حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

عوده الروح لا تفاقيه عمرها ربع قرن

حوار: مايسة أحمد/ محمد كمال/ نورهان نبيل

حدثان مهمان في صناعة السينما المصرية شهدهما الاسبوع الماضي.. سيلقيان بظلالهما بعدما يثير ا جدلا أكبر في الاسابيع وربما الشهور القادمة. الحدثان هما مشروع قانون جديد، والآخر اتفاقية لتطوير صناعة السينما.. بينما أطراف الحدثين جانب مصري حكومي وخاص، وأجانب فرنسي يعول عليه كثيرا في اعادة ترتيب هيكلة البيت السينمائي المصري.منذ عام ٣٨٩١ واتفاقية التعاون المشترك بين وزارتي الثقافة المصرية والفرنسية في إطارها السينمائي مجمدة.. غير أن الدكتور خالد عبدالجليل قرر إعادة الاتفاقية إلي النور، خاصة أن تفعيلها يؤدي إلي انقاذ التراث السينمائي المصري لتلوح في الأفق بوادر بروتوكول جديد بين المركز القومي للسينما بمصر، والمركز الوطني للسينما بفرنسا.

يشرح د. خالد عبدالجليل (رئيس المركز القومي للسينما) كيف جاءت الخطوة الأولي في طريق الاتفاقية مع فرنسا فقال: تعرفت علي أحد المتخصصين في المؤثرات السمعية والبصرية بالمركز الثقافي الفرنسي وهو توماس بيرجيون، وتناقشنا كثيراً، ولمست اهتمامه بصناعة السينما في مصر وأخذنا نبحث كيفية وضع تعاون مشترك مع فرنسا.. فقمت بتلخيص المجالات التي يمكن أن تنص عليها الاتفاقية ومنها الأرشيف.ودعم الأفلام والإنتاج المشترك.. والبند الأهم هو إحياء الاتفاقية التي كانت بين وزارة الثقافة المصرية والفرنسية التي عقدت في الثمانينيات والتعامل علي بنوها.. وتمت مقابلة بيني وبين المركز الوطني للسينما الفرنسية (CNC) والممثل له سعد رمضان وهو مسئول مهم بالمركز وتناقشت معه في النقاط التي كنت وضعتها بحيث نحصل بموجبها علي دعم وخبرات من المتخصصين، واتفقنا علي ضرورة سفري إلي فرنسا قريباً.. حتي أنهم وضعوا جدول الزيارة لتضم السينماتك (مكتبة الأفلام- الأرشيف) ومقابلة رئيس المركز الوطني للسينما الفرنسية، وأيضاً زيارة لمدرسة السينما هناك.. بما يتيح عقد اتفاقيات للتعاون المشترك في الدعم والإنتاج وكل المجالات وعمل مكتبة أفلام مشتركة للاستخدام الثقافي بين البلدين.

·         ولكن كان هناك أصلاً اتفاقية بين مصر وفرنسا.. فإلي أي مدي وصلت؟

- أجاب عبدالجليل: لا أعلم.. »أنا جيت لقيتها واقفة« ولذلك نحن نحاول إعادة إحيائها، واتفقنا بعد عدة مقابلات معهم علي بعض البنود التي أستطيع بموجبها قبول دعوتهم للنقاش حولها.. فكان ضمن الخطاب أن الزيا رة من شأنها إحراز التقدم المتعلق ببعض المشروعات وفيها تشريع الإنتاج المشترك بين البلدين وفقاً لما ورد في الاتفاق الخاص في هذا الإطار والمبرم عام ٣٨٩١.. كذلك تبادل الخبرات مع مركز السينما بفرنسا والتعرف علي السبل المبتكرة الخاصة بصناعة الأفلام هناك بحيث نستطيع أن نقوم بما يسمي إعادة هيكلة لما يسمي الاقتصاد السينمائي في مصر وكيف نحقق الاستفادة في هذا الإطار.. بالإضافة لطرح مشروع تعاون مشترك خاص بترميم الأفلام وتكوين أرشيف خاص بتاريخ السينما.. فكانت وجهة نظري- والكلام لعبدالجليل- أن نطرح النقاط التي يمكن أن نستفيد بها سواء في دعم وترميم الأفلام مثلاً أو الاستفادة من خبراتهم في مجال الأرشيف، وذلك علي مستوي الدعم الفني والخبرات.

·         لكن شركة الصوت والضوء تقوم أيضاً بعمليات ترميم الأفلام.. هل سيكون هناك تعارض بينهما؟

- ليس هناك تعارض في شيء.. فهذا تعاون بين حكومتي مصر وفرنسا في مجال السينما، وأي اجتهادات أخري تشجعها في النهاية كل ذلك يصب في مصلحة البلد...الاتفاقية ما هي إلا بروتوكول.. أي صيغة تعاون، وعلينا أن نستفيد منها قدر المستطاع.. فهي مجرد مدخل لبداية التعاون المشترك بين البلدين ونبدأ بعدها التحاور، ومن ضمن ما سأناقشه في فرنسا، مسألة تطوير أفلامهم في مصر.

·         ما الشروط التي ستختار وزارة الثقافة علي أساسها الأفلام المصرية التي تتم ضمن هذه الاتفاقية؟ وهل ستقتصر علي نوعية معينة.. وهل سيتم استبعاد الأفلام التجارية؟

- نحن نتحدث عن إطار التعاون بشكل عام.. فعلي سبيل المثال في ترميم الأفلام عندما يأتي الفرنسيون إلي مصر يمكن أن تستفيد شركة الصوت والضوء أو حتي إحدي شركات القطاع الخاص لأنه في النهاية نيجاتيف مصري مهما كان المالك له.. في الانتاج المشترك عندما نتحدث عن تحربة الدعم، نحن نضع النظام الذي سيقوم بتفريغ أفلام بعينها يمكن أن نمولها، ولكننا لا نستطيع أن نضع العربة أمام الحصان.. فلنفتح أبواب التعاون ثم نكتشف كيف ستسير الأمور.

·         ولماذا لا تتضمن الاتفاقية بند توزيع الأفلام سواء الفرنسية او غيرها في مصر والعكس؟

-  أنا كجهة حكومية مهتم بعض الشيء بما يخص الدولة وهو الأرشيف والدعم والترميم.. أما التوزيع فهي مسألة مرتبطة بالقطاع الخاص وهي ليست وظيفة المركز الوطني للسينما في فرنسا.

·         وعن توزيع أفلامنا المصرية في فرنسا؟

- هذا مرتبط بأن الفيلم المصري لابد أن يكون له سوق.. فالتوزيع ليس أن نرسل فيلم و»يتوزع«، وإنما كيف نفتح سوق.. وهذا بدأ الآن في مهرجان كان وبرلين، وكل المهرجانات التي بها أسواق، وما يحدث أنهم يقوموا بحجز قاعات عرض للأفلام المصرية ويستقطبوا الموزعين الأوربيين ليشاهدوا أعمالنا، وبعدها يحصلوا علي حق توزيعها، ففي البداية كنا نتخوف من هذه المسألة لأن مستوي الأفلام كان رديئاً جداً.. أما الآن فالتقنية عالية وهناك جرأة لعرض الأفلام، ويكفي أن وزارة الاستثمار جمعت كل الشركات المصرية في كيان واحد، وهو شيء جميل ومهم أن نتحرك للعالم وألا نظل »محلك سر«.

·         في رأيك ما المنفعة العائدة عليهم؟ هل مواجهة الهيمنة الامريكية عن طريق تسلل أفكار وثقافة وحضارة فرنسا عبر أفلام الانتاج المشترك؟

ـ ما أريد توضيحه هو أن السينما الامريكية قدمت نوعية معينة من الافلام وهي الاكشن والحركة والعنف بعيدا عن الاعمال الانسانية والفلسفية التي تتسم بها الافلام الفرنسية.. وبالتالي تتاح أمامنا نوعيات مختلفة من الاعمال وأيضا انتاج أو المساهمة بدعم هذه النوعيات التي يصعب انتاجها بسبب السيطرة الامريكية.. وهذا يشبه ما قامت به وزارة الثقافة المصرية عندما قدمت اليهم لعدد من الافلام.. فنحن لم نتوقف حتي الآن أمام مسألة مهمة جدا  - والكلام لعبدالجليل - باننا اذا عدنا للأعمال التي قدمت في ٩٠٠٢ كلها  سنتأكد انه بدخول دعم وزارة الثقافة المصرية حدثت طفرة في المكون الفكري للسينما مما انعكس علي التواجد الدولي في المهرجانات بأفلام عالية الجودة مثل »رسائل البحر - بالألوان الطبيعية - عصافير النيل« .. وغيرها .. سنجد أن السينما المصرية أصبح لديها في عام واحد ٦ أفلام مهمة جدا تستطيع ان تدخل بها المحافل الدولية وتنافس بها أمام العالم.. وهذا لم يكون موجودا في الاعوام السابقة.. طبعا بالاضافة لفيلم مهم جدا لا اريد ان ابخسه حقه وهو »واحد/صفر« وكان من انتاج جهاز السينما.. وبالتالي أصبحت السينما المصرية في دائرة الضوء عالميا.. وفي الحقيقة هناك منتجين من القطاع الخاص أيضا.. لا أريد أن اغفلهم قدموا اعمالا جيدة مثل »هليوبوليس« و»عين شمس« وهما من انتاج شريف مندور.

·         هذه الاتفاقية هل يمكن أن تغني وزارة الثقافة عن التعاون مع شركات الانتاج الخاص في دعم الافلام.. مثلا بالألوان الطبيعية هو انتاج مشترك بين الوزارة  و المنتج كامل أبوعلي صاحب شركة الباتروس؟

- أفضل طوال الوقت استخدام مصطلح بروتوكول وليس اتفاقية.. لان الاخيرة تعني بنود واضحة ومحددة ذاهبين لتوقيعها في فرنسا.. وانما البروتوكول هو اننا وضعنا عناوين المجالات التي من المقرر التعاقد عليها بين البلدين ثم تندرج تحتها صيغة لاتفاقيات عديدة .. والحقيقة ان مهما حاول البلدان دعم فيلم.. فلن يستطيعا تقديم دعم صافيا.. مثل ما حدث مع فيلم »المسافر« لكن بصراحة هذا ليس محببا.. فالدولة ليس دورها انتاج الافلام.. ولكن عليها دعم الصناعة.. سواء عن طريق المال أو حتي بناء الاستوديوهات.. أي تقدم البنية الاساسية للصناعة وتسن القوانين التي لا تعوق الاستيراد أو التصدير أو حركة الافلام أو تصويرها في مصر.. فدور الدولة هو ازالة العوائق وتذليل العقبات تجاه حركة الصناعة.
 
عندما تدخلت الدولة بدعم الافلام قامت بتغيير المكون الفكري للجمهور.. هل هناك مجال لتدخل فرنسا في مضمون الاعمال التي سيشاركون في انتاجها؟ لانهم اذا لم يستفيدوا ماديا فبالتأكيد سيكون من مصلحتهم تسريب ثقافتهم الينا عن طريق تلك الافلام ــ  هذه مجردات ووقت التفاوض لا يتم مناقشتها.

·         وماذا عن وقت التنفيذ.. ألن يحدث ذلك؟

- ليس أيضاً في وقت التنفيذ.. الامر مثل أن يقوم أحد طلابنا بالسفر للخارج ويحصل علي دعم - وفي وقت تنفيذ الفيلم المدعوم »لن يقفوا فوق رأسه« أو يرفضوا اتمامه.

·         ولكن الاعتراض قد يكون علي فكرة السيناريو ؟.

- نحاول من جانبنا الدخول في تفاصيل أثناء المفاوضات للسيطرة علي بعض النقاط التي تهمنا.. وهذا يتوقف علي مهارتنا في التفاوض.

الجانب الفرنسي

كان لابد أن نعرف وجهة النظر الفرنسية من كل هذه المشاريع والاتفاقيات بكل تفاصيلها لتوضح كيف ينظرون لهذا الامر فقال توماس بيرجيون: وقع اختيارنا علي السينما المصرية لانها ذات تاريخ عريق مثلها مثل السينما الهندية والامريكية.. ومصر معروفة بالمخرجين الكبار فيها مثل الراحل يوسف شاهين وبها أفلام علي مستوي عالي من الجودة ونحن بصدد تنفيذ مشروعين هما هدفنا من الاتفاقية .. بجانب ترميم الافلام وعمل أرشيف لها.. بالاضافة لتبادل المخرجين عن طريق مدرسة »فينيس« وهي من أكبر المعاهد التعليمية في فرنسا لتعليم فنون السينما.

·         وبالنسبة للاتفاقية السابقة.. هل سيتم تعديل بنودها أم ستظل كما هي؟

- عندما يسافر د.خالد عبدالجليل ويتقابل مع رئيس المركز الوطني للسينما الفرنسية بالتأكيد ستحدث مناقشات وربما يتم تجديد الاتفاقية السابقة أو تعديل البنود الموجودة بها.

·         هل ستشمل هذه الاتفاقية قطاع الانتاج الخاص أم ستقتصر علي القطاع العام في مصر؟

- هذه الاتفاقية تتيح الافلام المصرية أن تحصل علي دعم حكومي من فرنسا متمثلا في المركز الوطني.. أما عن توجيه الدعم لأفلام الدولة في مصر أو القطاع الخاص بها.. فذلك سيتم الاتفاق عليه عند اعادة صياغة الاتفاقية.

·         ما الخطة المبدئية التي تتصورونها في مجال ترميم الافلام وأرشيف السينما المصرية؟

- في هذا الاطار نحن نتوقع نوعين من التعاون كخطط قصيرة أو طويلة الأجل.. الاولي من السهل تنفيذها وهي التفاوض وعمل بروتوكولات لتبادل الطلبة والاساتذة والمخرجين والتعاون في مجال السينما في فرنسا لكن المشروعات طويلة الأجل مهمة جدا وتتوقف علي مدي قوة التفاوض بين الطرفين عندما يسافر د.خالد عبدالجليل الي المركز الوطني الفرنسي وكيف سنتناول في النقاش مسألة الترميم والارشيف.. لاننا مهتمين جدا بالسينما المصرية لانها عملاقة وتملك أرشيف ضخم - ونحن نعرف أن جزء كبير منه حالته سيئة ولذلك نحن متحمسون لاعادة أرشفة هذا التراث العظيم والتعاون في حفظة -

·         لكن هذا سيظل مجال بحث وتفاوض في فرنسا من الجانبين حتي نصل الي صيغة مناسبة للتعاون في جميع المجالات وهل يمكن  استغلال الاتفاقية في توزيع أفلامنا بالخارج والعكس؟

- هذا ليس سهلا لاننا حاولنا من قبل عرض أفلامنا هنا في مصر العام الماضي وكان ذلك بثمانية أفلام لم تحقق النجاح المطلوب.. لأن السوق المصري يقبل أكثر علي أفلام بلده.. وكذلك علي الافلام الامريكية.. وبالتالي فهناك صعوبة علي الجمهور لمشاهدة ثقافة أخري.. ولذلك نحاول أن نتسلل مثلا عن طريق بانوراما الفيلم الاوروبي الذي تتبناه المنتجة المصرية ماريان خوري.. الذي عرضنا فيه أربعة أفلام فرنسية ضمن الـ ٢١ فيلما التي عرضتها البانوراما.

·         دعنا نتحدث بصراحة ماذا ستستفيدون من هذه الاتفاقية؟

- شيء جميل بالنسبة لنا أن تكون هناك أفلام انتاج مشترك معكم وان نساهم في دعم الافلام المصرية.. وبالنسبة لنا.. هذا أفضل بدلا من اتجاه مصر للتعاون مع السينما الامريكية .. ونحاول الحفاظ علي الدول التي يوجد بشكل أو بآخر علاقة تاريخية ثقافية بيننا وبينها.وأضاف توماس: هذا الموضوع مهم علي مستويين.. سياسيا واقتصاديا ..الاول لان يهم دولتي أن تكون موجودة بثقافتها وحضارتها في الافلام التي تنتج بدلا من تلك التي تهيمن بها امريكا علي العالم وأسواق.. وبالتالي تؤثر علي عقول وأذواق المشاهدة وهو ما يجب محاربته في مقابل انتاج أفلام فرنسية مشتركة تدعم ثقافة بلادنا.. وعلي الجانب الاقتصادي.. فالشرق الاوسط وتحديدا مصر هي سوق متسع للأفلام لان دورة رأس المال فيه ضخم.

·         يعني ذلك انكم قد تتدخلون لصياغة السيناريوهات التي ستقومون بالاشتراك في انتاجها بما يتناسب مع ما تريدون ترسيخه من ثقافة وحضارة فرنسية .

ـ في كل الاحوال هذا غير متاح لان هناك بعد ذلك توزيع الفيلم.. ومهمتي اعطاء الدعم لتمويل كتابة السيناريو.. أو أقدم مبالغ مالية للبدء في تنفيذ الفيلم وفي حالة التعاون في الانتاج لن اسيطر عليه لان ستكون هناك نقاط محددة في البروتوكول.

وفي النهاية بسؤال توماس عن موقف »س. ان . س« من المشروعين المقدمين احدهما للقطاع العام والآخر للخاص قال: مشروع المركز القومي للسينما التابع لوزارة الثقافة المصرية هو قائم منذ ثلاثة أو أربعة أشهر والامور أصبحت واضحة فيه.. ويبقي فقط أن يسافر د.خالد عبدالجليل للاتفاق النهائي مع » C.N.C«.. لكن بالنسبة للمشروع الخاص بعادل أديب فهو تحدث معي بشأن منذ أسبوعين فقط.. وهذا بالنسبة لي حديث نسبياً.. ولكني اعتقد أنه مشروع شيق لانه يتناول مسألة اعادة هيكلة صناعة السينما ككل.. وهو شيء جيد.. ولكني لا أعرف حتي الآن كيف يكون  موقف »C.N.C« أو دورها فيه.. فلا أعرف ما هو الدور الحكومي التي تستطيع فرنسا أن تساهم به.. وخاصة ان مشروع عادل أديب للقطاع الخاص.. وحكومتنا طوال الوقت تفضل العمل مع المؤسسات الحكومية.. وبالرغم من كل ذلك.. كنت سعيدا عندما حضرت المؤتمر الصحفي الذي عقده عادل أديب والتقيت فيه بمنيب شافعي رئيس غرفة صناعة السينما وكذلك يوسف شريف رزق الله المسئول بمدينة الانتاج الاعلامي.. واعتقد أن ذلك قد يفتح حوارات بعد ذلك.. ولكن  لا استطيع أن اصرح باية اجراءات محتملة لأني موظف حكومي واتحدث باسم دولتي وخاصة ان دعوة عادل اديب وصلتني بشكل شخصي وليس رسمي.

ثلاث سنوات ظل خلالها المخرج عادل أديب ينقب ويبحث عن سبيل لتطوير - صناعة السينما - إلي أن وجد ضالته أخيرا بالتعاون مع أعرق ثلاث مؤسسات سينمائية فرنسية.. بعدها اكتشف أديب أن الاشكالية التي تواجه التطوير المنشود تتمثل في تغيير القوانين المعمول بها في الحقل السينمائي!

في بداية حوارنا مع المنتج عادل أديب شدد علي أهمية اصدار قوانين جديدة تنظم صناعة السينما، متعجبا من كون القوانين المعمول بها حاليا قديمة ولا تتناسب مع أهمية تلك الصناعة التي وصفها أديب بالثقيلة.. مشيرا إلي أهمية الاستفادة من الخبرات الفرنسية في هذا المجال.

·         سألناه: وما العائق الذي يقف أمام اصدار مثل هذه القوانين؟

- الاشكالية تكمن في أن كل من يتصدي لاصدار وتحديث قوانين صناعة السينما عليه أن ينتظر موافقة مجلس الشعب الذي ليس له أية علاقة بصناعة السينما.. علما أن هناك تشابك بين عدة وزارات وصناعة السينما التي من المفروض أن تتوالها غرفة صناعة السينما والتي لابد أن تكون هيئة قوية ومسيطرة بقوانينها ومستقلة في ذات الوقت عن الحكومة.. لذلك لا تتوافر لدينا صناعة سينما مثلما توجد في مختلف دول العالم المتقدم.

·         برأيك.. ما السبيل الي صناعة سينما قوية؟

- أؤكد أن القوانين الحالية لا تسمح بهذا، خاصة أن صناعة السينما تتبع حزمة من الوزارات منها وزارة الاستثمار، والثقافة والصناعة.. لذلك ليس لدينا هيكلة حقيقية وسليمة لصناعة السينما.

ويضيف أديب: السينما في رأيي »عرض« الدولة لذا يجب ألا نهينها بهذا الشكل.. فعلي رجال الدولة أن يؤمنوا بأهمية الشق السياسي للسينما، خاصة اذا علمنا اننا نعاني منذ فترة نتيجة اختفاء صوتنا الاعلامي السياسي الذي يجب أن نستعيده بقوة.

·         ولماذا اخترت النموذج الفرنسي في مشروعك لاعداد قانون لتنظيم صناعة السينما في مصر؟

- النظام الفرنسي يعد أعرق نظام يطبق في صناعة السينما في أوروبا كلها، فهناك مشروع اتفاق بيننا وبين أكبر ثلاث جهات سينمائية في فرنسا هي: المركز القومي للسينما CNCولجنة السينما الفرنسية » ايل دوفرانس«، وفيلم فرانس وسوف يصل ممثلي ـ »ايل دو فرانس« الثلاثة الي مصر في التاسع من مارس القادم للتشاور معهم، والاستفادة من تجربتهم.. فمن الضروري أن نستمع اليهم لنفهم منهم كيف يديرون صناعة السينما، وكذلك بحث التعاون السينمائي المشترك بين البلدين، وهو ما يتيح - بعد الدراسة - تغيير بعض القوانين واللوائح عن طريق غرفة صناعة السينما.

·         وهل وجدت ترحيبا بالتعاون مع الجانب الفرنسي.. وما المقابل من الاستفادة من خبراتهم؟

- لابد أن نعرف أن هناك شركات انتاج ضخمة في العالم يطرقون باب  هذه الهيئات في فرنسا ويدفعون لهما مليارات الدولارات للحصول علي الخبرة الفرنسية مثل شركتي »وارنر« و»برامونت« وغيرهما.. ولكن هذه الجهات تعرض علينا خبراتها مجانا وبدون مقابل.

·         وما سر تحمسهم لذلك؟

- لأن من أهم أسباب وجودهم كهيئات هو التواصل بين الثقافات الأخري - أما من الناحية المادية فمهمة جدا لان القانون سيكون فرنسيا وبالتالي يستطيع ان يتفاهم معنا أكثر والعكس أيضا.. كما أنه بذلك يفتح سوقين وتنشط صناعة السينما لديه كذلك.. ويفسح مجال لتبادل التصوير وعرض الأفلام في البلدين.. وبالتالي الاستثمارات ستزداد وهنا تكون المصلحة اقتصادية أيضا.

·         ولكن كيف جاءت هذه المبادرة؟

- أجاب علي الفور: من عندي.. فأن كمواطن وكشركة جودنيوز دائما اسافر واتعامل مع الخبراء والمنتجين في الخارج حيث أقوم بانتاج مشترك وأعرض أفلامي هناك فعلاقتي جيدة بصناع السينما الفرنسية وحين طرقت بابهم وجدت الترحيب وعندما ذهبت بعدها الي غرفة صناعة السينما في مصر ومركز الافلام التسجيلية ومدينة السينما وجدت أنهم مهتمون ومعجبون بالخطوة وتحمسوا جدا.

·         فكرة كهذه بالتأكيد واجهت بعض الصعوبات لاقناع المهتمين بصناعة السينما بها ..

 - هناك بعض »التخوفات« متمثلة في شقين.. الأول هل الحكومة ستوافق علي تغيير القوانين لصالح صناعة السينما؟!.. وهي مسألة صعبة.. ولكن من وجهة نظري أري أن ذلك سيحدث ولكنه سيستغرق وقتا ولكني متفائل .. فليس عيبا أن نحاول التعلم من الخبراء في الخارج .. وبالمناسبة هذه المبادرة لم تستغرق مني أكثر من أسبوعين.. صحيح انني دائم التردد والنقاش والاتفاق مع تلك الهيئات منذ أكثر من ثلاث سنوات ولكن عندما قررت أن ادخل حيز التنفيذ.. استجابوا فورا.

·         وماذا عن الشق الثاني من التخوفات؟

- متمثل في هل سيوافق القطاع الخاص علي هذه التغييرات؟ ومع احترامي الشديد لجميع أفراد هذا القطاع وأنا منهم فكل منا له طريقة عمله ويكسب منها سواء كان بشكل صحيح أو خاطيء.. فهل سيوافقوا علي قانون مفاجيء يجعله يتملك الأمور بشكل قوي؟ هذا هو السؤال.. وليس المقصود أن أهاجم القطاع الخاص لأني أصلا أحد أطرافه.

·         وعن آليات هذه المبادرة؟

- قررت مخاطبة فاروق حسني ورشيد محمد رشيد ويوسف بطرس غالي .. وغيرهم كوزراء تتبعهم الهيئات المعنية في هذا الاطار.. وأنا لدي يقين يصل إلي اقصاه بانهم لن يخذلونا لانهم اصلا من محبي صناعة السينما ومتفهمون جدا لها.

·         وماذا عن المدة الزمنية الانتقالية لهذه الاتفاقية؟

- اتفقنا علي عام كامل نقوم خلاله بالتعريف والاستماع لجميع التفاصيل ونحاول أن نطبقه وننظمه من خلال بيوت خبرة تقيم الوضع .. فلابد من وجود مستشارين ومتخصصين نرجع لهم

·         في رأيك - بصراحة - هل أفلامنا التجارية تصلح للعرض في الخارج؟ أم أن التبادل سيقتصر علي نوعية معينة مثل أعمال داود عبدالسيد أو أسامة فوزي؟

- السينما سينما.. فهي لغة عالمية ولكن هناك فارق في أن أقدم فيلما محليا جدا والعالم لا يهتم به.. فالأهم هو كيفية عرض أفلامنا من حيث مواصفات السيناريو والتمثيل والمكياج والاكسسوار.. وليس سينما » وخلاص « .. فيجب أن تكون أعمالا محترمة وعلي مستوي جيد.. وهو ما بدأ في الظهور في السنوات الاخيرة  فمهم أن تصل أصواتنا للجانب الآخر.. عن طريق فتح أسواق وعرض أفكار وجمع الثقافات.. لأن العالم لا يعرف الكثير عنا كعرب أو مسلمين.. فأعمالنا كانت متواجدة بقوة حتي الستينيات وبعد ذلك اختفت .. وبالأتفاقية التي نتحدث عنها الآن سيستطيع طالب معهد السينما قبل التخرج أن يخاطب أكبر الهيئات الفرنسية ويستطيع أن يشارك في أعمال وأن يطالب بحقوقه بدون أية تكلفة لاني وصلت لاتفاقية علي »طبق من فضة« .ويضيف أديب قائلا: السوق لا يتحرك بمخرج فقط مثل الراحل يوسف شاهين ولا شركة مثل جودنيوز.. ولكن السوق يتحرك »بحراك« كامل.. لانها صناعة بشكل عام.

·         وما السيناريوهات التي تراها؟

- من يريد أن يكسب بشكل فردي فليسجل هدفا ومن ناحية أخري اذا حاولت الهيئات لدينا ان تتطور »فخير وبركة«.. فالاستفادة من كل اتجاه لكن المهم أن تبدأ الخطوة واكرر وأؤكد أنا مجرد منظم ووسيط بين الاطراف سواء اتفقوا أم لا.. ولكن وجب علي كشخص مثقف توضيح الامور حتي تصدر القرارات عن علم وليس عن جهل.. وأري أن الصحافة يجب أن تكون ضمن صناعة السينما من الداخل وليست مجرد شاهدة عليها من الخارج..ليظهر للجميع  من يحتكر ويرفض التغيير ومن يرغب في التطوير والتقدم.. فالسينما في النهاية صناعة ثقيلة ومهمة جدا ومن حقنا أن تسن لنا قوانين صحيحة وفعالة.. فمنذ فترة ونحن نقول - ليس هناك صناعة سينما - ونعمل فقط كأفراد وذلك من حوالي أربعين سنة بدون صناعة.ويستطرد أديب قائلا: عند انشاء بنك مصر كان أحد أهدافه دعم السينما ورغم ذلك لم ينتج حتي فيلما واحدا بينما توجد بعض البنوك بالخارج مخصصة لدعم صناعة السينما وعندما نتوسع وندعم المشروعات الفنية وننشيء دور عرض كثيرة سيسهم ذلك في حل مشكلة البطالة فأي منشأة بحاجة لقوي عاملة وأيضا دعم السينما سيكون سببا في الارتقاء بالمستوي الفكري والثقافي. فالأمر له ابعاد كثيرة جدا ولكن للأسف الناس »مش مركزه« ونجد أن الدعم قد يذهب لصناعات أخري »ماتجيبش من وراها مليم«!!

·         وهل بتبادل عرض الأفلام سنختار نوعية معينة من الأعمال الفرنسية فقط دون باقي الافكار؟

- هذا سوق سيخضع للعرض والطلب ومدي اقبال الجمهور.. فلن يكون هناك اجبار علي التوزيع.
لكن الانتاج المشترك سيكون به بعض الصعوبات علي الأقل كصراع الحضارات واختلاف طبيعة الشعوب.
تعقيب يجيب عنه أديب
: التناغم يأتي من صراع الحضارات فهو يصنع سينما جيدة فمثلا فيلم Love Story الذي قدم من قبل اذا قلنا ان البطل ايطالي والبطلة مصرية.. أو العكس وبينهما قصة حب من أول فكرة »القبلة« »الموضوع ح يفرق« لان هناك حضارة وثقافة مختلفة فهي ستؤمن انه ليس لمجرد انها انسانة منفتحة تبيع نفسها.. في حين انه سيري أن »القبلة« شيء طبيعي وعادي.. اذا دخلنا في هذا الصراع فقط ستتصاعد الاحداث وتكون مادة درامية خصبة لأن الناس أصابها الملل من حياتها الطبيعية التي تعيش فيها ويرغبون في مشاهدة عالم آخر ومعالم سياحية وطبيعية مختلفة وأشخاص وأفكار جديدة.. بالعكس.. أنا أري أن هذه الخطوة نجاحها ممكن جدا.

·         وفي رأيك هل الدراما الفرنسية تستطيع مواجهة السينما الامريكية التي استطاعت ان تحقق قاعدة جماهيرية كبيرة لدي المصريين؟

- في صناعة السينما لا يمكن التنبؤ بما سيحدث بمعني  أن فيلم »زي الزفت« ممكن يحقق أعلي الايرادات وهو ما يحدث في العالم كله وليس مصر فقط وممكن فيلم كويس جدا »وما يجبش مليم«.. ونحن لا نلاحظ ذلك.. لأن الجهات هناك تختار فقط الأفلام »من علي وش القفص« وتصدرها لنا.. ولا أحد ينكر أن السينما الامريكية مهيمنة ولكنها بدأت في السقوط مؤخرا.. وبدأت ترجع لأوروبا للقيام بصناعة أخري وبالتالي ظهرت هناك روح جديدة.. وبالمناسبة فكل الدراسات التي تتناول صناعة السينما أثببت أن أنظار العالم موجهة الي الشرق الاوسط في الفترة الاخيرة  لأن هناك احتياج لمعرفة الآخر .

·         ألا تري أن بوضع الجهات الفرنسية للقوانين سيكون لهم اليد العليا وحق التدخل في جميع التفاصيل؟

- »محدش ح يضرب حد علي أيده« فسيكون لدينا حرية الاعتراض أيضا.. لأن القوانين التي ستحكم هذه العملية سيتفق عليها منذ البداية من الطرفين وللعلم القوانين لديهم لا يمكن تغيير كلمة فيها »فميزة الخواجة« في التعامل معه أن كل شيء بالورقة والقلم ومتعاقد عليه وأنا احترم هذه النقطة لديهم بشدة.

·         هل طرحت هذا المشروع علي أحد من صناع السينما؟

- طرحت الموضوع علي غرفة صناعة السينما ويمثلها منيب شافعي وأيضا المركز القومي للسينما مع د.خالد عبدالجليل والمعهد العالي للسينما ومدينة الانتاج مع يوسف شريف رزق الله.. وقمت بدعوة الصحفيين لأقوم بما يسمي »لوبي« أي توحيد الناس حول هذا المشروع لتستطيع دفعه بشكل صحيح.

·         ما هي توقعاتك في هذا الاطار؟

ـ في كل الحالات يكفي أن يتحرك الأمر ولو قليلا بدلا من انتظار تفاقم المشكلات وانفجارها.. وأري أن الوقت مناسب لهذا المشروع فهناك احساس عالي بالوطنية والناس ترغب في التغيير للأفضل والموضوع بالمناسبة يشغل تفكيري منذ أن كنت طالبا.. وصحيح كانت توجد محاولات من قبل.. لكنها  فردية وليس كصناعة.. فهناك فرق.. وهذا ما احاول توضيحه للجميع ما يعني ضرورة تغيير القوانين أولا.

أخبار النجوم المصرية في

18/02/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)