شعار الموقع (Our Logo)

 

 

"الهائمون في الصحراء" الفيلم الذي حققه المخرج التونسي ناصر خمير عام 1984, لا يزال يجول العالم ضمن تظاهرات سينمائية خاصة, ويعتبر من جانب بعض النقاد مرجعاً للفن السابع في العالم العربي وأحد أفضل الأفلام العربية. وناصر خمير هو أيضاً كاتب ورسام وراوي حكايات التراث الشعبي. ومنذ فيلمه الروائي الثاني "طوق الحمامة المفقود" عام 1991 لم يحقق أي عمل سينمائي.

وضمن تظاهرة العروض المخصصة لاكتشافات مهرجان نانت السينمائي منذ بدايته إلى الآن, كان عرض جديد لفيلمه "الهائمون في الصحراء" الذي استقطب جمهوراً عريضاً على رغم مرور السنين. وبهذه المناسبة التقينا المخرج ليحدثنا عن عمل جديد على وشك الانتهاء منه عنوانه "باب عزيز" وعن السينما والمجتمع. 

  • أنت مقل في أفلامك؟ هل ظروف الإنتاج هي السبب؟

- الأمر سهل! لكل بلد مشكلات إنتاج مختلفة, وفي تونس من المستحيل عمل فيلم من دون مساعدة أوروبية, والقرار لها. ومنذ حرب الخليج فإن الآخر غير موجود. بل يصبح آخر تجب مساعدته. وقد دخلنا في دوامة المسـاعدات الإنسانية في كل شيء. والعلاقة مع الغرب قائمة الآن على ذلك. منذ فترة قريبة كانت المساعدة تعطى, من دون أن يكون ذلك توجهـاً حقيـقيـاً قائماً على رغبة طوعية لمعالجة مشكلات العالم العربي: وضع المرأة, القضية الفلسطينية... في هذا الإطار لم نعد في السينما بل في "مشكلة ما" مطلوبة. وبات البلد محدداً بذلك وليس بثقافته. والعالم العربي لم يعد حضارة بل أصبح إسلامي وفوضى ومشكلات... وأنت أصبحت محصوراً ضمن هذا الإطار ولم تعد تونسياً أو لبنانياً... أنت تمثل مشاهد ومواضيع. أنا أعمل على حضارة وثقافة وليست أفلامي عن الواقع المحلي. ولا ثقافة أو حضارة بعد الآن, وهذا قد أصبح معروفاً. 

  • وماذا تعمل خلال ذلك؟

- إن لزمني عشر سنوات لإنجاز فيلم فلا بأس. أنا أكتب وأرسم. عرضت 300 قطعة من لوحات ورسوم ومنحوتات وجداريات في المتحف القومي للفنون الجميلة في تونس عام 2002 وعرائس دعيتها "طفولة فلسطينية".

ثمة تمويه لدور الفنان عندنا. وتحت تأثير المساعدة جعلنا من الفنان مناضلاً millitant. ثمة أعمال متوسطة لا تحتاج إلى السينما بل إلى عالم اجتماع أو سياسي أو لمقالة تكتب عنها ولكن ليس لفنان. الفن والجماليات مقومات أساسية في كل مجتمع, هي قلب المجتمع النابض ونحن أكثر من أي مجتمع آخر بحاجة إليها. 

روح الفرد 

  • ما هو دور الفنان من وجهة نظرك إذاً؟

- بعث الروح في الفرد, في المجتمع, في الحضارة. القيام بقراءات جديدة وتوليد للماضي والحاضر والمستقبل. الفنان هو الخلاصة هو الشمولية. 

  • لما تعتقد أن المجتمع العربي يحتاج أكثر من غيره للفن والجماليات؟

- لأنه مجتمع أضاع قيمه. لا يمكن التفكير بالعرب من دون الحديث عن الضيافة والكرم وهي خصائص انفتاح على العالم ولكن لدينا مجتمع مغلق على نفسه للأسف. وثانياً لأنه مجتمع ضاعت فيه المعاني. وثالثاً لأنه مجتمع أنتج جماليات قامت على البساطة وترجمت معاني كثيرة منها التعاطف والرقة. نحن الآن في جماليات تبدو كالأرض الخالية. ومجتمع أضاع كل ذلك لم يعد يشبه شيء. 

  • هل تتابع ما يجري سينمائياً في العالم العربي؟

- كنت عضواً في لجنة تحكيم بينالي السينما العربية في معهد العالم العربي عام 2002 وأخذت فكرة عامة عما يتم. (هز كتفيه وتابع) كما لو أحضرت والدك إلى الطبيب لمعرفة السبب الذي لا يدعه يرى جيداً لتكتشف أنه لم يعد يسمع ويعاني أيضاً من ألم في المفاصل. وكلما اصطحبته أكثر إلى الطبيب كلما وجدت المزيد من الأمراض. وكلما اكتشف المزيد من الأمراض كلما طلبنا ألا يقال شيء. ثمة فراغ كبير عندنا في اللقاءات, الحوار, في وضع اليد على الجرح. 

  • أليس ثمة أمل ما؟

- شادي عبدالسلام, ولكنه رحل! لماذا لم يدعوه يعمل؟! 

عرب وفرس 

  • ماذا تشاهد من السينما الحالية؟

- أعمل كثيراً وأسافر, ولكنني أهتم برؤية السينما الأخرى والكلاسيكيات. تاركوفسكي مثلاً. 

  • لا تحب الحديث عن أعمالك التي هي بصدد التحضير, لكننا سمعنا أن ثمة فيلماً قيد الإنجاز.

- صورت "باب عزيز" في إيران وتونس وأنا بصدد القيام بالمونتاج وسأنتهي في الأشهر القليلة المقبلة. الممثلون هم من العرب والفرس واللغة في الفيلم هي العربية والفارسية, فأنا أؤمن بأن على هاتين الحضارتين الالتقاء. وقد كانت المساعدة التونسية من وزارة الثقافة هي الحافز الرئيسي الذي دفعني لاتخاذ القرار لعمل الفيلم, إضافة إلى ما جاءني من فرنسا وألمانيا وإيران. 

  • أين أنت من الشرق والغرب؟

- لست من هنا ولا من هناك. لكن جذوري في ابن خلدون والطبري والأمير عبدالقادر والرومي وناظم حكمت. أنا مجبر على السير دائماً وليس بمقدوري التوقف فلا ملجأ لدي. وما يدفئني هو الأمل وللاستمرار في الأمل أمامي وسيلة وحيدة: متابعة العمل. ومن ثم وعلى رغم إحساسي بأنني يتيم هذه الحضارة (العربية الإسلامية) بيد أنني أحتفظ بحب كبير لها وهذا ما يدفعني للبحث الدائم.

حريدة الحياة في  16 يناير 2004

كتبوا في السينما

 

 

مقالات مختارة

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

بسام الذوادي ـ لقاء

      مهرجان البندقية.. يكرم عمر الشريف

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

آسيا جبّار عبّرت عن الهواجس الدفينة للمرأة

تاركو فسكي: لقاء صحفي

فيلليني الميت وبرلوسكوني الحي
صوفيا لورين

 

 

ناصر خمير

أفلامي حلم..

وعندما تحلم تكون لوحدك

بقلم: ندى الأزهري

 

تربى ناصر خمير منذ طفولته، الذي ولد بتونس عام 1948، على الحكاية وثقافتها الخارجة من ألف ليلة وليلة. ليهيم بعدها بالتصوف الذي كان مادة لأفلامه التي أثارت انتباه النقاد إليه. تعلم كيف يسرد الحكاية وكيف يطورها من خياله الخاص بطريقة ساحرة جعلت "أنطوان فيتز" يدعوه عام 1982 ليروي قصص "ألف ليلة وليلة" على خشبة مسرح شايلو الوطني، حيث كان يحكي أمام النظارة المشدودين إليه طوال ساعة ونصف من ذاكرته وخياله. هو كاتب وشاعر وسينمائي وخطاط ورسام ونحات. نشر 12 كتابا حكائيا وشعريا منها: "شهرزاد"، "الغيم العاشق"، "الشمس المحبوسة"، "ساحة العباقرة"، "أبجدية الرمال" و"حكاية القصابين". في تونس أقام، معرضا للرسم والنحت (260 لوحة و 409 عملا نحتيا) بتقنيات مختلفة. اخرج أول فيلم للسينما في تونس عام 1975 "حكاية بلاد ملك ربي" ثم اخرج بعده بعام فيلم "الغولة"، وهي تسجيلية. ثم في عام 1984 اخرج فيلمه الروائي الطويل المهم "الهائمون"، وفي عام 1990 فيلمه الأهم "طوق الحمامة المفقود"، وعام 1991 الفيلم القصير "البحث عن ألف ليلة وليلة". يستعد هذا العام لإكمال فيلمه ذي الإنتاج والتمثيل المشترك (إيراني تونسي أوربي) وباللغات العربية والفارسية والفرنسية (بابا عزيز) كتسمية أولية. وهو ضمن نفس الموضوعة التي يشتغل عليها في كل أفلامه (التصوف والبحث عن المفقود أبدا). يعتبر نفسه كلا متداخلا كرسام وكاتب وسينمائي.

 

 

 

 

 

 

 

مقال ذات صلة