شعار الموقع (Our Logo)

 

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

اندريه تاركوفسكي: «المرآة» يعمق تساؤلات عن الحياة والموت

سكورسيزي: صورة الذات عبر مجنون السينما والجراثيم والطيران

امير كوستوريكا طفل السينما العالمية المشاغب

باب الشمس اختارته الـ التايم من أفضل‏10‏ أفلام علي مستوي العالم

جيهان نجيم فيلمها القادم عن جون كيري

بيدرو المودوفار.. كلمة ختام حياتنا لم تكتب بعد

 

 

 

 

 

السينما متعة المشاهدة وأحلام رولان بارت

طاهر عبد مسلم

 

 

 

 

 

I

بين السينما وجمهورها ثمة صلة ما، صلة مازالت موضوع بحث فالمسألة هي خلاصة علاقة عملية التلقي التي تحتمل كثيرا من القراءات ماهي حقيقة التلقي والمشاهدة وكيف هي تحولات الصورة في اثناء تلك المرحلة واقعيا ليست المسألة اكثر من كونها آلية عرض للشرائح المصورة بكل ما توفره الالة من امكانات ثم هناك النسيج الضوئي والصوتي والحركي الذي من خلاله نحاول ان نجد انفسنا علي اساس اننا مشاهدون. نحن ازاء شبكة من (القوي) التي تصنع آلية المشاهدة والتلقي قوة الشكل الفيزيائي: السمعي - الحركي ثم قوة الضوء واللون وقوة الاثر السمعي .. لكن هذه العملية المركبة ليست تعني شيئا امام هذا القرص المدمج الذي اصبح مثل علب الطعام الخاوية التي لم يبق منها شيء سوي المخلفات ولهذا ترمي الاقراص المدمجة في سلات المهملات تباعا ومع نفيها هذا ستنفي المنظومة البصرية السمعية الحركية التي تنطوي عليها.

لم يكن كل هذا يعني شيئا امام هذه الغزارة البصرية التي تتدفق بها الالة الممثلة للسينما.. الغزارة التي تقدمها الجداريات السينمائية الضخمة في مراكز التسوق والتجارة والمطارات والاماكن السياحية.

في المطار خاصة ووسط حركة الناس وراء مواعيد الرحلات تولد سينما اخري، سينما الناس العابرين الذين يلتقطون لقطة او مشهداً تندمج مع حركة الطائرات .. وكل شيء في حركة في المكان.دهشة التلقي والمشاهدة صورت عنوانا لسينما اخري مختلفة انها ما تسمي بـ(السينما المنزلية) سينما غرفة المعيشة غرف النوم وغرف الضيوف هي سينما اخري وفرتها قنوات الافلام التي تدمج حرفية الفيلم مع فرضيات اخري موازية واحوال مشاهدة مختلفة. العتمة مفقودة هنا وكذلك مساحة العرض المرئي هنا سأتوقف عند رولان بارت فقد قرأ بارت السينما التي يسميها بـ(التجربة النقيضة) لا ادري لم يدعوها كذلك لكن سيفصل المسألة علي اساس ان الظلام في التلفزيون معدوم والفضاء مألوف ومحدد (بالاثاث والاشياء المعروفة) كل شيء مدجن يخلص بارت في قراءته الي حصيلة متفردة يقول:

لقد حكم علينا التلفزيون بالعائلة التي اصبحت اداته المنزلية مثلما كانت المدفأة.

II

يراجع (مايكل كيلي) في قراءة موازية فرضيات رولان بارت تحت عنوان (جورج بوليه، دي اي ميللر ، بارت وانا) الفيلم المنزلي هو عنوان لسينما اخري وتطبيق لآلية تلقي بعيدة عن سمعية بارت بـ(التنويم المغناطيسي) الذي تمثله المشاهدة في القاعة المعتمة او ما يسميه بارت بـ(المكعب المعتم). الموضوع الذي تطرحه المشاهده والتلقي ليست الا ادماجا لثقافة الفيلم، بناء للمعني وكثافة في الاشارات والرموز بثقافة كلية هي هذا النسيج الذي يتعامل معه الفرد.

رولان بارت مرة اخري يراقب المشاهد الذي خرج تواً من السينما يقول:

(ينبغي للشخص الذي يتحدث هنا ان يعترف بشيء وهو انه يجب الخروج من قاعة سينما فيجد نفسه من جديد في الشارع المضاء والخالي يمشي صامتا لايحب بتاتا ان يتحدث مباشرة عن الفيلم الذي شاهده منذ حين يسير مخدرا لقد تحول جسده الي شيء ناعم وهادئ لين مثل قط نائم باختصار انه يخرج من تنويم مغناطيسي).

ثم يمضي رولان بارت في فرضية الذهاب الي السينما باستثناء حالة البحث عن شيء ثقافي محدد وهي حالة تتزايد في استمرار باستثناء هذه المسألة نذهب للسينما انطلاقا من بطالة واستعداد وعطاله.

يضيف : اننا لانحلم امام الفيلم وبواسطة الفيلم نحلم دون ان نعرف حتي قبل ان نصبح مشاهدين.

التلقي: الحلم هو قراءة اخري للفيلم كانوا يعلموننا اشياء تتعلق بالتماهي التام، الاندماج مع الشخصيات ..

III

متعة المشاهدة المرتبطة بالتنويم المغناطيسي عادت لي برهة يوم كان الراحل (جعفر علي) يقودنا نحن تلامذته الي (قاعة علي) وهي قاعة منزوية ورطبة يديرها موظف اسمه علي ولم نكن نجد وقتا للعرض الا وسط النعاس منتصف الظهرة .. سأمضي يوما في استرجاع اجواء العرض والخربشات علي الشاشة والقوقعة المعتمة التي نلوذ بها سأمضي في مشاهدة رائعتين : هما (غويا) ليندروتشوك و (الكسندر نيفسكي) لايزنشتاين ثم جاءت متعة فيلم(المدرعة بوتومكن).

متعة المشاهدة ليست فرضية سايكولوجية من رولان بارت كما قرأنا بارت في مقتطفات تشبه الالغاز انها الان ترتبط بالحس والجمال والاشراق ونسق الثقافات وتقاليد الشعوب وثقافاتهم وسحناتهم وسلوكهم كل هذا وسط نوع من الحلم والتنويم الواعي وليس سينما العائلة التي اختلط فيها الاعلان بصوت مذيع كأنه يعلن البيان الاول للحرب ليخرجنا من احلام رولان بارت وتنويمه المغناطيسي.

موقع "ألف ياء" في 22 فبراير 2005