البحرين.. أفلام وفعاليات سينمائية

 
 
 
 
 
 

سينما قائمة على الدهشة وسط مناخ هادىء حزين

جعفر الديري

 
 
 
 

فيلم حكاية بحرينية

 
 
 
 
 
 

ضمن موسمها الثقافي الجديد عرضت أسرة الأدباء والكتاب مساء الأربعاء 22 أغسطس (آب) الجاري فيلم (حكاية بحرينية).

والفيلم الذي أخرجه بسام الذوادي يعد الثالث له ضمن الأفلام الروائية التي أخرجها بعد فيلم ''الحاجز'' عام 1990 و''زائر'' عام .2004  وقد كتب السيناريو له فريد رمضان وصوره شمدات، ووضع الموسيقى التصويرية له محمد حداد. وقام بأداء أدواره كل من: مريم زيمان، مبارك خميس، جمعان الرويعي، فاطمة عبدالرحيم، عبدالله وليد، يوسف بوهلول، أحمد عقلان، شذى سبت، شيماء جناحي، نديم خليفة زيمان، سعد عبدالله حسين، عبدالله ملك، عبدالله السعداوي، ماجدة سلطان، إبراهيم الغانم، محمود الملا، لطيفة المجرن، حسن الماجد، أحمد الفردان، فهد مندي، وفاء مكي، عبدالله بحر، جاسم الحداد، عبدالرحمن محمود.

 

بسام الذوادي

ويتطلع الكثير من المهتمين بالشأن السينمائي في البحرين الى صناعة سينمائية متقدمة على يد هذا المخرج الذي ذلل أخيراً مشكلة الإمكانات من خلال تأسيس الشركة البحرينية للإنتاج السينمائي.

خصوصاً وأن الذوادي حاصل على بكالوريوس قسم إخراج من المعهد العالي للسينما في القاهرة عام ,1982 وهوعضو مؤسّس في اللجنة التأسيسية للسينما في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما أنه أمين عام جمعية السينما لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ورئيس مجلس إدارة نادي البحرين للسينما، ومؤسس ومدير عام مهرجان السينما العربية في البحرين. 

وقد سبق له أن أخرج العديد من الأعمال التلفزيونية، الوثائقية، الدرامية، والمسرحية. كما حصل على العديد من شهادات التقدير من مهرجان القاهرة السينمائي ومهرجان قرطاج السينمائي ومهرجان دمشق السينمائي ومهرجان الشرق الأوسط بطوكيو.

 

خط درامي وثلاث نساء

وفيلم حكاية بحرينية يتحدث عن عائلة بحرينية تعاني وضعاً أسرياً مضطرباً نتيجة فقدان الاحترام والحب بين رب الأسرة وزوجته، الأمر الذي ينعكس على الأبناء في أسرة بحرينية قدر لها أن تعيش في فترة المد الناصري حيث  تنعكس عليها هزيمة 1967 كما انعكست على جميع الأسر في البحرين والخليج بشكل عام.

والفيلم - كما أشار الى ذلك مخرج الفيلم - يتحرك من  خلال خط درامي يجمع ثلاث نساء، أم وابنتيها وأشخاصاً آخرين. والحاجز الوحيد الذي يقف أمام الأم والابنتين هو الحب. فالأم تعاني قسوة الأب العامل البسيط الذي يعيش في عزلة عما يدور من حول. فإحدى بناته تحب شاباً منخرطاً في العمل السياسي لكنها لا تتمكن من تحقيق حلمها بالزواج منه لرفض الأب. والثانية تحب شاباً مناضلاً أيضاً دخل بيت الأسرة وهو مصاب لكنها عكس أختها تقرر مصيرها رغم معارضة الأب وتتزوج من حبيبها في تعبير رمزي عن التمرد الاجتماعي والسياسي.

 

شخصيات تعيش لوحدها

وشخصيات الفيلم الرئيسية وعلى الرغم من كونها تشكل أسرة واحدة الا أن كل واحدة منهم تعيش في عالم لوحدها. اللهم الا نيله التي تبدو منصاعة وظلاً لأمها.  

فأما رب الأسرة عبدالله فهو رجل قاس وعنيف في عواطفه ومستبد في رأيه. فهو يمنع ابنته من الزواج من شاب تحبه منخرط في العمل السياسي ويرغمها على الزواج من ابن أخيه كما أنه يرفض أن تتزوج ابنته الثانية ممن تحب بحجة اختلاف المذهب الديني. على الرغم من إحراق ابنته الأولى لنفسها.     

والأم لطيفة شديدة الحساية تجاه ما يقع عليها وهي منفعلة دائماً ولا تملك شيئاً أمام قسوة الأب ولامبالاته ولولا وجود أخوها المحب لها لكان وضعها أصعب مما هي عليه. لكنها من جانب آخر امرأة قوية وتحب عبدالناصر، وتتأثر بكل كلمة يقولها، وتساعد المنخرطين في العمل السياسي.

ونيلة تبدو أسوأ من أمها في الفيلم فهي فتاة تخلو من الثقافة وليست فتاة قادرة على المواجهة وكأنها صورة من ضعف أمها.

أما منيرة وهي البنت الثانية لعبدالله فهي فتاة جريئة لا تحب الوقوف ساكنة أمام المواقف الصعبة. وهي قد رأت أختها فاطمة تنتحر حزناً على واقعها الصعب تقرر الهرب مع من تحب من أجل الزواج به.

غير أن حضور شخصية فاطمة وخليفة في الفيلم كان حضوراً موفقاً أكثر. ففاطمة تجبر على الزواج من ابن عمها الذي تحتقره فتهرب الى بيت أبيها الذي يردها بقسوة. ولأنها فتاة لا تملك من أمر نفسها شيئاً تنتحر بإحراق نفسها أمام زوجها. وهذه الشخصية المركبة قامت بأدائها فاطمة عبدالرحيم باقتدار.

خليفة في الفيلم الصبي الذي يرقب الأحداث فيتأثر بها، إنه يعشق الطيور ويفضل تأملها في الفضاء. كما أنه يقضي الساعات الطويلة معها فوق السطوح. وهو في الفيلم لا يعدو العين التي تراقب كل شيء دون أن تستطيع عمل شيء.

 

امرأة تقود الأحداث 

وما يلفت النظر في الفيلم الذي كتب السيناريو له فريد رمضان أنه لم يتعامل مع المراة كعنصر هامشي بل جعلها من يقود الأحداث. ففي الوقت الذي بد فيها الرجال لا حول لهم ولا قوة على الرغم من تظاهرهم بعكس ذلك كانت المرأة هي التي تحركهم.

فحتى عبدالله وهو رب الأسرة لا يملك شيئاً أمام عناد زوجته. ويعقوب زوج فاطمة لا يملك شيئاً أمام اصرار زوجته فاطمة على الانتحار، بينما ينهار حبيبها ويعكف على الخمرة ويقرر الرحيل، كما أن حبيب منيرة يخضع لها ويسافر معها تحت إصرارها على الزواج.

إن نساء رمضان يظهرن في الفيلم كعناصر اجتماعية فاعلة ومنتجه، وهن أكثر ايجابية من الرجال. لا يسري ذلك على نساء الفيلم فالأم مغلوبة على أمرها وابنتها نيلة مثلها. لكن ابنتيها منيرة وفاطمة مختلفتان. مع الفارق الكبير بين فتاة مثقفة وغير مثقفة. ففاطمة التي لم تستطع الخروج مما هي فيه تقتل نفسها. فتموت دون أن تحقق شيئاً يذكر. بينما نجد منيره وقد هداها تفكيرها الى خطوة جرئية لكنها حققت لها ما تريد. في إشارة ذكية من المؤلف هنا الى أهمية التعلم بالنسبة للمرأة.  

بينما بقي الرجال في الفيلم غير قادرين على اتخاذ قرار ما أو على الاستسلام للواقع.

إن أجمل ما يمكن الخروج منه بهذا الفيلم هو أنه أسس مع سابقيه سينما بحرينية حقيقية. لم تكتفِ بعرض الفيلم من زاوية تقليدية. فعلى الرغم من كونه حكاية بحرينية فقد حاول الذوادي ورمضان في هذا الفيلم أن يقدما نموذجاً من تلك الأفلام التي تبعث الدهشة في قلب المتلقي مثل فيلم خيري بشارة ''يوم حلو ويوم مر''. بلغة سينمائية راقية وسيناريو قريب من القلوب.

الوطن البحرينية في 25 أغسطس 2007

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004