في
الأسبوع الماضي حدثت عدة كوارث قد يقول البعض إنها قضاء وقدر أو قسمة
ونصيب، ولكني أقول إن سببها الواضح هو الإهمال والتسيب الذي وصل إلي درجة
لا يمكن تخيلها. ولنبدأ أولاً بمحافظة المنيا التي وقعت فيها حادثة
الأتوبيس الذي وقع من المعدية التي تعبر النيل وسقط في قاع النهر وغرق
العشرات من ركابه في حادثة مريعة وبالتحقيق في الحادث وجد أن هذه الحادثة
معرضة للتكرار مرات ومرات لأن عدد المعديات في الصعيد كبير جداً وهي تقوم
بوظيفة حيوية وأساسية لأن المسافات بين الكباري المقامة علي النيل بعيدة
جداً مما يجعل وجود المعديات ضرورة. وهذه المعديات معظمها أثري متهالك
وقابل بكل سهولة لجميع أنواع الحوادث ولا يوجد علي أي منها أي مواصفات
للأمان، بالإضافة إلي الاستهتار البالغ والتسيب الموجود عند سائقي سيارات
الميكروباص والتي أيضاً تفتقد عوامل الأمان. ومن الواضح أن مثل هذه الحادثة
سوف يتكرر شئنا أم أبينا، والحلول غير ممكنة وغير سريعة فلا بد من بناء
الكباري وهذه تتكلف مئات الملايين من الجنيهات وحيث إن ميزانية الدولة مهما
كان بها من فائض فلن يوجه لهذه المناطق وإنما سوف يوجه لتحديث الشرطة
وتزويدها بأجهزة حديثة لضرب المواطنين والتجسس عليهم وتعذيبهم، فلا نعتقد
أن بناء الكباري ممكن وإن تم فسوف يتم علي مدي عشرات السنين. وفي نفس الوقت
لا يمكن تحديث المعديات التي يملكها أفراد يتقاضون مبالغ تافهة من العابرين
والمعديات الحديثة باهظة الثمن ولذا سوف نستمر في انتظار الكوارث كل فترة
ويتم نقل الصور في الصفحة الأولي من جرائدنا وسوف يذهب الوزير ومدير الأمن
ليصرفا بضع مئات أو ربما آلاف من الجنيهات للمتوفين في الحادث وربما تحدث
معارك بين المفتي وآخرين هل هؤلاء الغرقي شهداء أم لا وينتهي الأمر وتهدأ
الأمور بضعة أشهر حتي يسقط أتوبيس آخر في النهر.
وفي
المنيا وبني سويف لم يقف الأمر عند حوادث المعديات بل إن حوادث الطرق
الرهيبة التي يموت فيها عشرات تحدث بصفة منتظمة وروتينية حتي أصبحت تحتل
جزءاً يومياً من صفحات الحوادث. ما هذا التسيب وما هذه الفوضي؟ إنها تعني
شيئاً مهماً وهو أن الشرطة غير مسئولة عن منع الحوادث والكوارث اليومية
وإنما فقط تحقق فيها بعد حدوثها وهي مسئولة فقط عن منع أي تحركات سياسية أو
احتجاجات قبل وقوعها.
ومن
الاسكندرية يأتيك حديث عمارة لوران التي هوت حطاماً علي سكانها وقتل فيها
35 مواطناً. إننا أمام جريمة مركبة اشترك فيها جهات مختلفة أولها وأهمها
محافظة الاسكندرية والحي الذي وقعت فيه الحادثة ومن المعروف كما سبق أن قال
زكريا عزمي إن الفساد في المحليات للركب. يعلم القاصي والداني أنه لا يمكن
أن تأخذ رخصة بناء بالرغم من استيفاء جميع الشروط القانونية وشروط الأمان
إلا بعد دفع رشاوي ضخمة ويعلم الجميع أيضاً أنك يمكن أن تحصل علي رخصة بدون
الالتزام بالشروط القانونية ولا شروط الأمان والكل يعرف أن البعض إذا قفل
شباك في منزله حول إلي المحكمة وصدر الأمر بفتح الشباك بالقوة ونفذ الأمر
فوراً بينما البعض الآخر يمكن أن يبني عشرة أدوار مخالفة في وسط المدينة
جهاراً نهاراً ولا شيء يحدث ولا أحد يوقفه. أما الذي قفل الشباك فليس له
واسطة ولم يشخشخ جيبه علي عكس الذي ارتفع بالبناء مخالفاً كل القواعد فإما
أن يكون وثيق الصلة بالمسؤولين أو دفع رشوة عظيمة فتحت له كل الطرق لمخالفة
القانون.
والعقار
الذي انهار في الاسكندرية به سبعة أدوار مخالفة ويعني ذلك أن الحي متواطئ
والشرطة متواطئة والمحافظة مغمضة عينها. أما المجرم الثاني فهو صاحب العقار
الذي أضاف سبعة طوابق وهو يعلم أن الأساس صالح لخمسة فقط وليس اثني عشر
طابقاً وهذا قتل مع سبق الإصرار والتعمد لأن صاحب البيت الذي ينوي المخالفة
يسرق الدولة والوطن في سبعة أدوار كان يمكنه أن يضع أساس اثني عشر طابقا
وبذا يكون مخالفاً فقط وليس قاتلاً.
والمجرم
الثالث هو بالطبع المهندس الذي نفذ هذه التعلية دون الأصول الهندسية
السليمة فهو خلاصة الفساد والفوضي الموجودة في المجتمع المصري. والمجرم
الرابع هو المصنع الذي صنع اسمنتاً أو حديداً فاسداً وغير مطابق للمواصفات
اشتراه المالك بسعر رخيص واستخدمه في البناء، وأثناء التحقيقات ظهر أن هناك
الألاف من العمارات المخالفة في الاسكندرية لا يعلم أحد كم منها مخالف
بطريقة تؤدي إلي مخاطر علي المبني وفي جميع الأحوال سوف تهدأ الأمور وينسي
الناس وتنسي الحكومة ما حدث حتي تحدث مصيبة جديدة. الملخص الحقيقي لما حدث
هو أن الدولة المصرية قد تفككت ونخر السوس في عظامها ولم يبق غير شيء واحد
تتعامل معه الدولة بجدية شديدة وهو الأمن السياسي وأمن الرئاسة. أما بقية
الشعب فليس لهم قيمة أو أهمية ولا اعتبار.
الكوارث
الجامعية مستمرة بقيادة زكي بدر
صدرت يوم
الأربعاء الماضي صحيفتا المصري اليوم والوفد وفي صدر الصفحة الأولي صورة
أحمد زكي بدر رئيس جامعة عين شمس وهو محاط بالأمن بعد أن حدث بينه وبين
عمال جامعة عين شمس مشادات، ويبدو أن رئيس الجامعة بالإضافة إلي تخفيض
عقودهم وتهديدهم قد تطاول عليهم مما أثار العمال وحدث تحرش بينه وبينهم.
هناك قواعد أكاديمية محترمة متعارف عليها في العالم يتميز بها أساتذة
الجامعة علي الأقل داخل جامعتهم فلم نسمع عن أستاذ جامعي بلطجي في جامعة
لندن أو جامعة أمستردام ولم نسمع عن مسؤول جامعي استعان ببلطجية في حي شعبي
لضرب الطلاب داخل الجامعة كما حدث في العام الماضي وتكرر الأمر نفسه من زكي
بدر هذا العام حين اتفق مع بلطجية الأمن المرتدين ملابس مدنية بالاعتداء
علي الطلاب وهو نفسه الأستاذ المحترم الذي وقف في وسط جمع من الأساتذة
ليقول رداً علي سؤال من زميل (ولا مية وألف وتلتمية) مقلداً الأغنية
الشعبية المعروفة. إنه شيء مخز ومحزن في نفس الوقت أن تصاب جامعة عين شمس
بهذا الحجم من المشاكل وسوء التصرف بإدارة لا يمكن تخيل أنها تنتمي
للأكاديمية من قريب أو بعيد. ويعلم الجميع أن زكي بدر كان رئيسا لأكاديمية
أخبار اليوم لعدة سنوات ويقال إن الأمن قد عينه في العام الماضي نائباً
لرئيس الجامعة ليصبح رئيساً هذا العام. طبعاً الأمن سعيد لأن رئيس الجامعة
من نفس الصنف ولم يتبق إلا أن يضع الدكتور أحمد زكي بدر بضع نجوم علي كتفه.
وينتظر أساتذة عين شمس بفارغ الصبر تعيين زكي بدر وزيراً للتعليم العالي
والبحث العلمي لأن الدولة تعرف جيداً مواهبه العظيمة في الاعتداء علي
الجميع بمن فيهم الأساتذة وكذلك البحث العلمي الذي لم يفكر فيه لحظة واحدة
من عمره.
خطف
الدكتورة ليلي سويف
الدكتورة
ليلي سويف عضو هيئة التدريس بكلية العلوم بجامعة القاهرة وهي الأستاذة
الناشطة في الدفاع عن حرية الوطن والمواطن.
كانت تقف
في الشارع أثناء الاحتجاج علي قتل مواطن في قسم العمرانية فاختطفها البوليس
في ميكروباص (في الأغلب قد اختطفه أيضاً البوليس من أحد المواطنين) وتجولوا
بها في السيارة لمدة 3 ساعات في اتجاه غير معلوم، وبالمصادفة شاهد عملية
الاختطاف طبيبة وأستاذ جامعي، وفي أثناء هذه الرحلة غير السعيدة بصحبة ضابط
ومجموعة من المخبرين جاءت للضابط مكالمة تليفونية علي أثرها نزل الضابط في
الشارع ليتحدث بعيداً عن د. ليلي وكان واضحاً أنه قد صدرت له الأوامر
بإيقاف هذه المهزلة، فغيرت السيارة طريقها ونزلت د. ليلي وأعطي لها
تليفونها المحمول الذي كان قد صودر منها بعد أن استولوا علي الشريحة التي
تحمل الأرقام التي تتصل بها الدكتورة ليلي. وتقدمت د. ليلي ببلاغ إلي
النيابة عن واقعة الاعتداء وتقدمت مجموعة كبيرة من أعضاء هيئة التدريس
بالجامعة بمذكرة إلي النيابة العامة تبرز فيها خطورة الاعتداء علي المواطن
في الشارع وتحتج علي هذه الفوضي التي تؤدي إلي خطف أستاذة جامعية في
الشارع.
سي إتش
هل سمع
أحدكم هذا التعبير داخل إحدي الجامعات المصرية؟ أنا شخصياً أول مرة أسمع
عنه في العام الماضي. الموضوع ببساطة أن الطلبة الأقباط في الجامعات
المصرية يختارون مكاناً هادئاً بعيداً عن الزحام غالباً ما يكون خلف مبني
ويطلقون عليه
CH
و هو اختصار لكلمة كنيسة بالانجليزية وفي هذا المكان يتوجه الطلبة الأقباط
في أوقات فراغهم وبين المحاضرات حيث يتقابلون ويتحدثون وحدهم بعيداً عن
زملائهم من الطلبة المسلمين. هل سمعتم عن هذه الكارثة التي تعني أن طلبة
الجامعة الذين ينصهرون في بوتقة واحدة ويكون شعارهم هو الوطن ينفصلون
تماماً داخل الجامعة فيجتمع الأقباط في الـ
CH
و يذهب المسلمون إلي أماكن أخري وبعضهم ربما يذهب إلي مسجد الكلية. هل فكر
أحد العمداء أو رؤساء الجامعات في أن ما يحدث مصيبة ودعوة لانشقاق الوطن.
هل قاموا بدراسة المشكلة؟ هل فكروا في حلول لها تحفظ وحدة الوطن؟ الأمن
الذي يتجسس علي الأساتذة ويعتدي علي الطلبة ويزور انتخابات الاتحادات لم
يبد أي اهتمام بتبليغ هذه المشكلة لإدارة الجامعة لأنهم قصيرو النظر ولا
يعلمون حجم المأساة التي يتعرض لها الوطن بهذا الانشقاق. علي رؤساء
الجامعات الاجتماع للتفكير في حلول منطقية لهذا الانفصال أرجو أن لا يكون
من بينها الإغارة علي أماكن الـ
CH
و منع الطلبة والطالبات من الجلوس فيها. إن الأمر يتطلب خطة تربوية وطنية
لحل هذه المشكلة الكبري.
المياه
المعدنية في مصر
يقوم
بإنتاج المياه المعدنية في مصر عدد كبير من الشركات وتقوم بينهم منافسة
عنيفة، ويبدو أن أرباح مشروعات المياه المعدنية كبيرة. وقد قامت أخيراً
هيئة عامة بتحليل المياه المعدنية المصنوعة من كل الشركات وكتبت تقريراً
أذيع ونشرته الصحف وأفاد أن معظم هذه المياه ليست مياها معدنية لأنها تنتج
من آبار ليست عميقة بالقدر الكافي لإنتاج المياه المعدنية وأشارت التحليلات
إلي أن بعض الأنواع غير صالح للشرب لأن نسب الأملاح فيها غير مطابقة
للمواصفات، وبالنسبة إلي الأحجام الكبيرة فإن بعضها به بكتيريا مما يجعلها
خطيرة علي الصحة. وبعد يومين من هذا التقرير انهالت إعلانات في الصحف من
الشركات التي انتقد التقرير منتجها والتي اتهمت التقرير بأنه غير علمي.
واتهمت بعض الشركات المنافسين بأنهم وراء هذا التقرير.
و ما حدث
في هذا الموضوع يشير بوضوح إلي أن مصر بلد (ملهاش صاحب) وعلي رأي فيلم يوسف
شاهين الأخير (هي فوضي) فعلاً. لو صدر هذا التقرير من جهة غير حكومية فمن
المفروض أن تقوم أجهزة الدولة بإعادة التحليلات تحت إشرافها وبعيداً عن دفع
رشاوي من أصحاب المصالح للتأكد من أن هذه المياه مطابقة للمواصفات ولو كانت
هذه التحليلات قد أجريت في معامل الدولة لكان المفروض أن تقوم الأجهزة
المختصة بوقف انتاج المياه غير المطابقة للمواصفات وعقاب المخالفين حسبما
ينص عليه القانون. ولكن الموضوع أخذ بمنتهي البساطة وكأن شيئاً لم يحدث
لأنها فعلاً فوضي
العربي المصرية في 14
يناير 2008
|