حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

(In The Loop) يرصد علاقة إشكالية للمخرج آرماندو لانوتشي مع غاندولفيتي وكابالدي

بريطانيا وأميركا في مواجهة مع مشاعرهما الحقيقية خلف أبواب مغلقة

التصريحات تكرّر تحالفهما وكواليس السياسة والدبلوماسية تتّسم بالشتائم

محمد حجازي

فيلم مفاجئ جداً· يقول في العلن، ما يتم تداوله في السر، أو حصوله بعيداً عن الأنظار والمراقبين، واللافت فيه جداً هو أنّه من توزيع أفلام BBC، في إنتاج لـ كيفن لادر وآدم تاندي، وإخراج لـ آرماندو لانوتشي الذي استطاع بحرفية شديدة التعاون مع مدير التصوير جيمي كارني لترجمة نص متداخل، متشعّب، صعب، سهل، مباشر، ومبطن، لخمسة من الكتاب: هارولد هانينغ، جيسي أرمسترونغ، سيمون بلاكويل، نون روتس مع ضابط الحوار إيان مارتن·

والواقع أنّ مَنْ يستحق الإشادة هما مُشرفا الكاستنغ سارة كروي، وميريدث توكر اللتين استطاعتا تركيب فريق عمل للفيلم متجانس في ملاءمته لما ورد في نص الفيلم، من معلومات وأجواء كوالسية جعلته مادة جديرة بالاهتمام والاستناد إليه كلّما أراد صانع فيلم الاشتعال على نمط مماثل للوصول إلى نتيجة كشف حقائق كالتي ظهرت في شريط (In The Loop) المُصوّر في لندن في 106 دقائق ويحمل تاريخ أواخر العام 2009·

هناك قرار له مشروع تشتغل عليه بريطانيا في مكاتب وزارة خارجيتها لتأمين التصويت عليه في الأمم المتحدة، ويجري حشد الطاقات والاتصال بكل الأطراف الفاعلة للحصول على أوسع تصويت مؤيد، وكُلِّف فريق كبير في الخارجية القيام بكل الترتيبات مع رغبة لا سماح من دونها للفوز بتمرير المشروع·

وإذ تتقاطع المشاهد واللقطات بين لندن وواشنطن نعثر على فراغ في كيان العلاقة بين البلدين، حيث كانت بريطانيا تستعمر أميركا عندما كانت امبراطورية لا تغيب عنها الشمس·

أحد القيّمين على الفريق البريطاني مالكولم توكر (بيتر كابالدي) كان يدير العمل بعصبية واضحة، ويتجاوز كل عقبة تقف في طريقه دون السؤال عن التداعيات، ومن الذين راحوا ضحية سيمون فوستر (توم هولاندر) الذي حاول اللعب على طريقته علّه يفوز وحيداً، فإذا به خارج السياق، وحين حاول القيام بردّ فعل وجد نفسه وحيداً·

ونواجه واحدة من أهم مشاهد الفيلم حين المواجهة بين الجنرال الأميركي جورج ميلر (جيمس غاندولفيتي) وتوكر، فإذا بعبارات بذيئة، غير مؤذية ينطقان بها، وهما قريبان من بعضهما البعض، في محاولة واضحة لإظهار حقيقة ما يدور في الخفاء، وما يُقال من خلف الظهور من الأميركي عن البريطاني والعكس صحيح·

ويتكرّر مضمون هذا اللقاء المكهرب، والملتهب، لكن كل الكلمات السيئة التي تُقال، تواكبها ابتسامة كاملة، بحيث لم ينتبه أحد ممّن يُحيطون بهما أنهما فعلاً مختلفان ويتشاتمان بعبارات مثل: حقير، نتن، خنزير وما شابه·

كل هذا لإعطاء صورة تتجاوز المتعارف عليه·

نعم يقول الفيلم وهو ليس كوميدياً، ولا نوعاً من أنواع الفانتازيا بل يردّد كلاماً جاداً - حقيقياً يضرب على كل الأوتار التي يمكن أنْ تخطر ببال المشاهد، وإذا كنّا نحن في شرق العالم التقطنا هذه الإشارات المباشرة فكيف هي الحال في البلدين المعنيين، ونحن نعرف أنّ أوروبا عموماً عندها عقدة من أميركا، مثلما هي حال أوروبا معنا - التي نعتبرها مطمحاً لكل منّا وباباً من أبواب السعادة في دنيا الرزق والسياحة في آن·

كل هذا المناخ المتوتر والغارق في تجاذبات متواجهة جداً يجد نهاية له مع وصول مشروع القرار إلى الأمم المتحدة، فهناك السياسة العليا أنّ البلدين حليفان وهو ما يرتّب على جميع العاملين من الطرفين الرضوخ لهذا المنطق الثابت وخدمته، ومنع فشله، لذا يُقر المشروع، ونرى جميعاً كيف أنّ العصبية الآنفة وهي حقيقية فترت ولم تعد ساخنة عندما وصلت إلى لحظة اتخاذ القرار·

أي شريط يمتلك هذه الطاقة من الصراحة والمباشرة والجرأة، يستحق منّا الاحترام الكبير، لأننا في منطقة لا تعرف كيف تصارح نفسها، وتقرأ وجهها وتقرّر أنْ تقول حقيقة نفسها·

فيلم <لانوتشي> أقرب إلى أشرطة هوليوود الكبرى التي أُنجزت عن اغتيال كينيدي، وصراع أجهزة المخابرات حول العالم، وحرب فيتنام خصوصاً في السلسلة التي بدأت مع بلاتون ولم تنته حتى الأشرطة المنفّذة حول حرب العراق، واليوم نحن نخوض مفاضلة ورهاناً في الأوسكار على هذا الأساس بين جمال السينما (AVATAR) وقضاياها (The Hurt Locker

اللواء اللبنانية في

08/03/2010

زوم

تحضّروا للمنافسة العربية المقبلة قريباً جداً من تونس···

محمد حجازي

هلْ علينا أن ننتظر الكثير من السينما التونسية؟! وهل مجرّد الدعم الرسمي لقطاع ثقافي فني - ضمانة كاملة للفوز بإنتاج وفير ومسرف؟! ففي خطابه بـ <نزل القصبة> عن القيروان، قال الرئيس التونسي زين العابدين بن علي <إن العام 2010 هو عام السينما في البلاد>، ونحن نؤسّس على كلام أطلقناه أكثر من مرّة يحفّز سينمائيي الدول المغاربية العربية (تونس، الجزائر والمغرب) كي يبادروا ويقدّموا لنا أفلاماً كالتي سبق وشاهدناها في أكثر من حقبة سابقة سواء <بزناس> لـ نوري بو زيد و<الملائكة> لـ رضا الباهي، و<القصر> لـ مفيدة تلاتلي (بطولة هند صبري) ومن المغرب <شاطئ الأطفال الضائعين> لـ جيلالي فرماتي مع شقيقته الممثلة الرائعة سعاد ومن الجزائر حامل سعفة <كان> الوحيد من دنيا العرب عن فيلمه <وقائع سنوات الجمر> (محمد لخضر حامينا)، إشارة إلى أنّ الراحل يوسف شاهين حاز سعفة خاصة عن تاريخه السينمائي وليس عن فيلم له، إضافة إلى مرزاق علوش وأحمد راشدي وغيرهما·

نعم سينما هذه المنطقة العربية من العالم، مغيّبة، وهي إنْ حضرت لن نعود نشاهد غيرها، وأبلغنا المنتج حسن دلدول الذي التقيناه في القيروان منذ أيام أنّ ما يتم التحضير للبدء به قريباً سيكون مشاريع لها قيمتها تدعمها الدولة بقوة وبدون حدود، وتؤمّن لها التسهيلات، وفي الاحتفالية نفسها تحدّثنا إلى المخرج الباهي الذي قال إنّه أروع كلام سمعته إلى الآن، على ما أذكر، وحين هنّأنا الممثّلة النجمة هند صبري على تكريمها الرئاسي بادرتنا: هذه رعاية نادرة يكبر بها، ومن خلالها الفنانون والمثقّفون، هذا يعني إعادة أمجاد السينما التونسية لأنها حرام أن تبقى على الهامش·

نعم، لا سينما تهزّنا إعجاباً هذه الأيام بل أفلام تهز أبداننا وتجعلنا في حيرة وتساؤل، لماذا تغيب مسؤولية السينمائيين عن السينما التي يقدّمونها، ونعود لنتذكّر كم كانت تونس تضخ المهرجانات العالمية خصوصاً <كان> بالأفلام المتميّزة الكبيرة التي تؤكد عمق التجربة السينمائية في هذا البلد، إضافة إلى حضورها المتلاحق في معهد العالم العربي في باريس في أسابيع سينمائية متعدّدة أو في منافسات ضمن مهرجان السينما العربية في باريس الذي توقّف للأسف بعد عدة دورات ناجحة ومميّزة·

مشكلتنا الرئيسية في دنيا العرب هذه الأيام هي انعدام المنافسة السينمائية وغالباً ما يكون هذا سبباً رئيسياً في تدنّي المستوى - طالما أنّ المخرجين يشعرون بالأمان مع عدم وجود أفلام قوية في مواجهتهم، في أي مكان من العالم العربي، على الأقل أن كثيرها لا يعثر على مكان في المناسبات العالمية باستثناء فلتات شوط (المسافر لـ أحمد ماهر) لم تخسر أي تقدير·

إنّ عودة الأنموذج المغاربي من الباب التونسي وبوعد رسمي من أعلى سلطة وأول شخصية في البلاد، تعني أنّنا بصدد عملية تحريك للمياه، الراكدة سينمائياً في العالم العربي - بعدما كان الانتظار يطول للعثور على شريط مهم من القاهرة، لكن لا يكفي فقط شريطان في العام الواحد نصفّق لهما، وكذلك هي الحال في لبنان حيث ننتظر نادين لبكي وفيليب عرقتنجي وما عندهما، وعرفنا أنّ سوريا حرّكت القطاع السينمائي مجدّداً بعدها هيمنت بقوة على الحضور التلفزيوني·

أكثر ما يعنينا في السياق هنا، تقدير السلطات الرسمية، لمعنى وقيمة ومرامي الفن السابع، وكم هو قادر على تحسين صورتنا العربية أمام العالم، هذا إذا ما أحسسنا الاختيار والتواصل وإفساح المجال أمام المُبدعين أنْ يأخذوا حرّيتهم في طرح أفكارهم ورؤاهم، وبعدها علينا أنْ نُحصي التقديرات العالمية لنا·

اللواء اللبنانية في

08/03/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)