حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أليخاندرو إيناريتو: هل الحياة Biutiful حقّاً؟

خليط ثقافي ومصائر متشابكة على ضفاف القارة العجوز

زياد عبد الله

يبقى السينمائي المكسيكي البارز، مسكوناً بهمومه الإنسانية العابرة للقارات، وزائراً للعوالم السفلية التي تمثّل وجدان المدن ومختبر العلاقات البشريّة. في فيلمه الجديد الذي يقوم على أداء خافيير بارديم، يحافظ صاحب «بابل» على أسلوبه، ولو أنّ إيقاعه جاء أقل توتّراً من المعتاد

لن نشاهد هذه المرّة كلباً نازفاً، في سيارة تمضي بسرعات جنونية وهناك من يتعقبها، كما في فيلم «الحب كلب» (2000). ولن نسمع من يقول لنا إن كل ما نعيشه لا يزن أكثر من «21 غراماً» (2003) أي ما يعادل «نكلة» أو «قطعة شوكولا». ولن نشاهد تلك البندقية في «بابل» (2006) التي تكفي طلقة واحدة منها كي تتشابك مصائر شخصيات بين المغرب وأميركا والمكسيك واليابان. جديد السينمائي المكسيكي أليخاندرو غونزاليس إيناريتو Biutiful (جميل) يأتي من برشلونة هذه المرة. في اللقطة الافتتاحية من الفيلم، سنرى أوغزبال (خافيير بارديم) يخرج خاتمه من إصبعه ليضعه في إصبع ابنته، ونحن لا نرى إلا أياديَ مرفوعة، ثم يمضي في غابة مغمورة بالثلوج تطالعه فيها بومة ميتة، ويسمع نداءً سيلبّيه بالتأكيد.

الشخصيّات التي تزدحم بها أفلام إيناريتو (1963) تختزلها شخصية واحدة هذه المرة، إنه أوغزبال. ومَن غير خافيير بارديم ليجسّدها وينال عنها جائزة أفضل تمثيل في الدورة الثالثة والستين من «مهرجان كان السينمائي»؟ مَن غيره، وقد قال إيناريتو نفسه إنه طيلة كتابته الفيلم، كان بارديم هو أوغزبال، والعكس صحيح. وهو الذي قال أيضاً «أنا وبارديم مثل جائع للكمال التقى بمن يتضوّر جوعاً إليه».

يمضي شريط «جميل» ــــ وهو الكلمة التي يسعى أوغزبال إلى أن يعلّم ابنه تهجئتها بالإنكليزية ــــ في خطّ درامي واحد يتعقّب مصير شخصية أوغزبال ومحيطه. ليس هناك من تشعبات وتداخلات في الأزمنة، ولا تستند الأحداث إلى حدث رئيس مدوّ، سرعان ما تتداخل من خلاله مصائر شخصيات كثيرة وخطوط درامية أخرى، كما في أفلامه السابقة. الرهان هنا على شخصية واحدة يجري تشريحها من خلال أفعالها وتحرّكاتها. إنّه التركيز على أوغزبال ذاته، وحياته في مدارات عدة، من بينها علاقته بأولاده. هذا الأب يتبول دماً، وسرعان ما يكتشف مرضه بسرطان البروستات.

يلعب دور الأب والأم مع ابنه وابنته، وفي تأرجح دائم بين النجاح والفشل. تأرجح يشبه علاقته مع زوجته السابقة المأزومة التي ما أن يبعدها عن ولديها حتى يعيدهما إليها، وهي تقترف من الحماقات ما يجعله حريصاً على مسافتها معهما، ثم استجاباته المتناوبة لأمومتها التي سرعان ما تضرب بها عرض الحائط.

الفيلم الذي كتبه إيناريتو بنفسه، يجعله بعيداً عن الكاتب والسينمائي غيليرمو أرياغا، كاتب سيناريوهات أفلام إيناريتو الثلاثة المذكورة سابقاً. إلا أنّ إيناريتو يقترب هنا بشكل أو بآخر مما صنعه مع أرياغا، من دون أن تتنقل الكاميرا بين أربع قارات كما في «بابل»، ولا أن يكون فيلم «21 غراماً» بؤرة درامية للسيناريو يقول فيه كلمته الفصل، وحيث الزمن متصلاً ومنفصلاً، مستعاداً ومتقدماً. وهو الأمر الذي يمتد إلى باكورة إيناريتو «الحب كلب» حيث الإيقاع لا يمنحنا فرصة لالتقاط أنفاسنا.

في Biutiful ملامح أو لمسات مما سبق، وهو يمثّل في النهاية أسلوب إيناريتو المحكم. صحيح أنّ الشريط يسير في إيقاع أقل توتراً من الأفلام السابقة، لكنه مشدود ومتحفز، من دون أن تفارقه همومه الإنسانية المتخطية للقارات، والعوالم السفلية باعتبارها المعبر الأدق والأعمق لاختبار المدن وعلاقات البشر فيها. في «جميل»، نحن على اشتباك مع عوالم برشلونة السفلية، وتحديداً بلدة سانتا كولوما التي ستبقي إيناريتو على اتصال بتقديم سينما تتخطى العرق واللغة كما في «بابل». إذ إنّ أوغزبال يقطن «التشرينغو» وهو حي خليط يسكنه المهاجرون الفقراء وأولادهم ويضم كل الأعراق من الصينيين والعرب والإندونسيين، إضافة إلى هؤلاء الذين هجّرهم فرانكو من كاتالونيا في عام 1930. إذاً، نحن هنا أمام خليط اجتماعي وثقافي وقع في غرامه إيناريتو، كما وقوعنا في غرام الفيلم.

البيئة التي تجري فيها أحداث الفيلم مركزية مع خليط اجتماعي وثقافي غني

البيئة التي تجري فيها أحداث الفيلم مركزية. يعمل أوغزبال في استيراد العمالة الأجنبية «غير الشرعية» حيث الصينيون هم الأكثرية. من هنا، سنشاهد دراما مجاورة لدراما أوغزبال وعائلته، سرعان ما تشتبك معها. هو الذي نشأ وترعرع في حضن هذا الخليط العرقي، يسعى أن يكون إنسانياً معهم بالقدر المتاح، ونحن نرى كيف تتعامل الشرطة الإسبانية بعنف ووحشية مع باعة الطرق الأفارقة، وكيف يُرحّل صديقه إلى إثيوبيا، بينما يأخذ زوجة ذلك الصديق وابنه ليعيشا معه، فتمسي سنداً له أكثر مما هو بالنسبة إليها، حين تتحول إلى ممرضة ترعاه وهو يحتضر.

سيتداخل مصير أوغزبال الشخصي مع مصائر المهاجرين، وسيطال التصعيد كل المصائر، ويبقى اختناق العمال الصينيين الذين يشرف عليهم ذروة أحداث الفيلم والمنعطف الأكبر. سيحتضر أوغزبال بعدما شهد بأم عينيه كيف مات كل الصينيين في القبو، حيث كانوا ينامون نساءً ورجالاً وأطفالاً، والسبب مدفأة تعمل على الغاز اشتراها لأنها الأرخص، وسيموتون بسببها جميعاً وهم نيام مختنقين بالغاز.

أوغزبال يحتضر، فيما البحر لا يتوقف عن لفظ جثث المهاجرين إلى الشاطئ. مصائر بشر كثر، وخارطة حية وداكنة لمن يلقون بأنفسهم في أحضان أوروبا... ومعهم مصير رجل بمفرده نعود معه في النهاية، حيث بدأ الفيلم، إلى الغابة المغطاة بالثلوج والنداء... نداء الموت.

الأخبار اللبنانية في

14/06/2010

 

ستيفن فريرز: كوميديا الأخطاء

زياد عبد الله 

ليست إليزابيث في فيلم «المكلة»( 2007)، ولا «تشيري» (2009) بائعة الهوى الملكيّة المتقاعدة. لكنها امرأة أيضاً، تلك التي أعطت اسمها لآخر أعمال البريطاني ستيفن فريرز. في «تمارا درووي» حكاية تلتقي مع عوالم شريطيه السابقين... لكن مع تمارا (جيما أرترتون) ستكون الكوميديا حاضرة بقوّة. «أريد أن أحب إنساناً لا كاتباً»، تصرخ بيث (تامسن غريغ). هذا طبيعي، فزوجها الكاتب نيكولاس (رودجر آلام) سيكون دائماً على أهبة الاستعداد لخيانتها. ستجد العشيقات أينما أشاحت بوجهها، وصولاً إلى تمارا. عند أقدام هذه الأخيرة، ستتشابك كل العلاقات العاطفيّة. تدور الأحداث في قرية هادئة في الريف البريطاني. الزمن متوقف والمكان صالح للعزلة وبالتأكيد للكتابة. لكنّه زمن قاتل بالنسبة لمراهقتين لا تفارقان موقف الباص. لم يكن ليحدث شيءٌ في يومياتهما الثقيلة، لولا تشابكها مع مغامرات تمارا. هكذا، ستدبّران مقالب كثيرة لا لشيء إلا لأنّ أحد عشاق تمارا هو المغني وعازف الدرامز بن سيرجنت (دومينك كوبر). إلى جانبه يظهر أيضاً آندي كوب (لوك إيفنز) الذي سيقع بدوره في شباك البطلة.

المواقف المتتالية تشبه قطع دومينو متساقطة تحت عباءة سيناريو محكم

خلطة من العشاق والمواقف الطريفة المتداخلة، ستكون في النهاية مناسبة لاكتشاف طبقة إنكليزية مثقفة تنعم بحياة رغيدة. نيكولاس سيعتبر تمارا كاتبة خارقة ليظفر بها. لكنّ تمارا لن تكتب حرفاً واحداً حين تكون مع بن، فهو يتدرب طيلة الوقت على الدرامز. بن نفسه شخصية فوضوية وشهوانية وصاخبة. بيث ستجد خلاصها مع غلن (بيل كامب) الذي كرّس حياته لأدب توماس هاردي. تعلّقه بها سيحفّزه على تأليف كتاب عن هاردي أمضى عشرين سنة يفكّر به. لكنّ زوجها نيكولاس سينسى كل خياناته لها ما إن يراها تقبل غلن... فتجتاحه الغيرة قبل أن يدهسه قطيع بقر.

المواقف المتتالية تشبه قطع دومينو متساقطة تحت عباءة سيناريو محكم. كلب بن المزعج ستطاله رصاصة مزارعة، بعدما أصرّ على استفزاز أبقارها ودفعها إلى الهيجان. مصير نيكولاس سيكون تحت أقدام ذلك القطيع. هكذا، يبدو كل ما في الشريط مدروساً لإحداث مفارقات لا نهاية لها.

في النهاية، تخسر تمارا الجميع. كلهم عبروا ورحلوا لكن من دون دموع. إنّه فيلم «تمارا درووي» التي ما إن تحطّ قدماها في تلك القرية حتّى تصير الحياة عارية ومضحكة... لا بل تقتل من الضحك أحياناً.

الأخبار اللبنانية في

14/06/2010

 

عادل إمام ... «الزعيم» المخلوع؟

محمد خير 

حين اعتذر عمرو واكد عن عدم المشاركة في فيلم عادل إمام الجديد «زهايمر»، بدا ذلك أمراً عابراً رغم استثنائيّته. أمّا وقد كررت غادة عادل أخيراً تصرف زميلها، معتذرة عن عدم المشاركة في الفيلم نفسه، فلم يعد ذلك سوى دليل على عمق الأزمة التي يواجهها «الزعيم». لطالما كانت مشاركة أي فنان، وخصوصاً إن كان شاباً، في أفلام عادل إمام بمثابة «شرف كبير»، و«تجربة مهمة»، و«علامة في تاريخ الممثل». وتلك ليست عبارات صحافية أو نقدية، بل هي كلمات طالما نطق بها الفنانون أنفسهم أمام كاميرات الصحافة والفضائيات، عند افتتاح كل فيلم جديد لنجم الكوميديا العريق.

لكن في وقت لم يبرر عمرو واكد اعتذاره، واكتفت أسرة الفيلم بإعلان استبدال فتحي عبد الوهاب به، فإن غادة عادل كانت أكثر صراحة، معلنة عن انشغالها بتصوير مسلسلها الرمضاني «فرح العمدة». وتلك ضربة موجعة أخرى تعلن بصورة غير مباشرة عن أولوية البطولة، ولو كانت تلفزيونية، عن مشاركة «الزعيم»، الذي طالما اعتُبر بوابة تقديم النجوم الشبان إلى الجمهور. والمعضلة أن ذلك الجمهور نفسه، هبط بإيرادات فيلم إمام الأخير «بوبوس» إلى الحضيض، ليحتل مرتبة متأخرة خلف «أبنائه» الشبان. ولم يكن ذلك بلا عواقب. والنتيجة أن إمام الذي احتل مقدمة الإيرادات لثلاثة عقود، وجد نفسه مضطراً للانسحاب من الموسم الصيفي. وفي وقت تضاء صالات الصيف بأفلام الشبان، لا يزال إمام يكافح لبدء تصوير فيلمه الجديد، آملاً أن يلحق بموسم عيد الأضحى المقبل. لكن اضطراره لتغيير موسم العرض لم يكن إلا قشة أخيرة، فقبلها رضخ لقانون السوق الذي يعترف بالإيرادات لا بالأسماء، فتنازل عن نصف أجره ليتقاضى 8 ملايين جنيه (حوالى مليون و600 ألف دولار) فقط من «الشركة العربية» منتجة «زهايمر»، بدلاً من الخمسة عشر مليوناً (حوالى 3 ملايين دولار) التي دفعتها له «غودنيوز فيلم» عن «بوبوس». ولا شك في أن لتغيير شركة الإنتاج بحد ذاته مغزى لا يُخفى، وخصوصاً بعدما فشل في العثور على منتج لمشروع فيلمه «فرقة ناجي عطا الله». لكن المغزى الأبرز كان في استعانته بالمؤلف نادر صلاح الدين، الذي ارتبط اسمه بنجم الكوميديا محمد سعد في اثنين من أنجح أفلامه «اللي بالي بالك»، و«بوحة»، فضلاً عن فيلم «8 جيجا» الذي ينافس به سعد في الموسم الصيفي الحالي. ويأتي تعاون «الزعيم» مع صلاح الدين تنازلاً لأول مرة منذ سنوات عن يوسف معاطي، الذي كتب له أفلام السنوات الأخيرة ــــ باستثناء «عمارة يعقوبيان» ــــ وطالما دافع عنه إمام، إلى درجة انحاز لرؤيته في فيلم «حسن ومرقص» في مواجهة رؤية المخرج شريف عرفة، فاعتذر الأخير عن الفيلم الذي أسند إمام إخراجه بعد ذلك لنجله رامي إمام. والمفارقة أن الشقيق الأصغر لشريف عرفة، وهو عمرو عرفة، هو مخرج الفيلم الجديد «زهايمر»، ربما استثماراً لنجاحه مع المؤلف نفسه قبل سنوات في فيلم أحمد حلمي «جعلتني مجرماً». ويبقى أنّ اسم عرفة، سواء شريف أو عمرو، وسيلة نجاح تجاري شبه مضمون. لكن هذا إذا لم يسبّب «الزعيم» إغراق نفسه بنفسه كما فعل مع «بوبوس»، بإصراره على استعادة مشاهد و«لازمات» كوميدية مكررة ونمطية، إلى درجة أصبح الفيلم الفشل التجاري الوحيد لمخرجه وائل إحسان.

الأخبار اللبنانية في

14/06/2010

 

سوداء وبدينة وفقيرة... وامرأة

«بريشوس» الخارجة من قلب الجحيم

عماد خشّان 

رحلة في الزمن مع أساطير الهامش، وسط عالم يغرق في الجريمة والعنصريّة... شريط لي دانيلز حالياً في الصالات اللبنانيّة

من يرغب بالحصول على صورة واقعية عن نيويورك الثمانينيات، فسيبدو له فيلم Precious كأنّه مصنوع تحت الطلب. شريط الأميركي لي دانيلز، شغل الصحافة في الولايات المتحدة والعالم، منذ عرضه ضمن تظاهرة نظرة خاصّة في «مهرجان كان» 2009. منذ ذلك الحين، حاز سبعين جائزة، منها أوسكار أفضل ممثلة مساعدة لمونيك وأوسكار أفضل سيناريو مقتبس لجفري فلتشر.

Precious المأخوذ عن رواية Push (1996) للكاتبة الأميركيّة سافير، يحكي قصّة كلاريس بريشوس جونز (غابوري سيديبي). ابنة السادسة عشرة لا تتمتع بأي ميزة قد تشفع لها في مجتمع عنصري مهووس بالثروة والمظاهر. فهي إلى جانب كونها فقيرة وبدينة، سوداء تعيش في هارلم جنّة الكوكايين في نيويورك خلال الثمانينيات. وهي قبل كلّ شيء آخر... امرأة.

يأخذنا الشريط إلى جحيم بريشوس ومثيلاتها. والدتها ماري (مونيك) عاطلة من العمل، تقضي يومها أمام التلفزيون، وتعيش على المساعدات الحكومية مع صديقها والد بريشوس. هذا الأخير لم يتورّع عن اغتصاب ابنته مراراً. هكذا، صارت المراهقة التعيسة أماً لطفلة تعاني من متلازمة داون، قبل أن تحمل بطفل آخر.

وسط كل ذلك، لا تجد الشابة السوداء منفذاً إلا في عالم الخيال. تنظر إلى المرآة فترى نفسها حسناء شقراء. تمضي ساعات وهي تحلم بأن تكون نجمة سينما، بعيداً عن ذلك السرير الذي يغتصبها فيه والدها. أمّا أمها فتراقب ما يحصل من دون أن تتدخل خوفاً من غضب صديقها، ثمّ تنتقم من ابنتها عبر معاملتها بطريقة مهينة وقاسية لفظياً وجسدياً. وسط هذه الدوامة، يأخذ سلوك بريشوس طابعاً عدوانياً يودي بها إلى مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصّة. تجد هناك فتيات فقيرات مثلها، وآتيات مثلها أيضاً من معاناة الأميركيين الأفارقة والمهاجرين غير الشعريين.

هنا، تفتح معلّمتها بلو راين (بولا باتون) أمامها أفقاً رحباً، فتتعلم بريشوس القراءة وتبدأ بالتفكير بإمكان الخلاص. عند وضعها طفلها الثاني، تحاول أمّها قتلها وقتل طفلها، فتلجأ بريشوس إلى مدرِّستها. في مكتب المساعدات الاجتماعية تلتقي بالسيّدة وايس (ماريا كاري) المسؤولة عن ملفها. هناك، تودّع أمّها للمرّة الأخيرة قبل أن تحمل طفليها وتمضي في زحام نيويورك وثلوجها. يقع العمل في إطار الأفلام الملهمة التي يعشقها المشاهد الأميركي. عادة ينجز هذا النوع من الأفلام للاستهلاك التلفزيوني، لكنَّه بدأ يجد طريقه إلى صالات السينما.

الإعلاميّة الشهيرة أوبرا وينفري، كانت إحدى الجهات المنتجة لـ«بريشوس». وينفري أدّت في بداياتها دوراً يحكي معاناة الأميركيات من أصول أفريقيّة في شريط ستيفن سبيلبرغ

تدور الأحداث في هارلم «جنّة الكوكايين» خلال الثمانينيات

الشهير «اللون الأرجواني» (1985) المأخوذ عن رواية أليس ولكر. مأساة بريشوس ليست إلا نسخة مختلفة من مأساة بطلات «اللون الأرجواني». وهي أيضاً نسخة من حياة مشاهدين يتابعون برنامج أوبرا بشغف. لعلّ أجمل ما في الشريط هو أكثر ما فيه قتامة. إنّه نقله أجواء هارلم أواخر الثمانينيات، حين كان الحي الشهير مسرحاً للجريمة. ذلك قبل أن يتحوّل إلى حي راقٍ يتنافس الأثرياء على السكن فيه، ويختاره بيل كلينتون مقراً لمكتبه. يمكن أن يكون الشريط وثيقة بيد شريحة كبيرة من الشعب الأميركي، تلوم الحكومة على نظام المساعدات الاجتماعيّة الذي يضطرها إلى دفع المزيد من الضرائب. أموال دافعي الضرائب هؤلاء، تذهب لتغطية نفقات المساعدات الاجتماعيّة التي يستفيد منها أناس مثل والدة بريشوس.

هذا النقاش القديم في الولايات المتحدة، يزداد حدة مع كل موسم انتخابي، إذ يقف الديموقراطيون مع زيادة الضرائب بهدف زيادة الخدمات، فيما يتبنّى الجمهوريون تقليص الضرائب وقطع الخدمات عن المحتاجين بحجة أنهم كسالى لا يريدون العمل. هكذا، ينقسم الأميركيون بين داعمين لمساعدة الحكومة أفراداً مثل بريشوس، وآخرين يعتقدون أنّ على حكومتهم الاهتمام فقط بقضايا الدفاع والسياسية الخارجيّة.

الأخبار اللبنانية في

14/06/2010

 

«ابن بابل» عاد إلى «سميراميس»

بغداد ـــ حسام السراي 

في لحظات نادرة من يوميّات العراق التي لا تحمل أنباءً سارة، توافد البغداديون على «صالة سميراميس» لمشاهدة فيلم «ابن بابل» لمحمد الدراجي. إنّها المرّة الأولى منذ نهاية التسعينيات وأعوام الحصار، مروراً بالحرب الأخيرة، التي يشاهد الجمهور العراقيّ فيلماً عراقيّاً في صالة عرض عراقيّة، كانت مهجورة قبل أن تعيد إحياءها مجموعة شباب، مع بقاء بعض المشاكل المتعلّقة بعدم صلاحية الصوت والشاشة.

««ابن بابل» هو كلّ أولئك الذين اشتغلوا في الفيلم وشاهدوه، إنّهم جميعاً أبناء لمركز الحضارة العراقيّة» هكذا فسّر الدراجي عنوان فيلمه خلال كلمة ألقاها أمام الجمهور، ولم تخلُ من الخيبة من معظم سياسيّي العراق. إذ جال السينمائي البلاد طولاً وعرضاً، مناشداً المسؤولين دعم مشروعه ماديّاً. وحين خاب ظنّه، شدّ رحاله إلى أوروبا ليحقق ثاني أفلامه بعد باكورته «أحلام».

«ابن بابل» الذي كتب نصّه السيناريست مثال غازي، ومثّل فيه كلّ من: شازادة حسين، وياسر طالب وبشير الماجد، يحكي قصة امراة عراقيّة فقدت ابنها الضابط في الجيش العراقيّ الذي سيق إلى حرب الخليج الثانية، ليلفّه الغياب بعد اعتقاله في أحداث 1991. وبعد ثلاثة أسابيع على الاجتياح الأميركيّ لبغداد في 2003، تسمع الأم أنّ بعض المعتقلين وجدوا أحياءً في الناصرية (جنوب العراق). هكذا، تخوض رحلة من جبال كردستان إلى الناصرية، مروراً ببغداد وبابل، ومعها حفيدها الذي لم ير والده منذ ولادته أي قبل 12 سنة. وتقودهما رحلة البحث هذه، إلى رؤية الجنائن المعلّقة في بابل. في فيلمه، يوازن الدراجي بين حكايتين: المقابر الجماعيّة في الماضي العراقيّ والتصالح والتسامح في الحاضر.

فيلم محمد الدراجي عن المقابر الجماعيّة والتصالح الوطني

الناقد السينمائيّ علي حمود الحسن أشار إلى أنّ «محمد الدراجي قدّم فكرة مؤثرة ومدهشة تعاطف معها الجمهور، لكنّه لم يوصل شفرات التسامح والمصالحة والمكاشفة بين أبناء الشعب العراقي إيصالاً مقنعاً»، ويوضح «توظيف أفكار هذه الشفرات دفع ثمنه الدراجي باهضاً من جماليّة الفيلم، كونها أتت بطريقة تقريريّة ومقحمة».

إلا أنّ ما يشفع للدراجي بحسب الحسن أنّه «نجح في التعويض عن هذه التقريريّة بالسيطرة المباشرة على الممثلين شازادة حسين وياسر طالب، بمساعدة مدير تصويره الذكي الذي قدّم لقطات مذهلة لهذه المرأة ووجهها وحزنها المهيب».

ويكمل الحسن: «نجح الدراجي أيضاً في أن يلعب على المشاعر الإنسانيّة بتقديم مشاهد لا تنسى، مثل تخيّل الجدة للقاء المحتمل بين الأب وابنه كأنّها متيقنة من ذلك، فتطلب من حفيدها أن يغيّر ملابسه ويمشّط شعره». الناقد علي حمود الحسن يرى في «ابن بابل» عموماً «ما يكسر الرتابة من اللقطات الطويلة عبر حوار مقتصد فيه مسحة كوميديّة. وهذا ما جعل سينما «سميراميس» تستعيد غوايتها التي افتقدناها منذ افتتاحها عام 1965».

الأخبار اللبنانية في

14/06/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)