حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

العندليب

بقلم : إيريس نظمى

33 عاما تمر علي رحيلك ياحليم.. ومازال صوتك الشجي العذب يثير فينا  الحب والرومانسية والزمن الجميل.. لقد سمعنا بعدك الكثير من الأصوات ولكن لم تشجنا أغنية من أغنياتهم.

الكل يعرف  أنك عانيت كثيرا من اليتم والفقر والحرمان.. بل إنهم ألقوا  بك في ملجأ الأيتام.. وكنت منطويا علي نفسك تستعرض طفولتك البائسة.

لقد ظلمك البعض  حيا وميتا.. في طفولتك وصباك وشبابك وحتي آخر العمر.. حين أصبحت أحب مطرب في العالم العربي.

ففي مثل هذا  الوقت ومنذ 33 عاما رن جرس التليفون في منزلي  حوالي الواحدة بعد منتصف الليل.. وإحساس بتوقع خبر مشئوم في هذه الساعة  المتأخرة (.. وفعلا كانت مكالمة من سكرتارية تحرير الأخبار بأن عبدالحليم رحل عن عالمنا وطلبوا مني أن أكتب  كلمة عنه.. لكني لم أستطع كان صوته وحكاياته هي مذكراته التي خصني بها قبل سفره للعلاج و نشرت علي هذه الصفحات في  »آخر ساعة«.. ذهب عبدالحليم ماشيا علي قدميه وعاد في صندوق  خشبي.. وكانت آخر مكالمة لي معه حين اتصل  بي تليفونيا من لندن قبل  رحيله بأيام.. كان صوته ضعيفا.. وقال لي إنه تعبان جدا.. وسألني عن المذكرات التي كنت قد بدأت أنشرها.. كأنه حاسس بأن أجله قد انتهي وهذه هي آخر الكلمات التي يفصح عنها لجمهوره.

< < <

كان حليم في البداية يغني في أفراح أصدقائه وأصدقاء محمد الموجي بلا مقابل ويعود إلي منزله سائرا علي قدميه فلم يكن معه حتي فلوس المواصلات.. لكنه أراد  أن يغني لجمهور أكبر في حفلات كبيرة.. كان الموجي قد لحن له أغنية »صافيني مرة.. وجافيني مرة«. يقول: »حين صعدت علي المسرح في الإسكندرية  وبدأت أغني صاح الجمهور في وجهي  بحرارة أنزل.. أنزل.. ولم  يسكتوا إلا بعد  أن نزلت. وكانت ليلة سوداء.. فالجمهور لم يكن يحب التغيير.. ومشينا أنا والموجي علي الكورنيش وكانت صدمة كبيرة لنا.. وقالوا لي أن أغني أغاني  عبدالوهاب لكني رفضت.. فلماذا لاتكون لي شخصيتي الغنائية  المستقلة؟  كنا مفلسين وليس معنا أي نقود تكفي حتي لأكلة سميط.. فقدمت لنا تحية كاريوكا مبلغا من المال  بدافع الشفقة والعطف حتي نشتري طعاما ونعود إلي القاهرة.

وكانت هذه  أول صدمة  في حياتي كمطرب.

< < <

بالرغم من الفشل الذريع  في الاسكندرية إلا أنهم اختاروني لأغني  في عيد الثورة في حديقة الأندلس.. هذه الحفلة التي  أُعلنت فيها  مصر جمهورية.. وكان الناس سعداء في هذه الحفلة  غني  فريد الأطرش وشادية وليلي مراد  وكارم محمود وعبدالعزيز محمود وكلهم مطربون محبوبون.. فأين أنا من هؤلاء؟ وذهبت إلي منظم  الحفل يوسف بيه وهبي  وسألته متي سأغني.. فقال لي أنت مين؟ قلت له عبدالحليم حافظ قال  فيه فرقة موسيقية  حتطلع الساعة 12 وانت حتغني الساعة الواحدة صباحا.. قلت بإصرار لأ الساعة 12.. فرد بسخرية وان ماغنيتش ماذا سيحدث.. قلت يمكن الناس تفرح.. فقال لي يوسف وهبي جملة لن أنساها.. أنت عندك إصرار واللي عنده  إصرار لابد  أن ينجح.

وغنيت في هذا الحفل  وكان أول نجاح حققته بعد الفشل الذريع في الاسكندرية بالرغم من أنني  غنيت نفس  الأغنية!

< < <

أما الموقف  الآخر الذي شعر  فيه عبدالحليم  بالظلم والإحباط  حينما منعته  أم كلثوم من الغناء.. فقد ولد  مطربا  مع الثورة لكن الأغاني الوطنية  التي كان يغنيها في أعياد الثورة جلبت له المتاعب.

»كانت علاقتي  بأم كلثوم علاقة بصوتها فقط.. أما العلاقة  الإنسانية فلم تكن  موجودة أبدا.. وقد حدث بيننا  خلاف قوي في إحدي حفلات الثورة التي كان يحضرها عبدالناصر.  كنت أغني بين  الوصلتين.. والناس يريدون الجديد  بدليل  أن عبدالوهاب  أضاف لجمهور أم كلثوم الكثير من الشباب  الذي كان ينفر من الأغنية الطويلة التي تستمر ساعتين.. لم يكن أحد من المطربين  يشاركها الغناء في أعياد الثورة.. فوجئت بها تصر علي أن أغني  بعد وصلتيها.. ان الناس يتقبلوني بين الوصلتين لكن بعد الواحدة صباحا يكون الجمهور قد تعب  ويريد أن يخلد إلي النوم أصرت أم كلثوم علي أن تغني الوصلتين أولا  ثم أغني أنا بعدها.. ذهبت لأطلب منها أن أغني  بين الوصلتين لكنها حتي لم تلتفت إليّ ولم تحاول حتي أن تسمع بقية كلامي وقالت بحدة »لأ.. مش حتغني بين الوصلتين.. وإذا أردت أن تغني خليك في الآخر« وفعلا صعدت بعد الغناء علي خشبة المسرح أمام الجمهور المرهق الذي بدأ يتثاءت وكنت أنا في غاية الإهاق.. وقلت للجمهور مامعناه »إنه بعد انتهاء أم كلثوم من الغناء فلا غناء  ولا طرب  ولا متعة.. ويبدو أن ظهوري  في آخر الحفل  عملية مقصودة ومدبرة«.

وفي العام التالي منعتني أم كلثوم وفرقتي من دخول نادي الضباط في عيد الثورة وكانت صدمة بالنسبة لي.

عرف عبدالناصر بذلك  وأراد أن يعوضني   فطلبني  في حفل  الاسكندرية يوم 26.. وكان هذا رد اعتبار لي  بعد الاهانة التي وجهتها لي أم كلثوم.. كانت هذه  هي علاقتي بأم كلثوم.. لا صداقة ولا زيارات ولا علاقة إنسانية.. كانت فقط  علاقة بصوتها.

< < <

أما رحلة  الظلم التالي.. فقد وشوا به عند الملك الحسن ملك المغرب.. كان أيامها يغني عبدالحليم  في القصر الملكي بكل أحاسيسه واندمج في الغناء وسقط  علي الأرض فاقدا الوعي.. قلق الملك   عليه جدا حتي أفاق من الغيبوبة.. لكن النزيف  لم  يتوقف.. وكان رأي  الأطباء الفرنسيين انه لن يعيش طويلا بهذا الكبد.. وهناك أمل واحد  أن تجري له  عملية زرع كبد.. وأمر الملك  باعداد  طائرة خاصة مجهزة بأحدث وسائل   العلاج لكي  تقل عبدالحليم فورا إلي باريس.. فعبد الحليم ليس  مجرد مطرب يشارك في حفلات الملك لكنه أكثر من ذلك بكثير وهو ماأثار غيرة البعض.

»انتهز بعض  المغرضين فرصة الخلافات الجزائرية  لكي يوقعوا بيني وبين الملك وينسفوا هذه الصداقة. قالوا للملك  أن عبدالحليم غني في الجزائر ضد المغرب.. ونجحت وشايتهم كانت النتيجة منع إذاعة اغاني  أو نشر  أخباري.. أفظع شئ أن يحس الانسان بأنه مظلوم.. كتبت رسالة للملك اشرح فيها موقفي.. قلت له لدي جلالتكم قسم استماع فيه كل الأغاني الجديدة.. كل ماحدث أنني أعددت بعض الأغاني الجديدة عن كفاح  شعب الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي وهذا واجب وطني.. بل أعلم أن جلالتكم ساهمتم في هذا الكفاح.. فهل شعب الجزائر لا يستحق المساندة؟ بعد ذلك سمعت صوتي يتردد من جديد  من إذاعة المغرب.. وبدأت  أخباري تعود مرة أخري  علي صفحات الجرائد والمجلات المغربية.

< < <

ظلموه أيضا في آخر العمر.. وفي عز تألقه..

»كان ذلك في الحفل الأخير الذي غنيت فيه »قارئة الفنجان.. شعوري بأن أقدم عملا فنيا كبيرا كتبه شاعر من أشهر شعراء العالم  العربي نزار قباني  ووضع ألحانه فنان له قيمته عند الناس محمد الموجي. وشعوري بأن هذه الأغنية  خطوة فنية جديدة نحو الجديد.. شعوري بالجهد والإرهاق وسهر الليالي  والمناقشات التي طالت بيني وبين  القباني لتعديل بعض الكلمات وشعوري بأنني أغني للناس قصة حياتي  وحبي المستحيل.. طريقي المسدود.. والقدر الذي يناصبني  العداء. فوجئت بأنهم غير  مستعدين  لسماعي.. ونظرت أمامي وأنا لاأصدق.. وحين بدأت أغني قاطعوني.. حاولت أن أسيطر علي أعصابي  لأني  بشر مثل كل الناس«.

لقد شاهدت هذه الحفلة  من خلال التليفزيون مباشرة.. وكانت صيحات الناس والغضب للاشيء.. بل أنهم أحضروا معهم بدلا رفعوها إلي فوق للسخرية من عبدالحليم  الذي يغير ملابسه بين الوصلات.

يقول: »شعرت بالإهانة الشديدة المقصودة لمحاولة إفساد  الحفلة.. وهاجت الدنيا وماجت لأني  قلت »بس بقه« وأحزنني جدا أن بعض الأقلام الصحفية إنساقت  في حملة ظالمة بهدف تجريحي  والاساءة إليّ دون أن يقدروا حالتي الصحية والنفسية«.

< < <

لم يتركوا أيضا عبدالحليم ميتا فقد  سارعت الأقلام لتكتب قصصا كاذبة عن علاقته بالنساء.. وكأنه »دون جوان«.. وحكاية زواجه من سعاد أم لا وأشياء أخري وذلك  كله بدافع  التوزيع والإثارة.

آخر ساعة المصرية في

30/03/2010

 

احتفالية مكتبة بدرخان بذكرى عبد الحليم حافظ

خاص- اليوم السابع 

فى ليلة مميزة نظمت مكتبة بدر خان بالهرم احتفالية بالذكرى 33 لرحيل العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، بمشاركة الفنان شادى شامل "بطل مسلسل العندليب"، واعتذر عن المشاركة كل من صلاح الشرنوبى والموسيقار حلمى بكر لأسباب خاصة، فيما اعتذر الشاعر الكبير محمد حمزة لظروفه الصحية. واحتفى الجمهور الذى شارك فى الندوة بالفنان شادى شامل ودار الحديث عن حياة الفنان الراحل عبد الحليم حافظ، وسط حضور إعلامى مكثف من وسائل الإعلام.

بدأت الاحتفالية فى الساعة 8،30 مساء بكلمة قصيرة للكاتب الصحفى ماجد إبراهيم، الذى استهل الندوة بكلمة قصيرة، ثم قرأ كلمات أغنية "أنا لك على طول"، وتساءل بعدها من الذى يستطيع غناء مثل هذه الكلمات المميزة إلا حليم تلك الكلمات التى أبدعها الراحل مأمون الشناوى ولحنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وعزف معانيها برقة إحساسه العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، ثم وجه حديثه للفنان شادى شامل قائلا "لو حبينا نحكى عن حليم نبتدى منين الحكاية؟؟

فأجاب شادى

الحكاية أكبر من أن تحكى فنحن نتحدث عن أسطورة غنائية كبيرة أكبر من أن يكفيه الكلام وأكبر من أن تسعه ندوة واحدة أو حتى ندوات. وتابع شادى قائلا: إذا كنا نحتفل بذكراه الـ33 فهذا يعنى أنه لم يمت بل حيا بيننا بأغانيه وفنه وإحساسه كما قال المصور الكبير فاروق إبراهيم الذى رافق العندليب فى أكثر رحلاته وحفلاته وكان لها نصيب الأسد فى تصويره.

وتناولت أسئلة الحاضرين مراحل حياة عبد الحليم، وأحزانه التى ساهمت فى خلق شخصية فنية مميزة له وإصراره على النجاح وتحديه للفشل واليأس، وكيف برع فى اختيار الكلمات المناسبة لجيله، وكيفية اختياره للملحن الذى يستطيع أن يعبر بإحساسه عن كلمات الأغنية، وهذا هو الذكاء الفنى الذى كان يتمتع به العندليب، ولم يتوفر فى الجيل الحالى إلا فى الفنان عمرو دياب كما أشار شامل، وقال بغض النظر عن عقد مقارنات بين حليم ودياب فإنى أرى الفنان عمرو دياب حقق فى هذا العصر نفس نجومية حليم لتمتعه بنفس ذكاء العندليب، خاصة أن حليم لم يكن صاحب الصوت الأقوى بين أبناء جيله لكنه كان صاحب الصوت الأحلى وكان الأكثر ذكاء فى التعامل مع الوسط الفنى.

وتناول شادى شامل الحديث عن مسلسل العندليب، وكيف اشترك فى المسابقة الخاصة بالترشح للمسلسل، خاصة أن كل التوقعات كانت ضده، لكنه عاند وثابر حتى استطاع أن يثبت جدارته للدور حتى تحقق له الحلم الذى طال انتظاره له فهو يسعى للعمل بالمجال الفنى منذ عام 1994.

وعبر شادى شامل عن تقديره لكل فريق المسلسل، خاصة أن الجميع كان يساعده لأنه أول مرة يخوض تجربة التمثيل، وخص شامل الفنانة عبلة كامل بتقدير خاص، ليس لأنها قامت بدور الحاجة عليه شقيقة حليم، بل لأنها كانت قدمت لشامل العديد من النصائح، أفادته فيما بعد خاصة فى فيلمه "قاطع شحن" الذى يعرض حاليا فى دور السينما، وأعلن شادى عن وجود مشروع دويتو مع مطرب كبير سيرى النور قريباً واختتم شامل حديثه عن حليم بغناء مقطع من أغنية "أهواك".

اليوم السابع المصرية في

30/03/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)