شعار الموقع (Our Logo)

 

 

أثار فيلم »حب البنات« لخالد الحجر، قبل عرضه الجماهيري الأول في القاهرة، بعض الجدل الصحافي والإعلامي، بسبب اتّهام كثيرين لمخرجه بالتطبيع مع إسرائيل٫ استعاد هؤلاء فيلما سابقا أنجزه قبل ثمانية أعوام، بعنوان »حاجز بيننا«، تناول فيه موضوع العلاقة الإنسانية بين العرب واليهود، من خلال قصة حب بين شاب عربي وفتاة يهودية٫ قيل إنه شارك في مهرجان سينمائي إسرائيلي٫ هوجم »حب البنات« قبل مشاهدته٫ رفض البعض اختياره لتمثيل مصر في الدورة السابعة والعشرين لـ »مهرجان القاهرة السينمائي الدولي«، لأن ذلك يعني، بالنسبة إليهم، الموافقة على التفكير التطبيعي للمخرج٫ قلّة استاءت من إشراكه في »المسابقة الرسمية« بسبب مخالفة إدارة المهرجان النظام الداخلي. ما حصل أن »حب البنات« اختير في الأيام القليلة التي سبقت موعد افتتاح الدورة الأخيرة.

تطبيعي أم لا؟

بين رافضي الفيلم بسبب موقف سياسي سابق لمخرجه، وملتزمين بضرورة تطبيق النظام الداخلي للمهرجان، كاد »حب البنات« يقع ضحية مهاترات وأحكام مسبقة، وسذاجة لا مثيل لها في التعاطي مع الشأن السينمائي٫ لم تكن السياسة غائبة أبدا٫ فنقابة المحامين عرضت »حاجز بيننا«، للدلالة على الموقف التطبيعي لخالد الحجر، فإذا بإدارة مهرجان القاهرة تصرّ على إشراكه في »المسابقة الرسمية«، وإن تحقّق هذا على حساب النظام الداخلي٫ خالد الحجر نفى في مؤتمر صحافي عقده قبيل عرض الفيلم في مصر، التهمة الموجّهة إليه، متأسّفا على كيفية تلقّي البعض معاني فيلمه السابق، ومبديا دهشته من هذه الضجة المفتعلة، »التي جاءت بعد ثمانية أعوام قدّمت في خلالها أفلاما لم تتعرّض لمثل هذا الهجوم«، ومُعتبرا هذا الأخير الهجوم»إرهابا لكل مبدع لتقييده من إبداعه«. أشار الحجر إلى أن »فنّانين ومُطربين وكتّابا ذهبوا إلى إسرائيل، وأقاموا معها علاقات مباشرة، ولم يُوجّه لهم نصف الهجوم الذي وُجّه إليّ«، مؤكّدا »ثبات موقفي السياسي«، خصوصا بعد أن انتهكت إسرائيل »اتفاق أوسلو« الذي وجده عند التوقيع عليه طريقا إلى السلام المنشود٬ قال الحجر»لم أقدّم عملا عن التطبيع« قاصدا »حاجز بيننا«، إن ارتداء القبعة الإسرائيلية في الفيلم جاءت لضرورة درامية تتطلّبها أحد المواقف.

وقال الحجر في مقابلة صحفية له إنه لم يتوقّع أن تتم محاكمة مخرج على فيلم قدّمه منذ ثمانية أعوام، مُشيرا إلى أن ما حصل معه في الفترة الأخيرة »ليس متوقعا على الإطلاق«، مُعتبرا أن »الفيلم (حاجز بيننا) مجرّد تعبير عن حالة تتم بشكل يومي في الخارج، يمكن أن تقبلها أو لا تقبلها«. أضاف أنه مُصرّ على رأيه بأن الفيلم المذكور »لا يدعو إلى التطبيع«، مُعتقدا أنه لو »عُرض مرة أخرى بترجمة صحيحة، سيعرف الجميع أني ضد التطبيع«، مُشيرا إلى أنه حريص على تقديم الفيلم بترجمة جيّدة وصحيحة، »كي يعرف الجميع وجهة نظري«، إذ إن الفتاة اليهودية »يجب التفريق بين الدين والدولة«، كما قال تدين إسرائيل، و»ترفض العيش في هذه الدولة«.

لا أدافع عن الإسرائيلي/اليهودي لمجرّد الاختلاف والتمايز٫ أعرف تماما أن قلّة نادرة جدا من هؤلاء تبغي السلام الحقيقي، وتعمل من أجله، وتدافع عن حق الآخر في الوجود والحياة٫ لكن الاتهامات العشوائية وأبرزها التطبيع تثير الغثيان والقرف، خصوصا أن ذلك يتمّ ضد أفلام عربية مصنوعة بلغة سينمائية جيدة وجادة، غاص صانعوها في عمق الحياة اليومية للإنسان العربي، وفي الاجتماعي والإنساني والثقافي ثم إن الهجوم على فيلم قبل مُشاهدته يخالف القواعد كلّها، الأخلاقية والمهنية والثقافية على حدّ سواء٫ إذ كيف يُعقل أن يرفض البعض »حب البنات«، من دون مُشاهدته؟ هل انتبه هؤلاء إلى أن جديد خالد الحجر مجرّد عمل رومانسي إنساني عادي، هدفه قراءة بعض أجمل الأحاسيس التي تنتاب المرء، وهي الحب؟ لا يرغب أحد في التمهّل والمعاينة النقدية السوية٫ فالصخب أسهل، بالنسبة إليهم، من مشاهدة فيلم وقراءته بموضوعية والضجيج أفضل- كما يظنون- من الجلوس لساعتين في عتمة الصالة، ومتابعة التفاصيل الدقيقة لأي فيلم قبل الخروج إلى الهواء الطلق والبدء بنقاش جدّي هدفه الأول والأهم كامن في معرفة ما إذا كان الصنيع المعروض في الصالة فيلم سينمائي أم لا، ثم الانتقال إلى تشريح مادته الدرامية.

رومانسية أم تسطيح لها؟

هل يُمكن اعتبار »حب البنات« لخالد الحجر استعادة ما لنسق سينمائي بدا أن النتاج السينمائي المصري افتقده لأعوام طويلة سابقة؟ هل يُمكن القول إنه بداية تحوّل فني مطلوب، بابتعاده عن الكوميديا الساذجة، وعن الدراما المسطّحة، وعن التهريج المسرف بغبائه الإنساني والفني؟

في معرض الإجابة (أو محاولة الإجابة) على هذه التساؤلات، لا يمكن تناسي فيلم آخر هو »سهر الليالي« لهاني خليفة٫ ذلك أن طرح التساؤلات نابع من بساطة الفيلمين في قراءة الذات البشرية، وفي البحث في معنى الحب والصداقة والزواج والعلاقات الإنسانية في »حب البنات«، ثلاث شقيقات فرّقهن القدر، والتقين مجدّدا إثر وفاة الأب، ومطالبته إياهنّ بالعيش معا لعام واحد فقط، قبل أن يحقّ لهنّ تقاسم ثروته المالية.

في »سهر الليالي« وجد الأصدقاء الأربعة أنفسهم في مواجهة تحدّيات فردية وجماعية بسبب الانشقاق الحاصل في بنية العلاقة الزوجية/العائلية أو في قدر الصداقة، لكن الفيلمين عالجا مادتهما الدرامية بشيء من التبسيط، والخلل في البناء الدرامي واضح في أكثر من سياق والارتباك موجود على مستوى بنية الشخصيات وعلاقاتها، مع هذا، فإن »حب البنات« و»سهر الليالي« يبقيان مجرّد فيلمين مختلفين قليلا عن السائد في السينما المصرية الحالية.

الملاحظات النقدية كامنة في أن سيناريو »حب البنات« ركيك ومفتعل، وفي أن إدارة الممثلين غائبة وفي أن الفضاء الدرامي مصنوع بفضل جهود بعض الممثلين وبراعتهم الكوميدية الجيّدة وفيها أبعاد إنسانية عميقة.

أراد خالد الحجر التمثّل بسينما الكوميديا الرومانسية فعجز عن الاقتراب من عالمها الفني والجمالي البديع، سعى إلى شيء من الرومانسية الغنائية (أحمد برادة، لاعب رياضي في دوره السينمائي الأول يغني حبه لحنان ترك، بمحاكاة باهتة وسطحية لأسلوب عبد الحليم حافظ في رومانسياته الأجمل)، فظلّ على تخوم هذا العالم الساحر الذي صنعته السينما المصرية قديما مازجة فيه الغناء والحب والعلاقات الإنسانية الشفّافة والكوميديا الخفيفة في قالب سينمائي متواضع لكن جميل، أشرف عبد الباقي أنيق في دوره كطبيب نفسي وجد نفسه فجأة في خضم نزاعات عائلية داخلية بين الشقيقات الثلاث (ليلى علوي وحنان ترك وهنا شيحة)، وفي توتر علاقاتهنّ العاطفية والأخوية والإنسانية.

خالد أبو النجا قدّم شخصيته الحقيقية كنجم تلفزيوني، والآخرون سقطوا في أدوار باهتة وأداء سطحي، في حين ان الحبكة كلّها عادية.

يقوم فيلم حب البنات على موضوع ليس جديدا ويعتمد على فكرة توريث الثروة والوصية المشروطة و ان كان من الأفلام التي تعبر عن الحب والمشاعر الإنسانية وتغوص في المشاكل النفسية عن طريق الجمع بين الجانب الإنساني والتراجيدي والكوميدي.
تامر حبيب صاحب السيناريو والحوار الذي أدهشنا في أول أعماله سهر الليالي وهو هنا يقدم فيلما تقليديا٫المخرج خالد الحجر حب البنات فيلمه الروائي الثالث وهو مخرج متميز ٫

ليلي علوي وقد لعبت دورها بتفهم ومعها أشرف عبدالباقي بقدراته كممثل خفيف الظل أما بقية فريق التمثيل فقد لعبوا ادوارهم بإجادة ٫

يقدم الفيلم قصة لثلاث بنات من أب واحد وأمهات مختلفات في إطار رومانسي ويتعرفن على بعضهن بعد وفاة الأب وتركه الوصية التي اشترط فيها أحقية ميراث الأخوات البنات الثلاثة بالعيش مع بعضهن ومن هنا يتعرض الفيلم لقصص ومشاكل٫ وتستجيب الأخوات لوصية والدهن ويقررن العيش معا ومن خلال الأحداث يتضح أن لكل فتاة نمطا سلوكيا متباينا عن الأخرى بسبب طريقة وظروف التربية وافتقادهن للحب وللأمان.

ومن خلال شخصية الطبيب النفسي مهيب النشوقاتي التي يقوم بتجسيدها الفنان (أشرف عبد الباقي) و الذى يسكن بجوارهن وتلجأ اليه كل بنت من الثلاث لمساعدتها على حل مشكلة تواجهها ويصبح شاغله الشاغل حل ثلاث مشاكل تعكر صفو حياة هؤلاء الفتيات (ندى وغادة ورقية). فالكبرى ندى (ليلى علوي)قد اتخذت بحنانها دور الأم في احتضان أخواتها ولكنها تهرب من الارتباط بحبيبها عمر (أحمد عز) المخرج السينمائي بسبب تأثرها بوالدها ونزواته وينجح عمر بمساعدة (مهيب) في أن يلتقي بندى مرة أخرى وينجحا معا حيث يدفعها للنجاح وتقديم برنامج تلفزيوني عن الطبخ٫

بينما تجسد حنان ترك شخصية الأخت الوسطى (غادة) وهي تعمل معيدة في الجامعة وتعاني من الازدواجية حيث تشعر بضعف البنات ولكنها تربت على كره الرجال بعد أن انفصلت والدتها عن والدها وتكتشف بالمصادفة أن والدتها (سوسن بدر) متزوجة في السر فتثور وتختل كل المبادئ التي تربت عليها٫ وتضعف غادة عندما تواجه الحب في علاقتها بالطالب حازم (أحمد برادة) وتنجح بمساعدة مهيب في اختيار الحب والتغلب على مشاكلها النفسية.

أما الأخت الصغرى رقية (هنا شيحة) فهي نموذج مختلف حيث عاشت وتربت مع والدتها في لندن وتضطرها الظروف للعيش في القاهرة ولكنها تصطدم بالمجتمع الذي تحكمه العادات والتقاليد وتتعرف على الفنان المشهور تامر الشرقاوي (خالد أبو النجا) وتظن أنها وجدت الحب ولكن تكتشف أنه يعاني من جنون الشهرة فتستعين بجارها (د٫مهيب) فتجد عنده الحب ويجد فيها فتاة أحلامه.

 

حب البنات في سطور

البطولة: أشرف عبد الباقى، ليلى علوى، حنان ترك، خالد أبو النجا، هنا شيحة، احمد عز، أحمد برادة، سوسن بدر، عبد الرحمن ابو زهرة

اخراج: خالد الحجر

سيناريو: تامر حبيب

تصوير: سمير بهزان

مونتاج: دينا فاروق

موسيقي: عمر خيرت

انتاج: جهاز السينما - ممدوح الليثى

الأيام البحرينية في  30 مارس 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

هل تكفي القبعة الإسرائيلية في فيلم لوصمه بالتطبيع؟

"حب البنات"

محاكاة مسطحة للنمط الرومانسي

فيكي حبيب

مقالات ذات صلة