حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

النجوم وانا

كويني.. كوكب الغد المشرق

بقلم : إيريس نظمى

التقيت بها امرأة جميلة من الداخل والخارج لأعرف المزيد عن حياتها.. وبدأنا نتبادل الحديث عن رحلة الطفلة ماري وأمها وشقيقتها من لبنان عن طريق البحر.. وذلك بعد رحيل الأب الذي كان يمتلك قطعة أرض في إحدي قري لبنان ويفلحها بنفسه.. لكنه توفي في سن الشباب تاركا طفلتين هند وماري وأمهما.. وكان كل الأقارب قد هاجروا إلي أمريكا.. أما الخالة آسيا التي سبقتهم إلي مصر فأرسلت إلي أختها أم ماري وقالت لها »هاتي الولاد وتعالي.. مصر حلوة وجميلة«.. طبعا لم أدرك كل هذا لأني كنت صغيرة عمري 3 سنوات لكن أمي حكت لنا كل ذلك، وصلنا إلي مصر وأقمنا عند خالتي آسيا. وأدخلونا مدرسة فان سانت دي بول الفرنسية خالتي كانت متزوجة وأنجبت »مني« وزوجها مات فضلت هي وأختها اللي هي أمي.. كنا نعيش سويا في بيت واحد أختين وثلاث بنات. وجابوا لنا مدرس عربي..«

أما بالنسبة لاسم ماري فان اسمها الحقيقي ماري بطرس يونس.. ولدت في إحدي قري لبنان طفلة رائعة الجمال لدرجة أن أحد أصدقاء العائلة العائد من الخارج أطلق عليها اسم كوين علي اسم ملكة انجلترا.. ثم تحرف الاسم بعد ذلك ليصبح »كويني« ومعناه كوكب الغد المشرق وأصبح هذا اسمها الفني.
وفي أحد الأيام رآها المخرج والمؤلف والممثل أحمد جلال وأعجب بها وكان عمرها
12عاما.. وبدأ يكتب أدوارا خصيصا لها.. وتكررت اللقاءات من خلال العمل علي مدي سنوات اكتشف فيها الموهبة والجمال والحضور علي الشاشة.. وكانت السينما لا تزال في عامها السادس.

وفي فيلم »عندما تحب المرأة« كانت البطولة لآسيا أما ماري كويني فكانت تقوم بدور مواز لها فصله عليها أحمد جلال.. فآسيا هي المحبة الولهانة.. أما ماري فكانت تقوم أمامها بدور الخطيبة البريئة المحبة الساذجة.

< < <

بدأ ثلاثتهم آسيا وأحمد جلال وماري كويني يكونون جبهة فنية في الوسط الفني تحقق أفلاما ناجحة، وكانت المفاجأة حينما تقدم أحمد جلال لخطبة ماري كويني.. وكان الشائع وقتها أنه يحب وسيتزوج آسيا.. وكانت الموافقة من ماري والخالة والأم.. لكن جلال يكبرها بأكثر من عشرين عاما كما أن ماري مسيحية وهو مسلم، ولكن مثل هذا الزواج طبيعي في لبنان، قدم لها جلال أول بطولة مطلقة لفيلم »فتاة متمردة« الذي لم تمثل فيه آسيا واكتفت  بالإنتاج فقد رفضت أن تكون أما لماري كويني.. وحققت ماري نجاحا كبيرا علي الشاشة وفي الحياة.

وبعد أن كان الثلاثة يعملون معا في شركة آسيا تفاجأ ماري كويني وأحمد جلال بأن آسيا نقضت الاتفاق الذي بمقتضاه تحصل ماري وأحمد علي نصف الإيراد مقابل التأليف والتمثيل والإخراج.. أما آسيا فتحصل علي النصف الآخر.. فغضبت ماري وأحمد جلال.. ودفعهما هذا الغضب إلي تكوين شركة مستقلة بهما. وكان عندهما قطعة أرض في الحدائق فبنيا عليها استوديو.. وولد ستوديو أحمد جلال، ونجحت الشركة نجاحا كبيرا رغم قيام الحرب العالمية الثانية وقلة موارد البناء.. وكان بناء الاستوديو عبئا ثقيلا عليهما.. خاصة أن جلال كان يدخن السجائر بشراهة رغم نصيحة الأطباء.. فبنوا بيتا بنفس الاستوديو لأنه لم يكن يستطيع أن يتحمل صعود السلالم إلي الدور الرابع.. في نفس الوقت أخرج لها جلال أفلام »فتاة متمردة« و»رباب« و»ماجدة« وأم السعد »وعودة الغائب« و»كانت ملاكا« وبعد وفاته مثلت »السجينة رقم 17« و»الزوجة السابعة« و»إلهام«.. و»نساء بلا رجال«.. هذه المجموعة تعد من العلامات المميزة في السينما المصرية.

< < <

تقول ماري: وفي صيف عام 1947 كان القدر يحمل لنا مفاجأة مروعة.. كنا في لبنان جلال ونادر وكان لا يزال طفلا وأنا طلبا للراحة.. وفي قرية رمانا يسقط جلال بعد أن كان يعالج من الشلل.. يسقط فجأة في الحديقة وهو يتمشي ميتا بالسكتة القلبية.. »اسودت الدنيا في عيني.. وحزنت حزنا عميقا.. فقد فقدت نصفي الآخر الزوج والصديق والحبيب والمعلم وأبو ابني الوحيد الذي لم يكن يدرك في ذلك الوقت حجم المصيبة«.

كانت ماري قد جاوزت الثلاثين أو أقل.. لم تتزوج رغم تقدم الكثيرين للزواج منها.. عاشت كراهبة لتكرس حياتها للسينما ولابنها نادر«. وظلت وفية لزوجها.

< < <

لم يكن الاستوديو قد اكتمل تماما.. كنت أتمشي فيه حتي الثالثة صباحا وأقول لنفسي.. هل أستطيع أن أكمل كل هذا وشجعتني خالتي آسيا وقالت إنها ممكن أن تساعدني.. ولكن بالكفاح وحدي أكملت الاستوديو الذي أممته الدولة وتركته خرابة.. أما الأفلام التي أنتجتها أصبحت بودرة حينما خزنتها في البدروم بسبب الحرب.. فأغرقتها مياه الفيضان ونجا بعضها فالمفروض أنها كان يجب أن تحزن في ثلاجة.. بدأت الجرائد تكتب من سيخلف أحمد جلال؟.. رغم أنهم من أصدقائي وطلبت من أخبار اليوم أن تكتب »محدش سيدير الاستوديو سوي ماري كويني«

< < <

أعطوني فرصة ستة أشهر لكي أغادر الاستوديو والبيت الملحق به ورأيت أمامي العمال وهم ينقلون المعدات التي وزعوها علي الاستوديوهات.. انتزعوا مني أحد أبنائي وهو »الاستوديو«. وأذكر أن المذيعة سلوي حجازي ـ الله يرحمها ـ تركت في نفسي أثرا كبيرا.. حينما طلبت مني أن أذهب للاستوديو أثناء نقل المعدات.. قالت لي سلوي تعالي ستوديو جلال عشان نسجل معاكي.. قلت أبدا أزاي آجي وأشوف الاستوديو وهم يخربونه. وضعت سلوي كرسي وسلطت عليه الأضواء وهو فارغ وظلت نصف ساعة تتحدث عني.. »كان المفروض أن تجلس هنا السيدة ماري كويني صاحبة ستوديو جلال لكن مع الأسف أعصابها لم تسمح لها بالحضور ولكن أنا سأتكلم عنها«.. حينما رأيت البرنامج اتربط لساني ولم أنطق.

< < <

تفرغت بعد ذلك لابني نادر جلال الذي شجعته بعد أن عمل مساعد مخرج 15 سنة ويئس وكان يريد السفر إلي أوربا وفي عام 1969 صورنا فيلم »أرزاق يادنيا« و»جزيرة الشيطان« مع سعيد شيمي، وفيلم »بدور« الذي كرمني فيه المركز الكاثوليكي وكان العمال موجودين. ولو عندي فلوس كنت أنتجت لنادر ابني أفلاما فأنا افتخر به، علمته في أعظم المدارس والتحق بكلية التجارة وفي نفس الوقت بمعهد السينما وكان الأول علي دفعته. ودلوقتي كمخرج الحمد لله ربنا يوسع رزقه ويخلي له ولاده وتتنهد »أنا تعبت من الكلام«.

آخر ساعة المصرية في

27/04/2010

 

السينما .. والحرام

باريس: نعمة الله حسين

الضحايا مقهورون من الاعتداءات التي تتم عليهم.. غير قادرين علي الاعتراف بها.. فلا بلاغ للسلطات أو الهيئات .. ومما يزيد الأمر سوءا وتعقيدا أن هناك دائما »أما« حرمت من كل غرائز الأمومة  في الدفاع عن أطفالها وشاركت في هذه الجرائم تحت بند »الخوف« والفضيحة.. بالصمت التام. الذي يساوي في كل الأحوال فعل »الاغتصاب«.. وهي قضية شديدة الخطورة باتت تشغل العالم حقا.. والغريب أنه تتشارك فيها الطبقات الشديدة الفقر.. والشديدة الثراء.

إن هذه القضية التي نرفض كثيرا الحديث عنها ونفضل أن نضع رؤوسنا في الرمال كالنعام عند تناولها .. كانت هي حديث السينما العالمية في الآونة الأخيرة، وذلك في فيلم »ثمين « أو »غالي« .. أو »نفيس« في فيلم لـ »لي دانيال« مأخوذ عن قصة حقيقية وإن كان من يشاهدها من شدة عنفها وغرابتها يعتقد أنها من وحي الخيال وبعيدة عن الواقع.. ومما زاد من روعة الفيلم أنه اختار بطلة قريبة الشبه من الشخصية تقوم بالتمثيل للمرة الأولي في حياتها.. ولا تتمتع بأي ميزة أو مميزات النجوم من حيث جمال الشكل والجسد.. وإن كانت موهبتها في الأداء ترقي إلي كبار نجوم السينما العالمية.. ولذلك لم يكن غريبا أن يثير الاهتمام في أمريكا وفي كل مكان عرض فيه لما امتاز به من جراءة شديدة.

والجدير بالذكر أن الرواية التي كتبتها »سابفاير« عام 96 أثارت اهتمام »مادونا« خاصة أن »برسيوس« وهو اسم بطلة القصة الحقيقية كانت حاملة إيجابية »للإيدز«.. وذلك في بداية الثمانينات.

مخرج الفيلم »لي دانيال« يعتبر هذا الفيلم تجربته الإخراجية الثانية .. قبلها كان اتجه للإنتاج وقدم فيلم »ظلال الكراهية« الذي قامت ببطولته »هالي بيري«.

وقد شجع معظم نجوم هوليوود والشخصيات العامة في أمريكا خاصة السود في الدعاية للفيلم والحديث عنه وعن القضية شديدة الحساسية التي يثيرها خاصة »أوبرا وينفري« والتي تعد في الواقع إحدي ضحايا زني المحارم.

ويقول  مخرج الفيلم »لي دانيال« إنه تم اختيار بطلته من بين أربعمائة وخمسين فتاة.. وعودة للفيلم أو القصة الحقيقية نعلم أن »برسيوس« أو الغالية وهي فتاة سوداء بدينة للغاية تتعرض للاعتداء الجنسي من والدها والضرب المبرح من والدتها التي تشعر بالغيرة منها لأن الزوج يفضل معاشرتها عنها.. وقد أنجبت منه »ابنا« يعيش مع الجدة  لكن الأم تقول إنها ترعاه وذلك لتحصل علي نقود الإعاشة، وعندما تحمل »برسيوس« في الطفل الثاني.. يتم طردها من المدرسة الثانوية فعمرها لايتجاوز السادسة عشرة وينصح بوضعها في أحد الفصول الخاصة وأن تتتبع حالتها إخصائية اجتماعية لنعرف بعد ذلك أن والدها كان يعبث بجسدها منذ كانت صغيرة في الثالثة من عمرها وسط صمت مطبق من الأم.. وهذه جريمة أخري أكثر بشاعة لاتقل عن جرائم الاعتداء والاغتصاب.. وإذا كانت »برسيوس« بمساعدة  الإخصائية النفسية والجهات المعنية بهذه الأمور استطاعت أن تضم طفليها إليها إلا أن المأساة كانت في كونها حاملة لفيروس الإيدز الذي انتقل لها بالعدوي عن طريق الأب.

لقد عاشت هذه الفتاة ضحية وهكذا أيضا ستموت .. والجاني »أب« أفقدته الخمر والمخدرات إنسانيته ومشاعره الطبيعية.. وفجرت فيه الشهوات الحسية المريضة .. وساعده في ذلك صمت »أم« مطبق علي مالايجب أن تصمت عليه.. ولذلك كان طبيعيا أن يهدي لي دانيال فيلمه إلي كل »برسيوس« في العالم الذي نعيش فيه .. وللأسف الشديد ما أكثرهن.

آخر ساعة المصرية في

27/04/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)