حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

عزبة آدم.. فيلم جديد.. قديم

ماجدة موريس

ما الجديد في اجترارك القديم وإعادة تقديمه علي الشاشة، كما هو، وبدون أن تجتهد في طرح فكرة أو رؤية مختلفة، أو علي الأقل، أبعد قليلا مما توقف عنده الآخرون.. هذه الكلمات وجدتها الأنسب بعد مشاهدة فيلم جديد هو «عزبة آدم».

الكاتب جديد لا أعرف له تاريخا في الكتابة هو محمد سليمان، ومخرج له فيلمان أثبت خلالهما أنه مجتهد ولديه ما يقدمه وهو محمود كامل الذي رأينا له «ميكانو» أول أعماله في العام الماضي وكتبت عنه في هذا المكان، ثم فيلمه الثاني «أدرينالين» الذي يعرض منذ أسابيع في دور العرض، وفيه يثبت محمود كامل أنه مخرج قادر علي الوصول بتصوراته الذهنية إلي منطقة التنفيذ لتشعر به وراء كل لقطة، عدد أبطال أفلامه محدود في فيلميه الأولين، وهنا أيضا يقدر علي خلق مناخ قاتم لقرية أو عزبة، هي عزبة آدم، لا تفرقها عن مثيلاتها أي ملامح، لتكون ملعبا لدراما تقوم علي أربع شخصيات أساسية هي البطل العاطل الشرير حامد «فتحي عبدالوهاب» وصديقه «المتربي» ابن الحاج رجب زعيم الغلابة «أحمد عزمي» ومريم الجميلة الطيبة التي اضطرت لكي تعول نفسها وأبيها المريض لبيع جسدها «دنيا سمير غانم»، وضابط النقطة الذي يمارس سطوته علي الجميع من أجل استمرار الأوضاع علي ما هي عليه واسمه سعد باشا «ماجد كدواني» حول هؤلاء تسير خيوط الدراما وبقية الشخصيات الأخري التي تظهر وتختفي وفقا لقصة يمكننا اعتبارها ملاحظات قديمة جديدة حول تخلف المجتمع، وهي قصة الأطفال عندما يكبرون في بيئة فقيرة ومجتمع محدود فيكفون عن لعب الاستغماية والسيجة ويبحثون عن ألعاب أخري تليق بشبابهم فلا يجدون إلا القحط الشديد.

لاوظائف ولا أجور

فلا وظائف أو أجور عادلة للمستوظفين أي عمال الصيد الذين يشغلهم الحاج طلبة «سعيد طرابيك» بالحد الأدني من الأجور، ولا كفالة للمريض فتضطر ابنته - بعد موت أمها - إلي التصرف في نفسها لكي تداويه، باختصار يطرح علينا الفيلم صورة للصغار بعد أن كبروا، وليصبح حامد - اللذي لا نعرف له إلا خالا - خارجا علي القانون ويكون عصابة صغيرة مع طناش «سليمان عيد» وثالث يشاركهم مجاملة هو مصطفي «أحمد عزمي» ابن الحاج رجب المتحدث الوحيد باسم المطحونين من أبناء العزبة «محمود ياسين» والذي يتواجه مع الضابط سعد مرتين، مرة من أجل الدفاع عن حقوق الصيادين لدي الحاج طلبة، ومرة للدفاع عن ابنه الذي ألبسه الضابط جريمة قتل «طلبة» نفسه بديلا عن طناش الذي مات وحامد الذي جعله «شاهد ملك» ليستخدمه في التجسس علي تجار الحشيش، في المرة الثالثة، بعد سجن ابنه، استسلم الحاج «رجب» لنصيحة الضابط وأخذ أسرته وهج من العزبة واختفي أيضا من الفيلم حتي النهاية.

إذا حاولنا تقسيم الفيلم هنا فإن أنسب موقف لاعتباره الجزء الثاني هو تلك العملية المهمة التي أصبح فيها حامد وحده طليقا بين أصدقائه وعصابته بعد موت واحد وسجن الثاني، وليصبح عينا للضابط علي تاجر المخدرات بالبلدة مرشدي «فتوح أحمد» بعد افتعال قصة ميلودرامية ليثبت إخلاصه له، وليصبح ذراعه اليمني من أجل الوصول إلي التاجر الكبير «القرش» الذي لا يعرفه أحد، وبسرعة يتم تدبير مذبحة جديدة يخرج فتحي منها منتصرا وينصب كتاجر القرية المعتمد لبيع وتوزيع الحشيش بعد أن جاءه رجال القرش وذهب لمقابلته وكان جالسا يحتسي الشراب وحوله الجميلات في مشهد مقتبس تماما من عدد من الأفلام الأمريكية التي قدمت صورة رجل العصابات والمافيا علي هذا النحو، وقام به - أي بالمشهد - الممثل القدير أحمد راتب.

جلباب ولحية

بعدها تسرع الأحداث فمصطفي يخطف في السجن من قبل رجال الجماعات المتطرفة ويصبح أحد رجالهم ويخرج بجلباب ولحية ليطيح في العزبة هدما بشومته مبتدئا بقهوة صديقه القديم «لطفي لبيب» التي حطمها لأنها تقدم الخمر، وبعد أن يهدأ يكتشف أنه مازالت لديه مشاعر نحو «مريم» حبيبته القديمة، ويرفض دعوة حامد للصفاء بينهما ويفتح دكانة صغيرة، ثم يلبي دعوة رحمة «هالة فاخر» القوادة التي اختفت وعادت من جديد في صورة سيدة البر والتقوي، لديها أموال طائلة تعترف له ببساطة أنها أموال «طلبة» التي كانت تعرف مكانها وحدها! تعرض عليه الوحدة ويتزوجان ويعمل بنفوذها ويتزاحم عليه أهل العزبة لتوظيف أموالهم وجني العائد المرتفع حتي يفاجأ بأن الزوجة ترفض سداد أموال الناس طمعا فيها، في الوقت الذي يشتد جنون حامد بالمال الحرام، ويغير شروط الاتفاق مع القرش، ويرفض إيصال الضابط صديقه إلي آخر الخط ويتزوج مريم قهرا، وينجب منها غصبا، ولأنه لابد للفيلم أن ينتهي فإننا نري، أخيرا، أن للضابط امتدادا هو قيادات ترفع فيه تقريرا يحقق معه بسببه، وإضافة إلي حملتين لمحو «حامد» من الخريطة: واحدة من القرش وأعوانه، وواحدة من الداخلية.. وبرغم قدرة المخرج مع مدير التصوير هشام سري علي خلق صورة مميزة واستخدام الأضواء والظلال ببراعة فإن الكثيرين من الممثلين قدموا أداء «أوفر»، أما لعدم ملاءمته لإيقاع الأداء عامة أو للمبالغة الفجة أحيانا ومنهم فتحي عبدالوهاب أحد الأربعة الأساسيين الذي لا يعطيه بناء الشخصية الضعيف فرصة للتجويد مع مساحة دوره الكبيرة فيبدو أداؤه لاسعا.. غير أنها ليست شخصيته وحده بهذا البناء وإنما شخصيات بقية الأبطال - عدا أحمد عزمي - وبرغم غرابة أن يترك والده الحاج رجب البلد كلها مع أسرته هاربا، وغرابة أن يدافع عن الناس دون أن يقف احد معه وكأننا في بلاد التيه، لقد شعرت أنه بجانب ما قدمه الفيلم من دراما قدم من قبل مرارا وتكرارا فإننا هنا أيضا أمام مجتمع افتراضي وليس حقيقيا، وغربة بدون بشر ولا حيوية، أو أن البشر موجودون وكأنهم ديكور، هل هو عيب سيناريو.. هل ضغط وتوفير إنتاجي.. أم أنها رؤية المخرج لمجتمع يراه محنطا علي هذا النحو وفق مجموعة شخصيات عتيقة «المجرم - التاجر المستغل - الضابط - بائعة الهوي الفاضلة» وأخيرا أضيف إليهم المسجون الذي أصبح رجل الجماعات ورجل توظيف الأموال!.. وبس.

الأهالي المصرية في

09/12/2009

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)