حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

فيض من الروح المصرية الضاحكة وسط البؤس

القاهرة - فريال كامل

بدأ منذ أيام عرض «كلمني شكراً» أحدث أفلام المخرج خالد يوسف والفيلم دراما باسمة تتميز بالإغراق في المحلية وكتب فكرتها عمرو سعد وصاغ السيناريو والحوار سيد فؤاد ليفيض بالروح المصرية حين يفجر الضحك بين جنبات البؤس والمعاناة.

يلفت النظر في الفيلم - للوهلة الأولى - واقعية الصورة خلال ديكور الحارة الذي صممه حامد حمدان في ناحية «صفط اللبن» في محافظة الجيزة حيث واحدة من مئات القرى التي فقدت خصائصها الريفية بناء على التخطيط العشوائي وزحف المباني الأسمنتية لتتآكل الأراضي الزراعية (لا يفوت المشاهد الرجوع بالذاكرة إلى الحارة الشهيرة لفيلم «العزيمة» حتى يلمس مدى التشوه الذي أصابه والذي يلقي ظلاله الكئيبة على الأهالي).

في «كلمني شكراً» يحقق المخرج خالد يوسف درجة عالية من النضج الفني، ما يعد علامة فارقة في مسيرته الفنية، ذلك بعد النقد الذي طاول فيلميه السابقين «حين ميسرة» و«دكان شحاتة» فقد رأت بعض الأقلام في العمل الأول صورة مسيئة لأهالي العشوائيات، صورة لا تثير التعاطف معهم بما يدعو لتحسين أحوالهم، كما رأى البعض أن إقحام الفاتنة هيفاء وهبي غير متجانس مع النسيج الاجتماعي لـ «دكان شحاتة».

في إطار الفيلم تتشكل الأحداث في دراما دائرية تنتهي حيث بدأت. يستهل الفيلم مشهد لمجموعة من الأطفال وهم يلهون بجوار تجمع للمواسير الضخمة (ما يشير إلى وجود مشروع خطة لتنمية المنطقة). يمتد الحيز الزمني لأحداث الفيلم على مدار ربع قرن من الزمان، هو زمن الجمهورية المصرية الرابعة، حيث أضحى الصغار رجالاً يلتقون في الموقع ذاته يلعبون بجوار المواسير ذاتها على ضفة المصرف المكشوف، يلعبون الورق ويدخنون الحشيش ويحتسون الخمر الرديئة، وحال انصرافهم يقفز للموقع أطفالهم، يدخنون أعقاب السكائر ويحتسون الثمالة ما يبشر بمأساة بالغة القسوة.

في الإطار الدائري ذاته تمر السنون. ومع توقف عجلة التنمية تبقى الحال على ما هي وفي الختام ينهي البلطجي صلاح معارك (ماجد المصري) مدة عقوبته وقد تضاعفت خبراته في الإجرام. وفي مشهد بالغ التأثير يهبط «صلاح معارك» الحارة بين رجاله المسلحين بأسلحة أوتوماتيكية – ليجذب زوجته أشجان (غادة عبدالرازق) من شعرها المرسل ويقذف بها داخل السيارة مع ابنها وهي ترتجف من الرعب، فتنطلق بهم من دون أن يجرؤ أحد من أهالي الحارة على التصدي له. تطرح «أشجان» خلال الفيلم قضية زوجات السجناء اللائي يخلفونهن من دون مصدر يرتزقن منه لإعالة أبنائهن، اللهم إلا أجسادهن.

خلال الأحداث تتنوع علاقات أشجان بالرجال لإعالة ابنها - الذي تدعي أنها أنجبته من إبراهيم توشكا أثناء غياب زوجها في السجن - فتقيم علاقات متقطعة وأخرى مستديمة إضافة لتعدد زيجاتها إلا أنها تقع في حب توشكا، وتلاحقه ليحرر لها عقداً عرفياً ويعترف بنسب الطفل الذي يطلق عليه عيال الحارة اسم علي أشجان. ومن الطريف أن تواكب أشجان طبيعة العصر فتستخدم التقنية الحديثة وتقيم موقعاً لها على الإنترنت تعرض خلاله مناظر مثيرة لمن يدفع الثمن. وهنا يحسب للمخرج تساميه عن مشاهد الإثارة التي تفيض عن حياة أشجان، ملتزماً قضيته الأساسية. وفي الختام يتم القبض على توشكا لتهربه من تنفيذ حكم، فهل يعيد التاريخ نفسه لتسير خطيبته على نهج أشجان أم أن انتماءها لأسرة ميسورة يحميها من الذل.

عن الحوت وزملائه

يضطلع بالبطولة حوت التمثيل عمرو عبد الجليل في شخصية تمتد جذورها إلى فيلمي «حين ميسرة» و«دكان شحاتة». وفي «كلمني شكراً» تستكمل ملامح الزعيم المتمرد على القوانين في العشوائيات. لم ينل «توشكا» قسطاً من التعليم، ولا يجيد حرفة، نراه يكتسب خاصيته الفكاهية من خلط العبارات وتزييف المعاني. ويلتقط لقمة عيشه من العمل كومبارس على الفضائيات. ويحلم أن يتوج نجماً على شاشة السينما. وأما أمه فترتزق من بيع بعض الأشياء التافهة في (فترينة) صغيرة. وفي مستهل الفيلم يصطدم توشكا بموظف الضرائب الذي جاء يطبق القانون، فيفجر توشكا قضية المتهربين من المستغلين والإقطاعيين الجدد فيحرر له محضراً يتحول بسرعة البرق إلى قضية يتم الحكم فيها بالسجن والغرامة بعد أن يتخلى عنه محاميه في مقابل رشوة مجزية دفعها له أحد الحاقدين.

في سبيل لقمة العيش يسقط «توشكا» فريسة سهلة بين أنياب الفضائيات التي تتصيد أمثاله لتزييف الواقع في مصر، فيظهر في إعلانات مزيفة ويشهِّر بتخلف المجتمع في برنامج عن الدخلة البلدي، ويزيف شهادة عن اغتصابه من قبل صاحب الورشة. إلا أنه لا يقوى على صفع أمه شويكار أمام الكاميرا وأخيراً يتم القبض على فريق البرنامج بتهمة الإساءة لسمعة مصر ويفرج عنه رحمة بأمه. وفي إطار تمرد «توشكا» على التقاليد وخرقه للقوانين يقيم سنترالاً خاصاً لتوصيل خدمة الاتصالات للأهالي بأسعار زهيدة، وتلبية لرغبتهم في مشاهدة مباراة كأس العالم التي تم تشفيرها. ويتكاتف رجال الحارة لسرقة توصيلة من الدش لإقامة عرض عام للأهالي في الحارة فتداهمهم شرطة المصنفات ثم تنصرف تعاطفاً معهم!! في طرح جديد للعلاقة بين الشرطة والشعب.

عمق الصورة

لا يغفل المخرج خالد يوسف وهو بصدد طرحه لمعاناة الأهالي في تلك المنطقة أنه يمر بمعاناتهم للحصول على رغيف العيش وتسريب الدقيق المدعم لبيعه في السوق السوداء. ويقر عرابي صاحب المخبز والذي حلق لحيته في ختام الفيلم من دون تفعيل درامي - أنه لا بد من أن يخالف القانون ليتمكن من إطعام أولاده.

في الفيلم يطرح خالد يوسف قضية البطالة المنتشرة بين خريجي الجامعة خلال شخصية بالغة الجاذبية لزين الذي برزت عظامه من جلده، ومع ذلك فهو حريص على ارتداء ربطة العنق. وتمتد رؤية المخرج إلى شبكات الاتجار بالنساء خلال شخصية فجر شقيقة أشجان المتعلمة والتي يغرر بها أحد عملاء الشبكة عبر الإنترنت. وفي خاتمة موجة بالغة التأثير يصاب الأطفال بفقدان البصر نتيجة لاحتسائهم نوعاً رديئاً من الخمور. وفي ظل الأوضاع المقلوبة يحتفظ صلاح معارك بزوجته أشجان متغاضياً عن خطاياها ويعترف إبراهيم توشكا، بنسب الطفل علي وقد فقد بصره.

هنا لا بد من إيراد عتب على المخرج الفنان بسبب اختياره لأغنية الخالدة أم كلثوم «والله زمان يا سلاحي» التي تغنت بها ورددها الشعب على أيام معركة بورسعيد الباسلة ذلك ليتغنى بها جماعة من العابثين وهم سكارى.

في «كلمني شكراً» لخالد يوسف تكاملت حبكة السيناريو مع إتقان الصنعة وصدق الأداء مع إبداع التصوير لسمير بهزان وضبط الإيقاع لغادة عز الدين. الفيلم يوجه إدانة مباشرة للحكومة الإلكترونية وأيضاً الى رجال الأعمال المستثمرين والمروجين لوسائل الاتصال الحديثة بينما الأهالي لا يجدون لقمة العيش.

الحياة اللندنية في

12/02/2010

 

فيلم أميركي يدعم «الغالبية السورية الصامتة»

مونتريال – علي حويلي 

تشهد إحدى صالات العرض السينمائية في مونتريال عرضاً أول لفيلم «شاي في محور الشر». وهو من اخراج وانتاج الاميركية جان ماري اوفنبيشر (تخرجت من جامعة نيويورك فرع الإخــــراج الســيــــنمائــــي والتصوير). ولها عدة أعمال سينمائية في إطار الأفلام التجــريــــبـــية والروائــــية والوثائقية.

الفيلم وثائقي. مدته 67 دقيقة. وهو باللغة الإنكليزية. استغرق إنجازه في سورية حوالى ثلاث سنوات. ويشتمل على عدة كليبات مصورة تستعرض بعض الاسواق التجارية والاماكن السياحية والاثرية والدينية والجامعية وجوانب متعددة من الحياة اليومية في المجتمع السوري ومقابلات مع رجال دين مسلمين ومسيحيين وفنانين وكتاب ومفكرين وسياسيين.

الفيلم بجوهره سياسي وعنوانه يوحي بذلك. وهذا ما تقوله اوفنبيشر صراحة: «قررت ان اذهب وحدي الى سورية وان أسجل الحياة اليومية من خلال فيلم وثائقي يعمل على التعريف بهذا المجتمع العربي ومواجهة التزوير المتعمد المستشري في الخطاب الرسمي للبيت الأبيض (في عهد الرئيس السابق جورج بوش الذي صنف سورية كجزء من محور الشر)...».

يثني الفيلم على الشعب السوري ويصفه بأنه «لطيف ومسالم ومتعلم» ويشيد بالعلاقة القائمة بين المسلمين والمسيحيين على «التناغم والتعايش بين الأديان والطوائف المختلفة». ويترك هامشاً واسعاً للشباب الجامعيين للتعبير أمام الكاميرا عما يختزنون من مشاعر وآراء تباين بعضها حول الحرية والحب والصداقة والزواج والسفور والحجاب وتوافق بعضها الآخر حول أزمات النظام التعليمي والعمل والبطالة والهجرة التي لا تخلو من بعض الإيحاءات السياسية السلبية.

أما النخب الثقافية والفكرية والإعلامية والفنية فتبدو في بعض المشاهد اكثر جرأة خاصة في طرح ما يتعلق بالمسائل الدينية والسياسية. فالبعض يتحدث عن مفارقات في المجتمع السوري ويرى انه «يرقص على حبل مشدود بين الحداثة والمحافظة». والبعض الآخر يعتقد ان سورية ابتعدت عن طريق الحداثة وتسلل اليها تيار إسلامي متشدد قوي. ويتهم كاتب معارض الحكومة بأنها تنتهج سياسة التخويف من التيارات الراديكالية كي تحكم قبضتها على المجتمع مع ان المناخ السياسي الحالي «يشجع على نموها» و«يكتم الأصوات المعتدلة» في حين تنبري الوزيرة السورية بثينة شعبان للقول «إن ظهور ونمو الإسلام المتشدد إنما هو نتيجة للضغط الدولي على سورية». في إشارة الى أميركا بوش التي أدرجتها في محور الشر.

ويبدو ان المخرجة الأميركية وان أبدت تعاطفها مع الشعب السوري وخصته بقصة شاعرية عن حياته اليومية، رأت ان هذه القصة تخفي بين حناياها «صوتاً وصورة ووجهاً للغالبية الصامتة المعتدلة».

يشار الى انه في نهاية عرض الفيلم جرى نقاش بين المخرجة والحضور فاعتبر البعض انه يدخل في سياق البروباغندا الأميركية المعادية للمواقف الوطنية السورية فيما رأى آخرون انه يميط اللثام عن بعض الجوانب السيِّئة للحكم.

الحياة اللندنية في

12/02/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)