ملفات خاصة

 
 
 

في مهرجان افلام السعودية

"محض لقاء" لمحسن أحمد… لحظة عابرة تفتح نوافذ الإلهام

البلاد/ طارق البحار

أفلام السعودية

الدورة الحادية عشرة

   
 
 
 
 
 
 

ضمن عروض مهرجان أفلام السعودية في دورته الحادية عشرة، لفت الفيلم السعودي القصير "محض لقاء" للمخرج السعودي محسن أحمد انتباه الحضور، بتجربة سينمائية تعتمد على البساطة الظاهرة والعمق الباطن، من خلال مشاهد بالابيض والاسود ومشاهد بالوان نفسية تواكب الاحداث  بين شخصين غريبين يلتقيان في مكان عام، حيث يتحول هذا اللقاء العابر إلى مساحة مكشوفة للبوح والفضفضة.

حيث نشاهد فتاة شابة ترتاد المقهى الهادئ المفضل لديها بحثاً عن الإلهام، ولكنها تواجه تحدياً عندما يجلس رجل غامض في الزاوية المقابلة لها.

رجل وامرأة لا يعرفان بعضهما، يجمع بينهما الصمت أولاً، ثم تبدأ المحادثة بالابتسامه. من خلال هذا الحوار، يكشف الفيلم عن أرواح مثقلة بأعباء لا تُقال إلا في حضرة الغريب، حيث لا حكم ولا توقع، فقط لحظة من الصدق الصافي.

الفيلم يتعامل مع موضوعات الوحدة، الحنين، والفرص الضائعة، ويطرح فكرة أن بعض اللقاءات العابرة تترك أثراً أكبر من علاقات طويلة، وأن الإنصات أحيانًا أقوى من كل محاولات الحديث.

المخرج محسن أحمد يواصل بهذا العمل نهجه في تقديم سينما تلتقط اللحظات الهامشية التي تمر بها الشخصيات العادية، لكنه يعالجها بحساسية سينمائية عالية.

محسن أحمد هو مخرج سعودي شاب، يُعد من الأصوات الواعدة في مشهد السينما المستقلة في المملكة، وهو من مدينة سيهات. بدأ اهتمامه بالسينما في سن الثانية عشرة. أما مسيرته المهنية فبدأت في عام 2019 كـ دراماتورج للأعمال السينمائية والتلفزيونية. قدم فيلمه القصير الأول "صور أخرى للدخان" عام 2019، والذي شارك في المسابقة الرسمية لـ مهرجان البحرين السينمائي 2022 وغيرها من الأعمال.

تمتاز أفلامه بالبساطة في التنفيذ، لكنها محمّلة بدلالات عميقة، وتميل لاستخدام الكاميرا الثابتة، والحوار المقتضب، والاعتماد على الإيماءات والانفعالات الداخلية.

يحظى محسن بتقدير متزايد داخل الساحة السينمائية السعودية.

 

####

 

"سينما الهوية" تتصدر مشهد اليوم الرابع من مهرجان أفلام السعودية

البلاد/ مسافات

بقصص تُروى وتُرى، يواصل مهرجان أفلام السعودية، في دورته الحاديةعشرة، الاحتفاء بالصوت السينمائي حين يشتبك مع أسئلته الوجودية، ويتكشّف على الشاشة في صورةٍ تبحث عن معناها. وفي رابع أيام المهرجان، الذي تنظّمه جمعية السينما بالشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، وبدعم من هيئة الأفلام، كانت "سينما الهوية" وهو المحور لهذه الدورة، الذي احتل الصدارة، وجذب الانتباه إلى أفلام تتقاطع فيها الذاكرة مع الموروث، وتعيد مساءلة الفرد في مرآة الجماعة.

هوية تُروى بعدّة لغات

من فلسطين وأيرلندا إلى بيروت وضواحي باريس، تواصل محور "سينماالهوية" في عروض اليوم الرابع، من خلال أربعة أفلام مثّلت طيفًا من التجارب والأساليب:

"برتقالة من يافا" (محمد المغني – فلسطين)

في عبور رمزي عبر الحواجز، يحمل طفل برتقالة إلى والدته، في سرديةتختزل الذاكرة الفلسطينية في جسد ثمرة.

"نرجو الاختلاف" (روري برادلي – أيرلندا)

مجتمع فرعي يعيد تعريف التمايز وسط واقع يرفض الانحراف عن المألوف. وثائقي لا يسائل الاختلاف، بل ينصت إليه.

"سلالة العنف" (محمد بورويسا – فرنسا)

وقفة بوليسية تتحوّل إلى فحص للتماهي بين السلطة والهوية، وتوتر يتسرّب من الكاميرا إلى الجمهور.

"إذا الشمس غرقت في بحر الغمام" (وسام شرف – لبنان)

مشهدية ليلية عند الكورنيش، حيث يتحوّل الحارس إلى شاعر، والمكان إلى مرآة تتبدّد فيها الحدود بين الرؤية والرؤيا.

ندوة: كاميرا تنصت للهوية

وتقاطع الحوار مع الصورة في ندوة "سينما الهوية بين الإبداع والواقع"،التي استضافها مسرح سوق الإنتاج، بمشاركة المخرجين محمد الهليل، محمد السلمان، أيوب اليوسفي، إلى جانب أندرو محسن، رئيس قسم البرمجة في مهرجان الجونة السينمائي، وأدارتها الإعلامية مها سلطان. ناقشت الجلسة محاولات صُنّاع السينما لترسيخ تعبيرهم الشخصي، دون الانفصال عن الخصوصية الثقافية أو التورط في محاكاة الأساليب الجاهزة.

مسابقة الأفلام الطويلة: عروض ونقاشات

ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، عُرض فيلم "سلمى وقمر" للمخرجة عهد كامل، الذي يواصل استكشاف العلاقات الإنسانية في سياقات اجتماعية حسّاسة، إلى جانب "ثقوب" للمخرج عبدالمحسن الضبعان، في تجربة بصرية تنقب في هشاشة الصمت وعمق المسكوت عنه. وشهدت العروض حضورًا لافتًا من الجمهور، وجلسات حوارية مع صُنّاع الفيلمين.

الروائية القصيرة والوثائقية… تأملات وتقاطعات

واصلت مسابقة الأفلام الروائية القصيرة حضورها بعروض لأفلام:

"ميرا ميرا ميرا" – خالد زيدان

"محض لقاء" – محسن أحمد

"شرشورة" – أحمد النصر

"وهم" – عيسى الصبحي

"نور" – ثابت سالم

"جوز" – محمود الشيخ

بينما ضمّت مسابقة الأفلام الوثائقية أعمالاً تعبّر عن رؤى متعددة تجاه المكان والواقع، من بينها:

"دينمو السوق" – علي باقر

"قرن المنازل" – مشعل الثبيتي

"عين السبعين" – محمد الغافري

"الجانب المظلم من اليابان" – عمر العوضي

العروض الموازية… مساحة للعبور الحر

خارج إطار المسابقات، واصلت البرامج الموازية تقديم مقترحات سردية ومشاهد تجريبية، عبر أفلام قصيرة تنوّعت في أساليبها واتجاهاتها، من بينها:

"مرت ولا حتى" – رناد بهادر

"جهير" – محمد الزهراني

"ترفة" – عبدالله الزويد

"الحافة" – أحمد القرني

"الشباك الأسود" – أحمد ذو الغنى

"الروشان" – محمد العمودي

"شوقر" – خالد الدوسري

"تشغيل" – فارس بيطار

"ابنة القلب البعيد" – تالا الحربي

"عفن" – نواف الزهراني

المعمل، الورش، والخبرات: حين تتحوّل الفكرة إلى نافذة على العالم

في امتدادٍ للبعد المهني الذي يوازي العروض الفنية، شهد اليوم الرابع من مهرجان أفلام السعودية نشاطًا مكثفًا في البرامج الموجهة لتطوير صنّاع الأفلام، وفتح المسارات أمام النصوص، من الفكرة الأولى إلى شاشة العالم.
فقد اختُتمت أعمال معمل تطوير السيناريو بجلسة جمعت المخرج والمنتج علي كريم، والمخرجة والمنتجة ومشرفة السيناريو ديمة عازر، إلى جانبا لمخرج حكيم بالعباس، حيث تمت مناقشة مجموعة من النصوص غير المنفذة، في سياق يهدف إلى صقلها إبداعيًا، وتفعيلها إنتاجيًا ضمن بيئةنقدية حوارية.

كما واصل برنامج "لقاء مع الخبراء" جلساته الفردية، التي تتيح لصنّاعالأفلام تقديم مشاريعهم ومناقشتها مع متخصصين من خلفيات فنية وإنتاجية مختلفة، في مساحة تفاعلية تعزز من فرص التوجيه المهني والتطوير العملي.
وفي مسرح السوق، أقيمت ورشة "ريادة الأعمال والابتكار في صناعةالأفلام"، التي استعرضت نماذج جديدة في الإنتاج والتوزيع، وقدّمت أدوات عملية لفهم الاقتصاد الإبداعي، وتطوير نموذج مستدام في صناعة السينماالمحلية.
وشهدت القاعة الكبرى ندوة بعنوان "من الفكرة إلى العالمية"، تحدّث خلالها المدير التنفيذي لمهرجان "كان" السينمائي عن مسارات وصول الأفلام المستقلة إلى المهرجانات الكبرى وأسواقها، مستعرضًا تحديات التوزيع المستقل وفرص التوسّع في الجمهور. وأدارت الجلسة نورس الرويسي،بحضور لافت من المنتجين والمخرجين والمهتمين بالتسويق السينمائي.

أما الختام، فكان مع ماستر كلاس بعنوان "توزيع وتسويق الأفلام الفنية"،قدّمه المنتج محمد حفظي، الذي شارك الحضور تجربته الممتدة في المشهدالسينمائي العربي والدولي، متناولًا عناصر النجاح في التسويق، وأهمية بناء هوية للفيلم المستقل. أدارت الجلسة ندى اللحيدان، في حوار اتسمبالانفتاح والمهنية.

إصدارات جديدة من الموسوعة السعودية للسينما

واختُتم اليوم بجلسة توقيع لكتابين جديدين من إصدارات الموسوعة السعوديةللسينما، التي أطلقتها جمعية السينما، وذلك في جلسة أدارها الإعلامي عبدالوهاب العريض، بحضور جمع من السينمائيين والمهتمين. حيث وقّع:

طارق خواجي كتابه "عيون محدثة باتساع"

بلال البدر كتابه "الطريق إلى الضوء.. مبادئ التصوير السينمائي".

 

####

 

محطات فردية في مشهد سينمائي متعدّد الهُويات

محور "سينما الهوية" في مهرجان أفلام السعودية

البلاد/ مسافات

في دورته الحادية عشرة، التي انطلقت منذ 17 وتستمر حتى 23 أبريل الجاري، يتّخذ مهرجان أفلام السعودية، الذي تنظّمه جمعية السينما بالشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، وبدعم من هيئة الأفلام، من "سينما الهوية" محورًا يعكس تجارب سينمائية تتقاطع فيها الأسئلة الفردية مع التحوّلات الجمعية، وتشتبك فيها الذاكرة مع الحاضر، في سرديات تضع الهوية في مرآة السينما.

المحور يضم 12 فيلمًا من دول عربية وأجنبية، تشكل معًا فسيفساء سردية متعددة المنطلقات، تتراوح بين الروائي والوثائقي، وبين الدرامي والتأملي، ما يجعل من "سينما الهوية" منصة تعبّر عن تنوّع الأنساق الثقافية التي تتجسّد على الشاشة.

بين الهروب والتجذّر.. مشاهد تتأمل الذات

تشارك في البرنامج المخرجة الأردنية رند بيروتي بفيلم "هجرة" (Shadows)، حيث تهرب أمّ شابة من بغداد في لحظة تتقاطع فيها الذاكرة مع غريزة البقاء. فيما يخوض فيلم "شيخة" (Chikha)، للمخرجين المغربيين أيوب اليوسفي وزهوة راجي، تساؤلات فتاة في أزمور المغربية حول الموروث والرفض، بينما تقرر بطلة فيلم "على قبر أبي" (On My Father's Grave) للمخرجة الفرنسية جواهين زنطار كسر التقاليد في مراسم دفن والدها، عبر فعل رمزي يقلب المشهد الجنائزي إلى مساحة من المقاومة الصامتة.

ويطرح فيلم "حبيبتي" (Habibti) للمخرج أنطوان ستليه لحظة إنسانية بين أم وابنتها على شرفة باريسية، تنفلت فيها الذكريات من سياقها اليومي. بينما يعاين فيلم "في قاعة الانتظار" (In The Waiting Room) للفلسطيني معتصم طه المسافة الدقيقة بين العناية الطبية والإقصاء السياسي، من خلال مشهدية مستشفى إسرائيلي يستقبل أمًا عربية.

توترات الهوية في سياقات متباينة

يعرض المخرج البريطاني لويس روز في فيلمه "احتفظ" (Keep) معضلة أخلاقية يواجهها حارس منارة بعد لقائه بلاجئ أفغاني، لتصبح الوحدة مرآةً لأسئلة أوسع عن الآخر. ويصوّر فيلم "برتقالة من يافا" (An Orange From Jaffa) للمخرج الفلسطيني محمد المغني معاناة العبور بين الحواجز، بحثًا عن لقاء مؤجل بين أم وابنها.

أما فيلم "نرجو الاختلاف" (We Beg to Differ) للمخرج الأيرلندي روري برادلي، فيُغني البرنامج برؤية وثائقية حول مجتمع فرعي في أيرلندا يجد عزاءه في شغف مشترك، في مواجهة قسوة الواقع.

ومن بولندا، يقدم المخرج يان بوجنوفسكي فيلمه "الرقص في الزاوية" (Dancing in the Corner)، حيث تتحوّل الشاشات الملوّنة في زمن ما بعد الشيوعية إلى مرآة باهتة تعكس سؤالًا بصريًا عن حقيقة اللون في واقع رمادي.

تأملات رمزية

في فيلم "دبٌّ يتذكّر" (A Bear Remembers)، يقدّم الثنائي البريطاني زانغ ونايت حكاية صبي يتتبع صوتًا معدنيًا غامضًا يطارد قريته، لتُعيد تسجيلاته إحياء ذكرى دبٍّ كان يجوب التلال، في استحضار رمزي للذاكرة الطفولية والحنين البيئي. بينما يشتبك فيلم "سلالة العنف" (Généalogie de la violence) للمخرج الفرنسي محمد بورويسا مع لحظة بوليسية شديدة الواقعية، حين يتحوّل فحص هوية روتيني إلى مرآة للسلطة والتوتر العرقي في الفضاء العام. أما الفيلم اللبناني "إذا الشمس غرقت في بحر الغمام" (Et si le soleil plongeait dans l'océan des nues) للمخرج وسام شرف، فيستعرض تجربة حارس أمن على الواجهة البحرية لبيروت، يواجه رؤى غامضة مع كل توسّع عمراني يخنق الأفق، في تساؤل شعري حول الرغبة والواقع.

ندوة: "سينما الهوية بين الإبداع والواقع"

وفي امتداد لهذا المحور، يحتضن المهرجان ندوة ثقافية بعنوان "سينما الهوية بين الإبداع والواقع"، عقدت أمس على مسرح سوق الإنتاج. يشارك فيها عدد من صنّاع الأفلام الذين قدّموا تجارب تعبّر عن هوية أصيلة، حيث يناقشون أهمية هذا البُعد في الفيلم كوسيلة لفهم الذات والمجتمع، وتحديات الحفاظ عليه في ظل التغيرات الثقافية والتجارية.

يشارك في الندوة:

المخرج محمد الهليل

المخرج والممثل أيوب اليوسفي

أندرو محسن، رئيس قسم البرمجة في مهرجان الجونة السينمائي

المخرج محمد السلمان

وتُدير الحوار: الإعلامية مها سلطان.

هوية تُروى بعدّة لغات

تأتي هذه الأفلام من فلسطين، المغرب، الأردن، فرنسا، بولندا، أيرلندا، والمملكة المتحدة، لتشكّل طيفًا سينمائيًا يعكس تباين التجارب، واتساع تمثيلات الهوية في السينما المعاصرة. عبر "سينما الهوية"، يُعيد المهرجان التأكيد على أن الهوية ليست جوابًا جاهزًا، بل سؤال مفتوح… تُطرحه الكاميرا، وتُعيد الصالة تأمله.

 

####

 

جمعية السينما تفتح باب العضوية لتعزيز المشاركة المجتمعية في المشهد السينمائي السعودي

البلاد/ مسافات

أعلنت جمعية السينما عن فتح باب العضوية للأفراد المهتمين بالمجال السينمائي، في خطوة تهدف إلى توسيع قاعدة التفاعل مع صُنّاع الأفلام، والباحثين، والمهتمين بالفنون البصرية، وخلق مجتمع سينمائي نابض بالحيوية والمشاركة.

وتأتي هذه المبادرة ضمن جهود الجمعية في تعزيز التشاركية وتكريس الانتماء إلى الحركة الثقافية والسينمائية في المملكة، حيث تتيح العضويات للمنتسبين فرصة الوصول إلى الأنشطة والبرامج التي تنظمها الجمعية، والمشاركة في بناء مشهد سينمائي أكثر تنوعًا وتفاعلًا.

وتُقدّم الجمعية خيارين من العضوية:

العضوية العادية، الموجهة للمهنيين والمختصين في مجال صناعة الأفلام، والتي تتيح لهم المشاركة في الجمعية العمومية والتصويت والمساهمة في صناعة القرار.

عضوية المنتسب، التي تفتح المجال أمام جمهور السينما والداعمين لها للانضمام والمشاركة في الفعاليات، ومتابعة أنشطة الجمعية بشكل مستمر.

وأكدت الجمعية أن باب العضوية مفتوح لكل من يؤمن بدور السينما في التعبير الثقافي والتحوّل المجتمعي، داعية الراغبين بالانضمام إلى زيارة الموقع الإلكتروني للاطلاع على المزايا والتقدم بطلب العضوية على موقعها الرسمي:

https://www.cinemaassoc.com/application

 

####

 

في مهرجان أفلام السعودية

المخرج الياباني ماساكازو يروي حكايات الطبيعة والأساطير

البلاد/ طارق البحار

في ندوة ثقافية آسرة ضمن فعاليات مهرجان أفلام السعودية، اصطحب المخرج الياباني كانيكو ماساكازو الجمهور في رحلة تأملية عميقة، عبَر فيها الجغرافيا واللغة ليستكشف الروابط الخفية بين الطبيعة، الذاكرة، والأسطورة في الفن السينمائي.

جرت الندوة على خشبة مسرح "إثراء"، حيث رافق ماساكازو المتحدث السعودي عبدالرحمن القرزعي الذي أضفى بعدًا فريدًا للحوار بلغة يابانية سلسة وصوت محلي صادق.

لم تكن المحادثة مجرد عرض لتقنيات أو سير ذاتية، بل غاصت في جوهر رواية القصص من منظور ثقافي. ناقش ماساكازو كيف تؤثر المناظر الطبيعية اليابانية الغامضة، والأساطير القديمة، والهوية الجماعية على نهجه الإخراجي، وكيف يمكن للفن أن يجسر الهوّة بين الثقافات، وأن يمنح الذاكرة صوتًا وصورة.

فيلم "عودة النهر"

المخرج تحدث أيضًا عن أحدث أعماله، فيلم "River Returns" (عودة النهر)، الذي يُعد ثالث أفلامه الروائية الطويلة، وتم عرضه مؤخرًا ضمن برنامج المهرجان. الفيلم مزيج شعري بين الخيال والدراما، تدور أحداثه في قرية ريفية خلال إعصار عام 1958، حيث ينطلق صبي صغير في مهمة غامضة لتهدئة روح حزينة تسكن ضفاف النهر، بعد أن تسببت في فيضانات كارثية دمرت قريته.

من خلال هذا العمل، لا يقدم ماساكازو قصة تقليدية، بل يرسم لوحة سمعية بصرية تتأمل العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وتطرح تساؤلات وجودية عن الفقد، والمصالحة، والقوة الغامضة للذاكرة الجماعية.

كشف المخرج الياباني كانيكو ماساكازو، خلال حديثه في مهرجان أفلام السعودية، عن جوهر مشروعه السينمائي الذي طالما دار حول العلاقة المعقدة بين الإنسان والطبيعة. وأوضح قائلاً: "أعمالي دائمًا ما تنطلق من هذا التفاعل العميق بين الطبيعة والبشر. إنها ليست مجرد خلفية بصرية، بل روح حية تتداخل مع مصائر الشخصيات، وتُروى بأسلوب شعري يميل إلى الأسطورة."

في "River Returns" (عودة النهر)، لا تكون رحلة الطفل إلى حوض جبلي منعزل مجرد مغامرة فيزيائية، بل رحلة روحية وعاطفية، تُمثل محاولة لفهم المجهول ومصالحة الماضي.

الكارثة

يعكس الفيلم فلسفة فولكلورية راسخة في الثقافة اليابانية، حيث تُرى الكوارث الطبيعية كترجمة ملموسة لاضطرابات روحية عميقة. هذا المفهوم، بحسب ماساكازو، وجد صداه لدى الجمهور السعودي، الذي تفاعل مع الفيلم بروح من التأمل والتفهم.

ويُقدم "River Returns" توليفة بصرية آسرة؛ حيث يتلاعب التصوير السينمائي بتناقضات الطبيعة: الهدوء الساحر للغابات والمياه، في مواجهة العاصفة المقبلة بعنفها الرمزي. هذا التباين البصري يُسلط الضوء على الطبيعة المزدوجة للعالم: رحيم حينًا، ومدمر حينًا آخر، تمامًا كالحياة نفسها.

قال المخرج الياباني *كانيكو ماساكازو في الندوة "سواء كان يقرأها من زاوية الحزن، أو الحب، أو حتى كصدى لحكاية قديمة يعرفها القلب دون أن يذكرها العقل."

وأضاف: "في جوهرها، أفلامي هي وسيلة لنقل الثقافة، وإحياء الفولكلور، وإيصالها إلى حالة شعورية يتقاسمها الجميع، مهما اختلفت خلفياتهم. ما يهمني أكثر هو كيف يتفاعل الناس، كيف يمكن لجمهور غير ياباني أن يرى نفسه داخل هذه القصص. أبحث دومًا عن ذلك الخيط الإنساني الذي يربط بين الثقافات دون أن يُترجم".

في ختام اللقاء، عبّر الجمهور عن إعجابه بعمق التجربة، ليس فقط من خلال ما شاهده على الشاشة، بل بما سمعه من كلمات تشبه القصائد، من صانع أفلام يرى العالم كما لو أنه حلم طويل يتقاطع فيه الواقع بالأسطورة

 

البلاد البحرينية في

22.04.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004