حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

كل شيء ممكن ومجنون في «إنه معقد» «It’s Complicated»

هواجس مايرز «النسوية» وجروحها النازفة تقدمان صورة جديدة للمرأة العصرية

الوسط – منصورة عبدالأمير

هل يعود الحب المنطفئ بين رجل وامرأة بعد عقد من الزمان؟ هل يمكن أن تلتئم جراح زوجين انفصلا بعد خيانة «بينة» من أحدهما فتعود مياههما إلى مجاريها وكأن شيئا لم يكن؟ هل يعقل أن تخطف امرأة خمسينية زوج عشرينية تمتلئ أنوثة وجمالا ونجاحا وتألقا؟ هل يجوز أن ترتدي الزوجة «التي تم خيانتها قبل أعوام» حذاء الزوجة الجديدة فتخون كما تم خيانتها، ومع من؟ مع بطل قصة الخيانة الأولى، زوجها الذي فضل الأخرى الأكثر جمالا وأناقة وجاذبية؟

هذه فقط بعض الاستفهامات العديدة والتساؤلات المحيرة التي يمكن أن تشوش تركيز المتفرج على فيلم «إنه معقد It ‘s Complicated» وتربك ذهنه وتؤدي به إلى «لخبطة» حقيقية على مستوى كل قيم الخير والشر والفضيلة والرذيلة والصواب والخطأ والقبح والجمال والمضحك والمبكي والمعقول واللامعقول والمنطق والجنون كل متناقضات الكون.

إنه بالفعل فيلم معقد يناقش قضية معقدة للغاية طارحا إشكالات هي الأخرى غاية في التعقيد. إنه فيلم مربك، حبكته مربكة، شخوصه محيرة، أبطاله «يثيرون تساؤلاتك، شكوكك، وحتى ظنونك وهواجسك»

زوج خمسيني (أليك بالدوين) انفصل عن زوجته وأم أبنائه الثلاثة (ميريل ستريب) منذ عقد من الزمان، لكنه حين يلتقيها فجأة في منزل صديق مشترك، يشعر بحنين مفاجئ ويجد نفسه منجذبا للغاية لزوجته التي هجرها قبل أعوام مع سبق إصرار وترصد. يبدأ على الفور في «مغازلتها»، ويبدو كل شيء مقبولا مع بعض التحفظات، لكن الملامح الأولى لحيرة المتفرج تأتي حين تظهر في المشهد أغنيس (ليك بيل) الشابة الجميلة ممشوقة القوام التي تستعرض الكاميرا جسدها الرشيق. مظهرها الممتلئ شبابا وحيوية يجعلنا نظن أولا أنها ابنة الزوجين المنفصلين لكن نكتشف لاحقا أنها الزوجة الجديدة للزوج الخمسيني. ها هي علامات الحيرة تتزايد، تقفز في الأفق، وثاني «لماذا» تحوم في ذهن المتفرج.

فجأة يجد الزوجان (جين وجاك) أنفسهما في فندق واحد لحضور حفل تخرج ابنهما، إنها الصدفة ليس سواها، لكنها صدفة كانت في الفيلم «أجمل من خير ميعاد»، تعقد الأمور تشوش المحيطين لكنها ترجع الحب القديم والعاطفة الجياشة السابقة.

فجأة أيضا يجد الزوجان نفسيهما متورطين في علاقة عاطفية، وتجد جين نفسها وقد أصبحت المرأة الأخرى، أي أغنيس قبل عشرة أعوام أو يزيد، ويشرح الأمر لها زوجها محاولا فك شيء من حيرتها وحيرة المتفرج حين يقول «لماذا لا نصبح كالفرنسيين الذين يختارون عشيقات أكبر سنا من زوجاتهن؟»

ما يزيد الأمر تعقيدا هو ظهور المهندس آدم «ستيف مارتين» الذي تستعين به جين لإعادة تصميم مطبخها والذي يتعافى هو الآخر من آثار انفصاله «منذ عامين»!!! يقع آدم في حب جين لكنه يجد نفسه فجأة في وسط «مثلث حب». لا تبادله جين الحب لكنها تبدو منجذبة إليه بطريقة ما، ثم فجأة تدخن معه سيجارة حشيش وتدعوه للعشاء وتأخذ علاقتهما منحى آخر، يعقد الأمور ويملأ الفيلم بعدة تساؤلات، إن أضيفت لتساؤلات المتفرجين أصبح الأمر غاية في التعقيد.

قصته التي تملؤك تساؤلات ستقودك حتما للرغبة في معرفة المزيد عمن يكون قد كتبها ثم أخرجها وأخيرا أنتجها وقدمها فيلما على الشاشة. وحقيقة، حين تعرف أنها نانسي مايرز، ستجد إجابات لبعض تساؤلاتك. ونانسي مايرز لمن لا يعرفها، هي كاتبة سيناريو، ومخرجة، ومنتجة منفذة شهيرة. بدأت منذ مطلع الثمانينيات وتخصصت في أفلام الكوميديا العائلية، حققت فيها نجاحات لا بأس بها بأفلام أمتعتنا جميعا مثل فيلم Father of the Bride (1991) وThe Parent Trap (1998). أهم ما كان يميز أفلامها هو توجهها الواضح لجمهور العمر المتوسط، وكان ذلك أمرا مميزا في هوليوود، لم يسبقها إليه أحد ولا ينافسها فيه أحد.

بعد نجاحاتها تلك بعشرين عاما قررت مايرز اتخاذ منحى أكثر تخصصا، استمرت في تقديم اللون الرومانسي الكوميدي لكن لاحظ الجميع تغيرا في بطلات أفلامها، بطلاتها الجدد نساء ناضجات مستقلات بأنفسهن قادرات ومتمكنات من أن يحصلن على «كل» ما يردن. قدمت What Women Want (2000) و Something’s Got to Give (2003) وهاهي الآن تقدم It’s Complicated .

في كل هذه الأفلام تكون البطلة ناضجة في شخصيتها وفي سنوات عمرها، قوية الشخصية، صلبة الإرادة، مستقلة ماديا وفي الوقت ذاته شديدة الجاذبية فاتنة للرجال ممن هم في مثل عمرها. يتوددون إليها ويبدون أقل منها شأنا، وظيفيا أو اجتماعيا أو على الأقل عاطفيا.

التغيير الذي طرأ على منحى مايرز في الكتابة، وأخذها للإخراج والإنتاج، هو تغيير مهم للغاية لتقديمه هذه الصورة الحديثة للمرأة العصرية، صورة فيها كثير من التمرد على كثير من الحقائق الطبيعية، والاجتماعية والمنطقية. صورة فيها كثير أيضا من توجهات الحركات النسوية، وإن كانت نسوية مايرز مختلفة ومميزة للغاية كأفلامها العائلية.

لكن نظرة معمقة على حياة مايرز تكشف أن هذه المرأة لم تبدأ في تقديم هذه الصورة الجديدة للنساء إلا بعد انفصالها عن زوجها نهاية التسعينيات من العقد الماضي، وهو انفصال عاطفي وأسري ومهني، فزوجها كان شريكها في كتابة سيناريوهات أفلامهما الأولى جميعها. الانفصال أثر في نفسها كثيرا وترك جروحا نازفة بداخلها. داوتها بالمثابرة على الكتابة وبتحويل آلامها لأفلام ترجمت فيها أفكارها ورؤيتها الجديدة للحياة. قدمت فيها صورا لم يسبقها إليها أحد وأفكار هي غاية في الجنون والتمرد ما أظنها تخطر على بال رجل... «مجروح».

وبالمناسبة فقد بلغت أرباح هذه الأفلام أضعاف تلك التي حققتها من أفلامها التي قدمتها مع زوجها، فعلا لا أقوى من امرأة مجروحة. نانسي مايرز هي الفيلم كله وحياتها الخاصة هي الخلفية التي بنيت عليها الشخصيات، لا يعني ذلك أن القصة حقيقية لكن يعني أن مايرز تقدم طموحاتها، أحلامها وهواجسها النسائية «النسوية Feminist» عبر هذا الفيلم.

مع كل التعقيدات ستملؤك القصة ضحكا، إذ برغم كل شيء قدمت مايرز فكرتها أو ربما عبرت عن هواجسها بشكل مضحك. ميريل ستريب، وإن انزعج البعض من أدائها واعتبروه مبتذلا لممثلة في مثل تاريخها الفني وعمرها، وعلى الأخص بسبب مشاهد تدخينها لسيجارة الحشيش وتقديمها لصورة تمجد الخيانة بشكل أو بآخر، إلا أنها تمكنت من الأداء الكوميدي. أليك بالدوين، بدا بدينا وعجوزا لكنه مضحك و... جذاب.

فكرة عودة الحب القديم حتى بعد انفصال طويل وفكرة جاذبية المرأة الأكبر سنا وتفضيلها على الأصغر سنا الممتلئة أنانية فكرة مجنونة ومقلقة لكنها رغم كل شيء تثير كثيرا من الضحك والتساؤلات، وتصلح مادة لفيلم رومانسي كوميدي جديد في طرحه و... جنونه.

الوسط البحرينية في

18/02/2010

 

«ديفيد كوبرفيلد» منافس شيرلي تيمبل

«فريدي بارثولوميو» حطمه تغير ذوق الجمهور وغارات «هتلر»

الوسط – محرر فضاءات 

في الثلاثينيات كان فريدي بارثولوميو واحدا من أكثر نجوم هوليوود الصغار شعبية وأوفرهم حظا. في الواقع كان الثاني على قائمة أشهر هؤلاء النجوم، بعد شيرلي تيمبل. كان يقدم أفضل تجسيد لشخصية الفتى البريطاني البالغ التهذيب الذي يؤدي عمله بحرفية وإتقان عاليين. اشتهر بشخصية «ديفيد كوبرفيلد» أول أدواره وأكثرها نجاحا.

ولد بارثولوميو في 28 مارس/ آذار 1924 في دبلن بإيرلندا، عند ولادته كان اسمه فريدريك لولين مارش لكن تخلي والديه عنه حين كان طفلا، وتولي خالته المقيمة في لندن رعايته، جعله يحمل اسمها ليصبح فريدي بارثولوميو.

ديفيد كوبرفيلد... صدفة لا غير

دخوله للتمثيل لم يكن صدفة، لكن وصوله لهوليوود كان نتاج صدفة أو حظ، إذ جاء بعد لقاء صدفة مع منتج الأفلام الشهير في الثلاثينيات ديفيد اوسيلزنيك أثناء زيارة للصغير إلى الولايات المتحدة. حينها كان سيلزنيك على وشك بدء تصوير فيلم «ديفيد كوبرفيلد» لتشارلز ديكنز وكان ذلك في العام 1935، وكان قد أسند دور البطولة لصبي أميركي يدعى ديفيد هولت وهو الذي أصبح بعدها ممثلا مشهورا.

بارثولوميو لم يكن جديدا على التمثيل حينها، إذ كان قد ظهر قبلها في فيلمين بريطانيين هما Fascination (1930) and Lily Christine (1932).

على أية حال فقد خطف الصبي البريطاني الدور، إذ أن سيلزنيك وجد أن الشخصية ستقدم بشكل أفضل إن قام بالدور صبي بريطاني. تم ذلك بالفعل وأبدع بارثولوميو في أدائه، ربما لأنه أدى شخصية تقترب في ظروفها من ظروف حياته الحقيقية. حقق الفيلم نجاحا كبير، وكان نتيجة ذلك أن يتحول الصبي بعدها لنجم مطلوب يتهافت عليه المنتجون ويقدم سلسلة من الأدوار الناجحة التي يظهر فيها إلى جانب أشهر نجوم تلك الفترة، وليجمع منها ثروة سرعان ما ستتبدد.

من بين الأفلام التي قدمها فيلم الثلاثينيات آنا كارنينا (1935) الذي ظهر فيه إلى جانب غريتا غاربو وفريدريك مارش، وفيلم الجندي المحترف (Professional Soldier) مع غلوريا ستيورات في العام 1935، ثم فيلم اللوردد فاونتلروي الصغير (Little Lord Fauntleroy 1936) مع دولوريس كوستيلو وفيلم لويدز لندن Lloyds of London (1937) مع مادلين كارول وتيرون باور، وفيلم القبطان الشجاع Captains Courageous) (1937) مع سبنسر ترايسي.

فيلم (Little Lord Fauntleroy) كان له أهمية خاصة فهذا الفيلم كان أول

إنتاجات ديفيد سيلزنيك المستقلة، وعلى ما يبدو فقد كان سيلزنيك يعقد آمالا كبيرة على الصغير حين اختاره لبطولة إنتاجه هذا.

الأم المدمنة بداية النهاية

لكن كما ذكرنا فإن سعادة وتألق الصغير لم يدوما طويلا، إذ سرعان ما ظهرت الوالدة التي فضلت إدمانها على الكحول على طفلها الصغير وهو بعد لم يكمل عامه الثالث. شهرته التي بلغت الآفاق ونجاحه الكبير ثم ثروته الكبيرة جعلاها ترغب في حضانته من جديد.

لم يشأ هو ذلك، واضطره الأمر لدخول معركة قضائية طويلة أنفق فيها جزء كبير من الثروة التي جمعها. ورغم انه كان محميا بقانون يمنعها من الاستيلاء على ثروته أو التصرف فيه حتى إن حصلت على حضانته، إلا أنه فضل أن يخوض المعركة معها ويقاوم حضانتها له.

هتلر يغير ذوق الأميركان

عقد الأربعينيات كان مختلفا لبرثولوميو، إذ رغم استمراره في التمثيل إلا أنه لم يعد نجما كما هو في الثلاثينيات. ذوق جمهور الأربعينيات تغير، جاءت الحرب العالمية الثانية وانتهى انبهار الجمهور بما يسمى بأفلام التاريخية Costume Films التي أبدع فيها الصغير وكانت سبب شهرته والتي كانت الأفلام الأكثر رواجا في الثلاثينيات. السينما الأميركية لم تعد راغبة في التركيز على تاريخ انجلترا واستعراض ملاحمها القديمة، هناك ما هو أهم الآن، هناك انجلترا التي تحرقها غارات هتلر الجوية. هكذا لم تعد صورة الفتى البريطاني تحمل الجاذبية ذاتها ناهيك عن تحول الصبي الصغير إلى فتى مراهق. لم يفقد قدراته ومهاراته الأدائية لكن شهرته أصبحت أقل بكثير وهو مراهق عن تلك التي حصل عليها طفلا.

هكذا قلت العروض التي يحصل عليها بارثولوميو، وقضى فترة الأربعينيات في الظهور في أفلام ذات ميزانيات منخفضة مثل Cadets on Parade و Naval Academy اللذان ظهر فيهما الى جانب جيمس لويد.

إلى جانب هذا الإخفاق كان هناك إخفاق ومرارة من نوع آخر يعيشها الفتى سببها عودة والدته إلى الظهور كما ذكرنا.

حادث «السقالة» يدمر ما تبقى

في العام 1944، وحين بلغ العشرين من عمره، وأثناء تأديته للخدمة العسكرية بالقوات الجوية، وكان مكلفا بتصليح الطائرات، وقع بارثولوميو من أعلى السقالة وكسر ظهره الأمر الذي أبقاه مشلولا في المستشفى عاما كاملا ثم تسبب له بأزمة نفسية حادة.

حاول العودة للتمثيل لكن فشله الرهيب في العملين اللذان قدمهما وانصراف الجمهور عنه، جعلاه يقرر اعتزال العمل السينمائي مع دخول عقد الخمسينيات. حالته النفسية السيئة كانت السبب الأول في فشله، والنقاد الذين لم يرحموه كانوا سببا لزيادة سوء تلك الحالة.

دخل بارثولوميو بعدها أسوأ حالاته، انتهى به الأمر للزواج من وكيلة دعاية وإعلان روسية، كانت إقامتها قد انتهت وأرادات الاستفادة من الجنسية التي منحت له نظير خدماته العسكرية. انتهى به الأمر لأن يعيش في سيارة مركونة في أحد شوارع بروكلين ومرة أخرى حاول العودة للسينما في فيلم Sepia Cinderella (1947) لكنه لم ينجح.

وداعا هوليوود

بداية الخمسينات لم تشهد قرار اعتزاله فحسب، لكنها شهدت محاولاته الجادة لأن يقف على قدميه مرة أخرى، أولا لجأ للعلاج النفسي، ثم قرر دخول مجال جديد فقام بتأسيس نفسه في مجال الإعلانات. ابتعد عن هوليوود، ربما لينسى مرارة فقدانه ثروته وشعبيته، وحصل على عمل في وإحدى من كبرى وكالات الدعاية والإعلان.

عاد إلى هوليوود مع بداية الثمانينيات منتجا للمسلسل التلفزيوني As The World Turns...

لم يوافق على الظهور في أية مقابلات تلفزيونية إلا قبل وفاته بفترة بسيطة حين وافق على الظهور في البرنامج التوثيقي MGM: When the Lion Roars الذي عرض العام 1992. توفي في 23 يناير/ كانون الثاني 1992

الوسط البحرينية في

18/02/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)