يوم حار جداً

إنتاج عام 1995

 
 
 

نشر هذا المقال في مجلة هنا البحرين في 15 مايو 1996

 
 
 
 

بطاقة الفيلم

شيريهان + محمود حميدة + محمد فؤاد + عزة بهاء الدين

إنتاج: خان فيلم، تصوير: كمال عبدالعزيز، قصة: محمد خان، سيناريو وحوار: زينب عزيز، موسيقى: ياسر عبدالرحمن، مونتاج: نادية شكري

 
 
 

شاهد ألبوم صور كامل للفيلم

 
       

يوم حار جداً

مهرجان الصور
       
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 
 
 
 

فيلم ( يوم حار جداً) إنتاج عام 1995، والذي ـ حسب قوله ـ بأنه صنعه ليغطي خسارته في فيلم آخر.
و(يوم حار جداً) فيلم يحمل فكرة بسيطة، ربما شاهدناها بشكل أو بآخر في أكثر من فيلم أجنبي. فهو يحكي عن يوم في حياة شاب مصري اسمه غريب (محمد فؤاد) عاد لتوه من بلاد الغربة، ويخطط للقاء بأصدقائه في القاهرة. ولكنه وبطريق الخطأ يتورط في الشروع في جريمة قتل، بعد أن يقع تحت يده محفظة بنت اسمها عصمت (عزة بهاء الدين) مكلفة بقتل زوجة أحد رجال الأعمال ضياء (محمود حميده). ولكن لسوء حظ غريب فإن رجل الأعمال يعتقد بأنه هو عصمت فيقابله ويسلمه مقدم المبلغ المتفق عليه. وبعد أن يفهم غريب بالموضوع كاملاً يكون في موقف لا يستطيع فيه أن يصرح بما يعرفه. فيدخل اللعبة مضطراً في البداية، إلا أنه يستمر فيها فيما بعد رغبة منه في إنقاذ حياة الزوجة هدى (شيريهان)، حيث ينجح في النهاية من ذلك.
من المعروف بأن محمد خان يدقق كثيراً في اختيار شخصيات أفلامه ، تلك الشخصيات غير القادرة على التأقلم مع مجتمعها، تعيش في صراع دائم بين الحلم والواقع، في بحث دائم عن الذات والحرية الشخصية. وبشكل عام فإن أبطال محمد خان شخصيات حزينة وحيدة متمردة وغير منتمية، وتمثل خليطاً مركباً من المشاعر والأحاسيس المتناقضة.. (بين الجد واللامبالاة، النقاء والتردد، التواضع والكبرياء، الحلم والإحباط، الغربة والانتماء).. هذه هي طبيعة شخصيات محمد خان، فهي أبعد ما تكون عن الأنماط الاجتماعية المتوائمة مع مجتمعها. فهو لا يبحث عن نوعية محددة من الأفلام، وإنما يبحث عن شخصيات مميزة وغير نمطية.
وفي فيلمه الأخير هناك ثلاث شخصيات رئيسية تدور حولها الأحداث. شخصية غريب، ذلك الشاب البسيط والمغامر في نفس الوقت، والذي يبدو من حديثه وطريقة تعامله مع الآخرين بأنه قد تخلص من الكثير من العقد التي يحملها الشاب الشرقي، وذلك ربما جاء نتيجة احتكاكه بالحياة الغربية المختلفة كثيراً عن الواقع العربي الشرقي. ولو إننا أحياناً نستغرب من بعض تصرفاته، حيث تبدو غير منطقية وتحتاج إلى تبرير. مما أضعف كثيراً من بناء الشخصية. ولكن بالرغم من ذلك فهي الشخصية المرحة التي أضفت على الفيلم قليلاً من الفرح، في ظل شخصيات حزينة ومعقدة. حيث يستمر في ملاحقة هدى ويظهر لها في كل مكان، حامياً لها ومن ثم مفاتحتها بالسر الكبير الذي يعرفه.
وهناك شخصية هدى، والتي تبدو غريبة في كثير من تصرفاتها، خيالية ورومانسية تعيش الحلم وتسعى للهروب من الواقع. كما نراها شخصية غامضة، أو ربما لأنها لم تكتمل درامياً، فهناك فجوات واضحة في بناء الشخصية. فهي الزوجة الغنية والصغيرة السن والتي تصغر زوجها كثيراً، مما يسبب لها عقدة النقص في أن زواجها هذا قائم على المصلحة وليس على الحب. وتعتقد بأن زوجها يريد التخلص منها ليستولي على ثروتها.
أما شخصية ضياء، فهي الشخصية الأكثر اكتمالا ووضوحاً، بالرغم من صعوبة الوصول إلى مكامنها. فضياء رجل أعمال يعيش أزمة مالية حادة قد تودي بحياته. هذا إضافة إلى أزمته النفسية التي تتمثل في إحساسه بالشيخوخة، وعدم توائمه مع من حوله، مما يجعله يفكر في التخلص من حياته. فبالرغم من أنه يحب زوجته هدى إلا أنه يحاول التخلص منها للخروج من أزمته المالية بعد أن يستولي على ثروتها. وفي نفس الوقت يعيش علاقة حب قديمة وزواج عرفي، حدث قبل زواجه من هدى، مع عايدة (منحة البطراوي) تلك السيدة التي تعشقه لدرجة السلبية، حيث لا تريد منه إلا أن يبقى على حبه لها، إلا أن ذلك يشعره بالذنب، وتقتله تلك السلبية التي تعيشها عايدة، مما جعله يتخذ قراراً ـ تأخر كثيراً ـ بالابتعاد عنها. أما بالنسبة لزوجته هدى، فنراه غير قادر على تحديد مشاعره تجاهها ويعيش في صراع نفسي وتردد في اتخاذ قرار صحيح، فبالرغم من حبه لها إلا أن موتها سيكون منفذاً له من كل مشاكله. يعيش ضياء هذا التردد حتى قبل النهاية، بعد أن يفوت الأوان ، وترحل عنه هدى بعد أن تعرف بتدبيره لقتلها.

في فيلمه الأخير (يوم حار جداً)، يواصل محمد خان بحثه عن شكل جديد، إلا أنه في هذا الفيلم يخفق أحياناً في الوصول إلى حتى إلى ما وصل إليه سابقاً. وهذا بالطبع ليس عيباً لدى أي فنان، نقصد بذلك بأن الفنان في محاولاته للبحث عن الجيد قد ينجح وقد يخفق، وهذا الفيلم هو أحد إخفاقات محمد خان.
فقد بدا واضحاً من أن السيناريو كان متسرعاً في رسمه لبعض الأحداث، إضافة إلى ذلك القصور في بناء الشخصيات. فقد بدت بعض الشخصيات غير مكتملة، وخصوصاً شخصية هدى التي كان ينقصها العمق والبحث أكثر عن حيثيات تبرر تصرفات الشخصية نفسها. كذلك شخصية غريب، حيث أن تلك المبررات التي طرحها السيناريو لتبرير قبوله للانخراط في تلك المغامرة كانت ضعيفة وغير مقنعة بالشكل الكافي. أما بالنسبة للمشهد الأخير في الفيلم، والذي يظهر الزوجة هدى وهي تقف لغريب ليركب معها ويرحلا سوياً، ليكون ختاماً للفيلم. قد أضر كثيراً بمضمون الفيلم بشكل عام، خصوصاً إذا كان المقصود منه هو بداية حياة جديدة للاثنين. فليس منطقياً أن نقبل ذلك لمجرد أن غريب قد ساهم في إنقاذ هدى من القتل. فالظروف الموضوعية والنفسية التي عاشتها هدى لا تسمح بتاتاً بحدوث ذلك.
أما بالنسبة للإخراج، فقد نجح محمد خان في الحفاظ على إيقاع الفيلم الساخن والسريع. وذلك بتقديمه لحركة سريعة ومحفزة للكاميرا، ونجاحه في اختيار زوايا تصوير موفقة ساهمت في خلق التعبير الدرامي للصورة. هذا إضافة إلى توفيقه في إدارة من معه من فنانين وفنيين. خصوصاً الممثل محمد فؤاد في دور جديد عليه بعيداً عن الغناء والطرب. وكان مقنعاً كممثل أكثر من ذي قبل في فيلمه الأول (أمريكا .. شيكا بيكا) مع المخرج خيري بشارة. أما شيريهان فقد ظلمتها الشخصية كثيراً. على العكس من محمود حميدة الذي تألق في هذا الدور وأضاف إلى رصيده كثيراً.

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004