شارك في المسابقة "جدران" فيلم إماراتي مسكون بالهم الفلسطيني أبوظبي - فاطمة النزوري |
“ في هذا الصباح الذي اسمعه يناديني اكتب اليك أمي رسالة وحيدة، لم اكتب لاحد من قبلك ولن اكتب لاحد من بعدك. لا تسألي اين أنا؟ وأين سأكون؟ فقد اخترت طريقا اختاره الكثيرون من قبلي فلا تحزني لأن طريقك وطريق الوطن واحد وحبكم في قلبي واحد. فكما تعرفين لم يدع لطفولتي اقلاما لاكتب بها ولالعبا لاتسلى بها. أصبحت لعبي بنادق وقنابل ودبابات تخرج من صدري النيران، انت لا ترين ما آراه. امي ماذا اقول؟ وكيف ابدأ لا اعرف ولكن اريدك ان تسمعيني أمي”. بهذه الرسالة بدأت احداث فيلم “جدران” الذي عرض مساء امس الأول ضمن مسابقة افلام من الامارات، اذ كتب الممثل والمخرج سعيد سالمين “نزار” هذه الكلمات لوالدته وهو احد المقاومين الفلسطينيين يعيش في ظلم وضغوط منذ طفولته. فيلم “جدران” فكرة واخراج سعيد سالمين وحوار مريم محيي الدين ملا وسيناريو سعيد سالمين وطلال محمود وتمثيل سعيد سالمين وسعيد عوض وحسن الكثيري واحمد زين ومحمد غباش وسمير النابلسي وعادل الراي وحازم فايز ومحمد حسين وحنان شاكر تصوير حمد سيف الريامي مونتاج جمال صديقي وارشد حسن وانتاج مجموعة الرؤية السينمائية ومدة الفيلم 40 دقيقة. ويقول سعيد سالمين عن “جدران” لم تكن هذه تجربتي الاولى من حيث الاخراج فمنذ نعومة اظفاري وأنا احمل الكاميرا بين احياء الفريج لاخرج افلاما روائية طويلة مثل “الجريح” و”الخيانة” وغيرهما. ولكن التجربة جديدة بالنسبة لي في تناول قضية مهمة تحدث عنها الكثير من المؤلفين والمخرجين ولكنهم لم يضعوا ايديهم على أهم ما فيها ألا وهي معاناة الاسرى داخل السجون “الاسرائيلية” وما يتعرضون له من تعذيب. وهنا حرصت على تقديم رؤية جديدة في الاخراج والطرح. وبدأت بعد بلورة الفكرة في البحث عن مكان للتصوير يتناسب مع موضوع الفيلم ولمدة اربعة شهور وأنا اخطط لاعداد سجون في المناطق النائية ولكنني وجدت التكلفة عالية للغاية وليس لدي دعم مادي، ويضيف: اقترح عليّ طلال محمود كاتب السيناريو تفقد المنطقة الخلفية لادارة التراث في الشارقة وبالفعل وجدت المكان مناسبا وكما تخيلته بالضبط فأسرعت مع الشباب الممثلين وفريق العمل لاعداد القضبان الحديدية ولمدة ثلاثة شهور متقطعة في الصيف صورنا المشاهد فخرج الفيلم بأسلوب يقنع الجمهور بما يحدث في الواقع. وعن تجربته مع مسابقة افلام من الامارات يقول سعيد سالمين: شاركت في الدورة الثانية من المسابقة كممثل ومساعد مخرج وانتاج في فيلم “العودة الى قرية” تأليف واخراج احمد زين، وفي الدورة الثالثة بفيلم “بقايا تراث” وهو عمل فانتازيا يدور حول مجموعة من الشخصيات التي يتملكها الطمع ويحاول كل شخص خداع الآخر ولكنهم جميعا لا يتوصلون لشيء. وفي الدورة الاخيرة شارك بفيلم “مسافر” الذي شاركت فيه بكتابة السيناريو والتصوير والاخراج ويمثل في الفيلم سعيد عوض المري وحسن الكثيري وسيف علي المري وحمدان خارج المري والمونتاج جمعة السهلي والانتاج مجموعة “الرؤية السينمائية”. وتدور فكرة الفيلم القصير ومدته 9 دقائق حول مقولة “كما تدين تدان”. ونحن كشباب سينمائيين نتمنى ان يطلع المسؤولون على قدراتنا وامكاناتنا في صناعة السينما ليعرفوا ان كنا نستحق الدعم أم لا. ويوضح سعيد سالمين ان للمسابقة جوانب ايجابية عديدة، فيقول: نجتمع سنويا لعرض اعمالنا وهذا ما يحفزنا ان نعد عملا للعام التالي وفي الوقت ذاته هناك فرصة لتبادل الافكار والآراء والخبراء لأن المسابقة تضم نخبة كبيرة من مختلف الامارات وخارج الدولة ومستواها قوي وجيد وهي خطوة لم تتخذها الا دول عربية معدودة. والشباب السينمائيون يتواصلون مع بعضهم البعض عبر الانترنت وهناك مواقع محددة ومنها “كواكب الامارات” و”البارزة”. وحول اهمية دراسة الاخراج يقول سعيد: الموهبة تتصدر شروط النجاح في هذا العمل والدليل ان هناك مخرجين عالميين لم يدرسوا ولكنهم صقلوا موهبتهم بالقراءة والاطلاع والتي هي الاساس الاول في انتاج الافكار. وهذا لا يعني انني لا افكر في الدراسة بل اخطط للالتحاق بمعهد السينما في مصر. واحب ان يكون لي لون وخط واضح في الاخراج وترتكز معظم اعمالي على عنصر “الغموض” والذي يعجب الجمهور كثيرا بعد ان ضاق بالأسلوب التقليدي. ويعجبني كثيرا من المخرجين “يوسف شاهين” لأنه يقدم سينما صحيحة ويعلم جيدا ماذا يريد. وعن طموحاته وخططه المستقبلية يقول: سأحافظ على قالب استنباط الافكار من الواقع واحب ان اقدم افلاما يستمتع بها الجمهور فلا تكون مملة أو روتينية. واتمنى ان يعرض فيلم “جدران” في مهرجان دبي السينمائي لأنه يتناول قضية عربية آنية. وأنا على يقين انه في خلال اعوام قليلة ستخرج افلام السينما الاماراتية لتشارك في مهرجانات دولية وعالمية مثل مهرجان “كان” لاننا نمتلك مخرجين متمكنين ولديهم طاقات ابداعية ومواهب متفردة. الفيلم الأول وتقول الروائية مريم محيي الدين ملا كاتبة حوار فيلم “جدران”: هذا هو فيلمي الأول وهو يصور معاناة الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال “الاسرائيلي”. وعندما طرحت علي فكرة المخرج سعيد سالمين المري رحبت بها كثيرا وابديت استعدادا لتولي كتابة الحوار لأن الفكرة خرجت من شاب اماراتي وهذا يعني ان افلام الامارات قطعت مراحل مهمة لتستعرض هموما وطنية عربية مصيرية كقضية فلسطين والتي كتبت عنها في روايتي “شجرة التين”. وتضيف: يلقي سعيد سالمين الضوء على موضوع في غاية الدقة وهو ما يحدث في ظلام السجون للاسرى وصور ما يتعرضون له من تعذيب وظلم وانطلاقا من ايمانه بالقضية ابدع في تجسيد وتصوير المشاهد فمنذ بداية الفيلم عكف على تقديم كل مشهد بشكل متكامل منفرد استعان بكل ما أوتي من موهبة. وجهد ليخرج فيلما متميزا في الفكرة والاخراج. ادهشني اداء الممثلين والتصوير والموسيقا التصويرية التي وظفت لبناء موضوع حيوي يمس قلب كل غربي ومسلم وهذا ما يحفزني لتنفيذ اعمال مستقبلية مع المخرج سعيد سالمين. ويعكس اداء الممثلين الاماراتيين اولا موهبتهم التي وجدت في المسابقة سبيلا لابرازها ثانيا ايمانهم برسالة الفن ودوره في تناول قضايا آنية تعكس الواقع. آن الأوان لخروج ابداعات هؤلاء الشباب وانشاء معهد متخصص لصقلها وتطورها. وتشير مريم الى ان الامارات تعيش في اجواء مفعمة بحرية الافكار بعيدا عن القيود التي قد تفرضها بعض الدول الاخرى وتعتبر ان ذلك مهم جدا ليستطيع الموهوبون الاماراتيون ان يبدعوا اكثر. بعد ان تخطوا العقبات المالية التي تواجههم فاعتمدوا على انفسهم في كل شيء من الأف الى الياء. وتقترح مريم ان تعرض افلام هؤلاء الشباب في دور السينما في الامارات على مدار العام لتظل حية ولا تبقى حبيسة الادراج وتنتهي بانتهاء المسابقة لابراز الطاقات والابداعات التي ستخلق سينما في الامارات يتوق اليها الجميع وستكون جادة ومتميزة. الخليج الإماراتية في 8 مارس 2005 |
مسعود أمر الله: هذا صوتنا فاسمعوه اليوم تخريب وغداً سينما أبو ظبي - فجر يعقوب يوزع المخرج الاماراتي مسعود أمر الله وقته بين مشاريعه السينمائية المؤجلة التي ينأى بها بعيداً من حديثنا كونه يعاني من مشكلات التمويل والانتاج مثله مثل بقية المخرجين الذين يعانون في هذا المضمار، ولكنه لا يبخل بالحديث عن مسابقة الافلام من الامارات التي يتولى الاشراف عليها في المجمع الثقافي في ابو ظبي. وهو يريد لهذه المسابقة ان تكون مشواراً جماعياً لا فردياً، وربما بسبب ذلك يرفض الحديث عن مشاريعه مفضلاً الحديث عن تجارب الآخرين... أقله حتى الآن: · ماذا بعد الدورة الرابعة من مسابقة أفلام من الامارات.. اليست هناك خشية من الوصول الى طريق مسدودة؟ - كل الاحتمالات واردة، ولكنني ارجح عدم توقف هذه العجلة بوجود المسابقة او بعدمها. والمسألة ليست مطروحة بهذه القوة، ولكن ورطة السينما هي مثل مرض مزمن، اذ من الصعب ان تنسلخ عن جلدك فجأة، وفي هذا المعنى فإن استمرارية المسابقة أو عدم استمراريتها لا يعني الكثير، ففي حال وجود اربعة او خمسة مهمومين يبدو لي كافياً. · أنت نفسك بدأت مخرجاً مع هذه المسابقة ولكنك لا تحقق أفلاماً الآن... ما تفسير ذلك؟ - هناك أسباب كثيرة، منها مشكلة التمويل التي لم تعد خافية على أحد، فبعد فيلم «الرمرام» بدأت اعاني مثل كل المخرجين لجهة تمويل الافلام أو انتاجها. ومن ثم بدأت أجد نفسي في دائرة اللاعمل، ففضلت أن يعمل غيري ويحاول هو طالما ان هناك فرصة قد سنحت عبر المجمع الثقافي. وفي الوقت نفسه اشتغل على السيناريو ولم انته منه بعد، إضافة الى أن المسابقة موجودة والحركة موجودة، ناهيك بتضحيات السنوات الثلاث الاولى والقسوة على الذات كي تستمر المسابقة. · شروط الاشتراك في هذه المسابقة محصورة بوجود طرف اماراتي... يعني الا يمكن التخلي عن هذا الشرط لفسح المجال أمام أطراف غير إماراتية للمشاركة ؟ - ظلت الشروط على حالها منذ الدورة الاولى وحتى اليوم. ومن الممكن أنه جرى بعض التساهل في الشروط الاخرى، ما عدا هذا الشرط الذي لا زلت مقتنعاً به تماماً، وهو أن هذه الحركة الوليدة هي حركة متجانسة ومتناغمة، وفي دولة لا تمتلك مقومات الصناعة السينمائية سيكون التنافس شرعياً، في حين لو فتحنا الابواب أمام تجارب أكثر عمقاً وأكثر ايغالاً في التجربة السينمائية، فالذي سيحدث هو واحد من اثنين: الاطراف ستحصد الجوائز وسيحبط الاماراتيون ولذلك من الظلم أن يتنافسوا في هذه التجربة والتي هي من عمر واحد مع تجارب أعرق، فهم سيكونون وحدهم الخاسرين وهم في الوقت نفسه يحتـكون بالتجارب الاخرى من طريق مشاهدة البرامج المستضافة وهو احتكاك غير منافس. احتكاك مجاور وذو تأثير لأنه لن ينظر الى التجربة الاخرى اذا كانت منافسة في العين المرتاحة نفسها. وفي الوقت نفسه لكي تؤسس لحركة سينمائية في الامارات يجب ان تعطيها حقها ايضاً. وانا اعتقد بأنه لو فتح المجال منذ الدورة الاولى امام التجارب العربية والعالمية الاخرى لما وجدت هذه الحركة الاماراتية. حصون تلفزيونية · هل يمكن لفورة ان تكتسب شرعية ما؟ - ممكن جداً، والا فإن الانتفاضة الفلسطينية لن تكسب شرعيتها، كما ان اشياء كثيرة لن تكسب شرعيتها. · معروف عن دولة الامارات انها حصون تلفزيونية... كيف يمكن تجاوز هذه الاسوار واكمال ما بدأتم به ؟ - نحن بدأنا باسم مسابقة وليس مهرجاناً. نحن نبحث عن شرعية ونوافذ وبقع ضوء كي نحاسب أنفسنا ونعريها ونجد الرئة التي نتنفس من خلالها ونشاهد أنفسنا على الشاشات ويشاهدنا الآخرون بالصيغة التي نراها مناسبة، وليس بالصيغة التلفزيونية او السينمائية الخالصة بمعناها الحرفي. في النهاية أرى ان هذه منافذ يمكن للآخرين ان يروها أفلاماً سينمائية، ولكنني أراها بطريقة مغايرة، فأنا من حقي ان أتكلم وأعبر عن نفسي بالطريقة التي أراها مناسبة. هذا حقي الشرعي وما نفعله في النهاية هو تعبير خالص عما يجول فينا. وإذا جاء شخص وقوم التجربة بصفتها حركة سينمائية فهذا شأنه. نحن لا ندعي اننا نقوم بمهرجان، نحن نقول فقط هذا صوتنا فاسمعوه... نشاز، جميل، هارموني، خافت... يظل في النهاية صوتاً. · هل تعتقد بأن المسابقة حققت الاهداف التي ترمي اليها؟ - هذه أمنية، فيا ليت يحقق هذا المشروع أهدافه. ولكن الاهداف تتحقق ليس فقط بهذا الانشغال، بل في شرعية الوجود وهذا أهم شيء. في النهاية أنت تقول ما تريد قوله من طريق الوسيط البصري، وشرعيته تفرض ألا نحمل كإماراتيين على محمل الدعاية اننا أناس بتروليون ولا نملك الحق في ان نكون شعراء او رسامين او حتى بشراً. الاهداف التي تكمل حركة وجودنا قد وجدت ومن الجميل الآن ان تبرز ثلاثة أو أربعة أسماء... وجميل أن نكتسب سمعة في المهرجانات، وبدأنا نحصل على شهادات تقدير. ويظل الهدف ان ينظر الينا الآخرون ويعرفوا صورتنا وصورة مجتمعاتنا من دون تأطيرنا في الصورة التي سبق وتشكلت لديهم. · ما مدى شرعية وتشويه الصورة التي تدعو اليها... فما تفعله السينما فينا غير ما يفعله الواقع... فهي فن التعبير عنه ولكنها ليست الواقع؟! - بالنسبة إلي السينما هي الواقع، والحياة التي نحن فيها هي سينما. ولأننا نعيش السينما الآن فإن المفهوم بالنسبة الي هو ان نخرب في السينما وان نعبث فيها، اليوم سيكون ذلك مجرد تخريب وغداً سيكون جميلاً. في النهاية أرى ان صورتنا في السينما هي واقعنا، ونحن نعيش في خيالها وفنتازيتها.. وحياتنا هي السينما. · على ماذا تراهن؟ - اراهن على الفوضى!! · هل هي الفوضى البصرية المنظمة التي تحدثها الثورة الرقمية الآن؟ - هناك فوضى اقتصادية ومعيشية وانسانية وفوضى اخلاق. في حين في السينما يكون الكـادر أنـيـقاً والاضــاءة محـسـوبـة بالواط وهذا واقع جميل فعلى رغم مرارة القصص والحكايات والمشاعر الانسانية، السينما تظل أنيقة وتحمل الكثير من الكرامة. الحياة اللبنانية في 11 مارس 2005
|