حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أسامة فوزي.. مخرج بالألوان الطبيعية لـ «الأهالي»:

د. نوال السعداوي علمتني أن الأنثي هي الأصل

لست صلاح الدين الأيوبي في السينما ولكننا نحتاج إلي ثورة لكسر القيود

حوار: نسمة تليمة

«.. أنا بكره كل حد بيتحكم فينا وفي حياتنا بحجة أنه يعرف مصلحتنا أكثر مننا..» تلك الكلمات البسيطة كانت علي لسان بطله الصغير «نعيم» في فيلمه الكبير «بحب السيما».. ولكنها لم تكن مجرد كلمات علي لسان طفل إنها تعبير قوي عن حالة خاصة ورأي مخرج أقرب إلي العبقرية.. هو مختلف دائما يسير بخطوات ثابتة لأنه أحد المبدعين القادرين علي التخلص من العوائق والحصول علي حريته بلا شك، حريته في صناعة ما يريد وما يراه نافعا، قد يكون لديه الكثير من الهواجس ولكنه يراها صحية في النهاية لأنها تدفع الفنان لما هو أفضل، ليضع حالة خاصة من البهجة لا تخلو من العمق والمتعة والوصول بنية مقصودة إلي مستوي الفكر، يرفض أن ينصب نفسه رقيبا علي الجمهور ويريد أن يحركه من سباته فيهز هذا الصندوق المغلق، يتحدث عن أفكاره بحماس فلا يقابله سوي بالاستماع إليه بحماس زائد لتفكر في مناطق جديدة علي عقلك ولكنها قريبة إلي قلبك ، أعلن عن حبه للسيما بجرأة شديدة وعلي الرغم من إخراجه أربعة أفلام فقط هي عفاريت الأسفلت 1996 وجنة الشياطين 1999 وبحب السيما 2004 وفيلمه الأخير بالألوان الطبيعية فإنه صنع لنفسه علامة سينمائية خاصة.. أسامة فوزي صاحب كل هذه الألوان الطبيعية والتي أثارت ضجة علي

·         من أكثر الشخصيات التي أثرت في تكوين شخصية أسامة فوزي؟

- الكثيرون بالطبع ولكن هناك أشخاصاً تؤثر بشكل غير مباشر عندما أقرأ كتاباتهم وعلي الأخص كانت د. نوال السعداوي عندما قرأت لها كتاب «الأنثي هي الأصل» نبهتني لأشياء كثيرة ونوع جديد من المناطق أجابت عن تساؤلات كثيرة داخلي واهتمامات بالإنسان والأدب والفلسفة وعلم النفس فكانت فارقة في حياتي، أيضا والدي جرجس فوزي حيث إن عمله بالسينما أدخلني عالما جديدا بهرني من اللحظة الأولي، فدخلت بلاتوه وعمري 7 سنوات وكان تصوير فيلم «غروب وشروق» وأتذكر مشهد قصر محمود المليجي واندهاشي للبلاتوه الذي يتحرك والصوت العالي في إضاءة الأنوار ورؤيتي لسعاد حسني تبكي بمفردها قبل المشهد فحزنت من أجلها وذهبت لأبي لماذا تتركونها تبكي ففسر لي إنه استعداد للمشهد ليس إلا.

·         الفنان محمود حميدة صرح لـ «الأهالي» من قبل أن الفن دوره التسلية ليس إلا.. في رأيك دور الفن في مجتمعنا.. ما هو؟

- يعتمد هذا علي نقطة انطلاق الفنان ورؤيته الخاصة فأري بأن الفن عكس تخيلات جميع الناس أنه بناء بل أراه «هداماً» ومدمراً بمعني أن الفنان لابد أن يشعر طوال الوقت بقلق ما وهواجس تدفعه لتغيير الواقع لما يراه من خطأ فيه فيتمرد عليه ويحاول تغييره.

·         في فيلم «بحب السيما» طرحت فكرة التطرف الديني.. وماذا عن «بالألوان الطبيعية» أي تطرف قصدت؟

- في بحب السيما لم نطرح التطرف بقدر ما طرحنا السلطة بكل أنواعها الدينية، التعليمية، الأسرية وهذا كله من وجهة نظر طفل بريء.

قد يكون المشترك في الفيلمين هو البحث عن الحرية، وحتي يتشابه مع «عفاريت الأسفلت»، «جنة الشياطين» ولكن بشكل مختلف.

·         كيف تري العلاقة بين الرقابة والإبداع؟

- أراها علاقة غير شرعية لابد من منعها وللأسف الشديد مجتمعنا يضع رقابة جماهيرية عنيفة جدا أقوي من الرقابة الرسمية التي تحررت إلي حد ما وقد يكون ذلك لأننا في بدايات الحرية.

حد أدني من الحرية

·         إذن هل الفنان عليه أن يضع في اعتباره هذه الرقابة المجتمعية؟

- المشكلة أن الفنان ليس عليه وضع أي اعتبارات في عمله قد يكون مضطرا لأن يخضع للرقابة الرسمية والتعامل معها حتي يكون موجودا ولكنه لا يضع اعتباراً لأي رقابة حتي لا تؤثر علي إبداعه فيخرج مشوها خاليا من الحرية والخوف وما أقوم به في أعمالي هو حد أدني من الحرية والجرأة مازال هناك الكثير وأنا لست في صدام مع المجتمع بل أساعد في التوعية لأصل لوجدانهم وعقلهم.

·         هل يحتاج مجتمعنا إلي صدمات ليفيق من سباته؟

- أعتقد ذلك فهو يحتاج لصدمات كثيرة وقدمت ذلك أكثر في فيلم «عفاريت الأسفل»، فالمجتمع في مرحلة جمود ولا يتحرك للأمام بل يعود إلي الخلف ونحن طيلة الوقت خائفون من معرفة الحقيقة فنجمل الواقع ونطبطب علي المهمشين.

·         وهل المهمشون ليسوا في حاجة إلي «الطبطبة»؟

- المرحلة كلها التي نعيشها لا تحتاج لهذا بقدر ما تحتاج إلي المواجهة الحقيقية لماذا أتحدث عن المواطن الغلبان الصبور المحتمل للواقع وانتهي بهذه الحالة من الرضا ما المشكلة سيستمر الوضع علي ما هو عليه كبطل وفارس ولن يتغير لأنني بهذا التقديم الخاطئ أصنع حالة من التطهير النفسي لدي المشاهد ولا أجعله يفكر في التغيير ولكن هذا المواطن متواطئ في الحقيقة مع هذه الحالة.

تهمة شنعاء

·         لمحت في فيلمك «بالألوان الطبيعية» إلي توغل التيارات السلفية بشكل جريء.. ولكنك لم تضع حلولا لمواجهة تلك التيارات؟

- لأنها ليست لها حلول ولست مطالبا بوضع حلول فهي تحتاج إلي تدخل جهات كثيرة تحتاج إلي قيادة وفكر وثقافة الكارثة الأكبر نراها الآن من ردود أفعال طلبة فنون جميلة الذين ينفون ما يحدث عن أنفسهم وكليتهم وكأنها تهمة شنعاء علي الرغم من أنه منذ إنشاء الكلية وحتي السبعينيات كان يحدث هذا والتعامل مع الفن كشيء مقدس.

·         ما رأيك في ردود أفعال طلاب كلية فنون جميلة؟

- أتعجب لحكمهم علي الفيلم دون مشاهدته كيف يكون طالب فن ويتصرف هكذا، هل يمكن أن يترك أستاذه يحكم علي لوحته دون اكتمالها وكيف لا يدرك أن العمل الفني أحد معايير الحكم عليه هي رؤيته ككل.

·         هل عرضت الفيلم علي نجوم كبار ورفضوه بالفعل؟

- بالتحديد كان دور «ليلي» المعيدة عرضته علي أكثر من ممثلة ورفضت حتي ممثلات الصف الثاني وحتي اللبنانيات رفضن رغم أنها شخصية عادية لا تفعل شيئاً سوي ارتداء ملابس مثيرة ولكن الرفض جاء لوجود «القُبلة» واعتبارها جريئة.

·         كيف تفسر ذلك؟

- حالة من الرعب والقهر الاجتماعي يعيشنها وليست لديهن رغبة حقيقية في تقديم فن جيد وخوفهن من أن يهز ذلك صورتهن أمام المجتمع حيث يحكم حكما أخلاقيا علي الممثلة وتخلط بين الواقع وبين حياتها الشخصية بالرغم أنها حسمت مع الرجل ولا أعتبر الممثل شريرا في الحقيقة إذا قدم دوراً شريراً علي الشاشة ولكن المرأة نعتبرها عاهرعة لو شربت سيجارة.

الحلال والحرام

·         هل هذا له علاقة بصورة المرأة عامة في المجتمع المصري؟

- نعم وله علاقة بصورة المجتمع ككل فواضح أن تيار الإخوان المسلمين له دور كبير في ذلك فالصورة مقيدة وكأنهم سيطروا علي المجتمع حتي سلوك المشاهدة تغير فأصبحنا نصدر أحكامها مسبقة علي الأفلام وكلها أحكام أخلاقية ودينية وهي ليست معايير فنية واقعين في حيرة بين الحلال والحرام وندخل الدين حتي في الطب والهندسة الوراثية.

·         إذا كان الوضع بهذا السوء فعلي ماذا يراهن أسامة فوزي بأفلامه؟

- لا أراهن علي شيء بقدر ما أستمتع بما أقوم به فتلك مهنتي كما أنني أضعف من أن أغير كل هذا فنحن نحتاج إلي ثورة علي كل الأوضاع الخاطئة ولا أدعي أنني صلاح الدين في السينما.

·         هل اختياراتك لتلك الأفكار الجريئة هي السبب في قلة أعمالك السينمائية؟

- هي أفلام لا تخرج بسهولة ولست بمفردي بل ليتأخر مخرجون آخرون جادون مثل يسري نصرالله وداود عبدالسيد ومحمد خان أعتقد أنهم يواجهون نفس المشاكل، فنحن محاصرون من المسيطرين علي صناعة السينما ويفرضون ذوقهم بأفكارهم النمطية كما أن الكتابة الجيدة أيضا تستغرق وقتا بجانب اهتمامي بالتفاصيل وإضافة لظروف سيئة خارجة عن إرادتي.

تعليمات أمنية

·     «بحب السيما» تجربة جميلة ولكنها قاسية وعانيت منها.. وقد يكون أكثر الأفلام التي تأخرت في عرضها بعد انتهاء التصوير.. لماذا؟

- بحب السيما كان هو العقد الأخير للشركة العربية واستمر 4 سنوات حتي يحصل علي قرار إخراجه بسبب الرقابة وطلب عرضه علي الكنيسة ورفضته وشعرت بالإحباط خاصة أنه لم يأخذ فرصة في العرض نتيجة كأس العالم والامتحانات وقد علمت منذ فترة قصيرة أن هناك تعليمات أمن عليا بعدم إتاحته للناس لمشاهدته فكانوا يرفضون إدخال الجمهور.

·     هل نهاية فيلم «بالألوان الطبيعية» من رفض البطل التعيين في الكلية واستمراره رساما حرا هي نهاية جيدة من وجهة نظرك لتلك الحالة التي عشناها من بدايته؟

- أراها نهاية إيجابية حاولت أن أؤكد علي أن اختيار الإنسان لما يريده وموهبته الحقيقية بداخله تجعله مثل الطائر المحلق رغم أن الهواجس ستظل تحاصره.

·     أثناء ركوب التاكسي وحديثي عن «بالألوان الطبيعية» لمست رفض السائق للفيلم مؤكدا أنه مسيء لأفكارنا.. ألا يفكر أسامة فوزي في كيفية الوصول إلي تلك الفئة والتأثير فيها؟

- من المؤكد أنه لم يشاهد الفيلم وعموما هذا تأثير الإعلام فقد يكون الإعلان مستفزا بعض الشيء ولكني حرصت علي الوصول للجميع فقد غيرت اسم الفيلم من «رسم الجسد العاري» ثم «يوسف والأشباح» لعدم استفزاز الناس ولكن الشركة صنعت الإعلان لجذب الجمهور فتخيلوا أن به عرياً ولكن الفيلم ليس به مشهد جنسي واحد أما القُبلة فهي عادية ولكننا أصبحنا نعتبرها مشهدا جنسيا.

أي جنس؟

·         لماذا شعر الجمهور والنقاد بزيادة الجرعة الجنسية في الفيلم؟

- لا يوجد جنس بالفيلم البعض أكد أن القبلات فترتها الزمنية طويلة وهي آراء شخصية نحن افتقدنا في السينما المصرية القبلات البريئة فالممثلون يفتعلون ذلك بسبب قيود المجتمع عليهم ولكن عملي مع الشباب بالفيلم جعلها جيدة أي جنس يتحدثون عنه؟ «ليس لدينا جنس في السينما المصرية».

·         لماذا لم تعد الشخصيات إلي وسطيتها حيث استمرت شخصية «يسرا اللوزي» منتقبة إلي نهاية الفيلم؟

- لأن هذا ما يحدث بالفعل في مجتمعنا من قهر فترتدي المرأة الحجاب والنقاب بسبب قهر المجتمع لها.

·     العلاقة بين الله وعبده طرحتها في «بحب السيما» وأيضا في «بالألوان الطبيعية» خلال مشاهد معينة.. هل تشغل تلك القضية تفكيرك لهذه الدرجة؟ ولماذا رفض الناس تلك المشاهد؟

- نعم تشغلني بالطبع وللأسف نحن لسنا معتادين علي فكرة الحديث مع ربنا علي الرغم من أننا جميعا نمارسها سواء في حالة الضيق أو الفرح وهي ليست تكرارا في الفيلمين لاختلاف التساؤلات والسن وأعتقد أن علاقتنا بربنا خشوع يصل للخنوع وهو ليس صحيحا في رأيي لأنه يعكس أنها قائمة علي الخوف بدلا من الحب.

·     «الوعي عند الناس غير كاف» كانت هي الحجة لمنع «بحب السينما» هل تري أن المشاهد المصري يحتاج لمن يغربل له ما يشاهده؟

- بالفعل قالوا هذا في إحدي لجان الفيلم ولكنني تأسفت لهم وطلبت من الآخرين القيام بواجباتهم فبدلا من أن يرفض رجل الدين الفيلم ويرفع قضية عليه يقوم بتوعية الناس في الكنيسة والجامع وعلي المثقفين أيضا والنقاد أن يقوموا بأدوارهم لماذا أتحمل أنا تكاسل الآخرين، وهذا أشبه بمن يقول إننا مازلنا صغارا علي مرحلة الديمقراطية.

الكلية

·     بالرغم من أن فيلم «بالألوان الطبيعية» يقدم حقائق عن الشباب يعرفونها جيدا.. ولكنهم أنشأوا «جروب» يهاجم الفيلم علي الفيس بوك.. كيف تفسر ذلك؟

- هذا الجروب وغيره أنشأوه قبل نزول الفيلم بعد رؤية الإعلان فقط، وكأنني صنعت الفيلم لأنال من شرف الكلية ليست قضيتي كان من الممكن أن تكون كلية أخري فأي شاب يقابل مشكلات البطل.

·     صرحت من قبل بأن الإنسان لابد أن يمتلك قدرا من الشجاعة في مواجهة الحياة.. هل أسامة فوزي بفيلمه الأخير كان الأشجع خاصة مع آراء نقاد مثل مصطفي درويش ورفيق الصبان حول هذه الشجاعة؟

- بالطبع يسعدني أن أكون الأشجع ويقال عني ذلك ولو أنني في الحياة الخاصة قد أكون منعزلا عن الناس فالمجتمع أصبح أكثر عنفا وزحاما ولكني عندما أصنع فيلما لا أحمل أي خوف أو قيود.

حسين كمال

·         تعاملت مع مخرجين كبار مثل بركات ونيازي مصطفي وأشرف فهمي وحسين كمال أيهم أثر فيك بشكل أكبر؟

- حسين كمال لأنه كان يترك لنا مساحة للتعلم منه كل شيء فكان يفعل شيئا جريئا ينم عن ثقة بالنفس فيترك لمساعديه تقطيع المشهد للقطات والأفضل يضعه وكنت الأفضل وكان يوقع لي علي الشريط فشكل فكرنا.

·         ولكن بالرغم من عبقريته ألا تري أن أفلامه الأخيرة افتقدت العمق؟

- لا شك أنه مخرج كبير وله رصيد رائع وبالفعل في الفترة الأخيرة له قلت أفلامه عن مستواها المعهود وعندما كنت أسأله وأناقشه في ذلك أراه في حالة إحباط ويشعر بلا جدوي عن عمل فيلم «ثقيل».

·     وللأسف كثير من مخرجينا في نهاية حياتهم يحدث لهم ذلك وهذا ما يشغلني بالفعل ما الذي قد يضطرني لفعل ذلك في يوم من الأيام؟.

صفحات الجرائد.. كان لـ «الأهالي» معه حوار خاص جدا كما لم يتحدث من قبل.

الأهالي المصرية في

06/01/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)