حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

السينما الآمريكية تقيد تقديم قيلمين من اشهر ما قدمة الايطالي مارشيللو ما ستررياي

ماجـدة خـيرالله

الممثل الإيطالي  مارشيللو ماستروياني الذي توفي في عام 1996 يبدو هذه الأيام حاضراً في الأذهان،  وبشدة،  وخاصة بعد بداية  عرض الفيلم الغنائي الاستعراضي "تسعة" المأخوذ عن فيلم"ثمانية ونص" الذي أخرجه فريدريكو فلليني عام 1963ولعب بطولته مارشيللو ماستروياني، وأصبح واحداً من كلاسيكيات السينما الايطالية، روعة فيلم "تسعه".

جعلت المقارنة حتمية بين الممثل الايرلندي "دانييل داي لويس"، وماستروياني، حيث توقعك تلك المقارنة في حالة من الحيرة والارتباك، ولاتدري إلي أيهما تنحاز، ولكن من الممكن أن تخرج بنتيجة، أن المقارنة بين فيلمين ليسا من نفس النوع، ضرب من العبث!والأهم من ذلك أنك سوف تخلص إلي تلك الحقيقة التي نقولها مراراً، إن الأفلام لاتعتمد علي القصة أو الحكاية فقط! فكل من فيلمي ثمانية ونص، و"تسعة" يدور حول نفس الموضوع، وهو أن مخرجا إيطاليا شهيرا يقع في حيرة، وهو يبحث عن موضوع لفيلمه القادم، ويستدعي بعض تفاصيل حياته، وتجارب طفولته ومراهقته، وعلاقاته بكل من التقاهم، وتصبح كل تلك الذكريات والأناس الذين أثروا في حياته موضوعا لفيلمه! ولكن إذا شاهدت الفيلم الذي أخرجه فلليني  في عام 1963وفيلم تسعة الذي أخرجه روب مارشال، ويعرض في القاهرة الآن، فسوف تجد نفسك أمام عالمين مختلفين تماماً، أحدهما لايقل إبداعا عن الآخر بأية حال، ولكن الغريب أن فيلم" تسعة" الذي حصل علي أربعة ترشيحات جولدن جلوب، منها أفضل ممثل في فيلم كوميدي أو موسيقي "دانييل داي لويس" وأفضل ممثلة مساعدة لكل من بينلوب كروز، وماريون كوتيلار، وأفضل أغنية "سينما إيطاليانو" التي تؤديها "كيت هيدسون "، ولكن الفيلم لم يحصل علي أي منها، أما قائمة الترشيح للأوسكار التي تم إعلانها الأسبوع الماضي، فقد اقتصرت علي ترشيح واحد للفيلم عن أفضل أغنية وهي "خذ كل شيء" التي تؤديها ماريون كوتيللار!

< < <

السبب الثاني الذي يجعل اسم الممثل الايطالي الراحل "مارشيللو ماستروياني " يقفز هذه الأيام إلي الأذهان، فهو عرض فيلم "كل الأبناء بخير"، أو كل شيء تمام، الذي يعلب بطولته روبرت دي نيرو، وهو مأخوذ عن نفس القصة التي يقوم عليها فيلم إيطالي بنفس الفيلم قدمه المخرج جوسيب تورناتور عام 1990ولعب بطولته ماستروياني! وهنا يحق لنا أن نقول بضمير مستريح إن الممثل الإيطالي الراحل بلغ حدا من روعة الأداء تضع أي ممثل يلعب نفس الدور في حرج شديد !ورغم حالة الألق التي كان عليها "روبرت دي نيرو"، إلا إنه لم يصل إلي نصف قامة ماستروياني ! الذي قدم شخصية كهل عجوز يعيش وحيدا في جنوب إيطاليا، ويقرر أن يقوم بزيارة لأبنائه الذين انفصلوا عنه ويعيشون في روما، وفي رحلة طويلة يقطعها القطار، يمضي الرجل في سرد حكايات طويلة  عن أبنائه الخمس، لبقية الركاب، ومن حين لآخر، يخرج من بين طيات ملابسه صورة قديمة، تجمع أبناءه في حفل تنكري، وعندما يصل الي روما، يحاول مهاتفة الابن الأكبر، فيجد رسالة علي الأنسر ماشين، تتوقف معها حركة الحياة تماما، وتبدو الصورة في حالة سكون، ويستخدم المخرج هذا التكنيك، عدة مرات في كل محاولة من الأب الاتصال بابنه، ونعرف في النهاية أن الأب الاكبر، قد مات في حادث وأن أشقاءه، يخفون عن والدهم هذا الخبر، حتي لايسببون له إزعاجاً، أو يعرضونه لأزمه صحية، وهو المنهج الذي يستخدمه الأبناء مع والدهم، حيث يتجنبون إخباره بالجوانب السيئة في حياتهم، أو الأزمات التي يمرون بها، ويتعمدون إخباره بأن كل شيء تمام، حتي يظل فخورا بهم، وفي لقائه مع ابنته التي تعمل في المجال الفني، يعتقد الأب أن ابنته حققت نجاحا ملحوظا في عملها، وأنها في طريقها للشهرة والتألق، ولكنه يكتشف أنها قد أنجبت طفلا صغيرا، وأن والده انفصل عنها، وأنها في حالة ارتباك عاطفي، ولم تحقق أي قدر من النجاح، ومع ذلك فهي تتظاهر أمام والدها بأن كل الأمور تسير معها في الاتجاه الصحيح وأنها تعيش في حالة من السعادة والاستقرار، أما الابنة الكبري فإن والدها الذي يقضي ليلة في منزلها، يستمع الي خناقتها مع زوجها الذي يرفض وجوده، ويـؤكد الأب أن حياة ابنته الأسرية في طريقها للانهيار ومع ذلك فهي تدعي أمامه بأن كل شيء تمام، وأن الأمور تسير معها علي مايرام، وكذلك الحال مع الابن الذي يعمل في مجال السياسة، ويعتقد والده أنه ذو شأن ونفوذ ولكنه يكتشف أنه مجرد تابع لسياسي منفذ ذي سلطة وجاه، ويعود الأب إلي بلدته كسير الفؤاد، ويذهب إلي قبر زوجته ليطمئنها علي أبنائهما ويقول لها إن جميع الابناء بخير، لقد استخدم هو نفسه منهج الإنكار وعدم ذكر المشاكل والأزمات حتي لايحزن زوجته فهو يتعامل معها وكأنها لاتزال علي قيد الحياة! يقدم المخرج "جوسيب توناتور" حالة هائلة من الشجن، من خلال فيلمه الجميل الذي أعاد المخرج الأمريكي " كيرك جونز" صياغته بما يناسب الزمن الحالي، مع إضافة بعض التفاصيل، منها طرح معرفة المشاهد بموت بطل الفيلم من البداية، فنحن نتعامل مع كهل أرمل "روبرت دي نيرو" يقوم ببعض الاستعدادات المنزلية لاستقبال أبنائه لقضاء أعياد الميلاد وهو لايكف عن وصفهم بالأطفال، رغم أنهم في سنوات النضج والمسئولية، ويفاجأ الأب باعتذار الأبناء الواحد تلو الآخر، مع إعطاء مبررات واهية،  فيقرر مفاجأتهم والسفر إليهم، لزيارة كل منهم والاطمئنان عليه، وفي رحلته الطويلة بالقطار، يتأمل أسلاك التليفون الممتدة علي طول الطريق، ويتخيل نوعية المكالمات التي يمكن أن تنقلها تلك الاسلاك، ويتغافل الفيلم في كثير من مواقعه أن الموبايل أو المحمول أصبح في كثير من الأحيان بديلا عن التليفون الأرضي! المهم أن الأب روبرت دي نيرو يقابل نفس المواقف التي قابلها الأب مارشيللو ماستروياني في فيلمه الإيطالي، مع قليل من الاختلافات أهمها اختزال عدد الأبناء، وثانيها أن الابن الغائب الذي نكتشف بعد فترة أنه قد توفي يعمل رساما تشكيلياً ويعرض لوحاته في جاليري يقع في نفس الشارع الذي يوجد به منزله، ويعرض لوحة لأسلاك التيلفون، الممتدة عبر الطرق الطويلة، واختزال مساحة تخيل الأب لأبنائه وهم في مرحلة الطفولة وهي الصورة المسيطرة علي ذهنه، وهي مفتاح تعامله معهم، فهو يتمني في عقل الباطن أن يعودوا أطفالا يستطيع أن يحركهم كما يشاء ويحميهم بطريقته، أما الآن وقد أصبحوا في سن الشباب وكل منهم مسئول عن حياته، فإن دور الأب يتراجع نهائيا، ويبقي في الظل، غير أن نهاية الفيلم الأمريكي، أكثر تفاؤلا وأقل امتاعاً، حيث يقرر الأبناء أو من تبقي منهم أن يحافظوا علي زيارة منزل أبيهم في المناسبات، لتكون تلك الفرصة الوحيدة التي يمكن أن تجمعهم في مكان واحد مرة أخري !

روبرت دي نيرو من أهم ممثلي هذا الزمن، وقد لعب دوره بعشق وتفاعل ولكن لسبب ما ضاع عنه السحر الذي كان يغلف أداء مارشيلو ماستروياني، الذي كان أداؤه السلس وهو يتعامل مع الحقائق التي يحاول أبناؤه إخفاءها باسلوب يقطع القلب، ويدمي الفؤاد، طبعا هناك فرق كبير بين المخرج الإيطالي العبقري جوستيب توناتور صاحب الفيلم التحفة سينما باراديسو وأسلوب المخرج الأمريكي كيرك جونز الذي اكتفي بسرد الأحداث بصريا، دون إن يغوص في أعماق الشخصيات أو ينجح في خلق حالة من السحر والجمال التي تميز الفيلم الايطالي!

تشارك في بطولة الفيلم النجمة الأمريكية الشابة درو باري مور، التي تظهر بعد منتصف الأحداث، رغم كونها واحدة من نجمات السينما الامريكية، وحياتها الفنية مليئة بالمشاريع السينمائية التي تقوم بإنتاجها أو تمثيلها أو الاثنين معا مضافا لكل ذلك أنها بدأت في خوض تجربة الإخراج مؤخرا، ورغم كل هذا فقد قبلت أن تظهر في دور صغير المساحة في فيلم كل الأبناء بخير، حتي تنال "حسب تصريحها في أحد اللقاءات التليفزيونية"، شرف الوقوف  أمام الممثل الكبير روبرت دي نيرو، وقد نالت هذا الشرف غير أني لاأعتقد أنها قدمت جديدا من خلال هذا الدور، نال الفيلم ترشيحا واحدا في الجولدن جلوب لأحسن أغنية في فيلم، تلك التي لحنها وأداها نجم فريق البيتلز بول مكارثني، ولكنه لم يحصل عليها وقد خرج الفيلم تماماً من ترشيحات الأوسكار!

آخر ساعة المصرية في

09/02/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)