ملفات خاصة

 
 
 

«مهرجان عمّان السينمائي»:

الهمّ واحد من غزة إلى إيرلندا

شفيق طبارة

عمّان السينمائي

الدورة السادسة

   
 
 
 
 
 
 

من وسط العاصمة الأردنية، ينطلق «مهرجان عمّان السينمائي الدولي – أول فيلم» غداً (حتى 10 تموز/ يوليو) في دورته السادسة.

من وسط العاصمة الأردنية، ينطلق «مهرجان عمّان السينمائي الدولي – أول فيلم» غداً (حتى 10 تموز/ يوليو) في دورته السادسة.

وكما في دوراته السابقة، يخصص المهرجان دورته الحالية للأعمال الأولى في الإخراج والتمثيل وكتابة السيناريو والمونتاج، عبر أربع فئات تنافسية تمنح جائزة «السوسنة السوداء»، إضافة إلى جائزة «فيبريسكي» المرموقة (جائزة الاتحاد الدولي للنقّاد السينمائيين) لأفضل وثائقي عربي.

هذه السنة، اختار المهرجان شعار «عالم خارج النصّ» الذي يركّز على الأفلام التي تكسر القيود التقليدية وتتخطى شخصياتها الحدود.

تضم تشكيلة هذا العام أكثر من 60 فيلماً، تمثل 23 دولة، كما يقدم المهرجان 23 فيلماً في عرض عربي أوّل، من بينها 16 عرضاً عالمياً أول. وسيشكّل المهرجان منصة حصرية لقصص من قلب غزة الجريحة، تُعرض للمرة الأولى.

في إطار تيمة هذه الدورة، يحتفي المهرجان بإيرلندا كبلد ضيف الشرف، بحيث تتلاقى التجربتان الثريتان للسينما الإيرلندية والعربية في عمق معالجتهما للمواضيع الإنسانية وتلك المعنية بقضايا الهوية والذاكرة.

كما سيكون المخرج الإيرلندي المخضرم جيم شيريدان ضيف قسم «الأول وأحدث»، شيريدان، الكاتب والمخرج الذي رُشّح لست جوائز أوسكار، أسهم بشكل محوري في تشكيل صورة السينما الإيرلندية عالمياً عبر أفلامه البارزة.

الروائي العربي بين التاريخ والراهن

تتنافس عشرة أفلام عربية طويلة على جائزة «السوسنة السوداء». من الجزائر، يشارك المخرج شكيب طالب بن دياب بفيلمه «196 متراً»، الذي يدور في قلب الجزائر العاصمة، حيث يثير اختطاف فتاة موجة من الصدمة، مشعلاً توترات متصاعدة ويزرع شكوكاً عميقة في أرجاء المدينة.

تتحد الطبيبة النفسية دنيا عصام، ومفتش الشرطة سامي في مسعى مشترك لكشف اللغز، غارقين في أعماق ماضي المدينة المظلم. وبينما يغوصان في ظلال تاريخ الجزائر المضطرب، يواجهان تداعيات عصر مليء بالصراعات، باحثين عن الحقيقة وسط شبكة معقدة من الأسرار والصدمات.

من مصر، يقدّم خالد منصور فيلمه الطويل الأول «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، حيث حسن حارس الأمن الهادئ الذي يعيش مع والدته في القاهرة، يجد نفسه مضطراً إلى الهرب بعدما قام كلبه الوفي ورفيقه الحميم، رامبو، بعضّ مالك المنزل العدائي.

أثناء تنقله في المدينة بحثاً عن مأوى آمن لرامبو، يواجه حسن مواقف تُعيده إلى ذكريات أليمة ومخاوف دفنها منذ زمن. هذه الرحلة تدفعه إلى استعادة جزء من ذاته كان يعتقد أنه فقده إلى الأبد.

تعود فرح قاسم إلى طرابلس بعد سنوات من الغياب في فيلمها «نحن في الداخل» 

يعيدنا المخرج التونسي لطفي عاشور في فيلمه «الذراري الحمر»، إلى نوفمبر 2015، حين يبتعد أشرف، ذو الأربعة عشر عاماً، وابن عمه عن منزلهما، بعد أن ينهار عالمهما تحت وطأة عنف مفاجئ ومدمر. ينجو أشرف، حاملاً عبء العودة إلى المنزل.

بينما تغرق قريته في صمت مشوب بالخوف وسط غياب السلطات، يجد أشرف نفسه عالقاً بين واقعه وأحلامه، تطارده الخسارة.

من الأردن تقدم سندس السميرات فيلم «سمسم»: سمسم امرأة في السادسة والعشرين، تصرّ على التحرر من زواج لم يكن لها رأي فيه. تحوّل وظيفتها في استوديو التصوير الفوتوغرافي لإعالة ابنتها ووالدتها، إلى مساحة للمغازلة، وبناء العلاقات، واستعادة الثقة بنفسها. رغم انفصالها عن زوجها قاسم، يظل يرفض منحها الطلاق.

وعندما يوافق أخيراً، يضع شرطاً غريباً بأن تجد له زوجةً جديدة. تنطلق سمسم في رحلة سوريالية. ومع تصاعد بحثها المحموم، تجد نفسها أمام تناقضاتها الداخلية، لتكتشف أن الحرية الحقيقية أعمق من مجرد الهروب.

فيلم تاريخي يقدمه المخرج العراقي عدي رشيد في «أناشيد آدم»، يعيدنا إلى بلاد ما بين النهرين عام 1946، حين ارتجف آدم، ذو الاثني عشر عاماً، بعدما أُجبر على حضور مراسم دفن جدّه. بعد تلك اللحظة، أعلن آدم أنه لم يعد يريد أن يكبر، ولسبب غامض، لم يفعل ذلك.

مع مرور السنين، يُقلق شبابه أهل القرية ويزرع الفجوة بينه وبين أقرب الناس إليه. بينما يعتبره بعضهم حالة غير طبيعية، يراه آخرون تمرداً هادئاً على فقدان البراءة.

وتتشابك أربع حكايات في فيلم «دخل الربيع يضحك»، للمخرجة نهى عادل، تنبثق من عمق المرأة المصرية، حيث يخفي الفرح ألماً، وتتكشف المفاجآت تحت السطح.

ومع ذبول الأزهار وحلول الخريف، تصل كل قصة إلى خاتمة غير متوقعة، تكشف عن عواصف الهوية الصامتة، والضغوط الاجتماعية، والحقائق الخفية التي تظهر عندما تبدأ واجهة الموسم الجديد.

من فلسطين يعرض فيلم «شكراً لأنك تحلم معنا!»، للمخرجة ليلى عباس، الذي تدور أحداثه في رام الله، حيث تلتقي مريم ونورا بعد وفاة والدهما لتكتشفا ميراثاً كبيراً تركه خلفه.

وسط إحباطهما من نظام يُفضّل شقيقهما الغائب، تضعان خطة جريئة لتأمين المال قبل أن يدرك هو خسارتهما لوالدهما. مع تصاعد التوترات وتجدد الجراح القديمة، تضطر الأختان إلى مواجهة البيروقراطية، وتعقيدات الأسرة، وتوقعات المجتمع في قصة تجمع بين الفكاهة ونقد للأعراف الأبوية.

وبعد نجاح فيلمه القصير الأول «هل سيأتي والديَّ لرؤيتي؟»، يعود المخرج الصومالي مو هاراوي، ليقدم فيلمه الطويل الأول «القرية المجاورة للجنّة»، الذي تدور أحداثه، في قرية صومالية نائية، تأثرت بالمصاعب والتغيرات، وفيها تخطو عائلة صغيرة طريقها وسط أحلام متبدلة وصراعات مكبوتة.

المخرج الفلسطيني مهدي فليفل، يقدم فيلمه الطويل الأول، بعد أفلام عدة قصيرة. يأخذنا فليفل في «إلى عالم مجهول»، إلى أثينا، حيث ابنا العم الفلسطينيان، شاتيلا ورضا، حلما بالهروب إلى ألمانيا وبناء حياة جديدة. لكن مع تصاعد الضغوط عليهما، تتعرض علاقتهما لاختبارات قاسية وغير متوقعة. وما يبدأ كخطة هروب بسيطة يتحول سريعاً إلى صراع متوتر مع الولاء، والبقاء، وثمن الحرية في عالم يسد كل المنافذ أمامهما.

لبنان حاضر في الوثائقي

سبعة أفلام وثائقية عربية تتنافس على جائزة أفضل فيلم وثائقي منها فيلمان من لبنان، الأول بعنوان «فتنة في الحاجبين» لعمر مسمار، الذي يدور داخل صالون «بوبا» للتجميل في بيروت. هنا خضع الزبائن لعمليات تجميل في محاولة لاستعادة السيطرة على الذات وسط مدينة توشك على الانهيار.

تُظهر اللقطات المُقرّبة كيف تتحول كل حقنة إلى متنفس، بينما تدور أحاديث حول الحب، والحرب، والبقاء.

الفيلم الوثائقي الثاني يحمل عنوان «نحن في الداخل» للمخرجة فرح قاسم، التي تعود إلى طرابلس بعد سنوات من الغياب لرعاية والدها المسن، مصطفى.

تجد رجلاً متشبثاً بالماضي، ومدينةً غارقة في أزماتها. يصعّب عدم الاستقرار السياسي والانقسامات بين الأجيال تواصلهما، لكن وسط هذا التباعد تنبثق روح الدعابة وشوقٌ عميقٌ للفهم.

تبدأ الفجوة العاطفية بينهما بالانحسار عبر ناديه الشعري المحبوب، معقل التقاليد والرجولة. عندما تنضم فرح إلى المجموعة، تسعى إلى التواصل معه عبر الشعر. ومع اندلاع ثورة عام 2019 وتدهور صحة مصطفى، يصبح الشعر لغتهما المشتركة في عالم يزداد اضطراباً.

«من المسافة صفر

في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ 2023، برز السنة الماضية مشروع «من المسافة صفر»، كبادرة سينمائية فريدة تسعى إلى توثيق الحياة اليومية والمعاناة الإنسانية لسكان القطاع.

أشرف على المشروع المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، وشارك فيه أكثر من 100 سينمائي وسينمائية من غزة، أنتجوا 22 فيلماً قصيراً بين الروائي والتسجيلي والخيالي والرسوم المتحركة والتجريبي.

صُوِّرت الأفلام كلها في غزة، ووثقت ما يجري هناك، وشارك في صناعتها سينمائيون عاشوا الأحداث، من شبان وشابات، كتجربة حيّة وواقعية.

هذه السنة، تعود هذه المبادرة بأربعة أفلام تحت عنوان «من المسافة صفر +»، تشارك في قسم غير تنافسي وهي: الفيلم الأول هو «بيلياتشو غزة»، للمخرج عبد الرحمن صباح. تدور الأحداث في غزّة التي مزقتها الحرب، حيث يكافح علوش، علاء مقداد، المهرج القصير القامة وصاحب الإرادة الحديدية، لاستعادة دوره كـ«صانع فرح».

يعيش علوش مع عائلته في خيمة بعد تدمير منزلهم في مخيم الشاطئ للاجئين، ويناضل يومياً لتأمين الطعام والماء.

ورغم الشوارع المدمرة والأرواح المثقلة بالحزن، يصرّ علوش على تقديم عروضه للأطفال، متمسكاً بإشعال شمعة أمل وسط الظلام.

ومع اشتداد الحرب، يواصل علوش التمسك بالضحك والفن كوسيلة لمواجهة معاناة لا تُوصف.

أما «أحلام صغيرة جداً» للمخرجة اعتماد وشاح، فيحكي قصة نور، الشابة الغزية التي تخوض معركة يومية من أجل الصحة والكرامة. يستمر الدمار في غزة، والنساء من حولها يواجهن استلاب الإنسانية: يعدن استخدام الملابس القديمة كفوط صحية، والاغتسال في البحر، واللجوء إلى حبوب الدورة الشهرية في غياب الحماية الصحية الأساسية. هذه الإجراءات اليائسة تعرضهن للعدوى والأذى على المدى الطويل.

عبر رحلة نور وشهادات الأخريات، تتكشف أزمتهن: أزمة حرمان من الرعاية، وظروف غير آمنة، ومعاناة مكتومة في أرض جُرِّدت من أبسط احتياجاتها الإنسانية.

الفيلم الثالث يحمل عنوان «حسن» للمخرج محمد الشريف، وفيه يخاطر حسن، ابن السبعة عشر عاماً، بكل شيء لجلب الدقيق لعائلته الجائعة في شمال غزّة. يقع ضحية قصف وحشي، ويظل محاصراً أربعة أيام يشهد فيها عمليات إعدام مروّعة.

في الأثناء، تعيش عائلته في حالة من الترقب والقلق المريع. بعد ترحيله إلى جنوب غزّة، يواجه حسن واقعاً مؤلماً من التدهور والدمار. ورغم القسوة المحيطة به، يتمسك بأمل واحد: العودة إلى منزله وأحبائه.

الفيلم الأخير بعنوان «ألوان تحت السماء» للمخرجة ريما محمود: يتحدث الفيلم عن آية، التي فقدت والديها وشقيقيها في الحرب، وتعيش الآن في خيمة في رفح، نازحة من منزلها في مدينة غزة. كانت فنانة ناشئة تعمل على تأليف أغان جديدة، والآن تتمسك بالموسيقى كشريان حياة.

وبينما تتساقط القنابل من حولها، تنطلق آية للبحث عن ملحّن واستوديو لتسجيل أغنية ولدت من رحم الفقد والبقاء. يتتبع هذا الفيلم رحلتها لاستعادة صوتها، ومعه أمل العودة إلى البيت يوماً ما.

 

الأخبار اللبنانية في

01.07.2025

 
 
 
 
 

مهرجان عمّان السينمائي بدورته السادسة... حكايات متحررة من القيود في «عالم خارج النص»

مديرة المهرجان ندى دوماني تتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن أبرز الفعاليات والأفلام المشاركة

بيروتكريستين حبيب

في دورته السادسة، اختار «مهرجان عمّان السينمائي الدولي - أوّل فيلم» شعار «عالم خارج النص» ليحتفي بـ«السينما العربية الصادقة والعفوية والمتحررة من القيود، وبالقصص الخارجة عن المألوف»، وفق مديرة المهرجان والشريكة المؤسسة ندى دوماني.

«هو شعارٌ ابنُ اللحظة الحرجة التي تمر بها المنطقة، وقد استوحي من الأحداث الإقليمية والعالمية غير المتوقعة، التي قلبت الصورة وخرجت عن النص. لكن رغم الصواريخ التي يهتزّ الإقليم على وقعها، فإنّ مهرجان عمّان مستمرّ ولم يعدّل برمجته حتى الساعة، على أن تمتدّ فعالياته بين 2 و10 يوليو (تموز) في العاصمة الأردنية»؛ حسب إشارة دوماني. «من الضروري أن نواصل النشاطات الثقافية التي تنقل سرديتنا وتؤكد هويتنا وتُسمع العالم صوتنا... بعيداً عن المظاهر الاحتفالية تقديراً لما يجري. المطلوب أكثر من أي وقت، أن نرفع راية الفن والثقافة في هذه الظروف العسيرة والتصدّي لمحاولات طمسها»، تقول دوماني في حديثها مع «الشرق الأوسط».

يفتح المهرجان، الذي ترأسه الأميرة ريم علي، صالات ثلاث دور عرض أساسية في عمّان أمام أكثر من 60 فيلماً آتياً من 23 دولة، إضافة إلى عروضٍ تجول على محافظات المملكة. ومن بين تلك الأفلام 16 في عرضها العالمي الأول. مع العلم بأن أحد عناصر فرادة مهرجان عمّان السينمائي يكمن في أنه يركّز على الإنجازات السينمائية الأولى لصانعي الأفلام، سواء أكان بالنسبة إلى المخرج(ة) أو الممثل(ة) أو المونتير(ة). وفي هذا الإطار، تؤكد دوماني أن «السينما العربية تثبت سنة تلو أخرى أنها تقدّم أفضل الأفلام في سياق التجارب الأولى».

من العالم العربي، مروراً بأوروبا، وصولاً إلى الولايات المتحدة الأميركية وليس انتهاءً بالشرق الأقصى، تتعدّد هويات الأفلام الوافدة إلى مهرجان عمّان. لكن المشترك فيما بينها أنها تعكس جميعاً شعار «عالم خارج النص»، بما أنها تروي قصصاً خارجة عن المألوف. وفي لمحة عن المحتوى الذي ينتظر روّاد المهرجان، تلفت دوماني إلى أن «الدورة السادسة تسلّط الضوء على أصوات تكتب خارج السطر، وعلى شخصيات لا تنصاع لمسارات درامية مألوفة، بل تتكلم صمتاً بقَدر ما تنطق كلاماً».

ما بين الأفلام الروائية العربية الطويلة، وتلك الوثائقية، والقصيرة، والأعمال غير العربية، تَعِدُ الأفلام بألّا تلمّع الواقع، بل أن تنيره وترفع أصواتاً تكسر القوالب التقليدية. «ما سنشاهده هو سينما تشبه الحياة، لكنها لا تقلّدها بل تعيشها»، وفق تعبير دوماني.

تشمل هذه الدورة من مهرجان عمّان السينمائي 4 مسابقات رسمية، تُمنح فيها جوائز «السوسنة السوداء» لأفضل فيلم عربي روائي طويل، ولأفضل وثائقي عربي طويل، ولأفضل فيلم عربي قصير، ولأفضل فيلم غير عربي.

في خانة الأفلام العربية الروائية الطويلة، تتنافس 10 أفلام من بينها «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، و«دخل الربيع يضحك» من مصر. أما من فلسطين، فيشارك فيلما «إلى عالم مجهول»، و«شكراً لأنك تحلم معنا»، وثمة مشاركة سينمائية لافتة من الصومال مع فيلم «قرية قرب الجنّة»، إضافة إلى أفلام من العراق، والأردن، وتونس، والجزائر.

تشمل فئة الأفلام الوثائقية 7 أعمال من كل من مصر، ولبنان، وسوريا، والأردن، والمغرب. أما الأفلام العربية القصيرة المتنافسة على جائزة السوسنة السوداء فوصل عددها إلى 19. وللسينما غير العربية حصتها كذلك، من خلال 7 أفلام متنافسة وهي من النرويج، وسويسرا، وجمهورية التشيك، والهند، واليابان، وكندا، والولايات المتحدة.

لن تقتصر الجوائز على تلك التي تمنحها اللجان التحكيمية المؤلّفة من شخصيات مخضرمة في عالم السينما، بل تنسحب على تلك التي يقررها الجمهور مانحاً صوته لأفضل فيلم ضمن الفئات الأربع المتنافسة.

ولإضفاء مزيدٍ من الثراء إلى محتوى المهرجان، وبهدف تقديم خيارات أكثر للجمهور، استحدث هذا العام قسمان غير تنافسيين يضمان أفلاماً لا تقع ضمن شروط المسابقات. يضم القسم الأول من الأفلام خارج المسابقة 13 فيلماً عربياً، معظمها يوثّق حكاياتٍ طالعة من المأساة الفلسطينية، ومن قلب جرح غزة تحديداً.

تتحدّث دوماني بإسهاب عن هذه الفسحة السينمائية المميزة، التي تفتح هامشاً واسعاً للأفلام الفلسطينية «في تحية خاصة لصمود الغزيين وإبداعهم». تلفت مديرة المهرجان إلى أن غالبية تلك الأعمال «تروي قصصاً شخصية خارجة عن المتوقع من يوميات العيش في غزة». من بين هذه الأفلام، «المهمة» في عرضه العالمي الأول، وهو من إخراج اثنين من الكوادر الطبية في غزة فضّلا الإبقاء على اسمَيهما طي الكتمان. ويواكب الفيلم الجرّاح العراقي د. محمد طاهر خلال مهمته التطوّعية لإنقاذ الناس في غزة.

من الأعمال المنتظرة كذلك، «يلا باركور» للمخرجة الفلسطينية عريب زعيتر، التي عادت إلى غزة ليس لتصوير فيلمها الأول فحسب، بل لترميم جذورها وسط الدمار الشامل. إلى جانبها يعدو أحمد، بطل سباق «الباركور» الذي يتخطّى عثرات غير اعتيادية ليصل إلى وجهته، تحت عدسة زعيتر.

وفي القسم الثاني من الأفلام غير المتنافسة، إضاءة على السينما الآيرلندية بمناسبة اختيار آيرلندا «البلد ضيف الشرف» لهذه الدورة. وفي هذا السياق، يحل المخرج الآيرلندي جيم شيريدان صاحب الإنجازات السينمائية العالمية، ضيف شرف على المهرجان ليتحدّث إلى الجمهور ضمن فعالية «الأول والأحدث». رحلة 36 عاماً من الإبداع انطلقت مع فيلم «My Left Foot»، وكان آخر ثمارها فيلم «Re - Creation» من إنتاج عام 2025.

إلى جانب العروض والمسابقات، يحتفي مهرجان عمّان بالسينما العربية الصاعدة على طريقته، متحوّلاً إلى ملتقى للمواهب الواعدة. فإحدى المحطات الأساسية ضمن الحدث الثقافي هي «أيام عمّان لصنّاع الأفلام»، حيث تقدّم لجنة متخصصة من مهنيين في قطاع السينما جوائز مالية وعينية لمشاريع عربية في مرحلتَي التطوير وما بعد الإنتاج. كما تتضمّن أنشطة «أيام عمّان» طاولات مستديرة وورش عمل وتدريب مع متخصصين من عالم السينما.

وفي إضافة جديدة هذا العام، تنطلق سلسلة «The Spark Series»، وهي المبادرة الأولى من نوعها في العالم العربي، لتسليط الضوء على مسلسلات الويب بوصفها مجالاً سردياً مبتكراً وسهل الوصول، يفتح آفاقاً جديدة أمام صناعة المحتوى.

مهما تعدّدت الأنشطة وتجدّدت ضمن مهرجان عمّان السينمائي، فهي تسعى كلها إلى تقريب المسافات بين صانعي الأفلام من أينما أتوا. عن هذه الخصوصية تتحدّث ندى دوماني قائلة: «هو مهرجان أفقي وليس عمودياً، أي أنه يتيح الاختلاط بين الضيوف ولا يعزلهم عن بعضهم البعض. وهذا يسمح ببناء شبكات من العلاقات المهنية التي تفتح فرص التعاون، وهكذا يجري دعم السينما العربية بشكل فعلي».

 

الشرق الأوسط في

24.06.2025

 
 
 
 
 

ندى دوماني مديرة مهرجان «عمّان السينمائي» :

رهاننا المواهب ومعيارنا الصدق والحقيقة والقناعة

عمّان ـ «سينماتوغراف»

بينما تتسابق العديد من المهرجانات الإقليمية على العروض الأولى وفرص التقاط الصور التذكارية، يتبع مهرجان عمّان السينمائي الدولي، بهدوء، نصًا مختلفًا، يُركّز على الصدق وسرد القصص.

تقول ندى دوماني، مديرة المهرجان: "لسنا نسعى وراء التألق، بل نُركّز على السينما وصناعة الأفلام". وكما في دورة العام الماضي، لن يكون هناك سجادة حمراء، تضامنًا مع أهالي غزة.

ومع استجابة صانعي الأفلام للأزمات الراهنة وتغيّر الأعراف، يعكس شعار هذا العام، "عالمٌ خارج النص"، الواقع المضطرب الذي يُشكّل السينما اليوم.

من أبرز أجزاء برنامج هذا العام فيلم "من المسافة صفر"، وهو مجموعة من خمسة أفلام وثائقية قصيرة صُوّرت داخل غزة خلال الحرب الدائرة.

وتقول دوماني: "هذه ليست أفلامًا عن غزة، بل من صنع أناس يعيشونها. إنهم لا ينظرون إليها من الخارج". رغم تصويرها تحت الحصار، لا تقتصر الأفلام على الدمار فحسب، بل تجسّد روح الفكاهة والصمود، باختصار، الحياة. يتتبع أحدها رجلاً يوصل ألواحًا شمسية للحفاظ على مأوى. ويركز فيلم آخر على أطفال يحولون الأنقاض إلى ألعاب بدائية.

لأول مرة، يُكرّم المهرجان أيرلندا، بلدًا شرفيًا. وتتابع دوماني: "هناك صلة قرابة طبيعية في سرد القصص بين أيرلندا والعالم العربي. كان موقفهم السياسي من فلسطين مهمًا لنا أيضًا".

وتضيف : سيتم تكريم المخرج الأيرلندي الأسطوري جيم شيريدان (فيلم "باسم الأب" و"قدمي اليسرى")، وستعرض العديد من الأفلام - بما في ذلك فيلم "مايكل كولينز" للمخرج نيل جوردان، وفيلم "الريح التي تهز الشعير" للمخرج كين لوتش، وفيلم "بانشيس إينيشيرين" للمخرج مارتن ماكدونا - كجزء من برنامج ثقافي مُنسّق. يُؤكد هذا التعاون إيمان المهرجان بالسينما كأرضية مشتركة.

يصاحب عروض المهرجان جلستان نقاشيتان مفتوحتان للجمهور، إحداهما مع شيريدان في 6 يوليو، والأخرى في 7 يوليو بعنوان "عالمان غير مكتوبين: كرة القدم والسينما - كيف وأين يلتقيان"، ويستضيفها الأمير علي، رئيس الاتحاد الأردني لكرة القدم ورئيس هيئة الأفلام الأردنية.

تُواصل عروض البوليفارد، التي انطلقت العام الماضي، تقديم المهرجان للجمهور. على مدار ثلاث ليالٍ، ستُعرض أفلام قصيرة خارج المسابقة في قاعة مفتوحة في منطقة العبدلي بعمان، والحضور مجاني. وتعلق دوماني إنها فخورة بشكل خاص بهذه المبادرة التي تُثير اهتمام الأشخاص الذين قد لا يكون لديهم خبرة كبيرة في السينما.

وهناك أيضًا خطط لتوسيع نطاق العروض خارج العاصمة. وتضيف: "نعرض بالفعل مجموعة مختارة في البلدات والمدن. نريد أن يسأل الناس في جميع أنحاء البلاد: متى سيُقام المهرجان؟".

منذ البداية، لم يُصمم مهرجان عمان السينمائي الدولي ليكون منصة لعرض أعمال صانعي الأفلام الأجانب، بل كمنصة لدعم وتنمية المنظومة السينمائية الأردنية. وتؤكد دوماني: "يُساهم المهرجان في تطوير سينما البلد، لكننا شعرنا أنه من غير المناسب إطلاقه دون وجود صناعة تدعمه أولًا."

شكّل هذا التفكير التأسيسي تركيز المهرجان على المواهب المحلية وفرص التدريب وفعاليات الصناعة. من خلال رعاية صانعي الأفلام الأردنيين وضمان وجود شيء يتواصل معه المجتمع، لم يعد المهرجان مجرد احتفال بالسينما، بل أصبح حافزًا لإبداعها محليًا.

ووفاءً برؤيته التأسيسية، يبقى مهرجان عمّان السينمائي المهرجان الوحيد في المنطقة المُخصّص حصريًا للأعمال الأولى: أفلام روائية طويلة، ووثائقية، وقصيرة. تقول دوماني: "نريد أن نمنح مساحةً للأصوات الجديدة. إنه رهان على المواهب، على مَن هم في بداية مسيرتهم الفنية ولديهم ما يُريدون قوله".

عند سؤالها عما إذا كان تمثيل النساء والأقليات جزءًا من معايير الاختيار، أجابت دوماني بصراحة: "لا نختار الأفلام بناءً على الجنس أو الهوية. نبحث عن الصدق والحقيقة والقناعة. هذا هو معيارنا الوحيد".

وحول المكان الذي تأمل أن يحتلّه المهرجان بعد خمس سنوات، قالت دوماني متفائلة: "على الأرجح سيتولى شخص آخر زمام الأمور، لكنني آمل أن يستمر المهرجان بهويته الخاصة. يركز على السينما، لا على البهرجة. يدعم من لديهم ما يقولونه". وتأمل أن ينمو المهرجان، ولكن دون المساس بجوهره. "لا نريد أن ندخل في سباق من يدفع أكثر للحصول على عرض أول. هذا ليس من شأننا".

 

موقع "سينماتوغراف" في

30.06.2025

 
 
 
 
 

جيم شيريدان… إيرلندي قلبًا وقالبًا

شفيق طبارة

غالبًا ما تكون أفلام المخرج الإيرلندي جيم شيريدان (1949)، صريحة وبسيطة، مما يسمح للشخصيات وتجاربها بأن تكون محور الاهتمام. قدرته على تسليط الضوء على قضايا اجتماعية وسياسية متجذّرة في التاريخ والثقافة الإيرلندية، رسّخت مكانته كأحد أبرز الأصوات في السينما الحديثة.

يضفي نهجه الواقعي في صناعة الأفلام طابعًا خامًا وصادقًا على سردياته، وكما يخلق مزيجه الفريد في السرد الشخصي مع السياق الأوسع للثقافة والسياسة الإيرلندية تجربة سينمائية آسرة ومحفّزة. بدأ شيريدان مسيرته في المسرح، كأحد مؤسسي مركز «مشروع الفنون في دبلن»، كرّس سنواته الأولى في الإنتاج المسرحي. في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، انتقل إلى نيويورك بهدف معايشة عالم برودواي عن كثب. انتهز الفرصة للتسجيل في كلية السينما في جامعة نيويورك، لدورة تدريبية مدتها ستة أسابيع. لم يخطُ شيريدان خطوة كبيرة نحو الإخراج إلا في أواخر ثمانينيات القرن الماضي.

سيكون جيم شيريدان في عمّان هذه السنة، في قسم «الأول والأحدث»، خلال فعاليات «مهرجان عمّان – أول فيلم» (2 – 10 تموز/يوليو 2025). كما سيُعرض في المهرجان فيلمان لشيريدان ساعدا المخرج على إطلاق نهضة في السينما الإيرلندية.

«قدمي اليسرى» (1989، «My Left Foot»)

كان جيم شيريدان على دراية بقصة وأعمال كريستي براون (1932 – 1981)، وهو كاتب ورسام وشاعر إيرلندي عانى من شلل دماغي جعله عاجزًا تقريبًا عن الحركة باستثناء قدمه اليسرى منذ ولادته وحتى وفاته عن عمر يناهز 49 عامًا. نشر براون سيرته الذاتية «قدمي اليسرى» سنة 1954، ورأى شيريدان أن هناك فيلمًا، لتكون هذه القصة باكورته السينمائية.

يُصوّر الفيلم التحول المفاجئ في حياة كريستي براون (دانيال داي لويس)، بدءًا من طفولته، وشلله الدماغي واعتقاد الجميع أنه لن يحقق شيئًا في الحياة. يبدأ براون في كسر هذا التّصوّر باستخدام قدمه اليسرى وقطعة طبشور لخربشة رسائل من كلمة واحدة على حيطان منزله. ما بدأ كمعجزة صغيرة، تحوّل ليكون فنانًا ذا عمق كبير. يساهم شيريدان في تصوير جميع أبعاد الشخصية، وكما أن تصميم داي لويس في التمثيل الجسدي للشخصية، والانغماس الكبير في عقل براون اللامع، جعلا أداءه لا يُنسى، وأكسباه جائزة الأوسكار الأولى.

شيريدان بارع في إعادة خلق البيئات، تمكّن من وصف المناخ الإنساني والاجتماعي الذي عاشت فيه طفولة وحياة كريستي بواقعية كبيرة. فهو من عائلة كاثوليكية متواضعة، نشأ في حيّ للطبقة العاملة في دبلن، حيث يسود عدم الاستقرار في كلّ شيء: صعوبات مالية، واكتظاظ سكاني، واحتكاكات تثير خلافات حادّة. ويتعزز الشعور بالبؤس في التصوير، الذي يُبرز الوجود بينما يُخفّف من وطأة البيئات المحيطة.

على الرغم من أن السيناريو المتين الذي كتبه شيريدان يعيد صياغة القصة الأصلية بأمانة كبيرة، فإنه حاول إخفاء أحد أكثر العناصر إثارة في حياة كريستي، وهي التأثير الحاسم لإيمانه الكاثوليكي على رغبته في تطوير ذاته. ومع ذلك، حاول شيريدان إدخال بعض الانتقادات المُبطنة للتسلسل الهرمي في الفيلم، خصوصًا في شخصية الكاهن المُتشدّد.

بالطبع، ما كان كريستي براون ليُطوّر نفسه على الرغم من مرضه، لولا التشجيع المستمر من والدته (بريدا فريكر)، وهي مهمة جسّدها الفيلم ببراعة، بجانب الرغبة الكبيرة للتفوق والحياة التي دائمًا ما تترافق مع الحبّ.

يكسر فيلم «قدمي اليسرى» التعاطف مع ذوي الاحتياجات الخاصة، ويقضي على الشفقة على الذات، مفسحًا في المجال لتقديم إنسان ضعيف لكن شرس، يحتاج إلى المساعدة، لكنه مصمّم على الوقوف على قدميه، يفتقر إلى بعض الإمكانيات، لكنه قادر على إثبات نفسه.

«باسم الأب» (1993، «In The Name of The Father»)

«أغاني الحبّ الإيرلندية حزينة، بينما أغاني الحرب مُبهجة»، هذه الكلمات، المقتبسة من رواية كولوم ماكان «عبر الأطلسي»، تلخّص هوية الشعب الإيرلندي. شعب مرتبط ارتباطًا وثيقًا بمعاناته، ثمل بالكحول، غارق في المطر، يُضطهد على مرّ تاريخه بالجوع والحرب والظلم، لكنه لا ييأس أو يستسلم أبدًا، ونال استقلاله وحريته رغم كلّ شيء. هوية هذا الشعب والبلد استعارها جيم شيريدان وحوّلها إلى فيلم بعنوان «باسم الأب».

«باسم الأب» فيلم ملهم يُمثّل إدانة سياسية واجتماعية، مستندًا إلى سيرة البطل جيري كونلون (1954 – 2014). وقد نجح شيريدان في تجسيد المأساة العميقة التي تعرّضت لها هذه الضحية، وهي مأساة تاريخية عن الظلم القضائي. ولتقديم القصة بأصالة، كتب شيريدان نصًا رصينًا، وتعاون مع كونلون نفسه، الذي كان حينها لا يزال يُناضل من أجل إدانة ضباط الشرطة المسؤولين عن تحريف القضية.

تدور أحداث الفيلم في بلفاست في سبعينيات القرن الماضي، حيث كان الجيش الجمهوري الإيرلندي في أوج نشاطه، واعتمد السياسيون والشرطة على قانون منع الإرهاب، لينتهي المطاف بالعديد من الأبرياء إلى التعرّض للتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان، والسجن من دون إدانتهم بالأعمال الإرهابية التي اتُّهموا بها. كان زمنًا من النقد الاجتماعي، والصراع الطبقي، والفقر، وحالة من الفوضى أشعلتها ظلمات الحكومة، فقرّر الجيش الجمهوري الإيرلندي الانتقال إلى الهجمات العنيفة، مطالبًا بالحقوق والاستقلال والتغيير السياسي. قصة الفيلم هي القصة الحقيقية لشاب مجنون من بلفاست يُعتقل ويُعذّب ويُحاكم، وفي النهاية، يُسجن على جريمة لم يرتكبها، بسبب وحشية نظام يائس، وحقد يعود إلى سنوات طويلة من الصراع.

قصة جيري كونلون (دانيال داي لويس)، هي رحلة إلى الجحيم للنهوض من الرماد. مُخربٌ حقيقي بلا عمل أو دخل، ترتكز أفعاله السيئة على السرقة، ينتقل في النهاية إلى لندن، بناءً على طلب والديه، ليُصلح مساره أخيرًا ويصبح شابًا صالحًا. لكن حياته تنحرف عندما يكون في المكان الخطأ في الوقت الخطأ، ويصبح كبش فداء لهجوم إرهابي على حانة مزدحمة. ينتهي به المطاف هو وعدد من أصدقائه وعائلته في السجن، بعدما عانوا من التعذيب والإذلال والتحريف والتلاعب بشهاداتهم، وُضعوا في السجن دون أي فرصة لمحاكمة عادلة.

يروي شيريدان بالتفصيل كلّ محنة من محن بطله، من مشاهد الاستجواب إلى مشاهد الحكم الأخير، ومن المشاهد الأولى العنيفة في بلفاست الكئيبة والرمادية إلى المشاهد الريفية المشرقة، ومشاهد جيري وأصدقائه الذين يعيشون مثل الهيبيين في شوارع لندن. إن معرفة بطل الرواية التدريجية لوالده (بيتي بوستلثويت) خلال فترة حبسهما تعزز الفيلم، حيث يُؤخذ إلى ما هو أبعد من إحداثيات السينما السياسية ليصبح فيلمًا للاستكشاف والتحوّل الشخصي والنضج.

الفيلم ليس دفاعًا عن الجيش الجمهوري الإيرلندي، بل إدانة للكراهية والقومية وللنظام القضائي الإنجليزي الذي يسمح بأخطاء مماثلة. «باسم الأب» فيلم كلاسيكي، تبدو مشاهدته أشبه بالاقتراب من النار. كل أداء فيه ملتهب ويملأ كلّ ثانية من الشاشة. يجعلك الفيلم تعاني معه، تبكي غضبًا وتضحك. وفي ذروته، تشعر برغبة في الصراخ على الشاشة مثلما يصرخ جيري طالبًا ما هو ملكه: حريته، عدالته، وذكرى والده.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

02.06.2025

 
 
 
 
 

"عالم خارج النص" يحتفي بإبداعات سينمائية عربية

دورة سادسة من مهرجان عمّان السينمائي الدولي - أول فيلم تستضيف 60 فيلماً من 23 دولة

محمد غندور 

ملخص

تشمل هذه الدورة أربع مسابقات رسمية، تُمنح خلالها جوائز السوسنة السوداء والتنويه الخاص من قبل لجان تحكيم متخصصة وهي: الأفلام العربية الروائية الطويلة، والأفلام العربية الوثائقية الطويلة، والأفلام العربية القصيرة، والأفلام غير العربية.

تفتتح مساء اليوم الدورة السادسة من مهرجان عمّان السينمائي الدولي - أول فيلم، بمشاركة أكثر من 60 عملاً من 23 دولة، وتنطلق العروض بفيلم الافتتاح للفلسطينية مها حاج "ما بعد".

تنطلق الأحداث من خلال قصة سليمان (محمد بكري) ولبنى (عرين عمري)، الزوجين اللذين يعيشان في مزرعة منعزلة عن العالم، وعلى مدى الأحداث نتابع اهتمامهما بمتابعة يوميات أبنائهما الخمسة، حتى يزورهم ضيف صحافي، ويكشف سراً صادماً لدى الأسرة بعد قضائه بعض الوقت داخل منزلهم وتناوله العشاء معهم.

عبر إيقاع يبدو بطيئاً نسبياً لكنه كاشف لحجم المعاناة التي تعيشها الأسرة وخلال 34 دقيقة، نتابع تفاصيل يومهم الهادئ في المنزل المرتب الأنيق، مع الموسيقى الحزينة في الخلفية التي تعبر عن واقع أليم تعيشه الأسرة الصغيرة، مع حكايات عن الأبناء الخمسة ويومياتهم من دون أن يظهر أي منهم. ثمة كثير من الإسقاطات السياسية في العمل، لكن بحسب المخرجة فهو ليس عملاً سياسياً.

الأعمال الأولى

اللافت في المهرجان، جمعه الأعمال الأولى لمخرجين من المنطقة العربية، ولكن بعد دورة سادسة منه، ثمة كثير من الأسئلة التي يجب أن تطرح، أين أصبحت السينما الأردنية، وكيف تستفيد من مهرجانات كهذه، وهل الحكوممة تقدم الدعم الكافي للمواهب الشابة؟

أسئلة تظهر أجوبتها لاحقاً خلال الفعالية، بخاصة أن الأعمال المحلية ستتمثل في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بفيلم "سمسم" من إخراج سندس سميرات، فيما يمثلها في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة فيلما "أم المدارس" للمخرج عبدالله عيسى، و"احكيلهم عنا" من إخراج رند بيروتي.

في المقابل، تقول رئيس المهرجان، الأميرة ريم علي "تحتفي هذه الدورة بغير المتوقع، وعمق التجربة الإنسانية في عالم متقلب وسريع التغيير، فالحياة لا تسير وفق نص مكتوب، والأعوام الأخيرة خير دليل على ذلك". وتوضح أن الهدف المنشود "تطوير وتعزيز سينما عربية تعكس إبداع المنطقة وتعالج قضاياها الراهنة". وتحل إيرلندا "ضيف شرف" الدورة السادسة، ومن المقرر تنظيم برنامج خاص يحتفي بإنتاجها السينمائي.

من جانبها، قالت مديرة قسم البرمجة في المهرجان عريب زعيتر "نلجأ إلى الفن السابع لمقاومة السرديات المفروضة علينا، وفي هذه النسخة من المهرجان، يبوح صانعو الأفلام بما في قلوبهم من حكايات تتحدى النمطية والتشويه، حكايات تنبض بالحق، بالعمق، بالإبداع وبالشجاعة، حيث نتوق إلى جلب هذه القصص، من منطقتنا والعالم، إلى الشاشة الكبيرة ونسعى إلى جعلها في متناول أوسع جمهور ممكن".

وتشمل هذه الدورة أربع مسابقات رسمية، تُمنح خلالها جوائز السوسنة السوداء والتنويه الخاص من قبل لجان تحكيم متخصصة وهي: الأفلام العربية الروائية الطويلة، والأفلام العربية الوثائقية الطويلة، والأفلام العربية القصيرة، والأفلام غير العربية.

وتضم مسابقة الأفلام العربية الروائية الطويلة، 10 أعمال، وهي "البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو" إخراج خالد منصور، و"الذراري الحمر" إخراج لطفي عاشور، و"إلى عالم مجهول" إخراج مهدي فليفل، و"أنَاشِيْدُ آدَمَ" إخراج عدي رشيد، و"١٩٦ متر" إخراج شكيب طالب بن دياب.

وينافس فيلم "قرية قرب الجنة" إخراج مو حراوي، و"دخل الربيع يضحك" إخراج نهى عادل، و"سمسم" إخراج سندس سميرات، و"آية" إخراج ماية عجمية ايظى زلامة، و"شكراً لأنك تحلم معنا" إخراج ليلى عباس.

تنافس

أما مسابقة الأفلام العربية الوثائقية الطويلة فستشهد مشاركة سبعة أعمال، وهي "أبو زعبل 89" إخراج بسام مرتضى، و"نحن في الداخل" إخراج فرح قاسم، و"فتنة في الحاجبين" إخراج عمر مسمار، و"وقت مستقطع 22" إخراج علي قزويني، و"أم المدارس" إخراج عبدالله عيسى، و"أمك، أمي" إخراج سميرة الموزغيباتي، و"احكيلهم عنا" إخراج رند بيروتي.

فيما تنافس سبعة أعمال في مسابقة الأفلام غير العربية، وهي: "نهاية سعيدة" من إخراج نيو سورا، و"آرماند" إخراج هالفدان أولمان تونديل، و"كلب قيد المحاكمة" إخراج لاتيتيا دوش، و"قصة عائشة" إخراج إليزابيث فيبرت، و"كل ما نتخيله كالضوء" إخراج بايال كابادي، و"لمسة مألوفة" إخراج سارة فريدلاند، و"حكايات من حديقة سحرية" إخراج ديفيد سوكوب وباتريك باش وليون فيدمار وجان كلود روزيك.

وتشهد الدورة الجديدة إضافة قسمين غير تنافسيين يضمان أفلاماً لا تقع ضمن شروط المسابقات، ولكنها تثري برنامج المهرجان، وهما "إضاءة على السينما الإيرلندية"، حيث إن إيرلندا هي ضيف شرف هذه الدورة، وسيُخصص برنامج خاص يحتفي بإنتاجها السينمائي، وسيُعلن عن تفاصيله قريباً، أما القسم الثاني فهو "أفلام خارج المسابقة".

ثيمة المهرجان

وسيُعرض ضمن هذا البرنامج 13 فيلماً، وهي "تحت سقف أمي" إخراج كريستيان أبي عبود، و"الأونروا، 75 عاماً من تاريخ موقت" إخراج نيكولاس واديموف وليانا صالح، و"يلا باركور" إخراج عريب زعيتر، و"المهمة" إخراج اثنين من الكوادر الطبية من غزة، و"بلياتشو غزة" إخراج عبدالرحمن صباح.

وعن تيمة المهرجان "عالم خارج النص"، تقول مديرته ندى دوماني في تصريح صحافي إنها "جاءت من واقع نعيشه، وليس تنظيراً فلسفياً. نحن نرى أن العالم فقد بوصلته، سواء في فلسطين أو السودان أو اليمن أو لبنان. ولهذا نركز على السينما التي تخرج من القوالب الجاهزة وتعكس واقعاً سريع التغير، لأن الحياة نفسها لا تسير وفق 'نص مكتوب'. السينما، في نظري، تعكس هذه الحياة المتقلبة، وغالباً ما تكون القصص التي تخرج عن الشكل التقليدي هي الأصدق والأكثر تأثيراً".

يتميز المهرجان، أنه يركز على الأعمال الأولى. وإضافة إلى العروض السينمائية، يقدم برنامجاً تحفيزياً متكاملاً لصناع الأفلام الطموحين في الأردن والمنطقة، يتضمن ندوات ومحاضرات وتسويقاً للمشاريع وحلقات نقاشية مع المخرجين ونجوم السينما.

ويهدف إلى إحداث حراك إبداعي بين المخرجين والمشاهير وعشاق السينما على اختلافاتهم، من خلال تقديم أفلام عالية الجودة بغض النظر عن عائدات شباك التذاكر.

وبادر المهرجان هذه السنة إلى إدماج لغة الإشارة في بعض العروض لتكون متاحة لفئة الصم وضعاف السمع، كذلك ستكون معظم الأفلام مترجمة إلى اللغتين العربية والإنجليزية للوصول إلى أكبر عدد جمهور ممكن.

مدير المراسلين @ghandourmhamad

 

الـ The Independent  في

02.07.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004