حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مراجعة نتاجات عام 2009 بظواهرها وتميزاتها وخلفياتها

الأفلام الوثائقية تطرح الأسئلة الأساسية والروائية ملتبسة وتنوع المهرجانات

ريما المسمار

أكمل العام 2009 سينمائياً ما بدأه العام 2008: الافلات من وطأة الحدث السياسي والالتفات من جديد الى هواجس ذاتية صادرتها الأحداث الكبرى التي توالت منذ 2005. فعلى الرغم من استمرار الوضع السياسي والاجتماعي والمعيشي المأزوم، ومن خشية كثيرين من تفجّر الوضع الأمني، تارةً بكلام عن حرب اسرائيلية أكيدة وطوراً بتكهنات حول مخاطر الانشقاق الطائفي الداخلي، لم يشهد العام 2009 هزة أمنية كبرى، توازي اغتيالات 2005 او تموز 2006 او أيار 2007. اتسم العام المنصرم بشيء من الركود والهدوء النسبي واستقرار الحال على سوئه. وفي حين اتسمت المواقف السياسية بالارتداد والمراجعة والتراجع، اكتسب المشهد السينمائي حيوية مستعادة، تحرّرت من الآمال المعلقة على حدث او فريق ومن المراوحة في يقين مرتجى، لم يؤتِ ثماره خلال ثلاثة أعوام من الانتظار والترقب. عاد "الشك" منطقاً ومنطلقاً الى الانتاجات اللبنانية التي أبصرت النور خلال العام 2009، ذلك الشك الذى وعى مجدداً أن المعضلة أشرس من تحارب خندقين وأقدم من سلسلة أحداث هزت البلد خلال السنوات الاربع المنصرمة. فمنذ العام 2005، بدا ان الانتاج الفيلمي اللبناني عاد الى ما قبل مرحلة التسعينيات التي أعلنت ولادة جديدة للسينما اللبنانية. فقد كرست حرب تموز الاسرائيلية على لبنان عام 2006 الغليان السياسي والأمني السائد منذ مطلع العام 2005 ليطغى على كافة جوانب الحياة. وتحول النشاط السينمائي الى ما يذكر بحاله قبل التسعينات عندما كان مرتبطاً بالاوضاع السياسية والاقتصادية او بكلام آخر بالتحولات المحيطة. عدنا نرى أفلاماً يعترضها واقع سياسي وأمني، فخرجت أفلام كثيرة، وثائقية تحديداً، تناولت محطات من تلك المرحلة مثل 14 شباط ولاحقاً 14 آذار. ومن ثم جاء العام 2006 بنصفه الأخير تحديداً (منذ اندلاع حرب تموز) ليكرس المشهد مستدعياً صوراً من الماضي القريب. هكذا عدنا الى مشاهدة مخرجين حاملين آلات تصويرهم ومهرولين الى حيث تدوي الانفجارات وتغلي الساحات بما اثمر مجموعة كبيرة من أفلام فيديو قصيرة صُورت خلال ثلاثة وثلاثين يوماً من الحرب الاسرائيلية على لبنان. صور وصور تراكمت على أشرطة وازداد عبؤها على أصحابها مع مرور الوقت. بعضها تبلور افلاماً وبعضها الآخر ظل في حالة كمونه من دون أن يجد سياقاً للتشكل. مع بداية 2008، بدا ان المخرجين اللبنانيين أفرغوا ما في جعبتهم حول تداعيات أحداث 2005 وتالييه، لينطلق العام 2008 بقلق الآتي. ماذا الآن؟ سؤال شغل معظم السينمائيين حتى المؤلفين منهم غير المنتظرين لحدث ما ليكتبوا او يصوروا. ولكن السنوات الأخيرة علمتهم ان ما من ثبات أو استقرار مهما بدت الصورة ناصعة وسطح الماء مستقر. فالحصار الذي تعيشه مدينتهم بواسطة الانشقاقات والاصطفافات الطائفية والاحداث الامنية الصغرى والكبرى هو ايضاً حصار لابداعهم ولقدراتهم على استخلاص رؤاهم للحاضر والماضي والآتي. وفي حين لم تغب آثار تحولات السنوات الثلاث عن انتاجات العام الفائت، متمظهرة في أفلام وثائقية وروائية، جنحت أفلام العام المنصرم الى استقلالية البحث والرؤية عن الاحداث الآنية. عادت الأسئلة الى أصول الاشياء: الحرب، الطائفية، اشكالية التاريخ... او باختصار الى ما أوصلنا الى هنا. لم تكن تلك حال المخرجين فقط ممن آثروا الخروج من قبضة الحدث والتراجع خطوات لربط ما جرى خلال الأعوام الأخيرة بتاريخ لبنان المعاصر، بل هي أيضاً حال الناس، جمهور هذه السينما المحتمل، الذي خرج بدوره من الرعب الأمني ليملأ من جديد صالات العروض في المهرجانات والتظاهرات والعروض الخاصة. اذا كان من سمة بارزة للعام 2009 على الصعيد السينمائي فيمكن اختصارها بعودة الاسئلة والهواجس الاساسية على صعيد المخرجين والتحرر هاجس "الخبز والأمن أولاً" على صعيد الجمهور. أولئك الذي جمدوا حيواتهم خلال الأعوام المنصرمة على قاعدة ان الفن والثقافة كماليات، أدركوا ان لا فائدة من ارتهان الحياة لليومي والمعيشي والأمني، وان المساحة الممكنة للفهم او الهروب أوالتأمل قد لا تتيسّر إلا في استشفاف الفن للواقع.

[ الوثائقي

في هذا الاتجاه، يبدو الفيلم الوثائقي الأكثر حضوراً واثباتاً لتلك النظرية على الاقل من باب ان الفيلم الروائي غالباً ما يكون مشروعاً ممتداً على سنوات من اختمار الفكرة والكتابة ومن ثم الانتاج. وبالتالي فإن تأثره بواقع آني يبدو أقل من تاثر الوثائقي او الفيلم القصير. عطفاً على فكرة العودة الى الاسئلة الاساسية واصول الاشياء، يحضر شريط هادي زكاك مثالاً. فبعد مجموعة من الافلام الوثائقية، انجزها المخرج لحساب محطات تلفزة عربية وتناولت أحداثاً آنية (حرب من أجل السلام) او افرزتها تلك الاحداث (أصداء شيعية من لبنان واصداء سنية من لبنان)، ظل المخرج تحت مظلة الانتاج التلفزيوني ولكنه عاد في آخر أفلامه الى التاريخ، اساس المعضلة. فشريطه "درس في التاريخ" ليس فيلماً عن تاريخ لبنان بل هو عن نظرتنا الى هذا التاريخ وتحديداً من خلال ما تعلمه المدارس لتلاميذها او الاحرى ما لا تعلمهم اياه. انه موضوع او معضلة كتاب التاريخ المعتمد في المدارس اللبنانية منذ العام 1970 والذي يتوقف عند مرحلة جلاء الجيوش الفرنسية عن لبنان. وعلى الرغم من صدور مرسوم بتوحيد كتاب التاريخ المدرسي الا ان ذلك لم يحدث حتى هذا اليوم. لا يوضح الفيلم ما اذا كان كتاب التاريخ الجديد الموحد سيتطرق الى التاريخ الحديث للبنان. فالمشكلة هنا مشكلتان: الاولى تتمثل في تعدد كتب التاريخ المعتمدة في المدارس والثانية هي خلو المنهاج الدراسي من اية إشارة الى تاريخ لبنان الحديث. من هذا المدخل الذي قد يبدو أكاديمياً بحتاً لغير العارفين لتركيبة البلد وتاريخه، يدخل الفيلم في فئات المجتمع اللبناني وانقساماته الحادة التي لا تحكم حاضره فقط بل تملي عليه أيضاً نظرته الى التاريخ ورجالاته. والأنكى من ذلك ان تلك الرؤية يتوارثها الأولاد (معظمهم تحت الـ15 سنة) ويطلقونها ثوابت غير قابلة للتشكيك او النقاش. بمعنى ما، يشكل فيلم زكاك الجزء اللاحق لأفلامه عن الطوائف وينتهي بفهم واضح لما آلت الامور اليه في الحاضر بل ربما لما ستؤول اليه مستقبلاً وهنا تحديداً يتخطى الفيلم رؤيته وشكله التلفزيونيين بما يكتنزه من سوداوية غير مباشرة.

غير بعيد من "درس في التاريخ"، عرضت المخرجة ايليان راهب فيلمها "هيدا لبنان" للمرة الأولى في لبنان على الرغم من مرور عامين كاملين على انجازه. كأنما في تتمة لشريط زكاك، تحاول صوغ ما يشبه التاريخ المعاصر للبنان غير الموجود في كتب التاريخ المعتمدة في المدرسة. الفيلم الذي صور على مدى عامين بين 2005 و2007، يتوقف عند الأحداث التي عصفت بالبلد ليس كأحداث انما في وصفها تجليات لأمراض قديمة مستعصية. شريط راهب يكمل ما بدأته في فيلمها الاول "قريب بعيد" (2002) من بحث حول موضوعات العائلة والطائفة والانتماء.

الى راهب، خاضت كذلك داليا فتح الله خلال العام تجربتها الروائية الثانية بعد "مبروك التحرير" (2001) في "كاوبوي بيروت" المبني على لقاء المخرجة بوالدها، المنجذب منذ شبابه إلى العروبة، والمفتوح على أسئلة العلاقات الشبابية اللبنانية الآنية بهذا الفكر العروبي وبالناصرية، كما بالولايات المتحدّة الأميركية والحلم الأميركي.

محطة بارزة شهدها العام 2009 في مجال الفيلم الوثائقي هي خروج اول فيلم وثائقي في الصالات السينمائية هو "سمعان بالضيعة" باكورة سيمون الهبر. الفيلم الذي عرض للمرة الاولى في افتتاح "ايام بيروت السينمائية" في تشرين الاول/اوكتوبر 2008، وجال مهرجانات دولية حاصداً الجوائز والتقدير، وجد مكانه على خارطة العرض الجماهيري في صالة "متروبوليس" للفن والتجربة في سابقة لم يعتدها المشهد السينمائي المحلي. بعيداً من موضوعه ومقاربته وجمالياته، أعاد الفيلم فتح النقاش حول موضوع الرقابة على أثر اجتزاء الامن العام أكثر من خمس دقائق منه على خلفية الموضوع الذي يتطرق الى حياة رجل قرر العودة إلى قريته الجبلية بعد عشرين عاماً على التهجير ليحيا هناك وحيداً.

في ما يشبه التتمة لفيلمهما السابق "مقاتل" (2005)، أنجز لقمان سليم ومونيكا بورغمن عملهما "أولها نجوى... وآخرها". والفيلمان بدوريهما تتمة لعملهما التوثيقي والبحثي من خلال جمعيتهما "أمم" المعنية بتدوين ذاكرة الحرب الاهلية اللبنانية المكتوبة والمرئية وكل ما يمت اليها بصلة. فبعد التجربة الأولى الصادمة التي قامت على شهادات ستة مقاتلين شاركوا في مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982، يعود صانعا الفيلم مجدداً الى المقاتلين المختزنين أسرار الحرب وتفاصيلها. التفاصيل هي ما يبحث عنه سليم وبورغمن لما تتطلبه من طقس اعترافي، يستنطق الذاكرة ويحيي صورها المهملة ويعيد تمثيلها اذا تطلب الأمر لاكتشاف مدى بشاعتها. يندرج عمل سليم وبورغمن في خانة العمل البحثي المستمر الرامي الى جمع شهادات لمقاتلين في الحرب. وهو لذلك قد يبدو عملاً غير مكتمل او غير معني بأشكال التعبير باعتماده على المقابلة المباشرة كشكل وحيد لصنع الفيلم.

الى جانب التجارب الاولى والثانية لمخرجيها، شهد العام 2009 إطلالة مميزة لسينمائيين مكرسين في المجالين الوثائقي والروائي. أكمل محمد سويد بفيلمه "ما هتفت لغيرها" المسار الذي طبع أفلامه السابقة المتسم عموماً بالخلط بين العام والخاص وبقدرة المخرج السحرية على السرد الحميم والذاتي لأكثر الموضوعات عمومية وتناولاً. لأفلام سويد ما يجمعها أيضاً على الصعيد التفصيلي في انها اعادة إنتاج لتجارب شخصية عاشها المخرج ولأناس عايشهم. فأبطاله هم في الغالب اصدقاؤه الذين يمنحهم بعداً إضافياً خيالياً في مخبره السينمائي، فتختلط ملامحهم بملامحه وتتشابك حكاياتهم مع حكايات شخصيات وأفلام سينمائية، خلّفت في مخيلته أثراً ما واعياً ربما او غير واعٍ. الحرب هي في الغالب حكاية كل الحكايات عند سويد لأنها بالنسبة الى جيله ليست حكاية فقط بل هي "الحكاية" التي عاش في أروقتها قصصه وبين رحاياها توالى وعيه السينمائي والسياسي ولاحقاً تحولاته. يتركز الفيلم الجديد حول فكرة "المقاومة" التي يحشد المخرج تحتها عناوين ليس من السهل جمع خيوطها بصرياً وان كانت نظرياً وذهنياً مترابطة. يتخذ لموضوعه ثلاث مدن هي دبي وهانوي (فييتنام) وبيروت، التي يمتلك كل منها علاقة خاصة بالمقاومة اما من خلال تفلتها من كل فكر او فعل سياسي (دبي) أو بتمسكها بصورة بائدة عن المقاومة (لبنان) وإما بتحولها من نموذج مقاوم (فييتنام) الى مشروع عصري اقتصادي وسياسي. ومع نهاية العام، أنهى سويد فيلماً ثانياً تحت مظلة الانتاج التلفزيوني (قناة العربية) التي خرج من عباءتها فيلماه الاخيران " السماء اينما تشاء" و"ما هتفت لغيرها". "بحبك يا وحش" هو عنوان الشريط (عرضته قناة "العربية" قبل اسبوعين) الذي ينقل نبض الشارع من خلال حكايات ستّ شخصيّات من لبنان وفلسطين وسوريا والسودان: تمام الفلسطينية تمضي عمرها في المشي، عمر السوداني تجبره الغربة على العمل في غير مجاله، جمال السوري يحمل تركة أخيه المرحوم في بيروت مديراً دكان مواد غذائية ومبتعداً عن عشقه للقرية. أما خالدة فتؤثر الابتعاد عن قريتها وتفتح محلاً صغيراً في شارع الحمرا. وإذ يحاول ناجي تخطي تجربته في الحرب بالعمل سائقاً على سيارة أجرة، ينتحل ابراهيم هيئة أبطال الكاوبوي ويحلق في أرضه كلما سار في أسواق صيدا القديمة وناداه الناس بالـ"كينغ". مقيمون ومهاجرون تصنع حكاياتهم شكلاً مغايراً للصورة السياحية المعروفة عن لبنان متعدّد الهويات، ذاك أن ما يجمع بين تلك الشخصيات المقيمة والوافدة من العالم العربي ليس ثقافة هذا العالم ولغته بل بؤسه الاجتماعي وهزال واقعه السياسي من دون أن تفقد كل شخصية تعلقها بالحياة، فالكل يعيش حياته وكأنها فيلم سينمائي ولا يسعه إلا أن يحب بطله حتى ولو كان وحشاً. الى ثمارها المتميزة، تستدعي مسيرة سويد التوقف عندها من زاوية ثانية هي فرادة تجربة المزاوجة بين المخرج-المؤلف والانتاج التلفزيوني الوثائقي الذي لم يسبق له أن حقق تلك الدرجة من الذاتية والفنية.

بخلاف سويد الذي يستعين بتجربته الذاتية في الحرب ويمنحها البعد المتخيل بمجرد تجسيدها بصور في سياق سينمائي، يتناول مخرجا "خيام" خليل جريج وجوانا حاجي توما الحرب من منظور الشهادات الحية مشفوعة بهواجسهما عن علاقة الفنون بالذاكرة وقدرة الصورة على اختزال الواقع خارج سياقها الزماني والمكاني. هكذا يعود المخرجان الى فيلم أنجزاه في العام 1999 هو كناية عن شهادات لأسرى محررين من سجن "الخيام"، يركز على علاقتهم بالأعمال الفنية كوسيلة للاستمرار. ولكن تحرير الجنوب في العام 2000 ومن ثم حرب تموز 2006، بدّلا المعتقل أو صورته مرتين. لذلك عاد المخرجان الى شخصيات الفيلم الأول، يستنطقانهم تجربة الاعتقال مرة جديدة التي ستكتسب أبعاداً أخرى في ظل المتغيرات التاريخية والجغرافية التي طاولت المعتقل الذي دُمر بالكامل خلال حرب تموز كما طاولت ذاكراتهم. من هنا يتخذ العمل خصوصية بحثية حيث يتحول الفيلم حاوياً لأفكار وأشكال فنية (صور، تجهيز، معرض) يرصد المكان والزمان خلال عقد من الزمن.

في تجربة متفردة ايضاً، حقق المخرج الروائي غسان سلهب فيلمه الوثائقي 1958 الذي يبحث من خلاله في ذاكرة امه عن معانٍ لذلك العام الذي شهد بدايات كثيرة شخصية وعامة كما يوضح الفيلم. انه عام ولادته وعام اندلاع الحرب اللبنانية الاولى التي يعتقد كثيرون انها كانت التمهيد للحرب الاهلية. بأسلوبه المعهود، يحاول سلهب تظهير صورة عن المكان والانسان في فيلمه، عن الحاضر والماضي وعن الملموس والغائب. حكايات والدته تتداخل مع شهادات لآخرين لا نرى وجوههم مع تلاوته لاشعار باللغة الفرنسية خالقاً عمارة صوتية مصاحبة للبناء البصري القائم على التقاط الهجر واشباح الناس والأمكنة.

فيلمان وثائقيان أبصرا النور في نهاية العام من دون ان تتسنى لهما فرصة العرض في لبنان هما "12 لبناني غاضب" لزينة دكاش و"شو صار؟" لديغول عيد. دكّاش مخرجة مسرحية، أنجزت أول عمل مسرحي لمساجين سجن "رومية" في لبنان. على مدى 15 شهراً، عملت "دكّاش" مع 45 سجيناً، بعضهم أميّ لا يعرف القراءة أو الكتابة، على إعادة إنتاج المسرحية الشهيرة "12 رجل غاضب"، ولكن تحت اسم "12 لبناني غاضب". الفيلم هو كناية عن توثيق لتلك التجربة.

في 9 ديسمبر 1980، قُتل 11 فرداً من عائلة "ديغول عيد"، إضافة إلى أمه وأبيه وأخته الصغيرة، رمياً بالرصاص في قرية "عدبل" شمالي لبنان. هاجر "عيد" إلى فرنسا، ليستقر مع عائلته الجديدة في "كورسيكا". لكن صور تلك المذبحة وآلامها الرهيبة ظلّت تطارده منذ ذلك الحين ، حتى قرر أخيراً العودة إلى وطنه، ليكتشف بأن جيران الماضي الذين شاركوا في مذبحة عائلته، ما زالوا يعيشون في المنطقة نفسها، في ظل اتفاقية العفو الصادرة عام 1993، والتي تمنح جناة الحرب الأهلية، بكل فظاعاتها، الحصانة من المساءلة القانونية ومن العقوبة. في تلك اللحظة أحسّ "عيد" بواقع مرير لا يطاق.

كذكل شهد العام 2009 عودة المخرجة اللبنانية ليلى عساف بعد غياب أكثر ن 15 عاماً بفيلم وثائقي "ليس كأختي"، تعود فيه لتفقد أحوال بطلة فيلمها الروائي "الشيخة"، وما آلت اليه أحوالها في ظل اجبارها على الزواج.

[ الأفلام الروائية

لا تلغي النظرة النقدية الى الأفلام اللبنانية حقيقة ان إبصارها النور لاتزال تعتريه صعوبات لا حصر لها وان اية تجربة في مجال السينما الروائية انما هي نتاج مخاض طويل من البحث عن تمويل للتصوير ومن ثم للعمليات التوليفية وبعدها من العثور على موزع ومكان على خارطة العروض. ومن القرائن على ذلك ان كل فيلم لبناني، نتناوله على هذه الصفحات انما يرد ثلاث مرات على الأقل: عند تصويره، عند عرضه الاول ومن ثم بعد عرضه التجاري. وفي أحيانٍ كثيرة، تفصل سنوات بين مرحلة وأخرى كما هي حال فيلم هاني طمبا "ميلودراما حبيبي" الذي صُور قبل أكثر من ثلاث سنوات وتأخر عاماً كاملاً عن العرض التجاري بعد عرضه الافتتاحي في مهرجان بيروت السينمائي في تشرين الأول/اوكتوبر 2008. الفيلم الذي أنجزه هاني طمبا في تجربته الروائية الاولى بعد تجارب قصيرة عدة كان أبرزها "بيروت بعد الحلاقة" الذي حاز جائزة سيزار الفرنسية لأفضل فيلم قصير، لم يجد صدىً يذكر بين الجمهور المحلي. وفي حين لا يمكن الاعتماد على رد فعل هذا الجمهور لتحديد اي شيء يتعلق بالافلام اللبنانية، الا انه في حالة "ميلودراما حبيبي" الميال الى كونه عملاً جماهيرياً خفيفاً، يمكن القول ان عناصر عدة أسهمت في تغريب الفيلم عن المشاهد اللبناني. فالشريط المبني على حكاية تدور أحداثها في الوقت الحاضر، يتوسل الكوميديا خطاً أساسياً لعرض أحداثه. انها حكاية رجل ثري يحضر للاحتفال بعيد ميلاد زوجته، فيقرر ان يحيي لها حفلاً بحضور مغنٍ فرنسي اشتهر في الستينيات بأغنية يتيمة. هكذا يفلح بالاتصال به وقد اصبح عامل استقبال في فندق فرنسي صغير ويدعوه الى بيروت لبضعة ايام. ولكن الزوجة تُختطف في اليوم نفسه بينما يحاول المغني الفرنسي التمرن على أغنيته من جديد ويتعرف بامرأة شابة يبدو ان لها صلة بتلك الاغنية الفرنسية تختزل علاقتها بوالدها الغائب منذ الحرب. تتسلل الحرب الى الفيلم من خلال تفاصيل غير واقعية ولكن الجزء الاكبر مما يقوله الفيلم بنصب على الحاضر، على بيروت وتحولاتها، على ناسها وذاكرتهم. لا تشبه تجربة طمبا تجارب المخرجين اللبنانيين المؤلفين التي أُنجزت منذ منتصف التسعينات، كما انها لا تشبه حتماً الافلام التجارية القليلة. بهذا المعنى، ثمة خصوصية لعمله، مفتوحة على الكثير من النقد من داخل نسيج العمل.

على صعيد العرض التجاري أيضاً، شهد العام 2009 عرض "دخان بلا نار" لسمير حبشي الذي بدأت عروضه في خواتيم العام 2008 بعيد اختتامه لمهرجان السينما الأوروبية في كانون الأول/ديسمبر واستمرت خلال كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 2009. الفيلم الذي امتدت أحداثه على عقد من الزمن بين منتصف التسعينيات من القرن الماضي و2005، أعاد الى الأذهان أحداثاً واقعية في إطار متخيل، محوره مخرج مصري (خالد النبوي) مقيم في لبنان، يحضّر لفيلم حول القمع في العالم العربي. على الرغم من تجذّر الجزء الأكبر من أحداثه في الواقع السياسي والاجتماعي اللبناني، تجنّب الشريط الثاني لمخرجه الخوض في التفاصيل، متخذاً من لعبة الدمج بين الواقع (ما يجري على الأرض) والمتخيّل (ما يدونه "المخرج" من مشاهد في سياق السيناريو الذي يكتبه) استعارة للواقع الملتبس. حكايات حبشي في "دخان بلا نار" تنطلق من تاريخ محدد هو توقيع اتفاق الطائف ودخول الجيش السوري ونفي العماد ميشال عوان وينتهي بحدث واقعي وان بشكل رمزي هو اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري. بينهما، يلتقط تفاصيل وتفلت منه أخرى. ولكن الفيلم يصب بشكل عام، من حيث النوايا على الأقل، في محاولة قراءة الحاضر او لنقل سرد التباساته، من دون أن يفقد قدرته على صوغ حكايات تستلهم وقائع وأحداث، بعيداً من التأريخ، ألفها اللبنانيون. على صعيد آخر، لم يتمكن الفيلم من تحقيق مراد مخرجه في أن يكون وثيقة عن حقبة سياسية لبنانية شديدة المفصلية. ولذلك سببان اساسيان: ارتهان الفيلم لرؤية شخصيته الاساسية البعيدة تكويناً من النسيج اللبناني مما أفقد الفيلم رؤية مخرجه حبشي وتوسيع مروحة الأحداث لتشمل العالم العربي بنبرة تتوسل السخرية والخيال بما اضاع على الفيلم فرصة لقول كلمته في اي من الشأنين المحلي والعربي. ويمكن اضافة سبب ثالث هو اصرار العمل على المنحى السياسي الذي فرض المواربة بخلاف تجارب سينمائية لبنانية معاصرة، طرقت الحاضر من باب الفرد وبعيداً من السياسة المباشرة مثل "أرض مجهولة" و"اطلال" لغسان سلهب و"يوم آخر" لخليل جريج وحاجي توما وغيرها.

تختلف التجربتان لجهة الانتاج. فالاول ممول فرنسياً والثاني عربياً (شركة افلام مصر العالمية وسانيلاند فيلم المتفرعة من تلفزيون آي.آر.تي) في تجربة يبدو انها بدأت تتخذ شكلاً رسمياً. ذلك ان تلفزيون آي.آر.تي لايزال يستقبل المشاريع السينمائية ويشارك في انتاج بعضها، وشركة افلام مصر قد تخوض خلال العام المقبل تجربة جديدة مع مخرج لبناني آخر هو اسد فولادكار كما يتردد في أروقة الصحافة المصرية.

على الرغم من الاعتقاد السائد بأن الاختلاف والتنوع يولّدان حركة سينمائية أثرى، لا ينطبق ذلك بالضرورة على الانتاج اللبناني بل ان العكس صحيح. هذا على الاقل ما اثبته "شولا كوهين: اللؤلؤة" الذي عرض في الصالات المحلية مطلع العام، فارضاً إعادة النظر في مسألة التصنيف بين السينما والفيديو التي هي في طريقها الى الاندثار عالمياً والتي من مغباتها ان يجد فيلم كهذا طريقه الى دور العرض. فالفيلم التلفزيوني الذي لا تنحصر مشكلاته قطعاً في كونه عملاً تلفزيونياً، يبعد سنوات ضوئية عن أدنى شروط العمل الفني من اي نوع كان. واللافت في الموضوع ما سبق الفيلم من دعاية وترويج على لساني مؤلفه انطوان فرنسيس ومخرجه فؤادي خوري باعتبارهما الفيلم "ثورة" في مجال الاعمال المقتبسة من قصص الاستخبارات الواقعية وضربة موجعة للاعمال الدرامية التلفزيونية الكثيرة في هذا المجال. فإذا بنا امام عمل يضع أفلام نادية الجندي ومهماتها الجاسوسية في مرتبة سينمائية لا غبار عليها! مهزلة حقيقية من المحزن ان لا يكون قد تنبه اليها ممثلو العمل من مخضرمين من أمثال انطوان كرباج ورفعت طربية ومواهب شابة مثل دارين حمزة وسامر الغريب وطارق تميم وآخرين.

في خط ثالث موازٍ للافلام اللبنانية، عرض "سيلينا" لحاتم علي من انتاج سوري لبناني مشترك. على الرغم من مقومات العمل الذي يقف خلفه منتج كبير هو نادر الاتاسي وكاتب السيناريو الموسيقي والشاعر الراحل منصور الرحباني وانضوائه تحت لواء الفيلم الموسيقي الذي اندثر في السينما العربية، لم يتمكن العمل من تحقيق حضور لافت لا باسم مخرجه المعروف ولا بطلته وشعبيتها ميريان فارس. وفي خط رابع، عُرض فيلمان دينيان في الصالات السينمائية لجمهور محدد سلفاً هما "شربل" و"سراج الوادي".

[ الكاميرا تدور

بمحاذاة العرض الجماهيري لتلك الافلام، دارت عجلة الانتاج خلال العام المنصرم الذي اختتم بعودة مخرجين لبنانيين الى خلف الكاميرا هما بهيج حجيج وجان-كلود قدسي. صور الاول خلال الشهرين الاخيرين من العام الحالي تجربته الروائية الثانية بعد "زنار النار" (2004) في عنوان "شتي يا دني" مع الممثلين حسان مراد وجوليا قصار وكارمن لبس وعايدة صبرا والشابين ايلي متري وديامان بو عبود وآخرين، وفيه يعود الى موضوع المخطوفين الذي سبق له تناوله في فيلم وثائقي. الحكاية الجديدة تدور حول مخطوف عائد الى اسرته ومجتمعه بعد غياب عشرين عاماً. فهل سنشاهد الفيلم على الشاشة الكبيرة خلال العام المقبل لاسيما في ظل الظروف الانتاجية والتوزيعية الصعبة؟

اما قدسي فيطل بعد غياب أكثر من 15 عاماً ليصور تجربته الروائية الثانية بعد "آن الأوان"، هذه المرة متخطياً حدود المحلي الى موضوع جرائم الشرف في فيلم تدور أحداثه بين لبنان والأردن. وفي حين استطاع قدسي ان يجد لموضوعه تمويلاً أجنبياً، خاض حجيج التجربة عن طريق القرض السينمائي الذي أطلقته "كفالات" منذ العام 2005 وبمساعدات انتاجية من احدى شركات الخدمات الانتاجية في لبنان.

هذا ولا يستوي الحديث على الانتاج السينمائي اللبناني من دون الاشارة الى مشاريع سينمائية، بعضها معروف وبعضها الآخر مجهول، متعثرة منذ سنوات. تلك حال مشروع المخرج زياد دويري السينمائي المنجز على الورق منذ أكثر من سنتين وحال مشروع اسد فولادكار الذي لم يحالفه الحظ خلال العام المنصرم ليعلن دوران الكاميرا.

وبما ان حال الانتاج السينمائي في لبنان غير خاضعة للتسميات والوصف الجاهزين، تبقى هنالك تجارب تواجه مصائر مجهولة الاسباب مثل "على الارض السماء" لشادي زين الدين الذي استطاع بعدج سنوات من انجازه ان يعرض فيلبنان للمرة الاولى في ختام "مهرجان الفيلم اللبناني" من دون ان يجد طريقه الى الشاشة الكبيرة في دور العرض. ولعله لن يفعل اذ يبدو ان التجربة وصلت الى خواتيمها مع عرض الفيلم في أكثر من مهرجان وانتقال مخرجه الشاب الى مرحلة جديدة يستعد فيه لمشروعه المقبل من انتاج استديوات "والت ديزني" كما صرح.

على صعيد الوثائقي، أنهى ماهر ابي سمرا تصوير فيلمه "شيوعيين كنا" مضيفاً الى عمليه السابقين، "نساء حزب الله" و"دوار شاتيلا" و"مجرد رائحة"، فيلماً ثالثاً قيد التوليف.

[ الافلام القصيرة

على صعيد الأفلام القصيرة والتجريبية، لايزال مهرجان الفيلم اللبناني الذي تنظمه جمعية "..نما في بيروت" المساحة الأرحب لاكتشاف تلك الافلام. من بين الاعمال القصيرة التي أبصرت النور خلال العام 2009، فيلمان لطلال خوري، "9 آب" و"الاربعاء"، "بالدم" لكاتيا جرجورة، "نزهة" لسابين شمعة.

بعد تجربته القصيرة "الاثنين" في العام 2006، يعود خوري الى الواقع من مسافة ووعي، كأنه يوثق تقلباته وخيباته خلال مرحلة زمنية قصيرة. يشير عنوان الفيلم "الاربعاء" الى موقع المخرج في وسط الحراك والتقلبات، تائهاً يبحث عن منفذ ليعثر عليه في الضحك والسخرية. انه الهروب الواعي الذي يختاره من الواقع المخيب. بين حالتي التفاؤل واليأس اللتين تقلب فيهما، ها هو يعود ساخراً من واقع هستيري ترمز اليه شخصيات عدة: الموسيقي الموهوب الذي تنتابه حالات بارانويا مخيفة ورغبة في الانتحار بين نوباته الابداعية المحاصرة؛ زوجته الرقيقة التي يتوجب عليها مواجهة العالم الواقعي واستيعاب عالم زوجها المشوش بما يفوق اية قدرة على الإحتمال؛ "خالد" الذي يواجه احتمال أن ينقلب عالمه الهزلي الى مواجهة دائمة مع المسؤولية الكبرى؛ "محمد" السارق الصغير والمكتفي بملذات عابرة صغرى. الفيلم الثاني، "9 آب"، استكمال لمشروع طموح يخوض المخرج غماره وقوامه استلهام الشعر مادة لأفلامه. بدأ ذلك العام الفائت مع "الرجل المحترم" الذي يؤفلم قصيدة سامر أبو هواش "تحية الرجل المحترم" من ديوان يحمل العنوان نفسه. الحلقة الثانية في المشروع هذا الفيلم الذي يقتبس محمود درويش في قصيدة "واجب شخصي". هنا أيضاً عالم سوريالي، بأبيضه واسوده، ومناخه البارد ونبرته التي تتعمد أن تبدو الجنازة سينمائية مركبة كما هي حال الصورة والموسيقى والشعر في الفيلم. قصيدة تحيل الى أكثر من الصور وصور تحيل الى أبعد من مصدرها. الشهيد في قصيدة درويش يتجسد انساناً وبطلاً تراجيدياً. والشهيد في فيلم طلال خوري يتجاوز ذاكرته الشفوية والشعرية والأدبية عن فلسطين لتصير القصيدة معايشة لتجربة المخرج ببعديها الرمزي والواقعي.

بفيلمها الروائي القصير الاول "بالدم"، تعبر جرجورة مسافة بين متابعة الحدث وتوثيقه الى تحويله مادة متخيلة. تدور الاحداث حول أب ميليشياوي سابق، يحاول بشتى السبل أن يردع ابنه المراهق عن الانضمام الى الحزب نفسه وتكرار أعمال العنف، فلا يجد وسيلة لذلك سوى اختراع حرب صغيرة لإقناعه بوحشية الحرب. بخلاف خوري وسواه ممن قدموا أفلاماً، اختارت طريقاً غير واقعية لتروي الواقع، اختارت جرجورة أكثر الاساليب واقعية لرواية الحاضر القائم. قصة وشخصيات في لبنان اليوم الغارق في انشقاقاته الطائفية وحزبيته. ولكنها في سبيل الحكاية، أسقطت الواقع. "لبنان الجديد" هو الاسم المموه للحزب الذي انتمى الوالد اليه سابقاً والشاب حالياً؛ شبان فتيون طائفيون ولكنهم لا يسمون طائفتهم ويشتمون الطوائف الأخرى من دون تسميتها؛ شوارع منزوعة الجغرافيا ومتفجرات كأنها هزات أرضية في مكان مجهول من العالم.

أما سابين الشمعة فتستكمل في فيلمها الجديد "نزهة" Promenade تجاربها السابقة التي تلتقي حول عنواني الحرب والحواجز النفسية والجسدية من خلال امرأة تحاول بناء حائط بيتها المهدم من جديد مستخدمة بقايا الحجارة. واللافت ان الشريط الصامت الذي يتخلله التحريك يقوم على مفارقة ان هناك حائط كان يجب أن يتهدم اما نحن فتتهدم حيطاننا من دون الحاجة الى ذلك ونعيد بناءها بما يأسرنا ويصنع حواجز من حول أجسادنا وأحاسيسنا. كما في فيلمها القصير الأول "ما أحلا البحر" (2003)، تختبر الشمعة بلغة شعرية وانسانية تجتاز الحدود والجغرافيا معاني العزلة والخوف والإنطواء واجترار الأحزان والجراح والذكريات. الحرب، المدينة والذاكرة تستحيل كائنات ممسوخة تهدد بابتلاع الفرد.

[ مهرجانات وتظاهرات

انطبع مشهد المهرجانات والتظاهرات السينمائية خلال العام 2009 يتنوع أكبر بعودة بعض الفعاليات الغائبة وظهور أخرى للمرة الاولى. فإالى المهرجانات الثابتة او شبه الثابتة، أحيت سينما "متروبوليس" اول مهرجان لأفلام التحريك تحت مسمى "بيروت متحركة" بالتعاون مع مجلة "السمندل". أثار البرنامج الصغير اهتمام جمهور واسع لاسيما انه قدم أفلاماً من أميركا واليابان، الى فيلم التحريك الطويل العربي الأول "خيط الحياة" للسورية رزام حجازي، وحلقات مستعادة من مسلسل "غريندايزر". كذلك، قدمت وزارة الثقافة نشاطها السينمائي الاول في مناسبة اعلان القدس عاصمة للثقافة العربية للعام 2009، فكان نشاط "فلسطين في السينما اللبنانية" بالتعاون مع نادي "لكل الناس". كما نظمت "سجّل" الجامعة اليسوعية نشاطاً سينمائياً في عنوان "سجّل"، تضمن عروض أفلام وثائقية طالبية وطاولة مستديرة تناولت الفيلم الوثائقي تعليماً وانتاجاً وتوزيعاً في العالم العربي. وبعد غياب عامين لاسباب غير معلنة، عاد مهرجان الفيلم الوثائقي Docudays في دورة بدت منقطعة عن الجمهور على الرغم من عرض أكثر من مئة فيلم فيها. وأقامت جمعية "أشكال ألوان" للمرة الثانية نشاطها الانتاجي "أشغال فيديو" مقدمة دفعة جديدة من أفلام الفيديو التي أنتجتها بلغ عددها ثمانية أفلام. كذكلك أحيا مهرجان الفيلم اللبناني دورته الثامنة بخطى ثابتة محققاً تطوراً لافتاً عن الدورات السابقة لجهة الاحتيار ومستحدثاً جائزة لأفضل فيلم من بين كل الفئات. اما مهرجان بيروت الدولي للسينما فكان ابرز ما فيه استضافته المخرج الاميركي فرانسيس فورد كوبولا الذي افتتح فيلمه "تيترو" المهرجان. في زيارة دامت يومين، امتنع المخرج عن اجراء مقابلات مكتفياً بمؤتمر صحفي. وبالطبع اختتم مهرجان السينما الأوروبية العام بمجموعة أفلام لافتة وحضور جماهيري كثيف وبعض المشكلات التقني الذي فرض عرض بعض الافلام بنظام الـ "دي.في.دي". العروض الابرز للمهرجان تمثلت بأفلام ايليا سليمان "الزمن الباقي" وجاك اوديار "نبي" وFish tank لأندريا أرنولد.

على صعيد التظاهرات السينمائية، استأثرت "متروبوليس" بمعظمها مقدمة خلال العام برنامجاً سينمائياً حافلاً فضلاً عن المهرجانات التي عقدت بمعظمها فيها. من ابرز التظاهرات: "شاشات الواقع" واستعادة انتونيوني في "مايكل أنجلو انتونيوني: بطاقة مخرج" ودورة افلام المخرج الاسباني "اوغوستين يانيس واسبوع افلام "آرتي" وأفلام "الاسبوع الدولي للنقد" و"تحية الى بينا باوتش". وبالطبع هناك مهرجان "بيروت متحركة" وسابقة عرض فيلم وثائقي للجمهور العريض "سمعان بالضيعة".

ترافقت المهرجانات والتظاهرات تلك مع ظاهرة أخرى هي استعادة الرقابة قبضتها الجديدية واعمالها في منع أربعة أفلام عن مهرجان بيروت السينمائي وقص خمس دقائق من فيلم "سمعان بالضيعة" واقتطاع مشهد من فيلم التحريك Mind Game في اطار "بيروت متحركة" فضلاً عن عدم إجازة عرض فيلم ايليان راهب "هيدا لبنان" على شاشة احدى المحطات اللبنانية حتى لحظة كتابة هذه السطور.

المستقبل اللبنانية في

25/12/2009

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)