حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أسطورة الملك آرثر

عبد الكريم يحيى الزيباري

بعد ألف سنة من العمر التقريبي لهذه الأسطورة انبثقت بريطانيا في أعظم إمبراطورية (1500- 1900م) وأسهمت في تكوين أستراليا وكندا والهند ونيوزيلندا والولايات المتحدة الأمريكية وجزر الهند الغربية ودول الكومنولث الثلاث والخمسين. الشعب والساسة يريدون تاريخاً، والأكاديميون والعلماء، لا يهمهم سوى الحقيقة، في ردِّهم ليس ثَمَّـة إلا الأسطورة التي تقول:

"منذ زمنٍ بعيد حكمَ بريطانيا ملكٌ اسمه أوثر بندراكون، وقبل موته أمرَ مستشاره وساحره ميرلين، أنْ يختار ملكاً جديداً، وفي يوم الميلاد المجيد جمعَ ميرلين الفرسان النبلاء في ساحة لندن، وأشارَ إلى السيف المغروز في الصخرة، كانت الكتابة على السيف: "الشخص الذي يسحب السيف من الصخرة، سيكون الملك المناسب لبريطانيا"، حاول الفرسان أن يسحبوه، لكنَّه لم يتحرك، فقط آرثر تلميذ ميرلين استطاع أن يسحبهُ خارجاً".

أجمعَ المؤرخون على أنَّ هذه الأحداث لم تقع، وبقيَ سؤالٌ واحد: "هل وُجِدَ شخصٌ اسمه آرثر؟ القصص كثيرة وأقربها إلى الحقيقة: كان للسنتيين قائداً شجاعاً اسمه آرثر، يمكن أنْ يكون مصدراً للأسطورة، أمَّا مدينة كاميلوت، فلم يجدوا لها أثراً واحداً، يوتيوبيا الفرسان النبلاء، المدينة الفاضلة، لم يبق منها غير تخمينات ضعيفة حول غلاستونبوري، أو آثار قلعة كادبوري في سومرست، أو مجموعة أحجار كبيرة، سقف وجدران، يسمونها "حجر آرثر/ Arthur's Stone" حيث المارد الذي قتله الملك آرثر ودفنه تحت هذه الحجارة، كما عثرَ المنقِّبون على قطعة صغيرة من اللوح الحجري، في جزيرة " تينتاغيل " كتب عليها اسم أرتوجنوف/Artognov. لكن الأسطورة تشير إلى أنَّ ولادة آرثر كانت في أرخبيل تينتاغيل، حيث توجد آثار حضارة قديمة تعود إلى القرن الخامس الميلادي، حيث انحسار نفوذ الإمبراطورية الرومانية عن بريطانيا، وانقسمَ المؤرخون إلى رأيين: الملك آرثر شخصية حقيقية بالفعل، ولكنه قائد الحامية الرومانية في جزيرة "تينتاغيل" وليس ملكا، ويعتقد آخرون أنَّهُ ملك قاوم غزو القبائل الألمانية. وبين هذين الرأيين صيغت الكثير من الروايات والقصص والحكايات الشعبية، والأوبرا، والأفلام المتحرِّكة، والقصائد، واللوحات، والمنحوتات، والمسرحيات والأفلام السينمائية، أشهرها(الفارس الأول/1995)إخراج جيري زوكر، بطولة سين كونري بدور آرثر، وريتشارد كير بدور لانسلوت، الذي يقع في غرام زوجة آرثر جوليا أورماند التي قامت بدور جينيفر، التي تظهر كأنثى، وتدور الأحداث حول انقلاب أحد أعضاء المائدة المستديرة (بن كروس بدور مالاجانت) ويشنُّ هجوماً على كاميلوت.

لم يرد ذكرٌ للملك "آرثر" في كتاب أو أثر قبل كتابي جيوفري مونماوث(1100- 1155م)، ففي كتابهِ "تاريخ ملوك بريطانيا"، وهو كتاب أدبي، وصفٌ مقتضب للملك آرثر، وكاميلوت، وسيفه السحري، وأنَّهُ لم يهزم أبداً، ثم كتب جيوفري ديواناً شعرياً(نبوءات مرلين/ Prophesies of Merlin) وذكر آرثر في قصيدتين، كتلميذ للساحر ميرلين. وبين الفينةِ والأخرى يحدث أحد المؤرخين ضَجَّة مفتعلة ضمن محاولات يائسة لإثبات حقيقة آرثر، مرةً باكتشاف قبرهِ في جزيرة أفلون السحرية، الخيالية، المعروفة الآن باسم غلاستونبيري، حيث دُفِنَت مع زوجته الثانية الشقراء جينيفر، ومرة باكتشاف مخطوطة لراهب في أحد الأديرة، وفرضيات كثيرة منها أن جزيرة "كاميلوت" اختفت بشكل مفاجئ في منتصف القرن السابع، بهزة أرضية، أو بسبب ارتفاع منسوب المياه في البحر، لكنَّ بعض الأكاديميين يميلون إلى أنَّ آرثر قائد روماني قاومَ غزو القبائل ال *** ونية الألمانية.

فيلم الملك آرثر 2004 أخرجهُ أنطوان فوكوا وكتبه ديفيد فارنزوني، بطولة كلايف أوين بدور آرثر، والبريطانية كيرا ناتالي بطلة قراصنة الكاريبي، بدور جينيفر، التي تظهر كفارس، ولون كرافد بدور لانسيلوت، وراي ونستون بدور بوريس، تمَّ التصوير في انجلترا وايرلندا وويلز. يبدأ الفيلم بانتهاء الاحتلال الروماني لبريطانيا عام 467 م، وبزواج آرثر من جينيفر، وإعلانهِ ملكاً، بعد دحرهِ الغزو ال *** وني، ورغم مطالبة المنتجين الذين قدموا ميزانية وصلت إلى تسعين مليون دولار، بتقديم فيلم دقيق من الناحية التاريخية، خالٍ من الخرافات وقصص الفروسية التي سطَّرها الأدب، بهدف تغيير صورة الملك آرثر من البطل الإنكليزي الأسطورة، إلى ضابط في جيش الإمبراطورية الرومانية، وتحويل صورة فرسان المائدة المستديرة إلى مُجنَّدين جبراً يأملون انتهاء خدمتهم الإلزامية، لسلب الغلاف الأسطوري لهذه الشخصيات وتقريبهم من الحقيقة التاريخية، وشباك التذاكر لا يكذب، أجبرهم على تجاوز بعض المفارقات الدون كيشوتية، فتجاوزت الإيرادات مائتي مليون دولار.

يبدأ الفيلم بسرد تاريخي على لسان لانسيلوت(كنت مجرَّد ولد صغير)ويسأل القائد الروماني(ما هي فترة الخدمة؟ - خمسة عشرَ عاماً، لا تتضمَّن الشهور التي ستقضيها للوصول إلى القاعدة). ويكمل لانسيلوت سرده(وجهتنا كانت بريطانيا، الجزء الجنوبي تحديداً، الأرض التي قسِّمت إلى ثلاثة وسبعون حائط شُيِّدَت قبل ثلاثة قرون، لحماية الإمبراطورية من القبائل ال *** ونية من الشمال، لذا وبعد انتهاء رحلتنا، شَقَقنا طريقنا واخترنا من بيننا قائد روماني في بريطانيا، اسمه آرتوريز، أو آرثر)ثمَّ مشهد آخر: آرثر صبي صغير في العاشرة من عمره، ووالده ينصحهُ، ماذا سيفعل حين يختاره زملاؤه قائداً عليهم، وأنَّ بعضهم سيموت(لا بدَّ أن يسقط القليل، لمصلحة الكثير، العالم ليس مكاناً مثالياً)والمشهد التالي: آرثر وزملاءه ينقذون عربات الأسقف، الذي ينتظرونه لأنَّهُ يحمل صكوك تسريحهم من الخدمة، الأسقف ماكر، يتبعُ موكباً وهمياً يتعرَّض للهجوم، ويُقتل الأسقف المزيَّف، ليظهر آرثر بصحبة ستة من زملائه، ويهزمون عشرات الثوار، ويعفو آرثر عن زعيمهم، بعدما يتمكَّن من قتلهِ، فيردُّ له الجميل، يأتي الأسقف جيرمانس الأصيل بعد نهاية المعركة، جالباً معه صكوك تسريح الأبطال السبعة، بعد انتهاء الخمسة عشرَ عاماً، وحين يدخل قاعة المائدة المستديرة، باعتباره ممثِّل الإمبراطورية الرومانية، حيث يتوجَّب عليه الجلوس في صدر المائدة، يمتعِضْ من المائدة المستديرة، التي تعطي جميع الجالسين المكانة عينها، ويتمتم مع نفسه(طاولة مستديرة! ما نوع هذا العمل الشيطاني؟)وفي هذا تناص مع الأسطورة، التي تقول بأنَّ الساحر ميرلين هو الذي أهدى إلى آرثر المائدة المستديرة، كتعبير عن العدل والمساواة، ويكشف لهم أنَّ البرابرة يهددون روما، وهم على أبوابها(وبسبب ذلك قررت روما والأب المقدَّس التخلي عن القواعد الدفاعية في بريطانيا، التي لم تعد مصدر قلقنا) يُريهم صكوك التسريح، بدلاً من تسليمها، يطلب منهم القيام بِمَهَمَّة انتحارية: (التوجه شمالاً لإنقاذ عائلة ماريوس هوناريوس، وبشكلٍ خاص أليكتو بن ماريوس، الابن المُفضَّل لبابا روما/ الدقيقة 24)، هنا يخرج الفيلم عن دائرة قابلية التصديق، من أجل إعداد حبكة صراع درامي بين قوى الشر "الساحر ميرلين"، وقوى الخير" آرثر". والمهمة الصعبة أو المستحيلة، سبعة أنفار في مواجهة جيش كامل، وفي رحلة ذهابهم يحاصره الذين قَتَّلَهُم في بداية الفيلم، ويقع في قبضتهم، ولكنهم يعفون عنه، كما عفى هو عن سيدِّهم، لتتعادل الكفَّتان، ولكن الساحر ميرلين الذي كان في الأسطورة يقاوم الغزاة ال *** ونيين، ومعلِّماً لآرثر، يقاتله في البداية، ثمَّ يطلب منه أنْ يقودهم، لأنَّ الغزاة الرومان سيرحلون، والغزو الساكسوني قادم، وأنَّهُ كان باستطاعة ميرلين قتل آرثر حين حاصره في الغابة، لكنَّه استبقاه لهذا الغرض. يُقتل ماريوس هوناريوس بعد محاولة غبية لخطف الغلام، أليكتر لا يأسف لمقتل والده، ويخبر آرثر بأنَّ روما التي يؤمن بها، لا وجود لها إلا في أحلامهِ.

قائد ال *** ونيين، طويل، قاسٍ وعديم الرحمة، يقتل الأطفال والنساء، ولا يترك حياةً وراءهُ، هو أيضاً يعلم بأهمية عائلة ماريوس هوناريوس، فيتحرَّك إليهم طامحاً بابتزاز روما، لإطلاقهم مقابل فدية كبيرة، يرى ميرلين أحد جنوده يعتدي على امرأة فيمنعه، فيرد عليه(طبقاً لقوانينا، لا يجوز لأحدٍ أن يمنعني من فعل ما أريد أثناء الغزو)فيؤيده ابن ، وفي الأسطورة، ليس للساحر أبناء، ولا زوجة، ميرلين يقتل الرجل، فتأتي المرأة وهي تشكره باكيةً، وهي تحاول تقبيل قدمه، فيأمر بقتلها أيضاً، ويهدد ابنه بألا يتحداه ثانيةً، خاصة إذا كان السيف قريبا منه، آرثر يكتشف مخبأً سرياً، فينقذ امرأة "جينيفر" وغلاماً، يغضب ماريوس، ويقول (أنَّهم يجب أنْ يموتوا لأنَّهم لا يدفعون الضرائب)يرد آرثر(تعني أنَّهم يرفضون أنْ يكونوا خدماً لك)، ويعالج آرثر الطبيب! أصابع جينفير المكسورة، ميرلين يُقسِّم جيشه نصفين، يأمر بابنه أنْ يطارد آرثر باتجاه الشرق نحو الجبال، ويوافيه مع عائلة ماريوس هوناريوس على أبواب الحائط العظيم، جينفير تتهكَّم بآرثر(أنت بريطاني تخدم المحتل الروماني، مثلهم تأخذ ما ليس لك)، وللتأكيد على أدبيات الفروسية والغيرة، تتقرَّب جنيفر من آرثر ولانسيلوت بعين المسافة، وتحدثهما بكلام لا يتلاءم مع ذلك العصر(حب الوطن، الهوية، المستعمر)ففي ذلك العصر لم تكن هناك هوية ولا حدود ولا أوطان، كان الظلامُ شديداً، وبالكاد يستطيع البقاء على قيد الحياة، كما حدث لوالدي آرثر في الفيلم، قتلا بوحشيةٍ من قبل الثوار، يضحِّي داجونت الذي قام بدوره راي ستيفنسون ليحطِّم جليد البحيرة، ويُغرِقَ الجيش ال *** وني الذي يطاردهم. يفشل آرثر في إنقاذه، ينجحُ في إنقاذ العائلات ويصل بهم إلى القلعة، يدفن صديقه، يبدو حزيناً (لأنَّه كان يقاتل من أجل روما ليس لها وجود/ الدقيقة 85). يحرِّر زملاءه ويقرِّر البقاء للدفاع عن المدينة، يفشل زملاءه في ثنيه عن الاستمرار في القتال، يتركونه ويرحلون، ثمَّ يعودون آرثر ومعه خمسةٌ من أصدقائه يقهرون مائتي رجلاً في طرق جبلية وعرة، ثمَّ بمساعدةٍ بسيطة من سِهام ميرلين وجينفير يبيدون فرقة مشاة، ثمَّ يستفيدون من النيران المتفرقة لتعتيم الرؤية على ال *** ونيين، ثمَّ يحدث الاشتباك، ويستخدم ميرلين قنابل نابالم بدائية، تحرق الأرض تحت أقدام الغزاة ال *** ونيين، جينيفر(كيرا ناتالي تولد 1985)ربما لا يتجاوز وزنها أربعين كيلوغراماً، تقاتل كهرقل وحوشاً ضخمة، وشرسة، لانسيلوت ينقذ حياتها، ويموت بسهم من ابن قائد ال *** ونيين،قبل أن يموت يقتله، وآرثر يقتل قائدهم، يُقتل جميع ال *** ونيين، الساحر ميرلين يزوِّج آرثر الكاثوليكي من جينفير، ويعلنه ملكاً على بريطانيا.

المدى العراقية في

23/06/2010

 

"قلب مجنون" فيلم يجيد الحكاية بأداء رائع لجيف بريجز

ترجمة: نجاح الجبيلي 

كان باد بليك (يؤدي الدور جيف بريجز وحصل فيه على جائزة الأوسكار الأخيرة كأحسن ممثل) نجماً كبيراً في موسيقى الريف الأمريكي يحصل على فرصة الآن للأداء في قاعة للبولنغ في مدينة "بوبلو" بولاية كولورادو وهو المكان الذي نلتقي به لأول مرة في فيلم "قلب مجنون Crazy Heart"". كان أشيب في السابعة والخمسين من عمره محطماً مدمنا على التدخين والكحول وأربع زيجات فاشلة وميل ليهرع للخارج كي يتقيأ في وسط المسرح.

ومع ذلك فهو لم يفقد صوته أو سحره حين يحتاجه لهذا يمكن أن نفهم لماذا تقع جين (ماجي غايلنهال) في حبه وهي صحفية من بلدة صغيرة تريد أن تجري مقابلة معه ربما خلافاً لغرائزها. نحن منجذبون نحوه مهما كانت عدد المرات التي شاهدنا فيها على الشاشة سابقاً أولئك المغنين الذين حطموا أنفسهم. ثمة شيء لا يمكن مقاومته يتعلق بالسحر المضاد لهؤلاء النجوم المحطمين. تذكروا "رب تورن" في فيلم "موعد الراتبPayday" (1973) أو روبرت دوفال في فيلم "نِعَم رقيقة Tender Mercies" – 1983. يحب الممثلون هذه الأدوار ويقدمون أفضل ما لديهم في أدائها. أداء جيف بريجز استثنائي. إنه يعرف هذا الرجل من الداخل، من الطريقة التي يضع بها كرسي على المسرح بلا نظام إلى الطريقة التي يناقش بها الرجل المسؤول عن الصوت أثناء بروفة الحفلة الموسيقية المقامة في مدينة "سانتا في" في ولاية نيومكسيكو حيث يؤدي على مضض التدريبات مع تومي سويت (كولن فيرث) الذي يرعاه شخص آخر والذي يتفوق بنجاحه عليه. يمتلك بريجز غرائز جيدة في العمل كممثل فلم يضرب على نغمة متكلفة.

هذا الفيلم الأول للمخرج "سكوت كوبر" الذي كتب السيناريو من رواية لتوماس كوب وأعطى لفريق العمل (بضمنهم دوفال في دور صغير لكنه جذاب) الحرية دون ضغوط أو قيود. وما يمنحه في دراسته للشخصية ليس الأصالة بل الموثوقية. من الأغاني التي يغنيها بليك (التي كتبها ستيفن بروتن و ت. بون برنيت) إلى الضوء في عيون معجبيه الكبار تبدو التفاصيل صحيحة. يصل إليك فيلم "قلب مجنون" كأغنية ريفية حلوة – لا لأنه يحكي لك شيئاً جديداً بل لأنه يجيد حكايتها. إنه المغني لا الأغنية.   

المدى العراقية في

23/06/2010

 

" أمرو جان " و التكييف السينمائي الناجح

عادل العامل 

[ في برنامج تلفزيوني استرجاعي، قالت المغنية السينمائية السبعينية عيشة بهوسل إنها و إن ظلت تغني من عام 1948، فإنها لم تستطع الحصول على جائزة قومية إلا في عام 1982. و كانت الجائزة على غنائها في فيلم عنوانه " أمرو جان “ Umrao Jan".]

يُعد فيلم " أمرو جان "، بالنسبة لمعظم رواد السينما الهندية، فيلماً إسلامياً اجتماعياً عن الماضي غير البعيد جداً و عن حياة المحظيات أو العشيقات.  فهناك قصر للمحظية، ثري إلى حدٍ ما لكنه ليس مسرفاً في الثراء كما في فيلم " بكيزة Pakeezah ". و جميع قصص المَحظيات تتَّسم بالحزن إلا أن ريخا ، التي مثلت دور المحظية في " أمرو جان "، بدت و كأنها تنقل سوداوية أو كآبة النساء من زمنٍ موغل في القِدم. و ما يجعل الفيلم حالةً خاصة أنه يستند على رواية أوردية عمرها 100 عام عنوانها ( Umrao Jan Ada أمرو جان عطا  ). و كان المؤلف، و اسمه ميرزا محمد هادي، قد ولد في عام 1857 في لاكناو. وعلَّم و كتب الكثير لكنه يُعرَف اليوم بشكلٍ رئيس بروايته هذه ، المكتوبة في عام 1890، و التي تُرجمت إلى الانكليزية. و باعتبارها واحدة من الروايات الأولى في اللغات الهندية، فإنها تُعد عملاً مهماً إلى حدٍ ما. و في الحقيقة، فإن الفيلم ينطوي على تكييفات أو تعديلات معينة تعزز مكانة العمل. لكن الفعلة الشريرة لأحد الأوغاد، الذي يختطف طفلةً عمرها تسع سنوات من بلدة صغيرة و يستغلها في وكر للمحظيات في لاكناو، تحدث على نحوٍ أكثر إيلاماً في الرواية. فهي هنا، في الفيلم، لها اسمها، و تُعلَّم، إلى جنب فتيات أخريات، الموسيقى و الرقص. و في الوقت المناسب، يجري تقديمهن إلى حياة المضيفين أو الراغبين في اللهو و التسلية

و تتحول أمرو جان إلى شاعرة. و يبدو تقليدياً أن المَحظيات في السنوات الأخيرة من الحكم المغولي ينبغي أن يكونن شاعرات أيضاً. و الرواية نفسها في صيغة شاعر، هو ميرزا، يُصغي إلى أمرو جان و هي تروي له حياتها الحزينة. و هناك نثار وافر من أشعار أمرو جان، التي تتقبل نصيبها القاسي المجبرة عليه باستسلام فلسفي معيّن بل و تبدو مستمتعة به أحياناً بسبب السطوة التي تمارسها على محبيها. وينفجر التمرد و يُذبح الآلاف لكن أمرو جان و مثيلاتها يتمكَّنَّ من النجاة عن طريق التنقل بذكاء من ملجأ إلى آخر. و هذا البُعد مُزال في الفيلم؛ فهي هنا قصة بسيطة عن امرأة أخطأت. و خلال التمرد، تحاول أمرو جان الاختباء في بلدتها الأصلية. و تتعرف عليها أمها فتعانقها بعاطفة غامرة لكن الأخ يود منها أن تخرج من البلدة في الليلة ذاتها. و يحدث هذا بطريقة قابلة للتصديق في الرواية غير أن السينما تفلح هنا في خلق ميلودراما من موقف مثير. و لقد عاش المؤلف أحداث ذلك التمرد، لكن ليس هناك في عمله الأدبي الكثير عنه. فاتَّسمت  خلفية التمرد بالغموض في الفيلم أيضاً. و قد كان هناك في عام 1050 فيلم هندي بعنوان " 1857 ". و هو عنوان معبَّأ بأمور كثيرة لكن الفيلم كان يُظهِر أسرة نبيلة تُقتلع من حياتها لتعيش تحت شجرة خارج قلعة دلهي. و كانت سورايا هي إبنة النبيل. و كانت هناك قصة رومانسية و غناء ثنائي تحت الشجرة و حولها. ثي يأتي شخص ما و يُبلغ الأسرة بأنه لم يعد هناك قتال فتنتقل للعيش في القلعة. و كان فيلم " Jhansi ki Rani " هذا يتعامل مع التمرد بشيء من التفصيل. لكن الاثنين يفتقران إلى الأساس الأدبي.

لقد تطلَّب الأمر أكثر من مئة سنة لتظهر قصة ذات فهم عميق حقاً عن التمرد. ذلك أن " تحليق الحَمام " لراسكين بوند قصة عن التمرد و هي أيضاً بصيغة السرد و تحكيها فتاةٍ مطاردة كانت في حالة هرب خلال أشهر التمرد. و قد تم تحويلها إلى فيلم أيضاً لكن بعنوان " جنون Junoon ".

عن: The Hindu 

المدى العراقية في

23/06/2010

 

إنحلال الشخصية الدرامية

أ.د. عقيل مهدي يوسف 

قد يحكم ناقد مسرحي ما، على عرض مسرحي، بدعاوى أخلاقية متزمنة، لأنه يقتنص شخصية سلبية، تعاني من ضعف- أو وهن في سلكوها، ضمن مجموعة من الشخصيات المسرحية الأخرى، التي قد تكون أكثر إيجابية من هذه الشخصية (المريضة) أو السلبية.

هذا الناقد يتناسى ما تقدمه التجربة الجمالية من تأثيرات منعشة، ومثرية لمشاعر المتلقي، وترتقي بذائقته، وحسيته المهذبة.

ويتشبث بذريعة (سلوكية) يختزل من خلالها، المنظومة الأخلاقية بكاملها، حتى إن كان سلوك هذه الشخصية الشائن، يدل على صوابية هذا الكائن، في خياراته المرضية، لأسباب نفسية، أو فيزيولوجية، إذ يتحول هذا (المضمون) الجزئي، بفعل الإغواء الفني، إلى شكل ، محمل بالوعي، والرفاهية والتعبيرية، وينسينا الإحالة الخارجية لقناعاتنا التقليدية عن مفهومات الخير والشر، ربما يشتم ( جان جينيه) من قبل الأخلاقيين لان شخصياته (فاسقة) و(منحلة) أو تثير النفور في أخلاقيتها المتهتكة، ولكن أليست هناك شخصيات عند شكسبير، مثل ياجو، ولير، وريشارد الثالث، تثير نفورنا، بل حتى تقززنا؟ لكن في لحالتين يبقى الكتاب المبدع، سواء كان شكسبير، أو جان جينيه، قادراً على تحويل تلك الشخصيات المنفرة والبغيضة، أو حتى تلك الشبقة، والمثيرة للغريزة، إلى شخصيات مشبعة ضمن شروط جمالية المسرح، وتجبرنا نحن المتلقين على تأمل شاعريتها، بمنطقة الفن والجمال، بعيداًٍ عن إنفعالات الرفض أو القبول الأخلاقيين!

التي تلاحق التجربة الفنية، بسياط رجال التفتيش في أخلاقيات القرون الوسطى، المجهزة بالكامل من الخارج، وقبل اكتشاف التجربة الفنية ، أآو التفاعل معها.

المدى العراقية في

23/06/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)