ملفات خاصة

 
 
 

مهرجان كانّ يختار 35 فيلما من أصل 2909

دورته المقبلة تقدم المشهد السينمائي الجديد ومفاجآت شابة

هوفيك حبشيان 

كان السينمائي الدولي

الثامن والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

ملخص

2909  أفلام شاهدتها إدارة مهرجان كانّ استعداداً للدورة المقبلة (13 - 24 مايو "أيار")، هذا ما أعلنه المفوض العام لأكبر حدث سينمائي في العالم، تييري فريمو، في المؤتمر الصحافي المنتظر جداً الذي عقده، ككل عام، قبل شهر من انطلاق الدورة، لكشف برنامج النسخة الـ78 الذي سيشغل أهل الفن طوال أسبوعين. 

عدد غير قليل من الأفلام وصل إذاً إلى مكاتب مهرجان كانّ، اختارت منها لجان المشاهدة تحت إشراف فريمو، ما لا يتجاوز الاثنين في المئة، إذ إنه أُعلن حتى الآن عن 53 فيلماً في التشكيلة الرسمية، ويبقى بعض الإضافات التي سيُكشف عنها في الأيام المقبلة. هذا في ما يتعلق بالتشكيلة الرسمية التي تضم بصورة أساس المسابقة و"نظرة ما"، أما الأقسام الموازية، من "أسبوع النقاد" و"أسبوعا صناع السينما"، فقد كشفت عن برامجها المتنوعة والغنية التي ستصبح حديث رواد المهرجان بعد أقل من شهر من الآن.

قبيل الإعلان عن قائمة الأفلام المشاركة، شددت رئيسة المهرجان، إريس كنوكلوب، على الدور التاريخي الذي اضطلع به "كان" منذ تأسيسه عام 1939، لا سيما في ظل المناخ السياسي المتوتر الذي يخيم على العالم اليوم، وسط موجات متصاعدة من التطرف والتعصب والانغلاق. وأكدت أن إدارة المهرجان ما زالت متمسكة بتلك القيم الجوهرية إلى أبعد الحدود، وأضافت: "منذ انطلاقته، وُلد المهرجان من رغبة صادقة في منح السينمائيين حول العالم ملاذاً آمناً، وأحياناً بالمعنى الحرفي للكلمة، وحّدهم جميعاً، على اختلاف خلفياتهم، شغف واحد ولغة واحدة: لغة السينما".

19 فيلماً تتنافس هذا العام على "السعفة الذهبية" (في انتظار الإعلان عن ثلاثة أو أربعة أفلام إضافية)، التي ستمنحها لجنة تحكيم ترأسها النجمة الفرنسية الكبيرة جولييت بينوش، وكما جرت العادة تعود بعض الأسماء التي أصبحت شبه دائمة في المنافسة، وعلى رأسهم الأخوان لوك وجان بيار داردن، اللذان لم ينجزا فيلماً منذ "روزيتا" (1999) إلا وشارك في المسابقة، وهما من قلّة نادرة تنتمي إلى نادي الفائزين بـ"سعفتين". وفي تعليقه على مشاركتهما الجديدة، قال فريمو إن الإصرار على وجودهما نابع من وفاء المهرجان لتاريخهما الفني الطويل. يحمل فيلمهما الجديد عنوان "أمهات يافعات"، وتدور أحداثه داخل مركز إيواء، حيث نتابع قصص خمس أمهات شابات وأطفالهن. 

"الخطة الفينيقية"

المخرج الأميركي ويس أندرسون، الذي بات وجهاً مألوفاً في "كان"، يعود في هذه الدورة بفيلمه الجديد "الخطة الفينيقية"، الذي يقدمه كعادته مع كوكبة من الممثلين الذين دأب على التعاون معهم، يتقدمهم بينيسيو دل تورو، أما الإيطالي ماريو مارتوني، الذي كان قد نافس على "السعفة" قبل ثلاثة أعوام بفيلمه "نوستالجيا"، فيعود بعمل جديد يحمل عنوان "خارج"، يعيدنا إلى ثمانينيات القرن الماضي. تدور القصة على الكاتبة غولياردا سابينزا التي تُعتقل بتهمة السرقة، وأثناء فترة سجنها تتعرف إلى سجينتين شابتين، لتنشأ بين النساء الثلاث، بعد إطلاق سراحهن، علاقة إنسانية عميقة ومؤثرة.

من إيران، يشارك في المسابقة جعفر بناهي، على رغم الحظر الرسمي المفروض عليه، الذي لم يمنعه يوماً من مواصلة التصوير متحدياً القيود. وبعد مشاركته الأخيرة في مهرجان البندقية بفيلمه "لا دببة" يعود إلى الواجهة من خلال فيلم غامض بعنوان "كان مجرد حادث"، لا تتوفر معلومات تُذكر عن هذا العمل، لأسباب مفهومة ترتبط بظروفه الشخصية والسياسية. 

ومن بين الأسماء اللافتة في دورة هذا العام يبرز اسم الأميركي ريتشارد لينكلايتر، الذي يعود إلى "كان" بفيلم يحتفي بالسينما وتاريخها، فبعد مشاركته الأخيرة في مهرجان برلين قبل ثلاثة أشهر، يصل إلى الريفييرا الفرنسية بـ"موجة جديدة"، الذي يستعرض التحول العميق الذي أحدثته "الموجة الفرنسية الجديدة" في مواجهة السينما التقليدية، غير أن الفيلم لا يكتفي برسم ملامح عامة لهذه المرحلة، بل يتوغل في تفاصيل نشأتها من خلال كواليس تصوير "على آخر نفس" للمخرج جان لوك غودار، أحد أبرز رواد هذه الحركة السينمائية الثورية. مواطنته كيلي رايكارد ستقدم "الرأس المدبر"، عن قصة رجل يخطط لعملية سطو، في خضم أجواء مشحونة بحرب فيتنام وصعود حركة تحرير المرأة. تُعد رايكارد من أبرز الأصوات المستقلة في السينما الأميركية المعاصرة، وتحتل مكانة فريدة بأسلوبها المتأمل والهادئ، ويُعد هذا الفيلم ثاني مشاركاتها في المسابقة.

عودة أوكرانيا

الدورة الـ78 تشهد أيضاً عودة الأوكراني سرغي لوزنيتسا، المقيم حالياً في أوروبا، بـ"قاضيان"، وهو عمل ينتمي إلى السينما الروائية، بعدما ظل لفترة يتأرجح بين الوثائقي والخيالي. تدور أحداث الفيلم عام 1937، إبان الحقبة الستالينية، حين يعثر المدعي العام ألكسندر كورنيف على رسالة نادرة نجت من عملية حرق جماعي لآلاف رسائل السجناء المظلومين. ينطلق ألكسندر في رحلة محفوفة بالأخطار لكشف الحقيقة، ليصطدم بفساد جهاز الأمن، ويقرر في النهاية مواجهة النظام من داخل موسكو. 

دائماً في إطار الأسماء السينمائية المكرسة تتيح لنا المسابقة هذا العام فرصة معاينة أحدث أعمال الفرنسي دومينيك مول، من خلال "ملف 137". الفيلم عن شاب يُصاب برصاصة خلال إحدى التظاهرات المرتبطة بحركة "السترات الصفراء"، وتُكلف المحققة ستيفاني بمهمة التحقيق لتحديد المسؤوليات وكشف الملابسات. يأتي هذا العمل بعد النجاح الكبير الذي حققه مول بعمله السابق "ليلة الثاني عشر"، الذي نال سبع جوائز "سيزار"، على رغم أنه عُرض حينها خارج المسابقة الرسمية، وهو ما اعتبره بعض النقاد تقصيراً من إدارة المهرجان في حق أحد أبرز أفلام ذلك العام. 

ليست المسابقة وحدها التي تضم بعض القامات الكبيرة، إذ سنرى على هامشها أحدث ما أخرجه أمثال سبايك لي وريبيكا زلوتوفسكي وفاتي أكين وكيريل سيريبرينيكوف وأندرو دومينيك وسيلفان شوميه، هذا إضافة إلى التكريم الذي سيحظى به الممثل الكبير روبرت دنيرو تزامناً مع عودة توم كروز إلى الكروازيت ليقدم آخر أجزاء سلسلته السينمائية "مهمة مستحيلة". 

يراهن المهرجان هذا العام على ضخ دماء جديدة داخل المسابقة، وهو ما يتجلى في اختيارات عدة لمخرجين لا يزالون يبحثون عن الاعتراف الكامل بموهبتهم، على رغم أنهم قدموا أعمالاً لافتة في أقسام سابقة. ومن أبرز المؤشرات على هذا التوجه، افتتاح الدورة، وللعام الرابع توالياً، بفيلم فرنسي عنوانه "الرحيل يوماً"، الذي سيُعرض خارج المسابقة. الفيلم هو أول تجربة إخراجية طويلة لأميلي بونان، تقدمه بعد سلسلة من الأفلام القصيرة التي لفتت الأنظار. "الرحيل يوماً" عمل ميوزيكالي بأسلوب يذكر بـ"نعرف الأغنية" لآلان رينه. تدور القصة حول سيسيل، التي تستعد لتحقيق حلمها بافتتاح مطعمها الخاص، قبل أن تُجبرها ظروف طارئة على العودة إلى قريتها إثر إصابة والدها بنوبة قلبية. هناك، بعيداً من ضجيج الحياة الباريسية، تلتقي بحبها الأول، فتنفتح أمامها أبواب الذكريات وتتزعزع قناعاتها، في حكاية تجمع بين الحنين والاختيار وإعادة اكتشاف الذات.

مخرجون شباب

ومن بين الأفلام التي يقدمها مخرجون شباب في دورة هذا العام، نترقب "صراط" للإسباني الفرنسي أوليفييه لاكسي، الذي لفت الأنظار قبل ستة أعوام بـ"سيأتي النار"، كذلك سنشاهد "رونوار" لليابانية هاكاواكا شي، صاحبة "خطة 75"، و"تاريخ الصوت" للجنوب أفريقي أوليفر هيرمانوس، الذي قدم أخيراً النسخة الإنجليزية من "أن نعيش" لأكيرا كوروساوا، إضافة إلى "صوت السقوط"، أول تجربة روائية طويلة للألمانية ماشا شيلينسكي. مخرجون ومخرجات في الأربعينيات من عمرهم، يسيرون بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتهم في عالم السينما والمهرجان يحملهم على الراحات ويفتح أمامهم أبواب المجد. 

ومن الجيل نفسه، جيل الثمانينيات، لكن مع رصيد أوفر من الجوائز والاعتراف النقدي، تأتي مشاركتان بارزتان في مسابقة "كان 2025". الأولى للفرنسية جوليا دوكورنو، الحائزة على "السعفة" عن "تيتان"، وتعود بـ"ألفا"، الذي يأخذنا إلى مدينة لو أفر الساحلية في ثمانينيات القرن الماضي، لنغوص في عالم مراهقة تُنبذ اجتماعياً إثر شائعة بأنها مصابة بمرض، في عمل يعالج العزلة والوصم المجتمعي من زاوية نفسية وإنسانية، أما المشاركة الثانية فترتبط بالإسبانية كارلا سيمون، الفائزة سابقاً بـ"الدب الذهبي" في برلين عن "ألكاراس". وستقدم في "روميريا" عملاً مستوحى من تجربتها، يتمحور على طالبة شابة تبدأ رحلة بحثها عن أوراق ثبوتية للتسجيل في الجامعة، ليتحول هذا المسار الإداري البسيط إلى بوابة تفتح على ماضيها البيولوجي، وما يحمله من أسرار عائلية.

من بين الأسماء التي صعد نجمها في الأعوام الأخيرة وفرضت حضورها بقوة، تبرز ثلاثة منها في دورة هذا العام، أولهم الأميركي آري أستر، الذي يقدم فيلمه الرابع "إدينغتنون"، مستعيداً فيه تعاونه مع النجم واكين فينيكس بعد "بو خائفاً". الفيلم يصوّر صراعاً محتدماً بين شريف بلدة صغيرة وعمدتها خلال الجائحة، في سرد يتوقع أن يجمع بين البعد النفسي والتوتر السياسي. زميله النرويجي يواكيم ترير، الذي رسخ مكانته في السينما العالمية عبر سلسلة من الأعمال اللافتة بدءاً من "أوسلو، 31 آب" وصولاً إلى "أسوأ إنسان في العالم"، ينافس على "السعفة" بـ"قيمة عاطفية". يحكي الفيلم قصة الأختين نورا وأغنيس، اللتين تواجهان والدهما غوستاف، المخرج المنسي، بعد وفاة والدتهما. ترفض نورا عرض والدها للعب بطولة فيلمه، فيسند الدور لممثلة أخرى، مما يفتح المجال لغوستاف لمحاولة ترميم علاقته المتصدعة بابنتيه، وذلك خلال تصوير الفيلم في النرويج. ويكمل هذا الثلاثي البرازيلي كليبير مندونسا فيلو، الذي وُلد نجمه في كان قبل نحو عقد مع "أكواريوس"، يطل علينا بـ"محقق خاص"، فيلم من نوع الثريللر السياسي تدور أحداثه في سبعينيات القرن الماضي، ويؤدي بطولته فاغنر مورا. بعد "ما زلت هنا" لوالتر ساليس، فيلم برازيلي آخر يحملنا إلى زمن الديكتاتورية العسكرية، انطلاقاً من قصة أستاذ يعود إلى مدينته ريسيف بحثاً عن بعض الهدوء قبل أن يكتشف أنها ليست الملاذ الآمن الذي يعتقده. 

ويحضر في مسابقة هذا العام اسمان من أصول عربية، وإن كانت أفلامهما من إنتاجات غربية بحتة. الأولى هي الممثّلة والمخرجة الفرنسية ذات الأصول التونسية حفصية حرزي، التي تقتحم المسابقة بفيلمها "الأخيرة الصغيرة". تدور أحداث الفيلم حول فاطمة، شابة من أصول جزائرية، تكتشف ميولها الجنسية بعد انتقالها من ضواحي باريس إلى عالم جديد أكثر انفتاحاً. إعلانها عن هويتها المثلية يفتح عليها أبواب صراع مع عائلتها ومعتقداتها وذاتها، في عمل يلامس التابوهات ويغوص في عمق الهويات المركّبة، أما الاسم الثاني فهو المخرج السويدي من أصل مصري طارق صالح، الذي سبق له أن شارك في المسابقة بـ"صبي من الجنة"، ويعود هذا العام بـ"نسور الجمهورية" عن قصة ممثل مصري شهير يتعرض لضغوط شديدة لتجسيد دور بطولة في فيلم، ويقبل بذلك على مضض، في سرد يفتح تساؤلات حول الفن والإكراه، والهوية وصورة الفنان في مجتمعات تتقاذفها السلطة والمثالية. 

في الأقسام الموازية سواء داخل التشكيلة الرسمية أو خارجها، ثمة كثير من الأفلام لا يعني النظر في عناوينها شيئاً، إذ إنها تبقى رهن الاكتشاف والمعاينة. على غرار المسابقة، يعول قسم "نظرة ما" على المواهب الفتية، إذ إن نصف الأفلام الـ16 التي في هذا القسم أفلام أولى، من بينها أول تجربة إخراجية للنجمة الأميركية سكارليت جوهانسون وتحمل عنوان "إلينور العظيمة"، كذلك فإنه تقدم هذه الفقرة ثلاثة أفلام عربية لكل من المصري مراد مصطفى والتونسية أريج السحيري والفلسطينيين عرب وطرزان ناصر. 

هل سيكون مهرجان كان هذا العام على قدر غنى الدورة السابقة وتشعبّها وتأثيرها الثقافي والفني؟ وما الأفلام التي ستتصدّر الواجهة وتثير الجدل أو الإعجاب؟ وماذا عن القضايا السياسية والاجتماعية الراهنة بظلالها الثقيلة؟ ترى كيف ستتسلل إلى أهم المواعيد السينمائية؟ كيف سيظل المهرجان وفياً لوظيفته كمنصة فنية حرة مهمومة باقتناص كل مستجد ومثير، أمام عالم يتعرض لضغوط الواقع المتغير؟ أما زالت السينما قادرة على أن تكون انعكاساً للأسئلة بدلاً من أن تُكرّس الإجابات؟ أسئلة مشروعة، والإجابات لن تتأخر كثيراً، فكل شيء سيتكشّف في أقل من شهر.

 

الـ The Independent  في

22.04.2025

 
 
 
 
 

بوستر مهرجان كان السينمائي 2025:

احتفاء بفيلم "رجل وامرأة"

البلاد/ عبد الستار ناجي

كشفت اللجنة المنظمة لمهرجان كان السينمائي الدولي عن البوستر الرسمي للدورة الـ78 لعام 2025، والذي يأتي تكريمًا لأحد أبرز الأفلام في تاريخ السينما الفرنسية، وهو فيلم "رجل وامرأة" (Un homme et une femme) للمخرج كلود لولوش.

ويُعد البوستر الجديد تحية بصرية أنيقة لهذا العمل الخالد، حيث يُجسّد مشهدًا مزدوج الزاوية من الفيلم الشهير الذي جمع بين اثنين من أساطير الشاشة الفرنسية: "أنوك إيميه وجان لوي ترنتينيان".

قبل ستين عامًا، وتحديدًا في عام 1965، التقى شخصان يحملان جراح الماضي؛ فتولّدت بينهما شرارة ساحرة تحت عدسة لولوش المفعمة بالحياة. لم يكن اللقاء عابرًا، بل غاص في عمق العلاقة الإنسانية، بين الحذر والانجذاب، إلى أن تحول إلى قصة حب خالدة.

وقد نال الفيلم السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 1966، وتُوّج بجائزتي أوسكار عام 1967، إلى جانب عشرات الجوائز العالمية الأخرى. ومع ذلك، تبقى أعظم مكافأة له هي تلك اللحظة النادرة من الرقة، والبساطة، والجمال، التي ما زالت تسحر القلوب حتى اليوم.

لأنه بلا شك، أشهر عناق في تاريخ الفن السابع 

"الخلود – الأبديّة" (Étreinte)

في لفتةٍ شاعرية، اختار مهرجان كان السينمائي أن يحتفي في دورته الـ78 لعام 2025 بفيلم "رجل وامرأة"، من خلال *ملصق رسمي مزدوج – لأول مرة في تاريخه – يجمع بين أنوك إيميه وجان لوي ترنتينيان، جنبًا إلى جنب، كما لو أنهما لم يفترقا يومًا. 

كلمة Étreinte بالفرنسية، تعني "العناق"، لكنها هنا تحمل دلالة أعمق؛ إنها إعادة ترتيب لغوي لكلمة Éternité، أي "الأبدية"، في إشارة رمزية إلى خلود الحب وارتباطه الأزلي بين الرجل والمرأة.

ففي زمنٍ يبدو وكأنه يسعى إلى التفريق والتقسيم والانعزال، يختار مهرجان كان أن يُعيد لمّ الشمل، أن يقرّب الأجساد والقلوب والأرواح. 

يريد المهرجان أن يشجّع على الحرية، والحركة، والتواصل الإنساني، وأن يُخلّد زوبعة الحياة بكل تفاصيلها ودفئها. 

هو احتفاء بالعناق الذي لا يفنى، والحب الذي لا ينتهي، والسينما التي تُعيد تشكيل العالم بصورة أكثر حميمية وجمالًا.

في تحية سينمائية خالدة، أطلق مهرجان كان السينمائي الدولي ملصقًا مزدوجًا لدورته الـ78، مستلهمًا مشهده الأيقوني من فيلم "رجل وامرأة" للمخرج كلود لولوش، الذي جمع بين اثنين من أساطير السينما الفرنسية: أنوك إيميه وجان لوي ترينتينيان*.

هذان الملصقان يكرّمان هذا الثنائي الأسطوري، بطلا الرقة والإغواء، اللذان لا يزالان يضيئان شاشة الذاكرة السينمائية، ويمنحان الحياة لحظة دفء وحنين وسط عالم يزداد قتامة. 

لم يعد النور هنا آتيًا من السماء، الملبدة بغيوم الحروب والأزمات، بل ينبثق من اندماجٍ إنسانيّ صافٍ لكائنين تصالحا مع الحياة، فوهباها لونًا ومعنى.

ألوان الملصق تُجسّد هذا الحب العاطفي الذي انتصر على اليأس، مشكّلة صورة رمزية للخلود، في عناق أبديّ يعيد للسينما سحرها الأول.

ويُتوقّع أن يشكل هذا الملصق حديث الوسط السينمائي خلال الأيام المقبلة، مع انطلاق فعاليات مهرجان كان في الفترة من 13 إلى 24 مايو الجاري في مدينة كان، جنوب فرنسا.

حضور عربي لافت

وتشهد الدورة الجديدة حضورًا عربيًا مميزًا، حيث تم اختيار ستة أفلام عربية ضمن الاختيارات الرسمية، تمثل مصر، تونس، فلسطين، والعراق، إلى جانب مشاركات موسّعة ضمن سوق كان الدولية للأفلام، التي تعد منصة رئيسية لصنّاع السينما في العالم العربي والعالمي

 

البلاد البحرينية في

22.04.2025

 
 
 
 
 

مهرجان كان يختار "أشهر عناق في السينما" ملصقاً رسمياً لدورته 78

فيلم "رجل وامرأة " للمخرج كلود ليلوش الحائز على السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي 1966 يكرّم المخرج ليلوش ونجمي فيلمه "أنوك إيمي وجان لويس ترينتينان"

باريس: سعد المسعودي

منذ ستين عامًا في العام 1965، التقى شخصان محطمان لعبت دورهما النجمة الفرنسية "أنوك إيمي" وجان لوي ترينتينيان"، وأغويا بعضهما البعض، ودارا حول بعضهما البعض تحت كاميرا المخرج الفرنسي الكبير "كلود لولوش "المتوهجة في مغامرة فريدة تماهى معها الملايين وصنعت منهما أشهر ثنائي في الستينيات، وهو الفيلم الذي فاز بأهم الجوائز عندما عرض في عام 1966، كان أولها السعفة الذهبية لمهرجان كان، وبعدها حصل على جائزتي أوسكار أفضل سيناريو وأفضل فيلم أجنبي.

"أشهر عناق في السينما"

إدارة مهرجان كان السينمائي اختارت هذا الفيلم "رجل وامرأة" ليكون الملصق الرسمي للدورة الـ 78، والتي من المقرر أن تنطلق فعالياتها في الفترة من 13 إلى 24 مايو المقبل، وقد اختارت اللجنة المنظمة للمهرجان "أشهر عناق في تاريخ السينما" لنجمة السينما الفرنسية "أنوك أيميه ونجم السينما الفرنسية "جان لوي ترينتينيان" .

وأوضحت اللجنة المنظمة للمهرجان سبب اختيارها للملصق المزدوج، "لأن هذا العناق بلا شك الأشهر في تاريخ السينما المعاصر، لا يفصل بين كائنين يحبان بعضهما البعض، وهو تكريم لـ أنوك إيمي وجان لوي ترينتينان أثناء دورانهما حول كاميرا المخرج المخضرم "كلود ليلوش " في فيلم رجل وامرأة (Un homme et une femme)، الفائز بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 1966.

صورة من هذا الفيلم الكبير حسب المختصين تمثل اللحظة العظيمة من الرقة والبساطة والجمال لأن هذا العناق وبهذه الرومانسية الحالمة، لا يمكن فصل الرجل عن المرأة اللذين يحبان بعضهما البعض، لهذا فإن مهرجان "كان" السينمائي اختار رسميا لأول مرة في تاريخه مقطعا "من فيلم" لرجل وامرأة" وهما في لحظة حب رومانسية تصاحبها موسيقى جمالية وثقت اللحظة لتكون أجمل اللحظات في السينما العالمية .

"الدورة الـ78 حافلة بالنجوم والأفلام"

وسيشهد المهرجان حضورا سينمائيا من نجوم الفن السابع يتقدمهم النجم روبرت دي نيرو وسيتم تكريمه بجائزة السعفة الذهبية الفخرية والنجم توم كروز، بينما يفتتح المهرجان بفيلم الكوميديا الفرنسي «باي باي» للمخرجة أميلي بونين.

 

العربية نت السعودية في

22.04.2025

 
 
 
 
 

مهرجان كان يحتفي بــ A Man and a Woman.. ملصقان رسميان لأول مرة

دبي -الشرق

في لمسة وفاء سينمائية نادرة، كشف مهرجان كان السينمائي عن الملصقين الرسميين لدورته المقبلة، مستلهماً صورتهما من الفيلم الفرنسي A Man and a Woman "رجل وامرأة"، للمخرج كلود لولوش، الذي توّج بسعفة كان الذهبية عام 1966 وحصد لاحقاً جائزتي أوسكار.

لأول مرة في تاريخه، يعتمد المهرجان ملصقين رسميين مزدوجين، يظهر فيهما أنوك أيمي وجان-لويس ترنتينيان جنباً إلى جنب، في تحية بصرية إلى اثنين من أعذب رموز الرومانسية في تاريخ السينما.

ويأتي هذا التكريم بعد مرور 60 عاماً على تصوير الفيلم الذي لم يتجاوز مشهده الأيقوني 20 ثانية، لكنه خلّد لحظة "عناق" أصبحت رمزاً سينمائياً عالمياً.

وقالت إدارة المهرجان إن "هذا الاختيار يأتي في زمن يميل إلى التفكيك والانقسام، ليعيد التأكيد على قوة السينما في جمع الأجساد والقلوب والأرواح، وفي تجسيد الحرية والحركة والاحتفاء بالحياة".

وأضاف البيان: "في عالم تزداد فيه الغيوم قتامة، لم تعد الإضاءة تنبع من السماء، بل من التوهّج الإنساني الذي يجمع بين كائنين تصالحا مع الحياة."

الملصقان يشكلان كذلك تحية لرحيل النجمين الكبيرين، حيث سبق أن حصل ترنتينيان على جائزة أفضل ممثل من مهرجان كان عن دوره في فيلم "Z" عام 1969، فيما فازت أيمي بجائزة أفضل ممثلة عام 1980 عن فيلم A Leap in the Dark.

 

الشرق نيوز السعودية في

22.04.2025

 
 
 
 
 

صدمة في "كان" بعد مقتل مصورة فلسطينية.. بطلة فيلم يعرض بالمهرجان

بطلة وموضوع الفيلم الوثائقي "ضع روحك على كفّك وامش" للمخرجة الإيرانية سبيده فارسي

باريس: سعد المسعودي

أعرب مهرجان كان السينمائي، اليوم الأربعاء، عن صدمته وحزنه العميق، لمقتل المصورة الصحفية الفلسطينية فاطمة حسونة.

وكشف مهرجان "كان" أن المصورة الصحفية الفلسطينية فاطمة حسونة (25 عاما) التي قُتلت بشكل مأساوي في غزة الأربعاء ستكون بطلة وموضوع الفيلم الوثائقي "ضع روحك على كفّك وامش" للمخرجة الإيرانية سبيده فارسي.

وسيعرض الفيلم لأول مرة ضمن تظاهرات المهرجان للفترة من ١٣ إلى ٢٤ مايو المقبل.

وكانت جمعية السينما المستقلة التي تنظم هذه المسابقة السينمائية في مهرجان كان السينمائي"أسيد" ACID قد أعلنت اختيارها الفيلم لعرضه خلال المهرجان السينمائي.

"قتلت هي وجميع أفراد عائلتها"

وقتلت المصورة هي وجميع أشقائها جراء قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي منزلهم في حي التفاح شرقي مدينة غزة شمالي القطاع.

وذكّر مهرجان كان السينمائي في بيان له أنه "في اليوم التالي "لاختيار الفيلم"، قُتلت "فاطمة حسونة" وعدد من أفراد عائلتها جراء صاروخ أصاب منزلهم".

وأشار المهرجان إلى أن حسونة "جعلت من مهمتها أن تشهد، من خلال عملها والتزامها، ورغم المخاطر المرتبطة بالحرب في القطاع الفلسطيني، على الحياة اليومية لسكان غزة في عام 2025. إنها واحدة من كثر وقعوا ضحايا للعنف المستشري في المنطقة منذ أشهر".

"المخرجة ومراسلون بلا حدود يستنكرون"

كما وجهت المخرجة زبيدة فارسي تحية إلى روح المصورة الشابة التي كانت تروي لها عبر مكالمات بالفيديو تفاصيل عن الحياة في غزة، وكتبت "أطالب بالعدالة لفاطمة وجميع الفلسطينيين الأبرياء الذين لقوا حتفهم".

كما دانت منظمة "مراسلون بلا حدود" مقتل فاطمة حسونة، معربة عن أسفها لأن اسمها "يُضاف إلى ما يناهز 200 صحافي قُتلوا خلال 18 شهرا".

 

العربية نت السعودية في

23.04.2025

 
 
 
 
 

مخرج "عائشة لا تستطيع الطيران" لـ"الشرق":

رحلتي مع الفيلم استغرقت 5 أعوام

القاهرة -خيري الكمار

يشارك المخرج المصري مراد مصطفى، في الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي، المقرر انطلاقها في الفترة من 13 إلى 24 مايو المقبل، بفيلمه الروائي الطويل الأول "عائشة لا تستطيع الطيران"، ضمن قسم نظرة ما، وذلك بعدما فاز فيلمه القصير "عيسى" بجائزتين في المهرجان ذاته عام 2023

وقال مراد مصطفى، خلال حديثه مع "الشرق"، إنّ: "فيلمي الجديد حظى فى مرحلتي التطوير والإنتاج بسُمعه دولية كبيرة، وكانت مفاجأة بالنسبة لي"، متابعاً "هذه السُمعة  والطمأنينه تتعلق بأمور التوزيع والتسويق، لكن من الناحية  الفنية فمشاركته في معامل تطوير السيناريوهات التى نافس  فيها، أسهمت في دفع المشروع إلى الأمام على يد خبراء دوليين".

وأرجع أسباب مشاركته المستمرة في أبرز المهرجانات السينمائية العالمية، إلى محاولاته في صناعة أفلام يُحب مشاهدتها وتصديقها، قائلاً: "تلك هي المعادلة، علاوة على الاجتهاد والتوفيق". 

ولفت أن صناعة الأفلام الروائية الطويلة، تشهد صعوبات بالغة، موضحاً أن رحلته مع "عائشة لا تستطيع الطيران" استغرقت 5 أعوام ما بين التحضير والتصوير، عكس الأفلام القصيرة التي تُنفذ في شهور قليلة، لكن النوعان لهما أهمية كبيرة جداً.  

فيلم "عائشة لا تستطيع الطيران" تدور أحداثه حول "عائشة"، مهاجرة أفريقية في العشرينيات من عمرها تعيش في القاهرة، فيما يستعرض العمل رحلتها ضمن المهاجرين الأفارقة، والتوترات التي تواجهها في مجال عملها بالرعاية الصحية، ويشارك في بطولته كلًّ من: بوليانا سيمون، ومغني الراب زياد ظاظا، وعماد غنيم وممدوح صالح، وإنتاج سوسن يوسف.

أبطال غير محترفة

وكشف مراد مصطفى، أسباب اختياره ممثلين غير محترفين في أفلامه، موضحاً أن الحكايات التي يرويها في تلك الأعمال، تحتاج لممثلين ليست لديهم تجارب سابقة، كما أنها تتطلب مشاعر حقيقية وطازجة لتتوحد مع الشخصيات التي يجسدونها.

وأوضح أنه ينظم اختبارات أداء "كاستينج" في كل مشروع فني له، بشأن اختيار الممثلين، الأمر الذي قد يُشكل صعوبة له في أغلب الأحيان، لافتاً إلى أن عملية اختيار بطلة فيلمه الجديد استغرقت 5 شهور، وتدريبها تتطلب مدة مماثلة.

وأضاف: "لا أوجه الممثلين بالطرق المعتادة، بينما أوجههم إلى كيفية التعامل مع الكاميرا والحركة داخل اللوكيشن، وبعدها أحصل على مشاعرهم وأحاسيسهم الحقيقية"، لافتاً إلى أنه يُعطيهم بعض التعليمات البسيطة فقط، كونه يؤمن أن التعليمات الكثيرة لممثل غير محترف، قد تصيبه بارتباك شديد.

ضد التصنيف

ورفض المخرج مراد مصطفى، فكرة تصنيف الأفلام إلى جماهيرية وغير جماهيرية، موضحاً أن "كل فيلم له جمهوره، كما أن الأعمال الجماهيرية ليست مقتصرة على الأفلام التي تعرض في صالات السينما فحسب، فجمهور مهرجان كان وحده يتجاوز 50 ألف شخص، وفيلمي قد يُعرض في 100 دولة حول العالم".

وأكد أن "الأفلام التي تشارك بالمهرجانات مربحة للمنتجين والموزعين أكثر من الأفلام التجارية".

وأبدى فخره واعتزازه، لانتمائه لجيل المخرجين الحالي، والذي يضم أبو بكر شوقي، وسامح علاء، وعمر الزهيري، وعلي العربي وكوثر يونس، قائلاً: "أفلامهم تُشارك في المهرجانات الكبرى، وتحصد جوائز دولية، وهذا الجيل لازال لديه الكثير ليقدمه، رغم ما حققه من إنجازات في وقت قصير، فهم في بدايات المشوار".

تجارب جديدة

وعن إمكانية تعاونه مع كبار النجوم، قال: "أنا ابن الصناعة، وعملت لمدة 12 عاماً مساعد مخرج في أفلام ومسلسلات وإعلانات حققت رواجاً جماهيرياً وتجارياً كبيراً، ولو كنت أريد الحصول على هذه الفرصة كنت حصلت عليها منذ سنوات".

واستكمل قائلاً: "التعاون مع كبار النجوم، خطوة مؤجلة ومستقبلية، فكنت أرغب أن تكون أفلامي الأولى تُشبهني، فأنا أحب ترتيب خطواتي الفنية".      

ولفت إلى أن خطوة المسلسلات التلفزيونية مؤجلة هي الأخرى، نظراً لانشغاله في الفترة الحالية بأكثر من مشروع سينمائي، متابعاً "لا أمانع من خوض التجربة في المستقبل، لكن الأمر يتوقف على وجود نص جيد".

واختتم مراد مصطفى، حديثه مع "الشرق"، بالكشف عن مشاريعه السينمائية الجديدة، موضحاً أنه سيبدأ رحلة تطوير مشروع فيلمه الروائي الطويل الثاني، بالإضافة إلى تصوير فيلم قصير خلال الفترة المقبلة.

 

الشرق نيوز السعودية في

23.04.2025

 
 
 
 
 

«كان» 2025: «مهمّة مستحيلة» ملحمة الأكشن المستمرّة

شفيق طبارة

لو تجرّأ أحد على التنبؤ عام 1996، بأن فيلمًا مقتبسًا عن مسلسل تلفزيوني عُرض سنة 1966، بعنوان «مهمّة مستحيلة» سيستمر في إنتاج أجزاء متتالية، وسيحظى بنجاح باهر لأكثر من 25 عامًا، لقلنا إن هذا هذيان

ما بدأ كفيلم حركة (أكشن) بلمسة شخصية من المخرج بريان دي بالما، تطوّر، إلى سلسلة سينمائية من الطراز الأول. نحن أمام سلسلة أفلام ازدادت جودتها تدريجاً حتى أصبحت من أفضل ملاحم الاكشن السينمائية، بفضل التوازن الذكي بين الإثارة والتطور المستمر، وتجنّب التكرار، والالتزام بعدم التخلي عن جوهرها كعمل من إبداع مؤلف يُجسد بلا خجل أروع أفلام التجسس الكلاسيكية، وطبعًا من دون التخلي عن لحنها الموسيقي العظيم الذي ألفه الارجنتيني لالو سكيفرين. كما لا بد من الإشارة إلى الشخص «المذنب» وراء كلّ هذه الأفلام، وهو توم كروز، ملك شباك التذاكر. لولا تصميمه واهتمامه (هو المنتج الرئيسي منذ النسخة الأولى سنة 1996)، لكنّا نتحدث عن سلسلة انتهت قصتها بالفعل

في التسعينات، كان عشاق أفلام الحركة متشوقين بشدة لسلسلة تجسس متطورة بمشاهد مثيرة للرعب، مع تقنيات حربية مذهلة، وحبكات تتكشف كخيوط العنكبوت. ظهر «مهمّة مستحيلة»، ومعها العميل الخاص في «قوة المهمة المستحيلة» (IMF) إيثان هانت (كروز) وفريقه. قدم كلّ فيلم مهمةً جديدة بالغة الخطورة ومستحيلة، يختبر فيها هانت وفريقه أشد الصعاب. مثال على ذلك، مع بعض الجنون طبعاً، لم يتردد كروز من تصوير معظم المشاهد الخطرة بنفسه، بما في ذلك التعلق بالمباني الشاهقة أو الطائرات أو القفز من المنحدرات، التي ازدادت تعقيدًا وخطورة مع كلّ جزء لاحق، مما أثار استياء شركة التأمين الخاصة بكروز.

حتى لا يتشتت انتباهك، وتتمكن من متابعة كلّ الأجزاء، بانتظار الفيلم الجديد «مهمّة مستحيلة – الحساب النهائي» (Mission: Impossible –  The Final Reckoning) الذي سيُعرض في «مهرجان كان» الشهر المقبل، إليك الترتيب الزمني لجميع الأفلام، والآن مهمتك، إن قررت قبولها، هي مواصلة قراءة المقال.

– «مهمّة مستحيلة» (1996، «Mission: Impossible») – براين دي بالما

كان «مهمّة: مستحيلة» هو البداية. وبفضله، أصبح إيثان هانت (توم كروز) أحد أعظم أبطال الحركة في تاريخ السينما. أفاد الفيلم بشكل كبير من وجود براين دي بالما خلف الكاميرا في قمة مستواه. يروي الفيلم قصة هانت، العميل الذي يرى إحدى عملياته تسوء بشكل رهيب، مما أسفر عن مقتل جميع أفراد الفريق باستثنائه. هذا يقود المنظمة التي يعمل فيها إلى الاعتقاد بأنّه جاسوس، وسيتعين عليه فعل المستحيل حرفيًا لإثبات براءته

ابتكرت مجموعة من كتّاب السيناريو المرموقين حبكة الفيلم، تجنّبت فيها التعقيد المفرط المعتاد في أفلام التجسس، بدون إهمال التفاصيل الدقيقة. صوّر الفيلم نمط حياة العملاء السريين كما لو كان يحدث في بُعد آخر، بُعد لا نستطيع نحن إدراكه. زرّع دي بالما بذور مشاهد الحركة المعقدة التي ستميز الملحمة في المستقبل، ولكن الأهم من ذلك كله، أنه الجزء الوحيد في السلسلة، الذي يُعتبر قبل أي شيء، فيلم تجسس. كما تُفهم الحبكة على أنها رحلة نضوج للعميل الشاب، آنذاك. إنه الفيلم الأقل احتمالاً لتصنيفه كفيلم أكشن. صحيح أنه يتضمّن انفجارات وإطلاق نار ومشاهد تحبس الانفاس، لكن أفضل مشاهد الفيلم هي بلا شك أكثرها هدوءًا

يحتفل الفيلم بشكل خاص بالمشهد الذي يظهر فيه توم كروز معلقاً من السقف بحبال لسرقة شيء لا يمكن الوصول إليه. هذا المشهد مستوحى من مشهد مشابه في فيلم «توبكابي» (1964، «Topkapi» للمخرج جول داسين). إنها لحظة دخلت تاريخ السينما على الفور، وعادةً ما تكون أول ما يتبادر إلى الذهن عند التفكير في هذا الفيلم. بخلاف ذلك، فإن مشاهد الحركة متوازنة جيدًا، حيث تصل إلى ذروتها في الفصل الأخير المذهل الذي يربط كل شيء بفعالية. لقد كان الفيلم ترفيهاً من الدرجة الأولى عندما عُرض للمرة الأولى، وكان الزمن رحيماً به. كان «مهمّة مستحيلة» تجربةً أنيقة مهدت الطريق، التي لم تكن سهلة لهانت، ولكنه نجح فيها بزرع علكة متفجرة على متن مروحية.

– «مهمّة مستحيلة 2» (2000، «Mission: Impossible 2»، جون وو)

حسنا، بكل صدق واريحية، يعدّ «مهمّة مستحيلة 2» الفيلم الوحيد من هذه السلسلة الذي يُعتبر سيئًا للغاية. تبيّن أنّ مخرجًا رائدًا لأفلام الحركة مثل جون وو و«مهمّة مستحيلة» هو مزيج سيء. لقطات المخرج الكلاسيكية بالحركة البطيئة وعدد الحمامات البيضاء الطائرة سخيف للغاية، حتى بالنسبة إلى سلسلة تُقدّر السخافة. الفيلم مملّ في معظمه، وما يزيد الطيب بلّة أنه يُغفل أحد العناصر الأساسية في مغامرات إيثان هانت وهو الفريق المحيط به. افتتح الفيلم بمشهد لهانت وهو يتسلّق الجبل بدون حبل أو دعم، واثق من نفسه وديناميكي ومتحمّس ليكون مركز الاهتمام. بدا استخدام الأقنعة في الفيلم مفرطًا. وعلى الرغم من النوايا لإبراز كاريزما هانت التي لا تنضب، إلا أنّ النتيجة انتهت بلمسات كرنفالية. وفي بعض الأحيان، اتخذت طابعًا أقرب إلى الفيديوهات الموسيقية. على الرغم من بعض المشاهد الآسرة، مثل قفز هانت من طائرة مروحية، ومشهد دراجات نارية، إلا أنّ الفيلم لا يحمل الكثير، وهو الأكثر تضرراً مع مرور الزمن.

– «مهمّة مستحيلة 3» (2006، «Mission: Impossible 3»، جاي جاي أبرامز)

بحلول وقت إصدار فيلم «مهمّة: مستحيلة 3»، كان الجمهور قدّ تعرّف بالفعل إلى شخصية جيسون بورن مرتين. في ذلك العام، دشّن فيلم «كازينو رويال» بعصر جديد من جيمس بوند من بطولة دانيال غريغ. لذلك، احتاج هانت إلى المزيد من الخبرة وطريقة أفضل للحفاظ على دوره كعميل سري ونجم سينمائي لا يخاف المشاهد الخطرة. كانت المشاهد في الفاتيكان متقنة، وفي شنغهاي على مستوى عالٍ، لكن بالمقارنة مع الأجزاء السابقة، بدت القصة أشبه بفيلم إثارة يصوّر الحياة المزدوجة للبطل. أظهر هذا الفيلم الجانب الإنساني للشخصية. غير ذلك، لا يحدث الكثير. ليس من الواضح أبدًا ما هو التهديد الذي يجب على هانت وفريقه تحييده، أو حتى الدوافع الحقيقة للخصم. إلى الجانب الآخر من التألق، قدّم فيليب سيمور هوفمان أفضل شرير في هذه السلسلة.

– «مهمّة مستحيلة – بروتوكول الشبح» (2011، «Mission: Impossible – Ghost Protocol»، براد بيرد)

بالنسبة إلى كثيرين، يُمثل هذا الفيلم نقلةً نوعيةً في جودة السلسلة، على الأقل من حيث طموح مشاهد الحركة المعقدة. يُذكر الفيلم بشكل خاص بتسلق كروز برج خليفة في دبي، لكن أيضاً هناك بداية متفجرة في الكرملين وذروة مذهلة في الهند. بعد الجزء الثالث، كانت الثقة مطلوبة (حقق الجزء الثالث 397 مليون دولار، وهو الأقل في السلسلة)، هنا، يُصوّر هانت كرجل يركز على الانتقام. كائن شرير رغم أنه أنقذ العالم مرات عدة. وإذا كان في الفيلم السابق قد شوهد منخرطاً بالسعادة، فإنه يُظهر هنا جانبه الأكثر عزلة وانطوائية. قدّم براد بيرد، الذي لم يُخرج أي شيء سوى أفلام رسوم متحركة، فيلماً ناجحاً بمستوى التوقعات. نقطة الضعف الوحيدة في الفيلم هو الشرير. بمجرد انتهاء الفيلم، لا يُمكن تذكّر ما الذي كان يسعى إليه الشرير الذي لعب دوره مايكل نيكفيست.

– «مهمّة مستحيلة – أمّة مارقة» (2015، «Mission: Impossible – Rogue Nation»، كريستوفر ماكوري

حتى هذا الفيلم، كان معيار كروز، كونه المنتج، هو أن يُخرج كل فيلم من السلسلة مخرج مختلف يُضيف باستمرار أسلوبًا جديدًا. استمر هذا حتى ظهور المخرج كريستوفر ماكوري. كان التآزر كبيرًا إلى درجة أنّ المخرج أخرج جميع أفلام السلسلة منذ ذلك الحين. وإذا كان «بروتوكول الشبح» قد تجاوز ما يمكن تقديمه في فيلم أكشن، فإن «أمّة مارقة» سيضع معيارًا جديدًا. وقد اتضح ذلك في المشهد الافتتاحي، قبل انتهاء شارة البداية: تشبّث هانت بباب طائرة أثناء إقلاعها، ولم يكن هذا كلّ شيء، إذ اضطر أيضًا للغوص داخل خزان توربيني، تطلّب حبس أنفاسه لمدة ست دقائق. لحظة حبسنا فيها أنفاسنا معه أيضاً، ناهيك بالمشهد الرائع في موقع لا مثيل له: دار أوبرا فيينا. نادرًا ما بدت أفلام الحركة بهذا القدر من الروعة. «أمّة مارقة» هو المغامرة الأكثر توازناً في السلسلة بأكملها.

– «مهمّة مستحيلة – سقوط» (2018، «Mission: Impossible – Fallout»، كريستوفر ماكوري)

إنه ليس مجرد أفضل فيلم «مهمّة مستحيلة»، بل هو ببساطة أحد أفضل أفلام الحركة على الإطلاق. إنه ذروة ما أتقنته السلسلة لسنوات. مشاهد حركة آسرة، وحبكة عظيمة، وتناغم مثالي بين جميع الشخصيات على الشاشة. لم يسبق في هذه السلسلة بأكملها أن حظي كروز بتناغم فوري مع ممثل آخر كما هي الحال مع هنري كافيل. مشاهدهما المذهلة لا يمكن حصرها، يكفي شجار الحمام الشهير. الفيلم هو المعيار الذي يجب أن تكون عليه أي ملحمة طويلة. مشهد مبهر من البداية إلى النهاية. لو كان لا بد من تصنيف أفلام «مهمة مستحيلة» بناءً على مشاهدها ومشاهدها الخطيرة، لكان هذا الفيلم على رأس القائمة، فهو عرض فنيّ مُبدع لسينما الحركة، فيه أي شيء. سباق عبر أسطح المنازل (مع كسر في الكاحل)، ومطاردة دراجات نارية في شوارع باريس، وتلك الذروة المذهلة من طائرة مروحية حيث يخاطر كروز بحياته كما لم يحدث من قبل

أُدرجت حبكات القصة ببراعة في النص، فأحيانًا كانت أكثر تعقيدًا، وأحيانًا أخرى كانت تُتيح لهانت خلفيةً عاطفية، موضحةً أنه بعد 22 عامًا من لقائه في الجزء الأول، جردته مهنته تمامًا من حياته الشخصية. في هذا الفيلم، قدم المخرج ماكوري للبطل كوابيس شخصية. سعى المخرج أكثر من أي مخرج آخر قبله إلى التعمق في دوافع هانت، مما أجبر البطل على مواجهة شياطينه حيث تصادم الجانب الشخصي مع الجانب المهني. ومرة أخرى، ظهر عميل قوة المهمة المستحيلة على أنه فطن ونشط وودود ولطيف مع المقربين منه. مع ذلك، ازداد انطواؤه، نظرًا لأنه في هذه المرحلة من حياته قد تصالح مع افتقاره إلى الحياة الرومانسية.

– «مهمّة مستحيلة – الحساب الميت الجزء الأول» (2023، «Mission: Impossble – Dead Reckoning Part One»، كريستوفر ماكوري.

بعد قرابة 30 عامًا من عرض الفيلم الأول، قد يتوقع المرء أنّ الجزء السابع من هذه السلسلة، لن يفاجئنا بأكثر من مشاهد حركة مذهلة. لكن هذا الجزء من الملحمة يتجاوز بكثير قفز توم كروز من على جرف على دراجة نارية ثم البقاء في الهواء لعدة ثوانٍ قبل فتح المظلة. كلا، بل في الوقت نفسه هو الفيلم الأكثر قتامةً في السلسلة. لم يعد إيثان هانت يواجه شريرًا تقليديًا، بل ذكاءً اصطناعيًا، يدفعه إلى أقصى حدوده في جهوده ليس فقط لإنقاذ العالم، بل أيضًا للحفاظ على حياة جميع أفراد فريقه. هذا الجزء جعلنا نقع في حبّ الفرقة مرة أخرى، ونذهب معها في مهمة مستحيلة جديدة مرتبطة بأخبارنا الحالية والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. «مهمّة مستحيلة – الحساب الميت الجزء الأول»، هو الفصل الأول من فصلين، يهدف إلى أن يكون الأخير، ولوضع حد لمغامرات ومصائب إيثان هانت كعميل خاص مخصّص لإنقاذ العالم مرارًا وتكرارًا.

عودة هانت إلى الشاشة لم تكن لتكون أفضل، الجزء الأول من «الحساب الميت»، يُظهر أن «مهمّة مستحيلة» لا يزال يحافظ على وضعه بشكل ممتاز، ولديه الكثير ليقدمه. يتبع الفيلم الهيكل التقليدي في الإخراج لماكوري: سريع، مثير، مباشر. الفيلم لا يضيع الوقت في مقدمات مبالغ فيها، لأنه يفترض أنه إذا وصل المشاهد إلى هذا الجزء، فهو لأنّ لديه رابطًا متينًا مع الشخصيات الرئيسية التي شاهدها في كل جزء. وهذا يتيح للفيلم الانتقال مباشرة إلى الحركة ووضع المشاهد من البداية في مواقف مثيرة. يتمتع «مهمّة مستحيلة – الحساب الميت الجزء الأول»، بإيقاع رائع، مع لحظات راحة، مما يعني أنك لن تشعر بالملل لحظة واحدة على مدى حوالي ثلاث ساعات. يتألق الفيلم لأن كل شيء يتناسب داخله، فهو يقدم قصة منطقية مثيرة للاهتمام، مصوّر بشكل جيد، مدروس ومكتوب وطبعاً مسلٍ. ولكن ما لا يتضمنه بالطبع هو الخاتمة، التي سنشاهدها في الجزء الثامن الجديد في «مهرجان كان».

 

موقع "فاصلة" السعودي في

23.04.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004