة هاتفية في يوم ما بهدف لقاء المخرج الأميركي الناجح جاد أباتو ومجموعة من الأشخاص قدموا معه من هوليوود إلى لندن بحثاً عن ممثلة محلية قادرة على أداء أحد الأدوار الفكاهية في فيلم «إنها خارج منالي». لم أصدق مضمون المكالمة في أول الأمر واعتقدت أن أحد أصدقائي من الممثلين كان قد دبر لي مكيدة حتى أتردد إلى موعد مزيف ولا أعثر على أحد مثلما يحدث في الوسط الفني بين حين وأخر عندما تخطط شلة من الممثلين لمقلب ساخن لزميل أو زميلة ما. لكن وكيلة أعمالي أكدت لي أن المسألة في غاية الجدية فذهبت الى الموعد والتقيت أباتو وغيره من الرجال الذين يعملون في شركة إنتاج الفيلم وبقيت معهم حوالى خمس ساعات في أحد صالونات فندق دورشستر الفاخر ومن دون أن أشعر لحظة واحدة بأنني كنت أخضع لاختبار في التمثيل، لكن هذا ما كان يحدث في الحقيقة من خلال دردشة ودية حول حياتي وعملي ودراستي في الأكاديمية وأدواري السابقة في السينما والتلفزيون والمسرح في لندن، وهواياتي وأفلامي المفضلة. وفي ختام اللقاء قيل لي بمنتهى البساطة «إلى اللقاء»، وغادرت المكان من دون أن أعرف إذا ما كنت سأسمع عن هؤلاء الأشخاص مرة ثانية في حياتي وإذا فعلوا هم أي شيء غير قضاء سهرة ممتعة مع امرأة شابة روت لهم قصة حياتها. كان الموضوع أشبه بالخيال، وأعترف لك بأنني نسيته بسرعة وتفرغت لأعمالي المحلية في بلدي إلى أن سمعت من وكيلة أعمالي بعد مضي ستة أسابيع على اللقاء المذكور بأنني حصلت على الدور الأول في فيلم «إنها خارج منالي» وأن الشركة المنتجة تعرض علي أغلى أجر في حياتي الفنية، حتى ذلك اليوم، لقاء عملي في الفيلم.

كأنني ملكة

·         وكيف دار العمل مع الأميركيين إذاً في ما بعد؟

- دار العمل على الطريقة الأميركية المطروحة واكتشفت هذه الطريقة أولاً بأول في أثناء تصوير الفيلم على رغم أنني كنت قد عملت من قبل في الفيلم الأميركي «الجنس والمدينة 2» ولكن في دور صغير وفي ظروف جيدة. وأقصد أنني في «إنها خارج منالك» وجدت نفسي وسط خلية تزخر بأشخاص مشغولين جداً كل في مجاله ولا يتكلم أحدهم عن شيء في الدنيا سوى نشاطه في إطار الفيلم. وشعرت باهتمام جميع هؤلاء بي شخصياً بطريقة لم تحدث لي من قبل في السينما الإنكليزية أبداً، فالمسؤولة عن الثياب عاملتني وكأنني ملكة وعاملة الماكياج كذلك وجميع الذين أحاطوا بالمخرج من مساعدين أيضاً، وبدت راحتي بالنسبة إليهم في غاية الأهمية طوال النهار أو طوال ساعات التصوير بمعنى أصح، ولكنهم لم يتعبوا أنفسهم حتى بتحيتي عقب سماعهم عبارة «اليوم انتهى» التي يلقيها المساعد الأول في ختام كل يوم عمل. لقد صدمت وتعجبت وتساءلت كيف يمكن أن تكون العلاقة بين الأفراد مبنية على العمل وحسب وإلى درجة أنهم يتغيرون كلياً فور أن ينهوا مهامهم المهنية. أين العلاقة الإنسانية إذاً في وسط كل ذلك؟ ولقد تصرف مخرج الفيلم معي بهذا الأسلوب نفسه. إن الأميركيين حولونني من سيندريللا إلى شحاذة في غمضة عين في نهاية كل يوم عمل.

·         عشتِ تجربة سيئة إذاً؟

- أنا أميل دائماً إلى أخذ الناحية الإيجابية في أمور الحياة، وبالتالي أقول إنني هكذا تعلمت أسلوب العمل في السينما الأميركية وكسبت بعض المال وظهر اسمي على قائمة أبطال أحد الأفلام الهوليوودية، لكنني لم أكن في عجلة من أمري في شأن معاودة الكرة مهما غازلتني هوليوود. وهذا ما اعتقدته إلى أن وصلني عرض العمل في فيلم «عبور» إلى جوار هاريسون فورد فاكتشفت أنني ضعيفة الشخصية ووافقت بلا تردد، خصوصاً بعدما قرأت السيناريو واكتشفت مدى قوته في تناول الواقع الاجتماعي للمهاجرين في الولايات المتحدة.

في الأجواء السينمائية

·         وكيف دار تصوير «عبور»؟

- دار في شكل جعلني أنسى تجربتي الأولى كلياً أو على الأقل أنسى سلبياتها. لقد عثرت لدى فريق عمل فيلم «عبور» على دفء إنساني كبير واكتشفت أن هاريسون فورد أكثر من نجم مرموق، فهو رجل جنتلمان يحسن معاملة كل من يحيط به ويعمل معه والنساء في شكل خاص وذلك على نمط الاحترام المتبادل ومن دون أي مغازلة من النوع الموجود عادة في الأجواء السينمائية، فهو متزوج وكانت كاليستا فلوكهارت (زوجة هاريسون فورد) تأتي لزيارته كثيراً في الأستوديو وهو عرَّفني عليها. لقد أحاطني برعايته الفنية وقدم لي النصائح في شأن دوري واللقطات الجريئة الصعبة التي تضمنها.

·         وماذا عن النجم راي ليوتا الذي تقاسم معك اللقطات الجريئة في الفيلم؟

- كنت أخجل منه في بداية الأمر، أولاً لأنني كنت أتخلص من ثيابي أمامه وأؤدي معه لقطات جريئة ثم لأنه من النوع الخشن الذي يفقد السيطرة على أعصابه ويصرخ إذا كان هناك ما لا يعجبه. ولكنه كان في غاية اللطف معي وعلى رغم ذلك بقيت أجاور فورد وأتفاداه هو خارج إطار المشاهد المشتركة بيننا.

·         هل تفكرين في البقاء في هوليوود واعتزال العمل في بلدك؟

- لا أقدر على فراق لندن ولا أهلي بالمرة. كما أنني لا أستغني عن العمل فوق المسرح في لندن بالتحديد. أنوي توزيع وقتي بين البلدين ولكن صاحب القرار النهائي في هذه الحكاية هو القدر الذي سيجعلني أعثر على فرص مجزية للتمثيل في أي مكان، أليس كذلك؟

·     في «عبور» تمثلين شخصية ممثلة وعارضة أزياء أسترالية لا تتردد في بيع جسدها من أجل أن تحصل على الإقامة في الولايات والعمل فيها، هل يحدث ذلك بكثرة في رأيك؟

- أعتقد بأنه يحدث في كل يوم وليس فقط من أجل الحصول على إقامة، بل على أي شيء في الحياة. والعالم الفني يزخر بأمثلة من هذا النوع في كل البلاد.

·         وما هو مشروعك الآني؟

البطولة النسائية في فيلم «إيكس مين 3» وهو من نوع المغامرات المستقبلية ويكمل الجزئين النازلين إلى صالات السينما في السنوات الماضية.

الحياة اللندنية في

06/08/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)