جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

هي فوضى.. آخر شاهين..؟!

( 1 )

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

عادة ما أشاهد أفلام الراحل الكبير يوسف شاهين أكثر من مرة.. وذلك للبحث عن أسئلة وأفكار يطرحها للمناقشة من خلال أفلامه الجريئة.. هذا إضافة إلى الإخفاق في الوصول إلى ما أراد شاهين قوله من أول مشاهدة.. حيث الكثير من الأفكار والمفاهيم المتشابكة.. لذلك أحرص دائما على عدم إبداء أي وجهة نظر في فيلم من أفلامه بعد المشاهدة الأولى..!!

هذا الأمر.. اختلف مع فيلمه الأخير (هي فوضى).. حيث كانت مشاهدتي له أثناء تواجدي في الكويت.. وهناك (بالطبع) كان مقص الرقيب حامياً في حذف مشاهد كثيرة.. بسبب تلك الرقابة غير المسئولة وغير الواعية لمفهوم الفن..!!

ورغم ذلك.. فلم أسعى لمشاهدة الفيلم عند عرضه مؤخراً في صالات البحرين.. لم أجد الحماس الكافي لتكرار المشاهدة.. وذلك لشعوري بأن الفيلم لا يستحق أكثر من مشاهدة.. حيث وصلني كل ما أراد الفيلم قوله.. وصلني وبشكل مباشر وغير مراوغ.. على عكس أسلوب شاهين الذي تعود عليه المتفرج، منذ أول أفلامه.

وهذا ما يدعو للقول بأن عدم مشاركة الراحل شاهين في كتابة السيناريو.. حيث قام بكتابة القصة والسيناريو والحوار بالكامل الكاتب ناصر عبدالرحمن.. ثم سماح شاهين ـ ولأول مرة في تاريخه ـ بمشاركة تلميذه المخرج خالد يوسف له في وضع الرؤية والإخراج للفيلم.. هذان السببان ربما كانا وراء تغيير كبير في الأسلوب الفني السينمائي الذي ظهر به فيلم (هي فوضى).

الفيلم بشكله النهائي يتبنى رؤية مباشرة وصريحة وموجهة للجماهير العريضة.. بينما تتميز سينما شاهين بأنها تتوجه للمتفرج المفكر، أو لنقل المتفرج غير العادي.. وليس المتفرج التقليدي الذي لا يتعب نفسه في التفكير العميق فيما يقوله الفيلم.. فشاهين يجيد تقديم فن يتجاوز الواقع بتقديمه رؤية متمردة وصادمة، يحركه في ذلك إبداع الفنان وليس وعي المثقف فحسب، مما يجعل أفلامه ممتعة وخالدة مع كل مشاهدة جديدة لإعادة دراستها وإعادة اكتشافها.. إلا أن الفيلم الجديد (هي فوضى)، لا يندرج تحت هذا التوصيف المتميز، حيث يطرح قضيته بشكل مباشر وصريح وغير معتاد، وينحاز لهذا الجمهوري العريض، أكثر من انحيازه للسينما الفنية التي كان يسعى لها شاهين في مجمل أفلامه..!!

الاثنان، يوسف شاهين وخالد يوسف.. يشتركان في صفات كثيرة.. أهمها ذلك البعد السجالي الصادم في طريقة الطرح والأسلوب من خلال أفلامهما.. كما أنهما يشتركان بالخوض في عمق الواقع المصري والعربي على المستوى الإنساني، والبحث في الحالة المجتمعية للفرد الخاضع للابتزاز والتسلط من قبل السلطة والمجتمع، ومواجهة ذلك التسلط والتغلب على الكثير من الخيبات التي تعترض طريقه..!!

فيلم (هي فوضى) يتحدث عن الجماهير وتحكم السلطة الديكتاتورية في مصر.. ممثلة ببعض النماذج السيئة.. هذه الديكتاتورية التي تولد الثورة في النهاية.. هذا ما يقوله فيلم (هي فوضى)..!!

 

هنا البحرين في

29.10.2008

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)