حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

فاطمة ناعوت تكتب:

مجدى أحمد على.. مُخرج اللقطات الملهمة

فى وعينا الجمعيّ، ثمة منطقةٌ مطمئنة لا يقربُها الشكُّ. منطقة مغلقةٌ على ثوابتَ سَنّها ناسٌ عاشوا قبلنا فى ظرفٍ مختلف، لا يشبه ظرفنا، وبمُدخلاتٍ معرفية وثقافية ومجتمعية تختلف عن مُدخلاتنا. ورثنا تلك الثوابت وسميناها «أعرافًا». ودون كثير تأمّل، أو قليل، آمنّا بها واتّبعناها، ورحنا نقاتل من يهجرها، أو يستخفّ بها. فوقرتْ فى قلوبنا ونامت فى وعينا ملء جفونها.

تلك المنطقة الخاملة من الوعى، أحبُّ أن أسميها «المنطقة العمياء» فى وعى المجتمع. وتضمُّ فيما تضم كلَّ المسكوت عنه من قضايا إشكالية يتجنّب الناسُ مناقشتها، إما خجلا، أو خوفًا، أو ظنًّا منهم أنها أمورٌ نوقشت من قديم وحُسمَت نهائيًّا، وانتهى الأمر. تعمل معظم الأفلام العربية، قديمُها وحديثها، على دغدغة تلك المنطقة والتربيت عليها، والغِناء لها، فتغرقُ فى مزيد من النوم الكهفى، ويتراكم خمولها، ويتوغلُ عماؤها. بينما أفلام أخرى، قليلة، تحاول إزعاج تلك «المنطقة العمياء» وإقلاق نومها، بل وأحيانًا تضرب على رأسها بالعصا، فتتقلقل، وتتمطّى، وتصحو، ثم تثب فزِعةً نحو منطقة الضوء، فيراها الوعى، ويتأملها، وربما يعيد النظر فيها، ويغيّر بها ما لم يكن قابلا للتغيير والنقاش. على رأس أصحاب تلك المدرسة الفنية «المزعجة»، يقف «مجدى أحمد على»، المخرج الموهوب.

على أن تميّز ذلك المخرج لا يتأتى، وحسب، من امتلاكه تلك العصا الحرون التى يضرب بها رأسَ الثوابت، بل كذلك عبر عينيه اللتين ترسمان بالكاميرا لقطاتٍ ملهمةً فريدة لا تبرح مخيال المُشاهِد، ولو بعد سنوات.

فى فيلم «أسرار البنات»، لا ننسى مشهد ياسمين، الصَّبية الجميلة الداخلة لتوّها فى طور المراهقة، وهى تبسط الوشاحَ الحريرى الخفيف بلون البرتقال على الفضاء، كأنما تبسطه فوق أحلامها الصغيرة. أحلامُ فتاةٍ شوَّشتها الأعرافُ والمحظوراتُ الدينية، الصحيحُ منها والخاطئ، فأمسى العالمُ أمام عينيها مُربِكًا مُخيفًا وغامضًا. (سيتحول الوشاحُ إلى اللون القاتم حين تفقد البنتُ عذريتها ذات غفلة). هى الحَيرةُ نفسُها التى عاينتها المرأةُ الناضجةُ فوزية، فى فيلم «خلطة فوزية»، التى تزوجت مراتٍ خمسًا،

ومع ذلك لم تصل بعد لمفهوم واضح يفسِّر لغزَ الحياة المعقد، فلجأ عقلها البسيط إلى حلٍّ مؤقت ومريح. هو قبول الحياة، كما هى، ببساطة مفرطة، وتعطيل العقل عن التفكير، حتى إشعار آخر، (هذا الإشعار الآخر سيطرق عقلها حين يموت ولدُها الكسيح تحت عجلات سيارة، فتخرج عن بساطتها وتدخل مع الله فى سجال متسائِل معاتِب تحت شجرة التوت، التى كانت تقطف من ثمرها لابنها. تهزُّ الشجرةَ بعنف فيتساقط التوتُ، رغم غياب الولد!). تقرّب حبّات المشمش والفراولة إلى أنفها، قبل أن تطهوها فى خلطة المربى. تستنشق رحيق الثمر بعمق تحت ضوء النافذة، علّ الثمرةَ (الأنثى)، تنبئ الأنثى البشريةَ، المرأة، بما تجهل من سرّ الوجود. مشهد العريس وهو يلوّح للمدعوين بيده مثل زعيم سياسى.

اللحظة الوحيدة التى ينعم فيها البسطاءُ بأن يكونوا محطّ الأنظار ومحور الاحتفاء والهتاف. ثم ينالون، لقاء لحظة البهجة الشحيحة تلك، ما يناله الحكّام، لقاء آثامهم فى حق مواطنيهم: رصاصةً. ثم المشهد العمدة فى الفيلم ذاته: الولد المشلول على كرسى المعوقين، يدفعه الأولاد فى لهوهم فيطير فوق سماء مصر، يتأمل العالم من علٍ ونظرة النشوة تملأ عينيه البريئتين، قبل أن يسقط فتدهمه السيارة، ويتكسرُ حلمُ الأم بين نثار دمائه.

 ثم مشهد الختام؛ حين يجتمع كل أزواج فوزية السابقين فى محاولة لتبديد حزنها. يبتنون حمّامًا خاصًّا للمرأة الثكلى، التى لم تَزِد أحلامُها عن التحمُّم بعيدًا عن العيون المتطفلة فى الحمام العام. ثم يجمع كل رجل قطعةً من مرايا مكسورة فى نفايات القمامة، ويشيدون مسطح مرآة ضخمة، سوف تجمع صورَهم المنعكسة جميعهم مع فوزية، فى مشهد محبة مصرية فريدة. تلك المحبة التى يتقن البسطاء صنعها بإمكاناتهم الشحيحة، وقلوبهم الغنية.

وعودٌ إلى فيلم «أسرار البنات»، نتوقف عند مشهد أم ياسمين، وهى تضعُ خاتم زواجها بين أسنانها، لتضيّق قُطره كيما يناسب إصبع الابنة، التى أنجبت سِفاحًا، لكى توهم الناس بأنها زوجة. كأنما تُضيّق بأسنانها دائرة الأحلام لتناسب عالم البنت الصغيرة التى وقعت فى الخطيئة. ثم مشهد الأب وهو يسقط على حافة حمام السباحة، فيما الصبيةُ تنظر لأبيها بِحَيرة. الأب الذى أخفق فى تحقيق حلمها البرىء (أن تلبس مايوه لتسبح مع ابنة خالتها التى ترعرعت بين أبوين مثقفين يدركان الحياة بمفهومها المعتدل الحر).

ثم مشهد ياسمين وهى تتأمل وليدها الذى جاء فى غفلة من الزمن، عبر صندوق الحضّانة الزجاجى، فيظهر وجهه جوار وجهها، المنعكس على سطح الزجاج، وجهان لطفلين، إحداهما، للمفارقة، أمٌّ للآخر! ثم مشهد الختام الفانتازى الفاتن، حين تجتمع حول سرير الفتاة كل المتناقضات التى عذّبتها: الطبيب المتخلِّف الذى ختنها رغم أنفها وهى شابّة، الممرضات الثرثارات، المأذون الذى زوّجها وسط دموعها ودموع أهلها، الزغاريد المصطنعة، العمّ الظلامى الذى أجبر طفلاته على الحجاب، الخالة المستنيرة التى راحت جهودها هباءً، الصبايا الحائرات بين التقليد والمعاصرة، وفى الأخير، حوض الأسماك الملونة، تلك الكائنات الراقصة، التى تمتلك من الحرية أضعاف ما يمتلك البشر.

fatma_naoot@hotmail.com

المصري اليوم في

29/07/2010

 

"درس في التاريخ"

فيلم يتناول الهوية اللبنانية وتعدد الطوائف

إسراء الردايدة 

عمان- تشكل الهوية اللبنانية وتعدد طوائفها، موضوع الفيلم الوثائقي "درس التاريخ"، للمخرج اللبناني هادي زكاك، عبر تتبعه لحصص التاريخ في مختلف المدارس غير الحكومية في بيروت وضواحيها.

الفيلم الذي عرض أول من أمس في الهيئة الملكية للأفلام، بحضور المخرج تحت عنوان" أفلام وثائقية للمخرج اللبناني هادي زكاك"، نال جوائز مختلفة، من أبرزها الجائزة الأولى في الدورة العاشرة من مهرجان الفيلم العربي في روتردام، الذي أقيم في هولندا.

وينطلق الفيلم الذي أنتجته قناة الجزيرة الوثائقية ومدته 51 دقيقة، من فكرة القرار الذي صدر عن اجتماع النواب اللبنانيين في مدينة الطائف العام 1989، والقاضي بتوحيد كتابي التاريخ والتربية المدنية في لبنان، وتضمنته "وثيقة الوفاق الوطني،"حيث ما يزال الكتاب الموحّد للتاريخ، موضوعا في الأدراج، رغم الانتهاء من صياغته.

ويتتبع المخرج حصص مادة التاريخ في المدارس، رغم توحيد المنهاج لجميع تلاميذ الصف الرابع، بحسب المرسوم الصادر العام 1970، ويقوم بتصوير إجراء مقابلات مع الطلبة، القادمين من خلفيات وانتماءات طائفية مختلفة؛ لقياس معرفتهم بالمعلومات التاريخية عن وطنهم، والتي بدت غير عميقة وغير متوازنة، وفيها كثير من التناقضات.

الأسئلة المطروحة بالمشاهد التي تنتقل من مدرسة لأخرى تناولت "من هو العدو؟ ماذا يعني الاستقلال؟" ماذا يعني أن تكون لبنانيا؟"، ويبرز اختلاف التعريف بالهوية اللبنانية لكل واحد من الطلبة.

وتختلف الأسئلة من مدرسة لأخرى، ومن مشهد لآخر، وكلها تصب في موضوع الانتماء اللبناني، وتعريفه بين مختلف الطوائف، ويبرز المخرج غياب كتاب تاريخ موحد في لبنان.

وتظهر مشاهد للمخرج، وهو يمسك عدسة مكبرة على مختلف الكتب التاريخية في لبنان، مبرزا تفاصيلها المختلفة بين كتاب وآخر، في محاولة للفت النظر إلى ذلك.

ومن نقاط الاختلاف التي تشد انتباه المشاهد، الطلب من الأطفال غناء النشيد الوطني، والنتيجة أن الغالبية لا تحفظه، وآخرون ينسون المقطع الأول وحتى السطر الأول.

ويذكر بأن زكاك درس في جامعة القديس يوسف في بيروت، وتخرج فيها في العام 1997، وبدأ تدريس مواد الكتابة والإخراج وتاريخ السينما فيها منذ العام 1998.

وقدم زكاك العديد من الأعمال الوثائقية منها" أصداء سنية من لبنان" العام 2008، و"أصداء شيعية من لبنان " العام 2007، و"حرب السلام" العام 2007 و"التسرب النفطي في لبنان" العام 2007، و"لاجئون مدى الحياة " العام 2006 و"سينما الحرب في لبنان" العام 2003، و"بيروت وجهات نظر" العام 2000 و"ألف ليلة ويا ليالي" في العام 1999.

israa.alhamad@alghad.jo

الغد الأردنية في

29/07/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)