جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

الفيلم البحريني أربع بنات

( 2 )

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

في السينما، لا يصلح الحديث النبوي (إنما الأعمال بالنيات).. هذا حقاً ما راودني بعد مشاهدتي للفيلم البحريني (أربع بنات). فالدراما التي قدمها الفيلم، أخذتنا بعيداً عن السينما كمشروع فني، أو حتى سينمائي تجاري.. فقد شحنتنا أحداث الفيلم بقصص وقضايا كثيرة، زعم صناع الفيلم بأنهم يدافعون عنها، ويحملون مشعل النور ضد التخلف الاجتماعي والتطرف الديني. وهي قضايا طرحت بشكل درامي مباشر، يبتعد كثيراً عن التعبير الفني. ووضعنا الفيلم أمام أحداث حملها الكثير من الميلودراما التلفزيونية التقليدية. وشحنها بقصص زائدة لن تؤثر على مضمون الفيلم إن حذفت.

إن فيلم (أربع بنات)، يثير قضية فنية هامة، بعيداً عن موضوعه المطروح، وهي قضية (السينما الفنية)، ومدى الفائدة من التمسك بالسينما التجارية التي يحاول البعض مجاراتها، وتقديم فن سهل واستهلاكي، بعيداً عن السينما كفن.

السينما.. كما هو معروف، هو الفن الأكثر انتشاراً.. بمعنى هو فن شعبي.. يتعامل معه غالبية الشعب، الفقير والغني، الصغير والكبير.. ولكن هذا لا يعني أن يكون التوجه الأساسي هو التعاطي مع السينما كفن استهلاكي، خال من الإبداع الجمالي.. مقدماً ما يطلبه المتفرج من تسلية وترفيه فقط.. لابد أن يتعامل المشتغلون بالصورة عندنا، مع السينما بشكلها الأشمل، فالسينما صناعة وتجارة وفن.. ثلاث مرتكزات يقوم عليها هذا الفن الساحر..!!

والسينما الفنية، من وجهة نظر شخصية.. ربما لا تشكل مصطلحاً بالمعني التقني للكلمة، ولكنه بالطبع مشتقاً من المفهوم الدلالي للكلمة.. أي أنها السينما التي تسعى لتقديم الفن والصورة المعبرة عن مشاعر وأفكار وحالات معينة.. متحاشية الخوض في التفسير والتكرار للمعنى من غير سبب. وهي بالتالي ستختلف عما تسعى إليه غالبية الأفلام التقليدية.

ربما يختلف معي الكثيرون، عندما أقول بأن الاشتغال على الصورة المتحركة في البحرين، لابد أن يتجه لتقديم السينما الفنية.. أي بمعنى عليه أن يبتعد عن السينما الاستهلاكية التي تسعى وراء الربح ودغدغة غرائز الجمهور العريض وتلبية رغباته غير المشروعة.. فالأفلام الأمريكية والهندية والعربية التي تقوم بهذا الأمر كثيرة، بل وتسيطر على مجمل العروض السينمائية في البحرين.. ومن المنطقي أن نجزم بأن صانع الصورة البحريني لن ينجح في مجاراة تلك السينما السائدة.. لذا لابد له من تقديم شيء آخر مختلف، وهو السينما الفنية، التي تعتمد على نواحي إبداعية خلاقة.. تسعى لرفع مستوى التلقي لدى المتفرج والاستحواذ على اهتمامه.

وبالرغم من التغطيات الصحفية لعروض فيلم (أربع بنات) في البحرين، والتي تحدثت عن ذلك النجاح والإقبال الجماهيري الذي حضي به لدى المتفرج البحريني، إلا أنه لابد من التأكيد على أن الأفلام القليلة التي تنتج في البحرين ودول الخليج الأخرى (أربع بنات، أحدها)، لم ولن تنجح في تغطية مصاريفها الإنتاجية من ثمن بيع التذاكر، وذلك نظراً للكثير من الأمور، أبرزها تلك الكثافة السكانية الضئيلة في المنطقة..!!

هنا يبرز السؤال التالي: لماذا التعويل إذن على السينما الشعبية أو الجماهيرية في هذه الدول، هذا بالرغم من أن إيرادات شباك التذاكر من هذه النوعية من الأفلام لن تحسم القضية لصالحها..؟!

 

هنا البحرين في

20.05.2009

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)