حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

حوار النقد الوثائقي مع الناقد عدنان مدانات

حاوره حسن مرزوقي

عدنان مدانات ناقد وأكاديمي فلسطيني أردني يعتبر من النقاد البارزين في السينما عامة والسينما الوثائقية بشكل خاص. وهو أول من ترجم كتاب السينمائي الروسي المؤسس للسينما الوثائقية دزيكا فيرتوف إلى العربية وقد صدرت مؤخرا الطبعة الجديدة للترجمة.

·         نبدأ من "دزيكا فرتوف" الذي ترجمت له ونقلت نظريته إلى اللغة العربية. هل مازالت نظريته  صالحة إلى اليوم بعد هذا التّطوّر في تكنولوجيا الصورة ؟

جاء " فرتوف " في م فترة العشرينات من القرن الماضي الّتي كان فيها البحث منصبا أسسا على ماهيّة السينما وبدأت أولى التّنظيرات العميقة لفهم السّينما في الاتّحاد السوفياتي.

كان هناك تيّاران : تيّار يسعى في اتّجاه السّينما الرّوائيّة وينظّر لها وتيّار يتوجّه نحو الفلم التسجيلي و"فرتوف" يعتبر أن الخاصيّة الأساسيّة الحقيقيّة للسّينما هي قدرتها على العكس المباشر للواقع وبالتّالي فطبيعة السّينما وقيمتها الحقيقيّة تنبع من كاميرا تسجيليّة وكان يعتبر الفِلْم الرّوائي عالما مصطنعا ويعتبر بالمقابل الفلم التّسجيلي عالما حقيقيا فبدأ يصنع أفلاما وأخذ يكتب كتابات نظريّة وتأمّلات في محاولة لتفسير ماهيّة السّينما وقيمتها باعتبارها انعكاسا مباشرا للواقع.

·         هل كان هناك مصطلح فِلْم تسجيلي في ذلك الوقت وفِلْم روائي ؟ 

في ذلك الحين كان يقال سينما الوقائع والسّينما الإخباريّة فهذا النّوع لم يكن متبلورا كما هو الآن لكن "فرتوف" تمكّن من وضْع أسس أثّرت في تطوّر كلّ أنواع السّينما العالميّة. وعند دراسة السّينما الواقعيّة ستجد آثار نظريّة  "فرتوف " موجودة..

·         ألا ترى في الانعكاس المباشر للواقع صدى للنّظرية الماركسيّة ؟ 

طبعا الأفكار الشّيوعيّة انعكست على الأعمال الإبداعيّة ومنها السّينما الثّوريّة

·         كان منطلقا إيديولوجيّا وليس علميّا

كان منطلقا فنّيّا لم يكتف بالتّنظير عموما بل تناول تفاصيل صناعة الفِيلْم فقد تحدّث كيف يتمّ المونتاج والانتقال من لقطة إلى أخرى وطريقة بناء الفِلْم والقطْع والتّركيب، بل صنع فِلْمه الشّهير  "الرّجل والكاميرا" الّذي يعتبر بصريّا بيانا نظريّا حول ماهيّة السّينما التّسجيليّة لأنّه تكلّم عن الجوهري في السينما. من هذا المنطلق أرى أن ما يقوله مازال صالحا.

من جهة أخرى شاع اليوم في مجال الفِلْم التّسجيلي وخاصة عند المخرجين المعاصرين، ما يسمى بدوكودراما أوالدّراما الوثائقيّة الّتي نظّر لها"فرتوف".

كذلك فإن السّينما الصّامتة الوثائقيّة كانت تصوّر مواضيع من الواقع ولا تصوّر البشر، بيد أن "دزيكا فرتوف" في ذاك الوقت، في عصر السّينما الصّامتة، تكلّم عن الحاجة إلى إظهار الإنسان الواقعي في الفِلْم التّسجيلي كشخصيّة رئيسة وإمكانيّة أن نعبّر عن المشاعر والعوالم الدّاخليّة للإنسان الواقعي في الفِلْم التّسجيلي دون أن يتكلّم أو يعبر. وأَوْرد أمثلة جزء أساسي منها يقوم على تقنية يسمّيها التّصوير المباغت أو التّصوير فجأة الّتي أصبحت بعد اختراع الكاميرا المحمولة أساس الكاميرا الخفيّة تلتقط الحياة كقنّاص، على حين غرّة شرح كيف يمكن تصوير عوالم الإنسان الدّاخليّة اعتمادا على ما يسمّى الكاميرا الخفيّة.

·         النّظرة الشّائعة عن الوثائقي أنّه يفتقر إلى  الخيال  فأزمة الوثائقي هي أزمة واقعيّة

قبل الخيال أريد أن أستحضر مقولة "فرتوف" في تعريف السّينما التّسجيليّة وهي "الفِلْم التّسجيلي هو شعر الوقائع" هذا الفهم يجعلك تتعامل مع وقائع الحياة في مستوى أرقى من شكلها الظاهر والدّخول في بعدها الفنّي والدّلالي وهذا طبعا أساس أيّ عمل تخيّلي في "الرّجل والكاميرا"  نرى كلّ أنواع المؤثّرات البصريّة الّتي يمكن استخدامها في الفِلْم، للتّعبير عن الاكتظاظ والتّصادم  لجأ إلى نوع  من المونتاج ومزج صورًا متداخلة لجأ كثيرا لعرض الفِلْم عكسيا حيث تبدأ الحركة في التراجع للتّعبير عن فكرة انهيار طبقةٍ ما كلّ شيء فنّي في السّينما التّسجيليّة فيه خيال.

·         فيما يخص الوثائقي العرب هل صحيح أنه حتى أواخر الثّمانينات كان الوثائقي العربي متعلّقا بالدّولة/بالسّلطة /بالحزب...

لا أوافقك الرأي في هذا الموضوع لأنّ فترة السّبعينات والثّمانينات شهدت أهمّ انطلاقة للفِلْم التّسجيلي باعتباره فنّا وتحديدا منذ سنة 1972  عندما أقيم في دمشق المهرجان الأوّل للسّينمائيّين العرب الشّبّان تحت عنوان السّينما العربيّة البديلة. شهد هذا المهرجان كثيرا من البحث حول مستقبل السّينما العربيّة ومن أهمّ ما طرح حينها تطوير الفِلْم التّسجيلي لأنّه المدرسة التي يتعلّم منها السّينمائي العربي كيف يتعامل مع واقعه. كان هناك اهتمام بالغ بالفِلْم التسجيلي باعتباره وسيلة تعبير صادقة عن هذا الواقع. كانت النّتيجة ظهور مجموعة أفلام تسجيليّة عربيّة ذات قيمة فنيّة عالية لم تكن تهدف إلى الدّعاية للدّولة بل فيها نقد للواقع من أشهرها "الحياة اليوميّة في قرية سوريّة" ، ثم فِلْمي" لحن لعدّة فصول" سنة  1973  في مصر وهو أوّل فِلْم لداوود عبد السّيّد أو خيري بشارة مثل فِلْم "صائد الدّبّابات " هذه الأفلام كان فيها كثير من واقع برؤية فنّيّة.

·         أقصد أنه قبل التّسعينات كانت هناك إيديولوجيا معيّنة تسود التّسجيلي تسير دائما نحو الموضوع العامّ: الحزب / الوطن / الثّورة / القضيّة.. بعد التّسعينات صار الإنسان موجودا باعتباره فردا وليس باعتباره أمّة.. 

نعود إلى  "خيري بشارة "  ففِلْم " صائد الدّبّابات " عن الإنسان، لا يحكي عن البطولات بقدر ما يحكي عن بؤس أهل هذا البطل و"وصيّة رجل حكيم"  و" طبيب في الأرياف" والأمثلة عديدة..

·         أنت متخصص في نظريات السينما كيف ترى السينما الوثائقية العربية هل فيها حضور للمدارس العالمية ؟

ليست هناك نظريّات إلا عند "فرتوف" ففي العالم هناك مدارس واتّجاهات. ومقولة "فرتوف" عن الوثائقي بأنه "شعر الواقع أو الوقائع" هي النّظريّة الأساسيّة ولكن الأساليب والمدارس تنوّعت في السّينما العربيّة فقد حصل تطوّر مهمّ في حقل الفِلْمِ التّسجيلي مع فِلْم ميشيل خليفي "صور من ذكريات خصبة" الذي قدّم سنة 1982 شخصيّة امرأة عجوز وكاتبة فلسطينيّة شابّة  في معايشة يوميّة كأنّهما شخصيّتان روائيّتان وتعتبر هذه قفزة نوعيّة في مجال السّينما التّسجيليّة العربيّة هناك عالم داخلي للشّخصيّتين وحالات وجدانيّة. لقد كان هذا إنجازا والذي دشن هذا الاتّجاه هو "ميشيل خليفي " وتطوّر لاحقا مع كثير من المخرجين  مثل مَيْ المصري ومثلا الكثير ممّن درسوا في بلجيكيا يميلون إلى هذا الاتّجاه لأنّه كان هناك اهتمام بهذه الصّيغة في بلجيكا 

·         عموما يلاحظ ان الفِلْم الوثائقي اللّبناني كان أكثر جرأة ....

ربّما لأنّ السّينما اللّبنانيّة تتمتّع بحريّة أكبر في التّعبير ..

·         هناك من يرجع أزمة الوثائقي إلى أنّه ليست لدينا ثقافة الوثائقي فهو نخبوي إلى حد كبير.. 

أنا أرى أن مجالات عرضه غير متوفّرة.. الآن الفضائيّات تعرض ما له علاقة بالإعلام أمّا التّجارب الفنّيّة الحقيقيّة فلا تُعرض. وألاحظ اهتماما شديدا بالجزيرة الوثائقيّة وصار النّاس يكتشفون شيئا آخر اسمُه البرامج الوثائقيّة  غير المسلسلات ونشرات الأخبار والأفلام الأمريكيّة. عموما بدأنا نشهد اهتماما في أوساط النّاس العاديّين بهذا النّمط.

·         يقول البعض إن الوثائقي في أذهان النّاس هو الحيوانات والطّبيعة والحشرات ..

لأنّ هذا ما كان يُعرض على مدى الزّمن في المحطّات التّلفزيونيّة وعمليّة بناء العلاقة بين الجمهور ونمط جديد من الوثائقي تحتاج إلى وقت..

·         وماذا عن النقد..؟

ازدهرت حركة النّقد في العالم العربي في السّبعينات والثّمانينات فوجود وسائل نشر للنّقد كان عاملا أساسيّا في هذا الازدهار أمّا الآن فقد غاب هذا وحلّ محلّ النّقّاد من نسمّيهم مراسلين صحفيّين يكتبون تغطيات سريعة والصّحف تقبل ذلك.. أنا شخصيا كان لي مقال يومي عن السّينما في إحدى الصحف والآن قليلة هي الصحف التي تترك حيّزا للنقد السينمائي الحقيقي ولا يتعدى  الأمر وجد عمود أسبوعي في بعض الملاحق .

·         كيف تقيّم مجهود الجزيرة الوثائقيّة..

في الحقيقة كنت أفضِّل ألاّ تطرح عليّ هذا السّؤال ليس تهرّبا بل لأنّه لم تُتح لي فرصة مشاهدة برامجها والأغرب من ذلك أنّ التّردّد الجديد رفض جهازي تقبّلَه

الجزيرة الوثائقية في

17/06/2010

 

" دوشة " فيلم مزعج ، بمولدات كهربائية !

غزة _ أسماء شاكر 

لم يكنْ مونتاج الفيلم الغزي " دوشة " بحاجة إلى موسيقى تصويرية أو مقاطع لأغاني توازي الصورة والمفارقات التى تسكن واقعَ الشخصيات، فطوال مدة الفيلم القصيرة لم تكفّ مولدات الكهرباء عن العمل!

خاصة ً و أنّ انقطاع التيار الكهربائي هو جزء ًمن صيرورة الحياة فى قطاع غزة ، فلا صوت يعلو على الضجيج المعتاد فى شوارع و على نوافذ غزة ، هكذا يصبح الضوء مقابل النوم و الراحة و الهواء أيضا ً .

" دوشة " بدقائقه الثمانية عشر ، يحاول سردَ القصص اليومية التى تعجنها ظروف القطاع المعيشية الضَجِرة،و التى تجاوزت الحدّ الطبيعي _ بمراحِل _ ، بضغوطها و متاعبها المرهِقة،حتى أنها وسمتْ سكّان القطاع بشيء من الكَمد المتجدد، نظرا ً لتلك المتغيرات الكبيرة بين يوم و آخر، ليصبح من  الصعب على الغزيّ تخيّل شكل الحياة فى أي مكان آخر بمعابر مفتوحة و كهرباء دائمة !

ولكن رغم تميّز فكرة فيلم ( دوشة ) المميزة و حبكته الواقعية المحكَمة، إلا أن المنحنى الدرامي الذي حاول المخرج فايق جرادة تتبعه لم يخلو من المشكلات التكنيكية، و وضوحها فى بعض المشاهد التمثيلية،خاصة تلك المتعلقة فى إمكانية نجاح المزج بين الجزء الدرامي و الجزء الوثائقي من الفيلم،ومدي تفاوت إتقان كل من الممثلين لأدواره و مناسبتهم لها، إضافة إلى إشكالية التصنّع فى بعض الأحيان ، و لغة السيناريو و الحوارات المرتجلة بطريقة مباشَرة ، غير مقنعة فى أحيان أخري . و هو الأمر الذى أضرّ بالفكرة فى بداية الفيلم .

أما قصة " دوشة " فتلخصت فى ما يترتب عن انقطاع التيار الكهربائي من مواقف يومية روتينية، فالزوج العائد من عمله متعبا ً لا يجدُ مصعدا ً ينقذه من قطع سلالم الطوابق الستة، ليصل الي منزله، بعد أن أنهكه الدوران على المصلحات و المكاتب الحكومية لإنهاء بعض المعاملات، و تأجيلها ليوم آخر ... لانقطاع الكهرباء .

غير أن المخرج يحاول موازاة المشاهد ببعضها، وهو ما أدي الى وجود قطع قافز فى مشهد لاحق، عندما رصد وضع الكهرباء في أحاديث مجموعة من الشبان، دون وجود أية علاقة بينه و بين ما يسبقه، لكن رؤية المخرج جرادة تبرر ذلك من منطلق كون الفيلم " ديكودرامي " .

مولدات الكهرباء فى " دوشة " ، كانت بطل الفيلم الرئيس، غير أن الحوارات تكشف ذلك الوجه البائس لها ، فليس الإزعاج و الهواء الملوث بدخان البنزين المحترق ، وحده ما يجعل المولدات مزعجة ، و إنما أيضا خطر انفجارها أو إحراقه للمنازل أحيانا ً، خاصة و أنّ انتشار استخدامها بات متفشيا ً في الشارع الغزي بكل مكان، فلا يخلو متر مربع فى غزة من وجود موّلد كهربائي، فغزة خلال الساعة الواحدة من انقطاع الكهرباء تستهلك ما يقارب 70 ألف لتر من الوقود المحترق ! ناهيك عن كون الكهرباء قد لا تأتي سوي 6 ساعات أو 12 ساعة في اليوم فقط .وهو ما ترتب عليه العديد من المضار الصحية الخطيرة  أيضاً، التى سجلتها المستشفيات و الدراسات.

و لكن رغم كل شيء ، تبقي آلية التحايل على طبيعة الظروف هي ما يتحكم بوجه الحياة ، فالزوجان الهاربان من منزلهما و من انقطاع الكهرباء و صوت المولدات المقلق للنوم و القراءة ، لم يستطيعا الهرب من شوارع المدينة التي تحّدها المولدات !

ولانقطاع الكهرباء في طريقهما للمقهى حكايات كثيرة، فإرسال شبكة الهواتف الخلوية كثيرا ما تعلق في انقطاع الكهرباء ، إضافة الي الحوادث المؤسفة لضحايا المولدات، و المشكلات الاجتماعية التي يسببها الضغط و التوتر العاليين .

هكذا لم يجد الزوجين اللذين لعب دوريهما كلا من ممثلة المسرح: إيناس السقا ، و خالد مقداد . بدور الزوج ، سوي الهروب للبحر بعيداً  من الضجيج و الأرق، غير أنهما تفاجئا بوجود مولد كهربائي و هما على شاطئ البحر ، يحاول تشغيله صاحب احدي الاستراحات فى جوارهما ! .

الجزيرة الوثائقية في

17/06/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)