جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

عبدالحي أديب وباب الحديد..!!

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

عند الحديث عن عميد كتاب السيناريو الراحل عبدالحي أديب، فهذا يعني أن نتحدث عن السينما المصرية، متجلية في كل محطاتها وتحولاتها وتياراتها السينمائية.. باعتبار أن هذا الكاتب الكبير، قد ساهم في خلق هذه التحولات على مدى نصف قرن من السينما.. وأفلامه تشكل اختزال واضح لكل هذه المحطات السينمائية..!!

ونحن هنا لا يسعنا الحديث عن هذا التاريخ الطويل والمهم لشيخ كتاب السيناريو.. وإنما سنتحدث عن مرحلة واحدة، مرحلة مهمة جداً في تغيير مسيرة حياة هذا الكاتب..!!

عبدالحي أديب، هو صاحب الفيلم الشهير (باب الحديد ـ 1958)، الذي أخرجه يوسف شاهين.. بل أن هذا الفيلم هو أول ما كتبه عبدالحي أديب للسينما، عندما كان طالباً بمعهد التمثيل.. حيث مازال شاباً يافعاً يملئه الحماس لتقديم فن جديد وأسلوب مختلف عما تقدمه السينما آنذاك.. فجاء (باب الحديد)، تجسيداً واضحاً لتجربة حياتية خاصة للكاتب، ونتيجة طبيعية لمشاهداته الحية في سنوات شبابه.. حيث كان أديب يعمل في مصنع للنسيج في سنوات مراهقته، وتعامل مع الناس البسطاء والعمال.. لذا كان من الطبيعي أن يكون فيلمه الأول عن هذا العالم المليء بالصدق والتلقائية.. خصوصاً عندما نعرف بأنه نشأ في منزل يطل مباشرة على محطة للسكة الحديد.. وهذا بالطبع ساعده على صياغة مثل هذه الذكريات أثناء كتابته للفيلم..!!

وهكذا أنهى أديب كتابة (باب الحديد)، كما أنجز بعدها كتابة فيلمه الأخر (امرأة في الطريق).. الاثنان وقعا في يد (ملك الترسو) فريد شوقي، الأول ذهب للمخرج الشاب آنذاك يوسف شاهين، والآخر أعجب زوجة شوقي الممثلة هدى سلطان، فقررت أن تقوم بإنتاجه.

أثناء التحضير لفيلم (باب الحديد)، كان اسم شكري سرحان مرشحاً لدور البطولة، بينما كان أديب قد اختار هند رستم منذ البداية لدور هنومة، وبسبب الأجر العالي الذي طلبه سرحان، وتعلق شاهين بدور قناوي.. أصبح الفيلم بدون نجم شباك.. فما كان من أديب إلا أن اتصل بشوقي عارضاً عليه الدور الثاني.

عند عرض (باب الحديد) في عرضه الجماهيري الأول، خرج جمهور الصالة بعد ثلث ساعة من بداية العرض، شاتماً مطالباً باسترداد ثمن التذكرة، حيث أن جمهور الصالة (الترسو) هو جمهور فريد شوقي، الذي تعود على رؤيته وهو يضرب ويدافع عن المظلوم، وينتصر في النهاية على أعدائه.. وإذا بنفس هذا الجمهور يشاهد نجمه المفضل في دور ثاني، بل ومختلف تماماً عما عهده، فهو في هذا الفيلم لا يضرب ولا ينتصر على أعدائه، هذا إضافة إلى وجوده في فيلم هايف، لا يحتوي لا على قصور ولا على كباريهات ولا يوجد به فتاة فقيرة ولا نهاية سعيدة، ولا حتى حبكة درامية اعتيادية.. فكان طبيعياً أن ينفر هذا الجمهور من الفيلم، بل ويتجه إلى مكتب فريد شوقي يشكوه ويلومه على قبوله لهذا الدور.

وجراء ما حدث بعد عرض (باب الحديد)، كانت ردود الأفعال على أكثر من مستوى.. حيث تراجع شوقي عن إنتاج (امرأة في الطريق، وشهدت علاقة أديب بشاهين اضطرابات، إلى أن انتهت هذه العلاقة إلى الأبد..!!

في مقابل هذا.. جاء الإعجاب النقدي بالفيلم، كتعويض عما حصل، حيث اعتبر (باب الحديد) فيما بعد من أبرز الأفلام التي قدمتها السينما المصرية والعالمية، وحصل على الكثير من الجوائز في عروضه المهرجانية.. إلا أن كل ذلك لم يثني كاتبه عن قراره لبدء مرحلة جديدة، بل ومختلفة، لجأ خلالها على ممارسة دوره الحرفي، على حد قول أديب نفسه في مذكراته.. فبعد أن كان كاتباً في الفيلمين الأولين، فضل أن يتجه نحو ما يريده الجمهور.. سائلاً المنتجين، ماذا تريدون؟ مبدياً استعداده لتحويل أي فكرة إلى سيناريو.. مبتعداً بذلك عن أفكاره الخاصة، التي برهنت على عدم تواصلها مع الجمهور..!!

هكذا بدأ مشوار عبدالحي أديب، وهكذا انتهى.. حيث البحث عما يريده الجمهور وما يرضيه، واعتباره هو الفيصل والحكم..!!

 

هنا البحرين في

05.09.2007

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)