حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

النجوم وانا - العالمي

بقلم : إيريس نظمي

بالرغم من أنني شاهدت فيلم »الأراجوز« أكثر من مرة.. فقد شدني لأتابعه حينما عرض في التليفزيون  منذ أيام، لم أتصور أن أحدا كان يمكن أن يقوم بمثل هذا الدور  سوي عمر الشريف.. فالفيلم سياسي اجتماعي كوميدي.

إنه »الأراجوز« الذي يريد أن يسعد الأطفال البسطاء.. وفي نفس الوقت يعكس حال البلد عما يجري فيها من ظلم واستبداد .. فالأغنياء يزدادون غني علي حساب الفقراء.. والفقراء يزدادون فقرا.. فالغني يريد أن يستولي  علي الأرض الزراعية ليجرفها ويقسمها إلي مبان.. والفلاحون الفقراء الذي لايمتلكون  إلا القليل فهم يحبون أرضهم التي هي موطنهم  وجذورهم ولايريدون أن يفرطوا فيها. أما الأراجوز »عمر الشريف« الذي يحب أرضه وناسه فهو يربي ابنه »هشام سليم« أحسن تربية من موارده البسيطة كأراجوز، ليتخرج في الجامعة ويتنكر لأبيه بعد أن أصبح في مستوي اجتماعي آخر.. ويرسل إليه الأب خطابات يكتبها له أحد الذين يعرفون الكتابة.. لكن الابن يزداد جفاء  ولا يرد علي خطاباته ليطمئنه.. فهو مشغول مع الباشا الذي يعمل في مكتبه.. والذي يرشحه ليكون زوجا لابنته.. كما يريد له أيضا أن يرشح نفسه عضوا في مجلس الشعب لكي يساعده في الاستيلاء علي أرض الفلاحين الغلابة وتجريفها.

ويتصاعد الصراع بين الأب الطيب الذي يحب الحياة رغم فقره واللي روحه في ابنه.. والابن الذي ينفصل عنه ويحاول تنفيذ أمر الباشا.

إن مشهد  عمر الشريف وهو واقف ليدعو إلي الله ويصلي لابنه أمام أحد الأضرحة يبكيك.. وتضحك من قلبك مع أولاد المدارس الغلابة الذين يريد أن يفرحهم وهو يغني والأطفال يرددون » يا أراجوز المدارس«.. يافارس في المجالس«.. وهو يرتدي ملابسه المهلهلة.. وأيضا وهو يحمل مسرح الأراجوز علي أكتافه..إنه فعلا ممثل ساحر، كنت كمن أشاهد الفيلم لأول مرة.

وأعود بذاكرتي إلي الوراء منذ عام 1956 حينما اكتشفه يوسف شاهين صديقه وزميل المدرسة الإنجليزية العليا »كلية فكتوريا«، ليقوم أمام فاتن  حمامة ببطولة فيلم »صراع في الوادي«.. وانطلق عمر الشريف بعد  ذلك ليحقق الكثير من النجاح خاصة بعد أن عرض  فيلمه »صراع في الوادي« الذي عرض في مهرجان »كان« وأثني عليه المخرجون الأجانب، وتزوج عمر الشريف بفاتن بعد »صراع في الوادي« والقبلة الشهيرة ثم »أيامنا الحلوة« وانفصلا عام 1971 بعد أن أنجبا ابنهما طارق. ثم قدم عمر الكثير من الأفلام المحلية مثل »احنا التلامذة« و»صراع في النيل«.. و»بداية ونهاية« و»غرام الأسياد«.

قال لي عمر: ضايقتني شهرة فاتن لأنني كنت أحس أنني أتواري خلفها وأعيش في ظلها، ذكاء فاتن كان يصدر من قلبها.. وهذه قلة نادرة من النساء.

< < <

وحين اكتشفه ديفيد لين وقدمه في فيلم »لورانس العرب« الذي وجد أنه يضيف إلي كفاءته شكله المميز كوجه شرقي.. فأسند إليه دور »علي« صديق لورانس.. وانطلق إلي العالمية بل أصبح في مصاف النجوم  »السوبر«.. وعاش عمر في هوليوود  حيث اختاره المخرجون هناك بطلا  لكثير من الأفلام حوالي 35 فيلما، منها »سقوط الإمبرطورية الرومانسية« و»الحصان الشاحب« و»د. زيفاجو«، الذي حصل علي 7 جوائز أوسكار.. وحين جاء إلي مصر في زيارة قصيرة طلب منه صديقه عاطف سالم الذي قدمه في فيلم »إحنا التلامذة« مع نجمته الجديدة وزوجته نبيلة عبيد ليمثل أمامها فيلم »المماليك« ووافق عمر كنوع من المجاملة وأخرج بصورة سريعة قبل سفر عمر وفشل الفيلم فشلا ذريعا.

والتقيت بعمر في منزل فاتن حمامة علي النيل.. عام 1971 وكان ذلك قبل انفصالهما بعد أن أصبح »عمر الشريف«. نجما عالميا.. وكان قد حضر إلي مصر لتمثيل فيلم »ماركو بولو«  الذي صور في صحراء دهشور.. وجلست أتابع التصوير وأتحدث معه أثناء الاستراحة من الصباح حتي غروب الشمس.. رأيت المخرج يصور لقطة واحدة عشر مرات لتقدم في ثوان في الفيلم.

< < <

لم أكن وقتها أتصور أن هناك نجما بهذه الصراحة.. فقد تعودنا أن النجم في بلدنا كثيرا ما يغير الحقائق لصالحه.. أما عمر فقد قال لي كل ماوجهته من أسئلة تصورت فيها أنه سيغضب مني أو لايكمل الحديث.. أو يقول »لا تعليق«.. حكي لي عن عائلته الغنية..  وكيف كونت ثرواتها من تجارة الأخشاب بالإسكندرية.. وعن أمه التي تشبه »البرنسيسة« ويلعب معها الملك القمار في نادي محمد علي.. وكيف عانت الأسرة بعد ذلك من الخسارة في التجارة فحولتها إلي تجارة أخري هي تحويل الأسلاك الشائكة بعد الحرب إلي صناعة المسامير. كما حكي لي أيضا عن حبه الأول.

< < <

وفي هوليوود أصبح عمر الشريف صديقا لكل نجوم السينما هناك جريجوري بيك، وأنتوني كوين، وصوفيا لورين، وغيرهم وأيضا كبار المخرجين وخاصة صداقته بالنجمة المعروفة بربارا سترايساند التي كانت صداقتهما حميمة .. خاصة بعد أن مثلت معه »فتاة مرحة«.

إن عمر الشريف فنان غير متعال مثل بعض النجوم الذين يصحبهم أكثر من »بودي جارد«.. لكنه إنسان متواضع جدا رغم عالميته.

< < <

حينما عاد إلي جذوره وبلده في مصر عام 1984 مثل فيلم »أيوب« مع فؤاد المهندس وهو من الأفلام السياسية الاجتماعية التي تحاول كشف المستور بالنسبة لمراكز السلطة والحيتان.. ثم »الأراجوز« الذي فكرني بعمر الشريف الذي عرفته منذ  أجريت معه حديثا في بداية حياته الفنية.

وكان آخر دور مثله في مصر مع عادل إمام هو دور »حسن« في فيلم (حسن ومرقص) وهو فيلم  يتناول موضوع الفتنة الطائفية.. وقد نجح الفيلم علي كل المستويات، مستوي الجمهور والنقاد ومنهم من لم يشاهد السينما من قبل.

ولازلت أتابع أفلامه العالمية.. واستمتع بها من خلال القنوات الفضائية في التليفزيون.
عزيزي عمر الشريف
:

إن مصر تفتح لك ذراعيها مرحبة بك لتعود إلي جذورك .. إلي جمهورك الذي يحبك.. فلا تترك فرصة تضيع منك إذا عرض عليك سيناريو جيدا وملائما. فإن هذا سيسعدنا أكثر مما يسعدك.

آخر ساعة المصرية في

22/12/2009

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)