حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ثقافات / سينما

فيلم "كان ياماكان" اطلالة جديدة في صناعة السينما الوثائقية العربية!

صلاح سليمان من ميونيخ

شارك المخرج التونسي هشام بن عمار بفيلمه الوثائقي" كان يا ماكان في هذا الزمان " في مهرجان ميونيخ الخامس والعشرين للافلام الوثائقية في ميونيخ الذي انتهت فعالياته في 12 مايو الحالي، وقد حقق الفيلم نجاحا ملحوظا، اذ ان المخرج التونسي برع في مخاطبة الغرب وجذب انظار المشاهدين الالمان الي العالم العربي وتحديدا تونس من خلال الموسيقي. فالطفل التونسي الموهوب انس الرمضاني برع في العزف علي الة الكمان وعمره لم يتعدي الثانية عشر، واستطاع ان يلتحق باحدي اشهر المدارس الموسيقية في لندن ليتخرج منها مستقبلا في عام 2014 عازفا موسيقيا عالميا.

حاورت ايلاف منتج ومخرج الفيلم هشام بن عمار لتتعرف منه علي حقيقة الفيلم وصناعة الافلام الوثائقية في العالم العربي.

·         متي انتجت الفيلم وما هي قصته؟

هذا الفيلم هو انتاج جديد، انتهيت منه في ديسمبر 2009 يناير 2010، وقصة الفيلم تدور حول الطفل التونسي الموهوب " انس الرمضاني " ابن الثانية عشر وموهبته الفذة في العزف علي الة الكمان، والتي راح والده يعمل علي تدعيمها بقوة من خلال السعي لدي مدرسي الموسيقي العالمية في اوروبا لتعليم ابنه اصول الموسيقي والعزف علي الة الكمان.. وتتوالي احداث الفيلم حتي تجئ اللحظة الحاسمة التي قبلت فيها مدرسة الموسيقي الشهيرة في لندن "يهودي منوين " انس للدراسة فيها، غير ان التمويل المالي وقف حجر عثرة في انضمام الطفل للمدرسة، ولم تفلح محاولات الاب في مخاطبة وزارة الثقافة التونسية التي اهملت الرد علي طلبه، الا ان عدد من رجال الاعمال التونسين اقتنعوا بالصبي الموهب وقاموا بتمويل دراسته.

·         هل شاركت الدولة التونسية في انتاج الفيلم؟

انتجت الفيلم بشكل مستقل لم تشارك فيه لا وزارة ولا سفارة ولا اي مؤسسة، بل هو تمويل خاص مستقل قمت به بنفسي، ذلك انني كنت قد حصلت علي تمويل متأخر لفيلم سابق من وزارة الثقافة التونسية استخدمته في تمويل هذا الفيلم.

واستطيع ان اقول انني انجزت الفيلم بطريقة مستقلة بحته، وانا اعتبره نموذج لاستقلالية السينما، اي السينما التي لاتطلب الدعم الرسمي من مؤسسات الدولة، وعندما تري قصة الفيلم فانك تجد فيه الاكتفاء الذاتي، اي ان الطفل الذي حظي بهذه العبقرية لم يأخذها من عند الدولة التونسية، ثم ان الدعم المالي حصل عليه من المجتمع المدني من مشاركة الناس معا من اجل ان يواصل هذا الطفل النابغ مسيرة التعليم في المدرسة الموسيقية العالمية في لندن، اذن الفيلم فيه تناسق بين القصة التي يرويها واسلوب الانجاز الذي تم به.

·         هل يتكلف الفيلم الوثائقي الكثير من المال، ولماذا لايلقي اهتمام كبير في العالم العربي؟

الفيلم الوثائقي لايستحق التكلفات الباهظة، ونحن نحاول كمخرجين ان نجد طرق انتاج جديدة تجعلنا نخلق ونعطي ونبدع لغة سينمائية جديدة، اي نخرج من الانماط المعروفة لتضامن المنتج مع رأس المال مع الرقابة اي مع مؤسسات الدولة بصفة عامة، وفي هذا الاطار لابد ان نخلق تيار جديد يستفيد من الوسائل الرقمية ويحقق الاكتفاء الذاتي، فيمكن الان لاي انسان ان يستخدم المحمول في التصوير وتركيب الصور ثم البث، اي ان كل واحد منا يستطيع ان يكون تليفزيون علي حاله، وهذه الظاهرة لابد من استغلالها حتي نخلق اخلاقيات للمهنة جديدة، وحتي تكون بديل لتلك التي بها الكثير من العشوائية والسلبية، وفي هذا الاطار اريد ان اؤكد لك انه في غضون الثلاثة سنوات القادمة ستكون نوعية الافلام الوثائقية موجودة علي الساحة العربية بكثرة، ستنتج في كل التليفزيونات العربية.

·         ماذا عن تجربة قناة الجزيرة في انتاج الافلام الوثائقية؟

الجزيرة تقدم افلام وثائقية اخبارية، ونحن نتحدث عن سينما فيها ابداع وفيها مؤلف وليست سينما اخبارية، في الجزيرة ينتجون افلام تليفزيونية بحته وفي قالب خاص يرتبط بالمضمون واسلوب الكتابة والتوقيت وكل شئ، ولكن ليس لهم علاقة بالسينما الابداعية الروائية.

·         منذ متي تعمل كمخرج وماهي ضرورة الفيلم الوثائقي تحديدا؟

اعمل منذ عشرين سنة في انتاج الافلام الوثائقية، كنت قد بدأت بالافلام الروائية، لكن الالتزام والوعي بالفيلم الوثائقي ضروري في بلادنا وله فائدة في المجتمع التونسي في حماية الذاكرة الشعبية للدولة والناس، كما انه يطرح قضايا وتساؤلات عن الواقع وعن مستقبل البلاد، انه بمثابة سلاح لحفظ تاريخ الامة، وأنا اعتبر دوري في المجال الثقافي كمخرج وثائقي هو تسجيل الواقع بالضبط كما الطبيب الذي يعالج كل يوم مريضا، يلزم ايضا ان نقوم بالتسجيل اليومي لواقع الامة، ان الواقع العربي والتونسي لم يصور بعد بالطريقة الذاتية وبالطريقة التي بها حس شاعري، فالتلفزة تصور كل يوم الواقع التونسي او العربي لكن يجب علينا التوثيق بطريقة تخضع لشروط اخري والشروط هذه هي شروط محاكاة الواقع ومتابعة الاحداث بطريقة واسلوب اخر غير الاسلوب الجامد الذي يخضع للشروط الحكومية.

·         هل هناك افلام وثائقية اخرجتها بنفس قوة فيلم كان يامكان؟

نعم اخرجت فيلم لقناة الجزيرة الوثائقية عن مدينة في السنغال اسمها" توبة " وهي تقع في قلب السنغال وهي مدينة اسلامية ومعقل للصوفيين، في شهر رمضان صورت الفيلم هناك عن عادات اهل هذه المدينة التي اسسها شيخ اسمه" احمد بوبامبا" في القرن19 واراد استخدام اسلوبه الصوفي في مواجهة الاستعمار، وكانت تعاليم طريقته الصوفية تتلخص في ثلاثة عوامل مستمدة من الاسلام وهي تقديس العمل، والمعرفة، والسلام، ومن ثم اردنا اخذ هذه القيم الثلاثة التي اراد ان يكرسها الشيخ احمد بوبامبا لنعرف بالاسلام بصفة عامة من خلال الفيلم.

انجزت عدد اخر من الافلام كفيلم عن صيد التونه اي الصيد التقليدي للتونة المملحة في البحر الابيض المتوسط، انجزت ايضا فيلم عن الكافي شنطا اي المقاهي التي تفتح في شهر رمضان في تونس في حي باب سويقة الذي تغير من ناحية الهندسة المعمارية وانجزت فيلم اخر عن الملاكمة اي تاريخ النضا ل الوطني من خلال شخصيات الملاكمين، فقد كانت الملاكمة في تونس ظاهرة اجتماعية وسياسية، كانت الفئات الاجتماعية والدينية تواجه بعضها البعض من خلال الملاكمة، وهذا كان يحقق نوعا من التعايش في المجتمع التونسي.

·         كيف تقيم سوق الافلام الوثائقية في العالم العربي؟

ليس في العالم العربي سوق للفيلم الوثائقي يمكن الاشارة اليها لان مؤسسات السلطة تعرف جيدا ابعاد الفيلم الوثائقي، وهناك تخوفات منه، لان كل فيلم فيه كشف او فيه نقد لرؤيا ذاتية.

·         هل هناك ازمة في السينما العربية؟

نعم هناك ازمة حقيقية، السينما تتطور ودخلت فيها تكنولوجيا جديدة، و طرق جديدة للاستهلاك، وانترنت وستلايت، ونحن كعالم عربي متأخرين في هذه الصناعة، ولم نعد نستطيع ملاحقة هذه التغيرات السريعة في صناعة السينما، من ناحية اخري فان دور السينما في بلادنا تتقلص وتقفل ابوابها وجمهور السينما بدأ يندثر ويهرب الي الانترنت او التلفزة او الي الافلام التي تسوق علي الاسطوانات المدمجة، وهذا يجعل السينمائيين العرب اليوم في حيرة والمستقبل في حيرة ايضا.

salah.soliman@gmx.de

إيلاف في

13/05/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)