السينما فن
الحياة..
جولة في
كتاب”السينما والواقع″
للناقد
السينمائي اليمني حميد عقبي
مصطفى لغتيري
إنها بحق رحلة ممتعة، تلك التي يمكن أن يظفر بها
القارئ وهو يجول في صفحات هذا الكتاب الصادر حديثا عن
“دار كتابات جديدة للنشر الالكتروني”، والذي يقارب فيه
الناقد السينمائي حميد عقبي عددا من الأفلام
السينمائية المهمة، محاولا اختزال مضامينها وتعريفنا
ببعض التقنيات الإبداعية، التي اجترحها مخرجوها من أجل
تقديمها متألقة شكلا ومضمونا للمتفرج.
يمكن تحميل وتصفح الكتاب عبر مكتبة سينماتك في موقع
سينماتك للناقد البحريني حسن حداد أو عبر هذا الرابط
http://www.mediafire.com/download/3j8qxw2muettglh
ومن بين هذه الأفلام ”الذئب الأخير“ للفرنسي جان جاك
أورنو، الذي اعتبره الكاتب ”رحلة شعرية في منغوليا
الأرض والإنسان، هذا البلد الذي عانى دوما من سوء فهم
كبير فيبدو الفيلم وكأنه جاء لتصحيح الصورة النمطية
السائدة عنه،محاول –حسب الكاتب– خلق قصيدة شعرية
سينمائية، تتعمق في روح الأرض والإنسان المنغوليين..
أما الفيلم الثاني الذي نجد أنفسنا منخرطين في أجوائه
الجميلة فهو فيلم “صديقة جديدة” لصاحبه السينمائي
الفرنسي الشهير فرانسوا أوزون،الذي يبدو متخصصا في
كشف عالم النساء السري، كما فعل في أفلامه السابقة
ومنها “ثماني نساء” وفيلمه شابة وجميلة”، وقد ظل
المخرج وفيا لتوجهه في هذا الفيلم، الذي اعتبره الكاتب
في تقييمه له” انتصارا للرغبة واللذة بعيدا عن الإرشاد
الأخلاقي”.
وفي مقاربته لفيلم” الدب بادينغتون”للمخرج بول كينغ،
فقد اعتبره قصة نجاح اجتماعية، فبفضل هذا الدب المدلل
الصغير أصبح أفراد العائلة مقربين من بعض بشكل
كبير.وقد تكون الرسالة اللامعة،التي يسعى الفيلم
للترويج لها حسب الناقد السينمائي حميد عقبي هي القدرة
على الاندماج في وسط حضاري غريب دون التفريط في
خصوصيتنا الثقافية.
أما فيلم “حياة برية” للمخرج سيدريك خان وهو الفيلم
الرابع الذي يقدمه الكاتب في كتابه، فهو فيلم يجعلنا
حسب الكاتب نحس بالعاطفة والحنين لتصوير الطبيعة
وجعلها مسرحا لأحداث فيلم. والمقصود الطبيعة الفرنسية،
التي قد ينسينا انغماسنا في أجواء المدينة الالتفات
إليها، ويشتغل الفيلم على قضايا عدة أهمها تربية
الأولاد ومعضلة التفكك الأسري، ولا يفوت الكاتب أن
يشير إلى أن قصة الفيلم مستوحاة من قصة حقيقية.
ويستمر الكاتب في تقديم عدد من الأفلام، التي تستحق
المشاهدة، ليتوقف عند نمط من مختلف من الأفلام ويتعلق
الأمر بفيلم “سامبا”، الذي يطرح مشكل المهاجرين
الأفارقة ومعاناتهم الكبيرة من أجل الاندماج في الحلم
الفرنسي من خلال شخصية “سامبا” الذي لا يتوفر على
أوراق إقامة رسمية فتقبض عليه الشرطة وتودعه في معسكر
لترحيل المهاجرين وهناك يتعرف على “أليس ” وتتطور
العلاقة بينهما وتتطور بالمقابل أحداث الفيلم واضحة
الحلم الفرنسي في قفص الاتهام.
ولا يبتعد الفيلم الموالي الذي يقدمه حميد عقبي في
كتابه الشيق عن أجواء المهاجرين، فهو ليس سوى
فيلم”فرقة البنات”للمخرجة الفرنسية سيلين سيكياما،
والذي يقول عنه الكاتب بأنه فيلم مزخرف بالبشرة
السوداء لقراءة أوضاع الفئات المهمشة في ضواحي باريس.
ورغم التأثير الأمريكي على الفيلم فإن المخرجة كانت
منشغلة بتقديم رؤية ذاتية شخصية لواقع خاص. من خلال
شخصية مريم التي تعيش في الضواحي وتتميز شخصيتها
بالتمرد.
فيلم “ما الذي فعلته لربي” للمخرج الفرنسي فيليب
دوشفرون، الذي حظي باحتضان جماهيري كبير في عدد من
الدول كبلجيكا وسويسرا فضلا عن فرنسا، إذ أنه وصل إلى
أكثر من 21 مليون متفرج، وقد وجد لنفسه طريقا سالكا
نحو الكتاب، ويحكي عن أسرة برجوازية كاثوليكية
محافظة تتزوج بناتها بأشخاص من جنسيات وديانات
مختلفة، إذ تتزوج الأولى عربيا والثانية يهوديا
والثالثة صينيا، ويبقى أمل الأسرة أن تحظى الرابعة
بزوج مسيحي كتعويض عن “الخسارة”لكن الفتاة تختار غير
ذلك إذ يقع اختيارها على رجل إفريقي من ساحل العاج،
تحتار في كيفية تقديمه للأسرة، ولكم أن تتخيلوا
البقية.
ومن بين الأفلام التي أثارت انتباه الكاتب وخصها
بقراءة نقدية في كتابه فيلم”البحث”وهو للمخرج الفرنسي
ميشيل هازنقيسيوس، الذي يغوص بنا في حرب الشيشان من
خلال قصة إنسانية مؤثرة بطلها طفل عمره تسع سنوات،
تقصف قريته بوابل من القنابل، فيهرب من القرية رفقة
رضيع هو ابن أخته الكبرى بعد أن يختطف الموت أمه
وأبيه.
يصور الفيلم الفاتورة الإنسانية الكبيرة للحرب، التي
يدفع ثمنهاءكالعادةء الأبرياء، الذي يجدون أنفسهم في
قلب المعمعة رغم ضعف الحيلة وانعدام القدرة على تقرير
المصير، فيصبحون رغما عنهم وقودا لها.
وهكذا يستمر الناقد السينمائي حميد عقبي في مقاربة
الأفلام التي نالت إعجابه في 245 صفحة، محاولا أن
يشركنا في المتعة والفائدة التي حصل عليها عبر هذه
الأفلام، وكأنه يقول بصوت خافت بأن السينما هي فن
الحياة فأقبلوا عليها ولا تهملوها أبدا، فإهمالها هو
الموت سواء. |