ملفات خاصة

 
 
 

"نعم" ناداف لابيد:

هجاء ساخر للفاشية الإسرائيلية

محمد صبحي

كان السينمائي الدولي

الثامن والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

ناداف لابيد سينمائي إسرائيلي معارض وناقم بشدة على نظام بلده ونهجه الوحشي في قمع الصوت والحياة الفلسطينيين. قبل أعوام غادر إسرائيل مختاراً الإقامة في فرنسا ومتابعة إنجاز أعمال لا تلقى سوى تنديدات من المعسكر الصهيوني، الرافض لأي صوت معارض يطالب بالحدّ الأدنى من المعاملة الإنسانية للشعب الفلسطيني. فيلمه الجديد،Yes! "نعم"، المعروض أخيراً ضمن فعاليات أسبوعَي المخرجين في "كانّ"، يطبعه العنف والجنون حتى بمعايير المخرج الإسرائيلي لفيلمي "مرادفات"، الحائز على الدبّ الذهبي في برلين 2019، و"ركبة عهد" (2021)؛ هجائية سياسية وحشية ومؤلمة حول كيفية تعامل إسرائيل (حكومةً ومجتمعاً) حالياً مع الوضع في غزة.

بنظرة نقدية على الفيلم، نجد أنه يتعامل مع شخصيات بغيضة ووحشية بشكلٍ عام، والتي، اعتماداً على أسلوب المخرج الجامح والصادم دائماً، يمكن أن تكون ساحقة وغامرة. بورتريه الأبطال والعالم من حولهم صورة مصغّرة مثيرة للشفقة لبلدٍ - أو على الأقل للعديد من سكّانه – كُشف عن أسوأ جوانبه من خلال ما حدث في 7 أكتوبر 2023. واي Y (أرييل برونز) عازف بيانو على علاقة براقصة تدعى ياسمين (إفرات دور). قبل ذلك التاريخ (وبعده أيضاً)، يُصوَّران وهما يعيشان حياةً من المتعة الجامحة: جنس وحفلات ومخدرات وكحول، ثم المزيد من الجنس والحفلات والمخدرات والكحول. لا يبدو أن أي شيء يُهمّهما كثيراً، ويتلذّذ لابيد بتجاوزات تلك الحياة الجامحة المُحاطة برجال الأعمال الأثرياء والمليارديرات الروس والمسؤولين الغامضين. لدرجة أنهما عندما يتلقّيان أخباراً على هواتفهما عن هجومٍ جماعي في جنوب البلاد، بالقرب من غزة، لا يُعرانها اهتماماً كبيراً (وهذا، واقعي تماماً في بلدٍ كإسرائيل) ويواصلان حياتهما وكأن شيئاً لم يحدث.

بفضل ارتباطهما بأشخاص نافذين في البلاد، يندمج الزوجان المُحبّان للحفلات بشكلٍ متزايد في مجموعات السلطة والسيطرة، التي تتماهى حدودها في فيلمٍ لا علاقة له بالواقع. ما يتضح - بعد أن يصل الهجوم إلى أبعاده المعروفة - أن كلاهما يُدرك أن الحلّ الوحيد هو الحلّ المُعطى في عنوان الفيلم: أن يقولا "نعم"، ولا شيء غيرها. ينضمّان إلى صفّ الأقوياء. لدرجة أن واي انتهى به الأمر إلى تأليف شيء يشبه أغنية تُشكّل اللحن الرئيسي للإسرائيليين في تلك اللحظة العصيبة. نعم، اسمها "نعم". ونعم، تزخر كلماتها بروحٍ قومية عدائية متطرّفة. تنجح الأغنية، وتصير على ألسنة جميع الإسرائيليين.

ومن هنا (ملاحظة: هناك نسخة واقعية من أغنية تحمل هذه المهمة، وكانت إشكالية للغاية) تبدأ المغامرات والصراعات والهروب والمشاكل والجنون المتزايد الذي يمرّ به الأبطال، بينما تنتشر الأغنية ويصبح الإسرائيليون أكثر قومية من المعتاد. في مرحلة ما، يبدأ البطل بالشعور بالصراع مع الوحش الذي خلقه ويحاول فعل شيء حيال ذلك، لكن الأمر لن يكون سهلاً: فكلّها تفضي إلى الشيء نفسه، ولا يبدو أن هناك أي خيارات حقيقية ممكنة سوى البقاء في الداخل أو الخارج، مع أو ضد، قول نعم أو لا. ومن هذا الصراع الجديد - على الأقل بالنسبة للبطل - سيتقدّم الفيلم بحماسة وشغف وطاقة مماثلة، وإن كانت هالة من الشكّ تغلّف كل شيء.

هذا فيلم مُصمّم ليثير الجدل ويفكّك الأوهام، وسيُستقبل بالتصفيق وحتى بصيحات الاستهجان (ربما لن يكون موقفه واضحاً لبعض الجمهور)، ما يُوضّح لماذا لا يستطيع لابيد الردّ على هذا الوضع الجنوني بطريقة لا تبتعد كثيراً عن الجنون. ليس من طبيعته أن ينجز نوعاً آخر من الأفلام (مدروسة، دقيقة، تحليلية) بل أن يُردّ على هذا الغضب بغضبه الخاص: يُحرّك الكاميرا بشكل مُتقطّع، مُبتعداً تماماً عن الواقعية، مُختاراً مشاهد ساخرة تُغازل أحياناً أكثر المشاهد التلفزيونية سريالية، ويُلقي بالنقد اللاذع في كل اتجاه: النظام، الحكومة، والمجتمع، وبالأخصّ النخبة الفنّية الداعمة لفاشية نتنياهو وائتلافه المتطرّف. من الواضح أن "واي" لا يهتمّ بالسياسة، ومثل كثير من الناس، فنّانين كانوا أم غيرهم، من الطبيعي أن يرغب المرء في تجنّب مواجهة الحقائق الصارخة والمظلمة، خاصة إذا كان لديه امتياز عدم الاضطرار إلى ذلك. لكنه، نظرياً، يبيع روحه لكتابة كلمات النشيد الوطني الإسرائيلي الجديد، الذي هو في الواقع دعوة حقيقية إلى المذبحة والعنف يغنّيها الأطفال وتُبثّ على التلفزيون الإسرائيلي.

بعيداً من الأزمة التي يمرّ بها بطل الفيلم في مرحلة ما، ربما تكون المشكلة الوحيدة في فيلم "نعم" أن الثنائي الرئيسي ينتهي به الأمر إلى أن يُصبح عبئاً لا يُطاق على مدار ساعتين ونصف يحتّلهما الفيلم. دائماً ما يُواجه الفورمات الساخر والهجائي هذ المطبّ الفنّي. لكن لابيد ينجح في دمج هذا البورتريه البشع والمثير للشفقة مع تعليقات أو مواقف أكثر غموضاً وحرجاً، حتى يجد مواطن يُكافح فيها أبطال الفيلم لإدراك حقيقة ما هم جزء منه. بحسب المخرج، فقد أراد من وراء إنجازه هذا الفيلم "إحداث صدمة للتنديد بالسلوك الأعمى الذي تنتهجه بلده منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر". بالطبع فيلمه لن يُحلّ أي شيء، وفي الواقع، في عودته إلى شخصية هذا الفنان المُعذب بدراما ماضيه، يُخاطر الفيلم بالانزلاق إلى الشفقة على الذات. لكن في مساره الفوضوي، يبدو وكأنه شعلة. في غضبه الوفير، يُنير "نعم" كلّ شيء.

بملاحظاتٍ لاذعة وعبارات وتعليقات متناثرة في جميع أنحاء الفيلم، ومشاهد أقرب إلى روح أفلام تيري غيليام منها إلى أي شيء واقعي، يُبدع ناداف لابيد فيلماً طموحاً ومجنوناً، يتشابك أحياناً في تحدٍّ خاص به يتمثل في "التعبير" عن شيء ما حول موضوع بالغ الحساسية. في أحد المشاهد يعلّق أحدهم على أسلوب الحياة الفلسطيني بالقول مستنكراً: "نشأ الإسرائيليون على السؤال: كيف يمكن للناس (الفلسطينيين) أن يعيشوا حياة طبيعية بينما يرتكبون الرعب والفظاعات؟" (باعتبار أن مقاومة الاحتلال شيء بغيض وغير حضاري!)، قبل أن يستدرك الحقيقة الراهنة: "حسناً، لقد أصبحوا (الإسرائيليين) الآن هم الإجابة".

 

المدن الإلكترونية في

08.06.2025

 
 
 
 
 

قراءة فى الفيلم الإيرانى الفائز بسعفة «كان» الذهبية..

سينما «بناهى» تبحث عن العدالة فى «حادث بسيط»

منى شديد

بعد 15 عاما من صدور حكم قضائى مثير للجدل بمنعه من صناعة الأفلام أو السفر إلى خارج إيران، عاد المخرج الإيرانى «جعفر بناهي» إلى مسابقة مهرجان «كان» السينمائى الدولى للمرة الثانية فى دورته الـ78، التى اُختتمت قبل قرابة أسبوعين، وحضر عرض فيلمه «كان مجرد حادث» أو «It Was Just an Accident»، مع جمهور المهرجان لأول مرة، بعد أن تم رفع أمر المنع عنه، وبعد أن كانت أفلامه ـ التى صنعها سرا فى خلال هذه السنوات ـ تُعرض فى غيابه، وتحصد الجوائز العالمية.

ربما أسهمت هذه العوامل مجتمعة فى رفع أسهم الفيلم أمام لجنة تحكيم المهرجان التى رأستها فى هذا العام جولييت بينوش، إذ منحته السعفة الذهبية لأفضل فيلم فى المهرجان ليصبح «بناهي» ثانى صانع أفلام إيرانى يحظى بها بعد أستاذه عباس كياروستامي، ورابع مخرج على الإطلاق يجمع بين جوائز المهرجانات الأوروبية الثلاثة الكبرى: كان وبرلين وفينيسيا.

ما بين الرمزية السياسية، والتعمق فى النفس البشرية، يبحث «بناهي» فى «حادث بسيط» عن العدالة، بلغة سينمائية حساسة تنتمى للواقعية الجديدة، وسرد سينمائى ترسمه تفاصيل دقيقة تغوص فى ذاكرة الألم، وتعالج موضوعات الانتقام والإنسانية والضمير، من خلال مجموعة متنوعة من الشخصيات التى تجد نفسها فى مواجهة ماض مظلم، ومعضلة الاختيار بين الانتقام الوحشى من معذبها أو الانتصار للقيم الإنسانية.

وكما كانت براءة الطفلة «راضية»، بطلة فيلم بناهى الأول «البالون الأبيض» الحائز كاميرا كان الذهبية فى 1995؛ تعكس قيود المجتمع الإيرانى بعيون صادقة وبسيطة، تبدأ وقائع «حادث بسيط» بطفلة مع أمها الحبلى، وأبيها المتجهم فى سيارة على الطريق، وعندما يصدم الأب كلبا شاردا تتحول ضحكات الطفلة ولعبها المرح إلى حزن وبكاء مكتوم، لاقتناعها بأن أباها قتل الكلب المسكين فى حين لا يبدو عليه أى تأثر، وتحاول الأم معالجة الموقف بتأكيد أنه قتله دون قصد، وأن هذا يحدث عادة للكلاب الشاردة!

وعلى الرغم من صغر حجم الدور الذى تؤديه الطفلة فى الأحداث بعد ذلك، إلا أن هذا المشهد الافتتاحي، ونظرتها البريئة للحادث؛ تعد تفصيلة مهمة تمهد لما يلى من أحداث، حيث تنتقل من حادث عارض إلى محاكمة رمزية تنبع من جراح الماضي، عندما يتسبب الحادث فى عطل بالسيارة يقود الأسرة إلى جراج لتصليح السيارات، ويعيد صوت الساق الصناعية للأب (إقبال) فى أثناء دخوله إلى الجراج، ذكريات مؤلمة لصاحب الجراج (وحيد)، وينكأ جراحا مدفونة عن الفترة التى قضاها فى السجن بعد اعتقاله فى مظاهرة عمال، واعتقاد «وحيد» أن «إقبال» هو نفسه رجل المخابرات المسئول عنها.

هكذا تناول «بناهي» أحداثا مأساوية بأسلوب ساخر، بداية من اسم الفيلم نفسه الذى يسخر من فكرة أن قتل الكلب مجرد حادث بسيط فى رمزية إلى أن بعض حالات الاعتقال والتعذيب تحدث على سبيل الخطأ أو نتيجة صدفة سيئة الحظ، لا يرى فيها مرتكبها أى جرم بينما يعانى ضحاياها بسببها ما بقى من العمر.

ويؤدى شريط الصوت دورا محوريا فى الفيلم، وفى إثارة ذاكرة الألم ومنابع الخوف، إذ لا نسمع الكثير من الموسيقى بما أنها لا تلائم واقع هذه الشخصيات التى تبحث عن علاج لأوجاعها إن لم يكن بانتقام وحشى تأبى إنسانيتهم تحمل وزره؛ فعلى الأقل باعتراف صادق واعتذار نادم من الجانى عما اقترفه فى حقهم، لكننا نسمع مؤثرات متعددة، يلعب بها بناهى على فكرة الحواس التى تقوى فى غياب حواس أخرى، فذكرى الألم المخزنة فى العقل مرتبطة بالأصوات التى سمعتها الأذن مع غياب حاسة البصر ـ الأعين معصوبة - وأصبحت مرتبطة بمشاعر الخوف والمعاناة، فتركت أثرها المدمر فى نفوس الشخصيات، وعلى علاقاتهم.

المكان يؤدى أيضا دورا فى الأحداث التى يدور أغلبها داخل سيارة «فان» بيضاء يختطف فيها وحيد جلاده «إقبال»، ويجول بها فى شوارع طهران، وتجتمع فيها بقية الشخصيات بآرائها المتضاربة.

هذه المساحة الخانقة داخل الشاحنة تبدو ضيقة إلى حد أنها لا تستوعب الألم المتراكم لضحايا هذا الجلاد، بينما تكشف الرحلة جوانب أخرى فى المجتمع فى خلال سعى الشخصيات المختلفة لاستيضاح الطريق، والبحث عن الطريقة الأمثل لمعالجة أوجاعهم.

يتسم الأسلوب السينمائى لبناهى فى الفيلم بالبساطة المربكة، فلا كاميرا متحركة، ولا زوايا درامية، ولا إضاءة مصطنعة، إذ اعتمد كثيرا على الإضاءة الطبيعية فى الأماكن المفتوحة، وظلت الكاميرا ساكنة فى مشاهد طويلة تركز على «كادر» واحد حتى لو كان هذا معناه سماع صوت شخصيات خارجة دون رؤيتها، وفى مشهد استثنائي، يجلس «وحيد» قرب جسد إقبال المقيّد المعصوب العينين، ويواجهه بالصمت فقط، فى مشهد يمتد لثلاث دقائق دون حوار، لكنه يُولد توترًا أشد وطأة.

تعرض «بناهي» للسجن أكثر من مرة فى إيران، وللإقامة الجبرية بسبب أفلامه السينمائية التى تنتقد ما يعتبره «قيودا اجتماعية وسياسات داخلية» فى إيران، وفى هذا الفيلم ـ الذى قام بتصويره سرا بدون تصاريح رسمية من الدولة ـ يستعيد ذكرى معاناته الخاصة فى المرة الأولى التى تعرض فيها للسجن، حيث مكث فى الحبس الانفرادى معظم الوقت، ويستعد للاستجواب معصوب العينين، ويسمع صوتا من خلفه، مضيفا إلى ذكرياته الكثير من تجارب عدد من أصدقائه الذين تعرضوا للسجن بسبب آرائهم السياسية المخالفة، أو أعمالهم الفنية مثله.

إذن فالفيلم ينتمى لسينما المقاومة التى يحب «بناهي» صناعتها، ويصر على الاستمرار فيها، إذ دفعه حبه للسينما لتحدى قرارات المنع طوال الـ15 عاما الماضية، إذ صنع فى خلالها ما يقرب من عشرة أفلام حصدت أغلبها جوائز قيمة، منها جائزة الدب الذهبى فى برلين، عن فيلمى «الدائرة» و«تاكسى طهران»، وجائزة أفضل سيناريو فى مهرجان «كان» عن فيلم «ثلاثة وجوه»، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة فى مهرجان البندقية عن فيلم «لا دببة».

 

الأهرام اليومي في

08.06.2025

 
 
 
 
 

«المُقاوِم» جعفر بناهي

شفيق طبارة

في إيران التي تشهد قمعًا متزايدًا للسينمائيين، ويُعدّ التصوير تحديًا للدولة، يُمثّل جعفر بناهي صوتًا لا هوادة فيه في السينما المعاصرة، ورمزًا للحرية الفنية في خضم الرقابة.

جعل المخرج الإيراني من كلّ فيلمٍ عملًا من أعمال المقاومة. يتجلى الاهتمام الرحيم بمن يعيشون على هامش المجتمع في أفلام بناهي. لذا، لم يكن مفاجئًا أن يرتبط بناهي بالمعارضة السياسية خلال الاضطرابات التي أعقبت إعادة انتخاب الرئيس أحمدي نجاد عام 2009. سجنته الحكومة لعدة أسابيع، ثم وضعته تحت الإقامة الجبرية ومنعته من صناعة الأفلام.

وفي عام 2022، وسط تكثيف الإجراءات القمعية والاعتقالات، عقب صعود إبراهيم رئيسي إلى السلطة رئيسًا، أُلقي القبض عليه مجددًا، وأُعيدت إليه عقوبته السابقة في السجن عندما كان يحتجّ على اعتقال المخرجين محمد رسول أف ومصطفى الأحمد.

أُطلِق سراح بناهي من سجن «إيفين» بعد يومين على بدئه إضرابًا عن الطعام من أجل الحرية، ولكن منعه من التصوير وصناعة الأفلام بات سارِيًا. من الجدير بالذكر أيضًا أن بناهي تحدّى الحكومة الأميركية. أثناء تغيير الطائرة في مطار جون كينيدي في أبريل 2001، احتُجز لساعات لرفضه أخذ بصمات الأصابع، ووُضع على متن رحلة العودة مكبّل اليدين.

في سنّ الثانية عشرة، عمل بناهي بعد المدرسة لدفع ثمن الأفلام. أثرت طفولته المتواضعة على نظرته الإنسانية للعالم. في العشرين من عمره، جُنِّد في الحرب الإيرانية العراقية (1980–1982)، حيث عمل كمخرج أفلام في الجيش.

وفي عام 1981، وقع في أسر المتمردين الأكراد، الذين احتجزوه لمدة 76 يومًا. بعد الحرب، درس في كلية السينما والتلفزيون في طهران. بدأ بناهي مسيرته في صناعة الأفلام بإخراج أفلام وثائقية قصيرة للتلفزيون الحكومي الإيراني في أواخر الثمانينيات.

أول أعماله «الرؤوس الجريحة» (1988)، حيث صوّر بعين إنسانية طقوس التطبير خلال ذكرى معركة كربلاء. صُوّر هذا الفيلم سرًّا، وظل خاضعًا للرقابة لسنوات عدة، مما أنذر بصدمات بناهي المستمرة مع السلطات الثقافية والسياسية في بلاده.

كان لقاؤه بالمخرج عباس كيارستمي أثناء تصوير الأخير فيلم «عبر أشجار الزيتون» (1994) حاسمًا. أصبح بناهي، الذي ترك رسالة على جهاز الرد الآلي الخاص بالمايسترو الإيراني لعرض خدماته بأيّ شكل من الأشكال، متدربًا ومساعدًا لكيارستمي. لم يكتفِ كيارستمي بتعليمه المهنة، بل ساعده أيضًا في كتابة فيلمه الروائي الطويل الأول «البالون الأبيض» (1995). فازت هذه الحكاية المبهجة، التي تتبع فتاة مصممة على شراء سمكة ذهبية لرأس السنة الفارسية، بجائزة الكاميرا الذهبية في «مهرجان كان». صُوّر الفيلم بممثلين غير محترفين وبميزانية محدودة، «أردت أن أثبت قدرتي على صنع فيلم بموارد محدودة، عن شيء بسيط كفتاة وسمكة»، هكذا اعترف بناهي بعد سنوات.

ومثل العديد من المخرجين الإيرانيين، بدأ في إخراج أفلام عن الأطفال. تنبع شعبية الأطفال كموضوعات في السينما الإيرانية جزئيًّا بسبب وجود تمويل حكومي لمثل هذه الأفلام، كما أنها تعمل على توجيه صنّاع الأفلام بعيدًا عن مشكلات الرقابة التي تُعقّد التصوير.

مع فيلمه الروائي الثاني «المرآة» (1997)، بدأ بناهي بتجربة الحدود بين الخيال والوثائقي. يبدأ الفيلم كدراما عن فتاة صغيرة تائهة في طهران، ثم يتخذ منحًى سينمائيًا متجاوزًا عندما تقرر البطلة الشابة التخلّي عن دورها وتكسر الحاجز الرابع، محوّلةً الفيلم إلى وثائقي مرتجل عن رحلتها إلى الوطن. هذه الخطوة الجريئة، التي نال بها جائزة الفهد الذهبي في مهرجان لوكارنو، أظهرت مخرجًا بدأ يشكك في أعراف السرد مع الحفاظ على التزامه بالواقعية الاجتماعية.

قرّر بناهي معالجة التعقيدات الرقابية والاجتماعية بشكل مباشر من خلال فيلمه الثالث «الدائرة» (2000)، الذي يُعدّ نظرة ثاقبة على القيود المفروضة على المرأة في إيران المعاصرة. كان الفيلم نقطة التحول، وكان أكثر أعماله صراحة سياسيًّا حتى ذلك الحين. تدور أحداث الفيلم في شوارع طهران، وتتشابك فيه قصص العديد من النساء اللواتي يواجهن أشكالًا مختلفة من القمع المؤسسي. صُوّر الفيلم بأسلوب وثائقي مع لقطات طويلة خانقة ومتوترة، وحُظر على الفور في إيران بتهمة «إهانة النساء المسلمات»، لكنه فاز بجائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية.

استمرت هذه النبرة الجديدة للنقد الاجتماعي في فيلم «الذهب القرمزي» (2003)، المقلق: «بدأت بأفلام عن الأطفال، ثم فكرت… في ما حدث عندما كبرت أولئك الفتيات»، كان المخرج يشرح تغيّر نهجه قائلًا: «أردت أن أُظهر حدودهم».

فيلم «الذهب القرمزي»، المقتبس عن قصة حقيقية رواها له كيارستمي، قد عمّق نقده للنظام الطبقي الإيراني. أصبحت قصة عامل توصيل بيتزا يحاول سرقة متجر مجوهرات فاخر استعارة صارخة لعدم المساواة الاجتماعية. صُوّر الفيلم بأسلوب صارم، وبطولة ممثلين غير محترفين (ظهر عامل التوصيل الحقيقي الذي ألهمت حياته القصة في ظهور قصير)، وفاز بجائزة «نظرة ما» في مهرجان كان.

تروي أفلام بناهي قصصًا بسيطة وجذابة تهدف في المقام الأول إلى خلق تفاعلات بين عدد من الشخصيات المتجسدة بوضوح. وهكذا، تميل أفلامه إلى أن تصبح صورًا لمجتمع أو مدينة أو حيّ أو مجموعة من الناس. هذا الجانب الاجتماعي من عمله هو ما جعل الحكم عليه قاسيًا للغاية.

بالطبع، وبصفته فنانًا بارعًا، واصل بناهي إبداعه.

صوّر فيلم «تسلل» (2006) سرًّا خلال مباراة تصفيات كأس العالم بين إيران والبحرين. جمع العمل قصص فتيات يتنكّرن في زي رجال للتحايل على حظر دخول النساء إلى الملاعب الرياضية، بين الفكاهة والتعليق الاجتماعي مع نضارة غير عادية. تمكن جعفر بناهي من تصوير مشاهد داخل ملعب آزادي، مندمجًا مع الجمهور، ومستخدمًا كاميرات رقمية صغيرة ليمرّ من دون أن يلاحظه أحد. لم يقتصر فوز الفيلم بجائزة الدب الفضي في مهرجان برلين على قيمته الفنية فحسب، بل شمل أيضًا أهميته السياسية، على الرغم من رد الحكومة الإيرانية بـمنع عرضه مجددًا. سرعان ما انتشرت نسخ مقرصنة من الفيلم على نطاق واسع في إيران، ليصبح الفيلم رمزًا للمقاومة الثقافية.

في عام 2011، أثناء استئنافه الحكم، صوّر فيلم «هذا ليس فيلمًا» في شقته في طهران. بميزانية قدرها 3200 يورو فقط، وباستخدام كاميرا منزلية وهاتف آيفون، يصوّر الوثائقي حياته اليومية تحت الإقامة الجبرية: يتحدث عبر الهاتف مع محاميه، ويناقش قضيته، ويعيد تمثيل مشاهد من أفلام محظورة. عنوان الفيلم، المستوحى من لوحة رينيه ماغريت «هذا ليس غليونًا»، يتحدى تعريف السينما، فهو صورة غير مُفلترة لحالته كفنان خاضع للرقابة ومُضطهد. يرفض بناهي الاستسلام للقمع، ويُوحّد صفوفه بسلاحه الوحيد: كاميرا (أو هاتف) توثّق حياته، الشيء الذي لم يستطيعوا انتزاعه منه، «إذا لم تستطع التصوير في الخارج، فصوّر نفسك»، قالها بناهي. لإخراج الفيلم من إيران، نُسخ الفيلم على وحدة تخزين USB، مُخبّأة داخل كعكة وهُرّبت إلى مهرجان كان، حيث عُرضت كمفاجأة اللحظة الأخيرة.

في عام 2013، وبعدما اكتسب خبرة أكبر في التحايل على الرقابة، شارك في إخراج فيلم «الستار المغلق»، مع صديقه المخرج الإيراني كامبوزيا بارتوفي. صُوّر الفيلم في منزل على بحر قزوين، ويتتبّع قصة هاربَين (يجسّد دورَيهما بارتوفي ومريم مقدم) يختبئان من الشرطة بإغلاق الستائر.

فاز الفيلم، الغني برمزية الحبس والمراقبة، بجائزة الدب الفضي لأفضل سيناريو في مهرجان برلين. لم يتمكن بناهي من حضور المهرجان، لكنه وجّه رسالة مفادها: «السينما قادرة على هدم أي ستار».

وفي فيلم «تاكسي طهران» (2015)، أصبح بناهي سائق تاكسي، وصوّر ركابه بتكتم. يُصوّر الفيلم، المُصمَّم على شكل وثائقي ساخر، المجتمع الإيراني من خلال حوارات عفوية. ورغم محاولة الحكومة منعه من المشاركة، منحته لجنة تحكيم مهرجان برلين جائزة الدب الذهبي، أرفع جوائز المهرجان. صرّح بناهي قائلًا: «هذا التاكسي هو استوديو أفلامي. هنا، الشارع هو موقع تصويري».

في فيلمه «ثلاثة وجوه»، تبحث بهناز جعفري، الممثلة الإيرانية الشهيرة، عن فتاة صغيرة (مرضية) في شمال غرب إيران برفقة صديقها المخرج جعفر بناهي، بعدما شاهدا فيديو للفتاة تطلب المساعدة لمغادرة عائلتها المحافظة. يتخذ الفيلم طابع فيلم طريق، وتدور معظم أحداثه داخل سيارة بناهي الرياضية متعددة الاستخدامات وحولها. تشهد الرحلة العديد من اللقاءات الغريبة مع شخصيات وتقاليد محلية. تُكتشف مرضية، المنبوذة من القرية، في النهاية وهي تعيش مع امرأة أخرى أكبر سنًا تعيش حياة منعزلة، وكانت هي نفسها ممثلة، وقد تعرضت هي الأخرى للنبذ بعد سنوات من سوء المعاملة من المخرجين الذكور. حصد الفيلم جائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان.

في عام 2022، عُرض فيلمه «لا دببة» للمرة الأولى في مهرجان البندقية، حيث فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة. الفيلم، الذي صُوّر بالقرب من الحدود التركية، يمزج بين الواقع والخيال: يظهر بناهي كمخرج يحاول التصوير عن بُعد وهو محاصر في صراع محلي. بنبرة أكثر قتامة من أعماله السابقة، يعكس الفيلم المنفى واستحالة الهروب من القمع. يشهد الفيلم إبداع بناهي السينمائي الثاقب، ويحثّ المشاهدين على سبر أغوار قصة تبدو في ظاهرها بسيطة.

بعد اختيار عرض الفيلم في المهرجان، وصفت وزارة الثقافة الإيرانية الفيلم بأنه «لعبة سياسية، وليس فيلمًا، ولا يملك ترخيص إنتاج». كان هذا آخر فيلم له قبل اعتقاله مرة أخرى في ذلك العام، بعدما أبدى تضامنه مع مخرجين آخرين مضطهدين.

بدأ إضرابًا عن الطعام، وأُطلِق سراحه بعد أيام. أحدث أعماله، الذي عُرض في مهرجان كان الأخير، وحصل على جائزة السعفة الذهبية، يتحدى القوانين الإيرانية صراحةً من خلال تصوير نساء من دون حجاب.

في «حادث بسيط»، يتجرّأ بناهي لأخذ النظام الإيراني رهينة، وحتى تقديمه لمحاكمة ولو موجزة. بموارد محدودة، يبني حكاية ذات قوة وتأثير مذهل، تُصوّر انحدارًا حقيقيًا في جحيم مجتمع منهار.

«حادث بسيط» فيلم شخصي للغاية، حاد، بلمسة فكاهية، وينتهي ليكون بيانًا سياسيًا واستعارة اجتماعية وسياسية. مواجهة عينٍ بالعين وسنٍ بالسن لمكان وزمان وأيديولوجيا. عندما فاز بالجائزة، أهدى بناهي السعفة لصنّاع الأفلام المسجونين في إيران.

كان بناهي ولا يزال، يخاطر بحريته، بل حتى بحياته، من أجل صناعة فيلم. فنان ملتزم، يواجه القيود بالقلم والكاميرا، بدلًا من الصمت أو الهروب.

يُعدّ بناهي، البالغ من العمر 62 عامًا، من أبرز رموز السينما الإيرانية وأكثرها تأثيرًا. هو أحد أعمدة السينما الإيرانية عميقة المعالجة، التي تنبض بالصدق، رغم ما تعانيه من رقابة صارمة، قد تكون في أحيان كثيرة قمعية وجذرية.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

09.06.2025

 
 
 
 
 

عن "سعيد أفندي" مجدّداً: بورتريه سينمائي ثابت لأمّة ناهضة

محمد صبحي

تستقبل الغالبية العظمى من عشاق السينما، والمطّلعين على صناعتها، إذا كانوا في مهرجان "كانّ"، أو يتابعونه من بعيد، هذا النجم أو ذاك، وهو يمشي على السجادة الحمراء، مرتدياً ثوباً خاطته أفضل دور الأزياء. ما إنْ تخفّ حماسته للأيقونة الحيّة، حتى ينتقل الجمهور إلى عنوان في البرنامج، يتراجع تدريجياً في صميم النقاش، وهذا لا بدّ من التفكير به، بموضوعية، في السنوات المقبلة، لأنّه سيكون حاسماً في مصير السينما كما عُرفت في الـ130 عاماً الماضية.

قادمٌ من الأفق الأقرب، أي من الغرب. لا جديد تحت الشمس، كما تبيّن الأيام، بل على العكس، يكتسب الميل درجة أكبر من التصلّب. كلّ هذا صحيح. مع ذلك، وربما بسبب ما سبق تحديداً، أهمية قسم مثل "كلاسيكيات كانّ" مؤكّدة (ينبغي إعادة النظر في فكرة انتشار الرقمنة على نطاق واسع، خصوصاً بعد إزاحتها السينما عن عرشها، حتى بالنسبة إلى أفلام الماضي). في "الكروازيت"، إلى جانب عناوين معروفة بلا شكّ حتى لمن لديهم فكرة عامة عن السينما، تعود اقتراحات سينمائية مفقودة إلى الحياة. أعمال ضاربة في الزمن السينمائي، يصعب التعامل معها حتى على أكثر الخبراء خبرة. إذْ يُعثر، في الدورة الـ78 (13 ـ 24 مايو/أيار 2025)، على "باري ليندون" (1975) لستانلي كوبريك، و"أحدهم طار فوق عشّ الوقواق" (1975) لميلوش فورمان.

مع الترحيب بإعادة اكتشاف سينما جورج شيرمان، بفضل عرض فيلمي "الوادي الأحمر" (1949) و"إقليم الكومانشي" (1950)، اللذين قدّمهما كونتين تارانتينو، فإنّ استخراج أعمال مثل "الأجر" (1962) للكولومبي سيرو دوران، وأكثر من ذلك "سعيد أفندي" (1957) للعراقي كاميران حسني، يبدو أكثر استحقاقاً للثناء.

نعم، "استخراج". إذ يلائم المصطلح حالة الهَجر التي واجهتها فكرة معيّنة عن السينما، على مرّ عقود سابقة لما يُسمّى "السينما الثالثة"، التي سعت إلى تحرير النظرة والإيقاع من دون تجاهل الاضطرابات الجارية حتى في أغنى بقاع العالم. مثلاً: عند مشاهدة "سعيد أفندي"، يُلاحظ المرء كيف أنّ التجربة الواقعية الجديدة تطبع بعمق أعمال حسني، الراحل عن 77 عاماً قبل 21 سنة (1927 ـ 2004)، من دون أن يُثير هذا دهشة أحد.

مع ذلك، لا يتعلّق الأمر بمحاكاة عمياء، أو مجرّد اكتفاء بـ"حقيقة/واقعية" مزعومة، تُعزى إلى التصوير الخارجي في الشارع، أو عدم احترافية بعض الممثلين. بل على العكس تماماً. في هذا العمل المُعقّد، الذي يُفكّر في السؤال الأخلاقي من دون إغفال البحث السياسي في عصره أو طموحاته السردية، يغوص حسني في صميم بنية الواقعية الجديدة النابضة، وفي روحها السياسية الصريحة، التي تجمع بين توتّر لا ينضب تجاه بناء الصورة، و"احترامها"، وحاجات السرد للتحدّث بلغة الناس، فيُدركونها من دون إجبار.

بهذا المعنى، يمتلك "سعيد أفندي"، المقتبس من قصّة "شجار" (1955) لإدمون صبري، قوة ثورية حقيقية. فمن جهة، يتناول بعض جوانب السينما التجارية التي أنتجها العراق قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، التي استوحت جوهرياً مواضيع الإنتاجات المصرية السائدة وألوانها، واختارت غالباً ممثلين من القاهرة. لكنه، من جهة أخرى، يُصرّ بقوة على تلك الرؤية الشخصية المنفصلة عن التبعية لجماليات الفيلم المصري.

لم يكن أول فيلم عراقي يفعل ذلك. فمنذ السنوات المضطربة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية (مع إضراباتٍ حجبت مركزاً حيوياً للحياة الوطنية مثل كركوك)، كان هذا التوجّهَ الرئيسي للإنتاج العراقي، كما مع "فتنة وحسن" (1953) لحيدر العمر، أو "من المسؤول" (1956) لعبد الجبار ولي. لكنْ، لا شكّ أنّ التوازن المثالي، الذي يتحرّك فيه "سعيد أفندي"، يُمثّل تحوّلاً تصاعدياً يجعله عملاً محورياً، بدمجه أسلوب الواقعية الجديدة بالميلودراما الشعبية الشائعة عربياً، مع تأمّلٍ في تغيّرات مجتمعية، لا يغفل المنظور الأخلاقي ولا السياق السياسي ـ الاقتصادي.

بعيداً عن المعضلة الأخلاقية للبطل، التي تدور حولها القصّة كلّها (كيف يُربّي المرء أطفاله، وفي الوقت نفسه يُدير وضعاً متفجّراً في العلاقات مع الجيران، من دون الحاجة إلى اللجوء إلى العنف، وبالتالي "بناء" أمّة جديدة)، "سعيد أفندي" لافتٌ للانتباه، ومثير للتأمّل، حتى بعد مرور نحو 70 عاماً على إنجازه، بسبب الإخراج الحيّ، الشبيه بالوثائقي تقريباً، للأحياء العمّالية في بغداد الجديدة، تلك المدينة الخاضعة آنذاك لإعادة إعمار، والتي على وشك أن تشهد ثورة جديدة، أولاً انقلاب "14 يوليو 1958"، ثم انقلاب "8 فبراير 1963" الذي سيجلب إلى السلطة حزب البعث، القائمة أيديولوجيته على خليط من القومية والوحدة العربية والاشتراكية ومعاداة الإمبريالية.

هنا، يتحوّل "سعيد أفندي"، ذلك الأوبريت الأخلاقي المنطلق من خلافات بين الأطفال لمحاولة استكشاف الديناميكيات الاجتماعية في "الثورة"، إلى بورتريه ثابت لأمّة ناهضة، قادرة على سرد قصتها بطريقة مستقلّة تماماً، والسعي إلى مسارها التعبيري الخاصّ، الذي لا يخشى سرد أحلك الجوانب، وأقلّها استحقاقاً للثناء في بنيتها الاجتماعية.

 

العربي الجديد اللندنية في

09.06.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004