حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

دراگــــــولا.. والـــرجـــل الــــذئب

بقلم : عبدالنور خليل

تروي أسطورة الكونت دراكولا مصاص الدماء: إنه كان يتجول في قلعته بولاية بنسلفانية الشهيرة في أوروبا ويأتيه عواء الذئاب التي تجمعت في حديقة القصر والدروب المحيطة به، وينتابه الطرب ويقول مسرورًا: «أنصتوا لأطفال الليل هؤلاء واسمعوا أي موسيقي مطربة يعزفون».. ولا أحد يستطيع أن يحدد زمن أو عمر هذه الأسطورة، لكن ظهور الكونت دراكيولا مصاص الدماء علي شاشة السينما كان في فيلم المخرج الأمريكي تودبراوننج «دراكيولا» الذي أخرجه وصوره عام 1930 واختارت شركة يونيفرسال المنتجة له أن تنتظر حلول عيد فلانتين في 1931 لعرضه، وقد كانت إيراداته كمنجم ذهب ليونيفرسال شجعها علي ارتياد مجال أفلام الرعب الأسطوري بعد ذلك.ومنذ ذلك التاريخ اقتحمت أسطورة دراكيولا الشاشة، بل وتناثر في أركانها بعض ممن حولتهم «عضة دراكيولا» إلي مصاصي دماء شباب ومصاصات دماء فاتنات، وفي آخر فيلم أخرج المخرج الأمريكي الكبير فرانسيس فورد كبولا في جزءين وهو «دراكيولا» مستغلاً كل ألوان التقنية الحديثة والتكنولوجيا التي عرفتها السينما منذ العقد الأخير من القرن الماضي.

الرجل الذئب بعد دراكيولا

وأسطورة «الرجل الذئب» التي تقول إنه عندما يعض ذئب من الذئاب رجلاً، فلا بد أن يتحول الرجل كلما اكتمل القمر في السماء إلي رجل ذئب يتحول كل من تطاله عضته مثله إلي رجل ذئب.. اقتحمت الأسطورة الشاشة، مثلها مثل أسطورة دراكيولا، وكان أشهر من قدمها في الثلاثنيات الممثل الكبير لون شاني الذي حمل لقب الرجل ذي الألف وجه في السينما، وقدم «الرجل الذئب» كفيلم ناطق لأول مرة في بداية الأربعينات لون شاني الابن، ثم توافد علي إحيائه علي الشاشة عدد كبير من الممثلين المشاهير، كان أقربهم جاك نيكلسون منذ عامين، وفي الموسم السينمائي الأخير شهدنا «الرجل الذئب» بطولة بنيكيو ديلاتورو..

ولقد وجدتني مضطرًا إلي هذه المقدمة التفسيرية الطويلة قبل أن أبدأ الكتابة عن الصرعة السينمائية الجديدة التي اجتاحت الشاشة في العالم منذ عام 2008 تحت مسمي «رباعية الضوء الرمادي» «The Tuilight Saga»  للكاتبة الأمريكية ستيفني ماير.. وشهدت جماهير السينما عندنا منها خلال الموسمين الماضيين فيلمين هما «الضوء الرمادي» «قمر جديد» وبدأ منذ أيام عرض الفيلم الثالث «الخسوف» أو «خسوف القمر» في الترجمة المصرية.. هو ما يعنيني هنا للحديث عنه باستفاضة لأنه أقوي وأنضج وأمتع فيلم في الرباعية كما تقول كاتبة السيناريو التي توافدت علي صياغة الأفلام الأربعة وهي ميليسا روزنهرج، في الوقت الذي تبدل علي إخراج الأفلام الثلاثة التي قدمت للجماهير ثلاثة مخرجين.. كاثرين هاردويك «الضوء الرمادي» وكريس واتز «قمر جديد» وديفيد سلاد «الخسوف».

وأعود إلي أسطورة دراكيولا والرجل الذئب، لأفسر العلاقة بين الاثنين في الصورة التي يعودان إلينا بها في عام 2010 في الكتب الأربعة التي نشرتها مؤسسة «لتيل براون» للكاتبة ستيفني ماير، وحولتها من مجرد ربة بيت وأم لثلاثة أطفال، لم تفكر يومًا في حياتها أن تجلس لتكتب وتخاف أن تقول لأقرب أفراد عائلتها أنها تجرأت وجلست أمام كمبيوتر العائلة تكتب في سرية تامة عن حلم ألح عليها أكثر من ليلة عن الفتاة بيلاسوان التي تعشق مصاص دماء شاب. ولكنها حكت لأخت لها، أصرت علي أن تقرأ القصة ورأت أنها يجب أن تنشر.. وعندما أخذت طريقها إلي النشر جعلت بالمائة مليون نسخة التي باعتها في العالم، من ستيفني ماير أشهر من مؤلفة سلسلة  هاري بوتر «الإنجليزية «ج.ك. رولنج».

لقد نشرت الرباعية وطبعت مترجمة إلي 37 لغة عالمية بينها الفيتنامية والصينية والكرواتية والليتوانية وتصدرت قوائم النشر في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا. والكتاب الرابع في الرباعية ويحمل عنوان «الانهيار» باع في أمريكا وحدها مليونًا و300 ألف نسخة في اليوم الأول من طرحه للقراء.

بل إن هذه الرباعية عن مصاصي الدماء والبشر الذئاب، وضعت في الصورة هذه الأساطير، وقد شاهدت منذ أسابيع فيلمًا تسجيليا عن توطن أسطورة مصاصي الدماء في أيسلندا، يمارسها ويعيشها الشباب الذين لا يعرفون أنها انتقلت من أواسط أوروبا، ويقدم هذا الفيلم التسجيلي نماذج من هؤلاء الشباب مصاصي الدماء.. لا يشعر الواحد منهم بالانسجام، والتوافق في حياته ما لم يشرب كوبًا من الدماء كل يوم.. ولكن ماذا يقول الفيلم الثالث في الرباعية «الخسوف» الذي بدأ عرضه في القاهرة يوم الأربعاء الماضي.

«الخسوف».. الفيلم الثالث

يوم الجمعة الماضي بدأ في أمريكا والعالم عرض «الخسوف».. وهو الفيلم الثالث في رباعية «الضوء الرمادي» للكاتبة الأمريكية ستيفني ماير.. ولم تتغير كاتبة السيناريو في أي من الأفلام.. «الضوء الرمادي» و«قمر جديد» و«الخسوف» وهي ميليسا روزنبرج.. أما المخرج هذه المرة فهو ديفيد سليو الذي بدأ حياته الفنية بنوع من أفلام الأساطير وبينها بالطبع أساطير «مصاصي الدماء».. أما الفيلم الأول «الضوء الرمادي» فقد أخرجته كاترين هاردويك والثاني «قمر جديد» أخرجه كريس واتز .

حكاية «الخسوف» كما في الفيلمين السابقين بالحيرة في الاختيار.. عندما تجد بيلاسوان (كريستين ستيوارت» نفسها محاطة بالأخطار عندما تجتاح مدينة سياتل بسلسلة من جرائم القتل الغامضة ويلح عليها مجموعة من مصاصي الدماء الغاضبين في السعي للانتقام.. ووسط هذا كله فهي مجبرة علي أن تختار بين حبها لحبيبها إدوارد كوين (روبرت باتينسون) وصداقتها مع جاكوب بلاك (تايلور لوتنر) وفي ذهنها أن قرار الاختيار سيزيد نار الصراع الأبدي المشتعل بين مصاصي الدماء البشر الذئاب.. وتدرك، ويوم تخرجها في المدرسة العليا يقترب بسرعة أنها تواجه لحظة اتخاذ أهم قرار في حياتها.. وبينما أغلب زملائها في المدرسة العليا يتلقون الدعوات إلي حفل التخرج، اتخذت بيلا قرارًا بأن تبقي عي حب إدوارد دائمًا، لكنها تقاوم رغبته في أن يتزوجها قبل أن يوافق علي ضمها إلي صف مصاصي الدماء وآثار ذلك عليها ذاتيا وعلي عائلتها وأصدقائها.

في نفس الوقت هناك حرب تلوح في الأفق. ففي ظل الحاسة الخفية التي تتمتع بها عائلة كوين، هناك قوة خفية تخلق جيشًا جديدًا من المتحولين حديثًا إلي مصاصي دماء الذين يتمتعون بقوة لا محدودة وظمأ كبير لمص الدماء، وهذه القوة في قمتها في الشهور الأولي عن التحول إلي مصاصي دماء. هذا الجيش.. هل هو آلة في يد فيكتوريا (بريس دالاس هورارد) وتفكيرها الفردي لمواصلة الانتقام أم نتيجة لتفكير كل أفراد الفيلتوري الأقوياء للتأكد من أن بيلا ستواصل سعيها لأن تكون امرأة عادية.

وفي الوقت الذي يأخذ فيه الجيش الجديد الوليد طريقه بقيادة باون رايلي (اكسفير صامويل) إلي مدينة فوركس وأرض كويلوت، كان علي جماعة كولن ومجموعة البشر الذئاب أن يختارا إيقاف صراعهما الأبدي ويكونا حليفين يحميان بيلا ومجتمعها من الخطر الدائم. وفي ظل الاستعداد للمعركة، تعرف بيلا المزيد من التاريخ السري لقبيلة كويلوت والبشر الذئاب، وماضي جاسبر وماضي روزالي. وهذه المعرفة تساعدهم لفهم الروابط التي شكلها الذئاب، وتكتشف حبها لجاكوب بلاك والتمتع بحماية هؤلاء الذين تحبهم.

وبالمزيد من المغامرات والحب والصداقة والغيرة والرغبة التي جعلت الفيلمين الأولين «الضوء الرمادي» و«قمر جديد» ضربات قاضية عالميا، يجيء الفيلم الثالث «الخسوف» ليجسد الانتقام والاستمرار العاطفي لتلك الرباعية عن مصاصي الدماء.

وأهمية «الخسوف» أن يضع أمام المشاهد بوضوح رؤية الثلاثي بيلا سوان وإدوارد كولن وجاكوب بلاك أنهم قد وصلوا إلي نقطة التحول المهمة في حياتهم في الوقت الذي كان فيه علي مصاصي الدماء والبشر الذئاب يجب أن يتحدوا في مواجهة الخطر القادم ممن أعلنوا الحرب عليهما وهم المراهقون الذين تحولوا حديثًا إلي مصاصي دماء، وخطرهم في أن قوتهم تكمن في الشهور الأولي من تحولهم. وهي النقطة التي تصل عندها الدراما إلي قمتها بالمعركة الكبري بين مصاصي الدماء و(Vampise) والبشر الذئاب (were Wolf) من جانب والقادمون الجدد من جانب آخر.. أكثر من هذا يري المشاهد نهاية العلاقة بين بيلا سوان وجاكوب بلاك بعد أن تحطمت.. في الوقت الذي تصل فيه بيلا إلي قرار أنها بالقطع ستتحول إلي مصاصة دماء، وتبدأ في استعراض ما يكلفها هذا التحول واختيار أن تصبح العاشقة الخالدة لإدوارد كوين.

والمعروف عن مخرج «الخسوف» ديفيد سلاد أنه يعرف كيف يقود الممثلين الشبان لكي يظهروا أفضل ما لديهم إلي جانب امتيازه في إخراج الأحداث الكبري ويتمتع برؤية فانتازية للأساطير والأحداث الخارقة للطبيعة وكانت بدايته بفيلم «الحلوي الصعبة» تعطي عرضًا ممتازًا لقدراته السينمائية تبدت أكثر من فيلمه الثاني «30 يوم في الليل» ويقول: نعم.. لقد أخرجت فيلمًا عن مصاصي الدماء، لكن القصة رومانسية التي تتأرجح بين أظلم المشاهد وأقساها وبين الرومانسية الحالمة.

ولقد جعلت الأفلام الثلاثة التي رأيناها حتي الآن أبطالها كريستين ستيوارتر ورمبرت ياتينسون وتايلور لوتنر ضيوفًا دائمين في كل بيت وهم يقدمون شخصيات بيلاسوان وإدوارد كولين وجاكوب بلاك.

69 مليونًا في ثلاثة أيام

رباعية «الضوء الرمادي» التي تقول عنها كاتبتها ستيفني ماير «أردت أن أقدم عرضًا عصريا لأسطورة «مصاصي الدماء». بيعت حقوق ترجمتها في 50 دولة ووزعت 100 مليون نسخة في دول العالم واحتلت رأس القائمة في المبيعات لمدة 142 أسبوعًا، ولا تزال. ولقد وزع الفيلم الأول يوم 21 نوفمبر 2008 والباقي في 20 نوفمبر 2009 وأحدثا هزة كبيرة في أسواق السينما العالمية وبلغت أرباحهما مليارًا و100 مليون دولار. وفي داخل أمريكا باع «الضوء الرمادي» 3 ملايين و800 ألف اسطوانة «D.V.D» في أول أسبوع لطرحه للبيع وواصل احتلاله قمة المبيعات فحقق 9 ملايين و200 ألف في سنة، بينما الفيلم الثاني «قمر جديد» باع 4 ملايين نسخة في أسبوعه الأول في مارس 2010.

وكما قلت.. لقد بدأ عرض الفيلم الثالث «الخسوف» يوم الأربعاء الماضي وقد سجل في الأيام الثلاثة الأولي من عرضه 69 مليون دولار في إيرادات شباك التذاكر، وتجاوز كل الأرقام التي سجلتها أفلام «هاري بوتر» في عروضها الأولي.

جريدة القاهرة في

13/07/2010

 

«الرجل الحديدي 2».. قنبلة السينما الأمريكية الموقوتة

بقلم : د. وليد سيف 

علي الرغم من أنني لا أحب هذا النوع من الأفلام إلا أن الرجل الحديدي الجزء الأول أبهرني وأثار انتباهي كما أبهر جمهور العالم وحقق فتحا سينمائيا جديدا في مجاله  . وسوف يظل هذا الجزء بالنسبة لي وللكثيرين طفرة في نوعه وعملا قادرا علي النفاذ بلقطاته المميزة إلي الذاكرة البصرية ليستمر ملتصقا بها ومحتفظا بمكانة خاصة في ألبوم ذكرياتها وأرشيف مشاهدها ولقطاتها التي لا تنسي . فكانت مشاهد الحركة بوجه عام ذات أسلوبية جديدة ولها طابعها الخاص والحديث في الشكل والأداء . في هذا النوع من الأفلام لا ننشغل كثيرا بالمضمون لأنه يكون في الغالب مباشرا وساذجا ويناسب الصبية والمراهقين الذين يقبلون علي أفلام العنف غالبا بمختلف أشكالها وبمنطق يخصهم هم في التلقي  . كما أن طبيعة الحكاية نفسها قد يبدوبها بعض التفاصيل الغريبة والغامضة أوالغير مفهومة لنا والتي قد يفهمها الشباب الصغار لاهتمامهم بقصص الكوميكس أولا يفهمونها ولكنهم لا يرونها أمورا مهمة في سياق حوار متبادل ذي مفردات خاصة تربط بينهم وبين الشاشة  .

  وها هي دور العرض في مختلف أنحاء العالم ومنها مصر طبعا تعرض الجزء الثاني بعد عامين  بعنوان ( الرجل الحديدي 2 )  للمخرج جون فافروفي نجاح ساحق وتصدر لشباك التذاكر الأمريكي لفترة ليست بالقليلة . وهي مسألة ربما تجد ما يبررها فيما  يضمه الفيلم من  مجموعة من أشهر وأقوي وأجمل نجوم ونجمات السينما الأمريكية وعلي رأسهم البطل روبرت داوني وغريمه ميكي روك إلي جانب دان شيدان وصامويل جاكسون والنجمتين جونيث بالترووسكارليت جوهانسون .

نخبة من النجوم

ولا أعتقد أن هذه النخبة من النجوم يمكن أن تجتمع إلا في فيلم له أهميته وتضع عليه السينما الأمريكية رهاناتها . فبداية هويأتي في ظل انتشار أفلام المغامرات ذات الطابع الخيالي والتي تعتمد في مصادرها علي القصص المصورة أوألعاب الفيديوجيم . وهويأتي أيضا في ظل توالي أفلام البعد الثالث، مع أنه لا ينتهج أسلوبها . فخيال الرجل الحديدي يعتمد بالدرجة الأولي علي عالم الكوميكس أوالروايات المصورة ومسلسلات الكارتون بما تضمه من شخصيات ذات قوي وإمكانيات خارقة .

جاء ( الرجل الحديدي 2 ) عن رواية لستان لي وأعد لها القصة السينمائية جاستين ثيروليطلعنا من البداية علي مشكلة البطل ستارك أوحقيقة امتلاكه للبدلة الحديدية التي راحت تشغل السلطات الأمريكية وبدأت تسعي بقوة للحصول عليها لأغراض تتعلق بتوظيفها لحماية أمنها القومي وليس للاعتداء علي أحد لا سمح الله . كما رأي السادة الخبراء هناك أن وجود مثل هذا السلاح في يد شخص واحد وليس تحت سيطرة المؤسسة العسكرية هوأمر شديد الخطورة . ولكن ستارك يصر علي الاحتفاظ بالبدلة باعتباره مصدر ثقة للدولة وعمل من قبل علي إنقاذ الكثيرين . والغريب أنه يحصل علي تدعيم  الكولونيل جيمس رودز في هذا الشأن  بمنتهي البساطة رغم ما يمثله هذا من خطورة علي الأمن القومي بل والشخصي للبطل نفسه لما تسببه هذه البدلة له من أخطار .

أخطار متعددة

وعلي الجانب الآخر عاد الروس يظهرون علي الساحة من جديد، يسعون للحصول علي نفس السلاح متمثلين في شخصية إيفان وهورجل روسي الأصل يعد  خليطا من العالم والبلطجي . ولكن السيد الروسي لا يسعي للحصول علي السلاح إلا للمتاجرة به أولأسباب تتعلق بعقدة مرضية قديمة ولكن ليس لإعادة أمجاد روسيا التي يسعي الأمريكان علي التأكيد أنها لن تعود . ويبدو أن العقدة في رأيي ليست روسية ولكنها أمريكية ..من دولة أصبحت تخشي أن يعود زمن القطبين لتظل مستأثرة بحالة القطب الأوحد في مواجهة مجموعة من التكتلات .  وهم مصممون علي أن يبثوا رسالة لأطفال وصبية العالم الذين يشكلون ثقافتهم كما يشاءون بأن الخطر الذي يهدد الأمريكان الآن يتمثل في الصين وإيران وكوريا الشمالية وكأنهم اختاروا خصومهم ولن يسمحوا لغيرهم بشرف الخصومة  . وهوما يذكره حوار الفيلم بشكل صريح حيث يؤكد أن هذه البلاد تسعي لإنتاج مثل هذه البدلة العجيبة ولكن من المقدر أن وصولهم إلي هذا الهدف لن يتحقق قبل عشر سنوات . وإلي جانب هذا الصراع الخارجي هناك خطر ثالث يهدد البطل وهويتعلق بالبدلة ذاتها التي يتعرض البطل للموت بسبب مادة البلاديام التي تتكون منها والتي سوف يجد الفيلم حلا سريعا وساذجا ومفاجئا في النهاية لإنقاذ البطل منها علي طريقة أفلام المقاولات .

في ( الرجل الحديدي 2 ) يفقد إبهار الصورة وطزاجتها وطرافتها بريقه تماما عن الجزء الأول بعد أن رأينا مستوي من الإبهار يفوقها في أفلام أحدث سواء أمريكية أو حتي صينية . ولكن يبدوأن شخصية ستارك مازالت تحتفظ ببريقها وجاذبيتها لأجيال اعتبرت الجزء الأول من أحب أفلامها . واستطاع النجم روبرت داوني بأدائه البارع أن يمنحها بعدها الإنساني مهما امتلكت من قدرات خارقة . كما تمكن من  أن يعبر عن جوانب الضعف وخفة الدم والقوة في الشخصية دون أن يبدوذلك متناقضا بل بطريقة تضفي عليها حالة من المصداقية لا تتحقق إلا نادرا في هذا النوع من الأعمال الذي يصعب أن تتخلص فيه الشخصيات من طابعها الكارتوني . ويظل نجاحها عادة مرتبطا بمدي لياقتها في تنفيذ مشاهد الحركة فقط، وهي التي برع فيها داوني أيضا  . فما زال هذا الممثل المدهش بحضوره الأخاذ وجاذبيته العالية وقدراته المتنوعة يصول ويجول في مختلف الأدوار ونوعيات الأفلام ليؤكد لنا أن فن الممثل سيظل أعظم شيء يمكن رؤيته علي الشاشة . وأن العنصر البشري هوالأقدر علي النفاذ إلي القلوب مهما حاولت السينما استبداله بالماسكات أوخدع الجرافيك . 

وفي مواجهة داوني يأتي ميكي روك في دور إيفان بأداء متقن رغم غرابة الشخصية وبقدرة علي التعبير عن مختلف جوانبها والصمود في مواجهة داوني كخصم شرس وشرير عنيد . بالإضافة إلي هذه العناصر الإيجابية بإمكانك ان تلمح بعض مشاهد الحركة المتقنة إخراجيا أوخدع الجرافيك المتحققة بتمكن بالغ وغيرها من المؤثرات الخاصة المتميزة إلي  حد كبير .. والتي تحققت في افضل صورها في مشهد معركة النهاية الذي يعد أفضل مشاهد الفيلم والذي يعوض المشاهد الصبور عن الكثير مما احتمله من معاناة في متابعة هذا الفيلم .

سيناريو مرتبك  

ففي رأيي الشخصي أنه فيما عدا هذه الجوانب الإيجابية المحدودة  لا أري في (الرجل الحديدي 2 ) أي شيء جدير بالمشاهدة أوالاهتمام . بل إنه من المحير جدا أن ينجح الممثلون في أن يثيروا إعجابك رغم تهافت النص وارتباكه وضعف منطقه في الكثير من أحداثه ومواقفه . وقد يعتقد البعض أن تكون هذه نظرة متعالية من ناقد تجاه فيلم مغامرات بسيط يقوم علي فكرة خيالية ويحقق قدرا من المتعة والتسلية لجمهوره من الصبية والمراهقين  . ولكنني في حقيقة الامر أتعامل مع هذا الفيلم في حدود نوعه بل وباحترام بالغ لجمهوره ولفكرته الخيالية التي يمكن اعتبارها مستقبلية مثل كل الأفكار التي كانت خيالية في الماضي .  فارتداء بدلة بها كل المواصفات والإمكانيات التي تكفل مختلف أشكال الحماية والقوة والحركة هي مسألة لم تعد غريبة وسط ما نعيشه من طفرات تكنولوجية متلاحقة . وحتي إذا كانت أمريكا تريد أن تزهوبخيالها الفني وان تهدد وتحذر من خلاله بتفوقها التكنولوجي . .وأن تزرع في عقول الأجيال الجديدة الخوف من إمكانياتها وقدراتها التكنولوجية وعقولها البشرية والتي تري بمنتهي التواضع أن غيرها لا يمكن أن يصل إلي ما وصلت إليه قبل عشر سنوات .. فإن كل هذا لا يعيب الفيلم من منظور فني وموضوعي بحت . ولكن القضية أن كل هذا كان بالإمكان تحقيقه ودون الإخلال بالمستوي الدرامي للعمل .. ودون أن يعاني العمل من الترهل وأن يتوه المشاهد في مناطق كثيرة من الفيلم تتخبط فيها الأحداث وتتوالي المشاهد دون أن تتقدم الدراما خطوة واحدة .

وعلاوة علي هذا فإن السيناريو لم ينشغل إلا برسم ملامح للشخصيات دون السعي إلي تطويرها أوتطوير العلاقات بينها . فتبرز فجأة وبلا مناسبة علاقة عاطفية بين ستارك وسكرتيرته علي طريقة مسرحياتنا التليفزيونية القديمة حين يعجز كاتب النص عن تحقيق ذروة قوية فيفتعل أي شيء والسلام لاستجداء تصفيق الجمهور قبل إغلاق الستار . وكان من الممكن قبول كل جوانب الضعف في السيناريو أو تمريرها لو أمكنه تقديم مفاجآت طريفة أوحلول غير متوقعة للأزمات ولكنه لم يبذل أي جهد في هذا الجانب واعتمد علي النمطية واستند علي ما يمكن أن يحققه إبهار الصورة وأداء الممثل . ويصل الاستهتار في هذا الجانب إلي حد تنفيذ مشهد هروب فانكومن السجن دون أي معوقات تذكر وكأنه كان رهين حبس الشرطة المدرسية .

عزيزي القارئ إذا لم تكن من المعجبين بالممثل البارع روبرت داوني إلي حد الهوس، وإذا كنت لا تهتم بقصص وأفلام الكوميكس والمغامرات والخيال العلمي، فأنا أنصحك بتجنب مشاهدة هذا الفيلم، حماية لك من الإصابة بأمراض السكر وضغط الدم والتهاب الاعصاب .

جريدة القاهرة في

13/07/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)