حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

أكثر من مائة عمل تسجيلي ما بين طويل وقصير ومتوسط عرضت خلال الدورة السادسة من هذا المهرجان.. وأقول عملاً وليس فيلماً علي اعتبار أن هناك إشكالية كبيرة في مجال الأفلام التسجيلية حول دلالة المصطلح وتعريفه وصفاته وما غير ذلك من الاصطلاحات أنا عن نفسي لدي مشكلة في الوقوف علي الفرق بين الفيلم التسجيلي والريبورتاج التليفزيوني والذي يعتبر بعد كاميرات الديجيتال والهايديفينيشن والريد هو الشكل المسيطر علي إنتاج المادة التسجيلية وعرضها وتسويقها وإحداث التأثير بها.. فقد شاهدت مثلا هذا العام العديد من المواد الفيلمية الدعائية التي تدخل تحت بند الإعلانات المصنوعة بأغراض خيرية أو إنسانية، وهي شكل مختلف تماماً عن الفيلم التسجيلي أو حتي عن الريبورتاج التليفزيوني، وأتصور أن هذا النوع من المواد الفيلمية يجب أن يكون له قسم خاص في مهرجانات الأفلام التسجيلية ويجب ألا يأخذ من نصيب مواد أخري يمكن أن تكون أكثر قرباً من روح وشكل أو غرض الفيلم التسجيلي.. ولكن مع الأخذ في الاعتبار أن شعار هذه الدورة هو تلك الكلمة الرهيبة ذات العيار الثقيل سمعياً وايحائياً (حرية) فلا يمكن إذن إلا أن ندع تلك الكلمة تقودنا للمشاهدة والتفاعل مع كل التجارب التي أخذت حريتها(علي الآخر)سواء علي مستوي الفكرة أو الشكل أو المضمون أو محاولة البحث فلقد شاهدت مثلاً فيلماً روسياً عن فكرة جهنم - بعد أن كانت روسيا هي رأس الفكر الإلحادي في العالم - وبالتحديد الجحيم في الديانات السماوية والوضعية، وفيلماً آخر عبارة عن لقاء طويل مع ابنة الديكتاتوري الروسي ستالين التي عثر عليها في أحد بيوت المسنين، بينما يتم إعادة تمثيل ذكرياتها عن والدها وحياتها في الكرملين.وإعادة بناء المشاهد أو المادة المروية أو المكتوبة تمثيلياً هو أسلوب اعتمدت عليه الكثير من الأفلام فلدينا الفيلم التركي رقصة الحب الذي أعاد تمثيل المادة التاريخية عن مولانا جلال الدين الرومي وعلاقته بشمس التبريزي.. أما المشاركة المصرية فهي ككل دورة تأتي متنوعة وجدلية فلدينا المخرج د. محمد كامل القليوبي في لجنة التحكيم ولدينا ما لا يقل عن خمسة مخرجين مصريين ما بين المستقل والحكومي والإنتاج الخاص غير المصري وأقول جدلية، لأنها تمثل نفس القضية التي أشرنا إليها في بداية الحديث حيث تشارك مصر مثلا بحلقة تليفزيونية للمخرج تامر حنفي بعنوان رسائل الحكمة عن طائفة الدروز شكلاً ومضموناً ماهي إلا حلقة في برنامج وهذا لا يعيبها، لكنه لا يضعها في مصاف فيلم جاهين علي اسم مصر للمخرجين هاني فريد وآدم بهجت وهو رغم تناوله لشخصية قتلت تناولاً في مجال البرامج والأفلام التسجيلية(صلاح جاهين) إلا أن ثمة إمكانيات فنية- ولا أقصد تقنية- ورؤية واعدة ربما تظهر بشكل أوضح عند تناول شخصيات طازجة لم نقترب منها من قبل، وهناك مشاركات أخري مثل فيلم المخرج تامر السعيد عن اغتيال بشير الجميل وهو من إنتاج هوت سبوت الإماراتية رغم أن مديريها أسعد طه هو أيضا مصري لكني للأسف لم أتمكن من مشاهدته نتيجة زحمة جدول العروض وتعارض بل وتضارب مواعيدها طوال أيام المهرجان الثلاثة، بل إنني تعجبت لماذا الإصرار علي بدء العروض في اليوم التالي للافتتاح، مما يضغط الوقت، ويضيع يوم بأكمله هو يوم الافتتاح في مراسم تعارف تقليدية وغير مجدية، وكان الأولي مع قلة عدد أيام المهرجان (من 19 إلي 22) أن تبدأ العروض فعلياً يوم 19 وليس يوم 20 .

الدستور المصرية في 22 أبريل 2010

 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

لم أتوقع هذا الكم من التجارب الخليجية التي شاهدتها ضمن فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان الخليج السينمائي..دعكم من أنه من أصل 142 فيلمًا مشاركة في المهرجان هناك 112 تجربة خليجية ما بين روائي طويل وقصير وتسجيلي طويل وقصير وأفلام طلبة.. الكم الذي أقصده ليس كمًا عدديًا ولكن الكم الفعلي أو الكم الكيفي للتجارب..قبل ذهابي إلي المهرجان بأيام كنت ضيفا علي أحد البرامج التليفزيونية وسألتني المذيعة عن معني إقامة مهرجان للسينما في بلاد لا تنتج سينما؟، وقلت لها إن هناك مدنًا كثيرة تقيم مهرجانات وهي غير منتجة للسينما ولكن بالنسبة للخليج فإن مهرجاناته هي في رأيي نوع من تمهيد الأرض لبداية أو انطلاق الإنتاج السينمائي..كانت إجابة دبلوماسية خاصة أنني كنت قد شاهدت عددًا لا بأس به من التجارب الخليجية في السينما القصيرة وأستطيع أن أقول إن لديهم سينما قصيرة لا تقل بأي حال من الأحوال عن السينما القصيرة المصرية سواء التي تنتجها الجهات الرسمية كمعهد السينما والمركز القومي أو التي ينتجها تيار السينما المستقلة.. خاصة مع وجود صعوبات جمة في التمويل السينمائي في الخليج..تصوروا! أن صورة الخليجي الخالد الذي يصرف بالآلاف والتي رسختها لدينا السينما المصرية منذ الثمانينيات وحتي فيلم «كباريه» أو التي قدمتها السينما الأمريكية في شكل دعاية مضادة في بعض الأحيان أو مداعبة سياسية في أحيان أخري هذه الصورة لا نجدها في واقع الحال السينمائي الخليجي! بل إننا أثناء ندوات ليالي الخليج وهي أحد أهم أنشطة المهرجان بالنسبة لي حيث يجتمع النقاد والصحفيون وصناع الأفلام المشاركين كل مساء للحديث عن موضوعات تخص المهرجان والسينما الخليجية كان الهم الأكبر لدي أغلب صناع الأفلام وهم من الشباب الخليجي الطموح والواعد جدا هو التمويل! سواء كان هذا التمويل ماديا أو لوجستيا بلهجة السياسة..أن أغلب الشباب السعودي والإماراتي والبحريني والكويتي والقطري وهي الدول الغنية والتي يصرف بعض أفرادها فقط ملايين الدولارات في أنحاء العالم كل شهر لا يستطيعون تمويل أفلامهم الديجتال القصيرة! فما بالكم بإمكانية إنتاج أو تقديم تجربة طويلة.. صحيح أن مهرجان دبي يقوم بعمل ورشة للسيناريو يتم من خلالها قبول وتطوير أفكار للسيناريو والتي كان نتاجها مثلا فيلم «دار الحي» الإماراتي الذي عرض في الافتتاح، وفيلم «ابن بابل» العراقي لمحمد الدراجي إلا أنه لا تزال هناك مسافة طويلة بين تطوير الأفكار وكتابة السيناريوهات وبين تمويل الأفلام.. شعرت وأنا في تلك الليالي أن حال السينما القصيرة والمستقلة في مصر ربما كان أفضل ماديا وتمويليا من السينما الخليجية الوليدة خاصة أن الانطباع المأخوذ عند الجميع هو الانطباع نفسه الذي كان لدي صديقتي المذيعة الجميلة عندما قالت لي: هو فيه سينما في الخليج أساسا! وها أنا عائد من المهرجان لأقول للجميع نعم هناك سينما خليجية ظهرت وسوف تستمر.

الدستور المصرية في 19 أبريل 2010

 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

أستاذ رامي حضرتك مدعو لحضور عرض خاص لمسلسل "عرض خاص"!

ضحكت لكن تحمست..ثم تعجبت حينما أكملت: ده أول مسلسل للمخرج هادي الباجوري وإنتاجه مع أسامة محمد ولأول مرة بيتعمل عرض خاص لمسلسل في السينما، لأنه لأول مرة يتم تصوير مسلسل بالكامل سينمائيا! من هنا كان التعجب حقيقة، لأن التليفزيون المصري طالما صور عشرات المسلسلات في بدايته علي خام سينما وبكاميرات سينما وبتكنيك سينما لكن ما علينا..ذهبت لحضور العرض الخاص (الحدث والمسلسل) واكتشفت أن صناع العمل أو أصحاب المنشور الدعائي مولعون بأوائل الأشياء، فلأول مرة في الشرق الأوسط ولأول مرة في الدراما العربية ولأول مرة في مصر رغم أنه لا شيء مما قالوه تقريباً يحسب لأول مرة وهو نوع مستفز وغير ناضج من الدعاية، فمن قال إن أوائل الأشياء أو الأعمال أجودها أو أقيمها؟ أهي نوع من تقديم تبريرات مستقبلية في حين ظهر العمل بشكل غير لائق وحينئذ يقولون نأسف لهذا الخطأ أو ذاك ولكنها أول مرة يا جماعة اعذرونا..أضف إلي هذا الاستخدام الغير لائق لمصطلح الشرق الأوسط وهو اصطلاح سياسي وليس جغرافياً ابتكرته العقلية الأمريكية كنوع من إيجاد موقع من الأعراب لإسرائيل داخل المنطقة العربية واستخدامه بحسن نية يعني أن مسلسل «عرض خاص» يدخل في مقارنة ليس فقط مع المسلسلات العربية ولكن الإسرائيلية أيضاً ولكن مرة أخري ما علينا! فكرة المسلسل تقوم علي تتبع حياة خمس شخصيات من الشباب الذي يريد أو يهوي التمثيل من خلال دراما هي خليط من الخيال وتليفزيون الواقع، والفكرة هي أجود عناصر هذا العمل لكنها للأسف، وكما ذكر المنشور الدعائي وكما أظهر التريلر الخاص بالمسلسل، بل المقدمة تتمحور حول حلم الشهرة والنجومية دون الحديث عن الفن الذي من المفترض أن الموهبة له والإخلاص له والسعي في رحلته هو السبب الأساسي أو المنطقي أو الأخلاقي وراء الشهرة والنجومية وإلا أصبحت المسألة مجرد مطمع مادي..صحيح أن أبطال العمل من الوجوه الجديدة تحدثوا خلال جمل الحوار الإداري الكثيرة في المشاهد عن حبهم للتمثيل ورغبتهم فيه إلا أن د.عزت أبو عوف وهو «الفنان المثقف» صاحب إحدي الورش الخاصة بالتمثيل كما وصفته الدعاية وكما ظهر في الأحداث يقول لهم : إللي عايز يبقي نجم يسلم لي نفسه..ولم يقل مثلا اللي عايز يبقي فنان أو اللي نفسه يمثل، لكنه تحدث عن الهدف الأساسي من وراء صناعة العمل النجومية، وهي نفس الوتر التي تلعب عليه برامج مثل ستار أكاديمي وغيرها. أن الأكلشيه المعروف بمداعبة الغرائز يفسره الناس دوما علي انه لعب علي وتر الجنس مثلاً لكن هناك غرائز أخري بدأت صناعة الإعلام تدرك قيمة مغازلتها واستثارتها مثل الشهرة والنجومية، وبالطبع في محاولة ذكية لتسويق المسلسل أقنع الباجوري عدداً لا بأس به من «النجوم» بالمشاركة في الأحداث كضيوف شرف كما رأينا هند صبري في خمس دقائق ترويجية خفيفة لإقناع المعلنين أن المسألة ليست مغامرة، ولكنه مشروع مدروس وبالمناسبة أنا لست ضد هذا الفكر ولكني ضد التركيز علي شهوة النجومية والشهرة كزاوية لمعالجة الأحداث، وقديما قال يوسف شاهين في حدوتة مصرية ما معناه: (إن كلمة النجوم تساوي كلمة الأشياء.. تشتريها تستعملها ثم تلقيها).

الدستور المصرية في 9 أبريل 2010

 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

دعونا نري نموذجًا لتعامل الدولة مع المخرجين من خلال أسطورة «الدعم» التي خرجت علينا منذ أعوام من خلال أزمة المخرج أحمد عاطف الذي استيقظت وزارة الثقافة فجأة علي أنه لم يتلق مبلغ الـ 400 ألف جنيه التي من المفترض أنها ميزانية فيلمه «سلطان العاشقين» سيناريو ناصر عبدالرحمن والذي حصل علي منحة الوزارة عام70 ضمن مشروع دعم السينما. أعلم جيدا أن تلك الموضوعات يراها البعض متخصصة قد لا تهم القارئ العادي ولكنني في الحقيقة أجد في هذه الأزمات فرصة لتوسيع أفق التعاطي مع القراء فالذي يتساءل عن سر الأزمة السرمدية التي تعاني منها السينما المصرية أو يتعجب من غياب دور الدولة في محاولة النهوض بالإنتاج السينمائي عليه أن يتعرف علي بعض المشاكل التي يواجهها من تغريهم الدولة بجزرة الدعم ثم لا يجدون في النهاية سوي عصا التجاهل الغليظة التي تعاقبهم علي مجرد التفكير في الحصول علي أي مساعدة! تصوروا أن عاطف قدم ميزانية لفيلمه مليون جنيه وهي ميزانية تعتبر متواضعة بالنسبة لفيلم روائي طويل، فإذا بلجنة الدعم تقرر تخفيضها إلي 400 ألف فقط، يعني أقل من نصف الميزانية ودون أن تحتوي تلك اللجنة - وهذا هو المحير - علي مدير إنتاج متخصص لديه القدرة علي فهم وتقييم ميزانيات الأفلام المقدمة وبالتالي البت في مسألة زيادة مبلغ الدعم أو تخفيضه أو حتي إلغائه. إنه أمر ملتبس أن يتولي التقييم المالي أشخاص لهم خبرات فنية مهمتهم الحكم علي قيمة الأعمال المقدمة لكن عند الحديث عن الفلوس في مصر فإن العيش لا يذهب أبدا إلي خبازه! الغريب أن أحمد وافق منذ أسبوع واحد - وهو أسبوع استيقاظ الوزارة - علي أن يقوم بتلقي هذا المبلغ رغم ضآلته علي أن يحاول تغطية بقية الميزانية بتدابير إنتاجية وفنية كان أهمها تكثيف السيناريو وضغط وقته.. ثم بدأ فورا في الإعداد للتصوير بل عزم أن يسلمه في شهر واحد وهي مدة خرافية بالطبع ولكن رغبة منه في إنجاز المشروع المعلق قرر خوض المغامرة مدفوعا بحماس وطاقة للعمل وتحد حقيقي لكل المعوقات وعلي رأسها ضيق الوقت، وبعد عشرة أيام من الاتصالات والتحضيرات اكتشف أن أحدا في الوزارة لم يتصل به بخصوص توقيع عقد الفيلم واستلام الدفعات الأولي من مبلغ الدعم وعندما توجه بالسؤال إلي المسئولين - علي غرار برنامج همسة عتاب - كان الرد أن منصب المستشار المالي الذي من المفترض أن يوقع لصرف دفعات المبالغ الإنتاجية خال في الفترة الحالية نظرا لبلوغ الأستاذ علي أبو شادي سن المعاش وعدم وجود من يشغل المنصب بعده وبالتالي لا يمكن أن تصرف الوزارة مليما من المبلغ المستحق لأحمد لكي يبدأ تنفيذ فيلمه.. تصوروا ما هي علامة الترقيم المناسبة بعد كتابة جملة كهذه أهي علامة استفهام أم تعجب أم يجب أن نخترع علامة ترقيم تعبر عن لفظ أو إيحاء ربما يكون سوقيًا بعض الشيء لكنه بلا شك سيكون معبرًا عما نراه في بلدنا هذا. المهم أن المشروع بعد أن بعث من الرماد عاد فأصيب بالشلل وتوقف مبدئيا لشهرين.. أليس هذا أمرًا محبطًا وغير منصف وقاتمًا؟! للأسف لا توجد حاليا سوي علامة التعجب الفقيرة التي ما عادت تحتمل أن تكتب عقب كل جملة أو تعليق ولكننا مضطرون إلي اللجوء إليها حتي إشعار آخر من اللغة أو الدولة.

الدستور المصرية في 1 أبريل 2010

 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

ذهبت لمشاهدة فيلم «أليس في بلاد العجائب» فوجدت سعر التذكرة ارتفع إلي 40 جنيهًا كاملة تصوروا!! وبدون النظارة التي أصبح ثمنها الآن 10 جنيهات فقط دون ذلك التمييز الذي كان يفرق بين سعر الورق والبلاستيك! بصراحة فوجئت وانزعجت جدا..بالنسبة لي لا توجد مشكلة في ثمن التذكرة فأنا أكتب عن الأفلام وتلك هي مهنتي التي أتقاضي عليها أجرًا ولكنني انزعجت لشعوري بأن هذا الارتفاع هو مبالغة تجارية من شأنها تقليل فرص الإقبال علي مشاهدة أفلام الـ D3! قالت لي الفتاة التي تجلس خلف الشباك : تذكرة الفيلم الـ D3 بـ40 جنيهًا.. والنظارة بـ 10. كانت هي الفتاة نفسها التي قالت لي في نوفمبر الماضي: التذكرة بـ 15 جنيهًا والنظارة الورق بـ10 والبلاستيك بـ 15. كان ذلك عند ذهابي لمشاهدة فيلم كريسماس كارول أول أفلام موجة الـ D3 في مصر والتي بدأت تجتاح العالم منطلقة من أمريكا وذلك تزامنًا مع الأزمة المالية العالمية وبالرغم منها! كانت الأفلام تعرض بسعر التذكرة العادية وهي 15 في الفترة الصباحية و30 في حفلات الثالثة وما بعدها وكان «البيزنس» كله مركزًا علي النظارات حيث أعلنت الشركة الموزعة أن النظارة مجانا في البداية ثم تبين أنها تباع بالسعر الذي ذكرناه فيما عدا سينما هيلتون رمسيس التي تعطيك النظارة بالبطاقة ثم تسلمها لهم وتستلم بطاقتك وأنت خارج من الفيلم وهي مجانية مقبولة علي كل حال لكنها لا تعني أن تقوم حملة دعايةالـ D3 عليها! ثم بمجرد عرض فيلم «أفاتار» ومع الإقبال الكبير عليه بدأ الجمهور يدرك أنه يجب أن يحتفظ بالنظارة بدلاً من أن يقوم كل مرة بدفع 15 جنيهًا ثمنا لها خصوصًا مع الدعاية المكثفة عالميًا ومحليًا والتي جعلت الجمهور يدرك أن هناك سيلاً من أفلام الـ D3 في الطريق إلي شاشات العرض بمعدل فيلم كل شهر. ومن هنا يمكن أن نتصور تراجع مبيعات «بيزنس النظارات» وبالتالي العودة إلي سعر التذكرة العادية وهو ما من شأنه أن يجعل الإقبال معقولاً طالما أن الجمهور تعود علي سعر السينمات الجديد الذي بدأ تطبيقه منذ حوالي العامين بزيادة خمسة جنيهات عن الأعوام السابقة. ولكن وخلافا لكل ما قالته الشركة الموزعة عن سعر التذكرة العادية والنظارة المجانية ارتفع سعر تذكرة الأفلام الـ D3 عشرة جنيهات كاملة مع نزول فيلم «أليس في بلاد العجائب» وهو ما انعكس بالتالي وبشكل مباشر علي أعداد الجمهور في صالة العرض حيث أصبحت تذكرة السينما لمن لا يملكون النظارة 50 جنيهًا وبما أن الأفلام الثلاثية الأبعاد هي أفلام خيالية وأغلبها يصنف لكل أفراد الأسرة فلنا أن نتخيل أن أسرة من أربعة أفراد سوف تتكلف 200 جنيه في خروجة السينما أو 160 جنيهًا في حال وجود أربع نظارات لديها والمريب في الأمر هو تثبيت سعر النظارة وبيعها بالحد الأدني طالما أصبحت اختيارية وغير مرغوب فيها ورفع سعر التذكرة إجباريًا بما لا يدع مجالا للشك أن المسألة محاولة للتربح بشكل مبالغ فيه.. بل لقد تجاوز الأمر «سلعنة السينما» (أي تحويلها إلي سلعة إذا جاز الاشتقاق) إلي الوصول بها إلي حد السعر السياحي أي أصبح لدينا تذكرة سينما سياحية تمامًا مثلما ارتفعت أسعار الكتب في السنوات الأخيرة علي يد مجموعة دور النشر الخاصة ليتجاوز ثمن الكتاب «ثلاثين وأربعين» جنيها للكتاب المحليين وفي الطبعة المحلية ودون وجود أي طبعات شعبية بأسعار أقل ولم يعد هناك سوي مشروع مكتبة الأسرة هو الذي يبيع الكتب بسعر رخيص وبما أنه ليس لدينا «سينما الأسرة» كمشروع حكومي علي غرار مكتبة الأسرة فمن الطبيعي أن يقفز سعر تذكرة السينما إلي هذا الحد المخجل والذي يشي برغبة في إحداث فارق طبقي بين القادرين علي الدفع والمشاهدة وبين غير القادرين بل ضم السينما إلي باقة الثقافة السياحية التي تجتاح بلدنا المخروب أساسا.. ادفع لتقرأ وادفع لتشاهد وبعدها ربما يقولون لك ادفع لتتكلم.

الدستور المصرية في 25 مارس 2010

 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

أعادت لي انتخابات تجديد ثلث مجلس جمعية كتاب ونقاد السينما ذكريات كثيرة تخص هذا المكان الذي «تربيت فيه»، وتعبير «تربيت فيه» هو تعبير حقيقي جداً، فلقد ذهبت إلي تلك الجمعية الكائنة في 9 شارع عرابي لأول مرة عام 2001، وكان يرأسها وقتها الأستاذ محمد صالح حيث كانت تنظم دورات كتابة السيناريو ونقد سينمائي..كان ذلك قبل أن تتحول مسألة دورات النقد والسيناريو إلي بيزنس أو شو إعلاني، خصوصاً مع دخول تخصصات أخري كالتمثيل والتصوير والمونتاج وأصبح كل من هب ودب عنده ورشة تعليم «فن» إن كان هناك ما يسمي بتعليم الفن ! أما في ذلك الزمن الآخر أعطتنا الجمعية فرصة الجلوس أمام أساتذة كبار..وعندما قلت في البداية إنني تربيت فيها قصدت تربيت فنياً ونمت ذائقتي من خلال محاضرات الدورات الفنية، بل إن أول مقال نقدي كتبته في حياتي كان في إحدي هذه الدورات وبالتحديد في محاضرة د.رفيق الصبان وكان بعنوان «المهمشون وسيكولوجية الحوار بين الطبقات.. قراءة في فيلم المنسي» وكان ثاني مقال هو «هبوط في منحني الجرس.. قراءة في فيلم رشة جريئة» وكان ذلك في محاضرة طارق الشناوي.. أجل طارق الشناوي ود. نبيل راغب الذي كان عميداً لمعهد النقد الفني وقتها والأستاذ فتحي العشري الذي كان رئيساً لصفحة السينما بالأهرام..هذه هي الاسماء التي تمكنت من خلال الجمعية من الجلوس أمامها وتلقي مبادئ التذوق النقدي والخبرات العملية والحياتية، أما في السيناريو فلقد منحتني الجمعية أهم علاقة في تاريخ حياتي المهنية والشخصية وهي علاقة التلمذة والصداقة التي كانت ولا تزال تربطني بأستاذي محفوظ عبد الرحمن حيث كان يقوم بتدريس مبادئ السيناريو من خلال محاضرات شيقة وممتعة فنياً وحياتياً..إلي جانب محمود أبو زيد ومصطفي محرم الذي كان أول من دلني علي كتاب «فن كتابة المسرحية» وهو أحد أهم مراجع الكتابة الدرامية، وكانت مكتبة الأسرة قد أصدرت وقتها طبعة جديدة منه لا يزال محتفظاً بها كمرجع لا غني عنه لأي متذوق فني أو متخصص درامي..وما بين أيام الدورات كان الذهاب إلي الجمعية يعني أن هناك ندوة جديدة ربما نلتقي فيها بأسامة أنور عكاشة أو وحيد حامد أو نشاهد فيلم «لي لي» في حضور مخرجه وأبطاله ونشتبك معهم..ولكم أن تتصوروا أن الكثير من مرتادي تلك الندوات والدورات لم يكونوا متخصصين أو ينوون التخصص في الكتابة النقدية أو الدرامية بل كان بعضهم يريد فقط أن يلم بالمبادئ ليتذوق ويستمتع وهي أحد الأشياء التي رسبت في تكويني فيما بعد فكرة التذوق الفني القائم علي الإلمام بالقواعد والعناصر الأولية للدراما والتي تتيح للجمهور العادي أن يرتقي بمستوي ما يقدم له من خلال الفرز الوجداني المبسط للغث والسمين..كانت الجمعية وقتها في فترة مزدهرة قبل أن تدخل في غياهب من المشاحنات والقضايا والضديات التي جعلتنا «أنا وجيلي» نهرب خوفاً من أن نشاهد من الرموز والأيقونات التي كنا نقدسها ما لا نحب أن نراه أو نعرفه، ومرت سنوات لم أذهب فيها إلي الجمعية وكنت التقي زميلتي المخرجة آيتين أمين وأقول لها: فاكرة أيام الدورات في الجمعية، فتضحك وتقول: كانت أيام..شعرت حينها بأننا عجزنا ليس لكبر السن أو لبعد المسافة في الوقت ولكن لأن أشياء كثيرة تغيرت ولم تعد موجودة..الآن عندما يتصل بي شاب من هواة الكتابة النقدية أو الدرامية لا أجد ما أدله عليه سوي الكتب!صحيح أن هناك عشرات الأماكن التي تقدم دورات من أول السيناريو حتي التطريز لكن ليست مثل هذه الأماكن التي تربينا فيها.. ليست مثلها أبداً.

الدستور المصرية في 18 مارس 2010

 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

التقيت مرة أخري الأستاذ سامي السلاموني علي باب أحد سينمات وسط البلد خارجًا من فيلم كلمني شكرًا فسألته علي عجالة:

ما رأيك يا أستاذنا في هذه التجربة الشعبية التي خرجت علينا مؤخرًا من مخرج العشوائيات؟

فأجاب: إن وهم الحوار اللاذع السوقي القبيح ليس هو ضمان النجاح التجاري إلا عند متفرج رخيص.. وليس صحيحًا بالمرة أن الجدية والاحترام يساويان الفشل والجفاف وثقل الدم فالمهم هو موهبة صانعي الأفلام وقدرتهم علي الابتكار كل مرة.

فسألته: طيب ما هي في رأيك أسباب نجاح هذا الفيلم؟

فأجاب: في السينما المصرية من الصعب جدًا أن يدعي أي خبير ماذا ينجح بالضبط وماذا يفشل ولماذا؟ فهناك أفلام جيدة أو حتي معقولة فشلت وأفلام كثيرة رديئة - بل عبيطة - نجحت نجاحًا خرافيًا.

فقلت له: مثل اللمبي واللي بالي بالك!

فأكمل: وهناك ميزانيات طائلة أنفقت علي أفلام ولم يتم استردادها حتي الآن!

فقلت: مثل أفلام جود نيوز الثلاث.

فقال: وهناك أفلام أنتجت بملاليم وحققت أرباحًا طائلة لم يتوقعها حتي صانعوها!

فقلت له: بالضبط ولقد بدأت المرحلة الجديدة في السينما المصرية بفيلم إسماعيلية رايح جاي.

فقال: وهناك نجوم كبيرة هوت لتصعد أسماء غريبة جدًا وتكتسح في كل مجالات السينما وليس التمثيل فقط حتي في الإخراج والسيناريو والإنتاج.

فسألته: وبالنسبة لتأثير الأزمة العالمية في إنتاج السينما المصرية؟

فأجاب: لم يعد أحد يفهم شيئًا سوي اليأس والتشاؤم من جدوي بذل أي مجهود في أي شيء سوي التوليفات المضمونة فإما الضرب غير المعقول ولا المنطقي علي طريقة رامبو وإما كوميديات الرجل الذي يلبس امرأة ومع ذلك يضحك الجميع.

فسألته: وما هي تداعيات هذه المسألة من وجهة نظرك؟وهل يمكن أن يكون لدينا حل محدد؟

فقال: يا عزيزي لا يمكن خوض معركة من أجل السينما دون خوض المعركة الأوسع من أجل المجتمع كله وهذا قد يعتبره البعض لعبا في السياسة بينما هو قتال مستميت من أجل السينما نفسها أولاً.. أقول لك من واقع تجربتي إنه حينما يبدو أن الممثلين لا يفعلون أكثر من أن يهرجوا ويهزلوا فيما يهجامهم النقاد ويترفعون عما يقدمونه فليس هذا إذن إلا تعبيرًا عن واقع نفسي واقتصادي وأحيانًا سياسي يفرز بطبيعته هذا النوع من الهزل.. بل إن انتشار ما سمي أفلام المقاولات لم يكن سوي تعبير عن أزمة حادة لدي المنتجين الذي أغرقوا السوق بهذه الأفلام وتجار يروجون للسلعة التي يدركون بأنوفهم أن السوق بحاجة إليها في ظروف معينة وأن الجمهور الذي يتقبل بالفعل هذه السلعة يريد أن يضحك علي أي شيء وبأي مستوي.

هنا شعرت أني أطلت علي أستاذي وأثقلت عليه فشكرته مستئذنًا ومضيت محاولاً أن أعي واتذكر كل ما قاله لي في هذا اللقاء القصير الممتع.

الدستور المصرية في 11 مارس 2010

 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

نستكمل الحديث عن إعادة إنتاج الأفلام القديمة في شكل مسلسلات درامية.. الغريب في الأمر أن موقف المنتجين متناقض جدا في هذه المسألة مما يعكس غيابًا تامًا لفكرة التيار أو الاتجاه الفني وحضور مستفز ومزعج للفكر التجاري النفعي البحت.. فروايات جميلة مثل نقطة النور وواحة الغروب لبهاء طاهر تم شراء حقوق استغلالها بشرط أن تتحول فقط إلي أفلام ولا يجوز تحويلها إلي أي شكل فني آخر خصوصا المسلسلات، وذلك تجنبا لما حدث من قبل فيما يخص عمارة يعقوبيان! وأنا بصراحة لا أعرف ماذا حدث فيما يخص يعقوبيان؟ فكما قلت في الحديث السابق إن العالم كله يعترف ويقدر فكرة إعادة إنتاج الروايات والأفكار والشخصيات طالما المعالجة طازجة ومفيدة (بالمفهوم التلاميذي حتي) ولكن منتجينا يعلمون أن أفق المشاهدة لدينا محدود وكل منهم يخشي أن يحرق المسلسل الفيلم أو العكس.. خصوصا مع سياسة التسقيع التي يمارسونها.. أي شراء الروايات وتجميدها في ثلاجة المشاريع المحفوظة أو الواجهة الدعائية (إحنا حنعمل حاجات جد بس اصبروا علينا) والربط بين هذا الخوف من الحرق وبين إعادة إنتاج الأفكار والقصص القديمة يجعلنا نتأكد من سيطرة شهوة التربح علي المنتجين دون أي اعتبارات فنية فالكل يريد أن يراهن علي المضمون من وجهة نظره متناسين أن من انتجوا وكتبوا وحولوا هذه الأفكار والقصص كانوا تقدميين بالفعل وكانوا فنانين بالفعل ومحمود أبو زيد نفسه هو الذي أنتج سيناريو فيلمه العار أي استطاع أن يوازن بين فنه كمبدع ورغباته المادية كمنتج محققا معادلة أن الفن مضروبا في التجارة = سينما حقيقية أو إبداع حقيقي.. وفي نفس الوقت نجد أن تليفزيون الدولة نفسه لا يقل جبنا وترددا عن المنتجين فكم عدد المسلسلات التي تم إنتاجها عن روايات في السنوات الخمس الأخيرة مثلا من قبل التليفزيون المصري أو قطاعات الإنتاج الحكومية؟وحتي ما تم إنتاجه من الروايات والقصص انصب علي قدامي الكتاب وكلاسيكيات الانتاجات الأدبية.. بل إن يعقوبيان التي هي أحدثهم أصبحت من وجهة نظري رواية كلاسيكية سواء علي مستوي شخصياتها أو إحداثها.. في حين أن الاهتمام الأكبر لا يزال منصبًا علي روايات عبد القدوس.. وحتي عندما أفلتت روايتان لعمرو عبد السميع (العنكبوت والأشرار) تم التعامل معهم علي أنها «دراما رقاصات» وتبارت نرمين الفقي ولقاء الخميسي في الإبداع الكباريهاتي نتيجة المعالجات المبتذلة لكلا الروايتين. كل هذا مع غياب تام لاسم أي رواية حديثة أو روائي شاب أو حتي كبير لكنه غير مكتشف دراميا أو سينمائيا! وبعد ذلك يأتي أحدهم ليعلن أن النجاح الكبير لمسلسل مأخوذ عن فيلم مأخوذ عن رواية مستهلكة التفاصيل هو سر الموضة الجديدة وأن الموضة الجديدة ليس سببها الإفلاس الفكري وضيق الأفق وقلة الثقافة وغياب دور المستشار الدرامي ولجان القراءة الجدية ولكنها غيرة إنتاجية ورغبة في التلويح للقنوات الفضائية وشركات الإعلانات أن لديهم امبراطورية ميم هذا العام مثلما كان لديهم الباطنية العام الماضي بينما «العار» في الطريق.

الدستور المصرية في 4 مارس 2010

 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

ما حكاية إعادة إنتاج الأفلام القديمة في شكل مسلسلات درامية؟

الكاتب مصطفي محرم يقول إن النجاح الكبير الذي حققه مسلسل الباطنية هو ما حمس الكثير من المنتجين والكتاب للتفكير في إعادة صياغة أفكار الأفلام القديمة في شكل مسلسلات! بالطبع مسألة النجاح الكبير مسألة رأي شخصي من الكاتب في عمله الذي بالطبع لا يمكن أن يصدر عنه هذا التصريح إلا إذا كان يعاني إنفلونزا الفنانين التي تجعلهم يعتقدون أن العطسة إبداع..لكن هذه ليست القضية فإعادة إنتاج الروايات الأدبية في شكل فني غير الشكل الأول الذي ظهرت به أو إعادة إنتاج أفكار أفلام أو إعادة استخدام شخصيات من فيلم أو رواية أو قصة في شكل فني مغاير للشكل الأول أو الأساسي لها هو أمر معروف وشائع جدا في العالم كله، ففي الوقت الذي كانت فيه سلسلة سيد الخواتم تتجاوز المليار دولار إيرادات وتحقق أكثر من عشر جوائز أوسكار، كانت الرواية تقدم علي مسارح برودواي في أمريكا وتحقق نجاحاً كبيراً لا علاقة له بنجاح سلسلة الأفلام لأن المعالجة المسرحية كانت تختلف شكلاً ومضموناً بالطبع عن المعالجة السينمائية..بل إن بيتر جاكسون مخرج السلسلة ينجز حالياً فيلماً بعنوان «الهوبيت» وهو مأخوذ عن شخصية بلبو باغنز الذي عثر علي سيد الخواتم وأورثه لفرودو كما نعلم.إذن المسألة مسألة رؤية ووجهة نظر في العمل ولكن بالنسبة لنا هل هي كذلك؟ أشك جداً جداً.. فهناك لديهم زخم إبداعي رهيب وكم هائل من المسلسلات والأفلام والمسرحيات التي تجعل إعادة إنتاج أفكار أو قصص كلاسيكية أمراً طبيعياً..لكن في الوقت الذي تنتج فيه المكتبة العربية عشرات الروايات والقصص التي تصلح للدراما والسينما نجد سيناريستاتنا ومنتجينا يتجاهلون ذلك لصالح إعادة إنتاج فيلم «العار» مثلاً في شكل مسلسل من كتابة أحمد أبو زيد نجل مؤلف العار الأصلي محمود أبو زيد أو أن لينين الرملي يقوم بكتابة مسلسل «امبراطورية ميم» عن الفيلم الأصلي وليس حتي عن القصة القصيرة التي كتبها عبد القدوس، وكلنا نعلم أن القصة الأصلية كان بطلها الأب الذي يتحول إلي ديكتاتور من جراء رغبته في الحفاظ علي أواصر أسرته وتربيتهم بالشكل الملائم وعندما تحدث الانتخابات الأسرية يفوز الابن الاكبر بها.. الأكثر ليبرالية وتقدماً من أبيه..بينما في الفيلم تتحول المسألة إلي نكتة سطحية علي الرغم من المعالجة الظريفة التي قدمها نجيب محفوظ وقتها..ويأتي الرملي ليستبدل فاتن برغدة ويقرر أن يناقش مشاكل الأجيال الجديدة من خلال شخصيات الأولاد السبعة أو الثمانية (والعدد في الليمون) والرملي كاتب له وجهة نظر اجتماعية معروفة وهو دراماتورجي درجة أولي..لكن يظل السؤال هل وافق المنتجون علي المسلسل لأنه يناقش قضايا اجتماعية؟أم لأنه امبراطورية ميم بتاع فاتن حمامة !بالطبع الإجابة واضحة وبدهية ومستفزة في نفس الوقت!!!

يتبع

الدستور المصرية في 25 فبراير 2010

 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

بحثت كثيرًا عن هذا الكتاب ولم أجده، وذات يوم اتصل بي مؤلفه أستاذي هاشم النحاس يسألني عما إذا كنت قد قرأته فقلت له للأسف لا فقال إن ثمة طبعة ثانية قد صدرت منه وإنه يود أن يهديني نسخة منها، وكانت سعادتي بالغة بالطبع فها أنا أخيرا سوف أتمكن من قراءة (يوميات فيلم القاهرة 30) حيث قامت الهيئة العامة للكتاب بإعادة طبعه ضمن سلسلة نجيب محفوظ وهي التي تعني بنشر دراسات عن المشروع الروائي لأديبنا الكبير، بما في ذلك الأشكال الفنية المختلفة التي ظهرت فيها الروايات والقصص.. في الحقيقة أنا لا أنوي استعراض الكتاب رغم سهولة ذلك لكنني أريد دعوة كل من يرغب في بلورة الكثير من مقومات الثقافة السينمائية في رأسه أن يقرأه، فهو بالفعل حالة خاصة وممتعة جدا من حالات الكتابة عن السينما وليس فقط عن الأفلام لأنه يقف في منطقة شديدة الخصوصية والغموض علي غير المتخصصين، وهي كواليس خلق هذا الفن من خلال متابعة تصوير أحد أهم إنتاجاته - عربيًا - لكنه في نفس الوقت ومن داخل هذه (الحياة الأخري) يلاحظ ويرصد ويصف ويوصف ويشرح وبتابع يومًا بيوم مراحل عملية (الخلق) المختلفة عبر نبرة لغوية شديدة السلاسة ومن واقع خلفية ثقافية سينمائية وعلمية واسعة وبأسلوب يجعل المتخصص مفهومًا وحيًا، ولا أجد هنا أي معني لإعادة صياغة ما كتبه بالفعل أحد الآباء الروحيين لجيل النحاس وهو أحمد كامل مرسي في مقدمته للطبعة الأولي عندما لخص قدرة ومنهج المؤلف في فقرة واحدة قائلا (إن مهمة الكتاب الذي يتعرض للكتابة عن فن من الفنون هي الأمانة والصدق في نقل المحسوس والمنظور إلي عدد كبير من الجمهور، ولا يتحقق هذا علي الوجه الأكمل إلا إذا توافرت فيه عدة صفات مثل قوة الملاحظة وبساطة التعبير والإلمام بمراحل التجربة الفنية والإحساس بالعلاقات الإنسانية) وقد توقفت عند هذه الفقرة لأنها مفتاح الاستمتاع والتذوق الحقيقي لتجربة اليوميات، فليست الفكرة فقط أنه أتيح للمؤلف أن يتابع مراحل تنفيذ الفيلم قبل وأثناء وبعد التصوير ساعة بساعة وتفصيلة تفصيلة بل كيف تمكن من أن يخلق من هذه المادة (التسجيلية) أو لنقل كيف نفخ فيها روحًا حية هي جزء من كل (لأنها رصد لعملية صناعة الفيلم فهي جزء منه لأنه السبب في وجودها) وهي كل قائم بذاته لأنها تحتوي علي عملية شرح وتوصيف وتحليل لمراحل العملية الفيلمية والتي تكاد تشترك فيها كل الأفلام في كل الدنيا وليس من خلال نظريات عامة أو ملامح خارجية بل من خلال تجربة بدماء حقيقية وأعصاب فنية نابضة سواء علي مستوي الكم المعلوماتي أو التبسيط الوصفي والذي يجعل كل من يقرأ هذا الكتاب علي درجة لا بأس بها من الإلمام بعملية صناعة الأفلام السينمائية.. بل إن الكثير من مصطلحات التيترات التي لا يهتم أحد بمتابعتها نظرًا لانغلاق معانيها عليهم يمكن أن تصبح أكثر وضوحًا وفهمًا بعد قراءة هذا الكتاب.. فتحية إلي أستاذنا هاشم النحاس علي هذه التجربة (التي لم تذبل أو تصفر أوراقها) وتحية لهذا الجيل من السينمائيين الذين كانت تعني لهم مثل هذه التجارب شيئًا ذا قيمة قبل أن تتحول كواليس الأفلام في أيامنا هذه إلي حركات سخيفة من طاقم العمل أو تعليقات تافهة من الممثلين دون وعي حقيقي لما تعنيه تجربة رصد الكواليس أو الاستفادة منها.

الدستور المصرية في 18 فبراير 2010

 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

شاهدت الأسبوع الماضي فيلم «سيدة في الماء» للمخرج إم نايت شايملان صاحب «الحاسة السادسة».. وأعترف بأن ثمة غواية تتملكني لمتابعة أفلامه خاصة مع قدرته علي دمج الدراما بالأسطورة بالموروث الإنساني وصولا إلي طرح فلسفي وفني يحتمل العديد من التأويلات.. لكن ما لفت نظري في الفيلم - وهو يتخذ من عملية بناء القصة أو تكوينها شكله الأساسي- شخصية الناقد السينمائي التي تعمد شايملان أن تبدو غريبة الأطوار متحجرة بداية من اختياره الممثل بتفاصيل ملامحه الجامدة وعينيه المتسعتين في «تبريقة» مخيفة وصولا إلي الدور الذي لعبه في الأحداث عندما لجأ إليه البطل ليستشيره في تفصيلة مهمة، وإذ بما يقوله له يحول مجري الأحداث تمامًا ويسوق البطل إلي نتائج خاطئة، وقبل النهاية يقف هذا الناقد في مواجهة الوحش الأسطوري الموجود بالفيلم ويحلل هذا الموقف مستنتجًا أنه شخصية كريهة لو أنها في فيلم رعب سوف يتم التهامها ولو في دراما عائلية سوف تغير هذه المواجهة من وجهة نظره في الحياة ولو في فيلم كوميدي سوف يسبق الوحش بخطوات ويغلق الباب قبل أن يلتهمه، ولكنه بينما يعمل عقله النقدي في تحليل الموقف يهجم عليه الوحش ويلتهمه ليصبح هو الشخصية الوحيدة التي يأكلها الوحش وتصبح الرسالة واضحة جدًا، فشايملان يظهر كرهًا غريبًا للنقاد ويعتبرهم مخطئين في تأويلهم للأفلام بل يسببون سوء فهم قد يعرض حياة الآخرين للخطر، والآخرون هنا هم المتلقون وصناع الأفلام وهو يعتبرهم شخصيات كريهة كما أطلق الناقد علي نفسه بل يراهم ملتزمين بالنظريات الفنية دون استيعاب روح الفن المتحررة! وتذكرت ما قيل من أن تشيكوف نفسه لم يكن يحب النقاد وكان يعتبرهم كالذباب الذي يقع علي ظهر الخيل وعضلات الحصان مشدودة وتئز الذبابة فيرتعش جلد الحصان ويهز ذيله ليهشها، وكان تفسيره بأن الذبابة تئز من أجل أن تقول للحصان أنا علي قيد الحياة مثلك، وقد ظل طوال 25 عامًا يقرأ مقالات عن قصصه ولم يتذكر أن نقطة واحدة كانت مفيدة فيها. وتذكرت أيضا ما كتبه صلاح عبدالصبور بأن (هناك من المذاهب النقدية بعدد النقاد الذين عاشوا علي الأرض ولكن القارئ أو المشاهد في حالة السينما هو الناقد الحق، وهذا القارئ/المشاهد قد يحتاج إلي من يفسر له العمل ويبصره بمحاسنه، ولذلك كان الناقد في أحسن حالاته مجرد مفسر فإذا جاوز التفسير زعم لنفسه ما هو أكثر من حقه) فهل المسألة بالفعل كما يراها أولئك الفنانون؟ هل النقاد شخصيات مكروهة لهذا الحد! إنها آراء جدلية بالطبع وأكبر من أن يتم مناقشتها في حديث عابر لكن هذه المشكلة تؤرقني بالفعل ليس لأنني كنت ومازلت أمارس النقد.. وللموقف الغاضب الذي أواجه به من الكثيرين نتيجة ما أكتبه عن أفلامهم في مقابل الموقف المتفتح لعشرات القراء الذين يشعرون باستفادة حقيقية مما أكتبه ويكتبه غيري! فهل الأزمة في صناع الأفلام الذين يشعرون بأن الناقد يهدم بكلمة ما بذلوه من جهد في ساعات طويلة أم هي مشكلة نفسية متأصلة في نفسية أي مبدع - في حال كونه مبدعًا - وهل ينطبق علي السينما المصرية بكل الأفلام السيئة التي تنتجها هذه العلاقة الجدلية أم أننا حالة خاصة؟ أسئلة كثيرة أثارها في داخلي فيلم شايملان ولا أتصور أنني سوف اعثر لها علي إجابة في القريب.

الدستور المصرية في 11 فبراير 2010

 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

لماذا أكره فكرة أن يكون خالد يوسف نقيبا للسينمائيين؟

لقد سألت نفسي هذا السؤال عدة مرات وبحكم عملي فقد تدربت علي تنحية العوامل الشخصية في إجابة الاسئلة والحكم علي الأشخاص والمواقف! خاصة أنني غالباً لا أكون علي علاقة شخصية مع أي من صانعي الأعمال الفنية التي أشتبك معها!إذن فالإجابة عن هذا السؤال تحتاج رداً موضوعياً قائماً علي تحليل المعطيات للوصول إلي نتائج أو إجابات حقيقية ومنزهة وشافية علي الأقل بالنسبة لي.لقد فكرت أن يكون محور الإجابة هو الربط بين ترشيح خالد يوسف لنفسه وبين ترشيح أنور وجدي نقيباً في نهاية الأربعينيات بل حصوله علي المنصب عام 1950، وكلاهما، وجدي ويوسف، شخص متواضع الموهبة الفنية شديد التأثير علي المستوي الشخصي وصاحب كاريزما خارقة ولديه قدرة علي تسويق نفسه وأعماله إعلانيا وإعلاميا وصحفيا كل علي حسب زمنه- ويكفي أن يقرأ أحدكم كتاب سينما أنور وجدي لأستاذنا محمد عبد الفتاح عن سلسلة آفاق السينما ليتأكد من صحة المقارنة- لكنني تراجعت عن التعمق في هذا المحور لشعوري بأنه لن يجيب عن سؤالي بشكل حاسم، وعدت للتفكير في الكتابة عن الفرق بين أن تكون مخرجاً مثيرا للجدل أو صاحب حضور إعلامي قوي سواء من خلال آرائك أو أفلامك أيا كان مستواها وبين التقدم للحصول علي منصب حساس جداً كمنصب النقيب دون أن يكون لك أي خبرة سابقة في هذا المجال الخدمي الاجتماعي الذي يحتاج إلي مؤهلات كثيرة ليس من بينها الشهرة أو العبقرية الفنية-لو وجدت-أو الهالة الإعلامية الإعلانية أو البطانة الصحفية أو غير ذلك!بمعني أن خبرة مخرج مغمور مثل مسعد فودة في مجال العمل النقابي تعادل أضعاف خبرة اسم جدلي جدا مثل خالد يوسف، ولكن الخبرة ليست كل شيء، فمن الممكن ألا تمتلك الخبرة ولكنك تمتلك طموحات وأحلاماً براقة وأفكاراً لوذعية تريد أن تنفذها أو تجربها من خلال منصب سلطوي علي رأس ستة آلاف شخص..لكن تاريخك القائم علي قفزات غير منطقية وأعمالك وآرائك التي دائما ما تكون محط جدل وخلاف وخناق وضيق ورفض بل إن تلونك من فيلم إلي آخر والشعور الغامض بوجود حسابات خاصة خلف كل عمل يجعل هناك شعوراً عميقاً بالتخوف من أن تكون أنت صاحب سلطة أو في يدك صناعة قرار، خصوصا أنك شخص عنيف جدا وغير مهادن ولديه القدرة علي لي عنق الأشياء وتطويع الصفات حسب ما تراه متفقا مع مصلحتك..ولا تسمح المساحة بتقديم أمثلة من التعليقات والتصريحات والآراء ولكن يكفي موقفك من شياطين الشرطة وأمن الدولة في «هي فوضي» و«حين ميسرة» وصورة الشرطة الملائكية في «كلمني شكرا»..هذا التناقض الرهيب يجعلنا نشعر بعدم الاطمئنان لأن ذلك يعني ببساطة أنك شخص لديه حسابات خاصة وهو ما يجب أن ينتفي تماما لدي كيان يجب أن يتمتع بشفافية كاملة للحصول علي مقعد خدمي وليس عرشاً للحكم كما حوله النقيب السابق!.

أتذكر وأنا أشاهد «كلمني شكرا» الشعور الطاغي لدي بأن خالد يقوم بتصيفة حساباته مع شبكة «art» بعد أزمة «حين ميسرة» المفتعلة مستغلا فكرة تشفير المباريات..والفيلم يحتوي علي لقطة صريحة لشاشة التليفزيون يظهر فيها لوجو القناة!صحيح أن فكرة التشفير تعتبر أزمة بالنسبة للكثير من المواطنين البسطاء لكنني رحت أسأل نفسي: تري لو لم تكن هناك أزمة سابقة بين خالد وتلك الشبكة أو أنها كانت لا تزال في عنفوانها قبل أن يتم تفكيكها وبيعها هل كان سيقدم علي مثل هذا الردح المصور!بصراحة أشك!إذن أنا أخشي شخصا يملك حسابات خاصة وذا مواقف متناقضة في أعماله بل لديه شهوة لتصفية الحسابات وقدرة علي إشباع هذه الشهوة وليس تحجيمها!هل هذه تعتبر إجابة؟لا أظن، لكنها علي الأقل بعض إجابة أو محاولة للإجابة.

في حقيقة الأمر يبدو أنني لا أكره أن يصبح خالد نقيباً للسينمائيين لكنني أخاف بالفعل أن يصبح خالد هو النقيب وهناك فرق بين الكره والخوف الشديد!

الدستور المصرية في 4 فبراير 2010

 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

دعونا نحاول أن نغزل أكثر من موضوع في بعض ربما نطلع منهم بشيء مفيد أو حتي إيجابي من أي نوع.. هل تذكرون عندما تحدثت عن أن السينما المصرية سينما موضات وليست سينما تيارات!! بينما كنت أقرأ الجزء الأخير من الأعمال الكاملة للناقد سامي السلاموني وجدته يشير بكل وضوح إلي نفس النقطة تقريبًا ولكن من وجهة نظر أخري لا شك كانت تشغله ولا تزال تشغلنا جميعًا حيث يقول (في الواقع لا وجود لتيار في السينما المصرية بل كانت لدينا دائمًا «سينما النجم» وهو نظام نقلته سينما العالم عن هوليوود ولكنه نما وترعرع في السينما المصرية واستقر فيها بحكم قوانينها وعلاقاتها وأسواقها ومشاهديها حتي بعد أن تخلت عنه هوليوود نفسها»، وفي نفس السياق يكمل (وكل ظاهرة تأخذ أيامها بعد أن تتحول إلي لون مرتبط أساسًا بمواصفات النجم ومرتبط بما يحققه عند الناس من تصور خاص أو متعة أو احتياج أو كيف يريد هو أن يبدو أمام الناس) وكلمة ظاهرة أو لون في الفقرة السابقة أجدها شديدة القرب من كلمة موضة - التي أطلقناها - السينما المصرية بل أجدها مرادفة لها إلي حد كبير والكلام بالطبع واضح فظاهرة موضة أفلام الكوميديا ارتبطت عند الناس بمجموعة «نجوم» تلك المرحلة وبالشكل الذي أرادوا هم أن يظهروا فيه، وبعدها بدأت موضة العشوائيات والأكشن والعنف فهذا يريد أن يتسلق جبلاً، والثاني يريد أن يطير بسيارة، والثالث يريد أن يضرب حيًا بأكمله، إذن فموضات السينما المصرية مرتبطة أساسًا بالنظام الفاشل شديد التعسف المعروف بسينما النجم ويمكن أن نقول إن سينما النجم في حد ذاتها سبب رئيسي أو أحد الأسباب الرئيسية وراء غياب قيمة التيار أو وجوده في السينما المصرية، ودعوني أسوق في هذا تشبيهًا شديد القوة ليوسف شاهين من فيلمه «حدوتة مصرية» عندما يدعوه أحدهم بالنجم (أي نور الشريف في شخصية شاهين بالفيلم) فيقول علي لسان الشخصية: لا تستخدم هذه الكلمة معي أبدًا لأنني أشعر بأن كلمة نجم تعني أني شيء ولست شخصًا والشيء يمكن أن تشتريه وتستهلكه ثم ترميه! وهذا المعني ينطبق تمامًا في سياق قريب لنفس الناقد سامي السلاموني يقول فيه (نجاح نجم جماهيري لمجرد أن الناس تحبه ولكن خارج إطار عمل فني جيد هو شيء عبثي خادع لا تبقي له قيمة بعد انتهاء الفيلم بنصف ساعة سوي استفادة المنتج وحده لأن النجم المحبوب نفسه لا يضيف شيئًا لنجاحه وقيمته بل علي العكس يسحب من رصيده وبعد عملين أو ثلاثة من هذا النوع لأبد أن يزهق جمهور النجم ويبحث عن بديل ولكل نجم - مثل كل ثلاجة - عمر افتراضي لابد من استغلاله كأفضل ما يكون قبل استهلاك الموتور) أليس هذا ربطًا واضحًا بين فكرة سينما النجم وفكرة الشيء المستهلك! وللعلم فنحن لا نقصر مسألة سيطرة النجوم علي السينما فقط، فمن الواضح أن الدراما التليفزيونية أيضًا متأثرة لدرجة رهيبة بنفس هذا المنطق (الشيء) وهو ما يبدو مستفزًا منذ مواسم عديدة مضت ولمواسم كثيرة قادمة، خصوصًا مع قلة عدد الأفلام المنتجة هذا العام وهجوم النجوم علي الدراما في تنافس غير عقلاني سوف يخنق الموسم الرمضاني دون وعي بأي حسابات أخري غير الملايين القادمة من الأجور والتي لم نسمع حتي الآن عن أن أحدهم علي مستوي التبرعات المادية أو علي مستوي الوقفات والقوافل الخيرية قد تطوع بأي شيء لمضاري السيول ولكوارث البلد الذي من المفترض أنه قدوة فيه! فالمسألة ليست خيرًا في السر يؤجر عليه المرء بحسنات وإلا ما وقفت جموع الفنانين تهلل ضد الجزائر بسبب مباراة كرة، في الوقت الذي خرست فيه كل الأصوات وأغلقت الجيوب علي تلال الأموال أمام احتياج حقيقي وظرف قومي خطير.. فالفنان قدوة وموقف اجتماعي قبل أن يكون له سعر إعلاني مرتبط بالزيت والسمنة والصابون!!

الدستور المصرية في 28 يناير 2010

 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

من الإعلانات التليفزيونية التي تستفزني بشدة إعلان (فيه ايه ف دماغ الشباب؟)

الذي يقوم بأدائه لاعب الكرة حازم إمام عن أحد الشامبوهات المضادة للقشرة، فحازم أمام يجيب عن هذا السؤال باعتباره ممثلا للشباب (دماغي فيها حاجات كتير.. كورة طبعا.. فيديو جيمز والسفر) ودائما ما أشاهد هذا الإعلان وأجد نفسي أعلق التعليق الأثير (يا سلام هي دي الحاجات اللي في دماغ الشباب) ثم عندما يختم حازم الإعلان قائلا (كل حاجة إلا القشرة) أجدني أعلق ساخرًا (دي مفيهاش حاجه إلا القشرة) هو يقصد قشرة الشعر بينما أنا أقصد قشرة الأشياء، أي السطحية الشديدة التي استشعرها من وراء الإعلان كله.. وفي الحقيقة أنا لست بصدد نقد أو مناقشة إعلان قشرة شعر لكنه في الحقيقة كان سببًا وراء تفكيري في حديث اليوم حيث إنني وبشكل لا إرادي وجدتني أربط بين هذا الإعلان وفكرة ( دماغ الشباب) وبين تلك الخانة المعلقة في أعلي صفحة الفيس بوك علي الإنترنت والتي عنوانها (

what s on your mind?) فلقد اكشتفت أن عددًا كبيرًا من أصدقائي «الشباب» لديهم «حاجات كتير» في رؤوسهم سواء إلي جانب قشرة الشعر أو بدونها لكنها كلها أشياء مختلفة تمامًا عن (الكورة والفيديو جيمز والسفر).

فقررت أن أجمع بعضًا مما في رؤوس الشباب كرد من ذاتي علي ذاتي في مقابل هذا الإعلان السخيف.. وكان أول تعليق لفت نظري منذ فترة ولايزال عالقا في ذهني هو تعليق المخرج التسجيلي الشاب براء الأشرف(في السنة اللي رفضنا فيها أفاتار أنتجنا البيه رومانسي.. أفلام عربي.. أم اللي بيتفرج عليها) وهي سخرية جميلة علي غرار إعلانات ميلودي بل منها أيضًا.

أما الشاعر محمد أبو الفتوح غنيم فيكتب (يقوم الشعر في داخلي من قبره إلي مقامه)، الناقدة السينمائية أمل الجمل تكتب(تأجيل ندوة مناقشة كتاب الإنتاج المشترك في السينما المصرية نظراً لأن مصر المحروسة تحتفل بعيد الشرطة يوم 25 يناير وسيكون ذلك اليوم أجازة رسمية وسيتم تحديد موعد آخر للندوة.. شكري وتقديرلكل أصدقائي الأعزاء) وكتاب الإنتاج السينمائي المشترك من تأليف أمل وهو عمل بحثي جيد ومهم في هذا المجال. أما الصحفية والإعلامية حنان كمال فتكتب (السيول توقف بناء الجدار العازل.. ربنا كبير) والمعني واضح بالطبع، أما المذيعة الشابة هنيدة أحمد فكتبت (استفيدوا من اليوم الحاضر.. لتكن حياتكم مذهلة.. خارقة للعادة. اسطوا علي الحياة.. امتصوا نخاعها كل يوم مادام ذلك ممكنًا. فذات يوم لن تكونوا شيئًا.. سترحلون وكأنكم لم تأتوا (ومن الواضح أنه اقتباس أدبي لكنه شديد الروعة.. المثقف الشاب اسلام محمود رأفت يكتب (في أي عهد تحولت بلدي من مصر المحروسة إلي مصر المحبوسة، ومن أرض الكنانة إلي أرض القمامة) أما الروائي الشاب مصطفي ذكري فقد اقتبس من يوميات كافكا (وعندما يتجلَّي اليأس علي نحو محدد، ويكون وثيق الاتصال بموضوعه، فإنّ ذلك ليس اليأس الحقيقي، إنّ اليأس الحقيقي يتجاوز أهدافه دائماً) أما أنا معتبرًا نفسي من جيل الشباب فقد كتبت (أسوأ شيء في الحياة ممكن يحصل لك إنك تكتشف إنك مش بطل قصة حياتك وأنك مجرد شخصية ثانوية أو هامشية ممكن الاستغناء عنها وأن البطل الحقيقي لقصة حياتك حد تاني أو شخصيات تانية هي اللي عايشة القصة وحبكتها وأنك مجرد سنيد بتطلع في مشهد أو مشهدين تقول كلمة أو جملة حوار وتختفي.. تستني ورا الكواليس أو ورا الكاميرا لحد ما جملتك التانية ييجي ميعادها تدخل تقولها وتخرج ويمكن ما تعجبش المخرج فيشيلها في المونتاج).

الدستور المصرية في 21 يناير 2010

 

رامي عبد الرازق يكتب : كادر ثابت

«هذا المقال يعاد نشره مرة أخري بناء علي تكرار السؤال الذي حاولت أن أجيبه من خلاله».

سألني أحد الشبان عن الكتب التي يمكن أن يقرأها لكي يتعلم فن كتابة السيناريو أو حرفيات الكتابة للسينما فأجبت سؤاله بسؤال أثار دهشته قلت له: هل تريد أن تكتب سيناريوهات أفلام للسينما المصرية؟فقال: بالتأكيد فهوليوود لا تزال بعيدة عن طموحاتي! فقلت له: إذن عليك بتلك المجموعة من الكتب أولا كتاب العناصر النمطية في السينما المصرية للدكتور نبيل راغب والصادر عن المركز القومي للسينما ضمن منشورات ملفات السينما وبعده عليك بكتاب صغير لكنه جهنمي الاقتباس في السينما المصرية «لمحمود قاسم وتوجد منه عدة طبعات ابحث عن الثانية لأنها تضم أحدث قوائم الأفلام التي اقتبستها السينما المصرية في السنوات الأخيرة بالإضافة إلي تاريخ السينما المصرية مع الاقتباس منذ العشرينيات وحتي بداية الألفية الجديدة، ثم عليك أن تقرأ الأعمال الكاملة للناقد السينمائي سامي السلاموني والصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة وفيها خلاصة خبرة أكثر من عشرين سنة من مشاهدة الأفلام المصرية عبر عين هذا الناقد المختلف وبالتحديد منذ أواخر الستينيات وحتي أوائل التسعينيات وهي فترة شديدة الأهمية في تاريخ السينما المصرية. تعجب الشاب من تلك القائمة التي لا تضم كتابا واحدا ذكر في عنوانه أو يبدو من حديثي عنه أنه يحتوي علي إجابة لسؤاله وقال: وهل في تلك الكتب ما يمكن أن يعلمني الفرق ما بين كتابة السيناريو بالطريقة الأمريكية أي بدون تقسيم الصفحة إلي يسار ويمين بدلا من الطريقة المعروفة حيث الصورة في اليمين والحوار في اليسار وهل في أي منها شرح مبسط لقواعد المونتاج ووسائل الفصل بين المشاهد فقاطعته قائلاً: لا ولكن فيها ما هو أهم بالنسبة إليك كشاب يريد أن يكون كاتبا في سينما تعاني من عدة أمراض ومن حالات نكوص ومراهقة متأخرة وأنيميا فنية وإبداعية من نوع غريب ونادر فما يجب أن تبحث عنه وفيه قبل أن تفكر في تعليم قواعد كتابة السيناريو أو حرفية تقسيم المشاهد وكتابة الحوار هو مشاكل هذه السينما وهمومها، اقرأ مع من بحثوا عن حلول لتلك المشاكل أو عن وسيلة تتجنب بها الإصابة بالأمراض المعدية والمنتشرة في السينما المصرية والتي لا يوجد سوي قلة قليلة هي التي تحاول أن تحصن نفسها ضدها، خذ عندك مثلا كتاب العناصر النمطية في السينما المصرية إنه بحث موسوعي ضخم عن كل الأفكار التي تم تكرارها في السينما المصرية بحيث أصبحت نمطية ومستهلكة وغير جديدة وتشبع بها الجمهور حتي طفحها ولكن السينمائيين أو أنصاف الموهوبين منهم يصرون علي أنها لا تزال هناك بقية في ليمونتها لكي يتم عصرها فوق المتفرج ليشاهد فيلما عن فكرة شاهدها مئات المرات وبنفس المعالجة الخائبة الرذيلة وخذ أيضا كتاب الاقتباس في السينما المصرية لكي تتعرف علي جانب مهم جدا وخطير في هذه السينما التي مضي عليها مائة عام وسبقت الكثير من سينمات العالم ولكنها لا تزال تبحث عن نخاع لدي الآخرين كي تملأ به عظامها المخوخة واقرأ لناقد مثل السلاموني كي تكتسب منه القدرة علي التحليل وتفكيك الفيلم الذي تشاهده لتتعلم منه أو الفيلم الذي تكتبه لتكون أنت ناقدا لذاتك قبل الآخرين. اذهب لتقرأ لكل هؤلاء وكل هذه الكتب ثم تعال لأدلك علي كتاب واحد أو اثنين من أجل أن تتعلم كيف تقسم الصفحة لحوار وصورة أو تقضيها «أمريكاني».

الدستور المصرية في 15 يناير 2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)