حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

2009

سينما الإبــــداع.. والـــعنف

ماجدة موريس

في قائمة سجل السينما المصرية عن عام رحل الكثير من الملاحظات والأوجاع.. وأيضا الأمجاد.. فلا يمكن تفويت الأفلام الرائعة التي زينت العام سواء بإبداعها أو بالجديد والطموح فيها، أفلام مثل (واحد صفر) للكاتبة مريم نعوم والمخرجة كاملة أبو ذكري، واللتين سبقتا الجميع في رصد أحوال المصريين تجاه علاقتهم بكرة القدم وبطولتها واسقاط هذه الامجاد الكروية علي حياة محبطة وفقيرة تعيشها أغلبية لا تجد أي مجد ينتشلها إلا في الكرة، ولا مشروع قومي إلا عن طريق «الفريق القومي».

(واحد صفر) فيلم سيعيش طويلا لأنه لا يعبر عن حالة طارئة، وإنما عن مرحلة زمنية يعيشها المصريون في تخبط وتناقض مربك يبدو هذا واضحا في حكايات ابطال الفيلم المتعددي الشرائح والمهن والطبقات والأديان، وإذا كان هناك من نقد يوجه لجهاز السينما التابع لمدينة الإنتاج الإعلامي من قلة إنتاجه المؤسف، خاصة في ضوء خبرة رئيسه ممدوح الليثي الكبيرة، فإن المدح لابد أن يوجه إليه بالطبع بسبب هذا الفيلم الذي مازال يحصد الجوائز حتي الأسبوع الفائت في مهرجان دبي(أفضل سيناريو لمريم نعوم وأفضل تصوير لنانسي عبد الفتاح) ، ومع ذلك فلابد أن يزداد الإنتاج لأن فيلم واحد للجهاز لا يكفي.

غير واحد صفر.. فإن عقد اللؤلؤ في سينما 2009 يحفل بأعمال أخري مثل (احكي يا شهر زاد) لمبدعين كبيرين كان كل منهما في طريقه، حتي تضح لهما أن الطريق واحد في زمن صعب وهما وحيد حامد ويسري نصرالله وما يخص علاقة المرأة بالمجتمع المصري في بنيانه الفكري الذكوري ووجهة النظر التي يراها الطرف الأقل، والقابل للاستغلال عند اللزوم أو من المبدأ، في حكايات الفيلم تنوع خلاق وشخصيات غير نمطية وقصص تضيف لبعضها البعض لكي تنير كل جوانب الموضوع في كل أركان الحالة الاجتماعية المصرية.. لتصل في النهاية إلي وجهة نظر مهمة يطرحها الفيلم في صورة مبتكرة لمقدمة البرامج الشهيرة (مني ذكي) وهي تجرؤ علي الظهور علي الشاشة وعلي وجهها الكدمات الناتجة من علقة زوجها لها، لتحكي للناس تجربتها هي.

ألف مبروك

ألف مبروك.. واحد من الأفلام المهمة في سينما 2009 أهميته في الفورم السينمائي المعبر عن أسلوب سرد مختلف يكرر فكرة البطل عن نفسه وعن الآخرين مع الإضافة إليها في كل مرة معني أو تفصيلة تجعل هذه الفكرة تتزحزح قليلا لتصل بنا في النهاية إلي اكتشاف ما اكتشفه البطل عن نفسه عن أنه كان إنسانا أنانيا مغرورا يعيش مع عائلته بالجسد، يستغلهم حتي لو أضر بهم بعد كل تضحياتهم من أجله.. يكتشف (أحمد حلمي) هنا دراما مختلفة عن دراما البطل الضاحك الذي لابد أن يكسب دائما ويخرج فائزا بحب البطلة والجمهور والمنتج، وهذا التغيير في مسيرة أفلام «نجم الشباك» الحالي لا يعبر إلا عن قدرته هو أولا علي استيعاب مسيرة زملائه النجوم، خاصة نجوم الضحك. وجرأته في التقدم لموضوعات مختلفة، صادقة في مفرداتها مثل أن يموت البطل في النهاية ، وأن يكون كل فريق الممثلين معه من غير المحترفين أو الجدد، وأيضا أن يكون المؤلف فريق عمل مثل محمد وخالد دياب، والمخرج أحمد نادر جلال الذي حقق نجاحات مميزة في أفلام قليلة. أنك وأنت تشاهد الفيلم تشعر بمعني الحداثة أكثر من الصدمة حين تصل إلي النهاية وتكتشف هذا المعني الإنساني الراقي للمضمون الذي يدعو الواحد منا لاستعادة نفسه وتبرئتها من كل خطاياها، وأولها الأنانية وظلم أقرب الأقربين.. فإنك لا تضحك أو تصفق وإنما تتأمل وتنشغل بالبحث داخل ذاتك عن ما فعلته تجاه ابويك واخوتك واحبائك..

الفرح

في عقد سينما 2009 ايضا أفلام أخري رائعة مثل (الفرح) للكاتب أحمد عبد الله والمخرج سامح عبد العزيز والذي يطرح في صورة خلابة التغييرات التي حدثت للمصريين وطالت أدمغتهم وأساليبهم المعيشية خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، تدور أحداث الفيلم في ليلتين وحيث يقرر المعلم(زينهم) اقامة زفاف لشقيقته.. من أجل شراء سيارة يعمل عليها..لا علاقة بين الاثنين لكن التحايل علي الحياة يجعلها موجودة، ففي (الفرح) سوف يدفع الجيران والأهل ما عليهم من نقوط ظل زينهم يقدمها لسنوات طويلة، ولذلك فهو حين أصبح محتاجاً لمشروع يتعيش منه هو وأولاده يقرر جمع نقوده بإقامة (فرح) ليأخذ النقوط وليس مهما أي تفاصيل أخري! فالعروسة ممكن تأجيرها (هي والعريس) والراقصة تحضر فورا والموائد والزينات تنصب في الحارة فتصبح كأنه قاعة مخصوصة له، وهو ما يحدث لنري أنماط وشخصيات هؤلاء الذين جاءوا بنقوطهم من الداخل والخارج. كل بحكايته، حتي بائعة البيرة الصغيرة.. أما أم زينهم فترفض هذا السلوك، بل وتقنع «الرقاصة» بالكف عن مهنتها، قبل أن تموت ويتحول الفرح إلي مأتم ليضع الجميع أمام سؤال لم يكن له وجود في الماضي القريب.. وهو هل نخفي خبر الموت ونكمل الفرح حتي تكتمل الصفقة؟ أم نعلنه، وبالتالي ينفض المولد ويفقد زينهم النقوط، ويعطي الفيلم نهايتين في حالة «تجريب لا تتلاءم معه.. لأنه لابد وأن يترك المشاهد يفكر لا أن يتحمل عنه عبء التفكير في حل السؤال.

ولاد العم

نأتي أيضا إلي فيلم (ولاد العم) للكاتب عمرو سمير عاطف ، والمخرج شريف عرفة لتستعيد السينما المصرية من خلاله قصص البطولات الوطنية لجهاز المخابرات، وهي هنا تتعلق باستعادة ضابط مصري لسيدة وابنائها من براثن زوج اسرائيلي، خدعها باعتباره مصريا عربيا ليتضح أنه جاسوس إسرائيلي عريق.. لا يعيب الفيلم إلا تركيزه المفرط علي الاكشن في رحلة بطله المصري لاستعادة الزوجة والابناء داخل إسرائيل.. والاكشن قد يكون ميزة، لكن بدون اقناع يتحول إلي علامة استفهام كبيرة. مع ذلك فإن الفيلم يستعيد هذا النوع من السينما الذي نحتاج إليه ونستعيده حين يقدم كأعمال تليفزيونية متقنة.. وفي جعبة سينما 2009 أيضا اسماء وأفلام أخري مهمة مثل (ابراهيم الأبيض) لعباس أبو الحسن ومروان حامد وأحمد السقا، ولكن قتامته وضعت حاجزا بينه وبين الجمهور ربما لكم العنف فيه، وهو عنف أغلبه غير مبرر، خاصة، مع تواجد الأوضاع التي عبر عنها من فقر وبطالة وظلم منذ سنوات، وأيضا فيلم (السفاح) تأليف خالد الصاوي وعطية الدرديري واخراج سعد هنداوي وفيه استعادة لقصة حقيقية بأسلوب فني يبرز، بدون مباشرة، الظروف التي صنعت السفاح وأن كانت هذه الظروف ، كما قدمها الفيلم، تنتمي لزمن أقل عنفا مما جعل الكثيرين لا يرون فيها مبررا لصناعة سفاح من منطق أن ما حدث له شيء عادي.. الآن..

دكان شحاتة

وفي هذا العام ايضا قدم خالد يوسف مع الكاتب ناصر عبد الرحمن فيلمهما المهم (دكان شحاتة) الذي يطرح صورة للمجتمع من خلال وجهة نظر واضحة تجاه الانفتاح الاقتصادي والانقلاب علي منجزات ثورة يوليو وصولا إلي صورة من الفوضي التي تجتاح الجميع والرغبة في عدم التسامح وهو ما يصل إلي ذروته في نهاية الفيلم التي يقتل فيها البطل وهو يمد يده بالسلاح إلي أحد اشقائه.. ومن جانب آخر ، فقد أضاف عام 2009 إلي قائمة اسماء المخرجين الذين ننتظر أعمالهم اسماء مثل محمود كامل الذي قدم فيلمين عرض الثاني (ميكانو) قبل الأول (ادرينالين) وفادي فاروق في فيلم (ايام صعبة).. وفي التأليف جاءت مريم نعوم في مقدمة الأسماء الجديدة ومعها محمد دياب وخالد دياب وعمرو سمير عاطف، وفي التمثيل قدمت سينما 2009 نجوما للمرة الأولي مثل هيفاء وهبي (دكان شحاتة) وتيم حسن (ميكانو) ومن المصريين حسن الرداد (احكي يا شهر زاد) ومحمد عادل إمام (البيه رومانسي).. كما اعطت فرصا أهم لممثلين مقتدرين ليصعدوا إلي النجومية في السنوات القادمة وعلي رأسهم عمرو عبد الجليل وصبري فواز (دكان شحاتة) وخالد الصاوي (ميكانو والفرح والسفاح وادرينالين) واياد نصار (ادرينالين) وانتصار وزينة (واحد صفر) وايضا فريق عمل (الف مبروك) و(احكي يا شهر زاد).. أما نجوم العام فهم مني زكي وإلهام شاهين وأحمد حلمي وشريف منير ودنيا سمير غانم وباسم سمرة وسوسن بدر والرائعة كريمة مختار في دورها القصير في «الفرح» .. ويبقي أن عرض فيلم (بالألوان الطبيعية) للمخرج أسامة فوزي وتأليف هاني فوزي يبقي خارج التقييم لعرضه قبل أيام من نهاية العام.

الأهالي المصرية في

06/01/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)