ملفات خاصة

 
 
 

أفلام في الجونة:

تأمّلات سينمائية تعطبها إطالة وثرثرة

الجونة/ نديم جرجوره

الجونة السينمائي

الدورة الثامنة

   
 
 
 
 
 
 

إنْ يكن التأمّل سمة مشتركة بين ثلاثة أفلامٍ، مشاركة في الدورة الثامنة (16 ـ 24 أكتوبر/تشرين الأول 2025) لمهرجان الجونة السينمائي، وهذه سمة إيجابية، لما في التأمّل من تساؤلات وصمتٍ (غالباً) وحوار مع الذات أولاً، فإنّ سمتين أخريين توصمان الأفلام هذه بشيءٍ من السلبيّ، لأنّهما تتحوّلان سريعاً إلى حاجز يُربك جماليات المُقدَّم، والمُقدَّم غالباً سينمائيٌّ: وفرة النهائيات، ما يطيل مدة كل فيلم، والإطالة لا لزوم لها، إذْ تصنع ثرثرة بصرية مُضجرة.

السلبيّ مُزعجٌ وثقيل الوطأة، والأهم أنّه غير سينمائي. رغم هذا، لن يحول دون لحظات مديدة من متعة المُشاهدة، لما تطرحه الأفلام من مسائل، بعضها يبدو لوهلةٍ ذاتياً ـ شخصياً، قبل انفتاحه على العام، مع الاحتفاظ بالذاتي ـ الشخصي أيضاً.

فالعلاقة بالموت، كما تلتقطه كريمة السعيدي (بلجيكية ذات أصل مغربي) في وثائقيها الجديد "المراقبون" (2025، مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة)، تبدأ حالةً شخصية تتمثّل بزيارة قريب في قبره، ثم تُصبح همّاً جماعياً. فالمقبرة المُقامة في بروكسل، حيث يُدفن فيها مسلمون ومسيحيون ويهود وملتزمو ديانات أخرى، أكبر من أنْ تكون حضناً أخيراً لراحل/راحلة، بل حيّزاً لتعارف مع أحياء، ولتواصل مع غائبين/غائبات، ولابتكار طقوس وداعٍ تخرج، وإنْ قليلاً، من تقاليدها المستهلكة.

والمُراهَقَة لحظة زمنية مرتبكة، لكونها انتقالاً من طفولة إلى شباب، مع ما يعنيه الانتقال من رغبة في التعرّف إلى كل شيء وفهمه. هذا في "دائماً" (2025، مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة)، للصيني ديمينغ تشين، الذي يرافق غونغ يوبين (ثمانية أعوام) في بحثه وتساؤلاته وتأمّلاته العفوية والطيبة، والهادئة ظاهرياً، هو المُقيم مع والده وجدّيه في ريف هونان (مقاطعة جبلية في جنوب الصين)، من دون والدته، التي تغادر نهائياً ببلوغه الأعوام الثلاثة.

في "دائماً"، هناك شعرٌ مكتوب على الشاشة، وكاميرا (تشين نفسه) تلتقط تفاصيل وهوامش كالتقاطها متن الحكاية والحالة والرحلة. وهذا، رغم جمالياته السينمائية والدرامية والفنية (تصوير رائع للطبيعة الرمادية والروتين اليومي، إلخ)، يبلغ أكثر من نهاية، تُلغى من دون مُبرّر بصري، فتتكرّر النهايات، ويزداد ثبات العدسة إزاء لقطة، ويمتد الوقت إلى ما يُشبه اللانهاية (مع أنّ مدّة الفيلم 86 د. فقط).

أمّا الجفاف، فكارثةٌ تحلّ على الفلّاحَين كاك محمد الكردي ومشهدي أصغر الآذري، إذْ يُصيب أراضي زراعية لهما، ما يدفعهما، في البحث عن منافذ خلاصٍ، إلى تأمّل في أحوال الدنيا والذات والعيش والعلاقات والمشاعر. هذا حاصلٌ في "غبار ناري" (2025، الاختيار الرسمي ـ خارج المسابقة) للإيراني إبراهيم سعيدي، المنشغل في توثيق هذا المُصاب والألم، رغم أنّ لحظات فرح تحلّ، بعد ريحٍ تحمل معها غباراً نارياً يقضي على الكرمة. أكثر من نهاية تمرّ، والإطالة/الثرثرة البصرية طاغيان، ومسائل تُصوّر (عرس الابن) للقول إنّ جانباً إيجابياً موجودٌ، لكن إقحامه على السياق الأصلي مُضرّ بالنص الوثائقي السينمائي.

 

العربي الجديد اللندنية في

22.10.2025

 
 
 
 
 

قمة "الرؤية السينمائية والاستراتيجية التجارية"

تضيء سماء مهرجان الجونة

البلاد/ طارق البحار:

شهد مهرجان الجونة السينمائي 2025 جلسة نقاشية ثرية تحت عنوان: "صياغة القصص المؤسسية: عندما تلتقي استراتيجية الأعمال بالرؤية السينمائية". جمعت الجلسة نخبة من كبار المديرين التنفيذيين في مصر، واستكشفت التقاطع القوي والمنتج حيث يلتقي علم الأعمال بفن رواية القصص. وقد مهدت هذه المناقشة الطريق لتبادل الخبرات حول كيف يمكن لهذين المجالين، اللذين يبدوان متميزين، أن يدعما بشكل كبير النمو المتبادل.
ركز الحوار الأساسي على محورين رئيسيين:

 * استغلال قوة تأثير السينما لرفع مستوى العلامات التجارية وتعزيز حضورها.

 * تطبيق الاستراتيجيات المؤسسية الصارمة لإلهام ورعاية نماذج إبداعية أكثر استقرارًا وقابلة للتوسع ضمن صناعة الترفيه نفسها.

أدار الجلسة باقتدار عمرو منسي، المؤسس المشارك والمدير التنفيذي لمهرجان الجونة. وشارك فيها قيادات بارزة قدمت رؤى متعمقة، وهم: هشام مهران الرئيس التنفيذي لشركة أورنج مصر، وكريم خضر رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة بيبسيكو مصر، ومحمد أبو غالي الرئيس التنفيذي لمجموعة أبو غالي موتورز.

وقد انخرطت هذه القيادات في مناقشة محورية واستشرافية حول نماذج تعاون جديدة تهدف إلى تعظيم الإمكانات عندما تلتقي الفنون السينمائية بالاستراتيجية المؤسسية.

يأتي تنظيم هذه الجلسة في مهرجان الجونة ليؤكد على تحول نوعي في العلاقة بين القطاع الخاص وصناعة السينما، لأسباب اقتصادية واستراتيجية:

 * السينما كأداة تسويق فعالة: تدرك الشركات الكبرى، مثل أورنج وبيبسي، أن الإعلانات التقليدية لم تعد كافية. تسعى هذه الشركات لدمج علاماتها التجارية بسلاسة ضمن محتوى قصصي جذاب ومؤثر يتردد صداه لدى الجمهور، مما يحول الإنفاق الإعلاني إلى استثمار في إنتاج المحتوى.

 * استقرار الصناعة الإبداعية، تواجه صناعة الترفيه تحديات تتعلق بالتمويل المتقطع ونقص النماذج التشغيلية المستدامة. يهدف التعاون مع الشركات إلى تطبيق مفاهيم الحوكمة والتخطيط الاستراتيجي المؤسسي على الاستوديوهات وشركات الإنتاج، مما يضمن تدفقًا مستمرًا ومستقرًا للمشاريع السينمائية.

 * فتح أسواق جديدة: يتيح هذا الدمج للشركات الدخول إلى سوق الترفيه المتنامي، ولصناع الأفلام الاستفادة من شبكات التوزيع والخبرات اللوجستية للشركات العالمية لتوسيع نطاق وصولهم الإقليمي والدولي.

 

####

 

‏ Sirāt.. رحلة الرمال القاسية في مهرجان الجونة

البلاد/ طارق البحار:

اصبح فيلم Sirāt للمخرج الإسباني الحائز على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان، أوليفر لاكسي الحديث الأبرز في مهرجان الجونة السينمائي، يوُصِف الفيلم بأنه "صادم" و"مُغَيِّر للحياة"؛ وعلى الرغم من أن هذه الأوصاف قد تكون مبالغًا فيها، إلا أن "Sirāt" يأخذ المشاهد في رحلة قاسية ومُروّعة يصعب نسيانها.

يتتبع الفيلم قصة أب يدعى لويس (سيرجي لوبيز) وابنه إستيبان (برونو نونيز أرجونا) وهما يحاولان العثور على ابنتهما وشقيقتهما المفقودة "مار" في حفل راقص أقيم في صحاري جنوب المغرب. عندما تفشل التحقيقات الأولية، يقرر لويس وإستيبان الانضمام إلى مجموعة من المشاركين في الحفل كانوا في طريقهم إلى حفل آخر، على أمل العثور على مار هناك.

منذ المشهد الافتتاحي، يتضح أننا أمام مخرج يمتلك نظرة حادة وحِرفة فنية حقيقية. لاكسي، المعروف بأفلامه السابقة مثل Fire Will Come و Mimosas، يقود الفيلم بثقة مطلقة، جاعلًا من كل لقطة قصة بحد ذاتها. المشهد الأول في الحفل الصاخب المليء بالرقص والموسيقى الإلكترونية يوحي بشعور مقلق؛ فرغم استمتاع الراقصين بوقتهم، يبدو لويس وإستيبان في حالة بؤس واضحة، وتخدم الموسيقى كخلفية صوتية مشؤومة ومُنبِئة للقادم، وهو ما أبدعت فيه المصممة الصوتية لايا كازانوفا.

يُعد "Sirāt" فيلم رحلة بامتياز، على غرار فيلم Mad Max: Fury Road. فغالباً ما يقضي الأبطال وقتهم في السيارات والشاحنات وهم يجتازون صحراء قاحلة. لكن على عكس الأخطار البشرية في Fury Road، فإن التهديدات التي يواجهها لويس ورفاقه هي بيئية في طبيعتها: عليهم الحفاظ على الإمدادات وتأمين الوقود وتجنب الطرق الوعرة. هذه الرحلة، التي تتسم بالبطء والجهد، تختبر صبر الجمهور، لكن لاكسي يضمن أن تيارًا قويًا من الخوف الوشيك يسري في كل مشهد، حتى عندما لا يحدث شيء مهم.

ذروة صادمة ونهاية باهتة

يتم تضمين الرحلة بخلفية من التقارير الإذاعية التي تتحدث عن صراع عالمي متصاعد، وهي حبكة ثانوية تبدو للأسف غير مكتملة ومقحمة، حيث يمكن إزالتها بسهولة دون أن ينتقص ذلك من تأثير الفيلم.
ومع ذلك، فإن التأثير النفسي للفيلم يأتي بلا شك. فبعد الإيقاع البطيء الذي يخدر المشاهد، ينتعش السرد بتقدمات مفاجئة تكون مزعجة ومفاجئة في آن واحد، ويصعب الخروج من "
Sirāt" دون شعور عميق بالاضطراب. هذه التقلبات تتوج في ذروة مكثفة، لكنها للأسف تترك أحد العناصر الأكثر إثارة للاهتمام في الفيلم دون حل. وفي النهاية، يتضح أن الرحلة المنهِكة نفسيًا هي الجانب الأكثر تأثيرًا الذي لا يُنسى، بينما تبدو الوجهة النهائية أقل من التوقعات.

"Sirāt" هو الفيلم الذي يجعلك تشعر بالسوء في عام 2025، ولكنه ضروري للمشاهدة بفضل إخراجه المتقن وتصميمه الصوتي المتميز.

 

البلاد البحرينية في

22.10.2025

 
 
 
 
 

آمال القلاتي: «وين ياخذنا الريح» رحلة نحو النضج واكتشاف الذات

المخرجة التونسية قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها صُدمت من «غياب الشغف لدى الشباب»

القاهرةأحمد عدلي

قالت المخرجة التونسية آمال القلاتي إن فيلمها «وين ياخذنا الريح» ولد من رغبتها في رواية قصة عن الصداقة بين رجل وامرأة، كلاهما منجذب للحياة، ولكن العلاقة بينهما لا تتحول إلى حب، مضيفة أن هذا النوع من الصداقة كان دائماً جزءاً من حياتها، ومنحها الكثير لكنها نادراً ما تراه ممثلاً في السينما.

وأضافت القلاتي لـ«الشرق الأوسط» أنها أرادت أيضاً أن تصنع فيلماً مشرقاً ومفعماً بالضوء يتناول مواقف ومشاعر معقدة، مشيرة إلى أن الدافع الأساسي كان الرغبة في التقاط لحظة عابرة من الشباب، تلك المرحلة الهشة قبل النضج الكامل، من دون أن تغيب عن بالها الصعوبات والضغوط الاجتماعية التي ترافق هذه السن في تونس، مع رغبتها في الحديث عن الشباب ومشكلاتهم الاجتماعية مع الحفاظ على روح وخفة تلك المرحلة.

وأكدت القلاتي أن اختيارها لصيغة «فيلم الطريق» جاء لأنها تتيح بناء قصة متطورة تساعد الشخصيات على النمو من خلال تجاربها، مشيرة إلى أن عبور تونس بالسيارة يشكل عبوراً رمزياً أيضاً، ليس فقط عبر المناظر الطبيعية، بل عبر العوالم الداخلية للشخصيات وعلاقتهما ببعضهما بعضاً، فكل محطة وكل عقبة ولقاء على الطريق يمثل خطوة نحو النضج والاكتشاف وفهم الذات ومواجهة المخاوف والهشاشة.

تدور أحداث الفيلم الذي يعرض للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط ضمن فعاليات مهرجان «الجونة السينمائي» بنسخته الثامنة حول «عليسة» - المتمردة - التي تقوم بدورها إيا بلاغة، ذات التسعة عشر عاماً، و«مهدي» الذي يقوم بدوره سليم بفار - الشاب الخجول-، ذو الثلاثة والعشرين عاماً، حيث يستعين الثنائي بخيالهما للهروب من واقعهما، وعندما يكتشفان مسابقة تتيح لهما فرصة للهروب، ينطلقان في رحلة طريق إلى جنوب تونس، متجاوزين العقبات التي تعترض طريقهما.

وأوضحت المخرجة التونسية أن الرحلة في الفيلم هي بالأساس استعارة للهروب، فهي تتيح للشخصيتين الهرب من واقعهما، جسدياً وعبر الخيال أيضاً، موضحة أن مشكلة الشباب في تونس تكمن في الرغبة العامة في الهجرة، فالإحباط منتشر بين الشباب من مختلف الطبقات، والهجرة إلى أوروبا ينظر إليها كحل وحيد، كما هو الحال بالنسبة لبطلتها «عليسة»، لكنها أكدت في المقابل أنها كمخرجة لا تتبنى هذه النظرة، بل تؤمن بأن الشباب أنفسهم يحملون الأمل في مستقبل أفضل لتونس.

وتحدثت عن التحديات التي واجهتها خلال التصوير، مؤكدة أن الطقس كان من أكبر العقبات، إذ واجهوا أياماً ماطرة كثيرة في بلد يُعرف عادة بشمسه الساطعة، مما جعلهم في سباق دائم مع الضوء.

وقالت القلاتي إنها عملت كثيراً على بناء العلاقة بين الشخصيتين الرئيسيتين، سواء أثناء الكتابة أو خلال العمل مع الممثلين، اللذين كان عليهما أن ينسجا رابطة حقيقية قبل التصوير وفي أثنائه، مشيرة إلى أنها لا ترى تلك العلاقة هشة، بل على العكس تراها في هذه السن قوية إلى حدٍّ يجعلها تبدو غير قابلة للكسر.

وأضافت أن صداقات الشباب بين الخامسة عشرة والخامسة والعشرين تحتل مساحة كبيرة من الحياة والمشاعر، وهي علاقات مكثفة وعاطفية، وهذا ما يجعلها جميلة، لافتة إلى أن «العلاقة بين (عليسة) و(مهدي) قوية للغاية، لكنها لا تخلو من الصدامات، وهو أمر طبيعي في مرحلة يكون فيها كل شيء غير مؤكد، حيث يسعى الإنسان لتحديد ذاته والعالم من حوله».

وقالت إن «أجمل ما في الفيلم أن كل مشاهد يمكنه أن يفسر تلك العلاقة بطريقته الخاصة، البعض يراها حباً، وآخرون يرونها صداقة، معتبرة أن هذا التنوع في التفسير يعني أن الفيلم يترك مساحة لمشاعر الجمهور الخاصة».

وبيّنت أن هذه العلاقة مستوحاة من صداقاتها الشخصية، مشيدة بأداء الممثلين إيّا بلّاغة وسليم بكّار، اللذين قدّما الشخصيتين بأكثر صورة إنسانية وقريبة من الواقع، لافتة إلى أن عملية اختيار الممثلين كانت تقوم على إيجاد الطاقة المناسبة لكل دور على حدة، وكذلك الديناميكية بين الشخصيتين، فكانت حريصة خلال رحلة البحث عن أبطال الفيلم على الحضور القوي والطاقة المتدفقة، والأهم أن يكون هناك اتصال حقيقي بين الممثلين ليبنيا صداقة واقعية على الشاشة.

ولفتت إلى أنها قبل تنفيذ الفيلم أخرجت فيلماً وثائقياً قصيراً عن «دور الشباب» في تونس، وهي أماكن تديرها الدولة ليجتمع فيها الشباب ويمارسوا أنشطة مختلفة، موضحة أنها التقت بشباب من أنحاء البلاد كافة، وأدهشها فقدانهم للثقة في مستقبلهم.

وأشارت إلى أنها «قابلت من هم في السابعة عشرة أو الثامنة عشرة، وكان أقصى حلمهم شراء سيارة أو إيجاد وظيفة مستقرة،»، موضحة أن «ما صدمها هو غياب الشغف والأحلام الكبيرة، وكأن الحلم نفسه بدا وكأنه صار أمراً ممنوعاً، وأن الصعود الاجتماعي مسدود أمام الشباب».

وقالت إن هدفها من الفيلم أن يجد الشباب في تونس والعالم العربي أنفسهم فيه، وأن ترى الأجيال الشابة طاقتها وإبداعها منعكسين على الشاشة، مؤكدة أن تلك الطاقات كثيراً ما تظل غير معترف بها في بلدانهم، مما يؤدي إلى هجرة العقول.

وأضافت القلاتي أن كونها مصورة فوتوغرافية جعل الصورة البصرية جزءاً أساسياً من عملية الإبداع بالنسبة لها، موضحة أنها عملت عن قرب مع مديرة التصوير فريدة مرزوق، ومهندس الديكور خليل خوجة، ومصممة الأزياء شهرزاد مثنّي، لبناء عالم بصري متماسك ومعبر، عبر استخدام العديد من المراجع والرسومات ولوحات المزاج البصري لتوصيل رؤيتها بوضوح.

 

####

 

«حَلَق» أمينة خليل يُجدد الجدل بشأن «التفاوت الطبقي» في مصر

لميس الحديدي تعجَّبت من تحول كلامها للفنانة المصرية إلى «تريند»

القاهرةمحمد عجم

«ناس عايشة... وناس كويس إنها عايشة»؛ واحدة من الجمل التي ترددت على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي بمصر، في ظل حالة الجدل المجتمعي التي أثارتها تصريحات الفنانة المصرية أمينة خليل للإعلامية لميس الحديدي في برنامجها «الصورة» على قناة «النهار»، وذلك على هامش فعاليات «مهرجان الجونة».

وفي حين أعربت الحديدي عن إعجابها بـ«حَلَق» أمينة، ردّت الأخيرة بأنّه من العلامة التجارية الشهيرة «زارا» (ZARA)، قائلة: «ده زارا عادي». وأبدت لميس الحديدي اندهاشها من أن فنانة كبيرة تختار إكسسواراتها من «زارا»، لتؤكد أمينة أنها لا تنشغل بالماركات، وأن الأهم بالنسبة لها هو أن تكون ملابسها متناسقة معاً.

انتقل السؤال وجوابه سريعاً إلى منصات التواصل الاجتماعي في مصر، ليثيرا جدلاً ونقاشاً واسعين بين المستخدمين حول التفاوت الطبقي في المجتمع المصري، معتبرين أن كلمة «عادي» تحمل نظرة «تقليل» لعلامة تجارية تُصنَّف، في نظر كثيرين، بأن أسعارها لا تتناسب مع المستهلك المصري.

وتعد «زارا» (ZARA)، سلسلة من المحلات التجارية التي تنتمي إلى المجموعة الإسبانية «إندتكس»، وتمتلك ماركات مثل «ماسيمو دوتي»، و«بول آند بر»، و«أويشو»، و«أوتيرك» (Uterqüe)، و«ستراديفاريوس»، و«بيرشكا».

وجاء الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي في أكثر من صورة؛ إذ رأى بعضهم أن كلمات الفنانة المصرية تعكس فجوة متسعة بين الطبقات في البلاد. كما انشغل آخرون في تحليل الموقف، معتبرين أنه يُعبّر عن خلل اجتماعي، وأن «كل طبقة لديها همومها».

واهتم آخرون بإظهار الفوارق الطبقية بين عالمين مختلفين، حيث تداول قطاع آخر من الرواد سعر القرط من ماركة «زارا»، لافتين إلى أن سعره لا يتجاوز 1500 جنيه مصري (نحو 31 دولاراً)، وهو ما عدّه بعضهم «غالياً جداً»، في حين رأى آخرون أنه «رخيص بالنسبة لفنانة مشهورة». وقد حلل آخرون هذا الموقف بأن الطبقة الاجتماعية تؤثر على نظرتنا للأشياء، حتى لو كانت مجرد إكسسوار بسيط.

الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن ردود الفعل التي تلت التصريح تكشف عن واقع اجتماعي مُنقسم. مبيناً أن مصر لم تعد مجتمعاً واحداً بل يمكن وصفها بـ«شعبين»، فهناك فجوات طبقية حادة تلخصها عبارة «نحن شعب وأنتم شعب»، مؤكداً أن هذا الانقسام والتفاوت الطبقي العالي جعل الطبقات العليا لا ترى الطبقات الدنيا، والعكس صحيح، وهو ما أدى إلى وجود مجتمعين مختلفين، يتمثلان في «مصر» و«إيجبت».

ويشير صادق إلى أن الفجوة الطبقية العميقة تتجسّد في كل تفاصيل الحياة اليومية، بداية من نوعية الطعام والملابس، وصولاً إلى السكن والمصايف والتعليم. ويضيف أن هذا التناقض الاقتصادي خلق ثقافة مختلفة: ثقافة للأغنياء تترسخ في نوعية الملابس والسيارات، وثقافة أخرى للفقراء الذين لا يجدون ثمن الطعام أو المواصلات الأساسية.

ويرى أستاذ علم الاجتماع أن التعليقات الكثيرة والسخرية اللاذعة التي طالت الفنانة لم تكن مجرد نقد عابر، بل تعكس إحباطاً اجتماعياً متراكماً وغِيرة طبقية عميقة، مبيناً أن ردود الفعل تأتي كونها محاولة من الطبقة الدنيا لإحداث توازن اجتماعي بشكل رمزي عبر النقد أو السباب أو السخرية، لتعويض إحساسها بالنقص المادي.

ومع اعتلاء اسم المذيعة وضيفتها «التريند»، نال النقد الإعلامية لميس الحديدي، حيث عبّر بعضهم عن أن سؤالها ورد فعلها ينمّان عن انفصال متزايد بين الإعلام وواقع الناس.

هذا ما دفع الإعلامية للخروج مجدداً لتبدي تعجبها من تحول كلامها والفنانة المصرية إلى «تريند»، قائلة: «أنا وأمينة خليل و(زارا) عاملين تريند»، مشيرة إلى أن الأمر خرج عن سياقه الطبيعي، معدَّة أن الجدل الذي أُثير حوله يعكس مبالغة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

هنا، يشير الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي في جامعة القاهرة، إلى أن ردود الفعل العنيفة المصاحبة لواقعة المذيعة والفنانة تكشف عن مشكلة عميقة في الوعي الاجتماعي، هي «وهم المساواة»، موضحاً أن «جمهور وسائل التواصل الاجتماعي يتخيل أنه سواسية في القدرات والإمكانيات، متناسياً أننا خُلقنا درجات، وهناك فروق مادية واجتماعية ومهارية واسعة بين الأفراد، ويجب التسليم بهذا بدلاً من الشعور بالإحباط أو الحقد على الآخرين».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «كثيرين على منصات التواصل يُنصبّون أنفسهم أطباء نفسيين، حيث يأخذون الكلمات العفوية أو العادية (مثل «زارا عادي») ويحللونها تحليلاً مفرطاً، مما يؤدي إلى لوم الذات وإحباطهم لأنفسهم أكثر مما هم محبطون، ما جعل إجابة الفنانة تتحول إلى أزمة».

ويرى «فرويز» أن جانباً من الأزمة يتمثل أيضاً في غياب الوعي لدى الجمهور في التعامل مع انفتاح وسائل الإعلام و«السوشيال ميديا»، «فالناس لم تتعوّد على الانفتاح الإعلامي، ولم يكتسبوا بعد الوعي والثقافة الكافيين لتمييز ما يجب تصديقه أو ما هو مجرد رأي عابر، أو مبالغة يستخدمها كثيرون للتباهي. وغياب هذا الوعي هو ما يخلق كل هذه المشكلات الاجتماعية».

وفي إطار النقد «السوشيالي»، لم تغب السخرية أيضاً في كثير من التعليقات، التي تناولت الفوارق الطبقية في مصر والتفاخر بـ«الماركات» عبر توظيف الفكاهة والتعليقات الطريفة.

 

الشرق الأوسط في

22.10.2025

 
 
 
 
 

سارة جوهر مخرجة "هابي بيرث داي": ردود الفعل على الفيلم فاقت توقعاتي

قالت إن عرض الفيلم في مهرجان الجونة شكل لحظة استثنائية

العربية.نت - محمد حسين

المخرجة سارة جوهر من أبرز الوجوه النسائية الصاعدة في صناعة السينما المصرية، وفرضت حضورها بأعمال قصيرة تحمل بصمة فكرية وإنسانية.

تتميز سارة برؤية إخراجية حساسة للعالم الداخلي للشخصيات، وتتعمق في التفاصيل النفسية والاجتماعية بصدق في فيلمها الجديد "هابي بيرث داي"، الذي عرض في مهرجان الجونة السينمائي في دورته الثامنة. وتؤكد سارة جوهر أن السينما تجربة شعورية تعاش، تنبع من الحياة وتعود إليها.

ويقدم الفيلم رؤية تمزج بين الحميمي والرمزي، وواقع الطفولة وجرح الذاكرة، مستندة إلى تجربة إنسانية وفلسفة بصرية تعتبر التفاصيل الصغيرة مفاتيح لفهم العالم.

تزداد قناعة سارة بأن السينما قادرة على مداواة ما لا يقال بالكلمات. تحدثت سارة مع موقع "العربية.نت" عن عرض الفيلم في مهرجان الجونة وتجربتها الخاصة ورحلتها مع الفيلم.

وأكدت المخرجة سارة جوهر أن عرض فيلم "هابي بيرث داي" في مهرجان الجونة شكل لحظة استثنائية، وأن ردود الفعل فاقت توقعاتها، حيث شعرت بامتنان كبير للحفاوة التي لاقاها العمل من الجمهور وصناع السينما، معتبرة أن المهرجان وفر مساحة لسينما إنسانية تنطلق من الذات نحو الآخر.

وأوضحت أن فكرة الفيلم انبثقت من تجربة شخصية، مما جعل عملية التنفيذ "رحلة نفسية معقدة أكثر من كونها مغامرة فنية". وأشارت إلى أن الأمومة لعبت دوراً أساسياً في تشكيل رؤيتها وإخراج الفيلم بهذه المشاعر.

وأكدت مخرجة الفيلم حرصها على صدق العمل في تفاصيله، بدءاً من اختيار الطفلة ضحى رمضان كبطلة، واصفة إياها بـ"طفلة ذكية تمتلك موهبة فطرية غير مصطنعة".

وأضافت أن تدريب الأطفال كان من أصعب مراحل التحضير، حيث قضت عاماً كاملاً في بناء الثقة معهم ومع أمهاتهم من خلال أنشطة مشتركة ليشعروا بالأمان أمام الكاميرا.

وأشارت سارة جوهر إلى أن الماء في الفيلم يحمل رمزية عميقة تتعلق بالتحول والنقاء والولادة الجديدة. وتم اختيار مواقع التصوير بعناية لخدمة المعنى الداخلي للقصة.

وتحدثت عن المشهد الأخير الذي جمع الطفلة والممثل البطل، وقالت إنها بكت فعلاً أثناء التصوير، لتشارك الممثلة الصغيرة مشاعرها لحظة بلحظة، مما جعل المشهد صادقاً.

وعبرت سارة عن سعادتها بالمشاركة في مهرجان الجونة الذي حمل شعار "سينما من أجل الإنسانية"، مؤكدة أن فيلمها يتقاطع مع هذا المفهوم لأنه يعالج موضوعات إنسانية تتعلق بالطفولة والغياب والبحث عن الأمان.

واختتمت سارة جوهر حديثها بالتأكيد على أن "هابي بيرث داي" ليس مجرد فيلم عن عيد ميلاد، بل عن إعادة اكتشاف الوجود والذات، وعن طفلة تبحث عن معنى الحياة في عالم صامت.

وتمنت أن يستمر الفيلم في رحلته بمهرجانات أخرى، لأن كل عرض بالنسبة لها عيد ميلاد جديد لفكرة كانت تظنها صغيرة، فاكتشفت أنها أكبر منها ومن الفيلم نفسه.

 

العربية نت السعودية في

22.10.2025

 
 
 
 
 

ينافس الفيلم في مسابقة «الجونة السينمائي»

مراجعة | «شاعر» .. كولومبي فاشل يُرشد موهبة واعدة

الجونة ـ خاص «سينماتوغراف»

«شاعر ـ A Poet»، هو فيلم درامي وكوميدي كولومبي من إخراج سيمون ميسا سوتو. يحكي قصة أوسكار ريستريبو، شاعر يتقدم في السن ويعاني من اضطراب نفسي، يجد معنى جديدًا في حياته عندما يساعد فتاة مراهقة موهوبة على اكتشاف فنها، ولكن علاقتهما تتصاعد إلى قرارات خاطئة وطموحات غير محققة. فاز الفيلم بجائزة لجنة تحكيم قسم «نظرة ما» بمهرجان كان السينمائي 2025، وينافس ضمن «مسابقة الأفلام الروائية الطويلة» في الدورة الثامنة لمهرجان الجونة السينمائي لعام 2025.

«أنا شاعر»، يحتجّ بطل الفيلم، المُستهزأ به. فتردّ شقيقته: «في الواقع، أنت عاطل عن العمل»، في حوار يُلخّص بدقة موضوع هذا العمل الشيق الذي يتناول شاعرًا من مدينة ميديلين يبحث عن الخلاص الروحي، وبفضل أداء أوبيمار ريوس، وهو مخرج غير محترف، يُجسّد في الفيلم الروائي الثاني للمخرج ميسا سوتو شخصية رجلٍ خارج الزمن، مُثيرةً للشفقة والفكاهة في آنٍ واحد.

كان آخر نجاح أدبي حققه بطل الفيلم أوسكار ريستريبو (ريوس) هو حصوله على جائزة شعرية في التسعينيات. ومنذ ذلك الحين، لم يفعل الكثير سوى تجسيد أسطورة شاعر الشارع، مثل بوكوفسكي الكولومبي الأقل شهرة.

وفي الواقع، يعيش أوسكار ريستريبو حياته متغمساً بإفراط في الشرب، والبقاء في فقر مدقع مع والدته المريضة تيريسيتا (مارغريتا سوتو)، واقتراض المال بإذلال من ابنته المراهقة دانييلا (أليسون كوريا) - التي تعترف لاحقًا، بألم، بأنها تشعر بالشفقة على والدها - والانخراط في مخططات ربحية مشبوهة لا تُثمر شيئًا.

على جدار غرفة معيشة أوسكار، تُعلق صورة لبطله، الشاعر الكولومبي العظيم خوسيه أسونسيون سيلفا، الذي انتحر في الثلاثين من عمره. يقول له صديقه الأكثر نجاحًا، إفراين (غييرمو كاردونا): «قد تنال التقدير بعد الموت، لكن عليك أولًا أن تكتب قصيدة عظيمة. وأنت لم تفعل ذلك». إنها جملة جيدة في فيلم يزخر جزؤه الأول بهذه الكلمات.

يشارك أوسكار أولًا في قراءة شعرية (يحضرها بشكل ملحوظ شعراء ذكور في منتصف العمر فقط)، ثم في برنامج حواري على التلفزيون المحلي، وتكون الإهانة الكوميدية الكئيبة هي النتيجة الحتمية.

لكن عندما عُرضت عليه وظيفة تدريس في مدرسة، انبهر أوسكار بالرسومات والقصائد المذهلة في دفتر ملاحظات يورلادي (ريبيكا أندرادي)، الفتاة ذات الخمسة عشر ربيعًا، والتي تعيش مع عائلتها الفوضوية في ضواحي ميديلين.

قرر أوسكار أن يُحدث فرقًا في العالم من خلال توجيهها، ليُصقل يورلادي لتكون الشاعرة العظيمة التي فشل في أن يكون نموذجاً مثلها.

إفراين، الصديق الماكر صاحب الأخلاق المروعة، والذي يعتمد نجاحه كشاعر على فكرة إعطاء الناس ما يريدون سماعه، قرر أن تبدأ يورلادي مهرجان الشعر المحلي بقصيدة «عن لون بشرتها».

ألقت قصيدتها، وحظيت بتصفيق الطبقة الثقافية الكولومبية. لكن في الاحتفال، انهارت يورلادي فاقدة للوعي في الحمام، مما أدى إلى فصل ثالث قاتم ومضحك وأقل تركيزًا، حيث، إن أمكن، يزداد عار أوسكار أكثر.

هذا فيلمٌ يُجسّد شخصية أوسكار، وقد أتقن ريوس دوره. كان من الصعب مشاهدة فيلم «شاعر» لو اقتصر على مشهدٍ تلو الآخر من الإذلال، لكن سرعان ما يُعجب المُشاهد بهذه الشخصية.

ثمة نقاءٌ أشبه بالقداسة، ومن ثمّ شفقةٌ على بطلنا المُجنون الذي يُساء فهمه - بأسنانه البارزة، وقمصانه المُربّعة، وجسده المُنحني قليلاً، ومرونته التي لا تنتهي، وطاقته الهائلة - لأنه الشخص الوحيد تقريبًا الذي يُحرّكه شيءٌ آخر غير المال.

هناك الكثير من الأداء الثانوي المُمتع، بالإضافة إلى الكثير من الذكاء اللفظي والبصري. لكن جوهر «شاعر» الكئيب يكمن في العلاقة بين أوسكار و يورلادي، التي تُرسم وتُؤدّى برقةٍ وصدقٍ عاطفي.

هناك شعورٌ بأن أوسكار يُعلق آمالًا كبيرةً على يورلادي الفائزة بهدوء، والتي تبدو حائرةً دائمًا في سبب اهتمام هذا الرجل المُسنّ بها. كما أن أوسكار، الذي كان أبًا سيئًا، قد يسعى الآن ليصبح أبًا صالحًا، فإن يورلادي، التي غاب والدها، قد تسعى إلى ذلك.

يُعطي فيلم «شاعر» انطباعًا في البداية بأنه فوضوي كأوسكار نفسه، بفضل نص سوتو المُصقول بعناية، ولكنه يُلامس ببراعة مواضيع ذات أهمية معاصرة. أحدها هو تسويق الفن، وزوال الإبداع كوسيلة للتعبير الشخصي - في أحد المشاهد غير المباشرة، يتجادل رجل وامرأة من السكان الأصليين بشدة حول أيهما أسوأ حالًا في المجتمع.

موضوع آخر يعكسه الفيلم هو تهميش الأصوات البديلة، مثل صوت أوسكار، فكل مؤسسة ينتمي إليها، من عائلته إلى المدرسة التي يعمل بها، تنقلب عليه.

ورغم طرافة الفيلم والخلاص اللطيف الذي يعد به في النهاية، إلا أن «شاعر» يُقدم صورةً دامغةً لمجتمعٍ مُفقر روحياً، يحتاج إلى مجانينه وحالميه الأبرياء أكثر مما يجرؤ على الاعتراف بهم.

يقدم سوتو في النهاية صورة مختلفة للسينما الكولومبية، متجنبًا الانغماس في البؤس الجماعي للتاريخ السياسي المكتظ لبلاده.

ومع احترامه لأصوات المهمشين، يستكشف فيلم «شاعر» متعدد الأبعاد، باستفزاز، المحن الاقتصادية التي تُلقي بظلالها على المشهد الفني عموماً والشعري بشكل خاص.

 

####

 

تفاصيل ندوة النجم التركي قان أورغانجي أوغلو

في الدورة الثامنة لـ «الجونة السينمائي»

الجونة ـ «سينماتوغراف»

خلال فعاليات مهرجان الجونة السينمائي في دورته الثامنة، استضاف النجم التركي قان أورغانجي أوغلو، مع الإعلامي شريف نور الدين، حيث تحدث عن مسيرته الفنية، ورؤيته لصناعة الدراما التركية، وصلته الوثيقة بالجمهور العربي والشرق الاوسط.

واستهل الإعلامي شريف نور الدين الندوة بالترحيب بالنجم التركي قان أورغانجـي أوغلو، مشيرًا إلى أصوله العربية من جهة والدته، إذ تعود جذوره إلى سوريا عبر جده محمد على بيه الذي انتقل إلى إزمير،وقد شكّلت هذه الإشارة مدخلًا إنسانيًا للحوار، حيث عبّر قان عن اعتزازه بهذا الإرث العائلي، معتبرًا أن تلك الجذور تمثّل جسرًا ثقافيًا وروحيًا يربطه بالعالم العربي، وأوضح أوغلو أن التقارب بين تركيا والشرق الأوسط في الثقافة واللغة يشكّل أحد أهم أسباب نجاح الدراما التركية وانتشارها الواسع في المنطقة.

وتحدث قان أورغانجـي أوغلو، الذي يزور مصر للمرة الأولى، عن بداياته في مدينة إزمير، مستعرضًا رحلته التعليمية ومسيرته الأولى مع الفن، قائلًا: درست التسويق في البداية، ثم قررت الانتقال إلى نيويورك للدراسة التمثيل في Stella Adler Studio of Acting، وهناك بدأت أبحث عمّا يميزني كفنان تركي يعيش في بيئة مختلفة. ومع ذلك، كانت إسطنبول هي المكان الذي وُلدت فيه جذور شغفي الحقيقي بالتمثيل، وهناك تعلمت معنى الانضباط، لأن العمل في الدراما التركية يحتاج إلى طاقة كبيرة والانضباط.

وأضاف: الشهرة والنجاح الذي حققته في مسيرتي الفنية جاء ببطء، وهذا ما كنت أطمح إليه، لأن النجاح المتدرّج يكون أكثر استقرارًا، ويمنح الفنان فرصة للنموّ الحقيقي مع كل تجربة يمرّ بها.

وعُرف قان أورغانجي أوغلو لدى الجمهور العربي من خلال شخصية أمير في مسلسل «Kara Sevda» (حب أعمى)، التي حصدت شهرة واسعة عالميًا وفازت بجائزة «إيمي» الدولية.

وأوضح أن تجسيد دور الشرير شكّل تحديًا كبيرًا بالنسبة له، قائلًا: كانت الشخصية معقدة للغاية، وكان هدفي أن أجعل الناس يكرهونه، لكن في الوقت نفسه يتعاطفون معه، كنت أردد لنفسي دائمًا «أمير يحب نيهان أكثر من كمال»، خصوصًا عندما كانت بعض المشاهد قاسية، هذا كان هو دافعي الأساسي.

كما أشار إلى أنه تلقّى عددًا كبيرًا من الرسائل من الجمهور العربي بعد عرض حب أعمى، مضيفًا: قرأت تقريبًا كل رسالة، وشعرت أن الناس تفاعلوا مع القصة بعمق. المدهش أنني تلقيت رسائل إعجاب أكثر من الانتقادات، رغم أنني قدّمت شخصية شريرة.

وشهدت الندوة تفاعلًا واسعًا من الحضور، الذين طرحوا مجموعة من الأسئلة المتنوعة حول الصناعة الدرامية التركية والفوارق بينها وبين الإنتاج العربي، كما وجّه بعضهم رسائل إعجاب إلى قان باللغة التركية في لفتة عفوية عكست محبّة الجمهور وتقديره له.

وعن رأيه في النسخ اللبنانية المقتبسة من المسلسلات التركية، قال أورجنجي أوغلو: أعتقد أنها تجربة رائعة ومثيرة للاهتمام، لأن كل ثقافة تضيف رؤيتها الخاصة إلى العمل«أما بشأن أساليب التمثيل، فأوضح أنه لا يتّبع نهجًا محددًا في الأداء، معتبرًا أن الإفراط في الالتزام بأسلوب واحد قد يُفقد الممثل عفويته ويحدّ من صدقه الفني.

وفي ختام اللقاء، أعرب قان أورجنجي أوغلو عن سعادته بزيارته إلى مصر، مؤكدًا أن هذا البلد العريق كان دائمًا ضمن وجهاته التي يتمنى اكتشافها لما له من مكانة راسخة في تاريخ الفن والسينما. كما أبدى تطلعه إلى فرص تعاون مستقبلية تجمعه بمبدعين من العالم العربي.

 

####

 

فن وأثر «الكاستينج» للأدوار العالمية

جلسة حوارية ضمن فعاليات «الجونة السينمائي»

الجونة ـ «سينماتوغراف»

ضمن فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان الجونة السينمائي، أُقيمت جلسة حوارية بعنوان "فن وأثر الكاستينج للأدوار العالمية"، أدارتها الممثلة جهاد حسام الدين.

شاركت في الجلسة كاساندرا هان، رئيسة جمعية مديري الكاستينج بأمريكا(CSA)، وكلوديا بلانت، السكرتير العام للفرع للجمعية، وروزالين البيه، الممثلة والكاتبة والمنتجة المصرية المقيمة بالخارج.

وشهدت الجلسة حضورًا لعدد من النجوم المصريين من بينهم كريم قاسم، بسنت شوقي، صدقي صخر، في أجواء تفاعلية تناولت التحديات التي تواجه الممثلين العرب في الوصول إلى الأدوار العالمية.

افتتحت جهاد النقاش بطرح سؤال حول أسباب غياب الممثلين المصريين والعرب عن الساحة العالمية، لتوضح كاساندرا هان أن العالم يشهد اليوم انفتاحًا أكبر على اللغات والثقافات المختلفة، مشيرة إلى أن المشاهد العالمي بات يستهلك أعمالًا بلغات متعددة مثل الكورية والإسبانية.

وقالت: "ما نحتاجه اليوم هو جعل الممثلين المصريين أكثر حضورًا ووضوحًا أمام مديري الكاستينج في الخارج، وأن تكون أسماؤهم سهلة الوصول في المنصات العالمية."

من جانبها، أكدت كلوديا بلانت أن التحدي الحقيقي يكمن في ضعف الظهور العالمي للممثل المصري، مضيفة: “المطلوب هو وجود بنية تحتية في المنطقة العربية تساعد على تسويق الممثلين عالميًا."

أما روزالين البيه، فتحدثت عن تجربتها بين مصر ولندن والولايات المتحدة، قائلة: "عندما أقول إنني مصرية، يتبادر إلى أذهان الناس كليوباترا أو عمر الشريف، وأضافت: "كلما أصبحنا أكثر حضورًا، ازدادت فرصنا في أن نكون نحن أنفسنا، لا الصورة التي يتخيلها الآخرون عنا."

تناولت الجلسة أيضًا الجانب المهني للكاستينج، حيث أوضحت كاساندرا أن عملية الاختيار العادل تتطلب استخدام منصات إلكترونية تتيح للممثلين التقديم بشكل مباشر.

وأشارت كلوديا إلى أن التجارب المصوّرة الذاتية أصبحت الطريقة العالمية الجديدة للاختبار، لأنها تفتح المجال أمام المواهب من مختلف الدول وتمنح فرصًا متكافئة للجميع.

وأكدت جهاد حسام الدين على أهمية التدريب المستمر، فيما شددت كلوديا بلانت على ضرورة أن يطّلع الممثل على أسلوب المخرجين ومديري الكاستينج في العالم لفهم متطلباتهم الفنية.

وأشارت روزالين البيه ت إلى أن البساطة تكفي أحيانًا قائلة: "حضرت تجربة أداء في حمام فندق، ولم أكن أحتاج إلى تجهيزات احترافية."

واختتمت الجلسة بمناقشة أهمية تمكين الممثلين العرب في السوق العالمية، حيث أكدت المتحدثات أن التمثيل ليس فقط أداءً فنيًا، بل هو جسر ثقافي يربط بين الشعوب، وأن الطريق نحو العالمية يبدأ من بناء حضور رقمي ومهني قوي يجعل الموهبة العربية مرئية ومسموعة في كل مكان.

 

####

 

نقاش في «الجونة السينمائي»

حول تحويل النص الأصلي إلى «فورمات» تصلح لثقافات مختلفة

الجونة ـ «سينماتوغراف»

في إطار النسخة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي، عُقدت اليوم جلسة حوارية بعنوان "من الإنتاجات الأصلية إلى الفورمات: الأعمال العربية إلى العالمية، لمناقشة كيفية انتقال القصص العربية إلى جمهور عالمي.

أدار الجلسة زياد السروجي، نائب الرئيس أول لاستراتيجية المحتوى والتطوير التجاري في Rise Studios وبمشاركة مريم نعوم كاتبة سيناريو ورئيسة ملتقى سيني جونة، وإرماك يازم، المديرة التنفيذية لشركة O3 ميديا في السعودية ومحمد مشيش مؤسس ومنتج منفذ بشركة BlueBee Productions.

استهل السروجي الحوار بسؤال حول كيفية تحول النص الأصلي إلى فورمات قابلة للتكييف مع ثقافات مختلفة، وكيف تُدار حقوق الملكية الفكرية في هذه العملية. أوضحت مريم نعوم أن كل عمل يبدأ كفكرة أصلية تُبنى على الشخصيات، قائلة: "لما ببدء، بتعامل معه كأني بكتب رواية جديدة تتناسب مع الثقافة المستهدفة مع الحفاظ على روح القصة."

من جانبها، تحدثت إرماك يازم عن تجربتها في تكييف الأعمال السورية والعراقية والسعودية، مؤكدة أن الفهم الثقافي والعاطفي هو المفتاح: "عندما تشعر بالمشاعر وتفهم ثقافة الجمهور، تصبح القصة حقيقية وحية."

أما محمد مشيش فأشار إلى دور المنتج قائلاً: "اختيار الفورمات يعتمد على مدى ملاءمته للثقافة المحلية. في مصر ينجح الدراما والجريمة لأن الشعب المصري يحبها."

ناقشت الجلسة أيضًا العلاقة بين الكاتب والمنتج، حيث أكدت نعوم على أهمية التفاوض والتفاهم دون المساس بجوهر الإبداع، فيما أوضحت يازم أن بعض التعديلات قد تفرضها الحساسية السياسية أو الاجتماعية.

وعن إمكانية انتشار الأعمال العربية عالميًا، عبّرت نعوم عن تفاؤلها: "لدينا القدرة، فقط نحتاج إلى تطوير أسلوب السرد وإدارة حقوقنا الفكرية بذكاء."

واختُتمت الجلسة برؤية موحدة: سواء كانت الأعمال أصلية أم مقتبسة، فإن المبدعين العرب اليوم على أتم استعداد لترك بصمتهم على الشاشة العالمية.

 

موقع "سينماتوغراف" في

22.10.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004