حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

فـــلــــم الـــعـــقــــدة ..

ما الــــذي يــثــيـــر الــضـــحــــك فــــي الــــحـ

ترجمة: بشرى الهلالي

تلعب آنا كلامسكي دوراً مساعداً في فيلم "العقدة"، هجاء سياسي يعرض سلسلة الأحداث التي قادت للتحضير الدبلوماسي لحرب العراق التي لا تحمل اسما. و الفلم ليس سلسلة من الدروس حول الأخلاقيات الرفيعة. يقول مخرج ومؤلف الفلم البريطاني أرماندو اينوشي " هنالك القليل من الشخصيات التي تسعى للخلاص في الفلم"،

ويضيف "لم أرد التفكير بأننا يجب أن نضع للفلم نهاية سعيدة أو أغنية أو أي شيء آخر". وهو لا يمزح بشأن النهاية السعيدة أو الأغنية. فمن الصعب إيجاد كلمات أكثر بذاءة وسخرية للتعبير عن النفاق من تلك الموجودة في "العقدة"، والفلم الذي سيعرض في الولايات المتحدة بعد عرضه في لندن، يبدأ مع سيمون فوستر (توم هولاندر) وزير الخزانة البريطاني والذي يدلي بآراء تتجاوز حدود صلاحياته وهو ينهي مقابلة في الراديو والتي يواجه فيها بهجوم مباغت لم يستعد له، حيث يشرح إمكانية الذهاب "غير المتوقع" إلى الحرب. وبنهاية المناقشة حول استنفاذ كلا الحكومتين الأميركية والبريطانية ووسائل الإعلام، فان ملاحظات سيمون تشرح كل العواقب الدبلوماسية المعقدة. وبسرعة تثير المناقشة غضب مدير علاقات رئيس الوزراء، مالكولم تاكر (بيتر كابالدي)، وهو رجل قادر على انهاء مستقبل أي سياسي بكلمة من لسانه اللاذع. وقد سبق لمشاهدي التلفزيون إن شاهدوا مثل هذه الشخصية المرعبة في مسلسل تلفزيوني للمخرج اينوشي "السميك منها"، الذي يحكي عن المكائد التي تدور في الحكومة البريطانية والذي قدم على قناة البي بي سي و قام ببطولته آنذاك أيضا كابالدي. ولكن في "العقدة" يأخذ المخرج شخصياته بعيدا عن جحر الأفعى السياسية البريطانية ويضعهم ضمن التحالف الكبير، عالم واشنطن الأكثر قساوة ووحشية، فيواجهون حقيقة مرعبة: حيث إن خصوصية العلاقة بين بريطانيا وأميركا تعني الكثير بالنسبة للبريطانيين منه بالنسبة للأميركيين. وفي ليلته الأولى في واشنطن لا يجد سيمون ما يفعله سوى متابعة فلم وثائقي عن أسماك القرش. في تلك الإثناء تبدو صقور وحمائم الحكومة تتصارع فيما بينها للسيطرة على السلطة، الاستخبارات تختلق القصص، أسلحة غير موجودة تكتشف، وبكل قذارة يلوي المساعدين أذرع بعضهم، فيستغل سيمون الذي لا يملك أدنى فكرة عما يحدث كأضحوكة من كل الأطراف. ويواجه سيمون مشكلة طارئة إثناء عودته إلى البيت: حيث يتعرض للأبتزاز من أبن سياسي كبير، هو (الممثل الكوميدي ستيف كوكان) الذي لسوء الحظ يمتلك رقم هاتف سيمون النقال، ما يسبب له الكثير من المشاكل الخطيرة التي تثير غضبه. وتطلق النكات بمعدل كل ثلاث جمل في الحوار. ولكن تحت ذلك الأسلوب الهزلي تكمن قضية في منتهى الخطورة، وهي كيف استدرجت بريطانيا في العام 2003 لتلعب دور الحليف للولايات المتحدة في مساندتها في مزاعمها حول الخطر الوشيك الذي يمثله وجود صدام حسين في السلطة لتحصل أميركا على ضمانة بريطانيا بوجوب حدوث الحرب. "كنت دائما أرغب بصنع فيلم هزلي فيه العديد من الخطوط المتداخلة مثل كوميديا متشابكة"، قال السيد أينوشي في مقابلة تليفونية. "لقد قرأت وبحثت كثيرا حول غزو العراق، قرأت حول الإختلال الوظيفي والتنافس في واشنطن وكيف تم إغواء بريطانيا للمشاركة فيها. ففكرت إما أن تضرب رأسك من شدة هول ما حدث، أو يمكن القول ببساطة،ما حدث هو مهزلة. ثم فكرت، هذه هي القصة التي أريدها، هذا هو الفلم الذي أريد صناعته". ولكي يجمع السيد اينوشي معلوماته الدقيقة، سافر إلى واشنطن وأجرى مقابلات مع مسؤولين في الكونغرس، البنتاغون ودوائر حكومية لمعرفة أدق التفاصيل حول حياتهم العملية. من بين الممثلين الاميركيين الذين شاركوا في الفيلم جيمس كاندولفيني الذي يلعب دور محب للسلام بمزاج متقلب، وميمي كندي وديفيد راش كعدوين شرسين على مستويات عليا من الرتب العسكرية في دوائر الدولة. بينما تلعب أنا كلامسكي وزاك وودز دور مساعدين يهدفان الى إزاحة كل منهما عن عمله: يأخذ وود في الفلم شخصية تشاد الذي يبادر دائما بإلقاء النكتة. "قمنا أيضا ببحوثنا حول موضوع أداء القسم" قال اينوشي، كان ذلك ضروريا، والشخصيات في "العقدة" تلاحقها لعنة الإبداع الشكسبيري، يضيف اينوشي، فقد وجد إن الناس في البنتاغون يقسمون على أمور كبيرة أكثر مما يفعل اولئك في دوائر الدولة، وإن أولئك الرجال ذوي الرتب العالية في الجيش يتعاملون ببذاءة". ورغم محاولة مالكوم تاكر الابتعاد عن حلبة الصراع إلا انه يستعمل أساليبه الماكرة عندما يتعلق الأمر بالتقارير ليتراجع عن موقفه في أمور خطيرة حول الحكومة. "سواء إن كان ذلك حدث أو لا فالأمر ليس مهما- فهو صحيح" يصرخ تاكر في أحد مشاهد الفلم، وهو يتهيأ لوضع تقرير عن شيء لم يحدث في الحقيقة".

وبيتر كابالدي معروف جيدا بالنسبة للأميركان كبطل اسكتلندي محبوب في فيلمه (البطل المحلي) 1983. وفي حوار حول حالة عدم التواصل الذهني يقول كابالدي "لقد وجدت ذلك مرهقا لوجود مسافة بيني وبينه، ولكن حصولي على فرصة للعب دور شخصية ميكافيللية وقذرة ومتسلطة شيئا عظيما". ويفترض ان شخصية مالكولم هي تجسيد لشخصية الاستير كامبل، المستشار القوي والمقرب لرئيس الوزراء السابق توني بلير، والمتحدث بشؤونه الداخلية. (والمعروف عن كامبل من بين عدة أشياء هو اتفاقه مع السيد بلير على وصف ديانا أميرة ويلز على انها أميرة الشعب). وأضاف اينوشي قائلا "كان لشخصية السيد كابالدي تأثير كبير كنموذج، ولكن تاكر بحث كثيرا في أماكن أخرى ليستقي الإلهام. "انا لا أعرف كيف يتكلم أو حتى يتصرف"، قال كابالدي في الهاتف مشيرا الى السيد كامبل. "فالأشخاص الوحيدون الذين أعرف أنهم يتكلمون بهذه الطريقة العدوانية وسيل الكلمات اللاذعة هم وكلاء الاستخبارات الأميركان. حيث شعرت بأني اعود الى الزمن الماضي والى الأفلام عن السي آي أي والتي تجسد رجالا أقوياء ينفجرون دائما بحمم بركانية من الكلام اللاذع". "الفلم هو مزيج من خيوط درامية، استنزفت فريق الكتابة الذي أعاد كتابتها مرة وإثنين والمكون من صاحب الفكرة السيد اينوشي وثلاثة كتاب مساعدين، بينما تم إرتجال الحوار عندما دارت الكاميرا وبدأ الممثلون بأداء أدوارهم. "كنت أريد من الممثلين أن يشعروا بالأرهاق والتوتر في النهاية كما هو شأن الشخصيات التي قاموا بتأديتها" قال اينوشي بمرح" مضيفا "في الحقيقة الارتجال هو الأسهل في الدراما، لأنك تستطيع الاستمرار ساعات وساعات وقد تشعر بالتعاسة أحيانا" . لقد قوبل الفلم باستحسان في صالات العرض في بريطانيا التي يعتبر المخرج اينوشي من أفضل المخرجين فيها. أما ماذا سيقول عنه الاميركان فما زال ذلك غير معروفٍ. اينوشي قال بأنه لم يكن يهدف الى البحث عن تمويل أميركي او مكاسب مادية فلم يكن عليه تغيير أفكاره أو التخفيف من لهجته، ولكن المؤشرات الأولية توحي بأخبار جيدة. وقد كان الفلم بمثابة ضربة في مهرجان ساندانس لهذا العام. وبالحديث عن الكتاب البريطانيين بشكل عام، قال كنيدي "يعرفون كيف يستخرجون الكوميديا من التراجيديا من خلال ملاحظة التصرف الإنساني. وهذا يعود إلى شكسبير". أما شخصية كارين كلارك في " العقدة" فهي تجسد معارضة صارخة للحرب وهي الشخص الوحيد الذي يحافظ على درجة من الاستقامة. وبحزن، تخسر كارين عملها وكرامتها "إنه مهين" قالت كارين موضحة ما حدث لها، ولكن هنا تكمن الكوميديا. نيكولا دوف/عن النيويورك تايمز

المدى العراقية في

02/12/2009

 

شوهِـدَ مــن قبـل..

فيلــم زي الـنـهــارده

علي عبد الامير محمد 

الروح أساس كينونة الإنسان المجهولة وذاكرة مشفرة لتاريخ السيرة الذاتية كُتِبَ في هوامات غير معلومة وفي معظمها غير مدرَكة مكبِلة العقل مدخلها نحو الفهم بحيرة الاختيار مابين الركون متعلقا بالأمل او بدونه لواقع غير مفهوم غالبا أو التيه في شطحات فضائها اللا محدود برؤىًً مجتزأة من دون ترتيب لكنها ساطعة الوضوح .

فبجزئية سايكولوجية ذات اصل فلسفي مُستمد من ارث ديني ظاهرة (شوهِدَ من قبل) حيث يشتبك فيها الوهم بالحقيقة على أساس قدري يتجمع الشخوص فيه بتعلق روحي وفق تواريخ مستنسخة بذاتها ،يقدم الشاب عمرو سلامة فيلمه زي النهارده ،موظفاً نفسه بثقة زائدة كاتبا للسيناريو ومونتيراً ومخرجاً في تجربته السينمائية الاولى . منذ الدقيقة الأولى لخمس وتسعين تالية ستجد انك أمام فيلم مصري يتخطى نمطية السائد السمجة سواءً بالثيمة او التكوين التقني والفني في صورة بَهُتت ألوانها الزاهية متراجعة أمام تدريجات الأزرق والرمادي والأسود تضعك (بقصدية واضحة) في عالم شبيه بالحلم يتحرك على حافة الواقع ،تنطلق فيه مي (بسمة) بالجري مسرعة وسط زحام المدينة وشوارعها المكتظة لتدخل شقة مفتوحة الباب يظهر فيها محمد (اسر ياسين) موجها مسدسه نحو ياسر (احمد الفيشاوي) دون ان تتوقف عن الجري ،مشهد يقطعه المخرج سلامه دون ختام مثيرا فيك التساؤل الذي لن تجد جوابه الا في النهاية ،حينها ينبعث صوت مي راوياً الحكاية من بدايتها وبتواريخ محددة انطلاقا من مذكراتها التي تدونها كل يوم ،التعارف بينها وبين أيمن (نبيل عيسى) ،الموعد الأول ،يوم الخطوبة ،صدمة موته الذي تسبب فيه السلوك العدائي لأخيها المدمن محمد ،هذه الأحداث ستتشكل بتطابق مستَفز لمي في علاقتها التالية مع ياسر والتي تمثل أساس الحبكة الدرامية للفيلم والمجرى الرئيس الذي انتهت إليه في الختام كل المسارات المتفرعة مثل حال محمد مع عائلته أو تأثير انهيار علاقته -نتيجة إدمان المخدرات –مع صديقته (آروى جودة) التي تموت على يديه وإيغاله في القتل لأكثر من مرة ،البحث الدائب لمي عن الوسائل التي قد تساعدها في حماية حبها وعلاقتها المستقبلية بياسر ،كل هذه المثابات للقصة شكلت حركية الزمن فيها ركنا محوريا بانسيابية مقيدة في تواريخ بعينها أفتعلها السيناريست ،حتى أضحى مشهد الذروة لمي وهي تتلقى الرصاصة بدلاً من ياسر –استكمالاً للمشاهد الافتتاحية- وتوقيت وصولها وموتها متوالية غير منتهية لان ياسر سيبدأ العيش بالأحداث نفسها كما نفهم بآخر مشاهد الفيلم ،ما هو ألا تعبير عن المغالاة في الغرائبية التي أُغرق بها ،كما أن الأجواء والخلفية المجتمعية التي يتحرك بوسطها أبطال زي النهارده تشكل صورة غريبة عن المجتمع المصري او عموم المجتمعات العربية فهي اقرب أن لم تتطابق مع البيئة الغربية ،من هذه التفاصيل وغيرها ستلاحظ التقارب الكبير بينه وبين الفيلم الأمريكي (الهاجس) لساندرا بلوك . لقد حاول عمرو سلامة صناعة فيلم يحتوي على الخلطة السحرية الأمريكية تشويقاً وغموضاً ،حباً ولوعة ،شيئاً من الاكشن وأكثر من الدماء ،وبالطبع لم ينس إضافة رشة خفيفة من الكوميديا لتقليل جدية الأحداث وسوداويتها ،من الممكن أن يكون ذلك مقبولا لصناعة هوليوودية لانطلاقه من رؤية محلية مهما بلغت درجة المبالغة فيه ،لكنه حتما لن يستساغ مادام التناول مصريا أن لم تؤخذ أهمية استناد القصة إلى مرجعية اجتماعية متعارف عليها ومقبولة من المشاهد وغير غريبة عنه ،مضافا إلى أن عناصر التوليفة للفيلم أن لم تكن بقياسات متوازنة جاءت نتائجها في المجمل مثل جرعة زائدة ستضر بالشكل الجمالي للصورة العامة أكثر من فائدتها لجانب المتعة والتشويق ،لكن ذلك لا يقلل كثيرا من الاجتهاد الكبير لعمرو سلامة خصوصا في المونتاج وإدارة الإخراج مظهرا إمكانيات عالية المستوى لموهبة حقيقية ستقدم الكثير مستقبلا إذا ما تقدمت بخطوات صحيحة ،فيما كانت الفنانة بسمة متألقة بأدائها إلى حد كبير خصوصا وان الشخصية تتعرض طول مسار الفيلم لانتقالات مفاجئة وحادة بين المشاعر والأحاسيس المختلفة ,ولم تكن شخصية المدمن الا تأكيدا لموهبة آسر ياسين المتفجرة دورا بعد آخر ،بينما جاء أداء احمد الفيشاوي متكلفا وبطيئا بإيقاعه في تقمص غير متناسب مع إبعاد الشخصية وملامحها فلم يبُح بالكثير من أسرارها وهو أمر غريب إذا ما قارناه مع تمثيل نبيل عيسى المقنع إلى حد ما رغم حداثة تجاربه وقلة خبرته - بالأصل موديل إعلانات-. أهم ما ميز فيلم زي النهارده احتفاظه بإيقاع متوازن يظل باجتهاد واعٍ لما يريد محتفظا بالمشاهد دون ملل متواصلا في استثارة تساؤلاته حتى آخر مشهد كاشفا مع موت مي أن صوتها الراوي لن يكون حتما نابعا من الواقع قدر تردده صدى لروحها الهائمة في عالم آخر (الرؤيا) ،مادامت النفس سراً كبيراً يستعصى على الفهم في دنيا اليقظة.

المدى العراقية في

02/12/2009

 

السينما تخلد قصة وفاء كلب ياباني!

يوسف أبو الفوز  

مؤخرا زار الممثل الهوليودي ريشارد جير (مواليد 1949)، المعروف عنه نشاطه السياسي وكونه يؤمن " أن الحرية والليبرالية ملك للجميع "، ومعروف أمر دعمه للشعب الفلسطيني، زار العاصمة الايطالية، روما، ليس لبرنامج سياسي في دعم اقليم التبت في الصين، بل لحضور العرض الأول لفيلمه الجديد "هاجيكو، قصة كلب "،

الذي يروي قصة كلب ياباني شهير يحمل هذا الاسم كان رمزاً للوفاء النادر. الفلم من اخراج لاسي هالستروم (مواليد 1946) السويدي الاصل، الذي عرف جيدا باخراجه الاشرطة الموسيقية المصورة لفرقة ABBA الغنائية السويدية الشهيرة، واخرج أيضا بعض الافلام التي لم تنل الاهتمام الكافي في حينها، ولكن بعد نجاح فلمه "حياتي ككلب " في عام 1985، المأخوذ عن رواية بالاسم نفسه للكاتب السويدي ريدار يونسون، ونيل هالستروم العديد من الجوائز العالمية عن اخراجه للفيلم، صار يعمل في هوليوود واخرج عدة افلام رشح بعضها وتنافس على جوائز الإخراج. هذه المرة يبدو ان هالستروم توقف عند قصة الكلاب من جديد، هذا اذا ما تذكرنا انه في فلمه " حياتي ككلب " كان بطل الفلم في تداعياته يكرر مرارا حكاية الكلبة لايكا الشهيرة التي أرسلها الاتحاد السوفياتي عام 1957 في مركبة فضائية الى الفضاء الخارجي من دون رجعة. ان الاطلاع على تفاصيل القصة الحقيقية لهذا الكلب الياباني الذي يتناوله فلم هالستروم الجديد، يجعلك تتوقف مليا عند قصة تعتبر مثالا نادرا للوفاء تجعل الانسان يقف حائرا ومتسائلا: كم هو بني آدم بحاجة لأن يتعلم من قصص الحيوان؟ اعجبني قول الفنان ريشارد جير وهو يتحدث عن الفلم الجديد لوسائل الاعلام بان: "الحيوانات ليست أسيرة الماضي، فنحن نفكر في الأمس ونحلم بالغد، في حين الماضي والحاضر ليسا من الأمور الواقعية. أما الحيوانات فهي تعيش في الواقع تماماً". وقال الفنان ريشارد جير إنه تأثر كثيراً عندما قرأ قصة الكلب هاجيكو، التي قال عنها إنها تؤكد أن "الحب الحقيقي ليس له بداية أو نهاية... لدرجة أنها هزته من داخله وجعلت دموعه تفيض ". ويعتبر النقاد مساهمة الفنان ريشارد جير في الفلم طبيعية، انطلاقا من تقديره وارتباطه بالفلسفة الشرقية، فالفلم الجديد، اقتبس قصته عن قصة حقيقية، سبق وقدمتها السينما اليابانية قبل عشرين عاما بأكثر من فلم. الفلم الحالي اجرى بعض التغيرات في بعض التفاصيل وكيفها للحياة الامريكية، لكنه حافظ على الخطوط الدرامية الاساسية للقصة الاصلية، فالممثل ريشارد جير، الذي هو ايضا يساهم في انتاج الفيلم، يمثل فيه دور استاذ الموسيقى باركر ويلسون الذي يعثر، وهو في طريق عودته من عمله، على جرو مهمل فيأخذه معه الى البيت على اساس مؤقت، فيجابه باعتراضات زوجته كاتي ويلسون، التي لعبت دورها الممثلة جوان ألين، وتتطور القصة ليكون الكلب بالتالي جزءا من العائلة. ودرج الكلب على انتظار استاذ الموسيقى، الذي غمره بالحب، عند عودته من العمل، وبالرغم من اختفاء أستاذ الموسيقى وعدم عودته بسبب موته المفاجيء، يواصل الكلب انتظار صاحبه في نفس المكان لسنوات طويلة. وطوال هذه السنوات الطويلة من الانتظار في محطة القطار يتعرف ويتلمس الكلب هاجيكو حياة الناس الذين يعملون بالقرب من مكان انتظاره. النقاد اعتبروا الفلم مصنوع لاجواء العائلة، وان الأطفال خصوصا سيحبونه كثيرا، وان لحظاته النهائية ستجعل دموع الامهات والأباء تطفر قسرا. وذكرت التقارير انه خلال تصوير الفيلم تم أستخدام ثلاثة كلاب بالغة وعشرين جروا لتؤدي دور الكلب هاجيكو، ومعها عدد لا يستهان به من مدربي الكلاب! فما هي تفاصيل القصة الحقيقية لهذا الكلب الوفي؟ كان الكلب المخلص هاجيكو Hachikōمن فصيلة أكيتا إينو (1923 - 1935) ولد في مدينة أوداته، محافظة أكيتا اليابانية. أُحضره إلى مدينة طوكيو معه في عام 1924 البروفسور اوينو Hidesaburo Ueno الاستاذ في كلية الزراعه في جامعة طوكيو. كان الكلب يرافق البروفيسور الى محطة قطار شيبويا يومياً في الصباح وينتظره يوميا بعد الظهر عندما يعود في الساعه الثالثة عصرا في زاوية من المحطة. وظل على هذه المنوال يوميا، وفي يوم من الايام، وهو في الجامعة تعرض البروفيسور الى ازمة صحية أدت الى وفاته. لكن الكلب هاجيكو ظل على برنامجه اليومي في انتظار صاحبه الذي لن يعود. ولاحظ الناس استمرار وجود الكلب، وعرفوا قصته، وكونه ينتظر صاحبه الميت، فراح الكثيرين يطعمونه، وسمح مدير المحطة ببقائه بعد ان لاحظ انه لا يؤذي الناس وخصص له مكانا للنوم، حتى بادر احد طلاب البروفسيور واخذ الكلب للاعتناء به، ولكن هاجيكو مع ذلك ظل على برنامجه في انتظار البروفسيور كل يوم الساعة الثالثة بعد الظهر، وظل على هذا الحال من الانتظار لمدة عشر سنوات. أكرر لمدة عشر سنوات!! وبما لكل قصة من نهاية، ففي يوم من الايام في سنة 1935، وتحديدا في الثامن من اذار وجدوا الكلب هاجيكو ميت عند المحطة في المكان الذي اعتاد ان ينتظر صاحبه فيه، ولغرابة قصته تم تحنيط وحفظ جثته في المتحف الوطني للعلوم في طوكيو! قصة وفاء هاجيكو كتبت عنها الصحافة اليابانية في حينها كثيرا، والفت عنه العديد من الكتب، وانتشرت بين الناس في عموم المدن اليابانية، أعجابا بوفائه الذي صار رمزا له، فأقيم له عام 1934 نصب من البرونز لتخليده، الطريف أن الكلب هاجيكو كان حاضرا في حفل افتتاح التمثال الاول، لكن هذا التمثال وخلال سنوات الحرب العالمية الثانية تم استخدام معدنه الثمين يومها في صنع الأسلحة. بعد انتهاء الحرب، وفي عام 1948 تم إعادة صنع تمثال هاجيكو من جديد، والذي لا يزال موجودا في المكان الذي اعتاد ان ينتظر صاحبه فيه وعينيه باتجاه باب الخروج، ويعتبر من معالم مدينة طوكيو السياحية حيث يزوره الآلاف من السواح باستمرار، وهو مكان معروف جيدا في مدينة مزدحمة مثل طوكيو، فمن الطبيعي ان تسمع الناس ببساطة يقول لبعضهم البعض: انتظرني عند هاجيكو!. يذكر ان هناك تمثال اخر للكلب هاجيكو في مسقط رأسه امام محطة مدينة اوادته في ولاية اكيتا. ودخلت قصة الكلب هاجيكو في المنهاج المدرسي للتلاميذ اليابانيين، وهناك عيد خاص كل عام في اليابان لمحبي الكلاب يقام عند تمثال الكلب هاجيكو حيث يصطف الآلاف في طوابير طويلة للانحناء له وتحيته والدموع في أعين الكثير منهم، وفي المناسبات السعيدة، كولادة طفل أو مغادرة المستشفى وغيرها، يكون تمثال مجسم صغير من الكلب هاجيكو أفضل هدية علامة على الوفاء والإخلاص.

المدى العراقية في

02/12/2009

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)