زياد الخزاعي

 
سيرة كتابة
 
 
 

كتابة

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الـ82

Venice 82

Giornate degli Autori

"أيام المؤلفين".. خانة مواهب وسينمات مستقلة

بقلم: زياد الخزاعي/ خاص بـ"سينماتك"

 
 

في موازاة بريق نجوم وأسماء قامات سينمائية مكرسة تحتشد بها شاشات المسابقة الرسمية للدورة الـ82 (27 أغسطس ـ 6 سبتمبر 2025) لمهرجان فينيسيا السينمائي، هناك ثراء عروض أخر خاص بسينمات مستقلة، يحتفي  بمواهب شبابها وجرأتهم وأصالة أفكارهم، تلك هي "أيام المؤلفين" التي عُرفت سابقاً باسم "أيام فينيسيا". قسم رديف، أسسه جورجيو غوسيتي في العام 2004، كفعالية قائمة بذاتها تتمع بلوائح خاصة وجوائز ولجان تحكيم وجلسات تبادل معرفة وخبرات. منصة يفتخر بها المهرجان الأعرق عالمياً، وتقام تحت رعاية جمعيتي المخرجين والمؤلفين الإيطاليين ("100 أتوري"، و"أن سي أي سي" على التوالي)، هي في الواقع مستوحاة كهدف ورؤية من خانة "أسبوعا (السينمائيين) المخرجين" الذائعة الصيت في مهرجان كانّ الفرنسي التي مهدت الطريق الى شهرة الاف من خيرة مخرجي السينما من جميع أنحاء العالم.

بدورها، ضخت هذه الأيام الفينيسية بأسماء مواهب سينمائية تكرست لاحقاً كمخرجين مرموقين أمثال الكندي دوني فيلنوف (سلسلة "كثيب" (2021، 2024)، ومواطنته سارة بولي ("حكايات نسردها"،2012)، والأميركي ستيف بوسيمي ("المستمع"، 2022)، وزميلته آفا دوفيرناي ("سيلم"، 2014)، والشقيقين جوش وبيني سافدي صاحبا التحفة الكوميدية "جواهر غير مصقولة" (2019) مع أدم ساندلر العائد الى جزيرة الليدو هذا العام  مع زميله النجم جورج كلوني للمنافسة على الأسد الذهب، عبر مشاركتهما في جديد مواطنهما نوه بامباك "جي كيلي".

تهدف هذه المنصة الأكثر احتراماً وحيوية فنياً ـ حسب توصيفاتها الرسمية ـ الى "تسليط الضوء على السينما العالية الجودة، دون أي قيود، مع إيلاء اهتمام خاص للإبتكار والبحث والأصالة والاستقلالية. هذه كلها سمات مميزة للأفلام الروائية العشرة المختارة، كما تنعكس في فعاليات خاصة تُقام في مكان خاص يُدعى "بيت المؤلفين" ( فيلا ديجلي أوتوري)". في العرف النقدي، أصبحت الأيام ومنذ دورتها الأولى "بديلاً إبداعياً لاكتشاف مواهب جديدة، ومكاناً مثالياً وغير رسمي لمؤلفين ومنتجين وموزعين وأعلاميين ونقاد سينمائيين للالتقاء ومناقشة أفكارهم في بيئة غير رسمية".

 تتنافس النصوص الروائية العشرة سواء البواكير منها أو الفيلم الثاني لمخرجه، ضمن مسابقة رسمية تخضع الى تقييمات لجنة تحكيم يرأسها دوماً مخرج سينمائي معروف، تتكفل باختيار مخرج فائز يُمنح جائزة قدرها 20 ألف يورو، تدعى "جي دي أي للمخرجين"، يتناصفها مع موزعه الدولي من أجل الترويج لعملهما المكرم. هناك أيضا جائزتان موازيتان الأولى تدعى "جائزة اختيار الجمهور" مهمتها واضحة من عنوانها، و"شارة سينمات أوروبا" المخصصة للأفلام المنتجة بشراكات أوروبية تشرف عليها شبكة من العارضين الأوروبيين رفيعي المستوى. من رؤساء لجان التحكيم السابقين نخص بالذكر: صاحب "مدام ساتا" البرازيلي الجزائري الأصل كريم عينوز (دورة 2019)، مخرجة "تفاحة" الإيرانية سميرة مخملباف (2017)، مخرجة "صورة سيدة تشب فيها النيران" الفرنسية سيلين سياما (2022)، صاحبة "التذكار" البريطانية جوانا هوغ (2023). هذا العام، سيرأسها الكاتب والمسرحي والمخرج السينمائي النرويجي داغ يوهان هاوجرد الفائز عن جدارة بجائزة الدب الذهب في مهرجان برلين السينمائي عن المقطع الأخير من ثلاثية أوسلو "أحلام (جنس وحب)".

*****

 
 

تعود الدورة الثانية والعشرون مع تشكيلة جريئة ومتنوعة تحت إشراف المديرة الفنية غايا فورير. يضم برنامج هذا العام 10 أفلام في المسابقة الرسمية، و6 أخرى خارج المسابقة، و9 أشرطة مختارة من "ليالي البندقية"، بالإضافة إلى فعاليات خاصة تمزج بين السينما والنشاط والحوار الثقافي. هنا أطلالة تعريفية بعناوين أفلام المسابقة حصراً والتي خُصصت ليلة افتتاحها لفيلم المخرجة الأوكرانية فلادلينا ساندو "ذاكرة" (98 د)، والمنتمي الى جنر السيرة الذاتية، وترصد فيه "حكاية طلاق والديها الذي فرض عليها، وهي في سن السادسة، الانتقال من شبه جزيرة القرم إلى غروزني، دون أن تدرك بعد التغييرات التي تنتظرها. عندما تندلع الحرب في الشيشان، تؤثر بشدة على مدينتها وعائلتها. بعد أعوام، تتأمل المخرجة ساندو طفولتها في هذا الفيلم الهجين، الذي يجمع بين الشعر والسيرة الذاتية، مستكشفة كيف تشكّل دورات العنف الأطفال، وكيف يُمكن الشفاء والتغيير".

هناك الباكورة الروائية الطويلة لصاحب "على حافة البركان" (2023)، و"المرجوحة" (2018) اللبناني سيريل عريس "نجوم الأمل والألم" (110 د)، التي يورد الموقع الألكتروني للمخرج ما يلي حول حكايته: "في قصة حبّ ساحرة تمتدّ لثلاثة عقود من الشغف والأسى والأمل، يجد نينو وياسمينة نفسيهما متشابكين في علاقة جذّابة. وبينما يواجهان خياراً مستحيلاً بين الحبّ والبقاء، عليهما أن يقرّرا إن كانا يريدان بناء أسرة وشقّ طريق السعادة في لبنان، رغم المآسي التي تعصف بالبلاد". في حين يحكي شريط "الليلة الماضية غزوت مدينة طيبة" (112 د) للأسباني كارلوس باردو روس قصة "مجموعة يافعين يقضون أحدى الأمسيات في زيارة حمامات حرارية، ويلتقون بصدفة غريبة مع جنود رومان بنوا هذه الحمامات قبل ألفي عام!". أما المخرجان الإغريقيان سترخيوس دينوبوبوس وكريستيانا في. باباداكس فطورا فيلمها القصير "كهف الدببة" الذي أنجزاه عام 2023، وصاغ منه نصاً طويلاً يمتد على مدى 127 دقيقة عرض، حول صديقتين مقربتين منذ الصغر، تترافقان في رحلة جبلية قبل أن "تكتشفا كهفاً غامضاً وعجيباً، وهو جزء من تاريخ الفولكلور الذي أسرهما منذ الطفولة. يؤدي قرار العثور على الكهف إلى سلسلة غير متوقعة من الخيانات، مما يُهدد أسس صداقتهما التي دامت مدى الحياة. ومع تزايد المخاطر وكشف مشاعرهما الحقيقية، يتعين عليهما التعامل مع سؤال: هل سينتهي بهما المطاف معاً؟". أشار المخرجان الى مجلة فارايتي السينمائية الأميركية المتخصصة أن الفيلم "يُظهر منظوراً غير مرئي لحياة امرأتين شابتين من مجتمع الميم في اليونان، ويستكشف علاقتهما من منظور الشباب والنور والفكاهة، على النقيض من الظلام والمعاناة التي اعتدنا عليها في حياة مجتمع الميم في المناطق الريفية".

يضع الإيراني أمير عزيزي في فيلمه الأول "دواخل أمير" (112 د) محنة "شاب في طهران على وشك الهجرة، يعيش صراعاته الداخلية وسط ذكريات متناثرة، وأحاديث لم تُكتمل، وأيام رتيبة، قبل أن يواجه قراراً لم يتخذه بعد: الرحيل أو البقاء". بينما يلعب مواطناه الثنائي مرتضى أحمدوند وفيروزة خسرواني في "الماضي والمستقبل مستمران" (80 د) بفطنة سينمائية على الأمكنة المتباعدة والأصول والالتزام والعائلة والجذور عبر حكاية الفتاة العشرينية مريم التي قرر أهلها انقاذها بأي ثمن بعد تعرض رفاقها، مع انتصار الثورة في العام 1979، الى الإعتقال أو الإعدام. "يتم تهريبها عبر الحدود الجبلية بين إيران وتركيا، ملفوفةً بجلد غنم، متخفيةً بين قطيع. تغادر إيران، ولن تعود أبداً. بمساعدة أصدقائها، ثبّتت مريم كاميرات مراقبة في منزل والديها. وهكذا، من منزلها الجديد في الولايات المتحدة، تستطيع رؤية أصولها على الشاشة. حلّ محفوف بالمخاطر. فكلما انقطع الإنترنت في إيران، لم تعد الصور متاحة، ليتداخل الماضي بالحاضر ويتشوّشان".

تجري الأحداث الغرائبية في شريط "ذاكرة الأميرة مومبي" (79 د) للكيني داميان هاوزر في بلد يُدعى أوماتا، وهي دولة أفريقية مستقبلية، وموضوعها قصة حب ثلاثية بين مخرج سينمائي وممثلة طموحة وأمير. تضع المخرجة الشابة الروسية الأصل الألمانية الإقامة ناستيا كوركيا في شريطها "صيف قصير" (101 د) بطلتها كاتيا، البالغة من العمر ثماني سنوات، في بلوى عائلية و"هي تقضي عطلتها مع جدّيها حين تندلع حرب الشيشان وينهار زواجهما. في خضمّ هذه الاضطرابات، تواجه كاتيا واقع الحياة ببراءة طفولية، وتواجه قضايا معقدة تحيط بها". مثلها تكافح سبع نساء من أجيال مختلفة، في المكسيك أواخر ثمانينات القرن الماضي، لإنقاذ منزلهن في الشريط الروائي الأول للمكسيكية مايرا هيرموسيلو "فانيلا" (96 د).

سينماتك في ـ  01 سبتمبر 2025

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004