جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

رسائل داود عبدالسيد

( 3 )

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

يحيي في (رسائل البحر)، إنسان رومانسي يمتلك شفافية حادة وبراءة أخاذة في تعامله مع الآخرين.. الآخرين الذين دخلوا حياته بشكل تلقائي بعيد عن الترتيب.. فبالإضافة إلى جارته الإيطالية فرانشيسكا (المخرجة التسجيلية نبيهة لطفي) وابنتها كارلا (سامية أسعد).. كان هناك قابيل (محمد لطفي) الذي اعتنى به عندما فقد وعيه من جراء نوبة سكر شديد.. وقابيل هذا، الذي يعمل بودي جارد رغماً عنه، لأن ملامح وجهه وعضلات جسمه حبسته في هذه المهنة، ليبدو كالوحش شكلاً، إنما في داخله إنسان حساس، أبى أن يواصل ثورة الوحش في داخله، بعد أن قتل شخصاً في الماضي، بعد ضرب أودى إلى الموت، فأقسم على ألا يضرب أحداً مرة أخرى..  نراه أيضاً يرفض إجراء عملية ضرورية في المخ، ستنقذه ولكنها أيضاً ستحرمه من ذاكرته، لذا يصر على أن يلقن كل ذكرياته لحبيبته بيسه (مي كساب)، لتذكره إياها بعد العملية. كذلك شخصية نورا (بسمة) التي كانت مثل النسمة التي تعلم منها حب الموسيقى دون علمه بشخصيتها الحقيقية.. وجميعها شخصيات تقاطعت بشكل نفسي مع شخصية يحيي.. شخصيات أثرت وتأثرت بهذا الجو المليء بالحزن والشجن الذي يعشه هذا الشاب المثالي.. شخصيات يجمعها الحب، أو أن الحب يصبح الملجأ الأخير الآمن لكل منها.

في فيلم (رسائل البحر)، نحن أمام شخصية يحيي، ذلك الطفل الكبير العاشق للموسيقى، بمعناها الروحي والحسي، تلك الموسيقى التي تسحره، بل ويشعر بالزهو والأمان وهو يسمعها.. فنراه يسعى إليها كل ليلة، حتى وإن كانت الأجواء الطبيعية غير ملائمة.. مثلها في ذلك مثل الحب الذي يلجأ إليه لينقذه من وحدته وتوهانه.. ذلك الحب الذي وجده أولاً في ذكريات الطفولة والصبا مع ابنة جارته كارلا.. وثانياً مع نورا، المرأة المتزوجة التي تشعر في قرارة نفسها بأنها مومس، وليست زوجة ثانية.. وتستمر في تعذيب نفسها، عندما تطلب الطلاق ولكنها لا تصر عليه، بل تختار أن تواصل علاقتها مع يحيي الذي تحبه..

أما البحر في (رسائل البحر).. فهو شخصية فاعلة درامياً، وليس فقط مكاناً تشغله الشخصيات وتعيش فيه.. فالبحر هنا شخصية أساسية حملها عبدالسيد مناحي درامية مؤثرة في الحدث والشخصيات.. في البداية كان ملجأ يحيي عندما رفضه الآخرين، يجلس أمامه يصطاد ويتأمل كل أسراره.. وهو أيضاً منبع الرزق لديه عندما يبيع أسماكه لكي يعيش.. حتى أنه يناجيه عند ثورته ويعلن عصيانه عليه عندما تتلاطم أمواجه على الصخور مصحوباً بالأمطار الغزيرة.. كما أنه (البحر) يصبح ملجأ يحيي الأخير مع حبيبته في النهاية عندما يرفضه المجتمع بعد طرده من شقته..!! 

هكذا تكون النهاية.. نهاية مفتوحة على الأفق الرحب، في مشهد نوراني، يقيض بالكثير من المعاني.. عندما يجمع البحر يحيي وحبيبته في قارب أبيض وسط البحر والسمك الميت يحيط بهما من كل جانب.. فبالرغم من الحالة الرومانسية التي تحميهما من كل الشرور، إلا أن هذا الشر والقبح والديناميت موجود ويحيط بهما، لمحاولة قتل كل هذا الجمال والحب..!!

 

هنا البحرين في

03.11.2010

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)